سراج الربيعي
11-26-2017, 07:10 PM
لكَ يا " حسينُ " مِن السماءِ قرارُ
الدَّهرُ يفتِكُ أمْ هيَ الأشفارُ =أين المَعالِمُ ياترى والدّارُ ؟
مالي حزينٌ والضّباعُ سعيدةٌ =يادهرُ كلاّ لاتقُلْ سُمّارُ
الطيفُ لايأتي بيومِ سعادتي =والأمنياتُ طريقُها إعصارُ
في القلبِ يبقى حبُّهُمْ مُتأصّلاً =مُتألّماً إذْ تنزلُ الأقدارُ
الإبتسامةُ فوق ثغري جمرةٌ = ياثغرُ هلْ في بَسمتي إضمارُ ؟
ذكرى الأحبة يملأُ الدُّنيا أسىً =غدرُ الزمانِ أَمِ الرّدى غَدّْارُ
أينَ البشاشةُ .. أينَ زهرُ ربيعِنا ؟ =دوحُ الأحبةِ بلقعٌ مقفارُ
أين الدّواوينُ التي كُتِبَتْ لنا ؟ =في التُّرْبِ خبأَ سُرَّهُ السِّمْسارُ
أين الغصونُ الحاملاتِ لزَهْرِنا =فلقدْ بَكَتْ مِن بعدِها الأطيارُ
سُحبُ السّما فوق الغصونِ تبعثرتْ =فتسابقي بالحزنِ يا أزهارُ
الفاجعاتُ النازلاتُ محطّتي =وأنا لأقدارِ الرّدى صبّارُ
الدهرُ يرمينا ... يُرينا صَبرَنا =يادهرُ أشهدْ ... إنّكَ الجزارُ
فارحمْ غريباً أنت تعلمُ صبرَهُ =حُزني عليهمْ سرمديٌّ نارُ
للدهرِ ألفُ حكايةٍ وروايةٍ =منها افتِجاعٌ ... بعضُهُا انذارُ
متعجّبا مِن غدرِهِ هذا الرّدى =لو خُضتُ فيهِ ستبتدي الأخطارُ
أو صِرْتُ ليثاً كي أُقاتلَ ظلَّهُ =في اللانهايةِ تعجُزُ الأعمارُ
الموتُ يعدو خلفَنا مُتوعِّداً =لا البحرُ يوقِفُهُ ولا الأسوارُ
الموتُ سرٌّ خالدٌ مُتأهبٌ =مافرَّ مِنْ فتكاتِهِ المغوارُ
إنْ كانت الدّنيا محطةَ مؤمنٍ =تكفيهِ مِنْ بعدِ الدُّنا أشبارُ
مازِلْتُ ألحُظُهُ وأحفَظُ غدرَهُ =يومُ الفجيعةِ في الورى دَوّارُ
مَنْ حازَ فعْلَ الخيرِ يرفُضُ ضِدَّهُ =لمْ يستوِ الأخيارُ والأشرارُ
الطفُّ مأوى العاشقينَ جميعُهُمْ =كهفٌ لهُمْ ... وبوسطِهِ الأقمارُ
والدُّرُ سِرٌّ أنّهُ مُتنوّعٌ =متزايدٌ ... هُوَ عسْجدٌ ونضارُ
لنْ تنضَبَ الخيراتِ فوقَ ربوعِهِ =إنَّ الطفوفَ إلى الجنانِ منارُ
بابُ النجاةِ سفينةٌ في كربلا =رُكابُها هُمْ شيعةٌ أحرارُ
ولِكمْ يسيرُ الناسُ صَوْبَ وجودِها =زحْفاً تسارَعَنحوها الثّوارُ
مَهْما انتظرْنا سوف يأتي دورُنا =فيها ، كَما يتنافسُ الأخيارُ
لمْ تنتهِ الكلماتُ لكن قصّتي =بدأتْ ،فلَمْ تتوقفُ الأشعارُ
أنا دمعةُ الباكي إذا ما أسْجَمَتْ =وإذا بكيتُ فإنّني الأمطارُ
وإذا مَرِرْتُ على الطلولِ فعاذرٌ =أنْ لايكونَ على الطلولِ نهارُ
وكذا اليتيمُ إذا أقامَ بليلِها =بَكَتِ السّماءُ وأنّتِ الأحجارُ
سقطَ اللّجامُ كما سقطتُ على الثرى =وبدونِهِ يستأسِدُ الخوّارُ
