المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هــذيان اللحـــظة


محمد خالد بديوي
11-27-2019, 10:56 PM
هــذيان اللحـــظة .. (1)


حين أرى بعض نزفي ــ معلق ــ على جدار
{وهم}
أبتسم ؛ قبل أن يثور في ـ المفاصل وجع الألوان
وأشم رائحة....
{الأثم}
بعد أن أقيم الحد على جوارحي ..وقد تعثرت
بسوء الظن، واضطراب في سلوك
{الفهم} ..
ما يدفعني الى تجرع القدح
المُر؛ وأنا أحبس قلبي في زنزانة الصمت القابعة تحت هوة
{العتم}
لأصل الى ــ قعر ــ الجهل ــ أووووه.. نشوة التجاهل ..
أصاب بما لا تفسره اللغة ..
تعجز اللغة ؛ تتعطل الإشارة الكبرى، الإشارت تصير بلا معنى ؛
يصفعني فرح موشح بتراتيل الحزن والتفاؤل ..
يغتصبني ــ حزن ــ تنكر بثوب فرح كفر منذ ألف رسالة
قال الضوء أنها لا تقرأ إلا في الظل.. وعاشق يقسم أنها
لم تصل .. أصاب بأشياء؛ تمتطي النبض..تُصفّرُ في أذني
تركض فيّ..تركض في الحقل.. تركض في داخلها وهي تتمدد
تركض حتى بعد تعب أكثر..تعب أقل..تركض في
{الدم}
أرى أنني أسيل ببطئ على خشبة دافئة؛ أتكوم على حافة باردة
بأصبعها تمسح وجهي المغطى بلون الظل، تبكي والرسام يحكي لها
قصتي..سيدة تبدو تائهة في منتصف الحب..فيخطر ببالي أن
{أتعلم}
البكاء.. وأتذكر..أن دروسه الصعبة أطول من الحزن ؛ وأعلى من قامة
الوجع الشاهق ..الصّفير يبتلعه زعيق.. يصعد.. يتسلق ما نصبه ضغط القلب..
دق قاعدته في الصدر، رأسه شق الرأس .. درجة حرارة الأشياء هبطت تحت
الصفر.. باب يفضي الى أرواح منهمكة في التدوين.. غزيرة هي الكلمات
في عينيّ أخرس... لهب يتصاعد من ذاكرته، وفي قلبه لا ينطفئ حريق
وقطرة حمراء قانية على طرف السكين ,,صقيع على الطرف الآخر...

الطقس .. وصورك التي غير ملامحها صغارك.. الشاشة الماثلة أمامك..
الضالعة في قول الزور والإفتراء .. وعلبة.. ألوان ..كل ألوانها شهقت
رمادية شاحبة كلها.. رمادية تناثر لمعانها في زفير أخير.. وآخر شهيق
{ علبة ألوان}
لطفل مات قبل أن تبدأ رحلة التلوين..( سكنت الذاكرة ) ومعها فرشاة يابسة؛
انكسرت خطوتها الأولى .. وتقصف زغب الريش
( أول الطين )
لوحة لم تكتمل .. وأخرى ناقصة .. علبة سجائرك .. والسيجارة المشتعلة في يدك ..
كل الأشياء تحت الصفر إلا حرارة
{الدم } ...
وحرارتك .. حرارتك المرتفعة .. حرارتك المتعلقة بحبل وجدٍ ينصب كمائنه على هرم
الرقم التاسع ؛ يصطاد همسا يفوح من غيمات عارية .. يمد يده بخفة الى خصرها من
الخلف فيجمع حروفا يغزل منها قلائد قصائد، وكلمات مرتجفة..
دفئا يصبه على رأسي ــ ألا تحتاج الحرارة لتنخفض الى ماء بارد .؟!

تتذكر أن ( علبة التلوين) لم تصل الى الطفل الذي لون بدمه سواد الشارع.!

تتذكر كيف تدلى بالأمس بعضك من خط مائل .. وأن دمك تفرق.. وتتساءل ..
لم لا تتوقف قطعان الفراغ عن غزونا في مواسم النزف لتسلب
{الدم}
وتصلبه على جدار
{وهم}
لا يعرف من الجروح سوى بعض ملامح يراها في خطوط وجهي حين
{أبتسم}
وأنا أعيد تلاوة آيات
{الهم}
أعيد أناشيد طفولة مسلوبة الأم؛ وتراتيل
{الندم}

