مشاهدة النسخة كاملة : الذاكرة البغدادية
قصي المحمود
01-19-2017, 11:29 PM
الذاكرة البغدادية
1
مرت قبل ايام الذكرى 96 لتاسيس الجيش العراقي البطل ..
تاريخ الجيش العراقي اقدم من تاريخ تاسيس الدولة العراقية
حيث تاسس في 6 كانون الثاني عام 1921.. عام 2003 بقرار من بريمر المندوب السامي للمحتل الامريكي تم حل هذا الجيش
تاسس هذا الجيش على يد ضباط اكفاء وشارك في معارك
فلسطين عام 48 و67و73 من القرن الماضي ..وبسبب عراقته
ومدرسته العسكرية الصارمة وتقاليده في الانضباط فقد كان مدرسة
راقية لتخريج ضباط اكفاء وكان من العرب نصيب كبير منهم ..تخرج من المدرسة العسكرية العراقية معمر القذافي وعبد الله السلال وعلي عبد الله صالح وملك البحرين الحالي وكثير من الضباط السودانيين والسعوديين والأردنيين ....
مشاركته عام 48
معركة جنين وبطلها القائد عمر علي
انيطت باللواء الذي يقوده عمر علي مهمة الدفاع عن المثلث العربي الفلسطيني المتكون من (جنين –نابلس-طولكرم)ففي عام 48
شن اليهود هحوما شرسا على مدينة جنين واحتلوها بعد قتال عنيف في شوارعها بعد حصارها وقطع الاتصال بينها وبين نابلس
وحاصر اليهود مركز سرايا الشرطة الفلسطينية الواقع على طريق حيفا حصارا محكما لوجود مقاومين ابطال مناضلين من البوليس الفلسطيني حيث قصفوه بمدافع الهاون بشراسة تدميرية
ودبت الفوضى في المدينة التي كانت بحكم الساقطة عسكريا في
ايد اليهود ,كان اللواء العراقي حينها بقيادة عمر علي يتحرك من نابلس الى غرب فلسطين الى طولكرم ومن ثم يتمركز في قلقيلة
وكفر قاسم شرقي مدينة تل ابيب وعند مفرق دير شرف التقط اللواء الركن عمر علي قائد اللواء استغاثة المحاصرين لاسلكيا
يطلبون النجدة ...
بدون الرجوع للقيادة العسكرية وبقرار شخصي لهذا البطل العراقي
حول اتجاه حركة اللواء الى جهة الشمال نحو جنين المحاصرة
فجنين اهم من طولكرم لانها اكبر بكثير وحينها كانت من الفلسطينية الكبيرة اضافة لموقعها الاستراتيجي وكثافتها السكانية
وقد اندفعت قوات اللواء الى جنين بسرعة قصوى واتخذ اللواء نقطة تمركز عسكرية في بئر جنزور في سهل قباطية ودخل اللواء
بقيادة البطل عمر علي المعركة والمواجهة المباشرة مع اليهود في
20-حزيران-1948 دون ان يجهز بخريطة تعبوية للمنطقة وليست لدية اي من المعلومة عن المدينة ونقاط تمركز اليهود وهذه مهمة للقطعات المهاجمة في العرف العسكري..ولكن هذا القائد العراقي مع ضباطه وجنوده وتعداهم كان 822 مقاتل فاستطاع دحر قوة اليهود المتكونة من عشرة الاف من الصهاينة بكامل عدتها وعدتها ودخل الجيش العراقي المدينة محررا بعد ان فقد ثلاثين شهيدا بعدها وصلت تعزيزات بقيادة النقيب خليل جاسم قائد القطاع الغربي وقرر اللواء عمر علي التوجه الى تل ابيب حيث مقر الحكومة الصهيونية ولكن...امرته القيادة السياسية العراقية بالتوقف
ومن المعروف ان مشاركة الجيش العراقي تم بضغط شعبي وعسكري من قبل الضباط الوطنيين ..وتم ارسال القطعات العسكرية الى فلسطين تحت هذا الضغط
عمر علي...بطل جنين
ولد في كركوك 1910 وهو من عائلة البيرق التركمانية الأصل
التحق بالكلية العسكرية عام 1928 بعد اكمال دراسته الثانوية
تخرج برتبة ملازم وتدرج بالرتب ووصل لرتبة لواء ..
تحية اجلال واحترام لشهداء الجيش العراقي الباسل ...
شاكر السلمان
01-20-2017, 01:49 AM
للجيش العراقي مآثر لاينساها التاريخ ولا يستطع مزوروه أن يزيلوه
تاريخ ناصع بالبياض وبطولاته يشهد بها العدو قبل الصديق
بوركت ابو عامر
منوبية كامل الغضباني
01-20-2017, 10:51 AM
القصي الشّقيق
عندما يستعرض تاريخ ذاكرته تجيئ الرّموز موحية بعظمة الأوطان وتاريخها...
هذا المارد الأبي كما يُقال عنه استحق كل توصيفات الفخر و الشرف من خلال ما قدم من تضحيات و دماء شهدائه و شجاعة و بطولة أفراده ( ضباط و مراتب ) ،
فإلى هذا الجيش الأبي وإلى شهدائه الصّناديد ألف رحمة وأزكي التّحايا فهو مفخرتنا جميعا نحن العرب.
قصي المحمود
01-20-2017, 11:44 AM
للجيش العراقي مآثر لاينساها التاريخ ولا يستطع مزوروه أن يزيلوه
تاريخ ناصع بالبياض وبطولاته يشهد بها العدو قبل الصديق
بوركت ابو عامر
وبوركت ابو صالح الغالي
قصي المحمود
01-20-2017, 11:46 AM
القصي الشّقيق
عندما يستعرض تاريخ ذاكرته تجيئ الرّموز موحية بعظمة الأوطان وتاريخها...
هذا المارد الأبي كما يُقال عنه استحق كل توصيفات الفخر و الشرف من خلال ما قدم من تضحيات و دماء شهدائه و شجاعة و بطولة أفراده ( ضباط و مراتب ) ،
فإلى هذا الجيش الأبي وإلى شهدائه الصّناديد ألف رحمة وأزكي التّحايا فهو مفخرتنا جميعا نحن العرب.
الشقيقة الحبيبة دعد...
نعم ...كان وما زال مفخرة العرب ...جزيل شكري اليك مع امنياتي بالصحة الدائمة
قصي المحمود
01-20-2017, 11:48 AM
الذاكرة البغدادية
2
الأمير الوصي عبد الإله في صورة عراقية قلمية !
د. سيّار الجَميل مقدمة :
مهما اختلف الناس في الحكم على بعض الأوضاع ، ومهما تجنّت الأغلبية أم الأقلية على زعيم أو زعماء مرحلة ، ومهما غالى الساسة والمؤرخون في تقييم أي تاريخ ، ومهما كثر القيل والقال في الضد ، فان الحقائق هي التي تفرض نفسها في نهاية المطاف ، ذلك أن الإنسان قد يخطئ ويصيب .. لقد كانت الصفحة التاريخية للأمير عبد الإله الوصي على عرش العراق 1939-1952 ولما تزل ، متشحة بالسواد الداكن والكراهية عند الغالبية العظمى من الناس . ومن عادات أولئك الناس انهم إن سمعوا شيئا صدقوه وان تربوا على أمر أشاعوه ، وان ظنوا سوءا فيا ضياع الحقيقة وبئس الظنون . نعم ، بقيت صورة الامير عبد الإله بن الملك علي في المخيلة العراقية والعربية منذ الاربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين ، صورة مستلبة في غاية البشاعة ولا تفترق في حياتها عن مماتها .. وكانت النهاية التي انتظرت عبد الإله في شوارع بغداد مأساوية وتراجيدية مؤلمة بكل المقاييس والاعتبارات والمعاني عندما سقطت الملكية في العراق فجر يوم 14 تموز / يوليو 1958. وها قد مضت عقود من السنين عليها ، كي نسمع أصوات الذاكرة التاريخية من هنا أو هناك تنصف هذا الرجل الأمير الذي كان يمتلك حدسا واضحا في قراءة نهايته البشعة التي كان يتوقعها على ايدي العراقيين ، إذ كان قد صرح لاكثر من مرة : " نحن نقتل .. لا أريد ذرية .. نحن نقتل .. ولكن الهاشميون سيبقون .. " .
الصورة القلمية : ذكريات مختزلة
لقد سمعت بالصورة القلمية التي نشرها الأستاذ عطا عبد الوهاب مؤخرا عن الأمير عبد الإله ، فرغبت في قراءتها ، وكنت أتمنى على الرجل منذ عهد بعيد أن ينشر مذكراته لما ألفناه فيه وما كنت قد سمعت عنه من والدي ـ رحمه الله ـ باعتبارهما من رجال القانون في العراق إبان عهد مضى وانقضى .. وأنا لم التق به ولم أتعرف عليه . نعم ، سمعت عنه كل خير من الاستقامة والنزاهة وصدق القول وافق التفكير المتمدن الواسع ، وكان قريبا جدا من الأمير عبد الإله ابان الخمسينيات بحكم وظيفته في الديوان الملكي بالعراق .. قرأت كتيبه الصغير الذي عنونه بـ " الأمير عبد الإله : صورة قلمية " والذي نشرته المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت وعمّان 2001 ) فاعجبني فيه ما عرضه من حقائق عن رجل حكم العراق لسنوات طوال وقد اظهر باختصار ما له وما عليه ، ولعمري أنها مهمة شاقة في كتابة المذكرات السياسية ، علما بأن الرجالات العراقيين من كبار الساسة والمثقفين قد تميزوا بالحجم الوفير من كتابة تلك المذكرات التي تعكس من دون شك ثقل الأحداث التاريخية وقوة أولئك الرجال المحدثين الذين أنجبهم العراق في القرن العشرين بشكل كبير مقارنة بغيرهم من الرجالات .
لقد كتب العدد الكبير من الساسة والمثقفين العراقيين في مذكراتهم وكتبهم عن الأمير عبد الإله ، واختلفوا في شأنه وتقييمه اختلافا كبيرا ، وإذا كان رجال العهد الملكي القديم من اليمينيين والاصلاحيين والليبراليين قد كتبوا عنه من منطلقات عاطفية إلى حد كبير ، وإذا كان معارضوه من الجمهوريين الراديكاليين والاشتراكيين قد سوّدوا صفحاته ، إذ كانت ولم تزل صورته قاتمة في الأذهان .. فان البعض من المثقفين والمختصين العراقيين بدأ ينصفه ويعلن بكل شجاعة عن معلومات وأفكار وانطباعات كانت غائبة أو محتجبة عن الملأ .. لقد تذكرت وأنا اقرأ الصورة القلمية ما كتبه عن عبد الإله العديد من الساسة والكتاب بدءا بـ خليل كنه وعلي جودت وتوفيق السويدي وطه الهاشمي وفاضل الجمالي وكامل الجادرجي وغيرهم وصولا إلى فالح حنظل وعبد الهادي الخماسي وعطا عبد الوهاب .. لكن أول من جعلني أفكر بإعادة قراءة تاريخ عبد الإله هو شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري عندما وجدته ينصفه في مذكراته للتاريخ والحقيقة .
