العربي حاج صحراوي
06-07-2013, 12:59 PM
لاشك أن الشاعر أدرى و أقرب الى ما تعنيه كل كلمة من قصيدته ، و هو الداري بما تذهب اليه كل خطوة أو عبارة أو صورة ، و كيف لا و هو الذي عاش مخاض كل كلمة ، و انبجاس كل حرف بدفء أو لذة أو ألم أو حلم أو يأس . و لكن
هذا لا يمنع من أنه قد يأتي غيره فيفهمون من القصيدة ما لم يخطر ببال الشاعر ، و بفهمون و يعون و يدركون كثيرا مما
غاب عن الشاعر و هو يهندسها و يزينها و يبث فيها روح الشعر و لذة الابداع .. وفي ما أمامنا الكثير مما اعتبره أصحابها مجرد أعمال عادية و لكن متى تناولها النقاد و الأدباء صارت من روائع الابداعات وأشهرها فتفاجأ منتجوها
و مؤلفوها ، و هنا أعمال يعتبرها أصحابها ذات قيمة و لكنها ما أن تواجه الناس تسقط و تخبو .
خطرلي اليوم أن أقرأ احدى قصائدي ، و الباعث أنني لما كنت أترنم بها صباح جمعة ، و أتألم مع كل صورة تساءلت :
أين من يقرأنا ، و يتوسط بين الشاعر و القارئ العادي ؟.
من نسيم الشمال
مابيننا باعدت في الوصل أعـــــــــــوام &وقاربــــــــــــــت بيننا في الحب أيام
وراقصــــــــــــــــــــت نسمة قلبا تداعبه & وكم به لعبــــــــــت من قبل أنسام
وكم تراءى يغــــــــــني للـــهوى ألمــــا& وكم تداعـــــت به في القطف أحلام
فما رأى نجــــــــــــــــــمة تغتال وحد ته& فيوقــــــــــظ الروح بعد الوصل الهام
ولا رأى مطــــــــــــــرا يروي له عطشا & به أطالت خريف العــــــــــــمر أعوام
يا نســــــــمة من شمال الحب مشرقة & و من جنوب الهوى يســقيك اكرام
وهذه أنت يا أحلى فم عبـــــــــــــــرت & شفاهه من رقيــــــــــق البوح أنغام
وخــــــــــــــــدك الورد يسبي كل ناظرة & تفتحت منه طـــــــــول الحب أكمام
وشـــــــــــعرك الموج من أسلاكه ذهب & وليــــــــــــــــــله ما به قد كان نوام
وقدك العـــــــــــــدل في مسرى موازنة & مثــــــلى به ســرت العشاق أحكام
وأنت ماكــــــــــنت في شكواي منصفة & لما أتيــــــــــــــــــــتك والبرهان آلام
حولتنــــــــــــي من فتى يحيا الى شرر & ســــــقاه من لوعة الحـرمان اسهام
لولا النســــــــــــــــــاء لكنا من عمالقة & لكـــــــننا في سماء الضـــــعف أقزام
فهل تريـــــــــــــــــــدين قتلي دون بينة & أم أن أســـــــــرارحكم الغيد اعدام؟
وليـــــس في خــــــطوتي صبر و لا أمل & وليـــــس تنجو بــساح الشوك أقدام
ماذا تســــــــــاوين ؟ لا من قيمة بلغت & عينيـك بل خسفــت في القرب أرقام
ولا أمامــــــــــــــــك من ماس ولا ذهب & ولا وراءك أخـــــــــــــــــــــــيار و أقوام
أحببت عيـــــنيك بل قد ذ بت في جسد & جميعه من بديع الحــــــــــسن ألغام
ويوم نادى رســـــــــــــول الحب ملتقطا & ضعـفي أتيت , وشـــــل الرفض ارغام
وكنت أكــــــبر من أنثــــــى , من امرأة & وكم تـتيه بمرأى الحــــــــــسن أفهام
فحســــــــــــــبك الأمر في حب أعانقه & وليــــــــس في ترك هذا الدرب اقدام
الى من قالت: وهل أساوي عندك كل هذا؟؟؟
02-11-2010
لا شك أن العنوان له دلالة نفسية ، و ربط بالواقع ، فالشاعر بقدر ما يرى في الجنوب باعثا على الشوق و الظمأ و الفراق
و الألم و اليأس و البعد يرى في الشمال صورة المطر و الأمل و الانفتاح و الحياة و الحب و الاخضرار ..و من قرب فقد كانت الحبيبة تسكن شمال مدينة الشاعر و أصلا هي تنحدر من شمال الجزائر .. كما أن اسم الحبيبة كان له أثر في
العنوان وان تحايل الشاعر في الاستعمال حتى لا يكون الأمر واضحا أكثر . و العنوان غالبا ما يحمل شحنة تغطي أو تأتي بالقصيدة أو تكسوها حرارة .
