منوبية كامل الغضباني
06-06-2013, 01:57 PM
عدت ألى هذا النّص أقرأه....فشهقت وشهقت.....وارتجّ الإدراك في سبر كنهه و تفكيك ديباجته
وتساءلت أ يكون عاديّا من كتب هذا النّص ....تأملوا معي مليّا.....
.مسير فيما أرسم ، غير مرفوع عني القلم ، أهذي تحت تأثير السكر، تحت النير والقهر ، تحت مفعول بين الحديد والشجر، أمزق أوراقا جفت وأكسر أقلاما رفعت ، ويتحدى النحاة بضعفي سنن الحياة ووشم القدر، تتعجب لبلادتي مخلوقات فيهم لا تعرف الوعيد ، عزتها في الحياة كما تتصورها عنجهية ، وتختفي مستعجلة أسباب أجلي ..انها قمة الغباوة في نظري بسطوتها وأنا أحمق تصور في غريزتها .
مزجت نداءات الفلاح بالنباح ، ومرت قوافلها فوق صدور محشوة بالغضب ، مشحونة بالوجم وأنبس الضمير متقاعسا أمام زئير كلالة المهجنة الأسطورية التي تريد الخلود لطغراء ضعضاع ، والمشعل في يد طلاع عصامي يتسكع على الأرصفة الهامشية ، ابن سبيل يتحين الفرص تحت كل شاحب حيث تنتكس الألوية وتهوى الهامات نحو الركوع ، نحو السجود مكرهة ، تولي وجوهها شطر نجوم وجبال موحشة لا ماء فيها ،مسدولة الأيدي ، مشلولة لا ترفع أبدا ..وطال انتظار البزوغ في وطيس معركة الهرج وقمم الجبال الواهيات التي صنعتها الأبواق في أسواق الرذائل .
أيقظني جرس الكنائس يوم الأحد وما وجدت في الصفوف حواريين ولا في المساجد حنفاء ، بيت الرب يناديني وبيت الله فيه من البدع العجب وما حماني من سموم القر والحر والكر والفر الا بيتي ، يغازلني الوهن بتفاهاته لأخفي وراء حمقي في عقره ذاكرتي وصور ذاتي .
أنقض مضجعي ذلك الأنين الذي ينبعث من تلك الأفواه الملجمة ، من تلك البطون الفارغة ، من تلك الرؤوس المثقلة التي غارت فيها العيون ودفنت فيها الآمال ، شاحبة تلك الصور المغلوبة على أمرها ، كأنها رسومات الطحالب في ضفتها على جداريات تنافس الهم الضاحك الذي سكننا ، نستجيب بكل سهولة للنقرات التي تنساق اليها كل قدم حافية جافة ، ولما يجتمع الجمع يخيم الصمت وتخشع الآذان التي تبتلع دون هضم ، ثم ينتشر الجمع في ذاتي ، في جسدي ، في شراييني ، دون أي كلمة .. تهزني الهمهمة فأثور ، يلقبني أهل الحارة وأصحاب الاشارة ، يرجمني أطفالها لاقامة حد لم يشرعه أحد ، يطاردونني في كل واد ، ويطردونني من كل ناد ، ولما أعتزلهم يعزفون لحن محبتي و عظمتي على أوتار أحلامهم وأعصاب الغرور والاثارة .. وهكذا أواصل أنا ممارسة الجنون ، وهم يمارسون ما يشتهون ، والظن رسول بيننا ..فهل عرفتم من أنا ؟ ...
مختار سعيد
انه من فصيلة النصوص التي تحملك الى كوكب غير الارض ...قد يكون المرّيخ ..
فلا تكاد تصنّف كاتبه ضمن الكتّاب العاديين..انّه ممّن تقرأ نصوصهم فتجزم أنهم مجانين الكتابة و أن هناك خيط رفيع وشعرة فاصلة تحكم جموحهم في الكتابة ولولاها لأستحال النّص عندهم زعقات وخلق وخلط بين كل شيئ بلا منازع...