يتساءل المرء وخصوصا أبناء الجيل الجديد الذين يتعطشون اليوم لقراءة تاريخهم القريب : هل كان الامير عبد الإله يستحق فعلا تلك النهاية المأساوية في صباح الرابع عشر من تموز / يوليو 1958 عندما قتل شر قتلة وسحلت جثته في شوارع بغداد الملتهبة ومثّل بها وشنع بأوصالها وعلقت في اكثر من مكان بعد أن نالتها السكاكين وقطعتها إربا إربا ؟ وهل يستحق ذلك الإنسان أن تقطع أعضاؤه وترسل إبهامه لتعرض على الرئيس جمال عبد الناصر فيشمئز الرجل من منظرها ؟ إن الصورة العراقية القلمية ومن قبلها مذكرات واستشهادات أخرى تكشف عن هوية زعيم من نوع خاص ، وتكشف أيضا عن طبيعة إنسان لم يكن أبدا بالحجم الذي صور من البشاعة والخيانة والإسفاف ! ويجمع المنصفون انه كان حاكما دستوريا يحب بلاده وليس دكتاتورا انفراديا مازوشيا يقدّس ذاته !
الملك فيصل الثاني وخاله الأمير عبد الإله :
كان عبد الإله إنسانا كئيبا منذ نعومة أظفاره وكان يحب العزلة والانفراد والانطواء .. وبدا انه يحب ابن أخته الملك الطفل حبا جما وتولّى تربيته كأب حنون ليؤهله للملك بعد ان تيتم فيصل وهو ابن اربع سنين.. معنى ذلك : ان عبد الاله لم يكن طامعا البتة في العرش وكان زاهدا في حكم العراق اثناء وصايته التي استمرت قرابة 13 سنة ، إذ كان يفتخر بفيصل الثاني كابن له يسعى لتزويجه بعد أن ينتقل إلى قصره الجديد ، ويأتيه ولي للعهد بعد ثلاث سنوات على الاكثر وهي خطة رسمها عبد الإله كي يغادر بعدها السلطة ( ص 64) .. يقول الأستاذ عبد الوهاب بعد أن راقب تصرفاته من بعيد ، واحصى عليه حركاته وسكناته : " كان الرجل قوي الملاحظة ، كثير السؤال ، محبا للنقاش ، فلم تكن ترضيه أجوبة المحيطين به من الكبار .. " ( ص 27) ويتابع وصفه في مكان آخر قائلا : " الأمير رجل عجمت عوده الأحداث ، ذكي ذكاء البداوة الخارق وقد صقلته مدنية الحياة العصرية ، محب للخدمة ، مرهف الحواس ، خبير بأوزان الناس ، مشجع للرأي المخالف النزيه وقد يأخذ به إذا اقتنع ، ويحس انه أدى الأمانة على احسن وجه وانه يشرف على نهاية الشوط .. وقد لمست فيه ان اشد ما يحز في قلبه ما يذكّره بالنكران لخدماته العامة وما يبلغه من إشاعات كاذبة تلوكها الألسن عنه .. " ( ص 68) كان يذكر دوما أيام طفولته بالحجاز ويؤمن بالقدر خيره وشره ، وكان حساسا تترقرق الدموع في عينيه كلما ذكر أخته الملكة عالية التي توفيت هي الاخرى في شبابها وتركت ابنها فيصل امانة بيد اخيها .
أما ابن أخته الملك فيصل الثاني فيكتب عنه صاحب المذكرات قائلا : " لم يكن الاختبار صعبا بالنسبة للملك ، فقد كشفته شابا متعلما ، ذكيا ، دمثا ، بسيطا ، سريع البديهة ، متفتح الذهن ، وممتلئا بآمال الخدمة العامة دون جعجعة ، مع هوايات متعددة كالرياضة بأنواعها والمطالعة في فروع معينة وغيرهما. انه باختصار فتى يدخل القلب رأسا ، وقد عجبت من نفسي كيف أن حقيقته البيّنة للعيان تخالف تماما ما تلوكه الإشاعات عنه فترميه بالغباء وانعدام الشخصية والعجز .. " ( ص 27) . وفي مكان آخر نسمع وصفا إضافيا عن الملك : " فتى مهذب ، مثقف ، واسع الاطلاع ، حاد الذكاء ، سريع النكتة ، عف اللسان ، ملم بشؤون البلاد ولا سيما في حقل الاعمار ، رقيق الحاشية ، مفتوح الذهن ، ويرحب بالمناقشة دون ان يشعر أحدا بكبر أو تجّبر أو سطوة أو تعال ، ويفرض احترامه على الجميع ببساطة وتواضع وبدون قصد او جهد . كان يبدو لي على امثل ما يمكن أن يكون عليه الملك الدستوري في العصر الحديث .. " ( ص 68) . أما عائلته ، فكانت بسيطة في حياتها ، أم عبد الإله الملكة نفيسة مكللة بالسواد دائما وتسبح بذكر الله . وأخته الأميرة عابدية مكللة أيضا بالسواد دائما ولا تعرف من شؤون الدنيا إلا العناية براحة الملك وراحة الآخرين كربة بيت مثالية رفيعة الخلق وبسيطة ومتواضعة .. ( ص 67). وقد قتل الجميع شر قتلة عند أعتاب قصر الرحاب صبيحة الرابع عشر من تموز / يوليو 1958 ، وهم يستنجدون ولم تنفع صرخات الملكة العجوز نفيسة وهي ترفع القرآن الكريم على رأس الملك !
مواقف وانطباعات عن الأمير عبد الإله :
ستبقى الأجيال القادمة في المستقبل تبحث عن بدائل مخفية لقناعات ترسخت في الأذهان على امتداد القرن العشرين عن رجال وساسة ربما شوهت سمعتهم ونيل من سلوكهم وتفكيرهم لأسباب سياسية لا تمت للحقيقة التاريخية بطرف .. وأعرض في أدناه ثمان من الانطباعات والمعلومات التي اقسم صاحب المذكرات الاستاذ عطا عبد الوهاب وأشهد الله بأنها صحيحة ( ص 114) عن أناس ـ من الحاكمين ـ لم يجد فيهم إلا طيب الشمائل ( ص 110):
1/ يجيب عبد الإله بعد أن سمع من يصفه أمامه بأنه " لئيم " : لو كنت لئيما ما وافقت على إعادة جماعة الكيلاني المشتركين في حوادث 1941 إلى الوزارة أمثال علي محمود الشيخ علي ومحمد علي محمود ومحمد حسن سلمان وموسى الشابندر. ( ص 28-29) وينفي الأستاذ عطا في صورته القلمية أية علاقة للأمير بمصرع الملك غازي عام 1939 بناء على استبطانه جملة من الخفايا التاريخية في حياة الرجل ( ص 86-87).
2/ يقول عبد الإله بعد أن أصغى للسويدي الذي تكلم عن كتاب ينصف هارون الرشيد : " الظاهر أن التاريخ ملئ بالتحريف ، ويا حبذا لو يصدر أيضا كتاب ينصف السلطان عبد الحميد ، فهو أيضا مظلوم .. " ( ص 42 ) . وهنا يبدو لنا نحن معشر المؤرخين إن عبد الإله قد سبق غيره في الدعوة لإنصاف السلطان عبد الحميد الثاني !
3/ سئل عبد الإله : من من رؤساء الديوان الملكي السابقين كان الأفضل ؟ فقال بلا تردد : رستم حيدر في عهد الملك فيصل الأول ورشيد عالي الكيلاني في بداية وصايتي . ثم أضاف : وأنا أقول هذا عن رشيد وبيني وبينه خلاف تاريخي .. " ( ص 58).
4/ كان عبد الإله يقول " انه ربى جلالة الملك لمدة أربع عشرة سنة تربية حسنة إلى أن تولى العرش ، وانه يساعده في تحمل مسؤولياته إلى أن يتم له الإلمام بجميع الأمور وبشكل واسع " ، وانه ينوي أن يتقاعد ويغادر العراق . ولم يكن متحمسا لأي من الاقتراحات المعروضة ( ومنها : سفير العراق في واشنطن ، رئيس منظمة للشباب يتولى إنشاءها ، مفتش للجيش كونه يحب الجيش ويعتز بأبرز رجاله ، وقد ساهم في بنائه وتطويره وتسليحه واعلاء شأنه .. ) ( ص 61).
5/ مغادرة عبد الإله حفل عشاء في قصر مضيفه في هونغ كونغ ومغادرته للقصر مع كامل أعضاء وفده ونومهم في فندق من الدرجة الثالثة في ثلاث غرف قميئة بسبب دعوة بعض اليهود إلى ذلك الحفل .. " ووجدت الأمير يحتقن وجهه وتلتمع في عينيه الدموع ، كأنه رمز منحوت لحزن خرافي ينبض بالتمرد . وقبل أن أسأله قال : تصور ، أنا حفيد الحسين ، يأخذونني إلى هناك ولا يقولون لي إن اليهود من بين الحاضرين " ( ص 78).
6/ يصوم عبد الإله شهر رمضان ، ويبدو انه يختار له ولاسرته مكانا غير بغداد كالحبانية شتاء وسرسنك صيفا .. يصوم عن إيمان بالله ، فيقوم الليل ، ويختم القرآن مرتين يهدي الختمة الأولى لوالده الملك علي والثانية لروح شقيقته الملكة عاليه .. ويستطرد صاحب المذكرات قائلا : " وتذكرت ما كنا نعتقده في شبابنا عندما كنا نسمع أن الوصي غادر إلى سرسنك ليصوم رمضان ، فنرميه بكل ما حرم الله من إشاعات مغرضة كانت تروج في المقاهي رواجا عجيبا " ( ص 82).
7/ كان عبد الإله يسوق سيارته المكشوفة في بغداد وبصحبته صاحب المذكرات من دون أي حرس ومروا بشارع الصالحية ، فمرت سيارة أجرة بجانبهم تحمل عددا من النسوة بعباءاتهن فعرفن الأمير فأخذن يزغردن في الأعالي والسيارة تتمهل .. فالتفت الأمير اليّ وقال : من اصّدق ؟ اصدقهن أم اصدّق راديو صوت العرب ؟! " ( ص 90 ). وكانت اذاعة صوت العرب من القاهرة تشن حربا دعائية هائجة ضد عبد الاله ونظام الحكم الملكي في العراق وقت ذاك !
8/كان عبد الإله يصرح مرارا : " إذا كانوا ( العراقيون ) لا يريدوننا هنا فنحن نذهب كما جئنا . نذهب بأنفسنا . لا نحمل شيئا كما جئنا . وقد منّ الله علينا هنا بالملك وسعة العيش . وخدمنا البلد حسب اجتهادنا وطاقتنا . إذا كانوا لا يريدوننا نذهب . وأنا أستطيع أن اعمل ولو كحمال لكي أعيش بكرامة " . ويشير بيده إلى أعلى الجدار حيث خطت الآية الكريمة : " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .. " ( ص 96).