أول هاجس يؤرق حلم و أمل الشاعر في البيت الأول أن هذا الحب العاصف و المستولي على الشاعر و الذي لم يحتج الا الى
وقت قصير ليشب قويا هو تلك الأعوام التي جعلت فاصلا كبيرا بين الشاعر و الحبيبة يتحطم أمامه تحقيق حلم الزواج،
أو اللقاء الذي لا يثور ضده الواقع ..انه اقرار انه مشكل لا عرفيا فقط و لكنه قناعة عند الشاعر الذي يرى أن الحبيبة
عليها أن ترتبط بغيره حتى تكون أكثر سعادة و اقبالا على الحياة حسب رأي الشاعر وأنه ليس أنسب لها أن ترتبط بشاعر يكبرها بسنين و متزوج و ما قد يحدثه ذاك من أثر في نفسها .. و هو لا يريد ما ينغص حياة حبيبته .
في البيت الموالي يقر الشاعر أن رياح الحبيبة كانت مؤثرة في الشاعر ، و لكنه صاحب تجربة في الميدان فقد عصفت
به من قبل أهوال و عاش تجارب كثيرة . و كان الاخفاق و كان الألم . وتتوالى الأبيات تسجل انكساراته ، و أن حياته
كانت خريفا ، و لم يجن الا دموعا و آهات تحولت ابداعا و تسجيلات لأحزان واخفاقات .. و هنا يخلو الشاعر الى
فراغه الوجداني و عالم الكآبة الذي يلتجئ اليه في جل قصائده ، و يتفيأ حرارة اليأس و الخيبة .. انه أحيانا اذا أبصر
شعلة فرح أو أمل أو كسبا واقعيا يسرع الى تجاهل ذاك و يمضي في عتمة الظلام .. فهو يعمل على ابراز فكرة أن
الحرمان هو قدره ..وليس هذا من فراغ و لكن لكثرة ما عاش من احباطات في منزلقات الحياة ..هكذا حاول الشاعر أن
يتحدث في الأبيات الأولى .
بعد هذا ينتقل الشاعر الى وصف الحبيبة ، و يحاول أن يجتهد في الخروج عن أوصاف معهودة :
يا نســــــــمة من شمال الحب مشرقة & و من جنوب الهوى يســقيك اكرام
وهذه أنت يا أحلى فم عبـــــــــــــــرت & شفاهه من رقيــــــــــق البوح أنغام
وخــــــــــــــــدك الورد يسبي كل ناظرة & تفتحت منه طـــــــــول الحب أكمام
وشـــــــــــعرك الموج من أسلاكه ذهب & وليــــــــــــــــــله ما به قد كان نوام
وقدك العـــــــــــــدل في مسرى موازنة & مثــــــلى به ســرت العشاق أحكام
يحدد جهة الحبيبة التي صارت قبلته ، ووجهته الملهمة ، و كبف أن النور يأتي منها ، أو قل تحولت مشرق شمس ،
و يعرج على ما للجنوب من تجاوب مع هذا النور حيث الاهتمام و التبجيل و الاكرام و التغني بالجمال و الاخلاص
في المودة ..في وصف بعض المفاتن الجسدية يتوقف الشاعر عند ثغر الحبيبة و كم لذاك من مسحة جمالية عند
المرأة ، و لا يصفه مباشرة انما يمر الى أثره في حلاوته التى تلتقط بجميع الحواس بما في ذلك العقل ، ثم يجنح
الى الخد فيخلق له صورة و يجتهد في أن تكون أكثر حركية ، انه ليس الورد و هو يتفتح في نشوة الندى الذي هو
هنا الحب ، و فرق بين خد في نشوة الحب و خد في جفافه . في تشبيه الشعر يجد الشاعر الليل مرادفا له في لونه
ولكنه يضيف جديدا فهذا الشعر الذي يشبه في حركته الموج و في قيمته الذهب يجعل من المعجبين به سمارالليل.