وقد صنّف بعض النّقاد ممن شغلتهم ظاهرة الجنون في الكتابة عند بعض الأقلام كتابا وشعراء ضمن مجانين الكتابة واعتبروا أن الكاتب والشاعر يستحيل ان يكونا كذلك دون أن يكون قد عاش الجنون في قصّة حبّ او في موقف ما من حياته وهذا الجنون يظلّ فيهم الرّابط الأساسي بينه وبين الكتابة الباذخة المترفة ...
فالجنون لديهم هو مصدر الالهام مما يحيلهم الى مجانين القلم وألى جنون الكتابة والحروف....
تستحوذ عليهم الكتابة في لحظات جنون قصوى ويحملهم نزوعم الى مدى فيمنّون علينا بكتابة خارقة للعادة تخرج عن المألوف ....
ويواصلون ممارسة الجنون حتى تصير الكتابة لديهم حتمية نفسيّة متوتّرة توتّرهم تعصف بهم خارج سلطة الكتابة المألوفة والكاتب عندهم ليس في حاجة لحماية من أحد
يتنزل النصّ من علياءهم وحالتهم عند الكتابة فيحتاج الى فكّ بكارته بتمعّن لا باغتصاب لسمّوه وعليائه ...
بما يؤكد ان بين الابداع والجنون شعرة واحدة فقط
أخي مختار سطوت على أجود وأرقّ وابلغ نصوصك هنا وأستبحت لنفسي الأشتغال على جسده في قراءة متواضعة منّي فأرجو أن تشفع لي هذا السّطو والتسلّّط الذي لم يسبقه أذن منك ولا أستئذان منّي ...وأنا بهذا أمارس حقّّي كقارئة لنصّ رجّني وارتعدت منه فرائصي ايجابا لا سلبا وأذهلني بناؤه اللّغوي الفاخر وتلويحاته الطّريفة الغامضة المبهمة...الهامسة الرّاجة لأختلاجات النّفس ....
استهواني ما بالنّص من ترف الكلام والألفاظ وجنون الأفكار ...نصّ نادر
.فتسلّق بي شوق للغوص في معانيه وحيّرني فيه هذا الجنون الجامح ....
فهل أواصل أخي مختار أم نكتفي بشهقتنا منه وطلسمه اليتّيم فينا ونعتبره مملكة من حكايا الّدّهور الموصودة السّبل أمام قرائها
وتساءلت أ يكون عاديّا من كتب هذا النّص ....تأملوا معي مليّا.....
.مسير فيما أرسم ، غير مرفوع عني القلم ، أهذي تحت تأثير السكر، تحت النير والقهر ، تحت مفعول بين الحديد والشجر، أمزق أوراقا جفت وأكسر أقلاما رفعت ، ويتحدى النحاة بضعفي سنن الحياة ووشم القدر، تتعجب لبلادتي مخلوقات فيهم لا تعرف الوعيد ، عزتها في الحياة كما تتصورها عنجهية ، وتختفي مستعجلة أسباب أجلي ..انها قمة الغباوة في نظري بسطوتها وأنا أحمق تصور في غريزتها .
مزجت نداءات الفلاح بالنباح ، ومرت قوافلها فوق صدور محشوة بالغضب ، مشحونة بالوجم وأنبس الضمير متقاعسا أمام زئير كلالة المهجنة الأسطورية التي تريد الخلود لطغراء ضعضاع ، والمشعل في يد طلاع عصامي يتسكع على الأرصفة الهامشية ، ابن سبيل يتحين الفرص تحت كل شاحب حيث تنتكس الألوية وتهوى الهامات نحو الركوع ، نحو السجود مكرهة ، تولي وجوهها شطر نجوم وجبال موحشة لا ماء فيها ،مسدولة الأيدي ، مشلولة لا ترفع أبدا ..وطال انتظار البزوغ في وطيس معركة الهرج وقمم الجبال الواهيات التي صنعتها الأبواق في أسواق الرذائل .
أيقظني جرس الكنائس يوم الأحد وما وجدت في الصفوف حواريين ولا في المساجد حنفاء ، بيت الرب يناديني وبيت الله فيه من البدع العجب وما حماني من سموم القر والحر والكر والفر الا بيتي ، يغازلني الوهن بتفاهاته لأخفي وراء حمقي في عقره ذاكرتي وصور ذاتي .
