منتديات نبع العواطف الأدبية

منتديات نبع العواطف الأدبية (https://www.nabee-awatf.com/vb/index.php)
-   دواوين شعراء النبع (https://www.nabee-awatf.com/vb/forumdisplay.php?f=73)
-   -   ديوان الشاعر / جميل داري (https://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=8177)

عواطف عبداللطيف 10-23-2011 01:04 PM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
مَنْ يطفئ البحر في جسدي؟


شعر: جميل داري


لم أكنْ أعرفُ الرملَ . . ها هو يقضمُ ظلي
لم أكنْ أعرفُ النخلَ . . ها هو يصعدُ أفقَ القصيدةِ مثْلي
لم يكنْ لي هنا أحدُ
من إذا وأدَ القلبَ . . علقهُ كالحرائقِ
فوقَ مدارِ الحنينِ الذي صارَ يغلي؟
السرابُ المعتق يعشقني
والمسافَةُ تصرخُ في أذني:
أنتَ طفلي .
أنتَ أغنيةٌ من صدىً وطلولْ
تغلفُ روحَكَ بالريحِ . . بالغيمِ . .
بالزمنِ المضمحل
أنا يا غيمُ مثلُكَ أعشقُ أرضاً بعيدهْ
أنا ياريحُ مثلُكِ أبحثُ عنْ شاطِئٍ
لأضفر فيهِ القصيدَهْ
أنا يازمناً ضائعاً ضائعٌ
فكلانا سراج يتوقُ إلى ظلماتٍ جديدهْ
***
ليس لي موجةٌ أو زبَدْ
ليسَ لي غيرُ حلمي الكسيحِ الذي لا يُحدْ
ليسَ لي غيرُ أطيافِ روحٍ
وفزاعةٌ في طلولِ الجسَدْ
***
في يدي سرابٌ جميلٌ
ورماد أفتّشُ في غوره الميْتِ عن جذوةِ المستحيل
ولهذا ستبكي القصيدةُ حتى الدموعِ الأخيرةِ . .
حتى الهزيعِ الثقيلْ
***
كل بحرٍ توابيتُ ليِ
(خففي الوطْءَ) أيتها الموجَةُ النزقَهْ
كل أرضٍ عناقيدُ من ظمأ وسنابلَ محترقَهْ
ومدايَ مراقٍ كحلْمٍ تحجر في حدقَهْ
والعصافيرُ فوقَ غصونِ دمي مَيْتةٌ
إن هذا الصدى حشرجاتُ العصافيرِ لازقزقَهْ
كل بحرٍ توابيتُ لي
سأموتُ كثيراً لعلي
أغيظُ الحياةَ لعلي
***
قلتُ للأغنياتِ تعالي لأذبحَ أغنيتي
وأدنسَ يأسكِ بالأملِ
ليسَ عندي جوابٌ على أي نَزْفٍ
فإياكِ . . إياكِ أنْ تسألي
لهفتي انتحرَتْ في أصيص الهوى الأولِ
ليسَ لي غيمةُ أو هواء
فكيف أقولُ لصفصافةِ الحزْنِ: إنّكِ لي؟
***
كانَ لي زمنٌ من حبَقْ
وقصائدُ يانعةٌ ورؤىً مثلها ربنا ما خلَقْ
ها أنا واقفٌ تحتِ ظل الرّمادِ
أتجرعُ وحدي حِدادي
وكؤوسَ القلَقْ
كانَ لي زمَنٌ واسعٌ
عندما أغلقوهُ اختنقْ
***
في مكانٍ لدودٍ ووقتٍ ألدْ
في مساءٍ يباركُ هذا الخَرابَ
وفجرٍ يضمدُ بالريحِ نار الجسَدْ
كل ما أشتهي غائبٌ
وجهُ أمي وصوتُ حبيبي الذي ماتَ منذُ أمدْ
مَنْ إذاً يدخلُ الآن صومعةَ الصمتِ
حتى يؤذنَ هذا النخيلُ
ويرمي على جثتي زهرةَ الشوقِ
أو أفعوانَ الحسَدْ؟
***
كم أحب الرحيلَ إلى أجلٍ لا يسمى
كم أحب البقاءَ وحيداً
أراقبُ هذا الفضاء المدمى
كم أشذّبُ صوتي كي يتسلقَ هذه المسافَةَ
بيني وبينَ السهادْ
فمتى ستمر القصيدةُ . . تأخذني من هنا
وتكومني كرَمادْ؟
مل مني المكانُ ومل الزمانُ ومل الحِدادْ
ومتى . . آه ما أتفَهَ الأسئلَةْ
ما أمر الصلاةَ لآلهةِ المقصلَهْ
***
مطرٌ في الخليجْ
وسواهُ يبللُ شوقي
ويجعلني كتلةً من نشيجْ
***
لم أزلْ ذلك الطفلَ أحصي خيوطَ المطَرْ
وأخيطُ لنفسيَ سجّادةً من بكاء القمرْ
حينَ أبصرني عاشقٌ ذابلٌ في مرايا الابدْ
لفني بقماط الزبدْ
***
أسمعُ الآن صوتَ المسافةِ من بقْعةٍ في دمي
يتدحرجُ كالغيمِ في طُرقاتِ الفضاءْ
وأنا أنتشي بهبوب الخرافةِ
خلفَ حدودِ الهواءْ
ليسَ للوشمِ فوق يدي قبلةٌ . . قبلتانْ
ليسَ فيهِ سوى ألمٍ
طافَ في جوهِ ذكرياتُ المكانْ
ليسَ للريحِ أغنيةُ
فالصباحُ الذي أتذكرهُ الآنَ جد مُدانْ
والمساءُ الذي أتذكرهُ الآن ذابَ كخيطِ دخانْ
ليسَ للريحِ أُغنيةٌ
صَمتَ البحرُ فَالرملُ أصبحَ سيدَ هذا الزمانْ
***
ألهثُ الآنَ من شدةِ الموتِ . . أصعدُ داليةَ الضوءِ
لاشيء في الأفْقِ يبدو
خَلفَ ذاكرةَ الليلِ شاهدتُ نفسيَ تعدو
النخيل الذي يتمَرْأى على القلبِ
يُسدلُ أفياءهُ دونما رغبةٍ
فكأني بهِ ضاق بي

