نبيه السعديّ
01-04-2011, 12:43 PM
ما أضحك الإنسان.. أبكاه !
ألقيتها في أمسية شعرية خاصة
في فندق السمرلاند في بيروت
قلْ للسـلام سـلاماً.. حـين تـلقاهُ
إن لم يدعْ سـيفَهُ.. لســنا رعاياهُ
خلـَّـفتُ خلفي رُبَى الفيـحاءِ تائقةً
إلى السـلام.. تصلِّي في مصـلاّهُ
والشرق يحلم في صلحٍ.. إذا انفتحتْ
له الصدور.. فقـلب الحـقِّ مأواهُ
إن تاه حُلمكَ.. يا شـرقِيْ. بواقعـنا
فحسـب حُلمكَ عـذراً من به تاهوا
*****
إنَّا لنـدركُ كيف الســلم ينصـفنا
وكيف يظــلمنا قـاضٍ.. نصـبناهُ!
للحـقِّ والعـدل مسـعانا.. ومطلبنا
والضعف أبعــدنا عـمَّا طـلبناهُ
لـقد وأدنا عُـلانا تحت فرقــتنا
وما أســفنا على عــزٍّ وأدناهُ!
بدتْ مواقفـنا مـهزوزةً.. فخــلتْ
من اعـتدادٍ.. ومن حــزمٍ ورثناهُ
لا يُرعبُ السـيفُ مهـتزّاً برِعْـدتنا
بل مـرعبٌ فيه.. لو أنَّـا هـززناهُ
*****
درب السـلام.. الذي نجري به خَبَباً
لـو كان في يدنا.. كنَّـا هجــرناهُ
نُسـاقُ للسِّـلم كالقطعان.. نحسـبُهُ
مرعىً.. يدوم لنا في مرجـه الجـاهُ
لقد فقـدنا شـعور الحـرِّ.. نظرتَهُ
كأنَّـنا في صـراع العيـش أفـواهُ
نـُقاد للسِّـلم كالقـربان.. ما أَثِمَتْ
يــدٌ تُبـاركُ من بالســيف أرداهُ
*****
إنَّا لَنعـلم ماذا قــد يحـيق بـنا
لو أنَّ ســلمهمُ الـواهي رفضـناهُ
قد يظـفرون بنا.. لكنْ ســنقنعهمْ
بأنَّ للشــعب دوماً ما تمـــنَّاهُ
عـباءةُ الأمس.. نحن اليوم نلبسـها
إنَّ العـباءةَ تعني؛ حمْـلَ أعــباهُ
*****
نريدُ سـلْماً سـليماً.. نسـتظلُّ بـهِ
فأين في عـالَم الظُّلْمــات نلـقاهُ!
يسـتفردون بنا في كلِّ زاويـــةٍ
أيا ســلاماً.. ركعـنا في زواياهُ!
*****
فكيف نسعى إلى سـلمٍ.. إذا انتصبتْ
أركانُهُ.. وعَـلَتْ.. كنَّـا ضـحاياهُ!
سـلمٌ يحـوِّلنا من سـادةٍ مَلَــكوا
إلى عـبيدِ إلـهٍ.. مـا أمِــــنَّاهُ!
سـلمٌّ يضـلِّلنا.. حتَّى يوظِّـــفنا
فيـما ملــكنا.. فننسى ما ملـكناهُ
وحـين يُنقــدنا من مالـنا ثمـناً
فعُشْـرُ أجْـرٍ على جـهدٍ بذلــناهُ
*****
سـلمٌ سيجعلنا سـوقاً لفائضـــهِ
من المـتاع.. كأدنى ما تمــــنَّاهُ
ونحن أسـوأُ حـظّاً في منافســةٍ
كيف التنافـس.. حـين الكفْؤُ جافاهُ!
