المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الذهبُ واللُجين في يا قاريء العيْنين ( حنان الدليمي)


الوليد دويكات
04-15-2016, 09:39 AM
الذهبُ واللُجَين في يا قاريء العينين







مَدْخل :







للعيون ِلغة ، وهناك من يملكون القدرة على قراءة هذه اللغة ، وفهم ما تحويها من أبجدية خاصة ، وهناك من تفضحهم عيونهم ، فتُسرُّ بما تخفي ألسنتهم ...وهنا نجد العنوان الذي اختارته الشاعرة المبدعة حنان الدليمي ( قاريء العينين ) ، فالخطاب والحوار الموجه في هذه القصيدة الباذخة ، لشخص يعرف ويفهم لغة العيون ...



وحرف النداء يفيد النداء للقريب والبعيد ...ولكنّ العنوان يُوضّح أن هذا القاريء ليس مُنادى محدد ومعروف ، بل قامت الشاعرة بخطاب المجهول ، ليكون محور الفكرة التي أرادت من خلالها أن يكون كالجدار الذي يرتدّ منه صدى صوتها ، حتى تصل الفكرة المنشودة للمتلقي ...





المطلع :









يا قاريء العينين ِفي جحريهما



ماذا ترى؟ فالأمرُ ليسَ بعادي









هنا الشاعرة لم تشأ أن تستهل القصيدة في مقدمة ، تنسجُ منها توطئة قبل الدخول في موضوع القصيدة ، فهي تبدأ الفكرة من بداية الإستهلال ، وكأنّها تريد الإبتعاد عن التقديم لأهمية ما تريد إيصاله ...



الخطاب لذلك القاريء الذي يستطيع أن يقرأ ما في العيون في أعماقها ، والجُحر : هو الحفرة التي تأوي إليها الهوامُّ وصغار الحيوانات ، واختارت الشاعرة هذه المفردة ، ذلك أن هذا القاريء القادر على قراءة ما في أعماق العيون من لغة ، فهنا الخطاب لقاريء يُمكنهُ الغوص في العمق لا الإلتقاط لما يطفو على السطح ..فالأمر جلل ، والمُراد قراءته مهم جدا ...



ماذا ترى ؟



وهنا السؤال استنكاري ...سارعت الشاعرة في الإجابة على ما قد يراه أو رآه ..وقدمت هي الإجابة قبل أن يقدمها هو : الأمر ليس أمرا عاديا ...





هل لاحَ نخلٌ في انتفاضة رمشها



أوْ بانَ في تعبِ الفُرات ِسُهادي








والبيت الثاني استمرارية للتساؤل الوارد في البيت السالف : ماذا ترى ؟



هل رأيتَ نخلاً حين أعلن رمش العين إنتفاضته ، وهنا لجأت الشاعرة لتوظيف الإستعارة الجميلة ، ( انتفاضة رمشها ) ، والإستعارة في عجز البيت ( تعب الفرات )



وهنا نلاحظ أنّ الشاعرة رسمت المكان في القصيدة ، والدلالة في ذلك مفردات ( النخل ، الفرات ) ، فالمكان هو العراق ..هو موطن الشاعرة ..وقد شبّت نهر الفرات بالإنسان الذي يتعب وحذفت المشبه به وأبقت شيئا من لوازمه على سبيل الإستعارة المكنية .



وبين َ رمشها / سهادي ، الضمير يشير ل ( هي ) و ( أنا ) ، وهنا صور مركبة ، أيها القاريء لهذه العيون ( العراق ) هل ظهر النخل ( الشموخ ) حين قام الرمش بإعلان إنتفاضته ( الرمش : الذي يحرس العيون ) والرمش هنا إشارة للإنسان العراقي ..



أم قد ظهر وأنت تقرأ ما أصاب نهر الفرات ( رمزية الحياة ) وشاهدت سهري وطول ليلي ....