وكذا الليوثُ تموتُ جوعاً في الفلا =لو غابتِ الأنيابُ والأظفارُ
في كلِّ يومٍ للنوائبِ قصّةٌ =في سيفِها وبرُمحِها أخبارُ
جُثثٌ مقطّعةُ الوريدِ مِن القفا =كيلايُلِّمَّبدِيْنِهِمْ أخطارُ
نحرُ الحسينِ وحولُهُ أنصارُهُ =ويهابُ مِن أسمائِهِم جبارُ
ولهُمْ وإنْ سارتْ ضعونُ محمّدٍ =فوق الطفوفِ منازلٌ ومزارُ
لهفي عليهم والكماةُ على الثرى =أفتهْجعون وقد مضى الأطهارُ ؟
بيني وبين النائحاتِ ثوابتٌ =قلبي بها يعدو أم الأكوارُ
ولكلِّ عينٍ مدْمَعٌ في كربلا =ولكلِّ قلبٍ جمرةٌ أو نارُ
فالحزنُ يأخُذُ مِن دموعي جذوةً =حتى كأنّ مدامعي مجمارُ
أسفي على سبط الهُدى فوق الثرى =قدْ قطّعتهُ قواضبٌ و شِفارُ
بأبي وبي وبصاحبي وعشيرتي =فالدمعُ مِن بعد الحسينِ غزارُ
حيثُ الطيورُ لهُنَّ نوحٌ في السّما = فيهِ لأرباب العقولِ شعارُ
انظر إلى منهاجِ كلِّ موّحِدٍ = أسواهُ كانَ عزاؤه استمرارُ
سبطٌ النبيّ المصطفى وحبيبُهُ = أضحتْ مفجّعةً لهُ الأمصارُ
مهما كتبتُ لهُ الرثاءُ يقولُ لي = ما الطّفُ إلاّ دمعةٌ ومَسارُ
كالبدرِ إلا أنّهُ فوق الثرى = لاينجلي أو يعتريهِ غبار
جسدٌ حواليهِ اللئامُ ، ورأسُهُ = قمرٌ ، وهيبةُ مُرْسَلٍ ، ونِجارُ
ابنُ الهُداةِ رقى السماءَ بعزمِهِ = كالرُّسلِ لمْ تلحق بهِ الكُفّارُ
وأتتْ جموعُ الأنبياءِ لكربلا = وتناوبتْ في حُزنِها الأخيارُ
وَدَنَتْ عزيزةُ حيدرٍ مذهولةً = فكراً تُحارُ بوصفهِ الأفكارُ
وبكَ استغاثَ بنو النبيِّ جميعُهم = عند المصائبِ كهفَهم ليُجاروا
وبكَ اغتدى في الأسرِ رحلُكَ سائلاً = أهلَ الكساءِ ودمعُهُمْ مدرارُ
يامهبطَ الرُّسلِ الكرامِ وقائدَ الـ = صَّحْبِ الـكُماةِ ومَن له الإيثارُ
كمْ تستجير الثاكلاتِ وتشتكي = ظُلماً تنوءُ بحملِهِ الأدهارُ
فَمَنِ المعيلُ لثاكلٍ ولطفلةٍ = حين استبدّ بأسرِها الغدّارُ
يابنَ النبيِّ فجَعتَ كلَّ مًوَحّدٍ = هيهاتَ تُكْحَلُ بعدَكَ الأبصارُ
وغدتْ لك السّبعُ الشدادُ مآتماً = فالكلُّ منها بالعزا دوّارُ
والطّيرُ ناحتْ في الهوا مثكولةً = والجنُّ والأشجارُ والأحجارُ
والرُّكنُ حنَّ إلى ثراكَ مُقبّلاً = وببابِ قبرِكَ طأطأَ الإكبارُ
والصُّبحُ أدْجى واخْتَفَتْ شمسُ الضُحى= بعد الشروقِ وما بها ابهارُ
وتلوتَ مِن سِورِ الكتابِ مُذكّرَ الـ = قومِ اللئامِ كما يشَا القهّارُ
وبكَ استجارَ اللهَ قِسٌّ حينما = سألَ الأمانَ فحفّهُ استغفارُ
نورٌ وأفلاكُ السماءِ حوالكٌ = مِنْ أصلِ نورِكَ آيةٌ ونهارُ
والليلُ إبداعُ السماءِ بنورِهِ = تحيا النجومُ وتطلعُ الأقمارُ
متجاوزَ الأضدادِ كنهُ وجودهِ = فِكرٌ ، وروضُ ترابِهِ مِعطارُ
والكلُّ معفورُ الجبينِ ببابِهِ = تهوي الملوكُ ويسجدُ الأبرارُ
يتحسّسُ التأريخُ عند ضريحِهِ = ثأراً ، كما يتشوّقُ الثُّوارُ
جانبْتَ نهجَ الظالمينَ وإنّهُ = بالزّيفِ يكتبُ فكرَهُ الأشرارُ
وحفظتَ نهج الطاهرين إذا انزوى = عنكَ المُعينُ ، وَقلّتِ الأنصارُ
ورأيتَ فكرَ الدينِ يُطمسُ في الورى = في حين يعلو دفتيهِ نِضارُ
فوهبتَ نحرَكَ للرسالةِ شامخاً = تأتي الجموعُ إليهِ والأطهارُ
ومزيَّةُ الشُّهداء أنّ عطائهم = دُرَرٌ ، وأنَّ حياتَهُمْ إيثارُ
نهجٌ وَضَعْتَ بساعديكَ ولمْ يقفْ = وتمسّكت بإصولِهِ الأحرارُ
أنتَ الذي سجدَ الزمانُ لذِكرهِ = وتعبّدتْ بجنانِهِ الزّوارُ
وملائكٌ تُنجي المُحبَّ مِن اللظى = هيهات ! ما للزائرين النارُ
وهل انحنى مجدُ الشموخِ لظالِمٍ = وعليكَ مِن نورِ الإلهِ إزارُ
شيّدتَ مجداً بالإباءِ وبالدّما = فكأنّهُ الجنّاتُ لا الأحجارُ
تهبُ الجميعَ عزيمةً ثوريةً = لكَ يا " حسينُ " مِن السماءِ قرارُ
ياقائدَ الأحرارِ حينَ يُصِيبُهمْ = ضيمٌ ، وحين تُحَدِّقُ الأخطارُ
فلقد وضعتَ الشّمسَ في هذا الدُّجى = ليشّعَ مِن أرض الطفوفِ نهارُ
وكذا الكواكبُ ترتجي شمسَ الدُّنا = حتى تُزاحُ بليلها الأستارُ
فَمَضَتْ تُنيرُ مشارقاً ومغارباً = هيهاتَ في شمس الضُّحى أوضار
مازالَ سحرُ الكونِ تيّاهاً بها = حتى استمرَّ بها القنا الغدّارُ
وتقوّضتْ للدينِ أقدسُ خيمةٍ = وغدتْ مآتمَ بعدها الأقطارُ
والظّلمُ يربُضُ في البرايا جاثماً = إذْ كانَ بعدَ الطيّبين حِصارُ
لمْ تبقَ أرضٌ في الدُّنا مأمونةً = يلهو ويلعبُ فوقَها أنفارُ
وغدى ابنُ هندٍ في الشآمِ مُردداً = شعراً بهِ الإجحادُ والإنكارُ
في مجمَعٍ نالَ الطليقُ مرادَهُ = وخلا ، لأولادِ الزّنا المضمارُ
خُطَبٌ مزيّفةٌ كأنَّ حروفَها = مِن كذبِ ما مدَحَ الطّليق غُبارُ
تلكَ الثمانونَ العِجافُ أزالَها = صوتُ الحسينُ ، وذلّها الأنصارُ
سرعانَ ما قصَّ الزمانُ ، ودُوِّنتْ = كُتُبٌ ، وزالتْ طُغمةٌ وشرارُ
فأتى البيانُ لنا بكلِّ فريضةٍ = إنَّ الحسينَ على الردى صبّارُ
قامتْ صروحُ الدّينِ في هذي الدُّنا = كالماءِ تنبتُ حولًهُ الأزهارُ
لي في الطفوفِ قصيدةٌ مكلومةٌ = إنّ البيانَ تحوطُهُ الأشعارُ
فقريضهُ للثاكلاتِ مُصيبةٌ = وحروفُه للثائرين ذمارُ
دمعي على أثري وها أنا ناعيٌ = بينَ العبادِ كأنَّني البحّارُ
أما الحروفُ الباكياتِ أُصولُها = بالنائباتِ فمأتمٌ وحوارُ