*****
سـلمٌ يوظِّـفنا في جمْـع ثروتــهِ
وكلُّ ما زجَّــنا في الفقـر أثـراهُ
سـلمٌ يحطِّـم أسـوار الحدود.. ولم
تمـلكْ بداوتُـنا علــماً لِتلـــقاهُ
فـقد يهـبُّ علينا كالنســيم.. بـهِ
من السـموم نشــوقٌ قد جـهلناهُ
وقـد يمـرُّ على آذانـنا خـــبراً
تفـيض بالشَّـرِّ والفوضى خـفاياهُ
وقـد يحمِّـلنا من علـمه قبـــساً
إنْ يسـتقمْ في حقـول الفكر.. لظَّاهُ
*****
لقد خـرجنا من الماضي بأســئلةٍ
طـفا الجـواب عليـها دون مـعناهُ
ماذا نقـول لطـفلٍ في الجنوب.. نما
في الاحتلال.. وأضحى من رعاياهُ؟!
ماذا نقـول "لبيروتَ" التي اغتُصِبتْ
لو أنَّـها سـألتْ عـمَّا فعــلناهُ؟!
لهْـفي على الغادة الحسناء ضارعةً
أمـام مغتصِـبٍ.. ترجـو عطاياهُ!
ونحن نرنو إليـها.. حين تجـلدها
يدُ الزَّنـيم.. وننـسى مـا رأيـناهُ!
يغسِّـلُ البحـرُ أقدامَ الفـتاةِ.. ومَنْ
يغسِّـلِ البحـرُ.. يطهرْ من خطاياهُ
شـلاَّلُ شَعْرِكِ يا "بيروتُ".. سرَّحهُ
مشطٌ منَ المـدِّ.. ثمَّ الجـزْر سوَّاهُ
وردَّد الزَّبَـدُ الصَّـخريُّ أغنيـــةً
يهـيم شــوقاً على أنغامـها الآهُ
معشوقةُ النَّاس والأيَّام.. هل خلصتْ
لكِ النَّـوايا.. بيـومٍ غـاب نوراهُ؟!
الكلُّ "قيسُ".. وفي "بيروتَ" مُـنيتهُ
يا بئس "قيسُ الليـالي".. باع ليلاهُ!
*****
يحـاول القـلب أن ينسى مواجـعهُ
ويســتكين إلى نـومٍ تغشَّـــاهُ
فيصـرخ "اليمنُ" المجـروح من ألمٍ
بسـيف وحـدته.. لمـا تحـــدَّاهُ
و"مصرُ" تبكي وفي "السودان" مجزرةٌ
وفي "الجــزائر" روعٌ مـا تخـطَّاهُ
*****
يا مجلس الأمن! ها "لبـنانُ" تمـزقهُ
يـدُ الجـريمة.. فاسـتمتعْ بشـكواهُ
بالأمس لمـلمََ في "قانـا" فجيعــتَهُ
مودِّعـاً بدمـوع الصَّـــبر موتاهُ
فلتصـدرِ اليومَ كالمعتاد حكـمكََ معْ
وقـفِ النَّـفاذِ.. يوارى بين قتـلاهُ
في صدرِ "لبنان" حزنٌ.. لو يفيض بهِ
لأصبح الكـون من تعـداد غـرقاهُ
*****
قد غلـَّف الدهـرُ بالأحـزان أعيننا
فلـو مررنا بفـرْحٍ مـا عــرفناهُ
فكيف تقـبلُ.. يا قلبي.. بأعــطيةٍٍ!
تُهـدي إليكَ الضَّنى دوماً.. وترضاهُ!
ألا تجمِّـعُ حـزناً.. ثمَّ ترجـــعهُ
عـبر البـريد لمـن أهــداكَ إيَّاهُ!
إبسـمْ! فكلُّ جـمال الكـون بسمتُهُ
من ذا تعـثَّر بالبســمات مسـعاهُ!
