مشاهدة النسخة كاملة : أبتغي تمزيق قبري..........
عبدالحليم الطيطي
02-20-2017, 03:14 PM
أبتغي تمزيق قبري ........
عيني طافت في الجبال
فرّ ذئبي،،من عيوني ،،،يجري قبلي
صار يصرخ في الحياة ،،فذاك صوتي.......
طار صوتي فوق دربي ،، ،،،
ألْفُ أَصرخُ ،،،غايتي تجتاز عمري ...!
غايتي قبلي وبعدي ........
غايتي تمتدّ أميالا ،،ولا أمشي كنفسي
لا أُباريها وكُلّي حثّ حسّي ...........
كلّ ركضي ..................ليس يمشي
ثم فرّت نفسي مني ،،،،،،،،،،فرّ صوتي
فرّ منّي ذئب نفسي
أقلعت مني طيوري الجارحات ....وكلّ خيلي
كُلّ نفسي في الحياة تناثرت ،،دوني وخلفي ......
تلك كُلّ عيون نفسي
تلك اشواقي تجوس الأفق ،، أتبعها بحسّي
.......هذا ليلي هذا بَدري ...........في الخيال أشدّ شَعري ..!!
أبتغي تمزيق قبري ...........................................!
صوت ذئب ،، أوحشته البيد نفسي
ظِلّ خيْلٍ مع صهيلٍ .........................لا عَبَت في الليل شمعي !
،، سِربُ طير ..............مَرّ في آفاق عيني
ألفُ بحر جاز قلبي ،،،،،شِبْرُ عمري هل يسعني ..............!!
شعر / عبدالحليم الطيطي
http://abdelhalimaltiti.blogspot.com...g-post_28.html (http://abdelhalimaltiti.blogspot.com/2016/11/*********_28.html)
الرمل
شاكر السلمان
02-20-2017, 03:26 PM
مرور لإلقاء التحية مقرونة بإعجاب وتقدير
الدكتور اسعد النجار
02-21-2017, 02:08 PM
نصاعة الحرف وجزالة اللفظ وبلاغة المعنى
تحياتي
عواطف عبداللطيف
02-24-2017, 06:52 AM
أهلاً بك من جديد على ضفاف النبع
نص يحاكي الذات والوجع
دمت بخير
تحياتي
ألبير ذبيان
02-27-2017, 04:49 PM
لا زلت أقرأ في بوحكم فلسفة إنسانية تميزه جدا!
التفكر واجب هنا على كل قارئ!
سلمت أناملكم أيها القدير ولا عدمتم الألق
محبتي
ألبير ذبيان
02-27-2017, 04:50 PM
تثبت للجمال
قصي المحمود
02-27-2017, 08:12 PM
دائما استمتع بحرفك الفلسفي الإنساني الرائع
فائق تقديري ومودتي
ناظم الصرخي
03-04-2017, 08:47 PM
جميل ما سطره يراعك
دمت ودام الألق
كل التحايا
عبدالحليم الطيطي
03-18-2017, 05:13 PM
مرور لإلقاء التحية مقرونة بإعجاب وتقدير
.................تحية كريمة وأستاذ كريم ،،،،،أشكرك وأسلّم عليك
عبدالحليم الطيطي
08-06-2017, 06:58 PM
نصاعة الحرف وجزالة اللفظ وبلاغة المعنى
تحياتي
وتحياتي أيها الدكتور الكريم ،،وألف شكر وسلام اليك
خالد صبر سالم
08-23-2017, 07:10 PM
مشاهد متحركة تنبض بالحيوية في صياغة شعرية تتناغم معها وكأنها موسيقى تعبيرية
اخي شاعرنا الجميل الاستاذ عبد الحليم
اسعدتني قراءة هذا النص
دمت بكل خير
خالص الاحترام والحب
عبدالحليم الطيطي
09-05-2020, 02:58 PM
أهلاً بك من جديد على ضفاف النبع
نص يحاكي الذات والوجع
دمت بخير
تحياتي
ودمت يا استاذة / عوطف ولك الف سلام
عبدالحليم الطيطي
09-05-2020, 03:00 PM
تثبت للجمال
أشكرك يا استاذ/ البير ولك الف سلام
جهاد بدران
12-06-2020, 06:32 PM
أبتغي تمزيق قبري...
