المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفات تأملية مع نصوص "نفخة في ناي الحنين" للأديبة الشاعرة حنان الدليمي


ألبير ذبيان
08-27-2016, 07:32 PM
أدس النبض في ناي الحروف
النبض الذي جمع مؤنة الحب من خلاياي
ليقدمها لقلبك على صحن من قلق
كلما كتبت عن عينيك.. شلّت مفرداتي عجزا
واحترفت الهروب صمتا

لايملك الزائرُ حدائق الجمال الأدبي، بروعتها المعنوية، وسبكها اللفظي الماتع، إلا أن يحمل في جعبته منها نثاراً ما!
يكتنزهُ الشعورُ مثالاً تطيب به الذائقة، وتتراشقهُ الأعماقُ حلاوةً بيِّنةَ المذاقِ، حينَ تأملٍ واستغراقٍ تفكُّريٍّ هادئ..
وبما أنَّ أهل الحرف والأدب، تميَّزوا بسلطانهم التعبيريِّ الشاسع المضامين، دون غيرهم من أصحاب المواهب الأخرى،
إذ أنهم خَلقوا من الحرف أمداءً لا متناهيةً من البديع التصويري الفاتن، وعوالمَ قائمة بحد ذاتها!
حتى قيل عن صنعتهم: إن من البيان لسحرا!
تأكيداً على اختصاصهم الأرقى مطلقاً في كافة المجالات، بلغة كان القرآن العظيم وتدها الأثبت وساحها الأفسحَ رقيَّاً وتنوعا..
عدنا على حرفٍ متألق، لشاعرة موهوبةٍ مقتدرة، وانتقينا من نصوصها لوحاتٍ جميلةٍ -والكل جميل-
عرفاناً وتقديراً للصنعة الأدبية، واهتماماً منا نوليه أولئك النجوم الوامضة في سماوات الأدب.. نتشرف بهذا ونسعد بتذوقه.

فلو سألنا أديبتنا الحنان بدايةً؛ كيف وأنَّى تخامركم هذه القريحة المائزة، لتتحفونا بهذا البديع؟!
لجاءنا الجواب عبر نايها الشجي عزفاً بأناملها الوجدانية الأورف حروفاً نيرةً، تقول:


فوق أغصان الحديث
تحط فراشات تغازل لغتي
تحفر عميقاً في أرض الذاكرة
تستخرج جراراً مترعة بالعطش
فيطوقني عزف اللهفة للبوح
حينها فقط
أنبش صندوق الأبجدية.. لانتقاء أجود المعاني
وأفخرها

لن يشكَّ المتذوق لوهلة، أن صاحبة هذا البوح تغرف معانيها من الشعور غرفاً.. بسلاسة ونقاء مفرط!
في ابتعادها عن التصنع والتزيين اللفظي، وامتثالها لغة خواطرها الأعمق أحفورية في وجدانيتها المترعةِ بالأحاسيس..
وإن القارئ المتوغل في أدب الحنان عموماً، وفي ناي الحنين خصوصاً، يلمح عاطفتها الجيَّاشة، كأنها تندلق من أتونٍ
ملتهبٍ بالمشاعر..تأخذنا كاتبتنا عبره إلى آفاقٍ مليئة بالصور المعبرة بأسلوب خاص جدا ومتفرد..
نجدها فيه تلبس المعاني زيَّ الشخصنة!
-ليست الشخصنة البشرية حصراً، وإنما شخصنة التخصيص المعنوي ليصبح كل شيء في عرف الحنان كائنا بحد ذاته-
وتحفِّزها بطريقتها البارعة على الكلام والشعور والنطق والصمت!
حتى لكأننا نلمحها في كثير من الأحيان، تركن على زاوية مسرحيةٍ معنوية، وتخطُّ لمعانيها الأوفى دورباً في النص!
النصِّ الذي ماكان إلا إسقاطاً على واقع تحياه بمنتهى الاحتاك والتأثر..

