ديوان الشاعر / علي إدريس الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

على بركة الله
أبدأ بتدوين قصائد الشاعر
(علي إدريس الغانمي)

[عواطف عبداللطيف]

ملاكي

أأعشقْ سواكِ وأنت ملاكي
وأنت التي قد هواها القمر
فحتى الطيور إذا ما رأتكِ
تطير إليكِ وتنسى الشجر
وحتى الورود تميل إليكِ
يميناً شمالاً وحتى الزهَر
وهذي المياه تخرخر نشوى
إذا ما مشيت بجنب النهَر
ويطرب زهواً إذا ما سبحتِ
ويفخرْ بأني حويت الدرر
إذا ما نطقتِ كلاماً جميلاً
تمايل غصنٌ وطاب الثمر
وصارت تردد لحناً طروباً
طيور الكناري ، تهز الوتر
وحتى الرياح إذا ما أتت
تهب نسيماً بريحٍ عطر
إذا ما تبسمتِ شع الجمال
وأشرقت الروض نوراً نضر
وطار الفراش بأرجائها
على الزهر حيناً فوق الشجر
وإن رمتِ يوماً شواطي البحار
أخاف عليكِ عيون البشر

[عواطف عبداللطيف]

هذا محال

رح أنّ شئت
يميناً أو شمال
لن تلقني
إن عدت يوماً..
ذا محال
ستقولُ قد فارقته
يوماً هنا
تحت الظلال
قد كان يجلس ههنا
فوق التلال
بيديه يرسمني
ملاكاً في دلال
بيمينه حيناً
يخط اسمي
بحبات الرمال
حيناً قصائده التي
قد صاغها
ملئت جمال
حيناً بجذع الدوح
ينحت صورتي
تحكي المثال
حيناً يداعبني
ويأسرني المقال
الآن حقاً قد صحوت
وفقدت فناً كالخيال
وفقدت جوهرةً حوت
أحلى صفاتٍ
في الكمال
سأظل أبحث أينهُ
حتى أراهُ
بلا جدال
وأقول معذرةً لكم
هيّا تعال
لن أرتحل عنكم أبد
هذا محال

علي الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

هي والشتاء

وتركتُ نظم الشعر حين تركتني
وشكا يراعي قلة الأشعارِ
فمضى الربيع بزهوه وجماله
وروائح الريحان والأزهارِ
وأتى الشتاء ببرده وبروقه
فبكى السماء بمدمعٍ مدرارِ
وبكت غصونٌ حينها وتساقطت
أوراقها بالريح والأمطارِ
ومضت تغاريد الطيور ولحنها
واستسلمت للنوم في الأوكارِ
وبكى حمام الدوح فوق غصونها
والشمس قد حجبت عن الأنظارِ
وذهبت عند البحر كي ألقاكمُ
فإذا به يخلو من الأطيارِ
فرجعت مكلوم الفؤاد بحسرتي
فالبدر محجوباً من الأنوارِ
حتى المياه لمستها فوجدتها
قد أخبرت عن بردها بقرارِ
الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

الغروب


نظرت للشمس في وقت الأصيــلِ
فرأيتها تبكي من السير الطــــويلِ
ودموعها سالت على الخد الأسيلِ
مزجت بتبرٍ، فهو في شكل جمـيلِ

كالحية الملساء في الرمـــــل مسا
والطير تندبها بحـــــــــزنٍ وأسى
هاجرتنا ياشمس مسرعةً عسى
أن ترجعي بغدٍ كي تنعشي النفـسا

سبحان خالقنا ذي الطول والــكرمِ
الله يرزقنا قسطاً من النـــــــعمِ
خيراتـه صاحبي عمّت على الأممِ
لكنها كفرت بالخالق الرحـــــــمِ

فالـطير شــاكرةٌ لله رازقـــــــها
وذي الميــاه تسبّح في منابعــــها
والناس نـاكرةٌ للرب خالقـــــــها
هل ترتجي أملاً من غير بارئها

علي الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

الورد الحزين

إليكم قصيدي فلا تقتلوه
ومنه الدماء فلا تسفكوا
دعوني أغنّي بقيثارتي
وأطرب ورداً يبثّ شذاه ..
إلى الناس دوماً ويبكي الحياة
سلوه علامَ دموع الندى
تسيل غزاراً كسيل المطر
فقال : دعوني فإني حزين
فهذي الأيادي تغتالني
وبعضٌ من الزهرِ يحسدنني
فعطري جميلٌ ولوني بهي
وإن جاء حيناً نسيم الصبا
تراني أميل بكل اتجاه
فما ذنبي أني خلقت جميلا
وعطري إلى العالمين
يفوح شذاه
فقلت إليه بدمعٍ سكوب :
أخاف عليك أيادي البشر
علي الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