وأخيرا ، فهذه كلمة للتاريخ عن سيرة زعيم حكم العراق واسمه الأمير عبد الإله .. أضعها أمام الناس من اجل مقاربة حقائق التاريخ والكشف عن المزيد من معلوماته التي خفيت عن أعينهم زمنا طويلا ، واعتقد أن خطأ ارتكبه رجال ذلك العهد ذلك انهم لم يؤسسوا لهم أجهزة دعاية كافية تلهج بذكرهم ليل نهار !! كما وكان على عبد الإله أن يترك ابن اخته الملك يعتمد على أبناء الجيل الجديد في الممارسات السياسية .. اما علاقاته بالغرب ، فلم تكن اكبر من علاقات غيره من الحكام العرب في القرن العشرين كما توضح جليا اليوم لكل ذي عينين .. ولم يتوقف امر تحرير فلسطين عليه ، اذ لم يحررها غيره من الزعماء العرب الذين ناصبوه العداء!! وخلاصة القول ، ان مقالة او صورة قلمية واحدة ستنفع كثيرا لا محالة .. عسى تجد المعلومات التاريخية المنصفة في أجيال اليوم من يقرأها ليقارنها بما هو مسجل ومدون من آراء وأفكار ومعلومات مخالفة في ذاكرتهم فيكونوا من المنصفين وليحكم التاريخ بعد ذلك حكمه على الناس .
نشرت في ملحق ألف ياء ، الزمان اللندنية ، العدد 1179، في 8 ابريل / نيسان 2002
قيس النزال
01-20-2017, 05:20 PM
ثم دانت بغداد الحبيبه لحكم صفوي فارسي حاقد على كل ماهو عربي...
قصي المحمود
01-23-2017, 07:00 PM
ثم دانت بغداد الحبيبه لحكم صفوي فارسي حاقد على كل ماهو عربي...
العراق هو العراق ولن يكون غير العراق
قبل هذا التاريخ احتل الاتراك والفرس والمغول العراق
ولم يتترك ويتفرس ويتمغول ...!
تحياتي وتقديري
صلاح الدين سلطان
01-31-2017, 12:53 AM
اخي الكريم وصديقي النبيل قصي الطيب.
سلام الله عليكم يا ابن العرب.
يعني انت متخليني ارتاح !!!!! تاتيني بمواضيع وتجبرني ان اكتب عنها: وانا طامس باشغال اضطرتني ان ابتعد عنكم لوقت محدود ، غير انك بهذا الموضوع ستضطرني: ان اضرب عشرة عصافير بحجارة واحدة !!!!!
الموضوع الذي تفضلت به حقيقة لا تقبل المغالطة !! بس مو تكتبه ابوكت ما اكدر احك راسي !!!!!!!
فلا تلمني ان وجدت تعليقي القادم حول الموضوع سياتيك متأخرا.
موضوع في درجة من الاهمية يا عراقي اصيل وعربي وفي.
اخوك ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
قصي المحمود
02-02-2017, 09:16 PM
اخي الكريم وصديقي النبيل قصي الطيب.
سلام الله عليكم يا ابن العرب.
يعني انت متخليني ارتاح !!!!! تاتيني بمواضيع وتجبرني ان اكتب عنها: وانا طامس باشغال اضطرتني ان ابتعد عنكم لوقت محدود ، غير انك بهذا الموضوع ستضطرني: ان اضرب عشرة عصافير بحجارة واحدة !!!!!
الموضوع الذي تفضلت به حقيقة لا تقبل المغالطة !! بس مو تكتبه ابوكت ما اكدر احك راسي !!!!!!!
فلا تلمني ان وجدت تعليقي القادم حول الموضوع سياتيك متأخرا.
موضوع في درجة من الاهمية يا عراقي اصيل وعربي وفي.
اخوك ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
الغالي الاخ الصديق البار الوفي النقي ..صلاح الدين
يسعدني اني استفزتك هنا ..فلا يأتي منك إلا الشهد
كن بخير دائما
بسمة عبدالله
02-04-2017, 04:03 AM
الأخ الفاضل قصي
حقيقة لا ينكرها أحد دور الجيش العراقي في حرب فلسطين
ولولا ما حصل حينها من تراجع قيادات الجيش العربي حينها
لكان هناك شأن آخر
وحتى بعد انتهاء الحرب وضياع فلسطين فقد ساهم الجيش العراقي
في تخفيف مصيبة بعض المهاجرين المطرودين من بلادهم ، وأخذهم
إلى العراق ، والإحسان آليهم .
سيبقى العراق هو العراق ، وتنتهي أزماته ، ويعود لمجده إن شاءالله
بوركت أخي الطيب قصي على مجهودك
تقديري
قصي المحمود
02-08-2017, 08:38 PM
الأخ الفاضل قصي
حقيقة لا ينكرها أحد دور الجيش العراقي في حرب فلسطين
ولولا ما حصل حينها من تراجع قيادات الجيش العربي حينها
لكان هناك شأن آخر
وحتى بعد انتهاء الحرب وضياع فلسطين فقد ساهم الجيش العراقي
في تخفيف مصيبة بعض المهاجرين المطرودين من بلادهم ، وأخذهم
إلى العراق ، والإحسان آليهم .
سيبقى العراق هو العراق ، وتنتهي أزماته ، ويعود لمجده إن شاءالله
بوركت أخي الطيب قصي على مجهودك
تقديري
تقديري للأخت بسمة لمرورها الحاتمي
مع فائق تقديري وإمتناني
ليلى أمين
02-08-2017, 09:03 PM
مذ وعينا ونحن نعرف العراق بلد العلم والحضارة بلد الشهامة والاصالة
ولن تتغير نظرتنا لان العراق ستظل العراق التي عرفناها بفضل ابنائها الصناديد
بوركت وبوركت الذاكرة
قصي المحمود
02-10-2017, 10:30 PM
مذ وعينا ونحن نعرف العراق بلد العلم والحضارة بلد الشهامة والاصالة
ولن تتغير نظرتنا لان العراق ستظل العراق التي عرفناها بفضل ابنائها الصناديد
بوركت وبوركت الذاكرة
وهذا ما يسعدنا اختنا الفاضلة الأمينة ليلى الصديقة الغالية
كل التقدير والمودة والإحترام لشخصكم الكريم
سرالختم ميرغني
02-10-2017, 11:23 PM
[QUOTE=قصي المحمود;416047] الذاكرة البغدادية
1
مرت قبل ايام الذكرى 96 لتاسيس الجيش العراقي البطل ..
تاريخ الجيش العراقي اقدم من تاريخ تاسيس الدولة العراقية
حيث تاسس في 6 كانون الثاني عام 1921.. عام 2003 بقرار من بريمر المندوب السامي للمحتل الامريكي تم حل هذا الجيش
تاسس هذا الجيش على يد ضباط اكفاء وشارك في معارك
فلسطين عام 48 و67و73 من القرن الماضي ..وبسبب عراقته
ومدرسته العسكرية الصارمة وتقاليده في الانضباط فقد كان مدرسة
راقية لتخريج ضباط اكفاء وكان من العرب نصيب كبير منهم ..تخرج من المدرسة العسكرية العراقية معمر القذافي وعبد الله السلال وعلي عبد الله صالح وملك البحرين الحالي وكثير من الضباط السودانيين والسعوديين والأردنيين ....
مشاركته عام 48
معركة جنين وبطلها القائد عمر علي
انيطت باللواء الذي يقوده عمر علي مهمة الدفاع عن المثلث العربي الفلسطيني المتكون من (جنين –نابلس-طولكرم)ففي عام 48
شن اليهود هحوما شرسا على مدينة جنين واحتلوها بعد قتال عنيف في شوارعها بعد حصارها وقطع الاتصال بينها وبين نابلس
وحاصر اليهود مركز سرايا الشرطة الفلسطينية الواقع على طريق حيفا حصارا محكما لوجود مقاومين ابطال مناضلين من البوليس الفلسطيني حيث قصفوه بمدافع الهاون بشراسة تدميرية
**********************************
وصفك يا أ. قصى يجعلنى أحس بأن إسرائيل هي أعدى أعدائنا جميعا . مهما كانت الخلافات بين المسلمين فإن العدو الحاقد والمتربص أبدا للمسلمين منذ زمن الرسول والذى لا يهادن ولا يؤمن له جانب هم اليهود . وقد عرفهم الرسول منذ أربعة عشر قرنا وأخرجهم من الجزيرة العربية ومنذ ذلك الزمن لم يغمض لهم جفن !
قصي المحمود
02-11-2017, 11:49 AM
[QUOTE=قصي المحمود;416047] الذاكرة البغدادية
1
مرت قبل ايام الذكرى 96 لتاسيس الجيش العراقي البطل ..
تاريخ الجيش العراقي اقدم من تاريخ تاسيس الدولة العراقية
حيث تاسس في 6 كانون الثاني عام 1921.. عام 2003 بقرار من بريمر المندوب السامي للمحتل الامريكي تم حل هذا الجيش
تاسس هذا الجيش على يد ضباط اكفاء وشارك في معارك
فلسطين عام 48 و67و73 من القرن الماضي ..وبسبب عراقته
ومدرسته العسكرية الصارمة وتقاليده في الانضباط فقد كان مدرسة
راقية لتخريج ضباط اكفاء وكان من العرب نصيب كبير منهم ..تخرج من المدرسة العسكرية العراقية معمر القذافي وعبد الله السلال وعلي عبد الله صالح وملك البحرين الحالي وكثير من الضباط السودانيين والسعوديين والأردنيين ....
مشاركته عام 48
معركة جنين وبطلها القائد عمر علي
انيطت باللواء الذي يقوده عمر علي مهمة الدفاع عن المثلث العربي الفلسطيني المتكون من (جنين –نابلس-طولكرم)ففي عام 48
شن اليهود هحوما شرسا على مدينة جنين واحتلوها بعد قتال عنيف في شوارعها بعد حصارها وقطع الاتصال بينها وبين نابلس
وحاصر اليهود مركز سرايا الشرطة الفلسطينية الواقع على طريق حيفا حصارا محكما لوجود مقاومين ابطال مناضلين من البوليس الفلسطيني حيث قصفوه بمدافع الهاون بشراسة تدميرية
**********************************
وصفك يا أ. قصى يجعلنى أحس بأن إسرائيل هي أعدى أعدائنا جميعا . مهما كانت الخلافات بين المسلمين فإن العدو الحاقد والمتربص أبدا للمسلمين منذ زمن الرسول والذى لا يهادن ولا يؤمن له جانب هم اليهود . وقد عرفهم الرسول منذ أربعة عشر قرنا وأخرجهم من الجزيرة العربية ومنذ ذلك الزمن لم يغمض لهم جفن !
الصديق سر الختم المحترم ..
ربما التعميم احيانا يكون مظلما ...ولكن مسيرة التاريخ تظهر معدن وثقافة الشعوب
إن كانت نرجسية عدائية إستعلائية ...او إنسانية وإن تخللتها هفوات ..
