المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خوض خجول في نص (خذيني) للشاعر ألبير ذبيان


هديل الدليمي
11-16-2017, 06:04 PM
خذيني إليكِ
هكذا وبلا مقدّمات يفاجئنا الشاعر بطلب قاطع.. ويحلّق بنا على بساط الترجّي
لم يمنحنا حتى فرصة الإمساك بخفقاتنا قبل اللّحاق به
"خذيني"
إلى أين؟ وسبل الأحلام مستديرة، تجذب الخطى إليها
تلفّ بها باهرات الإرَبْ، وتعيدها خاوية على عروجها
أهرقتُ من جعبتي كلَّ الكتابةِ
مرِّي بي أصداءَ الحواراتِ
ممسوساً بحناكِ
ملتفعاً أروقةَ السَّحرِ
ترمقني بريبةٍ خفقاتُ النُّجوم
تستغربُني الإنسُ في أماسيها السهر
محفوفاً بكنهكِ
أرشفي احتياجي ملكوتَ أقداسكِ
ضعيني هناكَ
زاهداً
عابداً
قابعاً حيثيَّاتِ كيانكِ
أزاولُ ضَوعي أحجياتِ مفاتنكِ
تعزفُني أوتارُ القمرِ ليلاكِ اللُّجين
كوجهكِ المحترفِ الإغواء
أيقظي سراديبَ أوهامي
لوِّني رمادها بحمرةِ وجنتيك
انحدر النزيف بلغة مصقولة بوضوح لامع
ينم عن عاشق مهترئ الأعماق، منفصل عن كل ما يحيط به
متأهّب تماما للعوم في أعماق فتنتها، هارب من سجنه القابع تحت سراديب الورق
نثريّة وضعت نفسها في إطار العاطفة الأرجواني، فاكتملت لوحة خلاّبة
أبهرت قرّاءها بجرأتها الخلاّقة المهذّبة
تخطف بصري أكثر من التماعة فنيّة برشاقة لفظية جليّة تتناغم مع التراكيب والصور بشكل بديع
أي روح قلقة هذه التي تسكن النص، وتزلزل قارئيه بتذبذبها النفسي اللاذع
كأن الشاعر يحاول إيهامنا بأن نصّه يقوم على تركيبة حوارية بين طرفين
لكن المضمون لا يلبث أن يفصح عن الحقيقة، حيث يمضي الحوار في ممرّ واحد
فيما الطرف الآخر صموت كـ أيقونة وربّما لا وجود له إلا في مخيّلة الشاعر
ثمَّ...
باعديني عن أقلاميَ المكسورة
جبرتُها آلافَ الهنبسات
في دهليزٍ ما
جلستُ أتمتِمُ ملامحكِ تارات!
أمسحُ عن المرايا غبارَالوجوم
كتبَني صدى صوتِكِ ذاتَ انهيار
حروفاً نورانيَّةً تتآكلُ صدئي..
نلاحظ هنا حال الأصابع المزري وهي تتلو اللهفة بأقلام مذبوحة
تحت وطأة انهيار أوثق المشاعر بسلاسل الواقع الخذول
توظيف لافت للحروف.. يدعمه الذوق ويميل إليه المنطق، إذ أنها لم تخرج عن مألوف العقول الصاغية ومعتقداتها الحسيّة
نأخذ هنا بعض النماذج عبر أساليبه الحاذقة المتنوّعة
الأمر (باعديني عن أقلامي..) والإستمالة (أتمتم ملامحك.. أمسح عن المرايا.. كتبني صدى صوتك..)
صراع داخلي، وفيض أغرق النص باحتجاجات مشروعة تعبّر عن انكسار الأنا فيه
فخذيني...
ليلي داجٍ تنتهزهُ الجنِّيَّات
تستغلُّ الأشباحُ سوادهُ العربيد
حاوريني كزلزالٍ يشتدُّ كلَّ هذيان!
بيارقُ الآمالِ تبرعمت في شفاهِكِ الملاك
قطفتْها خفقاتُ قلبي
تسوسنتْ أريجَها دمائي
الخريفُ يرسُم معالمي تعاليمَ احتدام..
مرايايَ زلقةُ الملامح
عشقُكِ إكسيرٌ حريق!
رمادي بلسمٌ وشفاء..
عاد بنا الشاعر لذات المشهد بإلحاح شرس لا يعرف التقاعس
"خذيني"
خفقات متصاعدة، دماء تغلي، احتدام عات
يمتدّ صوت الرجاء بنفس مقطوع بسكّين اللاّ جدوى
يصارحها بنبرة الليل الساهدة، يسألها العناق في ظل ظروف شائكة المصير
وجدت اتساعا فارها في آفاق حرفه المغامر والذي كثيرا ما يستهويه الهروب من خلاله إلى مدارج الخيال
ببلاغة مؤثرة وواعية، وعمق يسحر أحداق القارئ المتذوق فيشعر أنه يعوم هناك في بئر الجوارح الغائر
خذيني...
انفصمتُ عن ماورائيَّتي كرماكِ
اعتزلني وعيي
تناثرتْ نبضات عصبوناتي متنكِّرةً للدِّماغ!
أكتُبكِ بما تذكُرهُ أناملي بعدكِ
لا بحرفنةِ الكُتَّاب!
أتنرجسُ.. لأنَّكِ حبيبتي
أتضوَّعُ عبيرَالياسمين..
أتقمَّصُ رقَّتهُ لأنَّكِ الأثير
احمليني أبعادَكِ السَّماويَّةَ الأرقى
ضمِّخيني جبروتَ أنوثتكِ الأرق!
مرِّي بي عوالمَ الكائناتِ
كسلامٍ فقط!
وفقط... حينَ ينامُ الوقتُ
وينعدمُ الكلام...
خذيني.. جددها الشاعر مرارا داخل سياق الفكرة لتكون سيّدة الخطاب
وليثبت دورها وتقييمها كـ هدف مهم يتبنّاه المحور
يالها من رحلة شيّقة اشتركت فيها جميع الحواس الملموسة وغير الملموسة لتشكّل لنا حالة طارئة صاغها بدافع الحنين بتمكّن فنيّ رفيع
