المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في رائعة الشاعرة الأديبة منية الحسين ( لحن الحياة )


الوليد دويكات
11-12-2015, 11:17 PM
لحن الحياة

عنوان ٌ جميل مفتوح ، فيه أكثر من نافذة للولوج للنص ..فيها إستفزاز للذائقة الفطنة للقراءة وحجز مقعد
والإقتراب أكثر من القصيدة / الشاعرة / هذا الفضاء البديع ...

الشاعرة الفاضلة / منية الحسين

استوقفتني عبارة ( نشر أول ) في ذيل النص ، كأنّي بهذه العبارة تحمل في طيّاتها وعدا ً بخرائد في جعبتك ما تزال قيّد أدراجك أو أفكارك ، على أية حال هي رغبة في إنتظارنا لتلك الخرائد الجميلة ...

القصيدة :

عُدْ ياحبيبي لاتَقُلْ :
" كنّا وكانْ

استهلال فيه فعل الأمر جاء بلغة الرجاء ...واستعطاف أن لا يكون الجواب ( كنّا وكان ) ...
ما أجمل هذا الإنكسار من قلب الأنثى حين يبوحها الشوق ..الإنكسار بمفهوم التعلق لا بمفهوم الخضوع والهزيمة ...
الإنكسار ُ حين يحمل الرغبة في التوحد بين العاشقين ( بطلة النص والمحبوب هنا ) .


قدْ كان حُلماً وانطوى قبْل انْسِكاب النّهر في
حقل الأنامِ
وغابَ مثْل الفرْح حين يغيب عنْ عيْنِ اليتيمْ
وارْتدّ حِبْري في الوتينْ
نغَماً على وترِ السّكوتْ .. كلماتنا أضْحتْ قيودْ
لمْ يبْقَ منْها غيْر ذكْرى
تُثقِل القلْبَ المُدَنّف بالشّرودْ

هل هو تسليم ٌ بالنتهاء المشهد !!
كان َ حُلما ً...كان َ : هذا الفعل الناقص الذي يفيد الماضي والحاضر والمستقبل ..لكنّ الشاعرة هنا تحصره في سراديب الماضي بدلالة قولها : ( وانطوى ) ...
لكن هذا الإنطواء كان مبكرا ...مداهما لجسور الرغبة ، محطما أمنيات ٍ لم تكتمل ..
وغاب : هو تجذير لمفهوم الفكرة وتعميق لدلالاتها المغروسة في مشهد البوح في هذا النص ..
وتقدم صورة لحجم الغياب كما الفرح الذي غادر ملامح اليتيم ...أيّ وجع ترسمه هنا الشاعرة منية !!
هل هكذا فعل الغياب في بطلة النص !!
ثم تسترسل الشاعرة في توصيف الغياب ...ارتداد الحبر /قيود الكلمات / كل شيء غاب بغيابه ولم يبق سوى ذكرى تعتصر قلبا مريضا بالشرود والسرحان و..... .



قدْ ضعتُ من نفسي كصوتِ المَلْحِ في طعْمِ اللّقاءْ
قدْ عشتُ فيكِ متاهتي .. وشقاوتي ..
عاشرتُ في صخبِ الجراح صبابتي
ولطالما رحلتْ لُحاظُ العمرِ في صمتِ الطريقْ
ورأيتُ من خلف الجدار فراشةً تغْفو على جمْرِ الهوى
والحُلم يهديها الرّحيقْ..
عبثاً أُصافح وحْدتي بهواجسٍ تدنو بوجْه حبيبتي
مابيْن كفّي والوريدْ ..
أَنُعيد ترتيب الملامح من جديدْ !؟ "

هنا تبدأ الشاعرة الحديث عن حالتها بعد الغياب ، بعد غيابه ...وهنا تقدم لوحات ٍ وصورا ً بيانية مدهشة ...
قد ضعت ُ من نفسي : هنا ترسم صورة شخصين في شخص واحد ( هي / نفسها ) وترى أنها ضاعت منها ، تصوير جميل عميق ..فيه براعة التعبير وجمالية التصوير ..وتقدم تشبيها جميلا ..هذا الضياع كما يضيع صوت الملح ِ في طعم اللقاء ،
وهنا تشبه الملح بالإنسان الذي له صوت وحذفت المشبه به الإنسان وأبقت شيئا من لوازمه ( الصوت ) على سبيل الإستعارة المكنية ...أرادت الشاعرة أن تقول : أن روعة اللقاء وما حمله من لهفة جعلهما صامتين وأسكت َ الألسن َ كما يذوب الملح في الشراب ..صورة بديعة جميلة .
ثم تستعرض شريطا : عاشت في هذا الحب المتاهات / الشقاوات / وعايشت رقة الحب ( الصبابة ) في ظل الصخب الذي كان يلفّ هذه الحميمية في علاقة تسكن جوانحها ...
ثم تقدم صوت الراوي الذي يقدم عبارة في ثوب الحكمة في تصوير ٍ بياني جميل :