لقد كان اليهود ومنذ ظهور الإسلام ..وعلى يد العرب ..وبتحالف مريب ! تحت الطاولة
مع احصنة طروادة على محاربة العرب والمسلمين
سرني مرورك هنا مع اجمل تحياتي
قصي المحمود
02-11-2017, 12:06 PM
قراءة التأريخ بصورة منصفة لا تعني إنحيازا سياسيا بقدر ما هي انصافا للشهداء
والعراق قدم للعرب من الشهداء ما ينبغي انصافهم وجعل الذاكرة حية اجلالا للدماء
الزكية ...رحم الله شهداء جيش العراق امس واليوم ....
من هنا نوثق ..وننعش الذاكرة
نقش هذا الجيش العراقي البطل اسمه بحروف من ذهب فى اخر الحروب العربية الاسرائيلية حرب اكتوبر والتى شارك فيها العراق بالقوات التالية:
الجبهة السورية:
ثلاثة أسراب ميج 21
سرب ميج 17
فرقة مدرعة
فرقة مشاة
وتجاوز عدد افراد هذه القوات الستون الف مقاتل
الجبهة المصرية:
شارك العراق بسرب هوكر هنتر
على طريق الحرب
ما أن اتخذ العراق قراره بالمشاركة في الحرب حتى اتصل الرئيس احمد حسن
البكر بالرئيسين أنور السادات وحافظ الأسد هاتفيا واعلمهما أن العراق قرر
إشراك جزء من طيرانه في المعركة إلى جانب سورية وان القوات الجوية العراقية
مستعدة لتلبية كل طلبات جـــــــناح ال( هوكر هنتر ) الموجود في مصر منذ
السادس من نيسان 1973 ، فأعرب الرئيسان المصري والسوري عن ارتياحهما
وشكرهما (20) وصدرت الأوامر إلى قيادة القوة الجوية والدفاع الجوي العراقية
بالعمل الفوري على تنفيذ أوامر القيــادة العراقية وبدأت آلة القوة الجـوية
بالدوران ..
في ليلة 6-7 /10/ 1973 وضعت القوات البرية العراقية بالإنذار وصدر الأمر
إلى آمر اللواء الآلي الثامن أمرا بالحركة نحو الحدود السورية في صباح
7/10 كتدبير استباقي للدخول فورا إلى ساحة المعركة بعد حصول موافقة الحكومة
السورية ..وفي اجتماع يوم 7/ 10 اتخذت القيادة العراقية أربعة قرارات
مهمة هي :
1. تأميم حصة أمريكا في شركة نفط البصرة واعتبار ذلك شرارة المعركة
السياسية النفطية ضد الولايات المتحدة كونها شريك فعلي في الحرب ضد الأقطار
العربية وداعم رئيس لإسرائيل بالأسلحة ، ويأتي هذا الأجراء تطبيقا لشعار
استخدام النفط كسلاح في المعركة القومية ..
2. إرسال مزيد من القوات الجوية على وجه السرعة إلى الجبهة الشمالية لدعم
القوات السورية وإسنادها ..
3. إرسال اكبر ما يمكن من القوات البرية ، وخاصة المدرعة منها ، إلى سوريا
على وجه السرعة ..
4. إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران ، ودعوتها إلى حل المشاكل بين
العراق وبينها بالطرق السلمية ، وعن طريق المفاوضات ، لتامين الجبهة الشرقية
للعراق(21) وفي السياق نفسه ذكر تقرير عن حرب تشرين (22) أن العراق سارع
إلى الاتصال بالاتحاد السوفيتي طالبا منه الضغط على إيران لكي لا تستغل سحب
قطعات من القوات العراقية وإرسالها إلى سوريا ، وبالفعل وجه الاتحاد
السوفيتي تحذيرا إلى إيران من مغبة استغلال الظروف والاعتداء على العراق وحرك
السوفيت بعض قطعاتهم العسكرية نحو الحدود الإيرانية .. ويضيف التقرير :
وهكذا تسنى للعراق إرسال المزيد من القوات العراقية إلى سوريا ولعبت دورا
مشهودا في إيقاف زحف المدرعات الإسرائيلية نحو دمشق (23) ..
وفي صباح يوم 7/10 ، وعندما كانت كتائب اللواء الآلي الثامن في طريقها إلى
سوريا ، أرسلت الحكومة العراقية إلى الحكومة السورية برقية تعلمها فيها
عن قرار العراق بوضع كل ثقله العسكري البري والجوي في خدمة المعركة ،
وقابل السفير العراقي نائب رئيس الحكومة السورية في صبيحة نفس اليوم وابلغه
مضمون البرقية .. وكان جواب الحكومة السورية في اليوم نفـــــــسه : ( أنها
تلقت النبأ بشكر واعتزاز وأنها ترجو معرفة موعد التحرك وحجم القوات
ونوعيتها ) (24) ..وفي مساء نفس اليوم قابل السفير العراقي الرئيس الراحل حافظ
أسد الذي ( أبدى شكره واعتزازه بقرار الرئيس والقيادة في العراق بشان
القرار القومي التاريخي بمشاركة العراق بكل ثقله في المعركة .. وأعرب عن أمله
في وصول القوات العراقية بأسرع وقت ممكن وبأكبر حجم ممكن .. ورجا معرفة
موعد تحركها وتعدادها ونوعيتها .. وأشار بان سوريا بحاجة لدبابات تي 54 وتي
55 إضافية )(25) .. وبينما كان السفير العراقي يقابل المسئولين السوريين
ويتلقى تحيات الشكر ، كان جنود الجيش العراقي يحزمون أمتعتهم ويملئون
خزانات الدبابات والعربات المدرعة بالوقود ويحملون صناديق القنابل في الشاحنات
وينظفون أسلـــــــــــحتهم ويتهياون للحركة عند صدور الأمر بذلك ..ومرة
أخرى قابل السفير العراقي في اليوم نفسه وزير الخارجية السوري بناء على
طلبه وأكد له الوزير : ( على أهمية وصول القطعات العسكرية العراقية بأسرع وقت
ممكن وبأكبر حجم ممكن ورجا أن لا تقل عن فرقتين بكامل دروعهما ) (26) ..
تحشد القوات العراقية
عندما اتخذت القيادة العراقية قرار المشاركة الفعلية في حرب تشرين والتحول
من دولة مشاركة إلى دولة مواجهة ، وجدت القيادة العسكرية نفسها أمام
معضلة استراتيجية تتمثل في نقل قواتها من العمق السوقي ( ألاستراتيجيي ) إلى
العمق ألعملياتي والتعبوي وتامين الحشد المطلوب في ساحة المعركة تحت ضغط
عامل الزمن .. وكانت هذه القيادة تعرف أن الحروب العربية الإسرائيلية تدور
ضمن مهلة زمنية محدودة تفرضها طبيعة الصراع وحساسية المنطقة التي تدور
فيها المعارك وتأثير القتال على الأمن والاقتصاد العالميين وتعي جيدا أن
المشاركة العسكرية في القتال لن تكون فعالة إلا إذا تمت بحجم مناســب وفي
الوقت المناسب ..
وكان تحشيد القطعات العراقية من مقراتها ومعسكراتها الموزعة في عموم
العراق ومن ثم انتقالها الاســتراتيجي السريع يشكل معضلة متعددة الوجه
أبرزها :
1. انتشار القطعات البرية : من المعروف أن هذه القطعات لم تكن محتشدة أو
قريبة من الحدود السورية العراقية قبيل اندلاع الحرب ، بل كانت منتشرة في
مقرات ومعسكرات بعيدة وموزعة في معظمها قرب الحدود الشرقية للعراق بسبب
الوضع المتوتر مع إيران وعدم حسم المسالة الكردية ، لذلك اتخذت القيادة
العسكرية سلسلة من الإجراءات الفورية حول إعادة انتشار هذه القطعات وتنقل
البعض منها من العمق السوقي إلى مناطق تجمع في وسط وغرب العراق ..
2. طول مسافة الحركة : لقد فرض انتشار القوات وبعد العراق عن جبهة القتال
مع العدو الإسرائيلي عاملا مهما هو طول مسافة الحركة مما اضطر القيادة
العسكرية العراقية إلى نقل بعض القطعات بالطائرات من معسكراتها البعيدة إلى
قاعدة الوليد الجوية غرب العراق ونقل باقي القطعات على مراحل وتجميعها في
أماكن قريبة من الطريق الدولي ( بغداد – الرمادي – الرطبة – أبو
الشــامات – دمشق ) الذي يبـلغ طوله حوالي (1000) كم ، في حين تم تحريك ألوية
المشــاة المتمركزة في شمــــال العراق إلى التنقل عبر محور ( الموصل – حلب
– دمشق ) ..
3. ضخامة القوة المتحركة : حرك العراق إلى سوريا منذ يوم 7/10/ 1973 وحتى
يوم 24/10 قوات عسكرية ضخمة ، ولقد عبر اللواء الركن (إسماعيل تايه
ألنعيمي ) معاون رئيس أركان الجيش العراقي لشؤون العمليات آنذاك ، والذي كان
قد وصل إلى دمشق جوا في 8/ 10 لاستقبال القوات العراقية ، عن ضخامة القوة
المتحركة من العراق إلى سورية بان قال لوزير الدفاع الســــــــوري اللواء
( مصطفى طلاس ) : ( لقد جاءك جيش بدايته في الشام ونهايته في دمشق )
(27)..والحقيقة التي تم معايشتها شخصيا في تلك الفترة هي أن الارتال العسكرية
العراقية التي بدأت بالتنقل إلى سوريا ، قسم منها محمول وقسم منها على
السرفات ، كانت ذيولها الإدارية تمتد من بغداد إلى معسكراتها في الرمادي
والموصل والعمارة وشرق العراق وغيرها من ألاماكن على شكل أصابع الكف ..
4 . نقص وسائط الحركة : في ضوء توجه العراق بالتحول من دولة مشاركة إلى
دولة مواجهة فقد عملت القيادة العراقية على إعطاء اهتمام اكبر لمسألة رفع
مستوى حركية القوات المسلحة ، وهذا ما دفعها بالفعل إلى البدء بمكننة
القوات البرية وتوسيع الاهتمام بالنقل الجوي وتعزيز شبكة المواصلات الداخلية ،
ومع هذه الإجراءات إلا أن عدم وجود خط استراتيجي لسكة الحديد بين دمشق
وبغداد ومحدودية استيعاب طرق الاتصال البري الجيدة المتوفرة بين العراق
وسوريا حددت من عملية تنقل القطعات على هذه الطرق ، الأمر الذي أدى إلى
تزاحم الارتال خاصة على الطريق الرئيس ( بغداد – أبو الشامات – دمشق ) وكان من
الممكن أن يؤدي هذا إلى وقوع خسائر كبيرة لو أن الطيران الإسرائيلي كان
محتفظا بفاعليته الأساسية وانهماكه بالقتال على الجبهتين السورية والمصرية
بالإضافة إلى عامل آخر يعتقد الباحث بصحته وهو أن معلومات العدو
الاستخبارية عن سرعة التحشد العسكري العراقي كانت قليلة أو غير دقيقة ..