ضوء عيني فرَّ قَبلي
فرّ ذئبي..من عيوني ..راح يجري
صار يصرخ في الحياة ..فذاك صوتي.......
طار صوتي فوق دربي ..
ألْفُ أَصرخُ ..غايتي تجتاز عمري ...!
غايتي قبلي وبعدي ........
غايتي تمتدّ أميالا ..ولا أمشي كنفسي
لا أُباريها وكُلّي حثّ حسّي ..
كلّ ركضي ....ليس يمشي
ثم فرّت نفسي مِنّي ..فرّ صوتي
فرّ منّي ذئب نفسي
.....
أبتغي تمزيق قبري...
عنوان ضخم مثير للقراءة والتمعن والإبحار بين أسراره...
قرأت هذه اللوحة مراراً..وفي كل مرة كانت تتكشّف جوانب جديدة مع كل قراءة..
عنوان ملفت للسبر بين أغواره..واستخراج درره النفيسة من عمق في الفكر ومن توظيف للفلسفة...
ما لفت انتباهي في هذا الحرف
هو استخدامه لكلمات القبر والموت..كثيرا
وهذا مؤشر يضيء لكيانه الذاتي وعمقها واستخراج الدنيا منها وتأنيبها...والعمل على محاسبة الذات لتبقى نقية طاهرة..
فالروح هي محرك الجسد ..حسب ذبذباتها الروحية أو التطلع للدنيا من جوانب عديدهة..
فالشاعر في جميع حروفه يبحث عن تغيير الحياة للأفضل ومحاولة استخراج الفساد والخبث منها لعالم الروح والنقاء...
في هذه اللوحة المذهلة الرائعة عميقة الفكر تشوبها فلسفة الذات التي تحرك معالمها نحو الخلاص من عالم المادة...
أبتغي تمزيق قبري...
هنا من خلال العنوان..الشاعر يريد حياة الكرامة والحق والعدل والنقاء..إذ يرفض مبدأ النفوس الميتة التي ماتت بلا معنى ولا كرامة..
يبتغي تمزيق قبره..لأنه لا يريد عيش الذل والقهر والخنوع..يريد للعودة للحياة للعمل نحو العزة ونحو العدل ورضى الله...
أو ربما أراد الشاعر بتمزيق القبر ..هي عملية التغيير التي يتمنى بها لو عادت به الحياة ليجتث الفساد ورؤوسها..
عملية التمزيق عملية مجبولة مع الوجع والقهر والحركة..بمعنى تقطيع الشيء وتحويله لمادة أخرى تغيرّت معها معالمها ..بمعنى انتقال من شكل لآخر يخدم تلك القوة التي أفرزتها تمزيق الواقع ..
يبدأ الشاعر لوحته الإبداعية بقوله:
(ضوء عيني فرَّ قَبلي
فرّ ذئبي..من عيوني ..راح يجري
صار يصرخ في الحياة ..فذاك صوتي.......
طار صوتي فوق دربي ..
ألْفُ أَصرخُ ..غايتي تجتاز عمري ...!
غايتي قبلي وبعدي) ..
ضوء عيني فرّ قبلي...
الشاعر في هذه اللوحة يتطرق للعمل على الذات..إذ يحرك منابت الذات عن طريق معالم الجسد.. ابتدأ من ضوء العين ..ثم الصوت..ثم المشي الذي يشير للقدمين.. قلبي..الخيال...
وكلها تدور في بوتقة الذات...
وكأنه يريد القول..أن محوار التغيير تتحر من القيود إذا قمنا نحن بتغيير الذات..كل التغييرات تعمل وفق ما تكتنز الذات من قوة ومن تحويل وتغيير...
وهذا هو سر جمال هذه اللوحة البارعة النسج المتقنة الألفاظ بأبعادها التأويلية الواسعة المدى..
فعندما نعمل على تحرير الذات من قيودها لتنطلق نحو السماء والطهر والنقاء ..فإنها ستحدث في عالمها تغييرا جذرياً فيج البيئة الخارجية ..بالمجتمع وعلى مدى أبعد من ذلك...