مثلما ضاقَ بالشوقِ لحدُ
***
اشربيني على مضضٍ يا نجومَ الظهيرَهْ
اقتفي أثري فمكاني بأقصى جزيرَهْ
اشربيني/ . . . لم أعدْ صالحاً للبقاءِ هنا . .
وهناكَ القصيدةُ مرميةُ في كهوفِ المنى
كم أود احتضارَ الصباحْ
فالرسائلُ فارغةٌ كالوريقاتِ بينْ مهب الجراحْ
والرسائلُ جارحة كالأماني المضاعَهْ
كالصدى وجعي . . يقتفي أثري ساعةً بعدَ ساعَهْ
***
هربَتْ من يدي الحقولْ
هَرَبَ الحَجلُ
معي الآنَ شمسٌ معتقةٌ وصدىً وذهولْ
معيَ الأجلُ
***
تدخلُ الشمس في موجةٍ حائَرهْ
وأنا تتجمعُ في المنافي شموساً مكشرةً جائَرهْ
المغني الذي تركَ الصوتَ بينَ يديّ
ماتَ . . لم ينتظرْ أنْ يعودَ إليّ
لم أجدْ أحداً خلفَ نعشيَ يبكي عليّ
وعلى شاطئ الجرحِ أوقدتُ غيمَهْ
لم أدججٌ سمائي بنجمَهْ
كنتُ أركضُ خلفَ هوايَ . . تعثرتُ بالأضرحهْ
وشممتُ روائحَ حزني القديمِ
إلى أنْ تهاويت في المذبَحةْ
***
آهِ . . . يا موجَتي المزمنَهْ
كيفَ لي أنْ أهشم قارورة الأزمنَهْ
آهِ . . قد هرمَ القلبُ مثلَ خيولِ الخرافةْ
كيفَ لي أنْ ألوكَ رمالَ المسافَةْ
ها هو الفجرُ أقبلَ متشحاً برمادي
والمساءُ المهدمُ وسْطَ الحريقِ ينادي
شَجرُ الوقتِ يصفر في روضَةِ الجمجمَةْ
والتي خلقتني من العَدمِ امْرأةٌ مجرمَهْ
هكذا يتصاعدُ مثلَ الدخانِ المللْ
وبحيرةُ حلمي تعكر فيها خريرُ الأملْ
وسمائي التي تتهاوى تسائل : كيف وأينَ وهلْ؟
***
أمسِ شاهدْتُ في الماء صورةَ موتي
كانَ بي صَدأ مزمنٌ
قلتُ للحزنِ: حولْ صلاتَكَ أثفيةً
ضَعْ على النارِ صوتي
***
ليسَ لي امرأةٌ
وجهُها من نخيلٍ ورملٍ ومنفى وفنْ
ليسَ لي غير طيفِ وطنْ
ليسَ لي موعدٌ مع موجٍ
تآكلَ مثلَ صخورِ الزمنْ
ليسَ لي المستحيلُ ولا الممكنُ
وحدهُ يتأبط روحي المدى الكافرُ . . . المؤمنُ
كل شيءٍ يغادرني : الماءُ والنارُ والوطَنُ
***
كل فجرٍ أداعبُ وجهَ النخيلِ
وأشربُ أغنيةً ثملَهْ
أتوجه . . لا شيءَ غيرُ السرابِ
فها تستبد بيَ الجهةُ المقفلهْ
***
البيوتُ القريبةُ نائبةٌ لا أراها
والبيوتُ البعيدةُ تسحقني برحاها
والصبّاحُ القريبُ يمرغني بالغرابهَ
والمساءُ البعيدُ يبللُ روحي بماءِ الكآبَهْ
لكِ أنْ تسكني في ( أعالي القصيدةِ)
لكنْ حذارِ الوقوعْ
فهناكَ أذانٌ حزينٌ ومئذَنةٌ من دمُوعْ
لكِ أنْ تجعلي القلبَ مائدةً منِ شموعْ
إذْ علي الرحيلُ إلى الموتِ حتى أقاصي الرمقْ
لم تعدْ في أجنحةٌ
لأزينَ بالريشِ جسمَ الأفقْ
يخرجُ القلبُ عن نارهِ
ويعلقُ في مشجبِ البحرِ ثوبَ القلقْ
وأنا والقصيدةُ نرفو خطانا بخيِط الشفقْ
كم أنا عاشقٌ في جحيمِ الرّؤى
ليسَ تطفئني كلّ هذي الرؤى الباردةَ
***
أنا والريحُ مختلفان . . . هيَ الآنَ حرةْ
وانا قيدُ سورينِ: منفى وحسرَهْ
كيفَ أنقذُ ما سلبَ الموجُ مني . .؟
وأنا ريشةٌ في المهب
كيفَ أوقدُ في القلب بحراً وما عاد قلبيَ قلبي
ليسَ لي غيرُ أنْ أتقرى المقابرَ . .
أقضيَ نحبي
***
لا أحن إلى أحدٍ . . . . . مسني هاجسٌ من بلادَهْ
ماتَتِ القبراتُ قبيلَ الولادَهْ
كل أبنيةِ الحلْمِ في الرملِ قد سقطتْ
أهْيَ أسطورةٌ أمْ إبادةْ
***
أيّ بحرٍ يحررني من رمالِ المدى ؟
ذاب صوتي كملحِ الصدّى
وتمادى بيَ الشّوقُ مئذنةً
من هديلِ الحكاياتِ أو موعدا
***
كم رأيتُ لوجهيِ وجوها
كأني أنا مرةً ثم . . لا أحداً؟
هوذا الموتُ . . يكتبُ في دفتر الريحِ ميعادَهُ
يتوعّدني أبدا
هوذا الموتُ . . يُرسلُ أنفاسَهُ في فضاءِ القصيدةِ
يطفئُ فيها حنيني الذي اتّقدا
كم رأيتُ لوجهي وجوها
ما لروحي العصية قد دجنوها
***
آه..أيتها الريحُ هاكِ لهيبي ازرعيه هناكْ
واقطفي غيمةً
واجرفي قحطَ روحي بسيل الهلاَكْ
آه..أيتها الرّيحُ . . ياظمئي . . هاكِ . . هاكْ
***
ما الذي قذفَ القلبَ في مهرجانِ القنوطْ؟
كلمّا ارتفعَ الحلمُ بي شحبتْ لغتي
وتهّرأ فيها جميعُ الخيوطْ
كلما ارتفعَ الحلمُ شاهدت أجنحتي في مرايا الهبوُطْ
***
لن أبللَ يأسي بماءِ الأملْ
كلّ ما حوليَ الآنَ حلمٌ ضريرٌ
وحزنٌ ترهلَ مثلَ بقايا طللْ
لن أبلل صوتي بماءِ الصدى
ليسَ لي غابرُ
ليسَ لي حاضرُ
فعلي إذاً أنْ أموتَ غدا
***
لنْ أرددَ خلفَ القصيدةِ كالببغاءْ
انشققتُ لأبتلع الأرض . . أحسو السماءْ
انتهيتُ فكيفَ سأبدأ ثانيةً
والبداية حُبلى بكل نهايَةْ؟
آهِ . . . فليجرفِ الموتُ أغنيتي
بعدَ موتِ الأغاني تطيبُ الحكايَةْ
***
آه . . . مَنْ يطفئُ البحرَ في جسدي؟
مَنْ يكومُ رملَ القصيدةِ
يبني سماءً بلا عمدِ
مَن يعيدُ إلي الزمانَ الذي ماتَ فوقَ يدي؟
كانَ ثمة طيفٌ يلاحقني
صاحَ: خذْ . . ورمى لي بأضمومةِ الزبدِ