و من الخاص الى العالم ينقل لنا المحب صورة القد أو الجسم ككل فهو متوازن من جميع النواحي توازنامثاليا يجعل العشاق مرتاحين الى تلك الآية الخلقية ، و المسحة الاعجازية التي أبداها الله في هذه المرأة التي يقر الشاعر أنها
نالت اعجاب الكثير . يتجب الشاعر في بيته :
وأنت ماكــــــــــنت في شكواي منصفة & لما أتيــــــــــــــــــــتك والبرهان آلام
من أن الحبيبة التي تنعمت بالعدل و القوام في جسدها لم تطبقه على من أحبها حين أتاها شاكيا . بل الأكثر من هذا راحت لا تشفق عليه بل تحوله الى رماد و بقايا حرمان و اخفاق .
يعود الشاعر الى التذكير بقيمة الحبيبة ، و كيف أن معاناته من حب هذه الفتاة ترفع من مكانتها كل يوم ، و يقر
بحقيقة أن المعاناة تظهر من حالة جسم صاحبها و هي شهادة و دليل من شكك في ما يبوح به الشاعر:
فما أعـــــــزك من ذل أكابـــــــــــــــــده & و كـــم تــــبوح بما نحـــــــياه أجسام
يترك الشاعر حبيبته ليعمم و يرى أن للنساء الأثر العظيم في ما يعانيه الرجال ..فهن قد يجعلن من العظيم
المتجبر مجرد ذليل يقتفي اثرهن و من العزيز حقيرا و من الغني فقيرا ...
لولا النســــــــــــــــــاء لكنا من عمالقة & لكـــــــننا في سماء الضـــــعف أقزام
و يعود يتساءل كيف لا ترحمه و تريد قتله دون ذنب اقترفه ، أم أن هذه هي طبيعة الجميلات لا يحكمن الا
بالاعدام ولا غيره ؟.
ويعود ليعترف أنه لا غرابة و من يمشي وسط الأخطار مخيرا أو مجبرا لا مفر له من الأذى .
فهل تريـــــــــــــــــــدين قتلي دون بينة & أم أن أســـــــــرارحكم الغيد اعدام؟
وليـــــس في خــــــطوتي صبر و لا أمل & وليـــــس تنجو بــساح الشوك أقدام
و يعود الشاعر ليخاطب حبييبته سائلا و مجيبا عن قيمتها و مكانتها في هذا الكون :
ماذا تســــــــــاوين ؟ لا من قيمة بلغت & عينيـك بل خسفــت في القرب أرقام
ولا أمامــــــــــــــــك من ماس ولا ذهب & ولا وراءك أخـــــــــــــــــــــــيار و أقوام
و أماعيناها اللتان كانتا عنوان الميل أو مرة فهو يخفي مدى هيامه بهما ، بل يعترف أن الجسد كله كان
نارا احترق من لهيبه وكيف لا يقع له ذاك ، و هذا الحسم ملغم بالحسن بكامله :
أحببت عيـــــنيك بل قد ذ بت في جسد & جميعه من بديع الحــــــــــسن ألغام
حقيقة حاول الشاعر أن يختم بها قصيدته و هي أنه لم يكن لينجو من أحبولتها و هي المرأة التي ملكن ما
يفلت منه رجل أو ينجو منه قادر .. بل الأكثر من هذا انه صار لا يملك زمام أمره ، أو أن يقرر غير المضي
في درب الهوى مهما كانت العواقب :
ويوم نادى رســـــــــــــول الحب ملتقطا & ضعـفي أتيت , وشـــــل الرفض ارغام
وكنت أكــــــبر من أنثــــــى , من امرأة & وكم تـتيه بمرأى الحــــــــــسن أفهام
فحســــــــــــــبك الأمر في حب أعانقه & وليــــــــس في ترك هذا الدرب اقدام .