تتساءل : ألا يدرك أن { للدم} ملامح لا يقدر على اخفاءها لونه الواحد ..!
أتذكر ــ رؤيا ــ كانت تهبط حين أغفو على كتف الصحراء...
...
تماسك .. ولا تمنح عقلك فرصة كاملة ..بضع كلمات..خصلة شعر قديمة
من زمن فات .. مخبأة في عتمة الذكريات .. وصوت عطر تسلل همسا في الليل ؛
انتصب له القلب
الدهشة والذهول ؛ وكأنهما يعانقانك للمرة الأولى .. اثبت .. ــ كم ستحتاج الى الثبات
وأنت تصارع عقلك .. لا تمنحه كامل الفرصة .. ستضطر للتخلص من قتاعات كثيرة تحتفظ
بها ؛ كم من عمرك ثمنا لها..ثم دفعت ثمنها من عمرك!
أجمل الأوقات .. ــ (وجود العقل كاملا )ــ سيعيق وجودك الضروي .. ستكتشف أن الوجود
الضروري لا يحتاج الى شئ ضروري..أصاب بما يجعل الصور أكثر وضوحا ...
خصلة شعر .. صوت عطر .. طعمها السئ متاهتها رديئة .. ذاكرتك تنقط الشغف على وجه قلبك
وبقايا وِِرد تعلمته (بالحب) وتُمكن اللحظة من ذات تواقة.!! اللحظة الصادقة ..
تلك التي كانت أطول من العمر .. وأعلى من مقام الوجع وأسرع من اللذة الشاهقة ..
وكم مرة حاولت أن تعرف عدد المرات التي حاولت أن تعرف فيها... ان...
{تبتسم}
لبعضك وللحظة التقى فيها خشوعك العتيق بسحابة سكر تمطر داخلك ..
وتـــبـكي...
دون دروس طويلة وشاهقة .. تبكي بصمت، وندى الذكريات يبلل جبين القلب ..
بصرك يمر من ــ فراغ الكاسات ــ ما عاد بإمكانك أن تهذي ..
وجهك فقد ذاكرته الأولى .. نسي قواعد التجديد .. وخطوطه...
( كما بالأمس )
تعرجت كــ حبل غسيل .. تعرف أنك أنت الكلمات وأنت السطر وما كان ذلك إلا بعضك ..
لكن، وجهك صار ينسى حين تعود سيرة ــ التجاهل ــ كلما صادف

{الدم}
على جدار..على جدر
{الوهم}

كم ضيعت من دمي وكم ضاع مني بعضي .. ووجهك صار كذاكرة عجوز
ما عاد بإمكانه أن يمشي .. ما عاد بإمكانك أن تهذي ..
وما عادت اللحظة .تكفي ..!





ــ 12 ــ 12 ــ 2013 ـــ

منوبية كامل الغضباني
11-28-2019, 01:19 PM
نصّ رائع جميل يستوقف المتلقي لعمق معانيه وأسلوبه السردي المتميّز...
نصّ لما ننتهي من قراءته تبقى معانيه عالقة بنا ردهة من الزّمن يخاتلنا لعودة أكثر تمعّنا
سلم قلمك ونبضك أخي المبدع فهذا الإنثيال يؤكد املاكك وحذقك لفنيات الكتابة والسّرد هنا توقفت طويلا
وتـــبـكي...
دون دروس طويلة وشاهقة .. تبكي بصمت، وندى الذكريات يبلل جبين القلب ..
بصرك يمر من ــ فراغ الكاسات ــ ما عاد بإمكانك أن تهذي ..
وجهك فقد ذاكرته الأولى .. نسي قواعد التجديد .. وخطوطه...
( كما بالأمس )
تعرجت كــ حبل غسيل .. تعرف أنك أنت الكلمات وأنت السطر وما كان ذلك إلا بعضك ..
لكن، وجهك صار ينسى حين تعود سيرة ــ التجاهل ــ كلما صادف
{الدم}
على جدار..على جدر
{الوهم}

كم ضيعت من دمي وكم ضاع مني بعضي .. ووجهك صار كذاكرة عجوز
ما عاد بإمكانه أن يمشي .. ما عاد بإمكانك أن تهذي ..
وما عادت اللحظة .تكفي ..!


نعم قد نحطّ في آخر المطاف عند لحظة عجز ...فما عادت اللحظات تكفي ولا صار الكلام متاحا ....
جميل ما كتبت أخي خالد

ألبير ذبيان
11-28-2019, 03:29 PM
نص فاره وعميق بكل معانيه ودلالاته البعدية والنفسية
كسيل عارم متدفق بغزارة يمس كل من قرأه وتمعن فيه
ربما لأنه حكى الذات بكامل ملامحها البينية!
ولهذا فاض جماله وتماهى...
سلمت حواسكم أديبنا القدير ولا عدمتم الألق والإبداع
محبتي والاحترام




تثبت

هديل الدليمي
11-28-2019, 03:35 PM
حشرجات حرف مصبوغة بالأحمر
في شهقة ألم وأنفاس ذابلة
حكاية تمحورت على "دماء" والدم سيّد الحياة
لست هنا للمواساة.. فكلّ شيء يسير سيرا حثيثا للتلاشي
إنما جئت لأبصم لكم بأصابعي العشرة بأن هذه اللغة روحانية بحتة
تلمع في الأعماق كما تلمع النجوم في ليلة ديجور
واعلم أنّ ما سيموت فينا سيحيي أشياء أعظم وأهم
انحناءة
لكلمات تنساب بين الضلوع