وتحضرني الآية العظيمة بقول الحق -تبارك وتعالى- في سورة الرعد:
"إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]...
ومن منطلق هذه الآية العظيمة..التي تعتبر منهاج عمل لتغيير جذور الحياة انطلاقاً من تغيير جذور الذات..
إذ هي دعوة لتصحيح عقيدة الفرد..والوقوف على مواطن الضعف في الذات وتقويتها بتوجيه البوصلة إلى الله سبحانه..لأن عملية التطهير الذاتي تبدأ من قوة الذات للتغيير..والتغيير لن يحصد ثماره الطيبة إلا إذا بدأ بقلع الخبث والحقد واللؤم الذي ينطوي بين جوانبها.. والتغيير يعمل باتجاهين معاكسين..إما تغيير الذات لمعالم النور ..وإنما تغيير الذات لمعالم الضلال..وكل واحدة تعمل وفق قوى التجاذب الذاتية..أي حسب قوة الذات وموقعها من الإيمان..
والمساعدة الحقيقية التي تثمر فعالها حين يبدأ الفرد بمعول التغيير نحو السمو والرفعة وفق منهاج الله حينها تأتي الآية الكريمة ..لا يغير الله بقوم حتى...يغيروا ما بأنفسهم..بمعنى أن الله سيعيننا على ذلك إذا بدأنا بمرحلة التطهير الذاتي وفق شريعة الله وما يرضيه..
وهنا نفهم أن هذه الآية تحمل شمولية كبيرة.. وبتنوع كبير.. وباتجاهين إثنين على صعيد مستوى أمة وعلى مستوى فرد...
لذا نحتاج لمناهج تغيير صحيحة لنهوض الأمة أفراداً ومجتمعات..
ولن نجدها فيما نستورده من مناهج غربية أو شرقية بعيدة عن رسالة السماء...لأنها لن تفلح أبداً ولن تحقق الأهداف...لأنها بالطبع تعمل على التغيير الخارجي فقط...
ويأتي قول الشاعر الذي يحمل مثل هذه المضامين والدلالات المعبرة عن واقعنا المؤلم وعلاقته بتغيير الذات...
حينما قال الشاعر:
(ضوء عيني فرَّ قَبلي
فرّ ذئبي،،من عيوني ،،،راح يجري )..
ضوء العين يفرّ قبل ذات الشاعر وجسده..والضوء هو كناية عن الرؤيا البعيدة والقريبة للبيئة المحيطة للشاعر والتحسس بالكون وأسراره ورؤية كل شيء على حقيقته..والضوء هو نور البصيرة والنظر لما يحيط الذات..
لكن عملية الفرار كناية عن رؤية شيء عظيم لا تحتمله النفس..كما يحدث في عصرنا اليوم من مجازر وحروب وقتل وتهجير وتجويع وتمزيق الأمة ببعضها البعض...
الشاعر هنا بمسحة الفلسفة الراقية يجبلها بحروف عميقة جدا تدل على براعته ومهارته في تعيين المضمون والدلالة لتشريح الواقع المؤلم والنفوس المزيفة بقالب جمالي إبداعي فذ..
وقوله ..فرّ ذئبي..من عيوني..راح يجري..
كلمة الذّئب..توحي للكثير..
فالذئب يوحي للإفتراس..للخبث ..للدهاء..للمكر والخديعة...
والشاعر هنا وظف( من وجهة نظري) الذئب يجري من العيون...لعدة أغراض سنلاحظها من قوله..
(ضوء عيني فرَّ قَبلي
فرّ ذئبي،،من عيوني ،،،راح يجري
صار يصرخ في الحياة ،،فذاك صوتي.......
طار صوتي فوق دربي ،، ،،،
ألْفُ أَصرخُ ،،،غايتي تجتاز عمري ...!
غايتي قبلي وبعدي) ..
راح يجري..صار يصرخ في الحياة..وصوتي فوق دربي...
الله الله على هذا العمق والوصف والصورة المبهرة التي تعلن للصوت الثورة على الباطل..
وكأنه يريد أن صوتي المتمثل بضوء عيوني..والتي تحمل ذلك الذئب على ما يجري من بؤس يقترفه الظالمون في الفساد وتمزيق أواصر هذه الأمة ..