يا قارئي قلْ لي أمن رحميهما



تتــوالدُ الأشـــــواقُ كـالأولاد ِ








يا قارئي : هل تعني الشاعرة أن الخطاب مع القاريء الذي يقرأ العيون وهي تجلس مستمعة لقراءته ؟ أم أن هذا القاريء يقرأ عيون ( بطلة القصيدة والتي جاءت على لسان الشاعرة ) ؟



هنا نرى أن القاريء ، هو الذي يشاهد المشهد في المكان ( العراق ) ، وهنا اختزلت عبارة ( يا قاريء العينين قل لي ) ، وأكملت الصورة بتساؤل جميل وعميق فيه جمال البيان ، شبّهت العيون بالأنثى التي تلدُ ، ويخرج المولود من رحمها ، فهل تلد العيون من رحمٍ الشوق كما تلد الأنثى المولود من الرحم ..صورة بديعة أحسنت توظيفها في رسم الصورة .









والحُلمُ أينَ يكون هلاّ قلت َ لي



في لهفتي ؟ أم تحتَ فيء رُقادي








وهنا التساؤل يتواصل : تساؤلات استنكارية ، هل تتوالد الأشواق من رحم العيون كما يولد الأولاد من رحم النساء ؟ وهل الأحلام تتواجد في اللهفة أم تغفو في ظلالها ....؟








غيْثُ المآقي كيفَ جفّ مًعينه ُ



فوسادتي ظمأى كثغر بلادي









غيث المآقي : الدموع ..



مَعينها : العيون .



هل جفّت العيون ولم يعدْ بإمكانها البكاء ، ولم تعد تمارس الهطول ، إذا كانت جفّت ! كيف لها أن تسقي وسادتها التي تستقبل شكواها ودموعها عندما ترقد للنوم ...وهل أصاب هذه العيون جفاف الدمع كما هي بلاد الشاعرة تشكو من الظمأ !



أيّ وجع يستحوذ على نفسية الشاعرة !








والقلبُ من جمر اغترابي مُترعٌ



والنبضُ أصبح فيه محضُ رماد ِ








تشبه الشاعرة القلب بالكأس الذي امتلأ بجمر الغياب ، وتشبه الشاعرة النبض بالحطب الذي أصبح رمادا ً ...وهنا نلاحظ الصور البيانية الجميلة التي عمدت الشاعرة لجمال توظيفها في رسم الصورة الشعرية المدهشة .





الشاعرة حنان الدليمي ، هي بحق شاعرة مطبوعة ، إحساسها مدهش ، تملك القدرة على التعبير ، وهي شاعرة بالفطرة ، تُجيد رسم الصورة بألوان تشدّ القاريء ، تميل لبناء النص الشعري مستخدمة مفردات سهلة دون اللجوء إلى الوعورة في الألفاظ ..لا تحب استعراض اللغة ، ولا تميل للحشو أو الرصف في النظم ...فتجد الوحدة الموضوعية في القصيدة متجليّة ، والفكرة منسابة بسلاسة .



في هذه القصيدة اختارت موسيقى رائعة تلامس القلب ، وقافية جميلة تتهادى كرذاذ على نوافذ العابرين هذه الدوح الشعري الأخّاذ ...






حنان :







قصيدة قرأتها ...فوجدتني أقف في حضرة شاعرة ، لها أسلوبها ولغتها وطريقتها المتفردة في التعبير عن رقة أحاسيسها ، شاعرة لا تملك أن تقرأ قصيدتها إلا وجميع حواسك في حالة يقظة ...



أكتفي بنشر هذا الجزء من هذه القصيدة الماتعة ، لقاريء يبحث عن النفيس ، على أمل اللقاء مجددا في الجزء التالي من هذه المحاولة في قراءة قادمة بحول الله .





باقات ورد وجل تقديري







الوليد

نجلاء وسوف
04-15-2016, 08:21 PM
أغني اللغة وأتحفها مما تملك من هذه الذائقة الأدبية
النقدية وما البحر دون درره ..لاشك بأن القصيدة جميلة ولكن بدراسة وتحليل الوليد باتت أجمل .
وبالذات حين كان محور الكلام عن لغة العيون .التي تتطلب فراسة وذكاء من مبدع كأنت
قراءة مهمة وتحليل ذكي أغبطك عليه
شكرا للمبدعة حنان وقلمها الذي ألهم شاعرنا وأديبنا القدير على تحليله
تحياتي ومحبتي وتقديري