حُزني تسّحُ لهُ العيونُ وعندهُ = يرثي ويبكي سبطَهُ الكرارُ
أصبحتُ تجبرني العيونُ بدمعِها = والجسمٌ مشبوبُ الحشا أوارُ
فدموعُ عيني فوق خدي جمرةٌ = لا العيدُ يُسْعدني ولا السُّمارُ
فنذرتُ أندُبُهُ بكلِّ صبابةٍ = مُذْ غابَ رحلٌ في الطّفوفِ وساروا
هطلتْ لهُ العبراتْ وهي سخيّةٌ = إنّ العزاءَ بكربلا استمرارُ
ابنُ الرسولِ تلا الكتابَ مُخلّداً = هيهاتَ يذهبُ كالسّرابِ منارُ
ناجيتُ قبرَكَ والجوى لي شاهدٌ = وبكيتُ فقدَكَ والأسى لي جارُ
أقسمتُ لايرتدُّ طرفي حالماً = مُذْ طاحَ بين العسْكرَينِ خِمارُ
وتكشّفتْ فيهِ المدامعُ والنوى = جهراً ليشهدَ سلْبَهُ المختارُ
فاعجبْ لِمَنْ رضعَ الرسالةَ صدرُهُ = تعلوهُ مِن بعدِ الظما أشرارُ
إنّ الطفوفَ مآتمٌ ومواعظٌ = إنْ شئتُمُ أنْ لايسودَ العارُ
جُمعتْ به أسمى الكُماةْ ورفرفتْ = تلكَ النفوسُ وفازت الأنصارُ
فعليكَ صلّى يابن طه في الورى = الرسلُ والأملاكُ والأخيارُ
فلقد نظمتُ من القصيدِ قليلِهِ = إنّ اليراعَ يسودُهُ الإفقارُ
فاقبلْ مِن العبدِ الفقيرِ نضيدَهُ = في أن يكونَ قصيده استغفارُ
ولهُ بعطفِكُمُ شفاعةُ مُذنبٍ = وعلى الصراط غداً اليهِ يُشارُ
أنت ابنُ طه المصطفى والمرتضى = ولَكُمْ يعودُ العبدُ والأحرارُ
أبو حسين الربيعي ( سراج ) 9/6/2011 – دبي
الدَّهرُ يفتِكُ أمْ هيَ الأشفارُ =أين المَعالِمُ ياترى والدّارُ ؟
مالي حزينٌ والضّباعُ سعيدةٌ =يادهرُ كلاّ لاتقُلْ سُمّارُ
الطيفُ لايأتي بيومِ سعادتي =والأمنياتُ طريقُها إعصارُ
في القلبِ يبقى حبُّهُمْ مُتأصّلاً =مُتألّماً إذْ تنزلُ الأقدارُ
الإبتسامةُ فوق ثغري جمرةٌ = ياثغرُ هلْ في بَسمتي إضمارُ ؟
ذكرى الأحبة يملأُ الدُّنيا أسىً =غدرُ الزمانِ أَمِ الرّدى غَدّْارُ
أينَ البشاشةُ .. أينَ زهرُ ربيعِنا ؟ =دوحُ الأحبةِ بلقعٌ مقفارُ
أين الدّواوينُ التي كُتِبَتْ لنا ؟ =في التُّرْبِ خبأَ سُرَّهُ السِّمْسارُ
أين الغصونُ الحاملاتِ لزَهْرِنا =فلقدْ بَكَتْ مِن بعدِها الأطيارُ
سُحبُ السّما فوق الغصونِ تبعثرتْ =فتسابقي بالحزنِ يا أزهارُ
الفاجعاتُ النازلاتُ محطّتي =وأنا لأقدارِ الرّدى صبّارُ
الدهرُ يرمينا ... يُرينا صَبرَنا =يادهرُ أشهدْ ... إنّكَ الجزارُ
فارحمْ غريباً أنت تعلمُ صبرَهُ =حُزني عليهمْ سرمديٌّ نارُ
للدهرِ ألفُ حكايةٍ وروايةٍ =منها افتِجاعٌ ... بعضُهُا انذارُ
متعجّبا مِن غدرِهِ هذا الرّدى =لو خُضتُ فيهِ ستبتدي الأخطارُ
أو صِرْتُ ليثاً كي أُقاتلَ ظلَّهُ =في اللانهايةِ تعجُزُ الأعمارُ
