المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هموم الحكواتي الأخير


مهند التكريتي
12-09-2010, 09:46 PM
هموم الحكواتي الأخير



( 1 )



جاء في ثنايا وصيته

إن كل ما نشرته من قصص

كنت قد ورثته قسرا ً

من عين مساءاتنا الباردة

ومن خلف كل منافي الصبر الذي ..

غلف جذورنا المعتقلة

في زوايا القبر الذي

كنت ناويا ً على تطليقه

قبل الأنتقال إلى ..

قبرنا الجديد !



( 2 )



قيل لي :

إذا كنت تريد أن تصبح عظيما ً ؟

تلزمك امرأة تشقيك

وتصنع منك فيلسوفا ً كسقراط

أو مجنونا ً كنيرون .. !



( 3 )



كل ما تنازعنا عليه ذات مساء

مثل أسدين هصورين

أضحى طعاما ً لدود

يهمس في ضمائرنا :

ما هذا؟

طعمه ؛كنفاية سردين معلب !



( 4 )



حينما كنت أعرف وجهي

لم يكن لي من حبيب

سوى .. طمَعُكِ

أما الآن فيحتشد عليه

ملايين الغواة

حتى لم أعد أميز فيه .. حتى أنفي !



( 5 )



على مدار الساعة

أكظم غيض ما فات

من سخط أيامي

وأقصم لحم الأنفاس الفائتة

حتى أسقط من حلمي

لتتلقفني ..بصقة ..

للقدر !



( 6 )



نزفت ُ جراحي

كلمات ٍمبهمة

طرزت ْ عصر صبابتك

بما شرّعته نيازك دموعي

لتفتح للحرية قيدا ً

و صراعا ً



( 7 )



كل من عشت وسطهم يهتفون !

أنك بلا جذور !

حتى أضحيت سمادا ً يدفئ ما تبقى

من بقايا جذورهم



( 8 )



كنت في رحلتي دائما ً

قارئا ً لكتاب ٍ مهضوم

نصفه كان صمتا ً.. نازفا ً

ونصفه الآخر .. زريبة !



( 9 )



ها أنا معلق

بين الصمت والبكاء

أتأبط حقيبة أحلام بالية

مُزقت أوراق دفاترها

عند أول عتبات.. للصمت !



( 10 )



من أمس ضحكاتنا الغريبة

وصبح دمعتي

علقت آخر أوراقي

عند ذاكرة شمس

تطاولت كي تمّسي

على بلدي الحزين



( 11 )



تذكرة رحيلي من جحيم الوطن

إلى ( فنجان ) حفرة الموت

قطعة قماش باردة،

كحلم الوطن ..

بين منافي العابرين



( 12 )



أدير صباحات الأمس

إلى مرتع الدود

لأقول :

صباح الليل يا وطن



( 13 )



الفرح المنقوش

في خاصرة زهرة ٍمقذوفة

على رفات معابري

عانقني بالصحبة

وشرعنا نندلع في فوضى اللامكان

ونحن نوقد ساعة الهاوية !



( 14 )



سريرنا اليتيم يا ((ليلى))

بقي َّ يتيما ً

ولكنه لاينوي

أن يغادرنا إلى دورة الأمل



( 15 )



ثوبك المعلق في الفراغ

ينثّ ضحكة متحجرة

في تهجد آخر رمق ٍ من لغة حروفي َّ

المحنطة بالصبر !



( 16 )



زادي

أغنيات المساء

والمحطة المرتسمة

على وجوه أصحابي الجدد

وهم ينشدون لي ..

مزمور الفراق !



( 17 )



قالت لي لبنة متحجرة

على خارطة الخوف:

اضرب بيمينك التراب

لكن نهد التراب أبى أن يجيبني

فرجعت أساوم خارطة لحدي

المرسومة بيني وبين

لبنتي ..المتكلسة !



( 18 )



الزائر الوافد على عذرية عوالمي

راود ألمي

و افتض بكارة ما كان مسكوتا ً عنا

و مغفولا ً عني



( 19 )



عند شرفاتي َّ العصية على نفسي

والذليلة لغيري

قرأت شيئا ً من تراب

فأبتلت العروق

لفرقعة الألم



( 20 )



حين أنزلق الدود أول مرة

على وجنتي

قلت لكفني

كفانا عبثا ً

فغواية الصمت هنا

أكبر من مكابرة التصنع



( 21 )



يبدو أن الغاية التي تبرر وسائلكم

لم تكن غاية

بل غواية لنزوة

طافت بين معاقل الشموع المتخثرة !