"مقاطع من قصيدة طويلة"
الملحق الثقافي لجريدة الخليج الإماراتية
السبت 27/11/2010

عواطف عبداللطيف 10-29-2011 12:35 AM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
https://kanadeelfkr.com/vb/images/icons/icon1.gif هذا المساء..


هذا المساء عرتنـي موجـة النـزق=وقلت للنفس :لمي النفـس واحتـرق
هـذا الحنيـن جميـلات ضفـائـره=يسمو بأنفاسه . يمضي إلـى ا لأفـق
سبحان مـن جعـل الأحـلام طائـرة=لهانقـول بـلا خـوف: ألا انطلقـي
مواكب الشعر قـد فاضـت شواردهـا=وزهرة الفجر قد نامت علـى مؤقـي
سألـت كـل صبـاح عـن روائحـه=فجاءني الرد محمـولا علـى الحبـق
دارت بي الريح ..كم عاندت لفحتهـا=حتى وقعت على رأسي ..على عنقـي
مستبشـرا بنـدى مـا زال يغسلنـي=كمـا الغيـوم تمـد الأرض بالغـدق
يا حادي البحر ..إن البحر يهتف بـي=يا حادي البحر ..هات الكاس واغتبق
إني هنـا وكـؤوس البحـر مترعـة=أفاوض الموج كي لا يشتهي غرقـي
آمنـت بالحـرف تغرينـي غوايتـه=إن لـم أجـده مـع الأيـام أختـلـق
هـذا المسـاء كمجـنـون توهـجـه=قد أشعل الشوق في فجري وفي غسقي
دنيـاي فارغـة مــن دون قافـيـة=خضراء.. تجمع في إيقاعهـا مزقـي

عواطف عبداللطيف 12-26-2011 01:55 PM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
بيتي


لك يا منازل في القلوب منازل

أقفرت أنت وهن منك أواهل

" المتنبي "




حزني يفيـض وينتشـي بهوانـي=إني أنا المغلول....... بالأشجـان
بيتي القديم ترابـه فـي خاطـري=وسماؤه..... ما غادرت وجدانـي
بيتي الذي مـا بـث أي رسالـة=ولطالما........ أعطيته عنوانـي
طال الفراق فهـل يطيـق خيالنـا=أن يستعيد بعيد..بعـد زمـان....؟
كنا نلوذ به........ أنـا ومحمـد=نبكي ونضحك... دونما استئـذان
كنـا نعلـق شعرنـا بصـدورنـا=ونصد كل جحافـل الأوثـان......
كنـا نحـب لغيرنـا مـن قبلنـا=.. ونضرج الكلمات...... بالألوان
رشفتني الأشـواق حتـى خلتنـي=قد ذبت في وهج المكـان الثانـي
قلبي هناك على المدى لا يرعـوي=وهنا أخط علـى السـراب بيانـي
بيتي القديم حليب مـاض عابـق=ومذاقه.... ما زال تحـت لسانـي
بيتي غبـاريُّ.. يضـوع غبـاره=والعيش دون غبـاره... أضنانـي
وزمانه يرثـي زمانـي.... إنمـا=لا بد أن ألقاه........ ذات زمـان
طلـل يفيـض بغابـر وبحاضـر=ويموج في قلبي... كمـا النيـران
أمضيت فيـه طفولتـي وشبيبتـي=وتركته مثلي يحـن....... يعانـي
كم من قصائد في زوايـاه نمـت=وتواشجت..... في دفـة الديـوان
وتعرضت للمدح والقـدح اللـذي=لم يرفعا...أو يخفضا مـن شانـي
بيتـي الـذي زينتـه بقصائـدي=ما عاد فيه سوى صدى الفئـران
والآن صورتـه تمـوج بداخلـي=وكأنها بحر........... بلا شطـآن
منـه نهلـت تشاؤمـي وفروعـه=ورشفت من أثدائـه.... عصيانـي
الآن كـل الأرض سجـن ضيـق=لا.. لا أرى فيها سـوى سجانـي
الآن تسطع فـي سمائـي غربـة=شمطاء توشك أن تشـق عنانـي
أما القصيـدة فهـي جـد يتيمـة=جمهورها بحر مـن الأحـزان....
يا ليتني لم أعرف الشعـر الـذي=أدمنته........... وجعلته قرآنـي
يا ليتني قـد مـت قبـل مماتـه=ما نفع أن أبقى بلا إيمـان......؟
الشعر أرغمني على اللهب الـذي=لولاه كان الكون محـض دخـان
والشعر أججني على طول المـدى=فمتى سيخمد داخلـي بركانـي..؟
ومتى أقول له:" وداعا يـا أخـي"=ولطالما.......... يتفرق الأخـوان
أنا قد مللت مـن الكـلام وطولـه=فكفاني الملل الطويل..... كفانـي
كم أحتمي بظـلال غيـم هـارب=وألوذ بالبيت الذي......... آواني
يا أيها الحوذي خذنـي مـن هنـا=لأحوك من هذا المدى.... أكفانـي
حرر هواي مـن الزمـان وقيـده=قد ضقت ذرعا.. بالأسير العانـي
سافرت في دنيا القصيـدة حالمـا=ببناء حلم مستحيل............ ثان
الحلم مات ولـم أجـد نـدا لـه=بئس الحياة........ تمر دون أمان
سافرت لكن ما وصلت وهـا أنـا=من ألف عام..... لا أطيق مكانـي
يا بيتي المرمي في أقصـى الدنـا=ما بال طيفك... في صميم كيانـي
ما بال وجهك في خضـم كآبتـي=ينداح...... مثل مساحة الطوفـان
ما أتفه الدنيـا وأكـذب وعدهـا=تلهو... بقلبي المخلص المتفانـي
هـذا الكـلام تخوننـي أصـداؤه=وتمدني........ بمواعظ الشيطـان
أنا فارس النكسات.. مهـزومُ أنـا=غمدي بلا سيف.. وضاع حصاني
بيتي من الصلصال ليس من الرؤى=ما أفقر الكلمات........ ما أغناني
بيتي..... أحن إليه حتـى آخـري=حتى بزوغ الفجر..... من فنجاني
فشجيرة الرمـان تبكـي وحدهـا=والتين والزيتون.......... ينتحبان
والباب باب الحوش ليـس وراءه=أحد من الأحباب......... والخلان
والسطح كنـت أنـام فيـه تـارة=أصحو على سيـارة........ وأذان
بيتي خلا مـن كـل شـيء إنمـا=لم يخل مني.. من صدى ألحانـي
أنا لم أزل-عقـلا وقلبـا -عنـده=ما بيننا........ أقوى من النسيان
أهواه.. أهـوى أرضـه وسمـاءه=فكلاهما في الروح...... يأتلقـان
النأي طال وحيـن نلقـى بعضنـا=فكأننا لم ننأ............ غير ثوان
فإذا بنـا نبكـي ونضحـك كلنـا=كيف الجماد يحس كالإنسـان..؟؟
يا كاهن النعنـاع* أجـج غيمـة=واملأ كؤوس الشعر... بالهذيـان
إني هنا في آخـر الدنيـا.. كـلا=نا.. من رحيق الفجـر محرومـان
لا تقتـرف إلا ذنوبـك وحـدهـا=واترك ذنوب الكون..... للكهـان

عواطف عبداللطيف 01-03-2012 11:55 AM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
شعر : جميل داري


" رب يوم بكيت منه فلمـاصرت في غيره بكيت عليه"

إلى العام الجديد الذي سيغدو قديما

بين لحظتين




رحـلَ القديـمُ بعذبـهِ وعـذابـهِ=وأتى الجديدُ و ها أنـا فـي بابِِـه
كم كنتُ أسعـى أن أمـسَّ سمـاءَهُ=لكننـي مـا زلـتُ طـوعَ ترابـه
كم كانت الأحلامُ ساطعـةَ الـرؤى=حتى توارت فـي كهـوفِ خرابـه
وسألتـهُ عنِّـي وعمَّـا حـلَّ بـي=أصبحت ريشاً فـي مهـبِّ جوابـه
لـم يكثـرثْ بذبـول عمـرٍ آفـلٍ=ومضى يردُّ المـوتَ عـن أسلابـه
العذبُ عاشَ وماتَ ..لم أهنـأ بـهِ=وظللـتُ مأخـوذاً بزيـف سحابـه
أمـا العـذابُ فرحـلـةٌ قسـريـةٌ=فـي بَرِّهِ..فـي بحـرهِ وعبـابـه
فكـأنَّ هـذا القلـبَ صـبٌ هائـمٌ=فيعيـد مجـدَ هيامِـهِ وشبـابـه
كان الهشيم حصـاد قلـب خائـب=و لكم رعى الأحلام فـي أعشابـه
الأمسُ غابَ.. وجاء يـومٌ غيـره=وكلاهمـا بالـروح ليـس بـآبـه
ما أقصـرَ العمـرَ الطويـلَ فإنَّـهُ=كدقيقـةٍ فــي حِـلِّـهِ وذهـابـه
وتكسَّرَت كُـلُّ النوافـذِ فـي يـدي=لم أجنِ من عملـي سـوى أتعابـه
العمـرُ مـاضٍ والزمـانُ يحُـثُّـه=ويكـاد أن يـودي بكـلِّ صوابـه
كم كان حلمـي ثائـراً لا يرعـوي=ويؤجِّـج الدنيـا بـعـود ثقـابـه
والآن قـد خمـد اللهيـب جميعـه=لـم يبـقَ غيـرُ رمـادِهِ وهبابـه
كم تسخـر الأيـام مـن شرفاتـهِ=أو تسـدل الأكفـانُ فـوق قبابـه
في نصف هذا الليل يرحـل عالَـمٌ=ويجيءُ آخـرُ فـي جميـلِ ثيابـه
وأظـل أبـدأ مـن جديـدٍ رحلـةً=عبـر الزمـان بشهـدهِ وبصابـه
عانيتُ من زمنـي الوعيـدَ فإنـه=ما كف يوماً عـن قبيـح خطابـه
لا فـرقَ بيـن قديمـهِ وجـديـدهِ=فكلاهمـا يقتـات مـن إرهـابـه
الصبر ولَّـى.. لـم يعـد متحمـلا=للصبر حـدٌّ فـاض فـي تسكابـه
عمـر تنصَّـل بغتـةً مـن عمـره=وبقيـت مرميـاً علـى أعتـابـه
حلَّ الغـرابُ فـلا حمـام بعالمـي=شتَّـان بيـن حمامـه وغـرابـه
عامٌ مضى.. عامٌ يجيء.. كلاهمـا=مستهـتـرٌ بزميـلـه المتشـابـه
ويقول لي عامي الجديد:"هلا هـلا"=فأقول:هل سأعيـش فـي جلبابـه
فغداً ..غـداً ضيـفٌ ثقيـلٌ قـادمٌ=أهـلا بـه و بمُِّـر.. مُِّـر شرابـه
ماذا سأفعـلُ غيـر دفـعِ شـرورهِ=لا خيرَ يبدو فـي شريعـة غابـه
مـاذا سأفعـل والزمـان يَحُثُّنـي=لأكونَ رغـم الأنـف مـن أذنابـه
لكنـنـي لا أستطـيـع رضــاءه=وعلـيَّ ألَّـبَ كـل جيـش كلابـه
صدري يضيقُ ولا تضيـق بناتُـهُ=حتى غـدا يبكـي طلـولَ رحابـه
كم كان يطلع منه نجـمُ قصائـدي=تترى ، ويغفو الحب فـي أهدابـه
لا نجم بعـد اليـوم يبـدو تربـه=فلقد تخلَّـى اليـوم عـن أترابـه
كل الذي في جُعبتي مـا عـاد لـي=روحٌ محـطـمـةٌ وراء إهـابــه
بيني وبين الوقـت سـوء تفاهـمٍ=إيـاك... والتسـآل عـن أسبابـه
فالوقـت يأخذنـي علـى تـيـارهِ=ما زلت أحسو الشعرَ مـن أنخابـه
وأنا الذي لا بَرَّ لي.. لا بحـرَ لـي=إنـي أرانـي فـي خضـمِّ يبابـه
الوقت يمضـي مُذعنـاً مستسلمـاً=لا فـرق بيـن حضـوره وغيابـه
كم قد ضحكت وكم بكيت سدى سدى=لم يبق لي غير الصـدى و رهابـه
مـر القديـم بعـذبـه وعـذابـه=وأتى الجديد وهـا أنـا فـي بابـه
قد كنت آمـل أن يؤجِّـجَ نجمتـي=ما زال نجمي مطفأً.. مـاذا بـه..؟
جاملته.. وفرشـت أشعـاري لـهُ=ورجعـت دون ثنـائـه وثـوابـه
بل رحت أحلم كيف أنجـو سالمـاً=فوجدت نفسـي لقمـةً فـي نابـه
يجترنـي وكأننـي عـلـفٌ لــه=ولكـم خُدِعـت بلطفـه وعتـابـه
يا أيها العام الجديد ..ولا جديـد...=لديـك غيـر تفاؤلـي وسـرابـه

