المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعلم ...للشاعر العربي الكبير مصطفى السنجاري / قراءة


الوليد دويكات
01-15-2012, 01:36 AM
المعلم

للشاعر العربي الكبير / مصطفى السنجاري


أمام العنوان نقف ونتأمل ، فقد أراده الشاعر كلمة ، واحدة ، لم يسبقها أية عبارة
مثال : تحية المعلم ، فضل المعلم ، وغير ذلك ...ونرى أن ذلك لم يكن جُزافا
خاصة إذا علمنا أننا نقف أمام قامة أدبية باسقة بحجم مصطفى السنجاري ...

وهنا جاء العنوان ، لأنه يتحدث عن رمز من رموز حياتنا ( المعلم ) .

القصيدة :

القصيدة تنتمي إلى أدب الطفل ، وهو من أصعب أنواع الأدب ، لأنه يُحاكي فئة وشريحة من المجتمع ، لها المستوى العقلي المتنامي ، فالشاعر هنا عليه أن يأخذ بعين الإعتبار وهو يكتبُ لهذه الشريحة ، عدة ضوابط منها الموسيقى والمفردة والموضوع والرسالة المنوي تقديمها أو النصيحة الواجب أن تلامس وجدان الطفل .

المدخل :

حَيُّوا مَعي المُعَلِّما
السَّـيِّدَ المُحــــترَما

استهلال جميل ، بدأ بالفعل الأمر ( حيّوا ) ، وهنا ينقلنا الشاعر بحنكة وفطنة لأجواء الصف الدراسي ، فنجد القاريء يقف أمام التلاميذ ويخاطبهم ( حيّوا ) وهي مفردة تتفق مع المضمون المتأصل بالفكرة العامة وهي ( أدب الطفل ) ، والطفل بطبيعته يحلو خطابه مع زملائه مثل ( عائدون للمدرسة ، نحب العلم ، نظافة مدرستنا ، وغير ذلك ) وهي مفردات نلجأ فيها لمفردة الجمع من قبيل الترغيب للطفل بالفكرة المطروحة ...
معي : وهنا القاريء على التلاميذ زيادة في تحبيبهم بالفكرة ، يقول لهم إنني أنا أحيّي فتعالوا معي حيّوا ، تعبير جميل وتركيب مذهل يجعل المقدمة فيها من البراعة والتوطئة التي نغبط شاعرنا عليها .
وهنا يقول لهم : أنّ من أردتُ منكم أن تحيّوه هو المعلم ، وجاء عجز البيت توضيحا وتفسيرا لهذا ( المعلم ) فهو سيد ومحترم ...
وهنا يروق لنا أن نتوقف أمام روعة الشاعر ، وكيف يوظف الكلمات في مكانها لتخرج فنا رفيعا ، اختار مفردة ( السيد ) رافعا من شأن المعلم في زمن فقدنا فيه الكثير من القيم ، فقد المعلم الكثير من هيبته واحترامه نتاج قوانين هزيلة ورواتب شحيحة لقاء ما يقوم به المعلم ، وقد أشار الشاعر في نهاية قصيدته لفضل المعلم .
ثم استخدم الشاعر مفردة ( المحترما ) وهي مفردة سهلة يستخدمها الناس من ضمنهم الأطفال ...وهذا يؤكد القدرة الفائقة عند الشاعر في انتقاء المفردة وتوظيفها في أجواء النص ، فالشاعر حين يختار هذه المفردة السهلة ، هو ذاته من يختار المفردات التي يحتاج البعض للبحث عنها في معاجم اللغة حين يتعلق الأمر بقصيدة من العيار الثقيل
والشواهد عليها كثيرة في نصوص الشاعر ، لكن المجال هنا لا يتسع لذكرها والإشارة إليها حتى لا نخرج عن مضمون الهدف من تقديم هذه القراءة .
ثم قوله في البيت التالي :

ليـسَ لنابِوالِــــــدٍ
لكـــــــــــــنّهُ كأنَّما

انظر لجمال نظمه ، واختياره لمفردة ( الوالد ) ، فالمعروف أن الوالد هو من ينجب ويربي ، بينما الأب قد يكون من لا ينجب ولكنه يربي ..وهنا الشاعر أراد أن يقول لنا : أن المعلم هو في مقام الوالد الأب ، لخصوصية العلاقة التي يقدمها للتلاميذ حين يعطيهم خلاصة عمره وجهده وفكره كي يتيه بهم ويفخر ،فلايحجب عنهم أية معلومة ، بل يتفاخر أن هؤلاء هم تلاميذه وهو من علمهم ...


