![]() |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
{ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }(112) التوبة قوله تعالى التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : التائبون العابدون التائبون هم الراجعون عن الحالة المذمومة في معصية الله إلى الحالة المحمودة في طاعة الله . والتائب هو الراجع . والراجع إلى الطاعة هو أفضل من الراجع عن المعصية لجمعه بين الأمرين . " العابدون " أي المطيعون الذين قصدوا بطاعتهم الله سبحانه . " الحامدون " أي الراضون بقضائه المصرفون نعمته في طاعته ، الذين يحمدون الله على كل حال . السائحون الصائمون ; عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما . [ ص: 189 ] ومنه قوله تعالى : عابدات سائحات . وقال سفيان بن عيينة : إنما قيل للصائم سائح لأنه يترك اللذات كلها من المطعم والمشرب والمنكح . وقال أبو طالب : وبالسائحين لا يذوقون قطرة لربهم والذاكرات العوامل وقال آخر : برا يصلي ليله ونهاره يظل كثير الذكر لله سائحا وروي عن عائشة أنها قالت : سياحة هذه الأمة الصيام ; أسنده الطبري . ورواه أبو هريرة مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سياحة أمتي الصيام . قال الزجاج : ومذهب الحسن أنهم الذين يصومون الفرض . وقد قيل : إنهم الذين يديمون الصيام . وقال عطاء : السائحون المجاهدون . وروى أبو أمامة أن رجلا استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السياحة فقال : إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله . صححه أبو محمد عبد الحق. وقيل : السائحون المهاجرون قاله عبد الرحمن بن زيد . وقيل : هم الذين يسافرون لطلب الحديث والعلم ; قاله عكرمة . وقيل : هم الجائلون بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته وما خلق من العبر والعلامات الدالة على توحيده وتعظيمه حكاه النقاش وحكي أن بعض العباد أخذ القدح ليتوضأ لصلاة الليل فأدخل أصبعه في أذن القدح وقعد يتفكر حتى طلع الفجر فقيل له في ذلك فقال : أدخلت أصبعي في أذن القدح فتذكرت قول الله تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل وذكرت كيف أتلقى الغل وبقيت ليلي في ذلك أجمع . قلت : لفظ " س ي ح " يدل على صحة هذه الأقوال فإن السياحة أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء ; فالصائم مستمر على الطاعة في ترك ما يتركه من الطعام وغيره فهو بمنزلة السائح . والمتفكرون تجول قلوبهم فيما ذكروا . وفي الحديث : إن لله ملائكة سياحين مشائين في الآفاق يبلغونني صلاة أمتي ويروى صياحين بالصاد ، من الصياح . الراكعون الساجدون يعني في الصلاة المكتوبة وغيرها . الآمرون بالمعروف أي [ ص:190 ] بالسنة ، وقيل : بالإيمان . والناهون عن المنكر قيل : عن البدعة . وقيل : عن الكفر . وقيل : هو عموم في كل معروف ومنكر . والحافظون لحدود الله أي القائمون بما أمر به والمنتهون عما نهى عنه . الثانية : واختلف أهل التأويل في هذه الآية هل هي متصلة بما قبل أو منفصلة فقال جماعة : الآية الأولى مستقلة بنفسها يقع تحت تلك المبايعة كل موحد قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وإن لم يتصف بهذه الصفات في هذه الآية الثانية أو بأكثرها . وقالت فرقة : هذه الأوصاف جاءت على جهة الشرط ، والآيتان مرتبطتان ؛ فلا يدخل تحت المبايعة إلا المؤمنون الذين هم على هذه الأوصاف ويبذلون أنفسهم في سبيل الله ؛ قاله الضحاك. قال ابن عطية : وهذا القول تحريج وتضييق ومعنى الآية على ما تقتضيه أقوال العلماء والشرع أنها أوصاف الكملة من المؤمنين ذكرها الله ليستبق إليها أهل التوحيد حتى يكونوا في أعلى مرتبة . وقال الزجاج : الذي عندي أن قوله : التائبون العابدون رفع بالابتداء وخبره مضمر ; أي التائبون العابدون - إلى آخر الآية - لهم الجنة أيضا وإن لم يجاهدوا إذ لم يكن منهم عناد وقصد إلى ترك الجهاد لأن بعض المسلمين يجزي عن بعض في الجهاد . واختار هذا القول القشيري وقال : وهذا حسن إذ لو كان صفة للمؤمنين المذكورين في قوله : اشترى من المؤمنين لكان الوعد خاصا للمجاهدين . وفي مصحف عبد الله " التائبين العابدين " إلى آخرها ; ولذلك وجهان : أحدهما الصفة للمؤمنين على الإتباع . والثاني النصب على المدح . الثالثة : واختلف العلماء في الواو في قوله : والناهون عن المنكر فقيل : دخلت في صفة الناهين كما دخلت في قوله تعالى : حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم . غافر الذنب . وقابل التوب فذكر بعضها بالواو والبعض بغيرها . وهذا سائغ معتاد في الكلام ولا يطلب لمثله حكمة ولا علة . وقيل : دخلت لمصاحبة الناهي عن المنكر الآمر بالمعروف فلا يكاد يذكر واحد منهما مفردا . وكذلك قوله : ثيبات وأبكارا . ودخلت في قوله : والحافظون لقربه من المعطوف . وقد قيل : إنها زائدة ، وهذا ضعيف لا معنى له . وقيل : هي واو الثمانية لأن السبعة عند العرب عدد كامل صحيح . وكذلك قالوا في قوله : ثيبات وأبكارا . وقوله في أبواب الجنة : وفتحت أبوابها وقوله : ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم [ ص: 191 ] وقد ذكرها ابن خالويه في مناظرته لأبي علي الفارسي في معنى قوله : وفتحت أبوابها وأنكرها أبو علي . قال ابن عطية : وحدثني أبي رضي الله عنه عن الأستاذ النحوي أبي عبد الله الكفيف المالقي ، وكان ممن استوطن غرناطة وأقرأ فيها في مدة ابن حبوس أنه قال : هي لغة فصيحة لبعض العرب من شأنهم أن يقولوا إذا عدوا : واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية تسعة عشرة وهكذا هي لغتهم . ومتى جاء في كلامهم أمر ثمانية أدخلوا الواو . قلت : هي لغة قريش . وسيأتي بيانه ونقضه في سورة ( الكهف ) إن شاء الله تعالى وفي ( الزمر ) أيضا بحول الله تعالى . ______________ تفسير القرطبي |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www8.0zz0.com/2017/02/16/22/460593563.gif [ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ8وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ9وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ10هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ12عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ13أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ14إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ15سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ16 