5. حماية الارتال من الضربات الجوية : كان محور تقدم القطعات العراقية
أرضا مكشوفة وكان القسم الواقع منه داخل الأراضي السورية يقع ضمن مدى عمل
القوة الجوية الإسرائيلية ، كما لم يكن الجيش العراقي قد حصل بعد على صواريخ
ارض - جو سام 6 المتحركة أو علــــــــى صواريخ الكتف ارض – جو / سام 7 (
ستريلا ) وكانت الحماية تعتمد على الرشاشات والمدافع المضادة للطائرات ،
ومع ذلك فان الباحث ( كونه شاهد عيان ومشارك في الحرب ) لم تؤشر لديه
معلومات بتعرض هذه القوات إلى هجمات جوية إسرائيلية مؤثرة ولا يستبعد أن تكون
الطائرات الإسرائيلية قد قامت باستطلاع حركة القوات العراقية بعد وصولها
إلى سوريا ..
6. الحماية من كمائن القوات المحمولة جوا : كانت لدى القوات الإسرائيلية
إمكانية عسكرية للقيام بعمليات محمولة جوا أو بإجراء عمليات إنزال خلف خطوط
القوات العربية من خلال لوائين محمولين جوا باستخدام طائــــرات ســـمتية
نوع ( سوبر فرلون ) الفرنســـــــــــــــــية و( سيكوريسكي ) الأمريكية
، لذلك تحسبت القيادة العسكرية العراقية لهذا الاحتمال وزادت من اجراءات
الحيطة والحذر ضد هذه العمليات ..
ورغم هذه المعضلات والعقبات التي اعترضت أو كان من المتوقع أن تعترض
القوات العراقية خلال تنقلها فقد نفذت عملية التنقل الاستراتيجية بكفاءة وسرعة
جيدتين واستطاعت التغلب على جميع المعضلات بسبب عوامل عديدة أبرزها وقوف
القيادة السياسية وراء عملية التحشد ودعمها لها ماديا ومعنويا والتزام
المقاتلين العراقيين بالتعليمات الصادرة بهذا الخصوص وتفانيهم في أداء واجبا
تهم وحالة الاستعداد الجيدة التي اتسمت بها القوات العراقية والإعداد
الإداري الجيد للمعركة وارتفاع مستوى التدريب للضباط والمراتب والكوادر
الفنية وفهمهم الكامل لمشكلات التنقل وكيفية التغلب عليها وارتفاع مستوى
الصيانة الفنية للآليات مما انقص الأعطال إلى الحد الأدنى ومنع تساقط الآليات أو
تخلفها خلال الحركة الطويلة التي زادت عن ألف كيلو متر في ظروف بالغة
الدقة والتعقيد
كانت القطعات الإسرائلية على مشارف دمشق ..مما هدد بسقوطها ..وعند وصول القطعات العراقية ومنها اللواء (12)المدرع
لواء (خالد بن الوليد)فتح نيران دباباته وهو على الناقلات ..مع اهازيج الجنود (بحسجة الحنوب ومطبج الغربية )...وتجحفل معه بعد وصوله اللواء الثامن المشاة الألي
ارسل القائد الإسرائيلي برقية إستنجاد لقيادته بأن هناك فرقة عسكرية عراقية تهاجمه رغم التحشيد كان بلواء فقط ..
رحم الله شهداء العراق والجيوش العربية ..كافة ...
صلاح الدين سلطان
02-19-2017, 11:36 AM
الجيش العراقي
الجيش العراقي هو في الحقيقة جيش الامة العربية معروف ببطولاته ومواقفه المشرفة على صعيدي القطر والامة العربية ، او بالاحرى هو جيش الامة العربية.
الجيش العراقي في الشدائد ينسى بل يتناسى الخلافات العربية ويدافع عن ارض العروبة باعتبارها ارضه ولا يبخل بالغالي والثمين باعتبار الشعب العربي شعبه ومهما كانت نوع الخلافات ، ففي الشدائد هو جيش الامة العربية جمعاء.
الجيش العراقي معروف بشجاعته اسوة بالجيوش العربية الاخرى ، وندعو الله ان يبقى الحارس الامين على صعيد الامة.
تحية من اعماقي يا جيش الصمود ، والبطولة ، والاباء.
شكرا لقصي الطيب لكونك انرتنا بما تفضلت به، وتحية تقدير واحترام للجيش العراقي البطل وتحية وتقدير لكل الجيوش العربية التي تعمل من اجل حماية الوطن.
اخوكم ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
.................................................. ..................................
صلاح الدين سلطان
02-19-2017, 12:05 PM
الذاكرة البغدادية
2
الأمير الوصي عبد الإله في صورة عراقية قلمية !
د. سيّار الجَميل مقدمة :
مهما اختلف الناس في الحكم على بعض الأوضاع ، ومهما تجنّت الأغلبية أم الأقلية على زعيم أو زعماء مرحلة ، ومهما غالى الساسة والمؤرخون في تقييم أي تاريخ ، ومهما كثر القيل والقال في الضد ، فان الحقائق هي التي تفرض نفسها في نهاية المطاف ، ذلك أن الإنسان قد يخطئ ويصيب .. لقد كانت الصفحة التاريخية للأمير عبد الإله الوصي على عرش العراق 1939-1952 ولما تزل ، متشحة بالسواد الداكن والكراهية عند الغالبية العظمى من الناس . ومن عادات أولئك الناس انهم إن سمعوا شيئا صدقوه وان تربوا على أمر أشاعوه ، وان ظنوا سوءا فيا ضياع الحقيقة وبئس الظنون . نعم ، بقيت صورة الامير عبد الإله بن الملك علي في المخيلة العراقية والعربية منذ الاربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين ، صورة مستلبة في غاية البشاعة ولا تفترق في حياتها عن مماتها .. وكانت النهاية التي انتظرت عبد الإله في شوارع بغداد مأساوية وتراجيدية مؤلمة بكل المقاييس والاعتبارات والمعاني عندما سقطت الملكية في العراق فجر يوم 14 تموز / يوليو 1958. وها قد مضت عقود من السنين عليها ، كي نسمع أصوات الذاكرة التاريخية من هنا أو هناك تنصف هذا الرجل الأمير الذي كان يمتلك حدسا واضحا في قراءة نهايته البشعة التي كان يتوقعها على ايدي العراقيين ، إذ كان قد صرح لاكثر من مرة : " نحن نقتل .. لا أريد ذرية .. نحن نقتل .. ولكن الهاشميون سيبقون .. " .
الصورة القلمية : ذكريات مختزلة
لقد سمعت بالصورة القلمية التي نشرها الأستاذ عطا عبد الوهاب مؤخرا عن الأمير عبد الإله ، فرغبت في قراءتها ، وكنت أتمنى على الرجل منذ عهد بعيد أن ينشر مذكراته لما ألفناه فيه وما كنت قد سمعت عنه من والدي ـ رحمه الله ـ باعتبارهما من رجال القانون في العراق إبان عهد مضى وانقضى .. وأنا لم التق به ولم أتعرف عليه . نعم ، سمعت عنه كل خير من الاستقامة والنزاهة وصدق القول وافق التفكير المتمدن الواسع ، وكان قريبا جدا من الأمير عبد الإله ابان الخمسينيات بحكم وظيفته في الديوان الملكي بالعراق .. قرأت كتيبه الصغير الذي عنونه بـ " الأمير عبد الإله : صورة قلمية " والذي نشرته المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت وعمّان 2001 ) فاعجبني فيه ما عرضه من حقائق عن رجل حكم العراق لسنوات طوال وقد اظهر باختصار ما له وما عليه ، ولعمري أنها مهمة شاقة في كتابة المذكرات السياسية ، علما بأن الرجالات العراقيين من كبار الساسة والمثقفين قد تميزوا بالحجم الوفير من كتابة تلك المذكرات التي تعكس من دون شك ثقل الأحداث التاريخية وقوة أولئك الرجال المحدثين الذين أنجبهم العراق في القرن العشرين بشكل كبير مقارنة بغيرهم من الرجالات .
لقد كتب العدد الكبير من الساسة والمثقفين العراقيين في مذكراتهم وكتبهم عن الأمير عبد الإله ، واختلفوا في شأنه وتقييمه اختلافا كبيرا ، وإذا كان رجال العهد الملكي القديم من اليمينيين والاصلاحيين والليبراليين قد كتبوا عنه من منطلقات عاطفية إلى حد كبير ، وإذا كان معارضوه من الجمهوريين الراديكاليين والاشتراكيين قد سوّدوا صفحاته ، إذ كانت ولم تزل صورته قاتمة في الأذهان .. فان البعض من المثقفين والمختصين العراقيين بدأ ينصفه ويعلن بكل شجاعة عن معلومات وأفكار وانطباعات كانت غائبة أو محتجبة عن الملأ .. لقد تذكرت وأنا اقرأ الصورة القلمية ما كتبه عن عبد الإله العديد من الساسة والكتاب بدءا بـ خليل كنه وعلي جودت وتوفيق السويدي وطه الهاشمي وفاضل الجمالي وكامل الجادرجي وغيرهم وصولا إلى فالح حنظل وعبد الهادي الخماسي وعطا عبد الوهاب .. لكن أول من جعلني أفكر بإعادة قراءة تاريخ عبد الإله هو شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري عندما وجدته ينصفه في مذكراته للتاريخ والحقيقة .
يتساءل المرء وخصوصا أبناء الجيل الجديد الذين يتعطشون اليوم لقراءة تاريخهم القريب : هل كان الامير عبد الإله يستحق فعلا تلك النهاية المأساوية في صباح الرابع عشر من تموز / يوليو 1958 عندما قتل شر قتلة وسحلت جثته في شوارع بغداد الملتهبة ومثّل بها وشنع بأوصالها وعلقت في اكثر من مكان بعد أن نالتها السكاكين وقطعتها إربا إربا ؟ وهل يستحق ذلك الإنسان أن تقطع أعضاؤه وترسل إبهامه لتعرض على الرئيس جمال عبد الناصر فيشمئز الرجل من منظرها ؟ إن الصورة العراقية القلمية ومن قبلها مذكرات واستشهادات أخرى تكشف عن هوية زعيم من نوع خاص ، وتكشف أيضا عن طبيعة إنسان لم يكن أبدا بالحجم الذي صور من البشاعة والخيانة والإسفاف ! ويجمع المنصفون انه كان حاكما دستوريا يحب بلاده وليس دكتاتورا انفراديا مازوشيا يقدّس ذاته !