يريد الشاعر أن يتحرك فيه الذات لتمارس حق الدفاع عن الظلم التي تجنيه من ساسة وقادة لا يعرفون الأمن والعدل على الأرض...
يقول الشاعر المبدع الراقي..(ألف ..أصرخ في الحياة..وصوتي فوق دربي..)
أراد هنا من الصوت أعلى من الدرب..فوق دربي...لأن الأنسان لا يملك أدوات الدفاع من عتاد.. للدفاع عن نفسه وعرضه وأرضه إلا الصوت ويا ليته يعلو...لذلك جعل الصوت فوق الدرب..بحيث الدرب تشير تحقيق النصر والعمل والحراك...
لذا نرى تلك الفلسفة العذبة التي تروي الذائقة وهو يرسمها بريشة جمالية متقنة اندمجت مع عوامل الذات ومشاعرها الجياشة...
وفي قوله غايتي تجتاز عمري)
الغاية هنا ليست كلمة عابرة..ولم أرى كلمات عابرة إلا ووضع الشاعر لها أعمدة وأسس لبناء هذه اللوحة بألوانها الزاهية..
الغاية بمعنى الهدف..الوسيلة ..الطريقة..وربما الأحلام..
بمعنى أن تطلعاتنا في الحياة وأهدافنا ورؤيانا هي أكبر من عمرنا ومن جيلنا وتجتاز العمر...
ولكن الأيدي والأرجل مكبلة...
رائع ما تحمله هذه الصورة والأوصاف البديعة...
يكمل الشاعر قوله:
(أقلعت مني طيوري الجارحات ....وكلّ خيلي
كُلّ نفسي في الحياة تناثرت ،،دوني وخلفي .)..
صورة حياتية واقعية للذات ..إذ متى تخرج من النفس نزعة الشر التي تتمثل في قوله..طيوري الجارحات.. بالرغم من أننا نحتاجها ضد الطغاة والذين يدنسون مقداساتنا وأرضنا..لكن تبقى نزعة الخير هي الأسمى لتكون رفيقة منهاج الحياة مع المجتمع والبيئة ..
عملية تناثر ما في النفس..هي عملية عتاب ومحاسبة للنفس وتغييرها نحو السمو والنقاء..
فالذات حين تتناثر ..تخرج عن قواعدها الآمنة المكبوتة في الذات ..حينها تحتاج لإعادتها بطرق إيمانية تجلي ما علق بها من علق...
يكمل الشاعر خريدته بقوله:
(تلك كُلّ عيون نفسي
تلك اشواقي تجوس الأفق ،، أَتبعُها بحسّي
.......هذا ليلي هذا بَدري ...........في الخيال أشدّ شَعري ..!!
أبتغي تمزيق قبري ....!)
يعود للذات والصراع القائم فيها وتأثير الحياة على سلوكها..صراع الذات هو من أصعب الصراعات وأعنفها لأنه يقرر مصيرها وموقعها من الحياة..
يصف الشاعر هنا موقع الذات من البيئة المحيطة وما فيها من مختلف المشاعر والتناقضات..ليصل لمقولته التي يرددها في هذه اللوحة الباذخة..هي
أريد تمزيق قبري...بمعنى التجديد والتغيير ..لا يريد موت الحياة في ذاته ولا تكميم الأفواه ولا قيود الأيدي وكسر الخطوات..يريد تمزيق موته في الحياة ليكون إنساناً بكل ما تحمل الكلمة من معنى..ليعلو لدرجة النقاء..ليحقق الأمن الذاتي والفكري والإجتماعي..ليكون سعيداً بخطوات السلام نحو الله السلام..
ويختم الشاعر هذه الباذخة التي حملت في طياتها الكثير الكثيييير..بقوله:
(صوت ذئب ،، أوحشته البيْد نفسي
ظِلّ خيْلٍ مع صهيلٍ ....لا عَبَت في الّليل شمعي !
،، سِربُ طير ....مَرّ في آفاق عيني
ألفُ بحر جاز قلبي ،،،،،شِبْرُ عمري هل يسعني .....!)