الوردة

ما بال الورد يغازلني
و لطيف عبيره يبهرني
ما بال الورد يراقصني
واللون الوردي يأسرني
قد جئت إليه على عجلٍ
ومددت يديَََّ إلى الفنن
فقطفت الوردة في شوقٍ
فجمال الوردة يسحرني
ومسكت الوردة في كفي
مالت للخد تقبّلني
وسمعت الوردة ترجوني
لا تنس بربك تلثمني
فلثمت الوردة في مُهلٍ
أحسست الرعشة في بدني
أدنوت الوردة للأنف
أحسست شذاها طوّقني
ورأيت الوردة مزهوّة
بجميل القول تناشدني
ورأيت الوردة فرحانة
حمداً لله على المننِ
ما بال الطير يراقبنا
بجميل اللحن يشنّفني
حتى الأفنان بنا فرحت
وغدت بالشوق تظّللني
ومياه النهر لنا طربت
وخرير الماء على أذني
وفراش الروض يداعبنا
ونسيم الحقل يلاطفني
فمسكت الريشة في كفي
وعصرت اللون على الصُحُنِ
ورسمت اللوحة زيتيّة
فغدت في الحال تكلّمني
أجماليَ حقاً مرسومٌ
أم أن خيالك راسمني
علي الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

مسكتُ القلم
1
مسكت القلم ..
لأكتب شعراً بلون الألم
فصاح يراعي ..
إليك دموعي ..
مداداً لشعر الشجن
فحبريَ قاني..
صريري رصاصٌ يدوّي
بما قد جرى من محن .

2

مسكت القلم ..
لأكتب شعراً بلون الدماء
ويرفعْ يديهِ
ليشكو إله السماء
كثكلى تنادي
وتسكب دمعا
إلهيَ كبْدي
على الأرض ملقى
وقلبي تفطّرْ
ودمعي تفجّرْ .

3
مسكتُ القلم ..
لأرسم ورداً
على الأرض ملقىً
وينزف دم
وجنب الورود
رسمت العلم .

4
مسكت يراعي ..
لأرسم حرفاً
بشكلٍ غريبٍ
وخطٍ حسن
فجاءت حروفي
تنادي بصدقٍ
يعيش الوطن

5
مسكتُ القلم ..
لأكتب شعراً
يفوحُ شذاهُ
يميناً شمالاً
و فوق المُزُن .

6
مسكتُ القلم
لأنظم شعراً يهزّ القلوب ..
التي قد عراها الوسن .

7
مسكت القلم
لأنظم شعراً فقال القلم:
ألم تر أني نحيلٌ ..
وأبكي بدمعٍ هتِن .
فقلت: لماذا تهلُّ دموعاً
كسيل المطر؟!
أعندك قلبٌ !؟
وهذي كلابٌ بزيّ البشر
بدون فؤادٍ
بدون ضميرٍ
وتهوى الشرر
علي الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

رصاصات طائشة



سأكتب شعراً من الأبهرِ

دماه مدادٌ لذي الأسطرِ

فإن مت يوماً على دفتري

فقولي شهيدٌ ولا تثأري

***
وإن مت يوماً بساح الجهادْ

فذاك المنى يا إله العباد

لأنجو من النار يوم المعاد

ويصلى جحيماً عدوَ البلاد
***
سأكتب شعراً على القافيةْ

بدمعٍ غزيرٍ كما الساقية

لأندب شعباً من الطاغية

مصيرُ الظلوم إلى الهاوية

[عواطف عبداللطيف]

لم أغب حتى أعود


متى غبتِ عنيَ حتى أعود
وهذا فؤادي يخشى الصدود
فمازلتِ في داخلي في الفؤاد
ومازال قلبكِ يهوى الورود

فإن غبتِ يوماً شكاني الهوى
وقال لماذا تطيلوا النوى
أقول دلالاً حبيبي رحل
سيأتي سريعاً كنهرٍ جرى

فلا تحسدونا إذا ما قدم
دعوا لي حبيبي فها قد ندم
وقد جاء يشكو ظروف الزمن
سلامٌ عليكم وطاب الكَلِم

دعي العذر كي لا تسيل الدموع
فدمعٌ بعينكِ يحني الضلوع
ودمعٌ على الخد يدمي الحشا
ويبكي الفؤاد كطفلٍ رضيع

علي الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

غاليتي



سأكتب فيكِ أشعاري
بألوانٍ وأطوارِ
سأنقش إسمكِ السامي
على قلبي بمسمارِ
ليبقى رسمه عالٍ
ونبض القلب كالنارِ
سأكتب فيكِ أشعاراً
على نغمات أوتاري
وأشدو لحن زريابٍ
إذا غنّى لأقمارِ
فيا ورداً سما عطراً
ويا دراً لإبحاري
سلامي زهر نيسانٍ
لبدرٍ زان أشعاري