الملك فيصل الثاني وخاله الأمير عبد الإله :
كان عبد الإله إنسانا كئيبا منذ نعومة أظفاره وكان يحب العزلة والانفراد والانطواء .. وبدا انه يحب ابن أخته الملك الطفل حبا جما وتولّى تربيته كأب حنون ليؤهله للملك بعد ان تيتم فيصل وهو ابن اربع سنين.. معنى ذلك : ان عبد الاله لم يكن طامعا البتة في العرش وكان زاهدا في حكم العراق اثناء وصايته التي استمرت قرابة 13 سنة ، إذ كان يفتخر بفيصل الثاني كابن له يسعى لتزويجه بعد أن ينتقل إلى قصره الجديد ، ويأتيه ولي للعهد بعد ثلاث سنوات على الاكثر وهي خطة رسمها عبد الإله كي يغادر بعدها السلطة ( ص 64) .. يقول الأستاذ عبد الوهاب بعد أن راقب تصرفاته من بعيد ، واحصى عليه حركاته وسكناته : " كان الرجل قوي الملاحظة ، كثير السؤال ، محبا للنقاش ، فلم تكن ترضيه أجوبة المحيطين به من الكبار .. " ( ص 27) ويتابع وصفه في مكان آخر قائلا : " الأمير رجل عجمت عوده الأحداث ، ذكي ذكاء البداوة الخارق وقد صقلته مدنية الحياة العصرية ، محب للخدمة ، مرهف الحواس ، خبير بأوزان الناس ، مشجع للرأي المخالف النزيه وقد يأخذ به إذا اقتنع ، ويحس انه أدى الأمانة على احسن وجه وانه يشرف على نهاية الشوط .. وقد لمست فيه ان اشد ما يحز في قلبه ما يذكّره بالنكران لخدماته العامة وما يبلغه من إشاعات كاذبة تلوكها الألسن عنه .. " ( ص 68) كان يذكر دوما أيام طفولته بالحجاز ويؤمن بالقدر خيره وشره ، وكان حساسا تترقرق الدموع في عينيه كلما ذكر أخته الملكة عالية التي توفيت هي الاخرى في شبابها وتركت ابنها فيصل امانة بيد اخيها .
أما ابن أخته الملك فيصل الثاني فيكتب عنه صاحب المذكرات قائلا : " لم يكن الاختبار صعبا بالنسبة للملك ، فقد كشفته شابا متعلما ، ذكيا ، دمثا ، بسيطا ، سريع البديهة ، متفتح الذهن ، وممتلئا بآمال الخدمة العامة دون جعجعة ، مع هوايات متعددة كالرياضة بأنواعها والمطالعة في فروع معينة وغيرهما. انه باختصار فتى يدخل القلب رأسا ، وقد عجبت من نفسي كيف أن حقيقته البيّنة للعيان تخالف تماما ما تلوكه الإشاعات عنه فترميه بالغباء وانعدام الشخصية والعجز .. " ( ص 27) . وفي مكان آخر نسمع وصفا إضافيا عن الملك : " فتى مهذب ، مثقف ، واسع الاطلاع ، حاد الذكاء ، سريع النكتة ، عف اللسان ، ملم بشؤون البلاد ولا سيما في حقل الاعمار ، رقيق الحاشية ، مفتوح الذهن ، ويرحب بالمناقشة دون ان يشعر أحدا بكبر أو تجّبر أو سطوة أو تعال ، ويفرض احترامه على الجميع ببساطة وتواضع وبدون قصد او جهد . كان يبدو لي على امثل ما يمكن أن يكون عليه الملك الدستوري في العصر الحديث .. " ( ص 68) . أما عائلته ، فكانت بسيطة في حياتها ، أم عبد الإله الملكة نفيسة مكللة بالسواد دائما وتسبح بذكر الله . وأخته الأميرة عابدية مكللة أيضا بالسواد دائما ولا تعرف من شؤون الدنيا إلا العناية براحة الملك وراحة الآخرين كربة بيت مثالية رفيعة الخلق وبسيطة ومتواضعة .. ( ص 67). وقد قتل الجميع شر قتلة عند أعتاب قصر الرحاب صبيحة الرابع عشر من تموز / يوليو 1958 ، وهم يستنجدون ولم تنفع صرخات الملكة العجوز نفيسة وهي ترفع القرآن الكريم على رأس الملك !
مواقف وانطباعات عن الأمير عبد الإله :
ستبقى الأجيال القادمة في المستقبل تبحث عن بدائل مخفية لقناعات ترسخت في الأذهان على امتداد القرن العشرين عن رجال وساسة ربما شوهت سمعتهم ونيل من سلوكهم وتفكيرهم لأسباب سياسية لا تمت للحقيقة التاريخية بطرف .. وأعرض في أدناه ثمان من الانطباعات والمعلومات التي اقسم صاحب المذكرات الاستاذ عطا عبد الوهاب وأشهد الله بأنها صحيحة ( ص 114) عن أناس ـ من الحاكمين ـ لم يجد فيهم إلا طيب الشمائل ( ص 110):
1/ يجيب عبد الإله بعد أن سمع من يصفه أمامه بأنه " لئيم " : لو كنت لئيما ما وافقت على إعادة جماعة الكيلاني المشتركين في حوادث 1941 إلى الوزارة أمثال علي محمود الشيخ علي ومحمد علي محمود ومحمد حسن سلمان وموسى الشابندر. ( ص 28-29) وينفي الأستاذ عطا في صورته القلمية أية علاقة للأمير بمصرع الملك غازي عام 1939 بناء على استبطانه جملة من الخفايا التاريخية في حياة الرجل ( ص 86-87).
2/ يقول عبد الإله بعد أن أصغى للسويدي الذي تكلم عن كتاب ينصف هارون الرشيد : " الظاهر أن التاريخ ملئ بالتحريف ، ويا حبذا لو يصدر أيضا كتاب ينصف السلطان عبد الحميد ، فهو أيضا مظلوم .. " ( ص 42 ) . وهنا يبدو لنا نحن معشر المؤرخين إن عبد الإله قد سبق غيره في الدعوة لإنصاف السلطان عبد الحميد الثاني !
3/ سئل عبد الإله : من من رؤساء الديوان الملكي السابقين كان الأفضل ؟ فقال بلا تردد : رستم حيدر في عهد الملك فيصل الأول ورشيد عالي الكيلاني في بداية وصايتي . ثم أضاف : وأنا أقول هذا عن رشيد وبيني وبينه خلاف تاريخي .. " ( ص 58).
4/ كان عبد الإله يقول " انه ربى جلالة الملك لمدة أربع عشرة سنة تربية حسنة إلى أن تولى العرش ، وانه يساعده في تحمل مسؤولياته إلى أن يتم له الإلمام بجميع الأمور وبشكل واسع " ، وانه ينوي أن يتقاعد ويغادر العراق . ولم يكن متحمسا لأي من الاقتراحات المعروضة ( ومنها : سفير العراق في واشنطن ، رئيس منظمة للشباب يتولى إنشاءها ، مفتش للجيش كونه يحب الجيش ويعتز بأبرز رجاله ، وقد ساهم في بنائه وتطويره وتسليحه واعلاء شأنه .. ) ( ص 61).
5/ مغادرة عبد الإله حفل عشاء في قصر مضيفه في هونغ كونغ ومغادرته للقصر مع كامل أعضاء وفده ونومهم في فندق من الدرجة الثالثة في ثلاث غرف قميئة بسبب دعوة بعض اليهود إلى ذلك الحفل .. " ووجدت الأمير يحتقن وجهه وتلتمع في عينيه الدموع ، كأنه رمز منحوت لحزن خرافي ينبض بالتمرد . وقبل أن أسأله قال : تصور ، أنا حفيد الحسين ، يأخذونني إلى هناك ولا يقولون لي إن اليهود من بين الحاضرين " ( ص 78).
6/ يصوم عبد الإله شهر رمضان ، ويبدو انه يختار له ولاسرته مكانا غير بغداد كالحبانية شتاء وسرسنك صيفا .. يصوم عن إيمان بالله ، فيقوم الليل ، ويختم القرآن مرتين يهدي الختمة الأولى لوالده الملك علي والثانية لروح شقيقته الملكة عاليه .. ويستطرد صاحب المذكرات قائلا : " وتذكرت ما كنا نعتقده في شبابنا عندما كنا نسمع أن الوصي غادر إلى سرسنك ليصوم رمضان ، فنرميه بكل ما حرم الله من إشاعات مغرضة كانت تروج في المقاهي رواجا عجيبا " ( ص 82).
7/ كان عبد الإله يسوق سيارته المكشوفة في بغداد وبصحبته صاحب المذكرات من دون أي حرس ومروا بشارع الصالحية ، فمرت سيارة أجرة بجانبهم تحمل عددا من النسوة بعباءاتهن فعرفن الأمير فأخذن يزغردن في الأعالي والسيارة تتمهل .. فالتفت الأمير اليّ وقال : من اصّدق ؟ اصدقهن أم اصدّق راديو صوت العرب ؟! " ( ص 90 ). وكانت اذاعة صوت العرب من القاهرة تشن حربا دعائية هائجة ضد عبد الاله ونظام الحكم الملكي في العراق وقت ذاك !
8/كان عبد الإله يصرح مرارا : " إذا كانوا ( العراقيون ) لا يريدوننا هنا فنحن نذهب كما جئنا . نذهب بأنفسنا . لا نحمل شيئا كما جئنا . وقد منّ الله علينا هنا بالملك وسعة العيش . وخدمنا البلد حسب اجتهادنا وطاقتنا . إذا كانوا لا يريدوننا نذهب . وأنا أستطيع أن اعمل ولو كحمال لكي أعيش بكرامة " . ويشير بيده إلى أعلى الجدار حيث خطت الآية الكريمة : " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .. " ( ص 96).
وأخيرا ، فهذه كلمة للتاريخ عن سيرة زعيم حكم العراق واسمه الأمير عبد الإله .. أضعها أمام الناس من اجل مقاربة حقائق التاريخ والكشف عن المزيد من معلوماته التي خفيت عن أعينهم زمنا طويلا ، واعتقد أن خطأ ارتكبه رجال ذلك العهد ذلك انهم لم يؤسسوا لهم أجهزة دعاية كافية تلهج بذكرهم ليل نهار !! كما وكان على عبد الإله أن يترك ابن اخته الملك يعتمد على أبناء الجيل الجديد في الممارسات السياسية .. اما علاقاته بالغرب ، فلم تكن اكبر من علاقات غيره من الحكام العرب في القرن العشرين كما توضح جليا اليوم لكل ذي عينين .. ولم يتوقف امر تحرير فلسطين عليه ، اذ لم يحررها غيره من الزعماء العرب الذين ناصبوه العداء!! وخلاصة القول ، ان مقالة او صورة قلمية واحدة ستنفع كثيرا لا محالة .. عسى تجد المعلومات التاريخية المنصفة في أجيال اليوم من يقرأها ليقارنها بما هو مسجل ومدون من آراء وأفكار ومعلومات مخالفة في ذاكرتهم فيكونوا من المنصفين وليحكم التاريخ بعد ذلك حكمه على الناس .
.................................................. ...................
نشرت في ملحق ألف ياء ، الزمان اللندنية ، العدد 1179، في 8 ابريل / نيسان 2002
تحية اخوية :
بدون مجاملة ، وعن ثقة تامة أأيد كل ما تفضلت به من معلومات والتي تعبر عن حقيقة تنكشف بعد حقبة من السنين والتي اكسدتها الدعايات المغرضة الكاذبة اولا ، والجهل الذي خيم علينا ثانيا ، ناهيك عن عملاء وخونة عملت تحت غطاء الوطنية واندست علينا مستغلة سلبيات الحياة التي كانت مخيمة على ابناء شعبنا كانتشار الامية ، ناهيك عن الفقر وقسوة الحياة بكل اشكالها.