ويبقى التأويل واسع المدى على كلمات حملت صفحات لا تعد ولا تحصى..
ويبقى للذات مكنوناتها المتعددة وتصاويرها المختلفة..والتي أتقن رسمها الشاعر بحرفية متقنة تدل على براعته ومهنيته العالية في عملية دمج الحروف والمشاعر في قالب واحد نتج عنه لوحة باهرة زاهية الألوان..
إذ رأينا التلاعب بجمل ومفردات اللغة ليوفر بها الشاعر قدرة عالية ترمي إلى دهشة المتلقي..
استطاع الشاعر هنا أن يربط بين الذات وصراعها والفلسفة العميقة ما بين الذات والحياة..بحيث تتلاءم والصور الإبداعية
الحية..
النص استطاع أن يفتح المجال للخيال أن يحلق عالياً في أسرار هذا الحرف..وينسجم مع الفكر العميق الذي حمله الشاعر ضمن الدلالات المختلفة التي تقبع بين جدران الذات والبيئة ..
كما أننا نرى تراكيب اللغة متلائمة مع الغاية الذاتية التي أرادها الشاعر والتي ساهمت بمنح الخيال أبعاداً تتلاءم والحدث والمشاعر والصراع الذاتي المرتبط بالبيئة وتصادمه مع الواقع مما ساهم في تحريك منابت البوح بحيث تتلاءم مع الأزمة والمعاناة الموجودة في المجتمع اليوم..
بورك بهذا المداد وهذا القلم الراقي الذي قدم لوحة مبهرة ما يزال تحتها تأويلات لم تعرض بعد...
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
.
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية
عبدالحليم الطيطي
12-07-2020, 03:11 PM
أبتغي تمزيق قبري...
ضوء عيني فرَّ قَبلي
فرّ ذئبي..من عيوني ..راح يجري
صار يصرخ في الحياة ..فذاك صوتي.......
طار صوتي فوق دربي ..
ألْفُ أَصرخُ ..غايتي تجتاز عمري ...!
غايتي قبلي وبعدي ........
غايتي تمتدّ أميالا ..ولا أمشي كنفسي
لا أُباريها وكُلّي حثّ حسّي ..
كلّ ركضي ....ليس يمشي
ثم فرّت نفسي مِنّي ..فرّ صوتي
فرّ منّي ذئب نفسي
.....
أبتغي تمزيق قبري...
عنوان ضخم مثير للقراءة والتمعن والإبحار بين أسراره...
قرأت هذه اللوحة مراراً..وفي كل مرة كانت تتكشّف جوانب جديدة مع كل قراءة..
عنوان ملفت للسبر بين أغواره..واستخراج درره النفيسة من عمق في الفكر ومن توظيف للفلسفة...
ما لفت انتباهي في هذا الحرف
هو استخدامه لكلمات القبر والموت..كثيرا
وهذا مؤشر يضيء لكيانه الذاتي وعمقها واستخراج الدنيا منها وتأنيبها...والعمل على محاسبة الذات لتبقى نقية طاهرة..
فالروح هي محرك الجسد ..حسب ذبذباتها الروحية أو التطلع للدنيا من جوانب عديدهة..
فالشاعر في جميع حروفه يبحث عن تغيير الحياة للأفضل ومحاولة استخراج الفساد والخبث منها لعالم الروح والنقاء...
في هذه اللوحة المذهلة الرائعة عميقة الفكر تشوبها فلسفة الذات التي تحرك معالمها نحو الخلاص من عالم المادة...
أبتغي تمزيق قبري...
هنا من خلال العنوان..الشاعر يريد حياة الكرامة والحق والعدل والنقاء..إذ يرفض مبدأ النفوس الميتة التي ماتت بلا معنى ولا كرامة..
يبتغي تمزيق قبره..لأنه لا يريد عيش الذل والقهر والخنوع..يريد للعودة للحياة للعمل نحو العزة ونحو العدل ورضى الله...
أو ربما أراد الشاعر بتمزيق القبر ..هي عملية التغيير التي يتمنى بها لو عادت به الحياة ليجتث الفساد ورؤوسها..