كم أعشق وجعي المصاب بك
وأعشق حمّى اللهفة القابعة بين حنايا أضلعي
حين أبادلك الأشواق
تنهال مدائن البعد.. وأبنية الكآبة المنتحبة على أكتاف المسافات
ومئات الزنازين المجهولة في قفصي الصبري
بزلزال وجهك الموشوم على مرايا أحداقي

ففي هذا الرسم الفاتن بالكلمات، تعرض علينا أديبتنا الحنان، أسلوبها الفريد، في شخصنة المعاني كما قلنا،
تجعل فيه الحبيب تارة مرضا..والبعد مدناً قائمة بحد ذاتها، والمسافات أزلاماً تبكي عليها أزلام أخرى من الكآبة..
ويصبح قفصها الصدري حبساً واسع المجهولية.. لتعود على وجه الحبيب الزلزال!
وليس المزلزل كما يستخدم اللفظة جل الكتَّاب الأكارم!
وكلما تعمَّقنا أكثر... كلما انتابنا ذهول وخدر! وتساءلنا بانشداه أخَّاذ، حول ماهية المشاعر الفذة المهراقة، التي تسكن
أديبتنا، وتستفزُّ جوارحها ومَلكَاتِها لتأتنا بهذا الألق الذي يستحق التوقف عليه مليا..
لنلاحظ متدارسين متغلغلينَ إيقاعاتها الخاصة جداً على المعاني، لتنتجَ التراكيبُ بنسجها المتين رؤيتها المعبِّرة أيَّما تعبير..!
كيف تتقن الأديبة الشاعرة مزج الواقع والوقائع في قوالب نصية حرفية غاية في الرقي والتأثير!
وكيف تتسلحُّ باتساع مكنونها اللفظي وثقافتها اللدينة الغنية، لتبدو الجملُ لوحات حقيقية رسمت بريشة فنان ماهر!
تطاوعه ألوانه على أهبة المرادات، وتساوره ريشته بأرقى الخطوط رقصاً على الورق.. ولا ورق!
بل مساحات هائلة من المدلولات بأدق الملامح والتلميحات..

حين أتذكّرك.. يلوح في أفقي ضوء آخر
يشبه دهشة الموت
يشبه الخشوع الطافح من سجدة أمي
يشبه شهقة طفل.. بعد طول اختناق
يشبه نشوة الشمبانيا الأولى على طاولة القهر
يشبه لحظة ارتحال الروح في غفوة سرمدية
حزينة بلقائك
بعد آلاف السنين النبضية وبعد كل هذا العمر التائه عنك
حبنا العاجز.. بطولة لم يدونها تأريخ سابق
أيها الغجري الأنيق الذي يغمرني بنأيه
لا تمعن طويلا في الهروب.. فأنا ابنة نيوتن
وأنت سرّ الجاذبية

طبعا، تعمد أديبتنا إلى استخدام كل شيء يشعره ويمر به الإنسان في أدبها!
ربما صدمتنا للوهلة الأولى بانتقائياتها الغريبة نوعا ما، وهذا حقيقة سر الروعة والتمايز في لكنتها!
أعط الحنان فكرة ما عن موضوع يشغلك.. وستراها تشخصن الخيالَ بفنية عالية بمعانيه التي لا تحصر..
وتمدك بنص تقف عليه طويلا.. متأملاً حتماً.. مدهوشاً طبعا.. إلا أنك بعد وقوفك الطويل ذاك..
ستذهل لا محالة من أفكارها المحلقة أبداً في سماوات قد يجهل ماهيتها جل العابرين..


تنتابني جلطة عشقية
تتخثر أوجاعها في عروق القلب
أبكي علينا
فيبكي معي الليل الملتحف بسواد حظي
أيمّم الروح شطر الغياب وأمضي
ومن أقصى الفراق أناديك
يغمى على فرحي
وتموت الحكاية
*
واغتسلت بأمطار البأس العذبة
وتطهرت مليا
من شوائب التعذيل والتعزير والمهانة
وبفضلك أصبحت روحي رياضية
وفزت بمباراة كرة الثلج
وحصلت على بطولة كأس البرود
واكتشفت مدى قدرتي
على الرحيل


