المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نص : أنا والسهر وردي


الدكتور نجم السراجي
12-01-2010, 07:16 PM
نص : أنا والسهر وردي
(الجزء الاول)

الاغترابُ سِنّةٌ أزليةٌ ابتدعها الفكر!
والفكرُ شجرةُ ملعونةُ، اقترابكَ منها خطيئة تقطعُ الدروبَ عن التوبةِ !
لكنها شجرة الحُلمِ المنْزُوعِ
تزحفُ إليها دونَ غواية / تدمنها /
فتلحقُكَ الخطيئةُ وتغتربُ !
عبثا ...
تقف عندَ مذبح فكركَ كراقدِ ليلٍ تحصي خطاياك،
تلمح الأفقَ المرَّصَعَ بضوءِ القمر ،
تنظر بعيداً ، ترسم في أكثر منْ موضعٍ ،
تتزلف علَّكَ تجد منْ يُنّقي بياضَ ثوبِكَ منَ الدنس ،
قالوا :
منْ يغسل خطاياه بميلادٍ آخر لابُّدَ أنْ يستل سيفاً يُقَطّعُ به أوصالَ الخطيئةِ،
ولأنكَ تكره سلَّ السيوف قمْتَ واغتسلْتَ بملْحِ البراري...!
هي وثبةٌ / انطلاقةٌ / يمرِرُها " المُريدُ " لا يمكن الامتناع عنها أو بطاقةٌ إيمائيةٌ تسايرُ روحَكَ لتهيم في برزخِ الألمِ والفناءِ فلا يوقظها ضجيجُ المضاجعِ،
قد تكشف لكَ تلك الصباحات ورقة ً في هذا العالمِ الغريبِ تفتتت فيها عبثيةُ الأقدارِ !
قالتْ التي آوَتْكَ :
الفناءُ تحررٌ إلى المطلقِ يخرجُ مِنْ رَحِمِ الحقيقةِ ، يختلطُ فيه المُدْرَكُ بالمحسوسِ ،
أولهُ إقامَة البدَنِ في خدمةِ المعشوقِ ، يتبعها خفةُ روحٍ تواقةٍ إلى المَلَكوْتِ ...
سَأَلتَهَا ... قالَتْ :
الواهِم ُ منْ حرَّرَ روحَهُ دُونَ الجَسَدِ،
الخاسرُ مَنْ لَوَّثَ أنهارَ العُيونِ وترَكَ خُبزَ المُتَعَففين،
والخائِب ُمنْ قَطَعَ شجرةَ الألمِ فَجَفتِ الأغصانُ في يديه !
أنتَ بحاجةٍ إلى نومٍ عميقٍ يُدْخِلكَ في دوّامةِ النسيانِ،
رُبَما أنتَ بحاجةٍ إلى فِكْرةٍ مجرّدةٍ تسدّ عليّكَ منافذَ الأفكارِ وطُقُوسَ النَدَمِ ...
***
همسٌ يدفعُ أنَاكَ للبكاءِ
فيجعل بينَكَ وبينَهُ لقاء !
لكن ...
أيبكي مَثَلُكَ ؟
وأي الدروبِ سيسلك دمعكَ العصيِّ وأنتَ حصانٌ بريٌ كُلَّما رَوَضَّكَ الألمُ تَزداد عَنْدا ؟
ذاكَ أنتَ ، تعشقُ الفكرَ حدَّ الانجرافِ فتؤمن به / تكبر به / كطفلةٍ تلبس ثوبَ أُختها لتكبر !
تنطلق...