عملية التمزيق عملية مجبولة مع الوجع والقهر والحركة..بمعنى تقطيع الشيء وتحويله لمادة أخرى تغيرّت معها معالمها ..بمعنى انتقال من شكل لآخر يخدم تلك القوة التي أفرزتها تمزيق الواقع ..
يبدأ الشاعر لوحته الإبداعية بقوله:
(ضوء عيني فرَّ قَبلي
فرّ ذئبي..من عيوني ..راح يجري
صار يصرخ في الحياة ..فذاك صوتي.......
طار صوتي فوق دربي ..
ألْفُ أَصرخُ ..غايتي تجتاز عمري ...!
غايتي قبلي وبعدي) ..
ضوء عيني فرّ قبلي...
الشاعر في هذه اللوحة يتطرق للعمل على الذات..إذ يحرك منابت الذات عن طريق معالم الجسد.. ابتدأ من ضوء العين ..ثم الصوت..ثم المشي الذي يشير للقدمين.. قلبي..الخيال...
وكلها تدور في بوتقة الذات...
وكأنه يريد القول..أن محوار التغيير تتحر من القيود إذا قمنا نحن بتغيير الذات..كل التغييرات تعمل وفق ما تكتنز الذات من قوة ومن تحويل وتغيير...
وهذا هو سر جمال هذه اللوحة البارعة النسج المتقنة الألفاظ بأبعادها التأويلية الواسعة المدى..
فعندما نعمل على تحرير الذات من قيودها لتنطلق نحو السماء والطهر والنقاء ..فإنها ستحدث في عالمها تغييرا جذرياً فيج البيئة الخارجية ..بالمجتمع وعلى مدى أبعد من ذلك...
وتحضرني الآية العظيمة بقول الحق -تبارك وتعالى- في سورة الرعد:
"إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]...
ومن منطلق هذه الآية العظيمة..التي تعتبر منهاج عمل لتغيير جذور الحياة انطلاقاً من تغيير جذور الذات..
إذ هي دعوة لتصحيح عقيدة الفرد..والوقوف على مواطن الضعف في الذات وتقويتها بتوجيه البوصلة إلى الله سبحانه..لأن عملية التطهير الذاتي تبدأ من قوة الذات للتغيير..والتغيير لن يحصد ثماره الطيبة إلا إذا بدأ بقلع الخبث والحقد واللؤم الذي ينطوي بين جوانبها.. والتغيير يعمل باتجاهين معاكسين..إما تغيير الذات لمعالم النور ..وإنما تغيير الذات لمعالم الضلال..وكل واحدة تعمل وفق قوى التجاذب الذاتية..أي حسب قوة الذات وموقعها من الإيمان..
والمساعدة الحقيقية التي تثمر فعالها حين يبدأ الفرد بمعول التغيير نحو السمو والرفعة وفق منهاج الله حينها تأتي الآية الكريمة ..لا يغير الله بقوم حتى...يغيروا ما بأنفسهم..بمعنى أن الله سيعيننا على ذلك إذا بدأنا بمرحلة التطهير الذاتي وفق شريعة الله وما يرضيه..
وهنا نفهم أن هذه الآية تحمل شمولية كبيرة.. وبتنوع كبير.. وباتجاهين إثنين على صعيد مستوى أمة وعلى مستوى فرد...
لذا نحتاج لمناهج تغيير صحيحة لنهوض الأمة أفراداً ومجتمعات..
ولن نجدها فيما نستورده من مناهج غربية أو شرقية بعيدة عن رسالة السماء...لأنها لن تفلح أبداً ولن تحقق الأهداف...لأنها بالطبع تعمل على التغيير الخارجي فقط...
ويأتي قول الشاعر الذي يحمل مثل هذه المضامين والدلالات المعبرة عن واقعنا المؤلم وعلاقته بتغيير الذات...
حينما قال الشاعر:
(ضوء عيني فرَّ قَبلي
فرّ ذئبي،،من عيوني ،،،راح يجري )..
ضوء العين يفرّ قبل ذات الشاعر وجسده..والضوء هو كناية عن الرؤيا البعيدة والقريبة للبيئة المحيطة للشاعر والتحسس بالكون وأسراره ورؤية كل شيء على حقيقته..والضوء هو نور البصيرة والنظر لما يحيط الذات..