عواطف عبداللطيف 03-02-2012 06:20 AM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
آذار


سوف أشرب هذا المساء
حليب الذئاب
وأعض على شفتي
وأندس بين شقوق الهباب
كلما جاء آذار
وسوس في القلب
نبض رجيم
ورفرف سرب سراب
سوف أشرب دمعي
وأجتر شمعي
وأحصي طوال الظلام
نجوم الغياب
كيف لي أن
أعانق آذار
وهو دماء معلقة
في مشاجب روحي
وفي ردهات العذاب..؟
كيف لي أن
أخسر
قرآن حزني
وآياته مفعمات
برائحة الشهداء الشباب..؟
سوف أشرب جرحي..
خيالي المضرج
بالياسمين الجريح
بموت الأغاني
بهذا الفضاء المصاب
سوف أشرب
صمتي وصوتي
وميلاد شوقي وموتي
وأسبح أيضا
بحمد الجنون
بحمد الخراب
سوف أقطع جزءا كبيرا
من القلب
أرميه للجائعين
وأترك باقيه للكلاب
سوف أمضي إلى الله
حيا وميتا
وأسأله:
من أباح دمي
كي ينال الثواب..؟
سوف أسند رأسي
إلى صخرة
لا تنام
وأحلم أني أطير..
أطير سعيدا
وراء الدخان
وراء الذباب
سوف أحلم
لا تمنعوني..
رجاء..
سأحلم بالموت
بين ذراع الرصاص
ولي معه بعد ذاك
مرير العتاب

جاء آذار مزدحما
بنجيع الفرح
ليته لم يجئ
ليته ظل عند السماء
سحابا ونايا
وقوس قزح

حين آذار يأتي
يحيط به الشهداء
يسكبون على يده دمهم
مثل ماء

كل تلك الشهور
تمر بقلبي
بلا أثر
وحده شهر آذار
يتركني عاليا كسماء
غزيرا كما المطر

لا تليق بقلبي سماء
لا يليق بقلبي تراب
كيف أخرج مني
أدخل في
وحولي جوف رجال
وأرض يباب..؟
سوف أسرق كحل القصيدة
أكتب عنوان قبري
على كل باب
وأرش على الموت
ماء نشيدي
وأحضن ظلي الذي
في مياه القصيدة ذاب




في شهر آذار دمع دائـم.. ودم=وجمرة في أتون القلب تضطـرم
وفلذة من فؤاد الأم.... راحلـة=ومأتم.. وعويل جارف... عـرم
متى سيغدو بلا جرح ولا تـرح=فتنتشي الأرض فياضا بها الحلم
متى ستمسي نجوم الحب ساطعة=تهدي الأحبة ضوءا.. ما له عدم
في شهر آذار لا.. لا أشتهي أبدا=إلا الجمال.... فلا ظلم ولا ظلـم
حب الحياة نشيد.. لا زوال لـه=مهما استخف به البغضاء والنقم
لا بد أن يولد العشاق ذات هوى=وينتهي الليل والأشباح.. والرمم
آذار.. بوركت من حلم ومن أمل=كلاهما في خضم الموت يلتطـم
هذا الربيع تخلى عـن طبيعتـه=ما عاد أخضر بل دمع بـه ودم
يا أيها الألم الخـلاق.. أرقنـي=طول المخاض ..فرفقا أيها الألم

عواطف عبداللطيف 03-17-2012 11:26 PM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
إن القرى لم تنتظر شهداءها



قصة القصيدة :
عمر هذه القصيدةأربعةو عشرون جرحا"1988" كتبتها وأنا في ريعان شعري و قهري... وكانت فيها مباغتات وتنبؤات لم أنتبه إليها إلا بعد سنوات عجاف.. علما إن القصيدة نشرت في بعض المجلات وقتها.. منها مجلة" الوحدة "المغربية المتوقفة عن الحياة منذ موت بعيد.. وهي نفسها عنوان ديواني الثاني الصادر عام 1993 وها أنشرها بعد هذه السنوات الطوال.. لا لأتكئ الجرح.. ولكن لأؤكد أن الشهداء- كآلهة شداد- لا يموتون.. وأن "حلبجة" ناهضة من موتها العظيم... من رماد شهدائها الذين يملؤون ساحة القلب دخانا... وطبول حب.. و نشيد حرية..



كانت تباغتني مساء
قبل أسفاري اللجوجة
لم أكن أبدا أعانق غيمة صفراء
تزهو في سمائي المكفرة بالشروخ
حبيبتي نامت كعادتها على جمر المدائن
لم تفق إلا على صوت المؤذن
معلناً موت الطبيعة..
معلنا موتي أنا
ماذا سيفعل عاشق في حضرة الموت الذي
يأتي سريعا
ثم يستولي على أشهى القرى
كانت حلبجة مثل بيروت
تنام على سرير من دم الفقراء
في غاب الأسره
من أين أبدأ والبدايات الجميلة ميتة
بل كيف أنهي والنهايات الذبيحة حية
إني أراوح في مكان.. فوق جمره
كانت تباغتني مساء
لم أكن أدري بأن جموعنا- نحن الرفاق -
سترتقي عرش الدماء
سأعود محمولاً على كفن القصيدة
ولتكن كل القصائد في رثائي
أو في التغزل بالفناء
يا صاحبي..
أنت الذي دججت بالصمت المخيف صراخنا
أنت الذي حللت سفكي
يا صاحبي المشلول.. يا رجلا
على عكازة التاريخ يستبكي ويبكي
كانت تعد لي المفاجأة الثقيلة
كل أشلائي التي هربتها احترقت معي
وأنا احترقت..
وقلت للنار الجميلة: فلتكوني
أنت وحدك كنت قربي خائفا
يا صاحبي
ولقد نسيت كلامنا قبل الأخير...
لكنني لم أنس أني
في توابيتي احترقت
وها أنا بين الهجير
لست الرماد المبتغي
يا.. آه..
من شهقات قلبي والقرى
والتين والزيتون والدم
آه.. من أنات بيروت التي
شاهدت في ساحاتها
شهداء فاتحة الزمان..
زماننا المعشوق والمشنوق
يا مدنا تبارك وجهها المحروق
يا مدن البدايات الضريرة
والنهايات البصيرة
إنني أعلنت حبي
أعلني يا حرب حربك..
فالنهايات الطليقة في انتظاري
كل المجازر ساهمت في بتر أعصابي
وكل مضلل ذر الرماد على العيون
والتين والزيتون والبلد الحزين
قتل الأجنة في البطون..؟
واغتيل زهر الزيزفون
يا صاحبي..
ها لم تحرك ساكنا ..
صمت..تعذبني مساءات السكون
والى أعالي الفجر يدفعني حنيني
يا صاحبي
هيا استحم ببوح عاصفة
وأعراس الجنون
لنكن معا...
نمشي على أوجاعنا..
إن القرى لم تنتظر شهدائها
رحلت ولم تترك سوى ذكرى المنون
كانت تباغتني مساء
لم تكن(هيرو وغانا )
غير فاتحتين للدم والمجون
كان الغزاة مدججين بموتنا
مازلت أذكر أنهم بالوا على دمنا
وناموا هانئينا
ها نحن نحفظ كل درس
غير أنا قد نسينا..
معنى الرجوع إلى الحياة
لكنها - أعني الحياة - تضج فينا
صوت :
يا أيها الشهداء
أحياء وأحياء
كآلهة شداد
كانت مطارقكم مضمخة
بموسيقى الولادة والحداد
كانت مناجلكم مهيأة
لأسفار إلى دنيا الحصاد
وزنودكم لم تحترق إلا بطيئا
في أتون القهر والشوق المجنح
للمدى المخضر
فانهمر الرماد..
كانت حلبجة نجمة
لم تهو إلا غيلة
في قاع روحي باتقاد..
كانت حلبجة غيمة
سقطت على قلبي
ففاضت روحها وتوزعت بين العباد
هجعت حلبجة في دمي
وهجعت في دمها
فلن نمحى كلانا..
أو نباد..

صوت :

ما عندكم يخبو.... وما عندي يشع
وما يشع هو المدى المخضوضر المجبول من
ألق البنفسج والرصاص
فاذهب جفاء
أيها الزبد المهدد بالقصاص
كانت تباغتني مساء
كل قافلة الثكالى واليتامى..
كل عشاق الخلاص

صوت :

قد آن أن يترجل الدم و البنفسج
من صهوة الجرح المؤجج
قد آن أن يستيقظ
الموتى الضحايا
ويبرعموا في عالم الكلمات...
دنيا من مرايا
يا أيها الشهداء عودوا إننا
في الانتظار المر نمتشق الحنايا

عودوا فمازالت حلبجة مذبحه
ترنو إلى أفق الخلاص
يحول بينهما ضجيج الأسلحه
لا..لا تموتوا مثلما متم... رجاء
استرجعوا ما راح من زمن وجاء
إني على النيران
أمشي كالمسيح
لم أحترق..
أو يحترق في الروح ثار
وعلى يميني رقص نار
وعلى يساري عزف ريح
الموت يزحف في دمي

والأغنيات على فمي
لا لن أموت سدى
وليس دمي طليل
سبحان ميلادي العظيم
من الرماد المستحيل

صوت :

يمشي على دمه
لا يرعوي أبدا
فليس يعرف غير الموت
معتقدا
أصابع الشمس
تحسو من أشعته
ويسقط الليل من أحشائه
عقدا..
آمنت بالدم
وهاجا و مستعرا
تغدو الحياة به
ياقوتة وندى

21 آذار 1988 عامودا

عواطف عبداللطيف 03-22-2012 12:10 PM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
أنـت يـا أمـي نبـع كـل حـنـان
ورفيـف المنـى طــوال الـزمـانِ

فإلـى صـدرك الشـفـوق مــلاذي
وعلـى قلبـك الخـفـوق مكـانـيِ

أي شـيء يفـوق وجهـك نــورا
وعلـيـه كـواكــب و أغـــانِ

أي وصـف يليـق بـالأم .. أمــي
إنـهـا فــوق قــدرة الـفـنـان

أنـت يـا أمـي سـر كـل جـمـال
عـبـقـري مـعـطـر فــتــان

أنت عنـدي سنابـل الحـب تتـرى
وأكالـيـل كــل قـلـب قـــان

أنـت عـيـد و بهـجـة لـفـؤادي
ورفـيـف الأشــواق و الألـحـان

فـي يديـك الصبـاح يجـري نقيـا
فكـأنـي بــه يـشـق عنـانـي

حين ينساب صوتك العذب في عـمـ
ق فـؤادي يهزنـي مــن كيـانـي

حيـن أرنـو إلــى النـجـوم أراك
لا أراهـا فـأنـت نـجـم الأمــان

حيـن أبقـى مضرجـا باغتـرابـي
أحتسي مـن خطـاك نبـع الجنـان

أنـا فـي عيـدك العظيـم أغـنـي
و معـي كــل عـاشـق حـيـران

أنـا فـي حضـرة الأمومـة طـفـل
يتهـادى فـي أجـمـل الأحـضـان

آه لـولاك مــا شــدا أي طـيـر
أو تبـاهـى بقبـلـة عـاشـقـان

فاعذرينـي إذا أنــا لــم أنمـنـم
واعذرينـي علـى قصـور بيـانـي

آه أمـي.. ظلـي بقلـبـي ضـيـاءً
و أفيضـي عـلـيّ كــل حـنـان

وأعيـدي طفولتـي مــن جـديـد
ضقـت ذرعـا بشيبتـي و هوانـي

و اقذفينـي علـى المـروج لألـهـو
مـع قــط و أرنــب و حـصـان

بـك أمـي تزهـو الطبيعـة حسنـا
بـك صــدري يـضـج بالإيـمـان

ليـس للدنيـا أي طعـم و معـنـى
دونـمـا ثـغـر أمــي الـمـلآن

كلـمـا دب فـــي داء عـضــال
كنت لي البلسـم الـذي كـم شفانـي

كـل عـام و أنـت حلـم حيـاتـي
كـل عـام و أنـت فـي وجـدانـي

أنـت فـي خاطـر الزمـان نشـيـد
يتـراءى لـكـل إنــس و جــان

أنـت و الـحـب تـوأمـان فــأي
مـنـكـمـا أول و أي ثـــــان؟

لا تغيبـي فإنـنـي قــد تـعـود..
ت علـى رؤيـة النسيـم الحـانـي

لـيـت آذار لا يغـيـب طـويــلا
فـأنـا لا أطـيـق غـيـر ثــوان

ليـس عنـدي هديـة غيـر حـبـي
يتغـنـى بلـحـنـه الأصـغــران

كل أرض من دون خطوك سجـن....
ضقت ذرعا........... بخطوة السجان

حين ضاع المكان........ كنت مكاني
حين ضاع الزمان........ كنت زماني



تمنع الريح عني
وموج السغب

ثم تنفض عني
غبار التعب..

وتموج عواطفها
كسنابل من فضة وذهب

وأنا الولد المستحيل..
أحوك مداي بأغنية ولهب

وأفيض كما النزف
أسرج أخيلتي

وأروض وحش التعب
تسوق قطيع الغيم التائه

في مراعي آذارالجريح
تصب الأمومة في قدح العمر

فيغدو الكون أوسع من الكون
ويغدو قلبي مغدى للفراشات

ومراحا للنيازك ...
علياء محرابها

وأنا أتساءل:عما بها...!
وأمد الكلام الجميل
بساطا على بابها

لأنك أمي..

تصير الطبيعة أحلى

ويغدو جميع الشعوب..
جميع القبائل أهلا

وأصير أنا
زيزفونا وفلا

آه..آذار..
يا وجع القلب.. والذاكره
يا سماء مضرجة بصلاة الأمومة..
ونكهتها العاطره
يا هبوب الدم في الروح
يا مطرا..
لم يعد كسماواته الماطره
ثم نجم بعيد.. يضيء
إنه وجه أمي الذي
حفرته السنون
فصار ملاذا ..مزارا
لرؤاي الضليلة والحائره..!


عانقيني مع العصافير فجرا= فأنا طفلك الصغير الواني
وافتحي لي بوابة الكون يوما= لأضم السماء بين بناني
أنا أحتمي بظل ظليل = ضقت ذرعا بألسن النيران
طالما ..طالما فتحت عيوني= لأرى حولي نبضك المتفاني
فخذيني إليك ..ضمي شتاتي= ولديني قصيدة من حنان

عواطف عبداللطيف 04-10-2012 03:33 PM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
في انتظار القصيدة


كنت تنتظرين القصيدة
أقبلت الحرب
في طبق من تعب
كنت تنتظرين الجريدة
حمراء كانت
بلون الدم المغتصب
كنت سيدة الحب
ما زلت سيدة الحب
كيف إليك أتوا
حاولوا صد هذا المهب
كيف لم يخلعوا النعل
في حضرة هذا النبي الصغير الذي
ذبحوه بغير سبب
كيف..كيف أتوا
حاملين سيوفهم
ثمة امرأة كالعبير
تضمد جرح الصغير
تحن إلى غدها المرتقب
كنت تبكين من فرط أغنية
عن خلاص من الموت
والموت يشرب أنخابه الكثر
دون تعب
كنت تنتظرين الغناء الصدوق
فجاء إليك الجنود
يغنون حتى أقاصي الكذب
كنت ما كنت
عاشقة
وسرير القصيدة بين يديك
وزقزقة الفجر
والأمنيات
وصوت اللهب
كنت..ما زلت فاتنة
من يديها إله الجمال انسكب
كنت سيدة الحلم
والحلم ليس برمل
وليس ذهب
إنه منحة متبادلة بين عبد ورب
أيها الوقت ضمد جنوني
لم أعد قادراأن أطيق رمادي الذي في العلب
لم أزل شاعرا
من يديه يفيض السنونو
وتركض فيها السحب
كنت تنتظرين القصيدة
لكنها وصلت ميتة
فوق نعش الخشب
أرأيتم إلها يموت
يموت إله
وتبقى رؤوس العرب ..؟

عواطف عبداللطيف 04-10-2012 03:33 PM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
طال الغياب