هي جولة بسيطة عل القارئ يغوص و يعرف قليلا من هذه القصيدة .
هذا لا يمنع من أنه قد يأتي غيره فيفهمون من القصيدة ما لم يخطر ببال الشاعر ، و بفهمون و يعون و يدركون كثيرا مما
غاب عن الشاعر و هو يهندسها و يزينها و يبث فيها روح الشعر و لذة الابداع .. وفي ما أمامنا الكثير مما اعتبره أصحابها مجرد أعمال عادية و لكن متى تناولها النقاد و الأدباء صارت من روائع الابداعات وأشهرها فتفاجأ منتجوها
و مؤلفوها ، و هنا أعمال يعتبرها أصحابها ذات قيمة و لكنها ما أن تواجه الناس تسقط و تخبو .
خطرلي اليوم أن أقرأ احدى قصائدي ، و الباعث أنني لما كنت أترنم بها صباح جمعة ، و أتألم مع كل صورة تساءلت :
أين من يقرأنا ، و يتوسط بين الشاعر و القارئ العادي ؟.
من نسيم الشمال
مابيننا باعدت في الوصل أعـــــــــــوام &وقاربــــــــــــــت بيننا في الحب أيام
وراقصــــــــــــــــــــت نسمة قلبا تداعبه & وكم به لعبــــــــــت من قبل أنسام
وكم تراءى يغــــــــــني للـــهوى ألمــــا& وكم تداعـــــت به في القطف أحلام
فما رأى نجــــــــــــــــــمة تغتال وحد ته& فيوقــــــــــظ الروح بعد الوصل الهام
ولا رأى مطــــــــــــــرا يروي له عطشا & به أطالت خريف العــــــــــــمر أعوام
يا نســــــــمة من شمال الحب مشرقة & و من جنوب الهوى يســقيك اكرام
وهذه أنت يا أحلى فم عبـــــــــــــــرت & شفاهه من رقيــــــــــق البوح أنغام
وخــــــــــــــــدك الورد يسبي كل ناظرة & تفتحت منه طـــــــــول الحب أكمام
وشـــــــــــعرك الموج من أسلاكه ذهب & وليــــــــــــــــــله ما به قد كان نوام
وقدك العـــــــــــــدل في مسرى موازنة & مثــــــلى به ســرت العشاق أحكام
وأنت ماكــــــــــنت في شكواي منصفة & لما أتيــــــــــــــــــــتك والبرهان آلام
حولتنــــــــــــي من فتى يحيا الى شرر & ســــــقاه من لوعة الحـرمان اسهام
لولا النســــــــــــــــــاء لكنا من عمالقة & لكـــــــننا في سماء الضـــــعف أقزام
فهل تريـــــــــــــــــــدين قتلي دون بينة & أم أن أســـــــــرارحكم الغيد اعدام؟
وليـــــس في خــــــطوتي صبر و لا أمل & وليـــــس تنجو بــساح الشوك أقدام
ماذا تســــــــــاوين ؟ لا من قيمة بلغت & عينيـك بل خسفــت في القرب أرقام
ولا أمامــــــــــــــــك من ماس ولا ذهب & ولا وراءك أخـــــــــــــــــــــــيار و أقوام
أحببت عيـــــنيك بل قد ذ بت في جسد & جميعه من بديع الحــــــــــسن ألغام
ويوم نادى رســـــــــــــول الحب ملتقطا & ضعـفي أتيت , وشـــــل الرفض ارغام
وكنت أكــــــبر من أنثــــــى , من امرأة & وكم تـتيه بمرأى الحــــــــــسن أفهام
فحســــــــــــــبك الأمر في حب أعانقه & وليــــــــس في ترك هذا الدرب اقدام
الى من قالت: وهل أساوي عندك كل هذا؟؟؟
02-11-2010
لا شك أن العنوان له دلالة نفسية ، و ربط بالواقع ، فالشاعر بقدر ما يرى في الجنوب باعثا على الشوق و الظمأ و الفراق
و الألم و اليأس و البعد يرى في الشمال صورة المطر و الأمل و الانفتاح و الحياة و الحب و الاخضرار ..و من قرب فقد كانت الحبيبة تسكن شمال مدينة الشاعر و أصلا هي تنحدر من شمال الجزائر .. كما أن اسم الحبيبة كان له أثر في
العنوان وان تحايل الشاعر في الاستعمال حتى لا يكون الأمر واضحا أكثر . و العنوان غالبا ما يحمل شحنة تغطي أو تأتي بالقصيدة أو تكسوها حرارة .