يقول تعالى : كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم والخلق العظيم ( فلا تطع المكذبين ) ( ودوا لو تدهن فيدهنون ] قال ابن عباس : لو ترخص لهم فيرخصون . وقال مجاهد : ودوا لو تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق . ثم قال تعالى : ( ولا تطع كل حلاف مهين ) وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى ، واستعمالها في كل وقت في غير محلها . [ ص: 191 ] قال ابن عباس : المهين الكاذب . وقال مجاهد : هو الضعيف القلب . قال الحسن : كل حلاف : مكابر ، مهين : ضعيف . وقوله ) هماز ) قال ابن عباس ، وقتادة : يعني الاغتياب . ( مشاء بنميم ) يعني : الذي يمشي بين الناس ، ويحرش بينهم ، وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة ، وقد ثبت في الصحيحين من حديثمجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " الحديث . وأخرجه بقية الجماعة في كتبهم ، من طرق عن مجاهد به . وقال أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام أن حذيفة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يدخل الجنة قتات " . رواه الجماعة - إلا ابن ماجه - من طرق ، عن إبراهيم به . وحدثنا عبد الرزاق ، حدثنا الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يدخل الجنة قتات " يعني : نماما . وحدثنا يحيى بن سعيد القطان أبو سعيد الأحول ، عن الأعمش حدثني إبراهيم - منذ نحو ستين سنة - عن همام بن الحارث قال : مر رجل على حذيفةفقيل : إن هذا يرفع الحديث إلى الأمراء . فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - أو : قال - : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يدخل الجنة قتات " . وقال أحمد : حدثنا هاشم ، حدثنا مهدي ، عن واصل الأحدب ، عن أبي وائل قال : بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يدخل الجنة نمام " . وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن ابن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد بن السكن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألا أخبركم بخياركم ؟ " . قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " الذين إذا رءوا ذكر الله ، عز وجل " . ثم قال : " ألا أخبركم بشراركم ؟ المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، والباغون للبرآء العنت " . ورواه ابن ماجه عن سويد بن سعيد ، عن يحيى بن سليم ، عن ابن خثيم به . [ ص: 192 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي حسين ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم - يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - : "خيار عباد الله الذين إذا رءوا ذكر الله ، وشرار عباد الله المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العنت " وقوله ( مناع للخير معتد أثيم ) أي : يمنع ما عليه وما لديه من الخير ) معتد ) في متناول ما أحل الله له ، يتجاوز فيها الحد المشروع ) أثيم ) أي : يتناول المحرمات . وقوله : ( عتل بعد ذلك زنيم ) أما العتل : فهو الفظ الغليظ الصحيح ، الجموع المنوع . وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، وعبد الرحمن ، عن سفيان ، عن معبد بن خالد ، عن حارثة بن وهب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا أنبئكم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، ألا أنبئكم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر " . وقال وكيع : " كل جواظ جعظري مستكبر " . أخرجاه في الصحيحين ، وبقية الجماعة إلا أبا داود من حديث سفيان الثوري ، وشعبة ، كلاهما عن معبد بن خالد به . وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا موسى بن علي ، قال : سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عند ذكر أهل النار : " كل جعظري جواظ مستكبر جماع مناع " . تفرد به أحمد . قال أهل اللغة : الجعظري : الفظ الغليظ ، والجواظ : الجموع المنوع . وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا عبد الحميد ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العتل الزنيم ، فقال : " هو الشديد الخلق ، المصحح ، الأكول ، الشروب ، الواجد للطعام والشراب ، الظلوم للناس ، رحيب الجوف " . وبهذا الإسناد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يدخل الجنة الجواظ الجعظري ، العتل الزنيم " وقد أرسله أيضا غير واحد من التابعين . وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه ، وأرحب جوفه ، وأعطاه من الدنيا مقضما ، فكان للناس ظلوما . قال : فذلك العتل الزنيم " . [ ص: 193 ] وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريقين مرسلين ، ونص عليه غير واحد من السلف ، منهم مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، وغيرهم : أن العتل هو : المصحح الخلق ، الشديد القوي في المأكل والمشرب والمنكح ، وغير ذلك ، وأما الزنيم فقال البخاري : حدثنا محمود ، حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : رجل من قريش له زنمة مثل زنمة الشاة . ومعنى هذا : أنه كان مشهورا بالشر كشهرة الشاة ذات الزنمة من بين أخواتها . وإنما الزنيم في لغة العرب : هو الدعي في القوم . قاله ابن جرير ، وغير واحد من الأئمة ، قال : ومنه قول حسان بن ثابت يعني يذم بعض كفار قريش : وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد وقال آخر : زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمار بن خالد الواسطي ، حدثنا أسباط ، عن هشام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( زنيم ) قال : الدعي الفاحش اللئيم . ثم قال ابن عباس : زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع وقال العوفي ، عن ابن عباس : الزنيم : الدعي . ويقال : الزنيم : رجل كانت به زنمة يعرف بها . ويقال : هو الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة . وزعم أناس من بني زهرة أن الزنيم الأسود بن عبد يغوث الزهري وليس به . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : أنه زعم أن الزنيم الملحق النسب . وقال ابن أبي حاتم : حدثني يونس ، حدثنا ابن وهب ، حدثني سليمان بن بلال ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سمعه يقول في هذه الآية : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال سعيد : هو الملصق بالقوم ، ليس منهم . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عقبة بن خالد ، عن عامر بن قدامة ، قال : سئل عكرمة ، عن الزنيم ، قال : هو ولد الزنا . وقال الحكم بن أبان ، عن عكرمة في قوله تعالى : ( عتل بعد ذلك زنيم ) قال : يعرف المؤمن من الكافر مثل الشاة الزنماء . والزنماء من الشياه : التي في عنقها هنتان معلقتان في حلقها . وقال الثوري ، عن جابر ، عن الحسن ، عن سعيد بن جبير قال : الزنيم : الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها . والزنيم : الملصق ، رواه ابن جرير . [ ص: 194 ] وروى أيضا من طريق داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال في الزنيم : قال : نعت فلم يعرف حتى قيل : زنيم . قال : وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها . وقال آخرون : كان دعيا . وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن أصحاب التفسير قالوا هو الذي تكون له زنمة مثل زنمة الشاة . وقال الضحاك : كانت له زنمة في أصل أذنه ، ويقال : هو اللئيم الملصق في النسب . وقال أبو إسحاق : عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : هو المريب الذي يعرف بالشر . وقال مجاهد : الزنيم الذي يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشاة . وقال أبو رزين : الزنيم علامة الكفر . وقال عكرمة : الزنيم الذي يعرف باللؤم كما تعرف الشاة بزنمتها . والأقوال في هذا كثيرة ، وترجع إلى ما قلناه ، وهو أن الزنيم هو : المشهور بالشر ، الذي يعرف به من بين الناس ، وغالبا يكون دعيا ولد زنا ، فإنه في الغالب يتسلط الشيطان عليه ما لا يتسلط على غيره ، كما جاء في الحديث : " لا يدخل الجنة ولد زنا " وفي الحديث الآخر : " ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه " . وقوله : ( أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) يقول تعالى : هذا مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين ، كفر بآيات الله وأعرض عنها ، وزعم أنها كذب مأخوذ من أساطير الأولين ، كقوله : ( ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر ) قال الله تعالى : ( سأصليه سقر ) [ المدثر : 11 - 26 ] . قال تعالى ها هنا : ( سنسمه على الخرطوم ) قال ابن جرير : سنبين أمره بيانا واضحا ، حتى يعرفوه ، ولا يخفى عليهم ، كما لا تخفى السمة على الخراطيم ، وهكذا قال قتادة : ( سنسمه على الخرطوم ) شين لا يفارقه آخر ما عليه . [ ص: 195 ] وفي رواية عنه : سيما على أنفه . وكذا قال السدي . وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( سنسمه على الخرطوم ) يقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال . وقال آخرون : ( سنسمه ) سمة أهل النار ، يعني نسود وجهه يوم القيامة ، وعبر عن الوجه بالخرطوم . حكى ذلك كله أبو جعفر بن جرير ومال إلى أنه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدنيا والآخرة ، وهو متجه . وقد قال ابن أبي حاتم في سورة ( عم يتساءلون ) حدثنا أبي ، حدثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثني الليث ، حدثني خالد ، عن سعيد ، عن عبد الملك بن عبد الله ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن العبد يكتب مؤمنا أحقابا ، ثم أحقابا ، ثم يموت والله عليه ساخط . وإن العبد يكتب كافرا أحقابا ، ثم أحقابا ، ثم يموت والله عليه راض . ومن مات همازا لمازا ملقبا للناس ، كان علامته يوم القيامة أن يسمه الله على الخرطوم ، من كلا الشفتين " . https://www.youtube.com/watch?v=6gVUGYr24og |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)الصافات قوله تعالى : وفديناه بذبح عظيم الذبح اسم المذبوح وجمعه ذبوح ، كالطحن اسم المطحون . والذبح بالفتح المصدر . " عظيم " أي : عظيم القدر ، ولم يرد عظيم الجثة . وإنما عظم قدره لأنه فدي به الذبيح ، أو لأنه متقبل . قال النحاس : عظيم في اللغة يكون للكبير وللشريف . وأهل التفسير على أنه هاهنا للشريف ، أو المتقبل . وقال ابن عباس : هو الكبش الذي تقرب به هابيل ، وكان في الجنة يرعى حتى فدى الله به إسماعيل . وعنه أيضا : أنه كبش أرسله الله من الجنة كان قد رعى في الجنة أربعين خريفا . وقال الحسن : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى هبط عليه من ثبير ، فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه ، وهذا قول علي - رضي الله عنه - . فلما رآه إبراهيم أخذه فذبحه وأعتق ابنه . وقال : يا بني اليوم وهبت لي . وقال أبو إسحاق الزجاج : قد قيل إنه فدي بوعل ، والوعل : التيس الجبلي . وأهل التفسير على أنه فدي بكبش . في هذه الآية دليل على أن الأضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر . وهذا مذهب مالك وأصحابه . قالوا : أفضل الضحايا الفحول من الضأن ، وإناث الضأن أفضل من فحل المعز ، وفحول المعز خير من إناثها ، وإناث المعز خير من الإبل والبقر . وحجتهم قوله سبحانه وتعالى : وفديناه بذبح عظيم أي : ضخم الجثة سمين ، وذلك كبش لا جمل ولا بقرة . وروى مجاهد وغيره عن ابن عباس أنه سأله رجل : إني نذرت أن أنحر ابني ؟ فقال : يجزيك كبش سمين ، ثم قرأ : وفديناه بذبح عظيم . وقال بعضهم : لو علم الله حيوانا أفضل من الكبش لفدى به إسحاق . وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين . وأكثر ما ضحى به الكباش . وذكر ابن أبي شيبة عن ابن علية عن الليث عن مجاهد قال : الذبح العظيم : الشاة . واختلفوا أيهما أفضل : الأضحية أو الصدقة بثمنها . فقال مالك وأصحابه : الضحية أفضل إلا بمنى ; لأنه ليس موضع الأضحية ، حكاه أبو عمر . وقال ابن المنذر : روينا عن بلال أنه قال : ما أبالي ألا أضحي إلا بديك ، ولأن أضعه في يتيم قد ترب فيه - هكذا قال المحدث - أحب إلي من أن أضحي به . وهذا قول الشعبي : إن الصدقة أفضل . وبه قال مالك وأبو ثور . وفيه قول ثان : إن الضحية أفضل ، هذا قول ربيعة وأبي الزناد . وبه قال أصحاب الرأي . زاد أبو عمر : وأحمد بن حنبل . قالوا : الضحية أفضل من الصدقة ; لأن الضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد . ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل . وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع كله . قال أبو عمر : وقد روي في فضل الضحايا آثار حسان ، فمنها ما رواه سعيد بن داود بن أبي زنبر عن مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من نفقة بعد صلة الرحم أفضل عند الله من إهراق الدم قال أبو عمر : وهو حديث غريب من حديث مالك . وعن عائشة قالت : يا أيها الناس ضحوا وطيبوا أنفسا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما من عبد توجه بأضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة ، فإن الدم إن وقع في التراب فإنما يقع في حرز الله حتى يوفيه صاحبه يوم القيامة ذكره أبو عمر في كتاب التمهيد . وخرج الترمذي أيضا عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم ، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع إلى الأرض ، فطيبوا بها نفسا قال : وفي الباب عن عمران بن حصين وزيد بن أرقم . وهذا حديث حسن . الضحية ليست بواجبة ولكنها سنة ومعروف . وقال عكرمة : كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين أشتري له لحما ، ويقول : من لقيت فقل : هذه أضحية ابن عباس . قال أبو عمر : ومجمل هذا وما روي عن أبي بكر وعمر أنهما لا يضحيان عند أهل العلم ، لئلا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبة فرض ، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم ; لأنهم الواسطة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أمته ، فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم . وقد حكى الطحاوي في مختصره : وقال أبو حنيفة : الأضحية واجبة على المقيمين الواجدين من أهل الأمصار ، ولا تجب على المسافر . قال : ويجب على الرجل من الأضحية على ولده الصغير مثل الذي يجب عليه من نفسه . وخالفه أبو يوسف ومحمد فقالا : ليست بواجبة ولكنها سنة غير مرخص لمن وجد السبيل إليها في تركها . قال : وبه نأخذ . قال أبو عمر : وهذا قول مالك ، قال : لا ينبغي لأحد تركها مسافرا كان أو مقيما ، فإن تركها فبئس ما صنع إلا أن يكون له عذر إلا الحاج بمنى . وقال الإمام الشافعي : هي سنة على جميع الناس وعلى الحاج بمنى وليست بواجبة . وقد احتج من أوجبها بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بردة بن نيار أن يعيد ضحية أخرى ; لأن ما لم يكن فرضا لا يؤمر فيه بالإعادة . احتج آخرون بحديث أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي قالوا : فلو كان ذلك واجبا لم يجعل ذلك إلى إرادة المضحي . وهو قول أبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وبلال . والذي يضحى به بإجماع المسلمين الأزواج الثمانية : وهي الضأن والمعز والإبل والبقر . قال ابن المنذر : وقد حكي عن الحسن بن صالح أنه قال : يضحى ببقرة الوحش عن سبعة ، وبالظبي عن رجل . وقال الإمام الشافعي : لو نزا ثور وحشي على بقرة إنسية ، أو ثور إنسي على بقرة وحشية لا يجوز شيء من هذا أضحية . وقال أصحاب الرأي : جائز ; لأن ولدها بمنزلة أمه . وقال أبو ثور : يجوز إذا كان منسوبا إلى الأنعام . قد مضى في سورة [ الحج ] الكلام في وقت الذبح والأكل من الأضحية مستوفى . وفي صحيح مسلم عن أنس قال : ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما في رواية قال : ويقول : بسم الله والله أكبر وقد مضى في آخر [ الأنعام ] حديث عمران بن حصين ، ومضى في [ المائدة ] القول في التذكية وبيانها وما يذكى به ، وأن ذكاة الجنين ذكاة أمه مستوفى . وفي صحيح مسلم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها : يا عائشة ، هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر ، ففعلت ، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ، ثم ضحى به . وقد اختلف العلماء في هذا فكان الحسن البصري يقول في الأضحية : بسم الله والله أكبر ، هذا منك ولك ، تقبل من فلان . وقال مالك : إن فعل ذلك فحسن ، وإن لم يفعل وسمى الله أجزأه . وقال الشافعي : والتسمية على الذبيحة بسم الله ، فإن زاد بعد ذلك شيئا من ذكر الله ، أو صلى على محمد - عليه السلام - لم أكرهه ، أو قال : اللهم تقبل مني ، أو قال : تقبل من فلان ، فلا بأس . وقال النعمان : يكره أن يذكر مع اسم الله غيره ، يكره أن يقول : اللهم تقبل من فلان عند الذبح . وقال : لا بأس إذا كان قبل التسمية وقبل أن يضجع للذبح . وحديث عائشة يرد هذا القول . وقد تقدم أن إبراهيم - عليه السلام - قال لما أراد ذبح ابنه : الله أكبر والحمد لله . فبقي سنة . روى البراء بن عازب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : ماذا يتقى من الضحايا ؟ فأشار بيده وقال : أربعا - وكان البراء يشير بيده ويقول : يدي أقصر من يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - العرجاء البين ظلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى لفظ مالك ولا خلاف فيه . واختلف في اليسير من ذلك . وفي الترمذي عن علي - رضي الله عنه - قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن ، وألا نضحي بمقابلة ، ولا مدابرة ، ولا شرقاء ، ولا خرقاء . قال : والمقابلة ما قطع طرف أذنها ، والمدابرة ما قطع من جانب الأذن ، والشرقاء المشقوقة ، والخرقاء المثقوبة ، قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي الموطأ عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسنن ، والتي نقص من خلقها . قال مالك : وهذا أحب ما سمعت إلي . قال القتبي : لم تسنن أي : لم تنبت أسنانها كأنها لم تعط أسنانا . وهذا كما يقال : فلان لم يلبن أي : لم يعط لبنا ، ولم يسمن أي : لم يعط سمنا ، ولم يعسل أي : لم يعط عسلا . وهذا مثل النهي في الأضاحي عن الهتماء . قال أبو عمر : ولا بأس أن يضحى عند مالك بالشاة الهتماء إذا كان سقوط أسنانها من الكبر والهرم وكانت سمينة ، فإن كانت ساقطة الأسنان وهي فتية لم يجز أن يضحى بها ; لأنه عيب