قبل سنوات سبق وان ذكرت في كتاب يدور حولي بما يلي : الحقيقة تظهر حتى لو وضعتها بصندوق مقفل .
والحقيقة ظهرت لألأة بعد سنين بفضل المنصفين من الكتاب و انت احدهم .
اتذكر في صغري كلاما سمعته من احد اقربائي في الجيش وكان مرافقا للملك غازي رحمة الله عليه يطابق تماما ما تفضلت به عن طريق الاوفياء الذين ذكرتهم.
نحن يا قصي الطيب نحتاج الى حقائق لا الى عواطف تسوقها رياح الاهواء.
كم كنت اود ان اضيف على ما تفضلت به من الحقائق المخفية والتي حجبتها سحب الدعاية عن مجتمعنا الذي تتلاعب بمقدراته الاكاذيب الا اني منشغل بامور اخرى حالت دون ذلك.
من اعماقي احيي قلمك الجريء يا ابن العراق الاصيل.
اخوك ابن بغداد الجريحة : صلاح الدين سلطان
ناظم الصرخي
02-19-2017, 05:10 PM
رحم الله شهداء الجيش العراقي البطل ورحم الله كل من نذر نفسه لخدمة العراق والأمة بصدق ونكران ذات ،وما للمشوهين للحقائق وطمسها إلا الخزي والخذلان والشمس لا تخفى بغربال
أحسنت وأبدعت أخي الغالي في وضع النقاط على الحروف
تحياتي الخالصة
قصي المحمود
02-24-2017, 09:09 PM
الجيش العراقي
الجيش العراقي هو في الحقيقة جيش الامة العربية معروف ببطولاته ومواقفه المشرفة على صعيدي القطر والامة العربية ، او بالاحرى هو جيش الامة العربية.
الجيش العراقي في الشدائد ينسى بل يتناسى الخلافات العربية ويدافع عن ارض العروبة باعتبارها ارضه ولا يبخل بالغالي والثمين باعتبار الشعب العربي شعبه ومهما كانت نوع الخلافات ، ففي الشدائد هو جيش الامة العربية جمعاء.
الجيش العراقي معروف بشجاعته اسوة بالجيوش العربية الاخرى ، وندعو الله ان يبقى الحارس الامين على صعيد الامة.
تحية من اعماقي يا جيش الصمود ، والبطولة ، والاباء.
شكرا لقصي الطيب لكونك انرتنا بما تفضلت به، وتحية تقدير واحترام للجيش العراقي البطل وتحية وتقدير لكل الجيوش العربية التي تعمل من اجل حماية الوطن.
اخوكم ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
.................................................. ..................................
الغالي صلاح الدين ..مساؤك ورد
جزيل شكري لمرورك الحاتمي مع فائق تقديري
قصي المحمود
02-24-2017, 09:20 PM
الذاكرة البغدادية
2
الأمير الوصي عبد الإله في صورة عراقية قلمية !
د. سيّار الجَميل مقدمة :
مهما اختلف الناس في الحكم على بعض الأوضاع ، ومهما تجنّت الأغلبية أم الأقلية على زعيم أو زعماء مرحلة ، ومهما غالى الساسة والمؤرخون في تقييم أي تاريخ ، ومهما كثر القيل والقال في الضد ، فان الحقائق هي التي تفرض نفسها في نهاية المطاف ، ذلك أن الإنسان قد يخطئ ويصيب .. لقد كانت الصفحة التاريخية للأمير عبد الإله الوصي على عرش العراق 1939-1952 ولما تزل ، متشحة بالسواد الداكن والكراهية عند الغالبية العظمى من الناس . ومن عادات أولئك الناس انهم إن سمعوا شيئا صدقوه وان تربوا على أمر أشاعوه ، وان ظنوا سوءا فيا ضياع الحقيقة وبئس الظنون . نعم ، بقيت صورة الامير عبد الإله بن الملك علي في المخيلة العراقية والعربية منذ الاربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين ، صورة مستلبة في غاية البشاعة ولا تفترق في حياتها عن مماتها .. وكانت النهاية التي انتظرت عبد الإله في شوارع بغداد مأساوية وتراجيدية مؤلمة بكل المقاييس والاعتبارات والمعاني عندما سقطت الملكية في العراق فجر يوم 14 تموز / يوليو 1958. وها قد مضت عقود من السنين عليها ، كي نسمع أصوات الذاكرة التاريخية من هنا أو هناك تنصف هذا الرجل الأمير الذي كان يمتلك حدسا واضحا في قراءة نهايته البشعة التي كان يتوقعها على ايدي العراقيين ، إذ كان قد صرح لاكثر من مرة : " نحن نقتل .. لا أريد ذرية .. نحن نقتل .. ولكن الهاشميون سيبقون .. " .
الصورة القلمية : ذكريات مختزلة
لقد سمعت بالصورة القلمية التي نشرها الأستاذ عطا عبد الوهاب مؤخرا عن الأمير عبد الإله ، فرغبت في قراءتها ، وكنت أتمنى على الرجل منذ عهد بعيد أن ينشر مذكراته لما ألفناه فيه وما كنت قد سمعت عنه من والدي ـ رحمه الله ـ باعتبارهما من رجال القانون في العراق إبان عهد مضى وانقضى .. وأنا لم التق به ولم أتعرف عليه . نعم ، سمعت عنه كل خير من الاستقامة والنزاهة وصدق القول وافق التفكير المتمدن الواسع ، وكان قريبا جدا من الأمير عبد الإله ابان الخمسينيات بحكم وظيفته في الديوان الملكي بالعراق .. قرأت كتيبه الصغير الذي عنونه بـ " الأمير عبد الإله : صورة قلمية " والذي نشرته المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت وعمّان 2001 ) فاعجبني فيه ما عرضه من حقائق عن رجل حكم العراق لسنوات طوال وقد اظهر باختصار ما له وما عليه ، ولعمري أنها مهمة شاقة في كتابة المذكرات السياسية ، علما بأن الرجالات العراقيين من كبار الساسة والمثقفين قد تميزوا بالحجم الوفير من كتابة تلك المذكرات التي تعكس من دون شك ثقل الأحداث التاريخية وقوة أولئك الرجال المحدثين الذين أنجبهم العراق في القرن العشرين بشكل كبير مقارنة بغيرهم من الرجالات .
لقد كتب العدد الكبير من الساسة والمثقفين العراقيين في مذكراتهم وكتبهم عن الأمير عبد الإله ، واختلفوا في شأنه وتقييمه اختلافا كبيرا ، وإذا كان رجال العهد الملكي القديم من اليمينيين والاصلاحيين والليبراليين قد كتبوا عنه من منطلقات عاطفية إلى حد كبير ، وإذا كان معارضوه من الجمهوريين الراديكاليين والاشتراكيين قد سوّدوا صفحاته ، إذ كانت ولم تزل صورته قاتمة في الأذهان .. فان البعض من المثقفين والمختصين العراقيين بدأ ينصفه ويعلن بكل شجاعة عن معلومات وأفكار وانطباعات كانت غائبة أو محتجبة عن الملأ .. لقد تذكرت وأنا اقرأ الصورة القلمية ما كتبه عن عبد الإله العديد من الساسة والكتاب بدءا بـ خليل كنه وعلي جودت وتوفيق السويدي وطه الهاشمي وفاضل الجمالي وكامل الجادرجي وغيرهم وصولا إلى فالح حنظل وعبد الهادي الخماسي وعطا عبد الوهاب .. لكن أول من جعلني أفكر بإعادة قراءة تاريخ عبد الإله هو شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري عندما وجدته ينصفه في مذكراته للتاريخ والحقيقة .
يتساءل المرء وخصوصا أبناء الجيل الجديد الذين يتعطشون اليوم لقراءة تاريخهم القريب : هل كان الامير عبد الإله يستحق فعلا تلك النهاية المأساوية في صباح الرابع عشر من تموز / يوليو 1958 عندما قتل شر قتلة وسحلت جثته في شوارع بغداد الملتهبة ومثّل بها وشنع بأوصالها وعلقت في اكثر من مكان بعد أن نالتها السكاكين وقطعتها إربا إربا ؟ وهل يستحق ذلك الإنسان أن تقطع أعضاؤه وترسل إبهامه لتعرض على الرئيس جمال عبد الناصر فيشمئز الرجل من منظرها ؟ إن الصورة العراقية القلمية ومن قبلها مذكرات واستشهادات أخرى تكشف عن هوية زعيم من نوع خاص ، وتكشف أيضا عن طبيعة إنسان لم يكن أبدا بالحجم الذي صور من البشاعة والخيانة والإسفاف ! ويجمع المنصفون انه كان حاكما دستوريا يحب بلاده وليس دكتاتورا انفراديا مازوشيا يقدّس ذاته !
الملك فيصل الثاني وخاله الأمير عبد الإله :
كان عبد الإله إنسانا كئيبا منذ نعومة أظفاره وكان يحب العزلة والانفراد والانطواء .. وبدا انه يحب ابن أخته الملك الطفل حبا جما وتولّى تربيته كأب حنون ليؤهله للملك بعد ان تيتم فيصل وهو ابن اربع سنين.. معنى ذلك : ان عبد الاله لم يكن طامعا البتة في العرش وكان زاهدا في حكم العراق اثناء وصايته التي استمرت قرابة 13 سنة ، إذ كان يفتخر بفيصل الثاني كابن له يسعى لتزويجه بعد أن ينتقل إلى قصره الجديد ، ويأتيه ولي للعهد بعد ثلاث سنوات على الاكثر وهي خطة رسمها عبد الإله كي يغادر بعدها السلطة ( ص 64) .. يقول الأستاذ عبد الوهاب بعد أن راقب تصرفاته من بعيد ، واحصى عليه حركاته وسكناته : " كان الرجل قوي الملاحظة ، كثير السؤال ، محبا للنقاش ، فلم تكن ترضيه أجوبة المحيطين به من الكبار .. " ( ص 27) ويتابع وصفه في مكان آخر قائلا : " الأمير رجل عجمت عوده الأحداث ، ذكي ذكاء البداوة الخارق وقد صقلته مدنية الحياة العصرية ، محب للخدمة ، مرهف الحواس ، خبير بأوزان الناس ، مشجع للرأي المخالف النزيه وقد يأخذ به إذا اقتنع ، ويحس انه أدى الأمانة على احسن وجه وانه يشرف على نهاية الشوط .. وقد لمست فيه ان اشد ما يحز في قلبه ما يذكّره بالنكران لخدماته العامة وما يبلغه من إشاعات كاذبة تلوكها الألسن عنه .. " ( ص 68) كان يذكر دوما أيام طفولته بالحجاز ويؤمن بالقدر خيره وشره ، وكان حساسا تترقرق الدموع في عينيه كلما ذكر أخته الملكة عالية التي توفيت هي الاخرى في شبابها وتركت ابنها فيصل امانة بيد اخيها .