الأنثى الأرقى والأرق على وجه قلبه.. الأنثى التي منحها ذاتها بقدسيّة الغزل
والأنثى المعجزة التي ابتكرت في عينيه أعذب الدموع
(انفصمت عن ما ورائيتي، اعتزلني وعيي، تناثرت نبضات عصبوناتي) وكأن ذات الشاعر قد حاصرها العدم بإحباط مهيمن
خذيني..
انتهت من مواسمي الحكايات!
خبِّئيني في مكامنِ الخفقات
أزمنتي يجتاحُها الضَّباب
تيهٌ غاشمٌ يتربَّصُني
ضُمِّيني بين الحرارةِ والأنفاس
أسكنيني دفء الحويصلاتِ
تحوَّلتُ كيما أبلغكِ إلى نسيم
أسرعي
قابت تتنكَّرُ لي بصلافتها الأبواب
خريفي حزين
أرصفتي عمَّها استهلالُ الصَّقيع
كلُّ الأشياءِ تُنهيني
تكسَّرت أجنحتي
ماعاد يُسعِفُني الخيال
معطيات لغوية تنفخ الروح في جسد الحروف بحرفنة فائقة تجبر القارئ على التفاعل وتمسّه في الصميم
في سرب من المعاني الأخّاذة الموجزة التي لا تعترف بحشو والتي تجذب المتلقّي بسحر وعفويّة تدغدغ الذائقة
وهنا ندرك مدى ثقافة الشاعر ولباقته العاطفية التي لا يمكن أن تنمو إلا في أرض خصبة، حرثتها التجارب فأضحت قابلة للغرس
لاسيما العبارات الفاخرة التي رفعت مقام العشق عاليا رغم صرح الخيال الآيل للانهيار
ضميني يا أمل
غربتي بوقاحةٍ تُجيدُ الابتزاز
الطُّرقاتُ تتلوَّى أمامي
يفقدُني المسار
خريفي مريض!
تتوعَّدُهُ بقرِّها صلافةُ الشِّتاء
هاجرت سنونواتي
ها أنا
أعزلُ وحيد
أربِّتُ انتظاري
أكذبُ عليَّ
أنتهرُ ضجري
أرمُقُكِ بألمٍ ما
تفترسُني ضراوةُ الإياس
يبسط الشاعر أحماله المضنية على قارعة استعطاف لهيف
مما أتاح للبيان أن يكشف من خلالها عن تماه نادر استحوذ على ذاته الموغلة في تفانيها
غربة مبتزّة، طرقات تتلوى، خريف مريض، عزلة، انتظار، ضجر، ألم، إياس
تحالفت كلّها لتسجن النصّ في زنزانة من شجن مبين
يقتضي الشعر بمفهومه الغائر غضارة وخبرة في فكر الشاعر
وهذا ما لمحناه لدى الكروان ألبير... والذي سبق خطى توقّعاتنا بأميال من الدهشة
هلمِّي
عرَّشَ وهمي في مدافِنِ الأمنيات
حملتْ نعشي بسرورها الحروف
تقتلُني الكتابات!
أنتهي بين سطرينِ متوازيين
تيهٌ يجتاحُ نقاطَ النِّهايات
في عينيكِ إكسيرُالنجاة
أحبُّكِ
أحبُّكِ...!
يختال الشاعر برصف العبارات برمزية مطواعة تمنح الأذهان فسحة للاستدلال، والتلذذ بالعثور على الوجه الآخر للمعنى
وأجد من الصعب حقا أن يمرّ القارئ بنصّ بهذا التضلّع والإتقان دونما تذوّق واستعذاب
يشرح الشاعر آلامه لحبيبته النائية.. ثم يشرّحها بشفرة الحقيقة الحادة
قبرَ أمانيه في حضيض المستحيل، سئم الحروف والكتابات التي لا تغني ولا تسمن من جوع
سطورها كما سكّة الحديد متوزاية، تحمِل الجميع ولا تُحمل
تُدعس كلّ يوم.. ويفوتها القطار مرّات ومرّات ولا تلتقي قضبانها إلا بحادث مروّع يجتمعان فيه على شفا موت محتوم
أذكرُ أنَّها تشبهُكِ الرَّبيع
تجرَّدتُ من الملحقات
وسَمَني مجوني
وشمَ على جبيني بسطوتهِ العدم!
نعتَني بازدرائيَّةٍ فاضحةٍ بالهباء...
قصائدي لا تنتهي
تقنَّعتْ بخباثةٍ عاتيةٍ ملامحُ البدايات!
تعالي...
اشكمي نزيف البوح
أماتني ذرفُ الدِّماء!!!
نهاية هزيلة مصابة بخيبة عشقية عارمة، وليس ثمة أمل رؤوف يمتص غضب أوجاعها
يعذّبه ربيعها المؤجّل بتواريه خلف الحجب، والذي لا ينفك ينبض اخضرارا داخل شغاف مجهول العوالم
قصائد تتوالد مفجوعة بأمانيها، تعيش مكبّلة بأصفاد ماض راحل وذاكرة ملأى بالثقوب
تتضاعف دهشتي عند كلّ سطر وكلمة، في شعور مغرٍ يتعدّى الوصف، وحتى آخر رمق في النصّ بقيت أتحسس النداء القابع بين دفتيه
"خذيني"
ختاما جاءت الفكرة قمة في الأداء، محتفية بعشق خارق كسير بأسلوب سوي
رغم كميّة البؤس الطاغية عليه إلا أنه عكس المعاناة جواهرا انسابت كما الماء الزلال في حقول الروح الظامئة
خريدة أوقفتني على أعتابها طويلا.. تعاطفتُ وتألّمتُ وربّما بكيت
.
أخي الشاعر القدير ألبير ذبيان
شكرا كبيرة لكمّ الدهشة والمتعة التي وهبتنا إياها وعذرا لحروفي الكسولة
إن فاتها أن تقولك كما ينبغي ويليق
.
.
.
http://www.b30b.com/up//uploads/images/b30b-dfe50fe841.png