غير خفيف . والنقصان كله مكروه ، وشرحه وتفصيله في كتب الفقه . وفي الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : استشرقوا ضحاياكم ؛ فإنها على الصراط مطاياكم ذكره الزمخشري . ودلت الآية على أن من نذر نحر ابنه أو ذبحه أنه يفديه بكبش كما فدى به إبراهيم ابنه ، قاله ابن عباس . وعنه رواية أخرى : ينحر مائة من الإبل كما فدى بها عبد المطلب ابنه ، روى الروايتين عنه الشعبي . وروى عنه القاسم بن محمد : يجزيه كفارة يمين . وقال مسروق : لا شيء عليه . وقال الشافعي : هو معصية يستغفر الله منها . وقال أبو حنيفة : هي كلمة يلزمه بها في ولده ذبح شاة ، ولا يلزمه في غير ولده شيء . قال محمد : عليه في الحلف بنحر عبده مثل الذي عليه في الحلف بنحر ولده إذا حنث . وذكر ابن عبد الحكم عن مالك فيمن قال : أنا أنحر ولدي عند مقام إبراهيم في يمين ثم حنث فعليه هدي . قال : ومن نذر أن ينحر ابنه ولم يقل عند مقام إبراهيم ولا أراد فلا شيء عليه . قال : ومن جعل ابنه هديا أهدى عنه ، قال القاضي ابن العربي : يلزمه شاة كما قال أبو حنيفة ; لأن الله تعالى جعل ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة شرعا ، فألزم الله إبراهيم ذبح الولد ، وأخرجه عنه بذبح شاة . وكذلك إذا نذر العبد ذبح ولده يلزمه أن يذبح شاة ; لأن الله تعالى قال : ملة أبيكم إبراهيم والإيمان التزام أصلي ، والنذر التزام فرعي ، فيجب أن يكون محمولا عليه . فإن قيل : كيف يؤمر إبراهيم بذبح الولد وهو معصية ، والأمر بالمعصية لا يجوز ؟ . قلنا : هذا اعتراض على كتاب الله ، ولا يكون ذلك ممن يعتقد الإسلام ، فكيف بمن يفتي في الحلال والحرام ، وقد قال الله تعالى : افعل ما تؤمر والذي يجلو الإلباس عن قلوب الناس في ذلك : أن المعاصي والطاعات ليست بأوصاف ذاتية للأعيان ، وإنما الطاعات عبارة عما تعلق به الأمر من الأفعال ، والمعصية عبارة عما تعلق به النهي من الأفعال ، فلما تعلق الأمر بذبح الولد إسماعيل من إبراهيم صار طاعة وابتلاء ، ولهذا قال الله تعالى : إن هذا لهو البلاء المبين في الصبر على ذبح الولد والنفس ، ولما تعلق النهي بنا في ذبح أبنائنا صار معصية . فإن قيل : كيف يصير نذرا وهو معصية . قلنا : إنما يكون معصية لو كان يقصد ذبح الولد بنذره ولا ينوي الفداء ؟ فإن قيل : فلو وقع ذلك وقصد المعصية ولم ينو الفداء ؟ قلنا : لو قصد ذلك لم يضره في قصده ولا أثر في نذره ; لأن نذر الولد صار عبارة عن ذبح الشاة شرعا . ________ تفسير القرطبي |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
القول في أيام التشريق اللواتي ما زلنا نعيش بركتهن
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } البقرة الآية: 203 قوله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } فيه ست مسائل: الأولى - قال الكوفيون: الألف والتاء في "معدودات" لأقل العدد. وقال البصريون: هما للقليل والكثير، بدليل قوله تعالى: { وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ } [1] والغرفات كثيرة. ولا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيام منى، وهي أيام التشريق، وأن هذه الثلاثة الأسماء واقعة عليها، وهي أيام رمي الجمار، وهي واقعة على الثلاثة الأيام التي يتعجل الحاج منها في يومين بعد يوم النحر، فقف على ذلك. وقال الثعلبي وقال إبراهيم: الأيام المعدودات أيام العشر، والأيام المعلومات أيام النحر، وكذا حكى مكي والمهدوي أن الأيام المعدودات هي أيام العشر. ولا يصح لما ذكرناه من الإجماع، على ما نقله أبو عمر بن عبدالبر وغيره. قال ابن عطية: وهذا إما أن يكون من تصحيف النسخة، وإما أن يريد العشر الذي بعد النحر، وفي ذلك بعد. الثانية - أمر الله سبحانه وتعالى عباده بذكره في الأيام المعدودات، وهي الثلاثة التي بعد يوم النحر، وليس يوم النحر منها، لإجماع الناس أنه لا ينفر أحد يوم النفر وهو ثاني يوم النحر، ولو كان يوم النحر في المعدودات لساغ أن ينفر من شاء متعجلا يوم النفر، لأنه قد أخذ يومين من المعدودات. خرج الدارقطني والترمذي وغيرهما عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png وهو بعرفة فسألوه، فأمر مناديا فنادى: "الحج عرفة، فمن جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك، أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه"، أي من تعجل من الحاج في يومين من أيام منى صار مقامه بمنى ثلاثة أيام بيوم النحر، ويصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة، ويسقط عنه رمي يوم الثالث. ومن لم ينفر منها إلا في آخر اليوم الثالث حصل له بمنى مقام أربعة أيام من أجل يوم النحر، واستوفى العدد في الرمي، على ما يأتي بيانه. ومن الدليل على أن أيام منى ثلاثة - مع ما ذكرناه - قول العرجي: ما نلتقي إلا ثلاث منى... حتى يفرق بيننا النفر فأيام الرمي معدودات، وأيام النحر معلومات. وروى نافع عن ابن عمر أن الأيام المعدودات والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام: يوم النحر وثلاثة أيام بعده، فيوم النحر معلوم غير معدود، واليومان بعده معلومان معدودان، واليوم الرابع معدود لا معلوم، وهذا مذهب مالك وغيره. وإنما كان كذلك لأن الأول ليس من الأيام التي تختص بمنى في قوله سبحانه تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } ولا من التي عين النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png بقوله: "أيام منى ثلاثة" فكان معلوما، لأن الله تعالى قال: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ }[2] ولا خلاف أن المراد به النحر، وكان النحر في اليوم الأول وهو يوم الأضحى والثاني والثالث، ولم يكن في الرابع نحر بإجماع من علمائنا، فكان الرابع غير مراد في قوله تعالى: { مَعْلُومَاتٍ } لأنه لا ينحر فيه وكان مما يرمى فيه، فصار معدودا لأجل الرمي، غير معلوم لعدم النحر فيه. قال ابن العربي: والحقيقة فيه أن يوم النحر معدود بالرمي معلوم بالذبح، لكنه عند علمائنا ليس مرادا في قوله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } وقال أبو حنيفة والشافعي: "الأيام المعلومات العشر من أول يوم من ذي الحجة، وآخرها يوم النحر"، لم يختلف قولهما في ذلك، ورويا ذلك عن ابن عباس. وروى الطحاوي عن أبي