لن نعط الحنان قدرها والحفاوة المستحقة لأثرها اللامع في عالم الأدب، ولو أطلقنا لفظة العولمة المعنوية على أسلوبها
نحو إلباس كل شيء يمر في الخاطر زيَّاً يصلح للمناسبة الوجدانية التي أنتجت النص حبراً على الورق، ليتلقاهُ القارئ!
لاقتربنا -ربما- من الغاية التي اقترفنا بسببها متعة الغوص في حرفها العميق المؤثر!
ولخلُصنا لنتيجةٍ فحواها الجزم بإبداعها اللافت وامتلاكها الأدوات المثلى لصناعة نص أدبي فاخر بعيد عن التصنع
والابتذال ورصف الحروف، إلا مطبوعيَّتها وموهبتها الفذة التي نرصدها بعين التذوق للإمتاع،
وقفاً على قريحتها الغنية حقاً بكل جميل.

http://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=18082

هديل الدليمي
08-27-2016, 07:54 PM
يا إلهي.. تجمدت دهشة هنا
سأعود بعيد ارتدائي معطف الإدراك

شاكر السلمان
08-27-2016, 08:03 PM
وهذه القراءة صعقة كهربائية للقاريء كي ينتبه الى المحاسن التي غفلنا عنها
وأضيف لمتصفحك الراقي هذا الرابط
http://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=23106
بوركت اخي البير وهذه القراءة الرصينة وقد يستحقها حرف الحنان

منوبية كامل الغضباني
08-27-2016, 11:19 PM
وقفة متأنيّة تناولت شذرات من نصوص للمبدعة حنان الدليمي وأبرزت خصائص لغتها وأماطت اللّثام عن غزارة وكثافة المعاني الطّافحة بدلالاتها.
وقد جاءت المؤداات من النّاقد المتميّز ألبير ذبيان مُقنعة مضيئة لملامح ذات الكاتبة الزّاخرة بالأحاسيس المتمكّنة من معجمها اللّغوي المخصوص
فكتابة حنان فخّ لإستدراج القارئ لمتعة التّلقي ودهشتها وترمي به الى ظلال بها غموض جميل ينفلت من الرّمزي والأيحائي في بلاغة بها من الإغراء مايوقع .
فهنيئا لل(حنونة) بهذه القراءة المتمكّنة وشكرا لأستاذنا ألبير على هذا الجهد المتميّز الذي يفتح مغالق النّص ويلج عوالمه ويتقصّى مكامنه في اكتناه للجماله ...

ألبير ذبيان
08-28-2016, 08:45 AM
يا إلهي.. تجمدت دهشة هنا
سأعود بعيد ارتدائي معطف الإدراك


********************
**
*
إنما هي صفحتكم أختي القديرة الحنان
وأهلا بعودكم الطيب أيتها المبدعة

ألبير ذبيان
08-28-2016, 08:47 AM
وهذه القراءة صعقة كهربائية للقاريء كي ينتبه الى المحاسن التي غفلنا عنها
وأضيف لمتصفحك الراقي هذا الرابط
http://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=23106
بوركت اخي البير وهذه القراءة الرصينة وقد يستحقها حرف الحنان
***********************
**
*
بارك الله في عمركم أيها القدير وحفظكم من كل مكروه
إنما هو مجهود متواضع آمل أنه ارتقى في جنب أدب الأخت الأديبة حنان الدليمي واستحقاقاتها الإبداعية في ذائقتنا..
شكرا للإضافة القيمة الماتعة.
محبتي والاحترام

ألبير ذبيان
08-28-2016, 08:51 AM
وقفة متأنيّة تناولت شذرات من نصوص للمبدعة حنان الدليمي وأبرزت خصائص لغتها وأماطت اللّثام عن غزارة وكثافة المعاني الطّافحة بدلالاتها.
وقد جاءت المؤداات من النّاقد المتميّز ألبير ذبيان مُقنعة مضيئة لملامح ذات الكاتبة الزّاخرة بالأحاسيس المتمكّنة من معجمها اللّغوي المخصوص
فكتابة حنان فخّ لإستدراج القارئ لمتعة التّلقي ودهشتها وترمي به الى ظلال بها غموض جميل ينفلت من الرّمزي والأيحائي في بلاغة بها من الإغراء مايوقع .
فهنيئا لل(حنونة) بهذه القراءة المتمكّنة وشكرا لأستاذنا ألبير على هذا الجهد المتميّز الذي يفتح مغالق النّص ويلج عوالمه ويتقصّى مكامنه في اكتناه للجماله ...