أنقض مضجعي ذلك الأنين الذي ينبعث من تلك الأفواه الملجمة ، من تلك البطون الفارغة ، من تلك الرؤوس المثقلة التي غارت فيها العيون ودفنت فيها الآمال ، شاحبة تلك الصور المغلوبة على أمرها ، كأنها رسومات الطحالب في ضفتها على جداريات تنافس الهم الضاحك الذي سكننا ، نستجيب بكل سهولة للنقرات التي تنساق اليها كل قدم حافية جافة ، ولما يجتمع الجمع يخيم الصمت وتخشع الآذان التي تبتلع دون هضم ، ثم ينتشر الجمع في ذاتي ، في جسدي ، في شراييني ، دون أي كلمة .. تهزني الهمهمة فأثور ، يلقبني أهل الحارة وأصحاب الاشارة ، يرجمني أطفالها لاقامة حد لم يشرعه أحد ، يطاردونني في كل واد ، ويطردونني من كل ناد ، ولما أعتزلهم يعزفون لحن محبتي و عظمتي على أوتار أحلامهم وأعصاب الغرور والاثارة .. وهكذا أواصل أنا ممارسة الجنون ، وهم يمارسون ما يشتهون ، والظن رسول بيننا ..فهل عرفتم من أنا ؟ ...
مختار سعيد
انه من فصيلة النصوص التي تحملك الى كوكب غير الارض ...قد يكون المرّيخ ..
فلا تكاد تصنّف كاتبه ضمن الكتّاب العاديين..انّه ممّن تقرأ نصوصهم فتجزم أنهم مجانين الكتابة و أن هناك خيط رفيع وشعرة فاصلة تحكم جموحهم في الكتابة ولولاها لأستحال النّص عندهم زعقات وخلق وخلط بين كل شيئ بلا منازع...
وقد صنّف بعض النّقاد ممن شغلتهم ظاهرة الجنون في الكتابة عند بعض الأقلام كتابا وشعراء ضمن مجانين الكتابة واعتبروا أن الكاتب والشاعر يستحيل ان يكونا كذلك دون أن يكون قد عاش الجنون في قصّة حبّ او في موقف ما من حياته وهذا الجنون يظلّ فيهم الرّابط الأساسي بينه وبين الكتابة الباذخة المترفة ...
فالجنون لديهم هو مصدر الالهام مما يحيلهم الى مجانين القلم وألى جنون الكتابة والحروف....
تستحوذ عليهم الكتابة في لحظات جنون قصوى ويحملهم نزوعم الى مدى فيمنّون علينا بكتابة خارقة للعادة تخرج عن المألوف ....
ويواصلون ممارسة الجنون حتى تصير الكتابة لديهم حتمية نفسيّة متوتّرة توتّرهم تعصف بهم خارج سلطة الكتابة المألوفة والكاتب عندهم ليس في حاجة لحماية من أحد
يتنزل النصّ من علياءهم وحالتهم عند الكتابة فيحتاج الى فكّ بكارته بتمعّن لا باغتصاب لسمّوه وعليائه ...
بما يؤكد ان بين الابداع والجنون شعرة واحدة فقط
أخي مختار سطوت على أجود وأرقّ وابلغ نصوصك هنا وأستبحت لنفسي الأشتغال على جسده في قراءة متواضعة منّي فأرجو أن تشفع لي هذا السّطو والتسلّّط الذي لم يسبقه أذن منك ولا أستئذان منّي ...وأنا بهذا أمارس حقّّي كقارئة لنصّ رجّني وارتعدت منه فرائصي ايجابا لا سلبا وأذهلني بناؤه اللّغوي الفاخر وتلويحاته الطّريفة الغامضة المبهمة...الهامسة الرّاجة لأختلاجات النّفس ....
استهواني ما بالنّص من ترف الكلام والألفاظ وجنون الأفكار ...نصّ نادر
.فتسلّق بي شوق للغوص في معانيه وحيّرني فيه هذا الجنون الجامح ....
فهل أواصل أخي مختار أم نكتفي بشهقتنا منه وطلسمه اليتّيم فينا ونعتبره مملكة من حكايا الّدّهور الموصودة السّبل أمام قرائها