عامر الحسيني
11-17-2017, 11:28 AM
ابدع الفنان الشاعر ا.البير في نصه
وابدعت الرائعة الشاعرة حنان الدليمي في تسليط الضوء
على النص من زاويتها
قراءة شيقة جميلة
كلاكما رائعان لاشك
حياكما قلبي
http://www.nabee-awatf.com/vb/attachment.php?attachmentid=896&stc=1&d=1506682597

شاكر السلمان
11-17-2017, 01:37 PM
للخوض هذا بسمة تختال بامتياز
قراءة رائعة لنص رائع
بوركتما متألقان

عواطف عبداللطيف
11-18-2017, 11:15 PM
الغالية حنان
قراءة راقية لأعماق هذا النص الذي يستحق التوقف فعلاَ لما به من صور وجمال

تحياتي لكما
وتمنياتي بالتوفيق

ألبير ذبيان
11-19-2017, 11:10 AM
خذيني إليكِ
هكذا وبلا مقدّمات يفاجئنا الشاعر بطلب قاطع.. ويحلّق بنا على بساط الترجّي
لم يمنحنا حتى فرصة الإمساك بخفقاتنا قبل اللّحاق به
"خذيني"
إلى أين؟ وسبل الأحلام مستديرة، تجذب الخطى إليها
تلفّ بها باهرات الإرَبْ، وتعيدها خاوية على عروجها
أهرقتُ من جعبتي كلَّ الكتابةِ
مرِّي بي أصداءَ الحواراتِ
ممسوساً بحناكِ
ملتفعاً أروقةَ السَّحرِ
ترمقني بريبةٍ خفقاتُ النُّجوم
تستغربُني الإنسُ في أماسيها السهر
محفوفاً بكنهكِ
أرشفي احتياجي ملكوتَ أقداسكِ
ضعيني هناكَ
زاهداً
عابداً
قابعاً حيثيَّاتِ كيانكِ
أزاولُ ضَوعي أحجياتِ مفاتنكِ
تعزفُني أوتارُ القمرِ ليلاكِ اللُّجين
كوجهكِ المحترفِ الإغواء
أيقظي سراديبَ أوهامي
لوِّني رمادها بحمرةِ وجنتيك
انحدر النزيف بلغة مصقولة بوضوح لامع
ينم عن عاشق مهترئ الأعماق، منفصل عن كل ما يحيط به
متأهّب تماما للعوم في أعماق فتنتها، هارب من سجنه القابع تحت سراديب الورق
نثريّة وضعت نفسها في إطار العاطفة الأرجواني، فاكتملت لوحة خلاّبة
أبهرت قرّاءها بجرأتها الخلاّقة المهذّبة
تخطف بصري أكثر من التماعة فنيّة برشاقة لفظية جليّة تتناغم مع التراكيب والصور بشكل بديع
أي روح قلقة هذه التي تسكن النص، وتزلزل قارئيه بتذبذبها النفسي اللاذع
كأن الشاعر يحاول إيهامنا بأن نصّه يقوم على تركيبة حوارية بين طرفين
لكن المضمون لا يلبث أن يفصح عن الحقيقة، حيث يمضي الحوار في ممرّ واحد
فيما الطرف الآخر صموت كـ أيقونة وربّما لا وجود له إلا في مخيّلة الشاعر
ثمَّ...
باعديني عن أقلاميَ المكسورة
جبرتُها آلافَ الهنبسات
في دهليزٍ ما
جلستُ أتمتِمُ ملامحكِ تارات!
أمسحُ عن المرايا غبارَالوجوم
كتبَني صدى صوتِكِ ذاتَ انهيار
حروفاً نورانيَّةً تتآكلُ صدئي..
نلاحظ هنا حال الأصابع المزري وهي تتلو اللهفة بأقلام مذبوحة
تحت وطأة انهيار أوثق المشاعر بسلاسل الواقع الخذول
توظيف لافت للحروف.. يدعمه الذوق ويميل إليه المنطق، إذ أنها لم تخرج عن مألوف العقول الصاغية ومعتقداتها الحسيّة
نأخذ هنا بعض النماذج عبر أساليبه الحاذقة المتنوّعة
الأمر (باعديني عن أقلامي..) والإستمالة (أتمتم ملامحك.. أمسح عن المرايا.. كتبني صدى صوتك..)
صراع داخلي، وفيض أغرق النص باحتجاجات مشروعة تعبّر عن انكسار الأنا فيه
فخذيني...
ليلي داجٍ تنتهزهُ الجنِّيَّات
تستغلُّ الأشباحُ سوادهُ العربيد
حاوريني كزلزالٍ يشتدُّ كلَّ هذيان!
بيارقُ الآمالِ تبرعمت في شفاهِكِ الملاك
قطفتْها خفقاتُ قلبي
تسوسنتْ أريجَها دمائي
الخريفُ يرسُم معالمي تعاليمَ احتدام..
مرايايَ زلقةُ الملامح
عشقُكِ إكسيرٌ حريق!
رمادي بلسمٌ وشفاء..
عاد بنا الشاعر لذات المشهد بإلحاح شرس لا يعرف التقاعس
"خذيني"
خفقات متصاعدة، دماء تغلي، احتدام عات
يمتدّ صوت الرجاء بنفس مقطوع بسكّين اللاّ جدوى
يصارحها بنبرة الليل الساهدة، يسألها العناق في ظل ظروف شائكة المصير
وجدت اتساعا فارها في آفاق حرفه المغامر والذي كثيرا ما يستهويه الهروب من خلاله إلى مدارج الخيال
ببلاغة مؤثرة وواعية، وعمق يسحر أحداق القارئ المتذوق فيشعر أنه يعوم هناك في بئر الجوارح الغائر
خذيني...
انفصمتُ عن ماورائيَّتي كرماكِ
اعتزلني وعيي
تناثرتْ نبضات عصبوناتي متنكِّرةً للدِّماغ!
أكتُبكِ بما تذكُرهُ أناملي بعدكِ
لا بحرفنةِ الكُتَّاب!
أتنرجسُ.. لأنَّكِ حبيبتي
أتضوَّعُ عبيرَالياسمين..
أتقمَّصُ رقَّتهُ لأنَّكِ الأثير
احمليني أبعادَكِ السَّماويَّةَ الأرقى
ضمِّخيني جبروتَ أنوثتكِ الأرق!
مرِّي بي عوالمَ الكائناتِ
كسلامٍ فقط!
وفقط... حينَ ينامُ الوقتُ
وينعدمُ الكلام...
خذيني.. جددها الشاعر مرارا داخل سياق الفكرة لتكون سيّدة الخطاب
وليثبت دورها وتقييمها كـ هدف مهم يتبنّاه المحور
يالها من رحلة شيّقة اشتركت فيها جميع الحواس الملموسة وغير الملموسة لتشكّل لنا حالة طارئة صاغها بدافع الحنين بتمكّن فنيّ رفيع
الأنثى الأرقى والأرق على وجه قلبه.. الأنثى التي منحها ذاتها بقدسيّة الغزل
والأنثى المعجزة التي ابتكرت في عينيه أعذب الدموع
(انفصمت عن ما ورائيتي، اعتزلني وعيي، تناثرت نبضات عصبوناتي) وكأن ذات الشاعر قد حاصرها العدم بإحباط مهيمن
خذيني..
انتهت من مواسمي الحكايات!
خبِّئيني في مكامنِ الخفقات
أزمنتي يجتاحُها الضَّباب
تيهٌ غاشمٌ يتربَّصُني
ضُمِّيني بين الحرارةِ والأنفاس
أسكنيني دفء الحويصلاتِ
تحوَّلتُ كيما أبلغكِ إلى نسيم
أسرعي
قابت تتنكَّرُ لي بصلافتها الأبواب
خريفي حزين
أرصفتي عمَّها استهلالُ الصَّقيع
كلُّ الأشياءِ تُنهيني
تكسَّرت أجنحتي
ماعاد يُسعِفُني الخيال
معطيات لغوية تنفخ الروح في جسد الحروف بحرفنة فائقة تجبر القارئ على التفاعل وتمسّه في الصميم
في سرب من المعاني الأخّاذة الموجزة التي لا تعترف بحشو والتي تجذب المتلقّي بسحر وعفويّة تدغدغ الذائقة
وهنا ندرك مدى ثقافة الشاعر ولباقته العاطفية التي لا يمكن أن تنمو إلا في أرض خصبة، حرثتها التجارب فأضحت قابلة للغرس
لاسيما العبارات الفاخرة التي رفعت مقام العشق عاليا رغم صرح الخيال الآيل للانهيار
ضميني يا أمل
غربتي بوقاحةٍ تُجيدُ الابتزاز
الطُّرقاتُ تتلوَّى أمامي
يفقدُني المسار
خريفي مريض!
تتوعَّدُهُ بقرِّها صلافةُ الشِّتاء
هاجرت سنونواتي
ها أنا
أعزلُ وحيد
أربِّتُ انتظاري
أكذبُ عليَّ
أنتهرُ ضجري
أرمُقُكِ بألمٍ ما
تفترسُني ضراوةُ الإياس
يبسط الشاعر أحماله المضنية على قارعة استعطاف لهيف
مما أتاح للبيان أن يكشف من خلالها عن تماه نادر استحوذ على ذاته الموغلة في تفانيها
غربة مبتزّة، طرقات تتلوى، خريف مريض، عزلة، انتظار، ضجر، ألم، إياس
تحالفت كلّها لتسجن النصّ في زنزانة من شجن مبين
يقتضي الشعر بمفهومه الغائر غضارة وخبرة في فكر الشاعر
وهذا ما لمحناه لدى الكروان ألبير... والذي سبق خطى توقّعاتنا بأميال من الدهشة
هلمِّي
عرَّشَ وهمي في مدافِنِ الأمنيات
حملتْ نعشي بسرورها الحروف
تقتلُني الكتابات!
أنتهي بين سطرينِ متوازيين
تيهٌ يجتاحُ نقاطَ النِّهايات
في عينيكِ إكسيرُالنجاة
أحبُّكِ
أحبُّكِ...!
يختال الشاعر برصف العبارات برمزية مطواعة تمنح الأذهان فسحة للاستدلال، والتلذذ بالعثور على الوجه الآخر للمعنى
وأجد من الصعب حقا أن يمرّ القارئ بنصّ بهذا التضلّع والإتقان دونما تذوّق واستعذاب
يشرح الشاعر آلامه لحبيبته النائية.. ثم يشرّحها بشفرة الحقيقة الحادة
قبرَ أمانيه في حضيض المستحيل، سئم الحروف والكتابات التي لا تغني ولا تسمن من جوع
سطورها كما سكّة الحديد متوزاية، تحمِل الجميع ولا تُحمل
تُدعس كلّ يوم.. ويفوتها القطار مرّات ومرّات ولا تلتقي قضبانها إلا بحادث مروّع يجتمعان فيه على شفا موت محتوم
أذكرُ أنَّها تشبهُكِ الرَّبيع
تجرَّدتُ من الملحقات
وسَمَني مجوني
وشمَ على جبيني بسطوتهِ العدم!
نعتَني بازدرائيَّةٍ فاضحةٍ بالهباء...
قصائدي لا تنتهي
تقنَّعتْ بخباثةٍ عاتيةٍ ملامحُ البدايات!
تعالي...
اشكمي نزيف البوح
أماتني ذرفُ الدِّماء!!!
نهاية هزيلة مصابة بخيبة عشقية عارمة، وليس ثمة أمل رؤوف يمتص غضب أوجاعها
يعذّبه ربيعها المؤجّل بتواريه خلف الحجب، والذي لا ينفك ينبض اخضرارا داخل شغاف مجهول العوالم
قصائد تتوالد مفجوعة بأمانيها، تعيش مكبّلة بأصفاد ماض راحل وذاكرة ملأى بالثقوب
تتضاعف دهشتي عند كلّ سطر وكلمة، في شعور مغرٍ يتعدّى الوصف، وحتى آخر رمق في النصّ بقيت أتحسس النداء القابع بين دفتيه
"خذيني"
ختاما جاءت الفكرة قمة في الأداء، محتفية بعشق خارق كسير بأسلوب سوي
رغم كميّة البؤس الطاغية عليه إلا أنه عكس المعاناة جواهرا انسابت كما الماء الزلال في حقول الروح الظامئة
خريدة أوقفتني على أعتابها طويلا.. تعاطفتُ وتألّمتُ وربّما بكيت
.
أخي الشاعر القدير ألبير ذبيان
شكرا كبيرة لكمّ الدهشة والمتعة التي وهبتنا إياها وعذرا لحروفي الكسولة
إن فاتها أن تقولك كما ينبغي ويليق
.
.
.
http://www.b30b.com/up//uploads/images/b30b-dfe50fe841.png

***********************
**
*
قراءة جميلة جدا وعميقة لأديبة فذة امتلكت أدواتها
ورسخت حرفتنها الأديبة الماهرة في الغوص بإتقان تام ورؤية نافذة ثاقبة
وليس هذا بغريب على أدبكم الفاره والعملاق أختي القديرة الحنان!
فأنتم أهل لكل جميل وبديع، وإمكاناتكم تتخطى كل متوقع...
فشكرا كبيرة أن حظي متواضعي هذا باهتمامكم الكبير
وأرخى على ذائقتكم النيرة متعة أدبية ما، فخضتم في ضحالة ما أتيت بعميق ما أوردتم
ليزدان البوح بسامق رؤاكم وتواجدكم ألقا ورقيا...
دمتم لنا ذخرا وفخرا أختي الحانية
ولا عدمتكم المجالس
احترامي الكبير وامتناني العميق
خالص ود

تواتيت نصرالدين
11-19-2017, 01:50 PM
قراءة متميزة لنص متميز بانطباع موغل في عمق
المعاني برؤى شاعرة متمكنة قربت النص للمتلقي
في قراءة ثانية مستفيضة بالشرح والتحلبل.
تحية تليق أستاذة حنان مع كل التوفيق للشاعر
ألبير ذبيان .ودمت في رعاية الله وحفظه

منوبية كامل الغضباني
11-19-2017, 02:14 PM
قراءة متكّنة من أدواتها وميكانزماته....تناولت النّص وتمعّنت حوامله ودلالاته وهونصّ جدير بالتّشفير والتّمحص.
وفّقت والله يا حنونه الغالية فلا تصفي قراءتك هذه بالخجولة فهي رائعة وثابتة ومتميّزة
هنيئا لأبير الغالي بقراءتك وشكرا لك أيتها العزيزة .

ناظم الصرخي
11-24-2017, 04:03 AM
ما أجملها من قراءة وما أجمله من نص
تحياتي لكما ودمتما بتألق وإبداع

العربي حاج صحراوي
11-24-2017, 08:42 PM
الشاعر يبدع حين يكتب ، و قد يبدع حين يقرأ ، وهذا ما لامسناه دى الشاعرة حنان و هي تكتب و في هذه القراءة
للشاعر البير ، فكانت القراءة مثل القصيدة إبداعا آخر ، و عرفت الشاعرة بحكم معرفتها للقصيدة كيف تغوص وتعطي
للقصيدة أبعادا أخرى .

هديل الدليمي
12-08-2017, 08:27 PM
ابدع الفنان الشاعر ا.البير في نصه
وابدعت الرائعة الشاعرة حنان الدليمي في تسليط الضوء
على النص من زاويتها
قراءة شيقة جميلة
كلاكما رائعان لاشك
حياكما قلبي
http://www.nabee-awatf.com/vb/attachment.php?attachmentid=896&stc=1&d=1506682597



شكري الجم لذوقك الرفيع أخي الشاعر عامر الحسيني
سرّني مرورك بمتواضعي
باقة امتنان تليق

هديل الدليمي
12-11-2017, 05:06 PM
للخوض هذا بسمة تختال بامتياز
قراءة رائعة لنص رائع
بوركتما متألقان
سليل الضوء شاكر السلمان
لحضورك لباقة تنتشي لها الأسارير
شكرا لعينيك حين مجيء

بسمة عبدالله
12-12-2017, 03:08 AM
خوض قوي رائع سبر النص الرائع خذيني ، والذي يستحق هذة الدراسة منك

فجاءت أسراب المعاني والتوضيحات تترى ، كالمطر العذب المنهمر ، ليزيد

النص بهاءً ، وتورداً كربيع مبتهج

جهد متوج بالإعجاب ، بارككِ الله

لكِ عزيزتي حنوون وللأخ الكريم ألبير كل التقدير

هديل الدليمي
12-18-2017, 06:50 PM
الغالية حنان
قراءة راقية لأعماق هذا النص الذي يستحق التوقف فعلاَ لما به من صور وجمال

تحياتي لكما
وتمنياتي بالتوفيق

أمي الأغلى
شكرا لحضوركِ الذي أيقظ شعوري بلباقته
شكرا لعينيكِ حين قراءة :1 (18):

هديل الدليمي
12-23-2017, 06:41 PM
***********************
**
*
قراءة جميلة جدا وعميقة لأديبة فذة امتلكت أدواتها
ورسخت حرفنتها الأدبية الماهرة في الغوص بإتقان تام ورؤية نافذة ثاقبة
وليس هذا بغريب على أدبكم الفاره والعملاق أختي القديرة الحنان!
فأنتم أهل لكل جميل وبديع، وإمكاناتكم تتخطى كل متوقع...
فشكرا كبيرة أن حظي متواضعي هذا باهتمامكم الكبير
وأرخى على ذائقتكم النيرة متعة أدبية ما، فخضتم في ضحالة ما أتيت بعميق ما أوردتم
ليزدان البوح بسامق رؤاكم وتواجدكم ألقا ورقيا...
دمتم لنا ذخرا وفخرا أختي الحانية
ولا عدمتكم المجالس
احترامي الكبير وامتناني العميق
خالص ود




أخي الطيب ألبير
قصيدتك هذه أكبر من مجرّد نص، إنها انسكابة أخّاذة بحق
وكم تمنيت أن أقرأ دائما قصائدا بهذا المستوى
وما قدّمتُ هنا إلاّ محاولة متواضعة من مجرّد قارئة
أتمنى أن أكون قد وفّقت في نبش ما في أعماقها من مكنونات هائلة
في نصّ وارف الثمار ذات أغصان يانعة
سرب من بيلسان يحطّ لديك

هديل الدليمي
01-02-2018, 04:52 PM
قراءة متميزة لنص متميز بانطباع موغل في عمق
المعاني برؤى شاعرة متمكنة قربت النص للمتلقي
في قراءة ثانية مستفيضة بالشرح والتحليل.
تحية تليق أستاذة حنان مع كل التوفيق للشاعر
ألبير ذبيان .ودمت في رعاية الله وحفظه
إشادة نيّرة لوّنت الصفحات ببريق مهذّب
ممتنة لحضورك المغموس بالنور
باقة تحايا بحجم ما يليق

هديل الدليمي
01-27-2018, 05:24 PM
قراءة متكّنة من أدواتها وميكانزماته....تناولت النّص وتمعّنت حوامله ودلالاته وهونصّ جدير بالتّشفير والتّمحص.
وفّقت والله يا حنونه الغالية فلا تصفي قراءتك هذه بالخجولة فهي رائعة وثابتة ومتميّزة
هنيئا لأبير الغالي بقراءتك وشكرا لك أيتها العزيزة .

الحبيبة منوبية
ممتنة للثناء الذي طوّقت به جيد متواضعي
فهو حسن ظن منكِ أتمنى أن أكون عنده
شرف لحرفي أن يمرّ به أمثالك
محبتي التي لا تنضب
وباقة غاردينيا قد تليق :1 (41):

هديل الدليمي
03-06-2018, 10:31 PM
ما أجملها من قراءة وما أجمله من نص
تحياتي لكما ودمتما بتألق وإبداع

شكرا لحضورك الذي تنتظره الحروف دائما
شكرا بحجم روعتك أخي الأصدق ناظم الصرخي
مودة بيضاء

هديل الدليمي
05-23-2018, 10:09 PM
الشاعر يبدع حين يكتب ، و قد يبدع حين يقرأ ، وهذا ما لامسناه دى الشاعرة حنان و هي تكتب و في هذه القراءة
للشاعر البير ، فكانت القراءة مثل القصيدة إبداعا آخر ، و عرفت الشاعرة بحكم معرفتها للقصيدة كيف تغوص وتعطي
للقصيدة أبعادا أخرى .

شاعرنا الأرقى العربي حاج صحراوي
لحضورك كميّة هائلة من الدفء.. تشرح الأفكار بمعانيها النضرة
وتعيد للحروف ثقتها
شكرا ملء القلب لحضور أنتظره على الدوام
كلّ البيلسان

هديل الدليمي
07-08-2018, 05:30 PM
خوض قوي رائع سبر النص الرائع خذيني ، والذي يستحق هذة الدراسة منك

فجاءت أسراب المعاني والتوضيحات تترى ، كالمطر العذب المنهمر ، ليزيد

النص بهاءً ، وتورداً كربيع مبتهج

جهد متوج بالإعجاب ، بارككِ الله

لكِ عزيزتي حنوون وللأخ الكريم ألبير كل التقدير
بسمة الروح
وحضور هائل.. لا يصدر إلا من قلب مضمخ بالصفاء
سررت بهطولكِ المغزار يا نقاء
شكرا لعينيكِ حين قراءة
شكرا بحجم روعتك

:1 (41):

الوليد دويكات
07-08-2018, 07:16 PM
جمي أن نقرأ النص كما يليق به القراءة
ونقدم للمتلقي جوانب من رؤيتنا للنص ،
رؤية قد نتفق فيها أو نختلف مع الآخر ...
ولا أعني صاحب النص ...
فالنص كما هو معروف حين ينشره صاحب بات ملكا للمتلقي ...
هنا الأديبة المبدعة والشاعرة حنان / هديل ، قدمت لنا قراءة مائزة
فيها عمق وسبر لخفايا النص ...
جميل هذا الغوص ورائع ما استخرجت من لآليء برّاقة
بورك قلمك ودام نبضك
تحية تليق بك


الوليد

هديل الدليمي
01-12-2019, 10:36 AM
جميل أن نقرأ النص كما يليق به القراءة
ونقدم للمتلقي جوانب من رؤيتنا للنص ،
رؤية قد نتفق فيها أو نختلف مع الآخر ...
ولا أعني صاحب النص ...
فالنص كما هو معروف حين ينشره صاحب بات ملكا للمتلقي ...
هنا الأديبة المبدعة والشاعرة حنان / هديل ، قدمت لنا قراءة مائزة
فيها عمق وسبر لخفايا النص ...
جميل هذا الغوص ورائع ما استخرجت من لآليء برّاقة
بورك قلمك ودام نبضك
تحية تليق بك


الوليد

ليس أجمل من أن يقيمني شاعر مبدع بحجم الوليد دويكات
شكرا لإيمانك بحروفي على تواضعها الخجول
شكرا لهذا المرور المهيب والإشادة الكريستالية الرفيعة
كلّ البيلسان

محمد فتحي عوض الجيوسي
01-16-2019, 08:54 PM
قصيدة غاية في الروعة ودراسة اشد منها روعة لكما شكري

هديل الدليمي
12-16-2019, 06:48 PM
قصيدة غاية في الروعة ودراسة اشد منها روعة لكما شكري
رؤية قيّمة أعتز بها
شكرا شاعرنا القدير محمد الجيوسي
أجزل الود وأندى البيلسان