( 22 )



سأغادر الآن محطة أوهامكم

لأقبع في ذاكرة آخر دودة

تتأبط آخر مفصل من جسدي !



( 23 )



لقد صدقت ياسيزيف

فلـ... ـم يبق َ بعد اشتعال الصمت

سوى

زيف ضحكاتك

ونزيف صخرتي.. !

سمير عودة
12-10-2010, 01:03 AM
مبدعنا الرائع مهند التكريتي
همومٌ لخصت قضية أمتنا التي خرجت من مجريات التاريخ قبل ما يزيد على سبعة قرون خلت
نصوص مكثفة المعنى والمبنى
تستحق
التعليق
في صدر البيت
تحياتي العطرة

لينا الخليل
12-12-2010, 08:02 PM
هموم كثيرة علقتها على صدر الحكواتي
وهو قلمك

مهند التكريتي القدير

نصوص قصيرة لكن يجمعها ألم واحد
هي مسحة الحزن التي ظللت النصوص لتظهر كأنها نص واحد
سعدت بوجودي هنا رغم الحزن
تقديري

فريد مسالمه
12-13-2010, 12:23 PM
..أقرأ أكثر من متوالية نصية ومشهد
وأغرف الرحيق ولعلني تعثرت هُنا وتهت في الزُحام!!
كُلها رائع...
مودتي أستاذ مهند

سفانة بنت ابن الشاطئ
12-14-2010, 11:10 AM
هي ومضات مكثفة كلماتها منتقاة جميلة المبنى


رائعة الصور ,,, هي مزيج من الوجع والحيرة


سفر بين مطبات الزمن ونبش للفافات غامضة


كنت رائعا أديبنا بكل المقاييس في هذه اللوحة


التي أبدعت في رسمها وإعطائها الحياة من نبض


روحك المتألمة ،


اختيار العنوان كان لافتا ومميزا أضاف جمالا على


ما خط قلمك الباذخ



مودتي الخالصة :1 (45):




سفــــانة

وطن النمراوي
12-14-2010, 11:27 PM
اتنان و عشرون هما من هموم الحكواتي بحت بها بومضات لامست أرض الواقع و هي محلقة في الأجواء
فلقد جمعت بين روعة الرمز و براعة الإشارة إلى كل ركن أردت أن تمر به حماك الله
و عرجت على كل زاوية قصية في حياتنا و أجلستها في منصة الحرف ليبوح لنا عن سرها هذا الحكواتي
أحييك أستاذي الفاضل مهند
فقد أبدعت في رسم ملامح النزيف في ومضات.
لك حرف مميز فعلا و تعرف كيف تصبه في عوالم المفردات الجميلة.
لك و لحرفك الجميل تحياتي.

أظن في الومضة (18) سقط حرف الهاء سهوا من كلمة (عنها)
" ما كان مسكوتا ًعنا"

أكظم غيض ما فات = غيظ :(

اسامة الكيلاني
12-14-2010, 11:53 PM
لو كان الحكواتي موجوداً إلى يومنا هذا
لفرَّ من هذا النص في الحال .. و ادعى أنك
ألبسته هموماً في غير مقاسه المناسب
نعم هموم هذا الحكواتي المجبر على الرحيل
إلى ما وراء المعنى .. بعثرتنا جميعاً و أيقضت
ما تبقى من رحيق الوطن و الحياة ..لتشربَ بعض
كؤوس الخيزران على وقع مشاهد صاخبة من حياتنا
المترفة بالألم ... حماك الله أيها العبقري العبقري
شكراً لك أيها الأديب المدهش / مهند التكريتي ... محبتي لك .

عواطف عبداللطيف
12-16-2010, 09:17 AM
ومضات
لمشاهد من أرض الواقع
غلفها الحزن

ولن يتوقف الحكواتي ما دام الجرح ينزف

دمت بخير
تحياتي