علي الغانمي

[عواطف عبداللطيف]

أحببتها لما رأيت جمالها
مثل الزَهَرْ
وفؤادها من طيبه
قمرٌ أغرْ
وعيونها لما رأتني قربها
قالت إليّ
مالت إليّ بحسنها
حسناء تحسدها الدررْ
سلبت فؤادي غادتي
ومضى القدرْ
هذي عيونٌ ناعسةْ
والقلب يهواها أجلْ
والصوت أسكرني بلا
خمرٍ عجبْ!
وسرت بجسمي رعشةٌ
لمّا دنا مني القمرْ
قالت أحبك يا فتى
قلت الفؤاد لكم ذهبْ

علي الغانمي


*البحر: الكامل

[عواطف عبداللطيف]

شكوى

أتيت إلى البحر كي أشتكي
فصار ينادي بصوتٍ حَزِنْ

أرى الناس عني مشت وانزوت
فصرت كأني بدارٍ سُجِن

فقلت إليه بدمعٍ همى
بلادي أصيبت بأدهى المحن

فقال وقد جففت دمعه
رياح الجنوب وأرخى الجُفُن

بربك قل ليَ ما قد جرى
فقد زدت حزني و زاد الشجن

فقلت لسانيَ لا يستطع
لوصف الذي قد جرى من إحن

فقال أقد حلّ في أرضكم
دمار فصارت بلا أي سكن

فقلت الذي قد جرى ما بها
أشد وأدهى ورب المِنن

علي الغانمي


*البحر: المتقارب

[عواطف عبداللطيف]

رحلتِ بعيداً

رحلتِ بعيداً وغبتِ طويلاً
فغاب الجمالُ وغاب القمر
وعدتِ إلينا كطيرٍ أتانا
يغرد لحناً بديعاً يسُر
فعادت إلينا مياه السواقي
بصوتٍ طروبٍ وماسَ الشجر
وشعري أتاني سريعاً بصوتٍ
لطيف المحيّا وقولٍ أسر
فدارت كؤوسٌ كمثل الثريّا
جمالاً وملأى بشايٍ خدر
مسكت يراعي لأكتب شعراً
ووجهٌ جميلٌ بقربي حضر
فطار خيالي بعيداً بعيداً
وعاد إلينا معاه الدرر
فهاكم حديثي سأرويه شعراً
فقد عاد شعري وطاب السمر



المتقارب

[عواطف عبداللطيف]

اتيناك ليلى

معارضة لقصيدة وديع عقل "شكتني ثريا إلى والديا"

أتيناكِ "ليلى" وعفنا ثريّا
فجاءت تشاكي بقولٍ فريّا
فتاكم وعدني بقطف ورودي
ومص شفاهي ولم يأتِ ليّا
وتمريغ ثغرٍ بنهدٍ كعوبٍ
وقال عيوني تُلين العصيّا
وإن سُلافي كخمرٍ معتّق
فهذا فتاكم تجنّى عليّا
لماذا هجرني وقد حان قطفي؟
وهذي عيوني تقول إليّا !
سأشكوه حقاً إذا لم يبادر
بقطف ورودي وعصرٍ قويّا
فجاءت إليها فتاتي تنادي
حبيبي دعيه وخليّ "عليّا"
وإلا فإني سأمحيكِ حقاً
فهذا جمالي يفوق الثريّا
فشَعري إليه يتيه غراماً
وعينايَ بحرٌ وسحرٌ جليّا
لسانيَ شهدٌ, رضابيَ خمرٌ
وخدي رطيبٌ إليه هنيّا
ونهدايَ درٌ به قد تجلّى
عقيقٌ يمانيْ وعطرٌ زكيّا
فصدري كبيٌر وقلبي حنونٌ
ورقصي جميلٌ وصوتي نقيّا
فلولا الحياءُ لقلنا كثيراً
وما كان أخفى يهز التقيّا

[عواطف عبداللطيف]

موعد مضى

ليت الطيور تدلّني
نحو الحبيب فقد هجر
قد كان يؤنس وحدتي
ويطير بي نحو القمر
قد كان موعدنا أتى
لكن تناساني ومر
ويقول دعنيَ يا علي
فالقلب مشغول الفِكَر
فهنا فؤاديَ قد بكى
وشكت دماه من القدر
وهنا تدخّل خالقي
كي لا أموت من القهر
رباه أنت وليّنا
فارفق بنا من كل شر

علي الغانمي
مجزؤ الكامل