منوبية كامل الغضباني
08-04-2019, 06:49 PM
رابط الموشح
http://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=29693
موشح رائع للدكتورة العراقية الشاعرة كوكب البدري...يعيد للأذواق جمال ومتعة الموشحات الأندلسية التي قلّ نظيرها في الأدب العربي ...والمعروف عن الموشحات أنّها تكتب على قواعد خاصّة وهي تنظم بغاية التلحين والغناء ..وقد ازدهرت في الفترة الأندلسية وصارت هي النموذج والمثال للموشحات ...
والمتمعّن في هذا الموشح الرّائع للسيدة كوكب يلاحظ التنغيم الجميل والجرس الموسيقي اللّذيذ الذي يستأثر به السّمع والذي نهضت عليه دفقاتها الوجدانية الشعورية ..فلاحظوا معي هذا التقابل الموزون في الأبيات كلّها والذي يقفز الى السّمع منذ بدء الكلام الى نهايته
يومانِ عمرُ الغيابِ...والليلُ شمعٌ يذوبُ
والحبّ أفنى شبابي..وخافقي لايتوبُ
فصياغتها كان على منهج معين يحقق التقابل والتماثل في الأجزاء
وهوكفيل بتحويل الكلام في الحب الى منتوج ايقاعي قابل للأداء والإنشاد وتيسير غنائيته كدور من الأدوار المتوارثة عن الموشحات الأندلسية
كما نلاحظ الديباجة اللّغوية التوشيح اللّفظي الذي طرّزت به الشاعرة اللغة ممّا جعل القصيدة شبيهة بوشاح المرأة ...بلاغة اللّفظ وعمقه ....عذوبة وسلاسة ووضوح
فلا يوجد لفظ غريب غامض في كامل القصيد وهو شرط أساسيّ في كتابة الموشحات حسب ما ضبطها الباحثون فيها.
لاحظوا معي النزوع الجمالي والإبداع الشعري الذي جسمته الشاعرة على غرار هذا المقطع
حين التقينا لمرّة...بين النّدى والغروبٍ
وَسَامَنا الحبُّ جمرَه..وفاحَ عطرُ الطّيوبِ
صرنا نلبيَ أمرَه...رغم الجوى والنّدوبِ
فهل أتاك كتابي....وهل عليه تُجيبُ
وهل قرأتَ خطابي...إنّ الوداعَ خطوبُ
،،،،
فالشاعرة هنا خاطت نسيج نصّها على مسار وتدرجات اتّسمت بعذوبة الحبّ ووجعه فرصدنا معها الحالة الشعورية التي تنتابها
فبين جوى وندوب...ووداع وخطوب طاب الهوى بين الحبيبين وفاحت طيوبه فلبيا أمره
فالمنطق الجمالي للموشح لم يغب فقد تركز اشعاعه وحملنا على المشاركة العاطفية لأحاسيس الذّات الكاتبة وقد جاء استعمالها وتوظيفها لأداة الإستفهام "هل"مقصودا لذاته ...والإستفهام بهل لا يكون جوابه الا بنعم أو لا..
فكأني بها تمركز قصيدتها وبعدها الدرامي حول ذاتها وتلغي الحوار مع الحبيب الذي يبرز ك"مُواجَه" مطالب بالإجابة ب"نعم "أو "لا"...وهو ما يعكس توتّرا عاطفيّا لحظة الكتابة
وتقول في لاحق موشحها
مرّ المساء ثقيلا...كموعدٍ لايجيءُ
والنّاي أنّ طويلا...واللحنُ جرحٌ مضيءُ
أمسى الضياءُ قتيلا...فهل حبيبي مسيءُ
أم غاضبٌ كالسّحابِ... له العذابُ يطيبُ
لقد أضعتُ صوابي...وماأفادَ الهروبُ
فلهذا المقطع محامل وبراعة صياغة ....فقد أنّ النّاي وهو آلة أساسية في الموشحات ..والفعل ".أنّ" وهو تعبيرة مجازية قويّة أدت المعنى وأنبأت عن تأزّم حادّ يحفّ بما كتبته كوكب و"أنّ "به ناي ولم يقل ..