الموتُ يعدو خلفَنا مُتوعِّداً =لا البحرُ يوقِفُهُ ولا الأسوارُ
الموتُ سرٌّ خالدٌ مُتأهبٌ =مافرَّ مِنْ فتكاتِهِ المغوارُ
إنْ كانت الدّنيا محطةَ مؤمنٍ =تكفيهِ مِنْ بعدِ الدُّنا أشبارُ
مازِلْتُ ألحُظُهُ وأحفَظُ غدرَهُ =يومُ الفجيعةِ في الورى دَوّارُ
مَنْ حازَ فعْلَ الخيرِ يرفُضُ ضِدَّهُ =لمْ يستوِ الأخيارُ والأشرارُ
الطفُّ مأوى العاشقينَ جميعُهُمْ =كهفٌ لهُمْ ... وبوسطِهِ الأقمارُ
والدُّرُ سِرٌّ أنّهُ مُتنوّعٌ =متزايدٌ ... هُوَ عسْجدٌ ونضارُ
لنْ تنضَبَ الخيراتِ فوقَ ربوعِهِ =إنَّ الطفوفَ إلى الجنانِ منارُ
بابُ النجاةِ سفينةٌ في كربلا =رُكابُها هُمْ شيعةٌ أحرارُ
ولِكمْ يسيرُ الناسُ صَوْبَ وجودِها =زحْفاً تسارَعَنحوها الثّوارُ
مَهْما انتظرْنا سوف يأتي دورُنا =فيها ، كَما يتنافسُ الأخيارُ
لمْ تنتهِ الكلماتُ لكن قصّتي =بدأتْ ،فلَمْ تتوقفُ الأشعارُ
أنا دمعةُ الباكي إذا ما أسْجَمَتْ =وإذا بكيتُ فإنّني الأمطارُ
وإذا مَرِرْتُ على الطلولِ فعاذرٌ =أنْ لايكونَ على الطلولِ نهارُ
وكذا اليتيمُ إذا أقامَ بليلِها =بَكَتِ السّماءُ وأنّتِ الأحجارُ
سقطَ اللّجامُ كما سقطتُ على الثرى =وبدونِهِ يستأسِدُ الخوّارُ
وكذا الليوثُ تموتُ جوعاً في الفلا =لو غابتِ الأنيابُ والأظفارُ
في كلِّ يومٍ للنوائبِ قصّةٌ =في سيفِها وبرُمحِها أخبارُ
جُثثٌ مقطّعةُ الوريدِ مِن القفا =كيلايُلِّمَّبدِيْنِهِمْ أخطارُ
نحرُ الحسينِ وحولُهُ أنصارُهُ =ويهابُ مِن أسمائِهِم جبارُ
ولهُمْ وإنْ سارتْ ضعونُ محمّدٍ =فوق الطفوفِ منازلٌ ومزارُ
لهفي عليهم والكماةُ على الثرى =أفتهْجعون وقد مضى الأطهارُ ؟
بيني وبين النائحاتِ ثوابتٌ =قلبي بها يعدو أم الأكوارُ
ولكلِّ عينٍ مدْمَعٌ في كربلا =ولكلِّ قلبٍ جمرةٌ أو نارُ
فالحزنُ يأخُذُ مِن دموعي جذوةً =حتى كأنّ مدامعي مجمارُ
أسفي على سبط الهُدى فوق الثرى =قدْ قطّعتهُ قواضبٌ و شِفارُ
بأبي وبي وبصاحبي وعشيرتي =فالدمعُ مِن بعد الحسينِ غزارُ
حيثُ الطيورُ لهُنَّ نوحٌ في السّما = فيهِ لأرباب العقولِ شعارُ
انظر إلى منهاجِ كلِّ موّحِدٍ = أسواهُ كانَ عزاؤه استمرارُ
سبطٌ النبيّ المصطفى وحبيبُهُ = أضحتْ مفجّعةً لهُ الأمصارُ
مهما كتبتُ لهُ الرثاءُ يقولُ لي = ما الطّفُ إلاّ دمعةٌ ومَسارُ
كالبدرِ إلا أنّهُ فوق الثرى = لاينجلي أو يعتريهِ غبار
جسدٌ حواليهِ اللئامُ ، ورأسُهُ = قمرٌ ، وهيبةُ مُرْسَلٍ ، ونِجارُ
ابنُ الهُداةِ رقى السماءَ بعزمِهِ = كالرُّسلِ لمْ تلحق بهِ الكُفّارُ