يوسف أن الأيام المعلومات أيام النحر، قال أبو يوسف: روي ذلك عن عمر وعلي، وإليه أذهب، لأنه تعالى قال: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ }. وحكى الكرخي عن محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة: يوم الأضحى ويومان بعده. قال الكيا الطبري: فعلى قول أبي يوسف ومحمد لا فرق بين المعلومات والمعدودات، لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف، ولا يشك أحد أن المعدودات لا تتناول أيام العشر، لأن الله تعالى يقول: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } وليس في العشر حكم يتعلق بيومين دون الثالث. وقد روي عن ابن عباس "أن المعلومات العشر، والمعدودات أيام التشريق"، وهو قول الجمهور. قلت: وقال ابن زيد: الأيام المعلومات عشر ذي الحجة وأيام التشريق، وفيه بعد، لما ذكرناه، وظاهر الآية يدفعه. وجعل الله الذكر في الأيام المعدودات والمعلومات يدل على خلاف قوله، فلا معنى للاشتغال به. الثالثة - ولا خلاف أن المخاطب بهذا الذكر هو الحاج، خوطب بالتكبير عند رمي الجمار، وعلى ما رزق من بهيمة الأنعام في الأيام المعلومات وعند أدبار الصلوات دون تلبية، وهل يدخل غير الحاج في هذا أم لا؟ فالذي عليه فقهاء الأمصار والمشاهير من الصحابة والتابعين على أن المراد بالتكبير كل أحد - وخصوصا في أوقات الصلوات - فكبر عند انقضاء كل صلاة - كان المصلي وحده أو في جماعة - تكبيرا ظاهرا في هذه الأيام، اقتداء بالسلف رضي الله عنهم. وفي المختصر: ولا يكبر النساء دبر الصلوات، والأول أشهر، لأنه يلزمها حكم الإحرام كالرجل، قاله في المدونة. الرابعة - ومن نسي التكبير بإثر صلاة كبر إن كان قريبا، وإن تباعد فلا شيء عليه، قاله ابن الجلاب. وقال مالك في المختصر: يكبر ما دام في مجلسه، فإذا قام من مجلسه فلا شيء عليه وفي المدونة من قول مالك: إن نسي الإمام التكبير فإن كان قريبا قعد فكبر، وإن تباعد فلا شيء عليه، وإن ذهب ولم يكبر والقوم جلوس فليكبروا. الخامسة - واختلف العلماء في طرفي مدة التكبير، فقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس: "يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق". وقال ابن مسعود وأبو حنيفة: يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر. وخالفه صاحباه فقالا بالقول الأول، قول عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم، فاتفقوا في الابتداء دون الانتهاء. وقال مالك: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وبه قال الشافعي، وهو قول ابن عمر وابن عباس أيضا. وقال زيد بن ثابت: "يكبر من ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق". قال ابن العربي: فأما من قال: يكبر يوم عرفة ويقطع العصر من يوم النحر فقد خرج عن الظاهر، لأن الله تعالى قال: { فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } وأيامها ثلاثة، وقد قال هؤلاء: يكبر في يومين، فتركوا الظاهر لغير دليل. وأما من قال يوم عرفة وأيام التشريق، فقال: إنه قال: { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ } [3]، فذكر " عرفات" داخل في ذكر الأيام، هذا كان يصح لو كان قال: يكبر من المغرب يوم عرفة، لأن وقت الإفاضة حينئذ، فأما قبل فلا يقتضيه ظاهر اللفظ، ويلزمه أن يكون من يوم التروية عند الحلول بمنى. السادسة - واختلفوا في لفظ التكبير، فمشهور مذهب مالك أنه يكبر إثر كل صلاة ثلاث تكبيرات، رواه زياد بن زياد عن مالك. وفي المذهب رواية: يقال بعد التكبيرات الثلاث: لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد. وفي المختصر عن مالك: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. قوله تعالى: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } فيه إحدى وعشرون مسألة: الأولى - قوله تعالى: { فمن تعجل } التعجيل أبدا لا يكون هنا إلا في آخر النهار، وكذلك اليوم الثالث، لأن الرمي في تلك الأيام إنما وقته بعد الزوال. وأجمعوا على أن يوم النحر لا يرمى فيه غير جمرة العقبة، لأن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png لم يرم يوم النحر من الجمرات غيرها، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، وكذلك أجمعوا أن وقت رمي الجمرات في أيام التشريق بعد الزوال إلى الغروب، واختلفوا فيمن رمى جمرة العقبة قبل طلوع الفجر أو بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس، فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق: جائز رميها بعد الفجر قبل طلوع الشمس. وقال مالك: لم يبلغنا أن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png رخص لأحد برمي قبل أن يطلع الفجر، ولا يجوز رميها قبل الفجر، فإن رماها قبل الفجر أعادها، وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز رميها، وبه قال أحمد وإسحاق. ورخصت طائفة في الرمي قبل طلوع الفجر، روي عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت ترمي بالليل وتقول: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png، أخرجه أبو داود. وروي هذا القول عن عطاء وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد، وبه قال الشافعي إذا كان الرمي بعد نصف الليل. وقالت طائفة: لا يرمي حتى تطلع الشمس، قاله مجاهد والنخعي والثوري. وقال أبو ثور: إن رماها قبل طلوع الشمس فإن اختلفوا فيه لم يجزه، وإن أجمعوا، أو كانت فيه سنة أجزأه. قال أبو عمر: أما قول الثوري ومن تابعه فحجته أن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png رمى الجمرة بعد طلوع الشمس وقال: "خذوا عني مناسككم". وقال ابن المنذر: السنة ألا ترمي إلا بعد طلوع الشمس، ولا يجزئ الرمي قبل طلوع الفجر، فإن رمى أعاد، إذ فاعله مخالف لما سنه الرسول https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png لأمته. ومن رماها بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس فلا إعادة عليه، إذ لا أعلم أحدا قال لا يجزئه. الثانية - روى معمر قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه قال: أمر رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png أم سلمة أن تصبح بمكة يوم النحر وكان يومها. قال أبو عمر: اختلف على هشام في هذا الحديث، فروته طائفة عن هشام عن أبيه مرسلا كما رواه معمر، ورواه آخرون عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png أمر أم سلمة بذلك مسندا، ورواه آخرون عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة مسندا أيضا، وكلهم ثقات. وهو يدل على أنها رمت الجمرة بمنى قبل الفجر، لأن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png أمرها أن تصبح بمكة يوم النحر، وهذا لا يكون إلا وقد رمت الجمرة بمنى ليلا قبل الفجر، والله أعلم. ورواه أبو داود قال حدثنا هارون بن عبدالله قال حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أرسل رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png عندها. وإذا ثبت فالرمي بالليل جائز لمن فعله، والاختيار من طلوع الشمس إلى زوالها. قال أبو عمر: أجمعوا على أن وقت الاختيار في رمي جمرة العقبة من طلوع الشمس إلى زوالها، وأجمعوا أنه إن رماها قبل غروب الشمس من يوم النحر فقد أجزأ عنه ولا شيء عليه، إلا مالكا فإنه قال: أستحب له إن ترك جمرة العقبة حتى أمسى أن يهريق دما يجيء به من الحل. واختلفوا فيمن لم يرمها حتى غابت الشمس فرماها من الليل أو من الغد، فقال مالك: عليه دم، واحتج بأن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png وقت لرمي الجمرة وقتا، وهو يوم النحر، فمن رمى بعد غروب الشمس فقد رماها بعد خروج وقتها، ومن فعل شيئا في الحج بعد وقته فعليه دم. وقال الشافعي: لا دم عليه، وهو قول أبي يوسف ومحمد، وبه قال أبو ثور، لأن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png قال له السائل: يا رسول الله، رميت بعد ما أمسيت فقال: "لا حرج "، قال مالك: من نسي رمي الجمار حتى يمسي فليرم أية ساعة ذكر من ليل أو نهار، كما يصلي أية ساعة ذكر، ولا يرمي إلا ما فاته خاصة، وإن كانت جمرة واحدة رماها، ثم يرمي ما رمى بعدها من الجمار، فإن الترتيب في الجمار واجب، فلا يجوز أن يشرع في رمي جمرة حتى يكمل رمي الجمرة الأولى كركعات الصلاة، هذا هو المشهور من المذهب. وقيل: ليس الترتيب بواجب في صحة الرمي، بل إذا كان الرمي كله في وقت الأداء أجزأه. الثالثة - فإذا مضت أيام الرمي فلا رمي فإن ذكر بعد ما يصدر وهو بمكة أو بعد ما يخرج منها فعليه الهدي، وسواء ترك الجمار كلها، أو جمرة منها، أو حصاة من جمرة حتى خرجت أيام منى فعليه دم. وقال أبو حنيفة: إن ترك الجمار كلها فعليه دم، وإن ترك جمرة واحدة كان عليه بكل حصاة من الجمرة إطعام مسكين نصف صاع، إلى أن يبلغ دما فيطعم ما شاء، إلا جمرة العقبة فعليه دم. وقال الأوزاعي: يتصدق إن ترك حصاة. وقال الثوري: يطعم في الحصاة والحصاتين والثلاث، فإن ترك أربعة فصاعدا فعليه دم. وقال الليث: في الحصاة الواحدة دم، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الآخر وهو المشهور: إن في الحصاة الواحدة مدا من طعام، وفي حصاتين مدين، وفي ثلاث حصيات دم. الرابعة - ولا سبيل عند الجميع إلى رمي ما فاته من الجمار في أيام التشريق حتى غابت الشمس من آخرها، وذلك اليوم الرابع من يوم النحر، وهو الثالث من أيام التشريق، ولكن يجزئه الدم أو الإطعام على حسب ما ذكرنا. الخامسة - ولا تجوز البيتوتة بمكة وغيرها عن منى ليالي التشريق، فإن ذلك غير جائز عند الجميع إلا للرعاء، ولمن ولي السقاية من آل العباس. قال مالك: من ترك المبيت ليلة من ليالي منى من غير الرعاء وأهل السقاية فعليه دم. روى البخاري عن ابن عمر أن العباس استأذن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png ليبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له. قال ابن عبد البر: كان العباس ينظر في السقاية ويقوم بأمرها، ويسقي الحاج شرابها أيام الموسم، فلذلك أرخص له في المبيت عن منى، كما أرخص لرعاء الإبل من أجل حاجتهم لرعي الإبل وضرورتهم إلى الخروج بها نحو المراعي التي تبعد عن منى. وسميت منى "منى" لما يمنى فيها من الدماء، أي يراق. وقال ابن عباس: "إنما سميت، منى لأن جبريل قال لآدم عليه السلام: تمن. قال: أتمنى الجنة، فسميت منى. قال: وإنما سميت جمعا لأنه اجتمع بها حواء وآدم عليهما السلام"، والجمع أيضا هو المزدلفة، وهو المشعر الحرام، كما تقدم. السادسة - وأجمع الفقهاء على أن المبيت للحاج غير الذين رخص لهم ليالي منى بمنى من شعائر الحج ونسكه، والنظر يوجب على كل مسقط لنسكه دما، قياسا على سائر الحج ونسكه. وفي الموطأ: مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة. والعقبة التي منع عمر أن يبيت أحد وراءها هي العقبة التي عند الجمرة التي يرميها الناس يوم النحر مما يلي مكة. رواه ابن نافع عن مالك في المبسوط، قال: وقال مالك: ومن بات وراءها ليالي منى فعليه الفدية، وذلك أنه بات بغير منى ليالي منى، وهو مبيت مشروع في الحج، فلزم الدم بتركه كالمبيت بالمزدلفة، ومعنى الفدية هنا عند مالك الهدي. قال مالك: هو هدي يساق من الحل إلى الحرم. السابعة - روى مالك عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره أن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر. قال أبو عمر: لم يقل مالك بمقتضى هذا الحديث، وكان يقول: يرمون يوم النحر - يعني جمرة العقبة - ثم لا يرمون من الغد، فإذا كان بعد الغد وهو الثاني من أيام التشريق وهو اليوم الذي يتعجل فيه النفر من يريد التعجيل أو من يجوز له التعجيل رموا اليومين لذلك اليوم ولليوم الذي قبله، لأنهم يقضون ما كان عليهم، ولا يقضي أحد عنده شيئا إلا بعد أن يجب عليه، هذا معنى ما فسر به مالك هذا الحديث في موطئه. وغيره يقول: لا بأس بذلك كله على ما في حديث مالك، لأنها أيام رمي كلها، وإنما لم يجز عند مالك للرعاء تقديم الرمي لأن غير الرعاء لا يجوز لهم أن يرموا في أيام التشريق شيئا من الجمار قبل الزوال، فإن رمى قبل الزوال أعادها، ليس لهم التقديم. وإنما رخص لهم في اليوم الثاني إلى الثالث. قال ابن عبدالبر: الذي قاله مالك في هذه المسألة موجود في رواية ابن جريج قال: أخبرني محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره أن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png أرخص للرعاء أن يتعاقبوا، فيرموا يوم النحر، ثم يدعوا يوما وليلة ثم يرمون الغد. قال علماؤنا: ويسقط رمي الجمرة