لا يمسِككَ غير ريح فكر يسلب لبكَ للحظةٍ فتنيخ له وِطْراً وتنتفض بعدها تبحث عنْ فكرٍ آخر يمرق بين أصابعكَ لتنيخ له وتدور!
الاتجاهاتُ لعبتُكَ تُحْكِم فيها السيطرةَ على المسافاتِ وتمسكَ بطينِ الشواطئِ فلا يفلِتُ منْ كَفِكَ المَدارُ !
هكذا خُيِّلَ إليكَ ، حتى وجَدْتَكَ مُنكَسِراً على بابِها تفتقد الدفءَ وقهوةَ الصباحِ ،
في لحظةِ رحيلكَ انتَظَرَتْ " همْسَة ً " في أذنِها / زوادة عاشقٍ / في طريقٍ موحشٍ لا يسلكهُ غير الدراويشٍ ،
هذا أنت ، وها هي الريحُ التي جرفتكَ حيث ضياء المدنِ الكبيرةِ وسحرِها لتهوى كنجمٍ فقدَ بريقَهُ !
تحطكَ الآن على بابِها !
تترك في حضنِها ما تبعثرَ منْ أوراقِكَ ومنْ جسدٍ أثقلتهُ جراحُ الهزائم فتخلد إلى النومِ كأي طفلٍ فقد الأمانَ،
لكنكَ بكيتَ !
نعمْ بكيتُ أنا... مَنْ مِنا ليسَ بحاجةٍ إلى بكاءِ ؟
***
كما الناي يغترب!
تغترب أنتَ ... تعلِن انتماءَكَ إلى الألمِ
تعزف ، تئن ، تشجو ...
ويحمل الريح أنينكما وتنمو روحُكَ على
رغوةِ الانتماءِ و تعتصم بالعشقِ ...
قال السهروردي:
( حينَ يعلن ذاكَ الراعي اغترابَهُ ويكف عنْ عزف الناي ستأكل الصحراءُ حتى أشواكَها.)
السهروردي ،
عاشقٌ شفافٌ يرنو إلى الجمالِ ،
في هَدْأةٍ مِنْ ليلٍ ،
نَظَرْتَ إلى هَدْئِه وذاكَ الوقارِ ،
سَمِعْتَهُ يَشجو :
أنا العاشقُ للجمالِ
وجمالُ وجهكَ مَولاي هوَ أصلُ الجمالِ
أتيتُكَ ...
أخوض بسفر روحي إليك
وأشكو الظمأ !
أي ظمأ هذا الذي لا يرتوي إلا بالتوحد والفناء ؟
يغْتَرِب " المريدُ " فيه طوعاً ، يخرجُ مِنْ أناه ، يَنزعُ ما يلصقهُ بهذه الأرضِ ويمسك بخيوطِ الوجدانِ وفيض فكرٍ مسكونٍ بمزيةِ الدرويش ،
أومأ برأسهِ يرددُ:
بَخ ٍ بَخ ٍ ناسكٌ انفصَلَ عن لهوِ حياةٍ هوَ فيها عابرُ سبيلِ،
قال اتبعني،
أغْلِقْ منافذَ الشيطانِ واسْلكِ الدربَ كأي غريبٍ / مريدِ / يَرمي الفرارَ مِن سوى الله !
تباطَأتْ خُطواتُكَ ،
قالَ اتبعني حيث النور في المطلق
تَعثرَ صوتُكَ وتراخَتِ الأعضاءُ وتصالَبَتْ قدماك ووجَدْتَكَ في عزِ الظنونِ مُلتصقاً بأرضٍ تَلحَس ملْحَها بلسانِ مشطور ...
وعَلا هوَ يرْمِي التَوَحدَ والفناءَ في المَعشوقِ
انتهت
عيد الاضحى 2010
الدانوب الأزرق

وطن النمراوي
12-02-2010, 10:34 PM
حرف فيه مسحة من فلسفة و صور دقيقة صوبها أستاذي نحو الفكرة فجاءت نصا رائعا
سلمت أستاذي نجم فلقد أمتعتنا حقا بهذا النص الباذخ
و فعلا أتمنى لو أنني أستطيع كباقي المهتمين بالنصوص النثرية لأخوض به فأخرج ما بين جنباته من أفكار راقية انتشرت على طول النص و مرايا عكست تمكن أستاذي من أدوات النص النثري
جل ما استطعته هو أن أستخرج خطأين وقع بهما أستاذي سهوا :1 (28):

كلما روضك الألم تزداد عندا = عنادا :1 (42):
تعزف ، تأن ، تشجو = تئن :(

ثم أثبت هذا النص الراقي الذي رافقت به السهر وردي
لك و لحرفك المطعم بالدراية و المعرفة الكثيرة تحياتي و تقديري.

الدكتور نجم السراجي
12-05-2010, 04:05 PM
حرف فيه مسحة من فلسفة و صور دقيقة صوبها أستاذي نحو الفكرة فجاءت نصا رائعا

سلمت أستاذي نجم فلقد أمتعتنا حقا بهذا النص الباذخ
و فعلا أتمنى لو أنني أستطيع كباقي المهتمين بالنصوص النثرية لأخوض به فأخرج ما بين جنباته من أفكار راقية انتشرت على طول النص و مرايا عكست تمكن أستاذي من أدوات النص النثري
جل ما استطعته هو أن أستخرج خطأين وقع بهما أستاذي سهوا :1 (28):

كلما روضك الألم تزداد عندا = عنادا :1 (42):
تعزف ، تأن ، تشجو = تئن :(

ثم أثبت هذا النص الراقي الذي رافقت به السهر وردي

لك و لحرفك المطعم بالدراية و المعرفة الكثيرة تحياتي و تقديري.


العزيزة الغالية الفاضلة الشاعرة وطن
تقبلي تحيتي واحترامي الموضول
شكرا للتثبيت وشكرا لهذه الكلمات وهذه الدراية والذائقة الادبية الرفيعة
بالنسبة الى تأن قصدت بها ما قصدت لكنها اتت ضعيفة مشوهة لا تنهض وانسجام المقطع فكانت رؤيتك في تئن هي الاصوب والاقوى فشكرا لك واجو ان امكن تبديلها ب تئن

بالنسبة الى عَنْدا فهي صحيحة الى حد النخاع

وقال تعالى: وخاب كلُّ جَبَّارٍ عَنيدٍ. عَنَدَ الرجلُ يَعْنُد عَنْداً وعُنُوداً وعَنَداً : عتا وجاوزَ قَدْرَه.
ويقال للجبّار العَنيدِ: لقد عَنَد عَنْداً وعُنُوداً
شكرا لاهتمامك ودمت لي اديبة افتخر باسمها وعلمها
تحياتي

سفانة بنت ابن الشاطئ
12-05-2010, 07:05 PM
الدكتور نجم السراجي :أسعد الله اوقاتك بكل خير وأمسية سعيدة
كلمات تعدت البوح النثري بكثير ليصل إلى النص الفلسفي العميق الذي يبحر
في العمق الاشياء ويغوص في النفس البشرية ويتجول في الأحداث التي
تشغل فكر الدكتور الراقي بدأ من الصراعات النفسية ومجاهدة النفس إلى
ما يفيض به حياتنا من مآسي إن كانت خاصة أم عامية تشمل الاوطان ووطننا
العربية هي قراءة بصوت عالي قدمتها لنا بأسلوب عالي أيضا ، فجاءت غنية
بالصور الجميلة ، وبالكلمات المنتقاة بحكمة لتخدم المعنى وتوصل الفكرة المطلوبة
مع عمق في المعنى وترابط في الأفكار .
سأنتظر الجزء الثاني إن شاء الله بفضول و سعادة
شكرا دكتور لهذا الزخم الأدبي والفكري الذي قدمته لنا على طبق من ذهب
تقبل مني فائق الإحترام والتقدير


مودتي الخالصة :1 (45):

سفــــــانة

الدكتور نجم السراجي
12-06-2010, 09:10 PM
الدكتور نجم السراجي :أسعد الله اوقاتك بكل خير وأمسية سعيدة

كلمات تعدت البوح النثري بكثير ليصل إلى النص الفلسفي العميق الذي يبحر
في العمق الاشياء ويغوص في النفس البشرية ويتجول في الأحداث التي
تشغل فكر الدكتور الراقي بدأ من الصراعات النفسية ومجاهدة النفس إلى
ما يفيض به حياتنا من مآسي إن كانت خاصة أم عامية تشمل الاوطان ووطننا
العربية هي قراءة بصوت عالي قدمتها لنا بأسلوب عالي أيضا ، فجاءت غنية
بالصور الجميلة ، وبالكلمات المنتقاة بحكمة لتخدم المعنى وتوصل الفكرة المطلوبة
مع عمق في المعنى وترابط في الأفكار .
سأنتظر الجزء الثاني إن شاء الله بفضول و سعادة
شكرا دكتور لهذا الزخم الأدبي والفكري الذي قدمته لنا على طبق من ذهب
تقبل مني فائق الإحترام والتقدير