وأتتْ جموعُ الأنبياءِ لكربلا = وتناوبتْ في حُزنِها الأخيارُ
وَدَنَتْ عزيزةُ حيدرٍ مذهولةً = فكراً تُحارُ بوصفهِ الأفكارُ
وبكَ استغاثَ بنو النبيِّ جميعُهم = عند المصائبِ كهفَهم ليُجاروا
وبكَ اغتدى في الأسرِ رحلُكَ سائلاً = أهلَ الكساءِ ودمعُهُمْ مدرارُ
يامهبطَ الرُّسلِ الكرامِ وقائدَ الـ = صَّحْبِ الـكُماةِ ومَن له الإيثارُ
كمْ تستجير الثاكلاتِ وتشتكي = ظُلماً تنوءُ بحملِهِ الأدهارُ
فَمَنِ المعيلُ لثاكلٍ ولطفلةٍ = حين استبدّ بأسرِها الغدّارُ
يابنَ النبيِّ فجَعتَ كلَّ مًوَحّدٍ = هيهاتَ تُكْحَلُ بعدَكَ الأبصارُ
وغدتْ لك السّبعُ الشدادُ مآتماً = فالكلُّ منها بالعزا دوّارُ
والطّيرُ ناحتْ في الهوا مثكولةً = والجنُّ والأشجارُ والأحجارُ
والرُّكنُ حنَّ إلى ثراكَ مُقبّلاً = وببابِ قبرِكَ طأطأَ الإكبارُ
والصُّبحُ أدْجى واخْتَفَتْ شمسُ الضُحى= بعد الشروقِ وما بها ابهارُ
وتلوتَ مِن سِورِ الكتابِ مُذكّرَ الـ = قومِ اللئامِ كما يشَا القهّارُ
وبكَ استجارَ اللهَ قِسٌّ حينما = سألَ الأمانَ فحفّهُ استغفارُ
نورٌ وأفلاكُ السماءِ حوالكٌ = مِنْ أصلِ نورِكَ آيةٌ ونهارُ
والليلُ إبداعُ السماءِ بنورِهِ = تحيا النجومُ وتطلعُ الأقمارُ
متجاوزَ الأضدادِ كنهُ وجودهِ = فِكرٌ ، وروضُ ترابِهِ مِعطارُ
والكلُّ معفورُ الجبينِ ببابِهِ = تهوي الملوكُ ويسجدُ الأبرارُ
يتحسّسُ التأريخُ عند ضريحِهِ = ثأراً ، كما يتشوّقُ الثُّوارُ
جانبْتَ نهجَ الظالمينَ وإنّهُ = بالزّيفِ يكتبُ فكرَهُ الأشرارُ
وحفظتَ نهج الطاهرين إذا انزوى = عنكَ المُعينُ ، وَقلّتِ الأنصارُ
ورأيتَ فكرَ الدينِ يُطمسُ في الورى = في حين يعلو دفتيهِ نِضارُ
فوهبتَ نحرَكَ للرسالةِ شامخاً = تأتي الجموعُ إليهِ والأطهارُ
ومزيَّةُ الشُّهداء أنّ عطائهم = دُرَرٌ ، وأنَّ حياتَهُمْ إيثارُ
نهجٌ وَضَعْتَ بساعديكَ ولمْ يقفْ = وتمسّكت بإصولِهِ الأحرارُ
أنتَ الذي سجدَ الزمانُ لذِكرهِ = وتعبّدتْ بجنانِهِ الزّوارُ
وملائكٌ تُنجي المُحبَّ مِن اللظى = هيهات ! ما للزائرين النارُ
وهل انحنى مجدُ الشموخِ لظالِمٍ = وعليكَ مِن نورِ الإلهِ إزارُ
شيّدتَ مجداً بالإباءِ وبالدّما = فكأنّهُ الجنّاتُ لا الأحجارُ
تهبُ الجميعَ عزيمةً ثوريةً = لكَ يا " حسينُ " مِن السماءِ قرارُ
ياقائدَ الأحرارِ حينَ يُصِيبُهمْ = ضيمٌ ، وحين تُحَدِّقُ الأخطارُ
فلقد وضعتَ الشّمسَ في هذا الدُّجى = ليشّعَ مِن أرض الطفوفِ نهارُ
وكذا الكواكبُ ترتجي شمسَ الدُّنا = حتى تُزاحُ بليلها الأستارُ
