المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( الرمح القتيل ) قصيدة الشاعر مهتدي مصطفى غالب


مهتدي مصطفى غالب
04-29-2017, 08:31 AM
((الرمح القتيل))

قصيدة للشاعر: مهتدي مصطفى غالب
((إني أموت ..... ))
((كم من الوقت سيمضي .. كي نعيش ... ))
لستُ آخرَ وليدٍ
و لستُ أولَ قتيل
لبست جلد الحضور
و جئت كرمح الوقت
طعنت أديم الأرض
حفرت غدي الجميل
كماء الليالي العابقة بالأريج
لست آخر قتيل
لست أول وليد
و هذا انغماس الأصابع باللذة
و العين بالحبور ...
و القلب بالصهيل
*** *** ***
ينتشي الوقت حين الحضور
فاركض بين الخلق و القتل حين دمي رواحل
خارجة من أديرة الشرايين
تنزٌّ موائد و كواكب
تترمد على خاصرة الضوء
تلاحقني الزلازل و القامات الممدودة للطعن
احمل قلبي كالظل قبلة للفجر
و ارسم ريقك على شفتي خمر
جئتني قبلة و لوثة و ضفة
و في راحتي
يضيء وجهك كالشهاب
و أنت تفاجئيني بالرحيل
من وجهك إلى رائحة رؤياك
التي لم تفارق دمي حتى الآن
حين تنتفض الفراشات
تخبو المصابيح أو تنكسر
أنت خيام قلبي و ملجئي الأخير
و ضرع فمي ...
و رائحة الماء التي كانت بدء الخلق
ها أني اصرخ لك...
و قلبي عليك ...
و قلبك علي دافئ كرائحة جسمك على جسمي
حين دمي يركض كالغزال ..خلف انقراضه
و الطلقات التي تلاحق خطوه
تعالي ....
هذا هو زمن الفشل و الصراخ الضحل
تعالي ....
لا قبلة إلا ما توزعه الجرائد الفضفاضة
على الأفكار الجميلة
وقلوبنا المليئة بالمواجع
هل نسكن كهف وحدتنا ؟!
و تنام راحتاك على القلب
ليموت بهدوء .. ؟!
هو صراخنا ..
و لا واقعة إلا موتنا القريب
آه .... لو أن الأطفال في بلادي ..
يرضعون الحجر لا الحليب
آه لو أن الأطفال في بلادي
يرضعون الدم لا الهم
لفاجأنا الشمس بالحضور
*** *** ***
هذا الصباح
أخرج من سباتي كالضفادع
أشرب القهوة
أمشي إلى وقتي
الذي ينام كالاضبارة على طاولة عتيقة
أحمل قلبي ... حين كان فيَّ خفقات
أحمل جسمي .... حين كان لأصابعي أظافر
و أذهب صوب الوقت الضحل و البطالة المقنعة
أحمل عقلي .... وهو لا ينام
و اركض خلف اللقمة ..من اليقظة إلى الأفول
احمل دمي .... حين كان فيَّ دم
و أمشي خلف الطوابير
و لا زلت أصرخ لك ِ
و في دمي تنتهي الطلقات
*** *** ***
هذي بلادي
حين كانت القبلة حلوة كوجه ٍ مريمي
هذي بلادي حين كان لي طفلٌ
و امرأة تعجن جسمي بأصابعها..
رغيفاً يضيء وجه العالم
هذي بلادي حين كان لي جسدٌ و نزوة
هذي بلادي
حين كانت لي قلباً
هذي بلادي
إن تساقطت الطلقات كالمطر أو الغبار
هذي بلادي
إن عبأت الساحات المشانقُ و العصيُّ
هذي بلادي
هي فيًّ .... و أنا الرمح القتيل
*** *** ***
أقعد في متحف قهري أبيع لأشتري
كي تطفر وردة الوحي
و تخرج الشمس إلى فجرها
و اذهب إلى الاستلقاء
و امرأتي تفليِّ ثدييها
أهذا آخر النبع؟!
لا القبلة تغسل الأطباق
لا الحبُّ يُرْضِعُ الأطفال
هي امرأتي ....
تجلس أمام صمتها
و عينها صوب الآبار البيضاء
تجلس أمام الأغنية
ويدها على الضرع الذابل
تجلس أمام المذبح و كفّها على قلبها المضخة
تجلس أمام وجهها
و روحها تلاحق الانطفاء
لأمضي صوب سكري و قتلي
طفلٌ يأكل ثدي أمه
طفلٌ يلتهم دمي كل صباح و صراخ
طفلٌ يمصُّ أصابعه كالحلوى
طفلٌ يرضع وجهي
يلوك أمه كالعلكة
و يأكل هذي البلاد
التي خرجت قصيدة من الحجارة و المساء
إنها بلادي
حين يُقْتَلُ الحلمُ و الغيم
إنها بلادي
حين ينطفئ القلب و الضوضاء
إنها بلادي .... تحمل آخر الروح الحيّ
و تمضي صوب الفساد بلا خجل
اخرج من طفلي
اخرج من امرأتي
اخرج من وطني
اخرج من كفّي
اخرج من دمي
اخرج من قلبي
اخرج من جسمي
اخرج من روحي
و اركض خلف فنائي
و أنا أتأبط مقصلتي .
**** ****

الدكتور اسعد النجار
04-29-2017, 02:33 PM
نص كمتحف ضم نوازع وجدانية وهواجس نفسية

ومللوج طافح بأفعال أمر حاسمة

تحياتي

مهتدي مصطفى غالب
04-30-2017, 03:05 AM
نص كمتحف ضم نوازع وجدانية وهواجس نفسية

ومللوج طافح بأفعال أمر حاسمة

تحياتي

شكرا لكلماتك الراقية
صديقي الدكتور أسعد النجار
التي أسعدت قلبي
و دكت بألف خير

ألبير ذبيان
05-02-2017, 09:56 AM
حقا..
إنها كما تفضل دكتورنا الغالي
متحف حوى نفائس الكلم بأرقى المعاني وجزيل الشعور المضمخ بالرونق الأخاذ
والبديع...!
أي حرف هذا الذي أسكرتنا به أيها القدير!؟
سلمت أناملكم والحواس
تحتاج قراءات وقراءات..
محبتي والاحترام


تثبت للجمال

نجلاء وسوف
05-02-2017, 06:24 PM
آه .... لو أن الأطفال في بلادي ..
يرضعون الحجر لا الحليب
آه لو أن الأطفال في بلادي
يرضعون الدم لا الهم
--------------------------
الأديب والشاعر مهتدي مصطفى
اشتقنا لحضورك أولاً
ثم هذا النص الذي اخترق العظم بوجعه وقوة مفرداته المؤلمة
يستحق أن يكون في الواجهة
نحن قوم نكتب بكل ما أوتينا من أمل وألم ونصنع من العدم هواء لنتنفس مابقي في الأفق
كل التقدير والاحترام لك ولهذا النص الشاهق ثم يُشكر العزيز ألبير لتثبيته النص
مودتي ..

عوض بديوي
05-06-2017, 09:37 AM
ســـلام الله وود ،
الله الله الله
أخي وشاعرنا أ.مهتدي مصطفى غالب يحفظه الله ،
نص دقيق جدا ذو أبعاد مختلفة منها متشابك،
من خلال سردية نثرية شعرية ماتعة :
وتكفل المطلع بإطلاق شرارة الدهشة :
"((إني أموت ..... ))
((كم من الوقت سيمضي .. كي نعيش ... ))
لستُ آخرَ وليدٍ
و لستُ أولَ قتيل
لبست جلد الحضور
و جئت كرمح الوقت
طعنت أديم الأرض
حفرت غدي الجميل
كماء الليالي العابقة بالأريج
لست آخر قتيل
لست أول وليد "
نص من نفائس الحكي في ركن قصيدة النثر وأغبطكم عليه...!!
حكى واقعنا المرير وتفاعل الذات الشاعرة مع المتغيرات المختلفة ؛
فكانت القفلة شبه الجنائزية الوجه الآخر للمطلع...
ورغم الوجع نص أتى على الجمال...
شكرا للامتاع...
لكم القلب ولقلبكم الفرح
بورك المداد
مودتي و محبتي

مهتدي مصطفى غالب
11-05-2017, 07:46 AM
حقا..
إنها كما تفضل دكتورنا الغالي
متحف حوى نفائس الكلم بأرقى المعاني وجزيل الشعور المضمخ بالرونق الأخاذ
والبديع...!
أي حرف هذا الذي أسكرتنا به أيها القدير!؟
سلمت أناملكم والحواس
تحتاج قراءات وقراءات..
محبتي والاحترام


تثبت للجمال

شكرا لك صديقي
نعتق ارواحنا خمرة لتنسكب حروفا على راحاتكم
لك محبتي و تقديري و شكري

مهتدي مصطفى غالب
11-05-2017, 07:49 AM
آه .... لو أن الأطفال في بلادي ..
يرضعون الحجر لا الحليب
آه لو أن الأطفال في بلادي
يرضعون الدم لا الهم
--------------------------
الأديب والشاعر مهتدي مصطفى
اشتقنا لحضورك أولاً
ثم هذا النص الذي اخترق العظم بوجعه وقوة مفرداته المؤلمة
يستحق أن يكون في الواجهة
نحن قوم نكتب بكل ما أوتينا من أمل وألم ونصنع من العدم هواء لنتنفس مابقي في الأفق
كل التقدير والاحترام لك ولهذا النص الشاهق ثم يُشكر العزيز ألبير لتثبيته النص
مودتي ..
شاعرتنا الراقية أبداً
سعادتي لا توصف بكوني في أسرتي معكم ...
تتفتح براعم كلماتي ...بقراءتكم لها ...
دمت بخير
لك مودتي و تقديري و احترامي

مهتدي مصطفى غالب
11-05-2017, 07:53 AM
ســـلام الله وود ،
الله الله الله
أخي وشاعرنا أ.مهتدي مصطفى غالب يحفظه الله ،
نص دقيق جدا ذو أبعاد مختلفة منها متشابك،
من خلال سردية نثرية شعرية ماتعة :
وتكفل المطلع بإطلاق شرارة الدهشة :
"((إني أموت ..... ))
((كم من الوقت سيمضي .. كي نعيش ... ))
لستُ آخرَ وليدٍ
و لستُ أولَ قتيل
لبست جلد الحضور
و جئت كرمح الوقت
طعنت أديم الأرض
حفرت غدي الجميل
كماء الليالي العابقة بالأريج
لست آخر قتيل
لست أول وليد "
نص من نفائس الحكي في ركن قصيدة النثر وأغبطكم عليه...!!
حكى واقعنا المرير وتفاعل الذات الشاعرة مع المتغيرات المختلفة ؛
فكانت القفلة شبه الجنائزية الوجه الآخر للمطلع...
ورغم الوجع نص أتى على الجمال...
شكرا للامتاع...
لكم القلب ولقلبكم الفرح
بورك المداد
مودتي و محبتي
شكرا لك شاعرنا الصديق المحب
الكلمة تعشق عاشقها
حروفنا تنسجها أرواحنا ..
لتنسرب قصيدة من ماء مواجعنا و حقيقتنا
رأيت نفسي تترقرق بين كلماتك
لك محبتي و تقديري و شكري
دمت بخير