لكن عملية الفرار كناية عن رؤية شيء عظيم لا تحتمله النفس..كما يحدث في عصرنا اليوم من مجازر وحروب وقتل وتهجير وتجويع وتمزيق الأمة ببعضها البعض...
الشاعر هنا بمسحة الفلسفة الراقية يجبلها بحروف عميقة جدا تدل على براعته ومهارته في تعيين المضمون والدلالة لتشريح الواقع المؤلم والنفوس المزيفة بقالب جمالي إبداعي فذ..
وقوله ..فرّ ذئبي..من عيوني..راح يجري..
كلمة الذّئب..توحي للكثير..
فالذئب يوحي للإفتراس..للخبث ..للدهاء..للمكر والخديعة...
والشاعر هنا وظف( من وجهة نظري) الذئب يجري من العيون...لعدة أغراض سنلاحظها من قوله..
(ضوء عيني فرَّ قَبلي
فرّ ذئبي،،من عيوني ،،،راح يجري
صار يصرخ في الحياة ،،فذاك صوتي.......
طار صوتي فوق دربي ،، ،،،
ألْفُ أَصرخُ ،،،غايتي تجتاز عمري ...!
غايتي قبلي وبعدي) ..
راح يجري..صار يصرخ في الحياة..وصوتي فوق دربي...
الله الله على هذا العمق والوصف والصورة المبهرة التي تعلن للصوت الثورة على الباطل..
وكأنه يريد أن صوتي المتمثل بضوء عيوني..والتي تحمل ذلك الذئب على ما يجري من بؤس يقترفه الظالمون في الفساد وتمزيق أواصر هذه الأمة ..
يريد الشاعر أن يتحرك فيه الذات لتمارس حق الدفاع عن الظلم التي تجنيه من ساسة وقادة لا يعرفون الأمن والعدل على الأرض...
يقول الشاعر المبدع الراقي..(ألف ..أصرخ في الحياة..وصوتي فوق دربي..)
أراد هنا من الصوت أعلى من الدرب..فوق دربي...لأن الأنسان لا يملك أدوات الدفاع من عتاد.. للدفاع عن نفسه وعرضه وأرضه إلا الصوت ويا ليته يعلو...لذلك جعل الصوت فوق الدرب..بحيث الدرب تشير تحقيق النصر والعمل والحراك...
لذا نرى تلك الفلسفة العذبة التي تروي الذائقة وهو يرسمها بريشة جمالية متقنة اندمجت مع عوامل الذات ومشاعرها الجياشة...
وفي قوله غايتي تجتاز عمري)
الغاية هنا ليست كلمة عابرة..ولم أرى كلمات عابرة إلا ووضع الشاعر لها أعمدة وأسس لبناء هذه اللوحة بألوانها الزاهية..
الغاية بمعنى الهدف..الوسيلة ..الطريقة..وربما الأحلام..
بمعنى أن تطلعاتنا في الحياة وأهدافنا ورؤيانا هي أكبر من عمرنا ومن جيلنا وتجتاز العمر...
ولكن الأيدي والأرجل مكبلة...
رائع ما تحمله هذه الصورة والأوصاف البديعة...
يكمل الشاعر قوله:
(أقلعت مني طيوري الجارحات ....وكلّ خيلي
كُلّ نفسي في الحياة تناثرت ،،دوني وخلفي .)..
صورة حياتية واقعية للذات ..إذ متى تخرج من النفس نزعة الشر التي تتمثل في قوله..طيوري الجارحات.. بالرغم من أننا نحتاجها ضد الطغاة والذين يدنسون مقداساتنا وأرضنا..لكن تبقى نزعة الخير هي الأسمى لتكون رفيقة منهاج الحياة مع المجتمع والبيئة ..
عملية تناثر ما في النفس..هي عملية عتاب ومحاسبة للنفس وتغييرها نحو السمو والنقاء..
فالذات حين تتناثر ..تخرج عن قواعدها الآمنة المكبوتة في الذات ..حينها تحتاج لإعادتها بطرق إيمانية تجلي ما علق بها من علق...