مودتي الخالصة :1 (45):


سفــــــانة


نعم سيدتي الكريمة لا بد من الاجتياز وتجاوز المعهود وطرق ابواب الفلسفة ورموزها والاسطورة ورموزها وكل ماهو يخدم النص ويمنحه العمق ومساحات التميز والجمال ولا بد من وجود قارئ يبحث في العمق دليله الابداع كما هو انت سيدتي الاديبة الراقية
شكرا لانك هنا تنور كلماتك هذه المساحة الطيبة
تقديري

كوكب البدري
12-07-2010, 09:45 AM
الأزرق وعيد الأضحى وقلمك

ثلاثية توحدت بنقاءٍ صوفي ... ( قاسٍ)

هذا كل مااستطيع قوله في هذا الصباح

سلامي

وطن النمراوي
12-07-2010, 10:40 PM
العزيزة الغالية الفاضلة الشاعرة وطن
تقبلي تحيتي واحترامي الموضول
شكرا للتثبيت وشكرا لهذه الكلمات وهذه الدراية والذائقة الادبية الرفيعة
بالنسبة الى تأن قصدت بها ما قصدت لكنها اتت ضعيفة مشوهة لا تنهض وانسجام المقطع فكانت رؤيتك في تئن هي الاصوب والاقوى فشكرا لك واجو ان امكن تبديلها ب تئن

بالنسبة الى عَنْدا فهي صحيحة الى حد النخاع

وقال تعالى: وخاب كلُّ جَبَّارٍ عَنيدٍ. عَنَدَ الرجلُ يَعْنُد عَنْداً وعُنُوداً وعَنَداً : عتا وجاوزَ قَدْرَه.
ويقال للجبّار العَنيدِ: لقد عَنَد عَنْداً وعُنُوداً
شكرا لاهتمامك ودمت لي اديبة افتخر باسمها وعلمها
تحياتي

و دمت و طبت و سلمت أستاذي الفاضل نجم
و تم لك ما أمرتني به
و ما زال البحث جاريا عن (عنادا) من قبلي :1 (28):
لأقنع :)
تحياتي و تقديري و تجلتي لك أستاذي الفاضل.

الدكتور نجم السراجي
12-08-2010, 06:56 PM
الأزرق وعيد الأضحى وقلمك

ثلاثية توحدت بنقاءٍ صوفي ... ( قاسٍ)

هذا كل مااستطيع قوله في هذا الصباح

سلامي
ليت القول لم يتوقف في ذلك الصباح وتتفتق المخيلة صورا بلاغية تسبح في الاعماق

شكرا يا كوكب لانك هنا ينور اسمك وتنور كلماتك هذه الصفحة
تقديري

الدكتور نجم السراجي
12-08-2010, 06:57 PM
و دمت و طبت و سلمت أستاذي الفاضل نجم

و تم لك ما أمرتني به
و ما زال البحث جاريا عن (عنادا) من قبلي :1 (28):
لأقنع :)

تحياتي و تقديري و تجلتي لك أستاذي الفاضل.


سيدتي الكريمة
اكرر شكري الموصول بالتقدير
عِنادا تختلف عن عَنْدا في المعنى
عَنْدا تأتي بمعنى الجبروت والطغيان
أي تزداد طغيانا وجبروتا في القصيدة
أما عنادا بكسر العين فتاتي بمعنيين
الأول : فَعَلَ مِثْلَ فعله. ، وهو يعارضه ويُباريهِ.
الثاني : يُعانِدُه يَفْعَلُ خِلافَ فعله؛
تقبلي احترامي

عواطف عبداللطيف
12-13-2010, 01:27 PM
من منا لا يقف على شواطئ الذكرى
يلتحف بالرمل
ليبدأ بالبكاء

الدكتور نجم السراجي
سطور فلسفية لامست الوجع
سأنتظر إطلالة الجزء الثاني على أرض النبع بسعادة

دمت بخير
تحياتي