وهو م أشاع في نفس المتلقي رهافة حسّ قوامها الوجع ..
وقد حقّقت العبارات التالية ادراكا كبيرا ووعيا بالحالة الوجدانية للشاعرة
المساء ثقيل ...والمساء عادة يمرّ سريعا باعتباره من أطراف النّهار
موعد لا يجيء والموعد محدّد في الزمن والمكان فكيف لا يجيء
النّاي أنّ طويلا ....وأنين الناي على رأي جبران خليل جبران يبقى بعد أن يفنى الوجود
ولعل المفارقة في
جرح مضيء
وضياء قتيل
العذاب يطيب
هو بمثابة اجتراح لقاموس اللغة ومعجمها بما يتماشى والمناخات النفسية العاطفية للذات الكاتبة ... فهي أعلى درجات التوتر في القصيدة، وبها نبلغ الحقيقة ونلمس لذة النص ودهشته. وقد ورد للناقد بروكس "أن الحقيقة التي يسعى الشاعر إلى كشفها لا تأتي إلا عبر أسلوب المفارقة"
وعموما فهذا الموشح حقّق تألّقا واتسّم بالإبداع وأحيى موروثا ثريّا ومتفرّدا وقع التّخلي عنه في شعرنا الحديث رغم جماليته وعمقه ...فتحية لصديقتي المبدعة كوكب البدري التي أثبتت قدرتها على اعادة الموشحات الى أزمنتنا الشعرية الحديثة ...فقليلة هذه التجارب ...ولعلّ مبادرة صديقتي كوكب ستكون ضربة البداية لإحياء فنّ الموشحات مستقبلا
شكرا بدر العزيزة امتعت الذّائقة وارتفعت بها الى المراقي ...
http://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=29693
موشح رائع للدكتورة العراقية الشاعرة كوكب البدري...يعيد للأذواق جمال ومتعة الموشحات الأندلسية التي قلّ نظيرها في الأدب العربي ...والمعروف عن الموشحات أنّها تكتب على قواعد خاصّة وهي تنظم بغاية التلحين والغناء ..وقد ازدهرت في الفترة الأندلسية وصارت هي النموذج والمثال للموشحات ...
والمتمعّن في هذا الموشح الرّائع للسيدة كوكب يلاحظ التنغيم الجميل والجرس الموسيقي اللّذيذ الذي يستأثر به السّمع والذي نهضت عليه دفقاتها الوجدانية الشعورية ..فلاحظوا معي هذا التقابل الموزون في الأبيات كلّها والذي يقفز الى السّمع منذ بدء الكلام الى نهايته
يومانِ عمرُ الغيابِ...والليلُ شمعٌ يذوبُ
والحبّ أفنى شبابي..وخافقي لايتوبُ
فصياغتها كان على منهج معين يحقق التقابل والتماثل في الأجزاء
وهوكفيل بتحويل الكلام في الحب الى منتوج ايقاعي قابل للأداء والإنشاد وتيسير غنائيته كدور من الأدوار المتوارثة عن الموشحات الأندلسية
كما نلاحظ الديباجة اللّغوية التوشيح اللّفظي الذي طرّزت به الشاعرة اللغة ممّا جعل القصيدة شبيهة بوشاح المرأة ...بلاغة اللّفظ وعمقه ....عذوبة وسلاسة ووضوح
فلا يوجد لفظ غريب غامض في كامل القصيد وهو شرط أساسيّ في كتابة الموشحات حسب ما ضبطها الباحثون فيها.