يكمل الشاعر خريدته بقوله:
(تلك كُلّ عيون نفسي
تلك اشواقي تجوس الأفق ،، أَتبعُها بحسّي
.......هذا ليلي هذا بَدري ...........في الخيال أشدّ شَعري ..!!
أبتغي تمزيق قبري ....!)
يعود للذات والصراع القائم فيها وتأثير الحياة على سلوكها..صراع الذات هو من أصعب الصراعات وأعنفها لأنه يقرر مصيرها وموقعها من الحياة..
يصف الشاعر هنا موقع الذات من البيئة المحيطة وما فيها من مختلف المشاعر والتناقضات..ليصل لمقولته التي يرددها في هذه اللوحة الباذخة..هي
أريد تمزيق قبري...بمعنى التجديد والتغيير ..لا يريد موت الحياة في ذاته ولا تكميم الأفواه ولا قيود الأيدي وكسر الخطوات..يريد تمزيق موته في الحياة ليكون إنساناً بكل ما تحمل الكلمة من معنى..ليعلو لدرجة النقاء..ليحقق الأمن الذاتي والفكري والإجتماعي..ليكون سعيداً بخطوات السلام نحو الله السلام..
ويختم الشاعر هذه الباذخة التي حملت في طياتها الكثير الكثيييير..بقوله:
(صوت ذئب ،، أوحشته البيْد نفسي
ظِلّ خيْلٍ مع صهيلٍ ....لا عَبَت في الّليل شمعي !
،، سِربُ طير ....مَرّ في آفاق عيني
ألفُ بحر جاز قلبي ،،،،،شِبْرُ عمري هل يسعني .....!)
ويبقى التأويل واسع المدى على كلمات حملت صفحات لا تعد ولا تحصى..
ويبقى للذات مكنوناتها المتعددة وتصاويرها المختلفة..والتي أتقن رسمها الشاعر بحرفية متقنة تدل على براعته ومهنيته العالية في عملية دمج الحروف والمشاعر في قالب واحد نتج عنه لوحة باهرة زاهية الألوان..
إذ رأينا التلاعب بجمل ومفردات اللغة ليوفر بها الشاعر قدرة عالية ترمي إلى دهشة المتلقي..
استطاع الشاعر هنا أن يربط بين الذات وصراعها والفلسفة العميقة ما بين الذات والحياة..بحيث تتلاءم والصور الإبداعية
الحية..
النص استطاع أن يفتح المجال للخيال أن يحلق عالياً في أسرار هذا الحرف..وينسجم مع الفكر العميق الذي حمله الشاعر ضمن الدلالات المختلفة التي تقبع بين جدران الذات والبيئة ..
كما أننا نرى تراكيب اللغة متلائمة مع الغاية الذاتية التي أرادها الشاعر والتي ساهمت بمنح الخيال أبعاداً تتلاءم والحدث والمشاعر والصراع الذاتي المرتبط بالبيئة وتصادمه مع الواقع مما ساهم في تحريك منابت البوح بحيث تتلاءم مع الأزمة والمعاناة الموجودة في المجتمع اليوم..
بورك بهذا المداد وهذا القلم الراقي الذي قدم لوحة مبهرة ما يزال تحتها تأويلات لم تعرض بعد...
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
.
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية
.................الف تحية يا أستاذة جهاد ،،،جهد كبير رائع وبليغ ،،،،أتمنى لو يظلّ ملحقا بالنص ،،،لأنه نموذج للتحليلات الادبية الجميلة ،،،
وأشكر هذا النص الذي لفت انتباه الشاعرة العزيزة الزاخرة ،،،،،،،،،،،التي اسعدني ثناؤها كثيرا ،،،،،،،،،،،،،،
الف سلام والف سلام وامتنان ،،،،،،،،،الأديبة العميقة القديرة / جهاد
محمد فتحي عوض الجيوسي
12-14-2020, 09:25 PM
الله يا استاذ طيطي لكل هذا الابداع والوجع الرائع في غياهب النفس يال الروعة
محمد عبد الحفيظ القصاب
12-27-2020, 05:19 PM
تجيد تقطيع الألم ببراعة
وإضاءة المبدعة جهاد لا يقلّ ألقاً
تحياتي والمحبة
vBulletin® v3.8.9 Beta 3, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir