المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شطحاتُ عابدٍ


د.نبيل قصاب باشي
06-21-2013, 07:32 AM
شطحاتُ عابدٍ
د.نبيل قصاب باشي

واللهِ ما سَكِرَتْ بالعشقِ أنفاسِي
إلا ونجـواكَ في حاناتِ إحساسِي

في كلِّ تسـبيحةٍ أغفو على وَلَهٍ
فإنْ غفوتُ صحا في القلبِ وسواسي

وسواسيَ الذكرُ في نَفْسي وفي نَفَسي
يُطاردُ الإثمَ منْ أوزار ِ أرجاسي

وسواسيَ الذكرُ في صحوي وفي سَكَري
وبينَ بينَ استوى وهمي و خنَّاسي

يا صاحِ حطَّتْ بيَ الأوهامُ راسيةً
وليسَ ترسُو على رَاسٍ سوى راسي

وللبرايا نباريسٌ تهيمُ بها
ولي بمحرابِ عشقِ اللهِ نبراسي

كلُّ البرايا على ما هامَ مُلهِمُهَا
لكنَّنِي أنَا وحْدِي نسجُ قِرْطاسِي

الناسُ حَوْلي ولكـنْ لا أرى أَحَدَاً
إنّي أرى الناسَ في الدُّنْيَـا بلا ناسِ

أرى سـَجَايا الورى بالمالِ قدْ جُبِلَتْ
نفوسُها ؛ وبمالي رُمْتُ إفلاسي

ضَّلتْ طباعُ بَنِيهَـا عنْ محاسنِها
لم يبقَ إلا لئيمُ النفسِ أو خاسي

صدَّقْتُ وسواسَ نفسي أنَّ بعضَهُمُ
يهيمُ في اللهِ لكنْ خابَ وسواسي

ما عادَ في الناسِ مَنْ تُرْجى مناقبُهُ
ولا مثالبُهُ منْ غير أدناسِ

حربُ البسوسِ أثارُوهَا علَى دَخَنٍ
منْ خلفِهَا قدْ توارى كلُّ جَسَّاسِ

هذا يُخبَّئُ خِبَّاً في جوارحِهِ
وذاكَ يقبعُ في هِنْدامِ دسَّاسِ

وآخرٌ نافثٌ في الناسِ شعوذةً
وآخرٌ يتزيَّـا زِيَّ نخَّاسِ

للناسِ ربٌّ ؛ ولكنْ لستُ أعبدُهُ
اللَّهُ رَبِّي ورَبُّ الناسِ للناسِ

ولستُ أعبدُ معبوداً بهِ شَبِقُوا
ولا أقدّسُ ربَّ التِّبْرِ والماسِ

ولستُ أحبو إلى حِلْسِ الطُّغاةِمُنَىً
ففي ذُرا النَّجْمِ أَوْطاري وأحْلَاسِي

ولا أقدّسُ ربَّ المالِ إنْ عَبَدُوا
لاربَّ لي غيرُ ربِّ العرشِ ليْ وَاسِ

ربّي هو اللهُ في سمْعِي وفي بصَرِي
أراهُ في كلِّ أشهادي وجُلَّاسِي

ولستُ أنساهُ في لهوي وفي وَطَرِي
ولا أُداريهِ في غاباتِ أغلاسي

ناجيتُهُ في هزيعِ الليلِ مُرتجِفَاً
كأنَّني خمرةٌ في رعشةِ الحاسي

يا ربِّ نجواكَ طيرٌ رفَّ في وَلَهِي
غمَّسْتُهُ في شَذَا نبْضِي وأَنفاسي

خمْري تمورُ بلا كأسٍ علَى شَفَتِي
إنْ كنْتُ خمرَكَ كنْ ليْ في الهوى كاسي

إنْ كنتُ أمرحُ في يُتْمِي وفي حَزَنِي
فكنْ لقلبيْ المُعَنَّى رَوْحَ أعراسي

ياربِّ أنتَ يدي في كلِّ نازلةٍ
فَشُدَّها بعتيِّ البطشِ والباسِ

اضربْ بها كلَّ بطَّاشٍ وَطاغيةٍ
أوْ خَلِّها لُمحبٍّ لمسةَ الآسي

ياربِّ ارحمْ عُبَيْداً في حِماكَ مضَى
يرجُو رضاكَ؛ وهدهدْ رَوْع وسواسي

ياربِّ لاتنْسَنِي منْ رحمةٍ عَشِقتْ
رُوحي مُناها ؛ فكلُّ الناسِ ليْ ناسِ



***
**
*

منوبية كامل الغضباني
06-21-2013, 08:15 AM
واللهِ ما سَكِرَتْ بالعشـقِ أنفاسِـي
إلا ونجـواكَ في حاناتِ إحساسِي

في كلِّ طرفةِ عينٍ خفقةٌ نبضَتْ
فإنْ غفلتُ صحا في القلبِ وسواسي

وسواسيَ الذكرُ في نَفْسي وفي نَفَسي
يُطاردُ الإثمَ منْ أوزار ِ أرجاسي
من وظيفة الشّعر الرّاقية أن يعيد ترتيب قيّم الكون بعد أن عصفت بها الفوضى فتقهقرت وتدنّت
ويبدو هنا موقف الشّاعر جليّا في رفضه الى هذا العالم المتدنّي القيّم
فالقصيدة وعي اجتماعي ووعي دينيّ يقتضي التّأمّل والوقوف لترتيب الفوضى واعلاء القيّم
للناسِ ربٌّ ؛ ولكنْ لستُ أعبدُهُ
فالله رَبِّي ورَبُّ الناسِ للناسِ

ولستُ أعبدُ رب المال إن عبدوا
لاربَّ لي غيرُ ربِّ العرشِ ليْ وَاسِ

ربّي هو اللهُ في سمْعِي وفي بصَرِي
أراهُ في كلِّ أشهادي وجُلَّاسِي

ولستُ أنساهُ في لهوي ولا وَطَرِي
ولا أُداريهِ في غاباتِ أغلاسي

صورة تبدو ذات بعد يتسامى الى مراق تتجلّى بنور اللّه الذي قذفه في قلب الشّاعر فهو يدرك الله ببصيرته ولا ينسى ذكره حتى في لهوه وطربه
وددت غوصا أعمق في هذه الصّور التي ترنو الى نسق نوعي وخاص يلج مناطق دقيقة في وجدان الشّاعر....
خفت ألاّ أدركها فقلت أكتفي بهذا ...
مع جام التّقدير والإعجاب بما كتبت شاعرنا القديرد.نبيل قصاب باشي

د.نبيل قصاب باشي
06-21-2013, 09:20 AM
أصبت يا أخت النجوى في كل ما غصت وفتشت ؛ ولعل الفطرة السليمة تهدي صاحب البصيرة إلى مكمن المعنى المغلف بغيبوبة البصر ، فيرى من خلال ضبابها نور الحقيقة التي تتجلى أحياناً من غفوة واعية ، مما توسوس له التسابيح وتهمس له خواطر وجداناتها ومواجيدها . ولم تتجنبي الصواب حين آثرت عدم الغوص في دلالات هذه النجوى ومرموزاتها ، خلف النص سطح عائم قد يغرق فيه غيرالعارفين الخائفين ، وأنا واحد ممن يتجنب دائماً الغوص في تأويل ما يكتب ، وليس ذلك غريباً ؛ فغيبوبة التشاعر قد لا تسعف شاعرها في كثير من الأحيان من إصابة التفسير ؛ لكن قد تسعفه أحياناً في تلمس بعض إشارات التأويل .. فعذراً لكلينا إن كنا أصبنا أو جافينا الصواب .....

منوبية كامل الغضباني
06-21-2013, 09:55 AM
سعيدة أن أكون قد لامست وقاربت مقاصد وجدان شاعر شبّه في أساطيرنا القديمة بطير فينق بطير عنقاء يتحوّل الى رماد ليخرج وينبثق في هيئة جديدة....
ولنتواصل سيدي فكلّ الكلام وكلّ الحروف وكلّ الكتابات جسور عبور نحو الآخر...
دمت متألّقا د.نبيل قصاب باشي

ناظم الصرخي
06-21-2013, 11:45 AM
اللهم آمين ..لافض فوك أخي د.نبيل قصاب
قصيدة مائزة ماتعة تنبض بالأيمان والبيان ..
متينة السبك محكمة الحبك متألقة بأبيات كاللآلىء ومفردات متوهجة تزيّن صفحة البوح الآسر...
راقني جدا ً ما سطره يراعك الغيداق
دمت بألق
مودتي مع أعطر تحاياي

الدكتور اسعد النجار
06-21-2013, 03:54 PM
الاخ العزيز د. نبيل

سينية سامقة بمعانيها ودلالاتها وجما ايقاعها

أصبت كبد الحقيقة اخي الكريم وصورت العباد بأحسن تصوير

فعسى ان تنفع الذكرى

مودتي

د.نبيل قصاب باشي
06-21-2013, 05:54 PM
الشاعر الناضر ناظم الصرخي

أشكر لك جميل ما سطرته يراعتك من شفيف التعليق والتحليق ، ومن لطيف التعبير والتحبير .. دمت قلماً يمتلك ناصية الملاحة والفصاحة ، وغالية العطر والشعر ......

د.نبيل قصاب باشي
06-21-2013, 06:01 PM
الدكتور أسعد النجار

بوركت ياأخا الحرف ففيما ذكرت القول الفصل والحكم العدل .. هذا حال الناس في هذا الزمان ؛ ولعل أبافراس الحمداني كان قد شكا زمانه بمثل ما نشكو منه هذه الأيام منذ ألف عام حين قال :

لقد صار هذا الناس إلا أقلهم === ذئاباً على أجسادهنّ ثيابُ