ليلى أمين
11-29-2019, 12:16 AM
يا له من هذيان عارم كسيل متدفق جارف
بمعانيه الوافرة ولغته الراقية الموحية
لا نكاد نعيش فكرة تعانقنا أخرى لوفرتها وجودة صياغتها
بوركت وبورك فيض مشاعرك

محمد فتحي عوض الجيوسي
12-06-2019, 12:01 AM
رائع استاذ خالد هناك تطور أكثر على قصيدتك النثرية استخدام الجمل ابقصيرة المكثفة مع العلم إن النص طويل لكنه جميل ومعبر جدا

عواطف عبداللطيف
12-16-2019, 09:41 AM
كم ضيعت من دمي وكم ضاع مني بعضي .. ووجهك صار كذاكرة عجوز
ما عاد بإمكانه أن يمشي .. ما عاد بإمكانك أن تهذي ..
وما عادت اللحظة .تكفي ..!

عندما يكون الوجع أكبر منا
يصعب علينا تأطير حدوده
فتتسابق اللحظات معلنع الصراخ

نص فيه الكثير مليء بالصور والمعاني العميقة
يحتاج أكثر من وقفة

لقلبك الهناء
تحياتي

سيد يوسف مرسي
12-18-2019, 10:52 PM
أستاذنا الحبيب محمد خالد ما استعطعت أمر مرورالكرام
فقد ألهبتني حروفكم وأخذتني واصبحت أسيرا في فحواها
وماملكت نفسي وسِقتُ كما يساقُ الأسير
فمعذرة منك

حين أطالع مفردات حقبيتي . أنظر
دهشاً ... من القلم
أقلب ما علق بزهني . ولا يود أن ينزوي
أقلب في حقايب ومفردات أحجيتي
تحضرنا الابتسامة . نبتسم ...!
فمن الأمور ما يضحك
ومن الأشجان يبكي
ثورة بالأبدان تنتاب المفاصل
فليس كل الافعل أثم
ولكن لكل شيء أسم
قد تكون العزيمة لدنة ...!
أو كالمرأة الخضرة
نفقد القدرة على الحواس
فيصبح المرء في مهزلة
أين الجوارح الساكنة ؟
أين الجوارح الحاضرة ؟
أعتقد أن الظنون تغدرها
تضطرب السلوك
ويخذلنا الفهم
تلك فاعلية المأثور
فينازاعنا الهدوء
يجرعني الوقت قدحا
في زنزانة الصمت المعتوه
تلك غابة الجب ..
وسيطرة الجهل
وتأجج الصدر
وغدر الحروف
تضج الشوار في الرأس
وإشارة الصمِ بلا معنى
نتخيل أن الأفراح مهبطها السماء
ودروبها نفس دروب السحاب
نتخيل....
نتخيل أن كثيرا من الطيور يحيا بلا جناح
نتخيل أننا حينما نبكي .
ننشد تراتيل الصباح
ما هذا ..؟
ولماذا لا نسمع ولا نرى غير الصياح ؟
تصفعنا الهموم
وتمزق من فوق جلدونا كل الرسوم
أين أثواب الفرح ..؟
كفرنا بالألوان وقوس قزح
كفرنا بكل ما مضى من السنين
ورحنا وقطعنا الوتين
واليوم كما تراني ...!
أفتش في مفردات حقائبي عبر السنين
كل الأشياء لها
فلماذا الحزن بداخلنا يتمدد ؟
إنه يركض بداخلي
مثل طفل يلهو بمرمى السباق ويلعب
أنظره فلا يكل ولا يتعب
أما أنا فقد أدركني الجهد ...
وكرهت اللهو وأخشى ما يأتي بعد التعب
أخشى أن تطيء أقدامي قطبية الدنيا
فأغرق في زمهرير الجبال الثلجية
أو أتسلق هضبة لا تطل على المدى
أخشى أن تقذفنا الظنون
إلى مملكة (بن مرة) إبليس اللعين
أو أصبح ذبيحاً وكبشاً على أعتاب الأوثان
يشدنا التمني ....
نشتاق إلى دفء المناخ وحرارة معتدلة
لا تهبط بنا للصفر ، ولا تصعد بنا إلى الجحيم
أطل من نافذة الفضول ،
وأطرق باب الهروب
قبل أن تتشعب الطرقات وتكثر في العين الدروب
أود أن أشتعل وجدانا
يقلون أن قطرة من الزئبق الأحمر تعيدك إليك الحياة
فما وجدنا غير الدماء
تقبر الوهم ، وتمحو الحزن
أخشى أن أبتسم أمام مرآتي فتححقرني
أخشى أن في بنات أفكار لبنة لا تخذلني
فماذا أخفتني الجبال عن الدنيا ..؟
وأعطاني المدى والعمر فرصة
وظل همس المراد وماتت في وجداننا الغفلة
أعتقد أن بحاقائبي مفردات لا تموت ولا تنسى
سأعجن من مفردات كقائبي خبزاً
يعيننا وقت الرحيل

مع جليل تحياتي وتقديري : سيد يوسف مرسي