أما ابن أخته الملك فيصل الثاني فيكتب عنه صاحب المذكرات قائلا : " لم يكن الاختبار صعبا بالنسبة للملك ، فقد كشفته شابا متعلما ، ذكيا ، دمثا ، بسيطا ، سريع البديهة ، متفتح الذهن ، وممتلئا بآمال الخدمة العامة دون جعجعة ، مع هوايات متعددة كالرياضة بأنواعها والمطالعة في فروع معينة وغيرهما. انه باختصار فتى يدخل القلب رأسا ، وقد عجبت من نفسي كيف أن حقيقته البيّنة للعيان تخالف تماما ما تلوكه الإشاعات عنه فترميه بالغباء وانعدام الشخصية والعجز .. " ( ص 27) . وفي مكان آخر نسمع وصفا إضافيا عن الملك : " فتى مهذب ، مثقف ، واسع الاطلاع ، حاد الذكاء ، سريع النكتة ، عف اللسان ، ملم بشؤون البلاد ولا سيما في حقل الاعمار ، رقيق الحاشية ، مفتوح الذهن ، ويرحب بالمناقشة دون ان يشعر أحدا بكبر أو تجّبر أو سطوة أو تعال ، ويفرض احترامه على الجميع ببساطة وتواضع وبدون قصد او جهد . كان يبدو لي على امثل ما يمكن أن يكون عليه الملك الدستوري في العصر الحديث .. " ( ص 68) . أما عائلته ، فكانت بسيطة في حياتها ، أم عبد الإله الملكة نفيسة مكللة بالسواد دائما وتسبح بذكر الله . وأخته الأميرة عابدية مكللة أيضا بالسواد دائما ولا تعرف من شؤون الدنيا إلا العناية براحة الملك وراحة الآخرين كربة بيت مثالية رفيعة الخلق وبسيطة ومتواضعة .. ( ص 67). وقد قتل الجميع شر قتلة عند أعتاب قصر الرحاب صبيحة الرابع عشر من تموز / يوليو 1958 ، وهم يستنجدون ولم تنفع صرخات الملكة العجوز نفيسة وهي ترفع القرآن الكريم على رأس الملك !
مواقف وانطباعات عن الأمير عبد الإله :
ستبقى الأجيال القادمة في المستقبل تبحث عن بدائل مخفية لقناعات ترسخت في الأذهان على امتداد القرن العشرين عن رجال وساسة ربما شوهت سمعتهم ونيل من سلوكهم وتفكيرهم لأسباب سياسية لا تمت للحقيقة التاريخية بطرف .. وأعرض في أدناه ثمان من الانطباعات والمعلومات التي اقسم صاحب المذكرات الاستاذ عطا عبد الوهاب وأشهد الله بأنها صحيحة ( ص 114) عن أناس ـ من الحاكمين ـ لم يجد فيهم إلا طيب الشمائل ( ص 110):
1/ يجيب عبد الإله بعد أن سمع من يصفه أمامه بأنه " لئيم " : لو كنت لئيما ما وافقت على إعادة جماعة الكيلاني المشتركين في حوادث 1941 إلى الوزارة أمثال علي محمود الشيخ علي ومحمد علي محمود ومحمد حسن سلمان وموسى الشابندر. ( ص 28-29) وينفي الأستاذ عطا في صورته القلمية أية علاقة للأمير بمصرع الملك غازي عام 1939 بناء على استبطانه جملة من الخفايا التاريخية في حياة الرجل ( ص 86-87).
2/ يقول عبد الإله بعد أن أصغى للسويدي الذي تكلم عن كتاب ينصف هارون الرشيد : " الظاهر أن التاريخ ملئ بالتحريف ، ويا حبذا لو يصدر أيضا كتاب ينصف السلطان عبد الحميد ، فهو أيضا مظلوم .. " ( ص 42 ) . وهنا يبدو لنا نحن معشر المؤرخين إن عبد الإله قد سبق غيره في الدعوة لإنصاف السلطان عبد الحميد الثاني !
3/ سئل عبد الإله : من من رؤساء الديوان الملكي السابقين كان الأفضل ؟ فقال بلا تردد : رستم حيدر في عهد الملك فيصل الأول ورشيد عالي الكيلاني في بداية وصايتي . ثم أضاف : وأنا أقول هذا عن رشيد وبيني وبينه خلاف تاريخي .. " ( ص 58).
4/ كان عبد الإله يقول " انه ربى جلالة الملك لمدة أربع عشرة سنة تربية حسنة إلى أن تولى العرش ، وانه يساعده في تحمل مسؤولياته إلى أن يتم له الإلمام بجميع الأمور وبشكل واسع " ، وانه ينوي أن يتقاعد ويغادر العراق . ولم يكن متحمسا لأي من الاقتراحات المعروضة ( ومنها : سفير العراق في واشنطن ، رئيس منظمة للشباب يتولى إنشاءها ، مفتش للجيش كونه يحب الجيش ويعتز بأبرز رجاله ، وقد ساهم في بنائه وتطويره وتسليحه واعلاء شأنه .. ) ( ص 61).
5/ مغادرة عبد الإله حفل عشاء في قصر مضيفه في هونغ كونغ ومغادرته للقصر مع كامل أعضاء وفده ونومهم في فندق من الدرجة الثالثة في ثلاث غرف قميئة بسبب دعوة بعض اليهود إلى ذلك الحفل .. " ووجدت الأمير يحتقن وجهه وتلتمع في عينيه الدموع ، كأنه رمز منحوت لحزن خرافي ينبض بالتمرد . وقبل أن أسأله قال : تصور ، أنا حفيد الحسين ، يأخذونني إلى هناك ولا يقولون لي إن اليهود من بين الحاضرين " ( ص 78).
6/ يصوم عبد الإله شهر رمضان ، ويبدو انه يختار له ولاسرته مكانا غير بغداد كالحبانية شتاء وسرسنك صيفا .. يصوم عن إيمان بالله ، فيقوم الليل ، ويختم القرآن مرتين يهدي الختمة الأولى لوالده الملك علي والثانية لروح شقيقته الملكة عاليه .. ويستطرد صاحب المذكرات قائلا : " وتذكرت ما كنا نعتقده في شبابنا عندما كنا نسمع أن الوصي غادر إلى سرسنك ليصوم رمضان ، فنرميه بكل ما حرم الله من إشاعات مغرضة كانت تروج في المقاهي رواجا عجيبا " ( ص 82).
7/ كان عبد الإله يسوق سيارته المكشوفة في بغداد وبصحبته صاحب المذكرات من دون أي حرس ومروا بشارع الصالحية ، فمرت سيارة أجرة بجانبهم تحمل عددا من النسوة بعباءاتهن فعرفن الأمير فأخذن يزغردن في الأعالي والسيارة تتمهل .. فالتفت الأمير اليّ وقال : من اصّدق ؟ اصدقهن أم اصدّق راديو صوت العرب ؟! " ( ص 90 ). وكانت اذاعة صوت العرب من القاهرة تشن حربا دعائية هائجة ضد عبد الاله ونظام الحكم الملكي في العراق وقت ذاك !
8/كان عبد الإله يصرح مرارا : " إذا كانوا ( العراقيون ) لا يريدوننا هنا فنحن نذهب كما جئنا . نذهب بأنفسنا . لا نحمل شيئا كما جئنا . وقد منّ الله علينا هنا بالملك وسعة العيش . وخدمنا البلد حسب اجتهادنا وطاقتنا . إذا كانوا لا يريدوننا نذهب . وأنا أستطيع أن اعمل ولو كحمال لكي أعيش بكرامة " . ويشير بيده إلى أعلى الجدار حيث خطت الآية الكريمة : " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .. " ( ص 96).
وأخيرا ، فهذه كلمة للتاريخ عن سيرة زعيم حكم العراق واسمه الأمير عبد الإله .. أضعها أمام الناس من اجل مقاربة حقائق التاريخ والكشف عن المزيد من معلوماته التي خفيت عن أعينهم زمنا طويلا ، واعتقد أن خطأ ارتكبه رجال ذلك العهد ذلك انهم لم يؤسسوا لهم أجهزة دعاية كافية تلهج بذكرهم ليل نهار !! كما وكان على عبد الإله أن يترك ابن اخته الملك يعتمد على أبناء الجيل الجديد في الممارسات السياسية .. اما علاقاته بالغرب ، فلم تكن اكبر من علاقات غيره من الحكام العرب في القرن العشرين كما توضح جليا اليوم لكل ذي عينين .. ولم يتوقف امر تحرير فلسطين عليه ، اذ لم يحررها غيره من الزعماء العرب الذين ناصبوه العداء!! وخلاصة القول ، ان مقالة او صورة قلمية واحدة ستنفع كثيرا لا محالة .. عسى تجد المعلومات التاريخية المنصفة في أجيال اليوم من يقرأها ليقارنها بما هو مسجل ومدون من آراء وأفكار ومعلومات مخالفة في ذاكرتهم فيكونوا من المنصفين وليحكم التاريخ بعد ذلك حكمه على الناس .
.................................................. ...................
نشرت في ملحق ألف ياء ، الزمان اللندنية ، العدد 1179، في 8 ابريل / نيسان 2002
تحية اخوية :
بدون مجاملة ، وعن ثقة تامة أأيد كل ما تفضلت به من معلومات والتي تعبر عن حقيقة تنكشف بعد حقبة من السنين والتي اكسدتها الدعايات المغرضة الكاذبة اولا ، والجهل الذي خيم علينا ثانيا ، ناهيك عن عملاء وخونة عملت تحت غطاء الوطنية واندست علينا مستغلة سلبيات الحياة التي كانت مخيمة على ابناء شعبنا كانتشار الامية ، ناهيك عن الفقر وقسوة الحياة بكل اشكالها.
قبل سنوات سبق وان ذكرت في كتاب يدور حولي بما يلي : الحقيقة تظهر حتى لو وضعتها بصندوق مقفل .
والحقيقة ظهرت لألأة بعد سنين بفضل المنصفين من الكتاب و انت احدهم .
اتذكر في صغري كلاما سمعته من احد اقربائي في الجيش وكان مرافقا للملك غازي رحمة الله عليه يطابق تماما ما تفضلت به عن طريق الاوفياء الذين ذكرتهم.
نحن يا قصي الطيب نحتاج الى حقائق لا الى عواطف تسوقها رياح الاهواء.
كم كنت اود ان اضيف على ما تفضلت به من الحقائق المخفية والتي حجبتها سحب الدعاية عن مجتمعنا الذي تتلاعب بمقدراته الاكاذيب الا اني منشغل بامور اخرى حالت دون ذلك.
من اعماقي احيي قلمك الجريء يا ابن العراق الاصيل.
اخوك ابن بغداد الجريحة : صلاح الدين سلطان
التاريخ لا يرحم ...السفهاء فقط من يتصورون تزويرهم دائم ...
سلتان ..المزبلة ..والكرامة والخلود ...تمتليء ولو بعد حين
صلاح الدين الغالي ...تحياتي اليك
vBulletin® v3.8.9 Beta 3, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir