كوكب البدري
03-03-2017, 12:11 AM
وللكلماتِ ملامِحُها ؛
إبحارٌ في ديوان الشّاعر جعفر الخطاط (ملامحُ رسمتَها الكلماتُ)
ليس من السّهلِ تحديد ملامحَ الأيَامِ ، والأمكنةِ ، والنّساء والغاباتِ ، والصّحاري ، والمنافي ،والبلاد ،والقوافي رسماً ؛ فكيف لو كانت القصائدُ هي الرّاسمة لتلك الملامح التي طافت في خيالاتِ شاعرِنا المبدع جعفر الخطَاط ؛ تلك الملامحُ التي تسابقُ فرشاةَ اللونِ نحو اللوحةِ ؛ أملاً بالخلودِ على جدارٍ من ورقٍ ،بدلاً من الموتِ في ثنيّاتِ فكرةٍ ضائعةٍ ..
لقد توزّعت الملامحُ التي رسمَتْها كلماتُ شاعرِنا بين ملامحِ الوطنِ المكبّلِ باللصوصِ , وملامحِ أسرار العاشقاتِ الموثقات عهداً للغياب .. وبين ملامحِ ذبول الوردة المنسيّة قربَ مقعدِ موعدٍ مؤجل , وقيامةِ الخال من خلف نوافذِ المساء ...فأفهرسُ هذه الملامح إلى :
1- ملامحُ بغداد
ملامحُ دجلةَ ، وشهرزادَ ، والجسرِ، وعيونِ المها ، وسطوحِ المنازلِ صيفاً ، والقمر المتدلَي حلماً على ضفافِ النّخيل ، والمواعيدِ وأحلام العذارى , كلَها مرسومةٌ في أربعِ قصائدَ موّشاة بخيالِ عاشِقَينِ عند دجلة , فيهتفُ بحبّ بغدادَ قائلاً:
"بغدادُ ياسرّ الوجودِ تنعّمي
فالليلُ أطرق في الجفون مسهّدا"
ويهمسُ في قصيدة أخرى:
"سلاما لليلكِ (بغداد) عودي
وغنّي نشيدك فالبدر غافِ
سلاما لهمسكِ لو قلت شعرا
تحجّ إليك جميع القوافي"
2- ملامح حبٍّ كبير
تغرّدُ ملامحُ البلاد في عينيّ من يهوى ، وإن رسَمتْ المسافاتُ حواجزَ لا تجيز اللقاءَ , فيقول:
"ولو طال الفراق سنينا
وحالت بيننا سبل التجافي
سيبقى الشعر في عينيك يروى
ويبقى العشق عشقك لاتخافي"
3-ملامح الإنكسار
أمّا ملامحُ مواجعِ الذّكريات التي رسَمتْها أعوامُه على وجههِ ؛ فقد رتّلَ حروفَها كأغنيةٍ من الحرمانِ أمام قنديلٍ لا يبعث ضياؤه سوى هواجسِ الإنكسار؛ فيتكوّمُ في طيّاتها كشظايا من الحطام فيهتفُ مخاطبا ذاته:
"ها أنت تشطب من سنينك عاما
وتذرّ خلفك في الشّباب حطاما
4- ملامح الهجرة
وفي قصيدةِ (صرخةُ مهاجرٍ)؛ يرتدي شاعرُنا ملامحَ الخيبة والمرارةِ المضرّجةِ بالغضب ، واليأس ، والاندفاع نحو المجهول، ونحو طريقٍ لايفضي إلا صوبَ بابِ الاغتراب عن جدران الذّكريات , وعن حدائقَ كانت جنّةً من ضحكةِ الأمّهاتِ ، وعطرهن الشّذيّ ؛ وليس في حقيبةِ هجرتِهِ غير جواز سفر غامض الملامح هو الآخر , لايدري أيّانَ يومُ الإيابِ؛ فيقول:
"وودعت الدَيار وفي ندائي
أيا دار الأحبة من يجازي
سنيناً ضاقت الأيام فيها
ولم تثنِ العزيمة باهتزاز
وأبقيت الغلاف على حدودي
عسى يوما أعود وذا مفازي"
كوكب
إبحارٌ في ديوان الشّاعر جعفر الخطاط (ملامحُ رسمتَها الكلماتُ)
ليس من السّهلِ تحديد ملامحَ الأيَامِ ، والأمكنةِ ، والنّساء والغاباتِ ، والصّحاري ، والمنافي ،والبلاد ،والقوافي رسماً ؛ فكيف لو كانت القصائدُ هي الرّاسمة لتلك الملامح التي طافت في خيالاتِ شاعرِنا المبدع جعفر الخطَاط ؛ تلك الملامحُ التي تسابقُ فرشاةَ اللونِ نحو اللوحةِ ؛ أملاً بالخلودِ على جدارٍ من ورقٍ ،بدلاً من الموتِ في ثنيّاتِ فكرةٍ ضائعةٍ ..
