المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مَقبَرة المَلائكة


إبتهال بليبل
05-13-2011, 05:02 PM
مقبرةُ الملائكة

http://www.zgodzinski.com/galeria/i/angels2002/images/Cmentarz-Rakowicki-06.jpg
مَا عَادَ الغُروب يُشبه أَمسَه.. حتى أَمسك بخاصرة تميمته
وذَاكِرَته التي نَامت عِتقَاً عَلَى مَشَارِف سُطوري المُنهكة بخطوطها الحمر
وبَقَايَا بصمات مِن رُكَام نِهايات امرأة
غَمسَت بِرَمَاد
ظنّ السَامعون صِياحه الْمَسَاق مِّن نُطْفَة الضَباب يُحْيِي لِسَانَ الظَّمْآن لِّلشَّارِبِينَ ..
سَاد السُكون حَول مَصَابِيحهم
وفارت مِنها شهقات الْمَوْت للْغَيْاب تمُور فِي عُتُوّ الخَطَى المُبللة
وَنُفُور أَبْصَارهم البَاسِرَة عَلَى مصَائر الضَياع أَقْفَالُهَا..
وَحدي أقف السَّاعَة كالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ
أَمْلَي لَهُمْ أَخْبَارَهم
أَن لَّن تخْرِجَ الْمَلائِكَة مِن بَعْدِ مَا تَبنَت أحزمة نَاسفة تتَسلى بحَشود النَمل
يَجيئون مَعصوبي الجبين ونَتساقط كأوراق الخريف..
لِينتهي المَسير...
يا أنتَ..
يا بَقايا خُصلات مُنهَكَة تَاهَت بِين أصابع تَضفُرها بِزحَام كَفَن الانتماء..
فِي مقامر الشَهَواتِ اِفتَرَشَت الدِماء رُكوعاً..
لَفَظَ أنفاسه فِي صَمتِ العَذراء
وتَرَدّى تَمر النَخيِل المُتَشَبِّث بأَخاديد تصَرّخ بعَرَق الأشلاء
تفَشِّي بِبقع مَبحُوحة العَبَرات..
هَل لِي بمَقبَرة المَلائكة تَراتِيل؟!
مَا عَادَ الحِداد يُشبِعُهَا إلا نزولاً إلى الأرض..
مَقبرة اِبتَعْت أروَاحاً تَسير فَوق حَصيرِ اليَتَامَى
وأَرْغِفَة عَجَنتها أيدٍ مَبتورة المَصير..
ذَاكَ الطَفل الجَّائع لقضم الضّوء في مَريء
طَوَّقَتهُ نُدبة الغَضب..
أبكَاني في وقتٍ امتص الدَمع اللاجِئ إلى هَيكَله الرَاحل
وتَلك أرمَلة عَاقِر أُجهِضت مَخاضَ الخُطى
بذّراع اِعَتَقَلَت عِنَاق زَوجَها..
وتَلمَع مِن بَعيد مَحميَّة الأشباح خَلفَ مَرايا سود
كَاشِفَة عَن حِجَارَة أدمت أرواحنا فِي صَوم شَوال
يَقودها عَسكر يورث ظّلماءَ المراتع
تُزاحمهم حَرباً شَاخَتْ عَلى صَدور الأفاكل
وأضحَى الهَلاك ثَغراً للرجال...
حتى مَضَت بَجَعَات النَّاجِذَيْن تَستَسقِي أفانين الشَر
أبصرت خَفراء مَحنية الضُلوع لَها كتف القَارِئُون بِمسلات حمورابي..
تردَّد بحَنَاجِر الأقلام، المَوت !
تَصرخ بأزاميل الآهات: اعتقلوه، اعتقلوا حَبيبي!
وكم سَارَت عَلى أَرصِفَة الثَّلج حَافية
تَقرع دفوف زَفافها
وتتَرقب أَبصَارَها المُواكِب الراحِلة!
وفاض الوَجع حتى ولِدت أجنة انتظاره تَحتَ التُراب
فاختنقت بأَرتَال غُرباء
شدوا حواف ردائها فِي كف ليالي النار..
تَمضي كالريح إلى المَنْفَى.
تَحُوم فَوق تَوَابيت الأمس وتَمَاثِيْل العِشْق
حَجارة لمْ ترْوِها فراتهم
وَلا بَيَادِر الضَائِعِيْنَ بَين ضِفَافه منذ ثمانية أعوام..
وَمَا خاطت أبر الاحتلال شَق رِداء
أَدمَته كؤوس اللبن المُتكسرة
بأَصَابِع الوَطِن العَتيقة.

شاكر السلمان
05-13-2011, 05:22 PM
بوركت استاذتي المكرمة حين تنحني لك الهامات وأنت تقولي( وَحدي أقف السَّاعَة كالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ
أَمْلَي لَهُمْ أَخْبَارَهم
أَن لَّن تخْرِجَ الْمَلائِكَة مِن بَعْدِ مَا تَبنَت أحزمة نَاسفة تتَسلى بحَشود النَمل
يَجيئون مَعصوبين الجبين ونَتساقط كأوراق الخريف..
لِينتهي المَسير... )

سنقف يوماً أمام رب العرش العظيم وكلٌ سينال ما اقترفت يداه
تحيتي وتقديري

سمير عودة
05-13-2011, 07:39 PM
سيدة الحرف الأنيق
النبع يفتقدك
فأهلاً بهذه الطلة البهية
وقد أتحفنا بهذا النص الجميل
دام لنا إبداعكِ سيدتي
محبتي واحترامي

عبد الكريم سمعون
05-14-2011, 10:20 AM
ابتهال .. !!!
مذهلة كنت هنا شاعرتنا ..
قراءة حرفك تستوجب الذهول التام والتركيز وحبس النَفس ..
أخالُ الفكر أحيانا كان يلتهم بعض الشعرية ..وليس بشكل واضح ..
نص رائع وعميق ..
مودتي وتقديري وعبق الياسمين



كــريم

عبد الرسول معله
05-15-2011, 09:55 PM
هنا ملاذ الحائرين الخائفين من البوح ومن سياط الجهلة

هنا يحق لنا أن نستريح إلى بوح يعبر عما في نفوسنا

فيا ليتني أكون حانوتيا في هذه المقبرة التي تضم

الملائكة ممن لا جريرة لهم إلا أنهم ضعفاء أبرياء

فصّلت النص حسب ما تخليت وفهمت وقد أكون أخطأت السير

رمزت ابراهيم عليا
05-19-2011, 06:57 AM
الشاعرة ابتهال
تحية لك ولحرفك
وما أروع أن يشدنا الحرف ويقسرنا على قراءته !
رسمت بحرف سامق
ولفظ جائر / يجور على قارئه فيأسره /

تحيتي ومع المودة

رمزت

مهتدي مصطفى غالب
05-21-2011, 11:52 AM
(يا أنتَ..
يا بَقايا خُصلات مُنهَكَة تَاهَت بِين أصابع تَضفُرها بِزحَام كَفَن الانتماء..
فِي مقامر الشَهَواتِ اِفتَرَشَت الدِماء رُكوعاً..
لَفَظَ أنفاسه فِي صَمتِ العَذراء
وتَرَدّى تَمر النَخيِل المُتَشَبِّث بأَخاديد تصَرّخ بعَرَق الأشلاء )
قصيدة مدهشة و ساحرة تمتلك لغتها الخاصة العامرة بالصور و الرؤى
تستحق أن تقرأ أكثر من مرات ...
لك مودتي و تقديري

لينا الخليل
05-21-2011, 09:18 PM
القديرة ابتهال

حرفك يستحق التأمل ,فهو مثقل بالفِكر والعمق

لن يقضم جنى الأرض الغربان المارة
كلهم مارون ..عابرون دون أثر..

سلمتِ وسلم تراب الوطن

فريد مسالمه
05-21-2011, 10:53 PM
لن تكوني وحدك أُخيتي ابنهال~
حرفك موجع~وجداااااااااا
ونقي وعميق~~

إبتهال بليبل
06-03-2011, 10:29 PM
بوركت استاذتي المكرمة حين تنحني لك الهامات وأنت تقولي(وَحدي أقف السَّاعَة كالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ
أَمْلَي لَهُمْ أَخْبَارَهم
أَن لَّن تخْرِجَ الْمَلائِكَة مِن بَعْدِ مَا تَبنَت أحزمة نَاسفة تتَسلى بحَشود النَمل
يَجيئون مَعصوبين الجبين ونَتساقط كأوراق الخريف..
لِينتهي المَسير... )

سنقف يوماً أمام رب العرش العظيم وكلٌ سينال ما اقترفت يداه
تحيتي وتقديري


شكرا لمرورك العطر
وتحية قدسية لك:1 (41):

إبتهال بليبل
06-03-2011, 10:31 PM
سيدة الحرف الأنيق

النبع يفتقدك
فأهلاً بهذه الطلة البهية
وقد أتحفنا بهذا النص الجميل
دام لنا إبداعكِ سيدتي

محبتي واحترامي


تحية لمرورك وتعبيرك الراقي
وشكرا حد السماء :1 (45):

عواطف عبداللطيف
06-13-2011, 08:25 AM
الغالية إبتهال
توقفت هنا مع رائحة الموت
وضياع الوطن
وبقايا زفرات وأنين
تطلقها عيون النساء
ورقعة الوطن كل يوم تكبر

أوجعني النص ولازم دمعي
دمت بالق

لا تطيلي الغياب فلحروفك صدى

محبتي