أول هاجس يؤرق حلم و أمل الشاعر في البيت الأول أن هذا الحب العاصف و المستولي على الشاعر و الذي لم يحتج الا الى
وقت قصير ليشب قويا هو تلك الأعوام التي جعلت فاصلا كبيرا بين الشاعر و الحبيبة يتحطم أمامه تحقيق حلم الزواج،
أو اللقاء الذي لا يثور ضده الواقع ..انه اقرار انه مشكل لا عرفيا فقط و لكنه قناعة عند الشاعر الذي يرى أن الحبيبة
عليها أن ترتبط بغيره حتى تكون أكثر سعادة و اقبالا على الحياة حسب رأي الشاعر وأنه ليس أنسب لها أن ترتبط بشاعر يكبرها بسنين و متزوج و ما قد يحدثه ذاك من أثر في نفسها .. و هو لا يريد ما ينغص حياة حبيبته .
في البيت الموالي يقر الشاعر أن رياح الحبيبة كانت مؤثرة في الشاعر ، و لكنه صاحب تجربة في الميدان فقد عصفت
به من قبل أهوال و عاش تجارب كثيرة . و كان الاخفاق و كان الألم . وتتوالى الأبيات تسجل انكساراته ، و أن حياته
كانت خريفا ، و لم يجن الا دموعا و آهات تحولت ابداعا و تسجيلات لأحزان واخفاقات .. و هنا يخلو الشاعر الى
فراغه الوجداني و عالم الكآبة الذي يلتجئ اليه في جل قصائده ، و يتفيأ حرارة اليأس و الخيبة .. انه أحيانا اذا أبصر
شعلة فرح أو أمل أو كسبا واقعيا يسرع الى تجاهل ذاك و يمضي في عتمة الظلام .. فهو يعمل على ابراز فكرة أن
الحرمان هو قدره ..وليس هذا من فراغ و لكن لكثرة ما عاش من احباطات في منزلقات الحياة ..هكذا حاول الشاعر أن
يتحدث في الأبيات الأولى .
بعد هذا ينتقل الشاعر الى وصف الحبيبة ، و يحاول أن يجتهد في الخروج عن أوصاف معهودة :
يا نســــــــمة من شمال الحب مشرقة & و من جنوب الهوى يســقيك اكرام
وهذه أنت يا أحلى فم عبـــــــــــــــرت & شفاهه من رقيــــــــــق البوح أنغام
وخــــــــــــــــدك الورد يسبي كل ناظرة & تفتحت منه طـــــــــول الحب أكمام
وشـــــــــــعرك الموج من أسلاكه ذهب & وليــــــــــــــــــله ما به قد كان نوام
وقدك العـــــــــــــدل في مسرى موازنة & مثــــــلى به ســرت العشاق أحكام
يحدد جهة الحبيبة التي صارت قبلته ، ووجهته الملهمة ، و كبف أن النور يأتي منها ، أو قل تحولت مشرق شمس ،
و يعرج على ما للجنوب من تجاوب مع هذا النور حيث الاهتمام و التبجيل و الاكرام و التغني بالجمال و الاخلاص
في المودة ..في وصف بعض المفاتن الجسدية يتوقف الشاعر عند ثغر الحبيبة و كم لذاك من مسحة جمالية عند
المرأة ، و لا يصفه مباشرة انما يمر الى أثره في حلاوته التى تلتقط بجميع الحواس بما في ذلك العقل ، ثم يجنح
الى الخد فيخلق له صورة و يجتهد في أن تكون أكثر حركية ، انه ليس الورد و هو يتفتح في نشوة الندى الذي هو
هنا الحب ، و فرق بين خد في نشوة الحب و خد في جفافه . في تشبيه الشعر يجد الشاعر الليل مرادفا له في لونه
ولكنه يضيف جديدا فهذا الشعر الذي يشبه في حركته الموج و في قيمته الذهب يجعل من المعجبين به سمارالليل.