ولطالما رحلتْ لُحاظُ العمرِ في صمتِ الطريقْ

صوت ُ الراوي هنا هو صوت ٌ اقتحم القصيدة دون أن يحمل في اقتحامه انزياحا ً عن جمالية البناء والترابط الذي يميّز القصيدة ..
والصورة البيانية الجميلة ( لحاظ العمر ) ...شبّهت العمر بالإنسان الذي له عيون وحذفت المشبه به مُبقية ً على شيء من لوازمه على سبيل الإستعارة المكنية ...وكذلك الأمر ينطبق على ( صمت الطريق ) ..دلالية جميلة للصمت المُطبق على طريق الشوق الذي كان صاخبا بالحضور فأصبح صامتا ً بالغياب ....
ثم تقدم صورة رأتها بصور تخيلتها ...صورة المحبوبة في وحدتها ( صورة مرئية ) وصورة الفراشة التي تقترب من الحرائق الباعثة جمرها بسبب البعد ...
وتختتم هذا المقطع بتساؤل فيه الرجاء ( هل من الممكن أن نعود ونرتب تفاصيلنا مرّة أخرى ) وهو سؤال ربما تعرف إجابته لهذا كان في سياق التعجب والأمنيات .


...........................

مُنية الحسين :

شاعرة مطبوعة بحسها وحضورها ...
بانسياب مشاعرها النقية ...تترك قلمها يُعبّر عمّا يجول في خاطرها ...
قلت ُ ذات قراءة ، أنّ منية الحسين يطلبها النص ولا تطلبه ...
أجزم أنّ هذه القصيدة كانت فكرة داهمتها قبل أن تجد الوقت المناسب لترجمتها ...
وكانت تشعر بمخاض الولادة للقصيدة ، تتوق لخلوة لخروجها دون عُسر ...
قصيدة استحقت وتستحق القراءة والتأمل ...
ربما أخفقت ُ في القراءة ، وجانبني التوفيق في الولوج من نوافذ مشرعة للقصيدة ...
لكن يشفع لي أنني كنت في محراب حرف ٍ أنيق وفكر ٍ رشيق ...حاولت التجرأ على السطور وأقدم قراءتي ...
سيكون هناك تكملة لبقية القصيدة بحول الله


باحترام

الوليد

الأرض المحتلة

نجلاء وسوف
11-13-2015, 12:19 AM
هكذا يكون الوفاء للكلمة
في هذه القراءة الشيّقة التي تنمّ عن فكر عميق .. ثاقب النظرة .. بارع في التحليق
في ترجمة المشاعر وإعطاؤها حق الظهور بثوب من حرير
جدير الوليد بالاحترام والتقدير ويحق لمنية كل الاهتمام والتقدير
والشكر الكبير لكما مع كامل محبتي واحترامي

الوليد دويكات
11-13-2015, 12:31 AM
شكرا لنقاء روحك واهتمامك بتواجدك هنا رغم عزوف الكثير عن تتبع الجهد الذي نوليه لنصوص النبعيين في هذا القسم ..هكذا اهتمام يشكل الحافز للديمومة والتتبع الواعي لنصوص بحق جديرة بالقراءة ...

شكرا لك أديبتنا الرائعة نجلاء على سمو روحك

الدكتور اسعد النجار
11-13-2015, 08:19 AM
قراءة فاحصة بعين ثاقبة سبرت غور النص فتكشفت للمتلقي زوايا غامضة

النص جميل بمعانيه وأحاسيسه وقراءتك أخي العزيز زادته جمالا

وجعلته يحلق في فضاء نشم منه عطر الابداع ومسك التميز

عانقت النص روحا وقالبا فكنت عاشقا للجمال

مودتي وتحياتي

الوليد دويكات
11-13-2015, 11:35 AM
قراءة فاحصة بعين ثاقبة سبرت غور النص فتكشفت للمتلقي زوايا غامضة

النص جميل بمعانيه وأحاسيسه وقراءتك أخي العزيز زادته جمالا

وجعلته يحلق في فضاء نشم منه عطر الابداع ومسك التميز

عانقت النص روحا وقالبا فكنت عاشقا للجمال

مودتي وتحياتي

التقدير الموصول للقاريء القاريء الفطن ..لللأديب الشاعر المبدع د. أسعد
هذه الكلمات وهذا الحضور هو إثراء للجهد ..وهو تقدير للقصيدة والقراءة ...
لهذا المرور وهذا التحفيز يجعلنا نستمر في رفد هذا القسم بقراءات لنصوص
النبعيين ....

مودتي على الدوام

منية الحسين
11-13-2015, 12:00 PM
رب كلمات تغرس في تربة الروح حقل سنابل
تروي يباب الحروف زلالا فتهطل عليها مواسم الحصاد
شاعرنا القدير / الوليد دويكات
طوبى لشاعر لديه هذا الإحساس الرهيف بالمفردة
يتقن الغوص في المعنى .. يصقله بالبهاء ويأطره بالفكر الناضج
شاعر يدمن العطاء ..تتورد النصوص في حضرته وتثمر الغصون المتهدلة
الوليد الرائع
هذا الجهد الجهيد يجعلنا نلتصق بحروفنا أكثر .. نحبها أكثر
نقومها ونرتبها فهناك عيون تراقبها وتتلقفها بكل فتنة ومهارة لتسبرأغوارها
هل يكفيك شكر بملء الغيوم وبعطر الزهور ؟ لاأظن
امتناني وعرفاني بحجم السماء ياقدير

أرق تحياتي لكل من مر من هذا الروض الظليل

الوليد دويكات
11-13-2015, 12:06 PM
رب كلمات تغرس في تربة الروح حقل سنابل
تروي يباب الحروف زلالا فتهطل عليها مواسم الحصاد
شاعرنا القدير / الوليد دويكات
طوبى لشاعر لديه هذا الإحساس الرهيف بالمفردة
يتقن الغوص في المعنى .. يصقله بالبهاء ويأطره بالفكر الناضج
شاعر يدمن العطاء ..تتورد النصوص في حضرته وتثمر الغصون المتهدلة
الوليد الرائع
هذا الجهد الجهيد يجعلنا نلتصق بحروفنا أكثر .. نحبها أكثر
نقومها ونرتبها فهناك عيون تراقبها وتتلقفها بكل فتنة ومهارة لتسبرأغوارها
هل يكفيك شكر بملء الغيوم وبعطر الزهور ؟ لاأظن
امتناني وعرفاني بحجم السماء ياقدير

أرق تحياتي لكل من مر من هذا الروض الظليل

هنا أنت ...
هنا زرعت ورودا في حقول هذه القراءة !!
فاح الحضور يملأ المكان ...
شكرا للقصيدة التي استوقفتني
شكرا لقلمك ..
لروحك ..
لرحابة خيالك ..
لذائقتك ..
رقي حرفك وأناقة مشاعرك ...

شكرا لك ..لك ..لك ...

الوليد

الوليد دويكات
04-15-2016, 09:44 AM
أعيدها للواجهة

هديل الدليمي
04-16-2016, 10:38 AM
ما ألذ هطولك يا وليد
حين تصوغ من كل حرف ألف معنى
ومن كل معنى ألف دهشة
لتورق بأرواحنا جمالا وانبهار
رائع أنت.. ولا تفيك أغراض المدح
إعجابي الجم

ألبير ذبيان
05-16-2016, 10:07 AM
أندهش حقا لتعمقكم في ذاتية الشاعر قبل النص لاستقراء بواعث كتابته وغايات اندلاق قريحته أفياء البوح!
ما شاء الله تبارك الله...
قصيدة منية الشعر الفاخرة تستحق التوغل والتمحيص والتماهي مكنوناتها القيمة العالية
وأنتم يا أيها العندليب كنتم خير من أولاها درة التذوق باهتمامكم الكبير
سلمتما ولا عدمتكما الصفحات
خالص تقدير