**************************
**
*
هذه شهادة من نحريرة أعتز بها.. وتوجيه من أستاذة أقتفي يراعها
وما متواضعي في جنب استقرائكم النافذ للمضامين أيتها القديرة دعد؟!
للمبدعين علينا حق مبين.. لا بد من إحاطته بالعناية والإشارة والتمحيص.. والله الموفق
أشكركم أختي المتألقة مروركم القيم والأثير..
أبقاكم الله لكل خير.. وزين بتواجدكم الثر مجالس الأدب وصفحات الأدباء.
امتناني وخالص مودتي

هديل الدليمي
08-28-2016, 12:00 PM
القدير ألبير ذبيان
تأملاتك البعيدة والبديعة في متواضع نصوصي كانت مفاجأة سارّة لي
ولا شكّ أنها ستشكّل لي دافعا كبيرا للكتابة
كم عدت لنفسي هنا.. وسرحت في حروفي وكأني أقرؤها للتو
وكم شعرت بحظوة الكلمات لديكم وبجدوى الكتابة عموما
أيقنت هنا فقط.. أنها تصل وتلامس القلوب
هديتك غالية جدا على قلبي
شكرا لوقوفك عند متواضع حرفي.. وسبر أغواره وهذا إبداع بحد ذاته
وكم تعجر كلماتي عن الشكر كما ينبغي ويليق
شكرا بحجم روعتك

ألبير ذبيان
08-28-2016, 01:18 PM
القدير ألبير ذبيان
تأملاتك البعيدة والبديعة في متواضع نصوصي كانت مفاجأة سارّة لي
ولا شكّ أنها ستشكّل لي دافعا كبيرا للكتابة
كم عدت لنفسي هنا.. وسرحت في حروفي وكأني أقرؤها للتو
وكم شعرت بحظوة الكلمات لديكم وبجدوى الكتابة عموما
أيقنت هنا فقط.. أنها تصل وتلامس القلوب
هديتك غالية جدا على قلبي
شكرا لوقوفك عند متواضع حرفي.. وسبر أغواره وهذا إبداع بحد ذاته
وكم تعجر كلماتي عن الشكر كما ينبغي ويليق
شكرا بحجم روعتك



********************
**
*
سر الله قلبكم وطيب بكل الخير أوقاتكم أختي الحنان
إنما غاية اهتمامنا في حثكم لاستمرار عطائكم الثر الأديب والجدير بحق.. والأخوة الأدباء الأكارم إن شاء الله
آمل أني وفقت في قراءة بديعكم من وجهة نظري المتواضعة، وأني أحطتُ قدر الإمكان بمكامن لغتكم الغنية بكل جميل..
مع تقديري وخالص الاحترام

الوليد دويكات
10-13-2016, 11:18 PM
قراءة جميلة استطاع الأديب المبدع ألبير أن يقدم لنا قراءة واعية لنص جميل
يستحق القراءة والتأمل والتوقف والوقوف في محراب حرفها ...
جهد رائع يزيد هذا القسم جمالا ...
هذا القسم الذي أراه أحد أهم أقسام النبع
ونتطلع لإهتمام أعضاء النبع فيه من خلال المشاركة
والمتابعة وتقديم القراءة للنصوص كما تستحق ...

شكرا ل حنان الدليمي الذي استفز قلمها ونصّها البديع
ذائقة الشاعر الأريب والأديب الملهم ألبير لتقديم هذا العمل الراقي

مودتي

الوليد

ألبير ذبيان
10-18-2016, 03:11 PM
قراءة جميلة استطاع الأديب المبدع ألبير أن يقدم لنا قراءة واعية لنص جميل
يستحق القراءة والتأمل والتوقف والوقوف في محراب حرفها ...
جهد رائع يزيد هذا القسم جمالا ...
هذا القسم الذي أراه أحد أهم أقسام النبع
ونتطلع لإهتمام أعضاء النبع فيه من خلال المشاركة
والمتابعة وتقديم القراءة للنصوص كما تستحق ...

شكرا ل حنان الدليمي الذي استفز قلمها ونصّها البديع
ذائقة الشاعر الأريب والأديب الملهم ألبير لتقديم هذا العمل الراقي

مودتي

الوليد


*************************
**
*
شكرا لمروركم العاطر أيها القدير واهتمامكم بهذا القسم الذي له تأثيره الكبير والأثير لدينا
حفظكم المولى ورعاكم
ولكل ألق دمتم
محبتي