و من الخاص الى العالم ينقل لنا المحب صورة القد أو الجسم ككل فهو متوازن من جميع النواحي توازنامثاليا يجعل العشاق مرتاحين الى تلك الآية الخلقية ، و المسحة الاعجازية التي أبداها الله في هذه المرأة التي يقر الشاعر أنها
نالت اعجاب الكثير . يتجب الشاعر في بيته :
وأنت ماكــــــــــنت في شكواي منصفة & لما أتيــــــــــــــــــــتك والبرهان آلام
من أن الحبيبة التي تنعمت بالعدل و القوام في جسدها لم تطبقه على من أحبها حين أتاها شاكيا . بل الأكثر من هذا راحت لا تشفق عليه بل تحوله الى رماد و بقايا حرمان و اخفاق .
يعود الشاعر الى التذكير بقيمة الحبيبة ، و كيف أن معاناته من حب هذه الفتاة ترفع من مكانتها كل يوم ، و يقر
بحقيقة أن المعاناة تظهر من حالة جسم صاحبها و هي شهادة و دليل من شكك في ما يبوح به الشاعر:
فما أعـــــــزك من ذل أكابـــــــــــــــــده & و كـــم تــــبوح بما نحـــــــياه أجسام
يترك الشاعر حبيبته ليعمم و يرى أن للنساء الأثر العظيم في ما يعانيه الرجال ..فهن قد يجعلن من العظيم
المتجبر مجرد ذليل يقتفي اثرهن و من العزيز حقيرا و من الغني فقيرا ...
لولا النســــــــــــــــــاء لكنا من عمالقة & لكـــــــننا في سماء الضـــــعف أقزام
و يعود يتساءل كيف لا ترحمه و تريد قتله دون ذنب اقترفه ، أم أن هذه هي طبيعة الجميلات لا يحكمن الا
بالاعدام ولا غيره ؟.
ويعود ليعترف أنه لا غرابة و من يمشي وسط الأخطار مخيرا أو مجبرا لا مفر له من الأذى .
فهل تريـــــــــــــــــــدين قتلي دون بينة & أم أن أســـــــــرارحكم الغيد اعدام؟
وليـــــس في خــــــطوتي صبر و لا أمل & وليـــــس تنجو بــساح الشوك أقدام
و يعود الشاعر ليخاطب حبييبته سائلا و مجيبا عن قيمتها و مكانتها في هذا الكون :
ماذا تســــــــــاوين ؟ لا من قيمة بلغت & عينيـك بل خسفــت في القرب أرقام
ولا أمامــــــــــــــــك من ماس ولا ذهب & ولا وراءك أخـــــــــــــــــــــــيار و أقوام
و أماعيناها اللتان كانتا عنوان الميل أو مرة فهو يخفي مدى هيامه بهما ، بل يعترف أن الجسد كله كان
نارا احترق من لهيبه وكيف لا يقع له ذاك ، و هذا الحسم ملغم بالحسن بكامله :
أحببت عيـــــنيك بل قد ذ بت في جسد & جميعه من بديع الحــــــــــسن ألغام
حقيقة حاول الشاعر أن يختم بها قصيدته و هي أنه لم يكن لينجو من أحبولتها و هي المرأة التي ملكن ما
يفلت منه رجل أو ينجو منه قادر .. بل الأكثر من هذا انه صار لا يملك زمام أمره ، أو أن يقرر غير المضي
في درب الهوى مهما كانت العواقب :
ويوم نادى رســـــــــــــول الحب ملتقطا & ضعـفي أتيت , وشـــــل الرفض ارغام
وكنت أكــــــبر من أنثــــــى , من امرأة & وكم تـتيه بمرأى الحــــــــــسن أفهام
فحســــــــــــــبك الأمر في حب أعانقه & وليــــــــس في ترك هذا الدرب اقدام .
هي جولة بسيطة عل القارئ يغوص و يعرف قليلا من هذه القصيدة .