لقد توزّعت الملامحُ التي رسمَتْها كلماتُ شاعرِنا بين ملامحِ الوطنِ المكبّلِ باللصوصِ , وملامحِ أسرار العاشقاتِ الموثقات عهداً للغياب .. وبين ملامحِ ذبول الوردة المنسيّة قربَ مقعدِ موعدٍ مؤجل , وقيامةِ الخال من خلف نوافذِ المساء ...فأفهرسُ هذه الملامح إلى :
1- ملامحُ بغداد
ملامحُ دجلةَ ، وشهرزادَ ، والجسرِ، وعيونِ المها ، وسطوحِ المنازلِ صيفاً ، والقمر المتدلَي حلماً على ضفافِ النّخيل ، والمواعيدِ وأحلام العذارى , كلَها مرسومةٌ في أربعِ قصائدَ موّشاة بخيالِ عاشِقَينِ عند دجلة , فيهتفُ بحبّ بغدادَ قائلاً:
"بغدادُ ياسرّ الوجودِ تنعّمي
فالليلُ أطرق في الجفون مسهّدا"
ويهمسُ في قصيدة أخرى:
"سلاما لليلكِ (بغداد) عودي
وغنّي نشيدك فالبدر غافِ
سلاما لهمسكِ لو قلت شعرا
تحجّ إليك جميع القوافي"
2- ملامح حبٍّ كبير
تغرّدُ ملامحُ البلاد في عينيّ من يهوى ، وإن رسَمتْ المسافاتُ حواجزَ لا تجيز اللقاءَ , فيقول:
"ولو طال الفراق سنينا
وحالت بيننا سبل التجافي
سيبقى الشعر في عينيك يروى
ويبقى العشق عشقك لاتخافي"
3-ملامح الإنكسار
أمّا ملامحُ مواجعِ الذّكريات التي رسَمتْها أعوامُه على وجههِ ؛ فقد رتّلَ حروفَها كأغنيةٍ من الحرمانِ أمام قنديلٍ لا يبعث ضياؤه سوى هواجسِ الإنكسار؛ فيتكوّمُ في طيّاتها كشظايا من الحطام فيهتفُ مخاطبا ذاته:
"ها أنت تشطب من سنينك عاما
وتذرّ خلفك في الشّباب حطاما
4- ملامح الهجرة
وفي قصيدةِ (صرخةُ مهاجرٍ)؛ يرتدي شاعرُنا ملامحَ الخيبة والمرارةِ المضرّجةِ بالغضب ، واليأس ، والاندفاع نحو المجهول، ونحو طريقٍ لايفضي إلا صوبَ بابِ الاغتراب عن جدران الذّكريات , وعن حدائقَ كانت جنّةً من ضحكةِ الأمّهاتِ ، وعطرهن الشّذيّ ؛ وليس في حقيبةِ هجرتِهِ غير جواز سفر غامض الملامح هو الآخر , لايدري أيّانَ يومُ الإيابِ؛ فيقول:
"وودعت الدَيار وفي ندائي
أيا دار الأحبة من يجازي
سنيناً ضاقت الأيام فيها
ولم تثنِ العزيمة باهتزاز
وأبقيت الغلاف على حدودي
عسى يوما أعود وذا مفازي"
كوكب