الوليد دويكات
04-15-2016, 08:41 PM
أغني اللغة وأتحفها مما تملك من هذه الذائقة الأدبية
النقدية وما البحر دون درره ..لاشك بأن القصيدة جميلة ولكن بدراسة وتحليل الوليد باتت أجمل .
وبالذات حين كان محور الكلام عن لغة العيون .التي تتطلب فراسة وذكاء من مبدع كأنت
قراءة مهمة وتحليل ذكي أغبطك عليه
شكرا للمبدعة حنان وقلمها الذي ألهم شاعرنا وأديبنا القدير على تحليله
تحياتي ومحبتي وتقديري

الرائعة المبدعة / نجلاء وسوف

أديبة كأنت ومبدعة رأيك يضيف للقراءة جمالا ويزيدها ألقاً
فأنت أديبة قلمها مدهش ويسعدني أنني تشرفت بقراءة نصوص لها منها ما تم نشره
ومنه ما ينتظر ..

شكرا لأنك هنا
فقصيدة حنان تستحق منا كل الود والإهتمام

هديل الدليمي
04-16-2016, 10:20 AM
الوليــــــــد
ما أجمل أن تولد القصيدة والشاعرة في عين القارئ وخياله على جناح دراسة مذهلة كهذه
إنها ولادة تدشن القصيدة والشاعرة معا في تحليل عذب وسلس وجميل
أبهرتني هذه الدقة وهذا التعمّق في نبش أرض المفردات لإخراج الدرر المخبوءة في إيحاءات القارئ
وأيّ قارئ
ولأنك تمتلك روحا تحلق في فضاءات الكون تبحث عن الجمال كانت روحك المحلقة هنا
تفتح لحروفنا نوافذ الألق لتمر الشمس منها وتشرق على روحه من جديد
الوليــــــــد
حين يمر بحرفنا المبدعون تتهلل أسارير الحرف لعلمه أن ثمة عين تقرأ مرت به
و حين تضيف إليه القراءة كل هذا الثراء تبتهج الروح
لعلمها أن ثمة من يمنح الحرف قدره و يزيد من فيضه
كلمات الشكر باهتة حين نهديها ردا على روعة ما تركت لنا
لذا ربما يكون التقدير الكبير فيه بعض إيفاء لقدر هذه الرؤية الراقية
الشاعر الملهم والمحلل اللامع الوليــــــــد
شكرا باتساع السماء
شكرا بحجم سعادتي بك

ألبير ذبيان
05-17-2016, 03:32 PM
جميل أيها البحر الزاخر بالغني النفيس الهائل الهائم كوامن النص وفحواه!
خاسر من لم يتذوق طعم هذه الدراسات الغنية المتوغلة!
سلمت أناملكم أيها الكنز الأدبي الثر
محبتي ومنتهى التقدير

الوليد دويكات
05-17-2016, 04:15 PM
الوليــــــــد
ما أجمل أن تولد القصيدة والشاعرة في عين القارئ وخياله على جناح دراسة مذهلة كهذه
إنها ولادة تدشن القصيدة والشاعرة معا في تحليل عذب وسلس وجميل
أبهرتني هذه الدقة وهذا التعمّق في نبش أرض المفردات لإخراج الدرر المخبوءة في إيحاءات القارئ
وأيّ قارئ
ولأنك تمتلك روحا تحلق في فضاءات الكون تبحث عن الجمال كانت روحك المحلقة هنا
تفتح لحروفنا نوافذ الألق لتمر الشمس منها وتشرق على روحه من جديد
الوليــــــــد
حين يمر بحرفنا المبدعون تتهلل أسارير الحرف لعلمه أن ثمة عين تقرأ مرت به
و حين تضيف إليه القراءة كل هذا الثراء تبتهج الروح
لعلمها أن ثمة من يمنح الحرف قدره و يزيد من فيضه
كلمات الشكر باهتة حين نهديها ردا على روعة ما تركت لنا
لذا ربما يكون التقدير الكبير فيه بعض إيفاء لقدر هذه الرؤية الراقية
الشاعر الملهم والمحلل اللامع الوليــــــــد
شكرا باتساع السماء
شكرا بحجم سعادتي بك





حنان ...

حين قرأتُك أول مرة ..عدتُ وقرأت ..وتوقفت وعدت ..لم أصدق أنني أقرأ لرائعة تعزف بالكلمات ..
فوجدتني أرصد قلمك ، ألهث خلف معانيك ، أستمتع في أسلوبيتك غير النمطية ..كان لا بدّ أن أقرأك بهدوء ..
أقرأك ِ بصمت ..قرأت الكثير من نصوصك ..وما زلت أحتفظ بالأدراج بتلك القراءات ..قلمك كأقلام رائعة ساطعة في منتدى نبع العواطف الشامخ بكم ..ولكن للأسف ...
لو نظرنا نظرة فاحصة لعدد روّاد المكان ..لا نجد من يُبدي اهتماما للجهد الذي نبذله في القراءة ..
وكنت أرجو من إدارة النبع الكريمة أن ترسل رابط كل قراءة للأعضاء حتى تزيد همّة القاريء والكاتب ..وتبعث في نفوس النبعيين الرغبة في الخروج من عباءة الثناء المكرر والعبارات الرتيبة عقب كل نص ...وهذا من وجهة نظري يعزز ثراء النبع والنبعيين ، ويعيد النبع لواجهة التميز ..
أعتذر لخروجي عن الموضوع ..ولكن كنت أود أن أقول لك ...قلمك باذخ ويغري بالقراءة ..

محبتي

الوليد

الوليد دويكات
05-17-2016, 04:18 PM
جميل أيها البحر الزاخر بالغني النفيس الهائل الهائم كوامن النص وفحواه!
خاسر من لم يتذوق طعم هذه الدراسات الغنية المتوغلة!
سلمت أناملكم أيها الكنز الأدبي الثر
محبتي ومنتهى التقدير



كروان النبع / ألبير

ها أنت بمرورك الأنيق أزلتَ الصدى عن نص هنا ، وجددت بمرورك واهتمامك وجمال رأيك
الحافز والرغبة أن نستمر في تسليط الضوء من خلال قراءات تستحق لنصوص جديرة بالقراءة ..

شكرا لك يا رائع:1 (23)::1 (23)::1 (23):

ألبير ذبيان
05-17-2016, 09:43 PM
كروان النبع / ألبير

ها أنت بمرورك الأنيق أزلتَ الصدى عن نص هنا ، وجددت بمرورك واهتمامك وجمال رأيك
الحافز والرغبة أن نستمر في تسليط الضوء من خلال قراءات تستحق لنصوص جديرة بالقراءة ..

شكرا لك يا رائع:1 (23)::1 (23)::1 (23):

*****************
**
*
مشكلة أمة العرب أيها العندليب.. أنها تريد أن تُسمع ولا تَسمع!
أن تُقرأ ولا تقرأ.. مع أنها من المفترض أن تكون أمة إقرأ!!
فاكتب أيها القدير المتوغل في أرواحنا
اكتب.. فإنَّا منصتون مستمعون بحول الله ..

لا تــأسفـنَّ إذا نــــاديــتَ مــــــا سمعــــت
*************صــــوتَ النِّــداءِ الأنـــاســيُّ انضــوت تيهــا

فكـــم علــــى سغبـــــةٍ نـــــامـتْ أنــاملنا
*************دونَ الصَّـــدى في مِحــــالٍ ضـــاعَ ساقيهـا

والســــوقُ إنْ فُرِّغــتْ من بائــعٍ كسدَ التـْ
*************ــتبيـــانُ فــازهد بهـــــا إن كنـــتَ بـاغيهـــا

واســــرح بقــــــافيةٍ صـحـــــراءَ مقفــــرةً
*************تســـلو بهــــا البيـــعَ والـــدنيــــا بمن فيهـا

فــالجــوعُ والفقــرُ والتجــوالُ فــي سغــبٍ
************والقيـــظُ والحــرُّ فــي الصحــراءِ يُـحييهــــا

لا فــاقــةَ الصَّمـــتِ اجتـــرَّت أنمُــلاً بُـريـتْ
************أوراقُهــا العصـــفُ والسِّجيـــلُ يَسفيهــــــا
...