طال ..طال الغياب تلـو الغيـاب=ففـؤادي مـضـرج بالـعـذاب
وحنيني الـى الحكايـات جمـر=أحكايات الأمس محض سراب..؟
أيعـود الزمان..أشـكـو إلـيـه=عن بقائي الطويل في الاغتراب..؟
طال شوقي إلـى ملامـح بيتـي=من غبـار وحفنـة مـن تـراب
وإلـى شباكـي القديـم.. وفيـه=زهـرات ذبلـن مثـل شبـابـي
وإلـى كـل نحـلـة وعبـيـر=وإلى كـل صفحـة مـن كتـاب
وإلـى كـل طائرحيـث يـشـدو=كـل فجـر.. ولا يمـل عتابـي
وإلـى كـل صاحـب وخلـيـل=وإلـى كـل عـامـر وخــراب
***=***
ها أنا في المنفى أصوغ قصيـدي=وكأنـي أصـوغ نعـش إيابـي
أنـا والشعـر ننتشـي بصدانـا=نتهادى فـي لجـة واصطخـاب
ونـرود الآفـاق.. نبحـث عنـا=لا نرى غير بقعـة مـن هبـاب
ثم نصحو ونقتفي أثـر الحـلـ=م الذي فاض مثل نهـر اليبـاب
فمتـى آخـر المطـاف فـإنـي=ضقت ذرعـا بنكبتـي ومصابـي
ضقت ذرعـا بكـل يـوم جديـد=ليس يعطينـي نكهـة الأحبـاب
أيها الشعر.. نجني مـن سؤالـي=مـا أمـر السـؤال دون جـواب
أيها الشعر.. خفف الوطء عنـي=وأرحني من وحشتي واضطرابـي

عواطف عبداللطيف 04-30-2012 09:48 AM

رد: ديوان الشاعر / جميل داري
 
إلى بلدتي عامودا



أمشي إلى أبد الأزمـان.. لا أصـل=وفي طريقي حلـم ليـس يرتحـل
لثمت وجهك في صمتي وفي لغتـي=على سرير الشـذا أغفـو وأبتهـل
مـرآة ذاكرتـي مصقولـة وأنــا=عانقتها ..فتلاشى اليـأس والملـل
أنا رجعـت إلـى نفسـي أكلمنـي=وليـس حولـي إلا ظلـي الوجـل
ما بال هذا المدى قد بات يحرثنـي=والجرح ليس مـع الأيـام يندمـل
أمسكت بالقمر الغافي علـى كتفـي=ورحت في شرفـات الليـل أنتقـل
أنا هنا وهنـاك المـوج يغسلنـي=ولهفتي بريـاح الشـوق تغتسـل
هذي الحروف عليها من دمـي أرج=وهـذه الغيمـة الخضـراء تكتمـل
دعي المحبـة فيمـا بيننـا طلـلا=لا شـيء يثمـر إلا ذلـك الطلـل
أحاول الآن أن أمشي إلـى حلمـي=كي لا يدب إلـى أوصالـه الشلـل
أهديتهـا وجعي..أهديتهـا بجعـي=وما تبقـى عليـه رفـرف الحجـل
أيا غريب.. أتانـي صوتهـا ثمـلا=فهزني من صميمي صوتها الثمـل
حرا أتيت إليهـا وهـي تسجننـي=من قد رأى شاعرا بالحسن يعتقـل؟
رأيـت وجهـك شـلالا و قافـيـة=خضراء..ليس لها طول المدى مثل
هذا أنا غائب عن طيـب مجلسهـا=فمجلس دونهـا كـون بـه خلـل
أججت ذاكرتي..أوقـدت مجمرتـي=رميت نفسي بهـا أخبـو واشتعـل
قد كنت في الأرض أحيا في غياهبها=وفجأة لاح لي عنـد السمـا زحـل
إن لم تكن صوت أحلامي التي وئدت=فكيف أقطـع أزمانـي ولا أصـل؟
وكيف أحمل قيثاري ونبـض دمـي=ولا قصـيـدة لــي إلا وتبتـهـل
أراني الآن في حـزن وفـي فـرح=كأننـي فيهمـا ثلـج سيشتـعـل
كأنني في صهيل الوقـت أحصنـة=إلـى نهاياتهـا الشمـاء تنتـقـل
لا تسأليني لمـاذا الليـل أعشقـه=ففي غيا هبـه قـد أشـرق الأمـل
إن لم تكوني حروفـي كلهـا أبـدا=فإنني مـن حروفـي الآن أعتـزل
إني لأخجل منـي حيـن أرسمهـا=أحتاج وجهك حتى ينتشـي الغـزل
منفـاي يبعدنـي عنها..يقربـنـي=مر الحيـاة علـى إيقاعهـا عسـل
لا تطرديني مـن الأحـلام حافلـة=فلسـت إلا علـى الأحـلام أتـكـل
عانقـت حلمـي أبنيـه وأهـدمـه=أهـزه وأصلـي.. لسـت أنـخـذل
ما جئت مـن قلـق إلا إلـى قلـق=طفولتي في مرايـا الوقـت تكتهـل
شممـت رائحـة الأشـواق ماثلـة=فلست إلا لنبـض الشـوق أمتثـل
قيثارة الروح..ما أحلاك مـن نغـم=إنـي بـك الآن مهمـوم ومنشغـل
أحـبـك الآن مــوالا وقـافـيـة=وغيمة من يديها الأخضر الخضـل
توهجي في دمي واستنفري ولهـي=وبـددي ظمئي..فالقلـب مشتعـل
قيثارتي..أنت أنـت الفجـر متكئـا=على جراحي.. جراحي ليس تندمـل
ها أنت ..كـل سمـاء الله أملكهـا=والبحر ملكي وهذا السهل والجبـل
أنا الإهاب وأنـت الـروح ساميـة=بقـوة الحـب نستقـوي ونكتمـل
كأنما الكون.. كل الكـون موعدنـا=كأنك امرأة ..وحـدي هـو الرجـل
نهلت من وجهك الميمـون قافيتـي=لولاك ..لـولاك كادالشعـر يعتقـل
لولاك ما كـان للأسـرار نكهتهـا=ما كان لي غير هذا الصمت والكسل
من بعد حبك صار البحـر متسعـا=أما السمـاء ففيهـا الآن أغتسـل
من وحي عينيك يأتي الفجر مبتسما=أعود طفلا.. علـى عينيـك يتكـل
عشقـت وجهـك أمحـوه وأكتبـه=يا أنت.. يا أبد العشـاق.. يـا أزل
يا مسقط القلب ..إن القلب ملحمـة=فيها القصائد حتـى الفجـر تقتتـل


الساعة الآن 08:35 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.