لاحظوا معي النزوع الجمالي والإبداع الشعري الذي جسمته الشاعرة على غرار هذا المقطع
حين التقينا لمرّة...بين النّدى والغروبٍ
وَسَامَنا الحبُّ جمرَه..وفاحَ عطرُ الطّيوبِ
صرنا نلبيَ أمرَه...رغم الجوى والنّدوبِ
فهل أتاك كتابي....وهل عليه تُجيبُ
وهل قرأتَ خطابي...إنّ الوداعَ خطوبُ
،،،،
فالشاعرة هنا خاطت نسيج نصّها على مسار وتدرجات اتّسمت بعذوبة الحبّ ووجعه فرصدنا معها الحالة الشعورية التي تنتابها
فبين جوى وندوب...ووداع وخطوب طاب الهوى بين الحبيبين وفاحت طيوبه فلبيا أمره
فالمنطق الجمالي للموشح لم يغب فقد تركز اشعاعه وحملنا على المشاركة العاطفية لأحاسيس الذّات الكاتبة وقد جاء استعمالها وتوظيفها لأداة الإستفهام "هل"مقصودا لذاته ...والإستفهام بهل لا يكون جوابه الا بنعم أو لا..
فكأني بها تمركز قصيدتها وبعدها الدرامي حول ذاتها وتلغي الحوار مع الحبيب الذي يبرز ك"مُواجَه" مطالب بالإجابة ب"نعم "أو "لا"...وهو ما يعكس توتّرا عاطفيّا لحظة الكتابة
وتقول في لاحق موشحها
مرّ المساء ثقيلا...كموعدٍ لايجيءُ
والنّاي أنّ طويلا...واللحنُ جرحٌ مضيءُ
أمسى الضياءُ قتيلا...فهل حبيبي مسيءُ
أم غاضبٌ كالسّحابِ... له العذابُ يطيبُ
لقد أضعتُ صوابي...وماأفادَ الهروبُ
فلهذا المقطع محامل وبراعة صياغة ....فقد أنّ النّاي وهو آلة أساسية في الموشحات ..والفعل ".أنّ" وهو تعبيرة مجازية قويّة أدت المعنى وأنبأت عن تأزّم حادّ يحفّ بما كتبته كوكب و"أنّ "به ناي ولم يقل ..
وهو م أشاع في نفس المتلقي رهافة حسّ قوامها الوجع ..
وقد حقّقت العبارات التالية ادراكا كبيرا ووعيا بالحالة الوجدانية للشاعرة
المساء ثقيل ...والمساء عادة يمرّ سريعا باعتباره من أطراف النّهار
موعد لا يجيء والموعد محدّد في الزمن والمكان فكيف لا يجيء
النّاي أنّ طويلا ....وأنين الناي على رأي جبران خليل جبران يبقى بعد أن يفنى الوجود
ولعل المفارقة في
جرح مضيء
وضياء قتيل
العذاب يطيب
هو بمثابة اجتراح لقاموس اللغة ومعجمها بما يتماشى والمناخات النفسية العاطفية للذات الكاتبة ... فهي أعلى درجات التوتر في القصيدة، وبها نبلغ الحقيقة ونلمس لذة النص ودهشته. وقد ورد للناقد بروكس "أن الحقيقة التي يسعى الشاعر إلى كشفها لا تأتي إلا عبر أسلوب المفارقة"
وعموما فهذا الموشح حقّق تألّقا واتسّم بالإبداع وأحيى موروثا ثريّا ومتفرّدا وقع التّخلي عنه في شعرنا الحديث رغم جماليته وعمقه ...فتحية لصديقتي المبدعة كوكب البدري التي أثبتت قدرتها على اعادة الموشحات الى أزمنتنا الشعرية الحديثة ...فقليلة هذه التجارب ...ولعلّ مبادرة صديقتي كوكب ستكون ضربة البداية لإحياء فنّ الموشحات مستقبلا
شكرا بدر العزيزة امتعت الذّائقة وارتفعت بها الى المراقي ...