واختـرْ لنفسـكَ أمراً.. لا تضيقُ بهِ
فإنَّ ما أضْـحكَ الإنســانَ.. أبكاهُ
*****
***
*
بيروت 3/8/ 1994
نبيه محمود السعديّ
ألقيتها في أمسية شعرية خاصة
في فندق السمرلاند في بيروت
قلْ للسـلام سـلاماً.. حـين تـلقاهُ
إن لم يدعْ سـيفَهُ.. لســنا رعاياهُ
خلـَّـفتُ خلفي رُبَى الفيـحاءِ تائقةً
إلى السـلام.. تصلِّي في مصـلاّهُ
والشرق يحلم في صلحٍ.. إذا انفتحتْ
له الصدور.. فقـلب الحـقِّ مأواهُ
إن تاه حُلمكَ.. يا شـرقِيْ. بواقعـنا
فحسـب حُلمكَ عـذراً من به تاهوا
*****
إنَّا لنـدركُ كيف الســلم ينصـفنا
وكيف يظــلمنا قـاضٍ.. نصـبناهُ!
للحـقِّ والعـدل مسـعانا.. ومطلبنا
والضعف أبعــدنا عـمَّا طـلبناهُ
لـقد وأدنا عُـلانا تحت فرقــتنا
وما أســفنا على عــزٍّ وأدناهُ!
بدتْ مواقفـنا مـهزوزةً.. فخــلتْ
من اعـتدادٍ.. ومن حــزمٍ ورثناهُ
لا يُرعبُ السـيفُ مهـتزّاً برِعْـدتنا
بل مـرعبٌ فيه.. لو أنَّـا هـززناهُ
*****
درب السـلام.. الذي نجري به خَبَباً
لـو كان في يدنا.. كنَّـا هجــرناهُ
نُسـاقُ للسِّـلم كالقطعان.. نحسـبُهُ
مرعىً.. يدوم لنا في مرجـه الجـاهُ
لقد فقـدنا شـعور الحـرِّ.. نظرتَهُ
كأنَّـنا في صـراع العيـش أفـواهُ
نـُقاد للسِّـلم كالقـربان.. ما أَثِمَتْ
يــدٌ تُبـاركُ من بالســيف أرداهُ
*****
إنَّا لَنعـلم ماذا قــد يحـيق بـنا
لو أنَّ ســلمهمُ الـواهي رفضـناهُ
قد يظـفرون بنا.. لكنْ ســنقنعهمْ
بأنَّ للشــعب دوماً ما تمـــنَّاهُ
عـباءةُ الأمس.. نحن اليوم نلبسـها
إنَّ العـباءةَ تعني؛ حمْـلَ أعــباهُ
*****
نريدُ سـلْماً سـليماً.. نسـتظلُّ بـهِ
فأين في عـالَم الظُّلْمــات نلـقاهُ!
يسـتفردون بنا في كلِّ زاويـــةٍ
أيا ســلاماً.. ركعـنا في زواياهُ!
*****
فكيف نسعى إلى سـلمٍ.. إذا انتصبتْ
أركانُهُ.. وعَـلَتْ.. كنَّـا ضـحاياهُ!
سـلمٌ يحـوِّلنا من سـادةٍ مَلَــكوا
إلى عـبيدِ إلـهٍ.. مـا أمِــــنَّاهُ!
سـلمٌّ يضـلِّلنا.. حتَّى يوظِّـــفنا
فيـما ملــكنا.. فننسى ما ملـكناهُ
وحـين يُنقــدنا من مالـنا ثمـناً
فعُشْـرُ أجْـرٍ على جـهدٍ بذلــناهُ
*****
سـلمٌ سيجعلنا سـوقاً لفائضـــهِ
من المـتاع.. كأدنى ما تمــــنَّاهُ
ونحن أسـوأُ حـظّاً في منافســةٍ
كيف التنافـس.. حـين الكفْؤُ جافاهُ!