نَجْلُسُ وَهْوَواقِفٌ
نَسْــــكُتُ إنْ تَكَلَّما

هنا وبجمال ملفت ، ينتقل الحديث للتلاميذ ، وليس هناك ثمّة فجوة حين اختلف الصوت بين القاريء أمامهم والذي يطلب منهم تحية المعلم ، وبين صوتهم حين أبرزوا واحدة من خصاله ...
فهم هنا يدينون بفضل من فضائله ، فهم يجلسون وهو واقف ، وهو مشهد من مشاهد المعلم حين يقوم بعمله في تعليم التلاميذ ، حيث يكون واقفا وهم جلوس ...
ثمّ يبرزون احترامهم له حين يتكلم ، فيصمتون انصاتا واحتراما واستماعا ...صورة جميلة بأسلوب سهل جميل .


يبْـــــني لكلِّ طالبٍ
إلىالمَعالي سُلَّما

هنا يظهر صوت آخر ...صوت الشاعر ، وهو يلبس ثوب الحكيم ، مقدما لنا صورة جميلة للمعلم وما يقدمه ...فلم يجعل الشاعر الحديث على لسانهم ( يبني لنا ) ، لكنه أراد صوتا ثالثا ينخرط في القصيدة ليضيف جمالا مذهلا لها ...
نعم المعلم هو مصنع العلماء والأطباء والمهندسين والسياسيين و....الخ .


يَهْــــدي إلى آفاقنا
كَواكِـــــــبًاوأنجُما


وهذا البيت استكمالا للبيت السابق ، وهو بيت يؤكد موضحا ما جاء في إرتقاء الطلاب لسلم المعالي ، وانظر للشاعر كيف يربط بين مفردة ( المعالي ) ومفردة (كواكب ، أنجما ) ، ثمّ كيف كان هو السلّم الذي يربط بينهم وبين الصعود للكواكب والنجوم المستقرة في العلياء ...طبعا هنا لا يخفى على القاريء الفطن ، البيان الجميل والصورة المدهشة ، والتورية بالمناصب والمراكز التي يصل لها طالب العلم مع الإشارة لها بالكواكب والنجوم ....
إن هذه القصيدة تجعلنا ندرك أننا في حضرة شاعر مبدع ، يملك أدواته ، ويطوّع مفرداته ، وينتقي أزهاره بعناية ويضمها في بوتقة جميلة ...من هنا عندما تقرأ قصيدة تنتمي لشاعر مبدع تحرك وجدانك ، فتثني عليها وتترك أثرا في نفسك ...

الشاعر الكبير / الأستاذ مصطفى ...هنا حاولت الإقتراب من هذه الباذخة لجمالها ولرفعة أسلوبك ورقي قلمك ، تاركا هنا إعجابي بشاعر بحجم قامتك ...
أرجو أن أكون قد وُفقتُ في قراءة القصيدة قراءة تتفق مع جمالها وفكرتها المنشودة .

باحترام




الوليد
نابلس المحتلة

مصطفى السنجاري
01-15-2012, 06:54 AM
وقفة اعجاب ايها الغالي

ومصافحة منعشة

وسأعود لأطبع على جبينك قبلة

الوليد دويكات
01-15-2012, 05:34 PM
تحية لك ...
لجلال قلمك ..
وشموخ شعرك ...