فَمَضَتْ تُنيرُ مشارقاً ومغارباً = هيهاتَ في شمس الضُّحى أوضار
مازالَ سحرُ الكونِ تيّاهاً بها = حتى استمرَّ بها القنا الغدّارُ
وتقوّضتْ للدينِ أقدسُ خيمةٍ = وغدتْ مآتمَ بعدها الأقطارُ
والظّلمُ يربُضُ في البرايا جاثماً = إذْ كانَ بعدَ الطيّبين حِصارُ
لمْ تبقَ أرضٌ في الدُّنا مأمونةً = يلهو ويلعبُ فوقَها أنفارُ
وغدى ابنُ هندٍ في الشآمِ مُردداً = شعراً بهِ الإجحادُ والإنكارُ
في مجمَعٍ نالَ الطليقُ مرادَهُ = وخلا ، لأولادِ الزّنا المضمارُ
خُطَبٌ مزيّفةٌ كأنَّ حروفَها = مِن كذبِ ما مدَحَ الطّليق غُبارُ
تلكَ الثمانونَ العِجافُ أزالَها = صوتُ الحسينُ ، وذلّها الأنصارُ
سرعانَ ما قصَّ الزمانُ ، ودُوِّنتْ = كُتُبٌ ، وزالتْ طُغمةٌ وشرارُ
فأتى البيانُ لنا بكلِّ فريضةٍ = إنَّ الحسينَ على الردى صبّارُ
قامتْ صروحُ الدّينِ في هذي الدُّنا = كالماءِ تنبتُ حولًهُ الأزهارُ
لي في الطفوفِ قصيدةٌ مكلومةٌ = إنّ البيانَ تحوطُهُ الأشعارُ
فقريضهُ للثاكلاتِ مُصيبةٌ = وحروفُه للثائرين ذمارُ
دمعي على أثري وها أنا ناعيٌ = بينَ العبادِ كأنَّني البحّارُ
أما الحروفُ الباكياتِ أُصولُها = بالنائباتِ فمأتمٌ وحوارُ
حُزني تسّحُ لهُ العيونُ وعندهُ = يرثي ويبكي سبطَهُ الكرارُ
أصبحتُ تجبرني العيونُ بدمعِها = والجسمٌ مشبوبُ الحشا أوارُ
فدموعُ عيني فوق خدي جمرةٌ = لا العيدُ يُسْعدني ولا السُّمارُ
فنذرتُ أندُبُهُ بكلِّ صبابةٍ = مُذْ غابَ رحلٌ في الطّفوفِ وساروا
هطلتْ لهُ العبراتْ وهي سخيّةٌ = إنّ العزاءَ بكربلا استمرارُ
ابنُ الرسولِ تلا الكتابَ مُخلّداً = هيهاتَ يذهبُ كالسّرابِ منارُ
ناجيتُ قبرَكَ والجوى لي شاهدٌ = وبكيتُ فقدَكَ والأسى لي جارُ
أقسمتُ لايرتدُّ طرفي حالماً = مُذْ طاحَ بين العسْكرَينِ خِمارُ
وتكشّفتْ فيهِ المدامعُ والنوى = جهراً ليشهدَ سلْبَهُ المختارُ
فاعجبْ لِمَنْ رضعَ الرسالةَ صدرُهُ = تعلوهُ مِن بعدِ الظما أشرارُ
إنّ الطفوفَ مآتمٌ ومواعظٌ = إنْ شئتُمُ أنْ لايسودَ العارُ
جُمعتْ به أسمى الكُماةْ ورفرفتْ = تلكَ النفوسُ وفازت الأنصارُ
فعليكَ صلّى يابن طه في الورى = الرسلُ والأملاكُ والأخيارُ
فلقد نظمتُ من القصيدِ قليلِهِ = إنّ اليراعَ يسودُهُ الإفقارُ
فاقبلْ مِن العبدِ الفقيرِ نضيدَهُ = في أن يكونَ قصيده استغفارُ
ولهُ بعطفِكُمُ شفاعةُ مُذنبٍ = وعلى الصراط غداً اليهِ يُشارُ
أنت ابنُ طه المصطفى والمرتضى = ولَكُمْ يعودُ العبدُ والأحرارُ
أبو حسين الربيعي ( سراج ) 9/6/2011 – دبي