*****
سـلمٌ يوظِّـفنا في جمْـع ثروتــهِ
وكلُّ ما زجَّــنا في الفقـر أثـراهُ
سـلمٌ يحطِّـم أسـوار الحدود.. ولم
تمـلكْ بداوتُـنا علــماً لِتلـــقاهُ
فـقد يهـبُّ علينا كالنســيم.. بـهِ
من السـموم نشــوقٌ قد جـهلناهُ
وقـد يمـرُّ على آذانـنا خـــبراً
تفـيض بالشَّـرِّ والفوضى خـفاياهُ
وقـد يحمِّـلنا من علـمه قبـــساً
إنْ يسـتقمْ في حقـول الفكر.. لظَّاهُ
*****
لقد خـرجنا من الماضي بأســئلةٍ
طـفا الجـواب عليـها دون مـعناهُ
ماذا نقـول لطـفلٍ في الجنوب.. نما
في الاحتلال.. وأضحى من رعاياهُ؟!
ماذا نقـول "لبيروتَ" التي اغتُصِبتْ
لو أنَّـها سـألتْ عـمَّا فعــلناهُ؟!
لهْـفي على الغادة الحسناء ضارعةً
أمـام مغتصِـبٍ.. ترجـو عطاياهُ!
ونحن نرنو إليـها.. حين تجـلدها
يدُ الزَّنـيم.. وننـسى مـا رأيـناهُ!
يغسِّـلُ البحـرُ أقدامَ الفـتاةِ.. ومَنْ
يغسِّـلِ البحـرُ.. يطهرْ من خطاياهُ
شـلاَّلُ شَعْرِكِ يا "بيروتُ".. سرَّحهُ
مشطٌ منَ المـدِّ.. ثمَّ الجـزْر سوَّاهُ
وردَّد الزَّبَـدُ الصَّـخريُّ أغنيـــةً
يهـيم شــوقاً على أنغامـها الآهُ
معشوقةُ النَّاس والأيَّام.. هل خلصتْ
لكِ النَّـوايا.. بيـومٍ غـاب نوراهُ؟!
الكلُّ "قيسُ".. وفي "بيروتَ" مُـنيتهُ
يا بئس "قيسُ الليـالي".. باع ليلاهُ!
*****
يحـاول القـلب أن ينسى مواجـعهُ
ويســتكين إلى نـومٍ تغشَّـــاهُ
فيصـرخ "اليمنُ" المجـروح من ألمٍ
بسـيف وحـدته.. لمـا تحـــدَّاهُ
و"مصرُ" تبكي وفي "السودان" مجزرةٌ
وفي "الجــزائر" روعٌ مـا تخـطَّاهُ
*****
يا مجلس الأمن! ها "لبـنانُ" تمـزقهُ
يـدُ الجـريمة.. فاسـتمتعْ بشـكواهُ
بالأمس لمـلمََ في "قانـا" فجيعــتَهُ
مودِّعـاً بدمـوع الصَّـــبر موتاهُ
فلتصـدرِ اليومَ كالمعتاد حكـمكََ معْ
وقـفِ النَّـفاذِ.. يوارى بين قتـلاهُ
في صدرِ "لبنان" حزنٌ.. لو يفيض بهِ
لأصبح الكـون من تعـداد غـرقاهُ
*****
قد غلـَّف الدهـرُ بالأحـزان أعيننا
فلـو مررنا بفـرْحٍ مـا عــرفناهُ
فكيف تقـبلُ.. يا قلبي.. بأعــطيةٍٍ!
تُهـدي إليكَ الضَّنى دوماً.. وترضاهُ!
ألا تجمِّـعُ حـزناً.. ثمَّ ترجـــعهُ
عـبر البـريد لمـن أهــداكَ إيَّاهُ!
إبسـمْ! فكلُّ جـمال الكـون بسمتُهُ
من ذا تعـثَّر بالبســمات مسـعاهُ!
واختـرْ لنفسـكَ أمراً.. لا تضيقُ بهِ
فإنَّ ما أضْـحكَ الإنســانَ.. أبكاهُ
*****
***
*
بيروت 3/8/ 1994
نبيه محمود السعديّ