مودتي

مصطفى السنجاري
01-15-2012, 08:27 PM
الوليد الغالي

جميل أن ترى نفسك بعيون صافية

بعيون تمنحك من رؤاها جمالا وبهاء

وجميل أن يقرأك أو يكتبك الرائعون

لأنهم حتما سيطرزونك بروعتهم ويتركون أثر روعتهم

يفوح مسكا وعبيرا من جانبيك

لم أتصور وأنا اكتب هذا النشيد المتواضع

أنه يحظى باهتمام قامة شامخة كقامة الوليد دويكات

الذي يجعل ( البرغل ) أشهى من لحم الضأن

إذ يهكس على الأماكن ضوء ذائقته

وعبق قريحته الوثّابة

وأنت يا سيدي أيها الوليد

أحد أعمدة بقائي وتمسكي بالنبع

نت الذي تشدني إلى الأمام وتثبتني على بهاء الأخيلة

ويقينا أيها الرائع العزيز حين طالعت قراءتك هذه

عرفت أن الأدب بخير

وأن الابداع كالدرر لا يكشفه إلا الغواصون الماهرون

وأن الجواهر لا يصقلها إلاّ الصيرفي المحترف

وأنت هنا في قراءتك أعطيت للمعلم حقّا من حقوقه فاق ما تم ذكره في القصيدة

أنا سعيد وممتن قدر سعادتي لك أيها البهي

وإنا إذ أكتب لك هذا الرد وفي داخلي الكثير الذي يتصارع فيه


غيرة على كرام النبع ممن هم في سموّك وسموقك

فلله د\رّك ودرّ مداد نمير تنهل منه

الحرف نبضا يطرز وجه النجوم سطوعا وألقا

كن بخير أيها الكبير

وتقبل تواضع مروري

وعجزي عن إيفائك بعضا من كثيرك الذي أعدقتني به

حفظك الله شاعرا وأديبا وأخا اشتاق إلى قربه

الوليد دويكات
01-15-2012, 11:57 PM
المكرم الشاعر العربي القدير
الأستاذ / مصطفى

ذات عشق للشعر قدمت قراءة للراحل الكبير حكيم النبع ( أطال الله في عمرك )
ويومها بعث لي رسالة خاصة لا زلت أحتفظ بها ، وردّ تعقيبا على تلك القراءة بلغة ومعنى
يدنو ويقترب مما كتبت أنت هنا ...
وهنا أقول : حين يرد الشاعر على القاريء ويقدّرُ جهده ، فهذا يدفعه للقراءة والإهتمام ..
ربما المبدع ( ولا أدّعي أنني مبدع ) يرغب في الصدى الذي يحدثه إبداعه ، فما فائدة الإبداع
إن لم يلامس وجدان المتلقي ...

وأنا كنتُ قد دأبتُ على تقديم دراسة شاملة وقراءة واعية لما تيسّرَ لي من شعرك ، وهذه الدراسة
قد قمتُ بتنويع منابعها ، فتوقفت عند ( المطلع عند مصطفى السنجاري ) ، و ( توظيف الفعل في النص الشعري )
و ( الحس الديني في شعر السنجاري ) و ( الحس الوطني ) و .....الخ ، وهذا الكتاب أتمنى أن يخرج للنور صيف هذا العام بحول الله في حلّة تليق بأدبك وشعرك ...
كان الراحل عبد الرسول معلة رحمه الله ، يرى في قلمي المتواضع ناقدا ، وطالبني أن أهتم بهذا اللون من ألوان الأدب ، وكان رحمه الله يستمتع في ذلك ، كذلك الحال مع شاعر فلسطين الكبير الأجدل عبد الحليم ...واليوم يكتمل المشهد حين يُعلّقُ وسام على صدري من قامة عربية عراقية باسقة ...شاعر قلتها في إحدى حواريات الأدبية ، لو وضعنا قصائده في دواوين أجدادنا السابقين ، لما ميّزها أحد ...
لنا لقاء آخر تحت ظلال نحلة من نخيلك الغني ثمارها ...

دمت رائعا مبدعا

الوليد

نابلس المحتلة

الوليد دويكات
01-22-2012, 01:08 AM
تحية لمن عبر هذا الفضاء