الثالثة عمن تعجل. قال ابن أبي زمنين يرميها يوم النفر الأول حين يريد التعجيل. قال ابن المواز: يرمي المتعجل في يومين بإحدى وعشرين حصاة كل جمرة بسبع حصيات، فيصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة، لأنه قد رمى جمرة العقبة يوم النحر بسبع. قال ابن المنذر: ويسقط رمي اليوم الثالث. الثامنة - روى مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أرخص للرعاء أن يرموا بالليل، يقول في الزمن الأول. قال الباجي: "قوله في الزمن الأول يقتضي إطلاقه زمن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png لأنه أول زمن هذه الشريعة، فعلى هذا هو مرسل. ويحتمل أن يريد به أول زمن أدركه عطاء، فيكون موقوفا مسندا". والله أعلم. قلت: هو مسند من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png، خرجه الدارقطني وغيره، وقد ذكرناه في "المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس"، وإنما أبيح لهم الرمي بالليل لأنه أرفق بهم وأحوط فيما يحاولونه من رعي الإبل، لأن الليل وقت لا ترعى فيه ولا تنتشر، فيرمون في ذلك الوقت. وقد اختلفوا فيمن فاته الرمي حتى غربت الشمس، فقال عطاء: لا رمي بالليل إلا لرعاء الإبل، فأما التجار فلا. وروي عن ابن عمر أنه قال: من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرم حتى تطلع الشمس من الغد، وبه قال أحمد وإسحاق. وقال مالك: إذا تركه نهارا رماه ليلا، وعليه دم في رواية ابن القاسم، ولم يذكر في الموطأ أن عليه دما. وقال الشافعي وأبو ثور ويعقوب ومحمد: إذا نسي الرمي حتى أمسى يرمي ولا دم عليه. وكان الحسن البصري يرخص في رمي الجمار ليلا. وقال أبو حنيفة: يرمي ولا شيء عليه، وإن لم يذكرها من الليل حتى يأتي الغد فعليه أن يرميها وعليه دم. وقال الثوري: إذا أخر الرمي إلى الليل ناسيا أو متعمدا أهرق دما. قلت: أما من رمى من رعاء الإبل أو أهل السقاية بالليل فلا دم يجب، للحديث، وإن كان من غيرهم فالنظر يوجب الدم لكن مع العمد، والله أعلم التاسعة - ثبت أن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png رمى جمرة العقبة يوم النحر على راحلته. واستحب مالك وغيره أن يكون الذي يرميها راكبا. وقد كان ابن عمر وابن الزبير وسالم يرمونها وهم مشاة، ويرمي في كل يوم من الثلاثة بإحدى وعشرين حصاة، يكبر مع كل حصاة ويكون وجهه في حال رميه إلى الكعبة، ويرتب الجمرات ويجمعهن ولا يفرقهن ولا ينكسهن، يبدأ بالجمرة الأولى فيرميها بسبع حصيات رميا ولا يضعها وضعا، كذلك قال مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، فإن طرحها طرحا جاز عند أصحاب الرأي. وقال ابن القاسم: لا تجزئ في الوجهين جميعا، وهو الصحيح، لأن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png كان يرميها، ولا يرمي عندهم بحصاتين أو أكثر في مرة، فإن فعل عدها حصاة واحدة، فإذا فرغ منها تقدم أمامها فوقف طويلا للرعاء بما تيسر. ثم يرمي الثانية وهي الوسطى وينصرف عنها ذات الشمال في بطن المسيل، ويطيل الوقوف عندها للدعاء. ثم يرمي الثالثة بموضع جمرة العقبة بسبع حصيات أيضا، يرميها من أسفلها ولا يقف عندها، ولو رماها من فوقها أجزأه، ويكبر في ذلك كله مع كل حصاة يرميها. وسنة الذكر في رمي الجمار التكبير دون غيره من الذكر، ويرميها ماشيا بخلاف جمرة يوم النحر، وهذا كله توقيف رفعه النسائي والدارقطني عن الزهري أن رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png كان إذا رمى الجمرة التي تلي المسجد - مسجد منى - يرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو، وكان يطيل الوقوف. ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه ثم يدعو. ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها. قال الزهري: سمعت سالم بن عبدالله يحدث بهذا عن أبيه عن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png قال: وكان ابن عمر يفعله، لفظ الدارقطني. العاشرة - وحكم الجمار أن تكون طاهرة غير نجسة، ولا مما رمي به، فإن رمى بما قد رمي به لم يجزه عند مالك، وقد قال عنه ابن القاسم: إن كان ذلك في حصاة واحدة أجزأه، ونزلت بابن القاسم فأفتاه بهذا. الحادية عشر - واستحب أهل العلم أخذها من المزدلفة لا من حصى المسجد، فإن أخذ زيادة على ما يحتاج وبقي ذلك بيده بعد الرمي دفنه ولم يطرحه، قال أحمد بن حنبل وغيره. الثانية عشر - ولا تغسل عند الجمهور خلافا لطاوس، وقد روي أنه لو لم يغسل الجمار النجسة أو رمى بما قد رمي به أنه أساء وأجزأ عنه. قال ابن المنذر: يكره أن يرمي بما قد رمي به، ويجزئ إن رمى به، إذ لا أعلم أحدا أوجب على من فعل ذلك الإعادة، ولا نعلم في شيء من الأخبار التي جاءت عن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png أنه غسل الحصى ولا أمر بغسله، وقد روينا عن طاوس، أنه كان يغسله. الثالثة عشرة - ولا يجزئ في الجمار المدر ولا شيء غير الحجر، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال أصحاب الرأي: يجوز بالطين اليابس، وكذلك كل شيء رماها من الأرض فهو يجزئ. وقال الثوري: من رمى بالخزف والمدر لم يعد الرمي. قال ابن المنذر: لا يجزئ الرمي إلا بالحصى، لأن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png قال: "عليكم بحصى الخذف". وبالحصى رمى رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png. الرابعة عشرة - واختلف في قدر الحصى، فقال الشافعي: يكون أصغر من الأنملة طولا وعرضا. وقال أبو ثور وأصحاب الرأي: بمثل حصى الخذف، وروينا عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة بمثل بعر الغنم، ولا معنى لقول مالك: أكبر من ذلك أحب إلي، لأن النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png سن الرمي بمثل حصى الخذف، ويجوز أن يرمى بما وقع عليه اسم حصاة، واتباع السنة أفضل، قاله ابن المنذر. قلت: وهو الصحيح الذي لا يجوز خلافه لمن اهتدى واقتدى. روى النسائي عن ابن عباس قال: قال لي رسول الله https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png غداة العقبة وهو على راحلته: " هات القط لي فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال -: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين". فدل قوله: "وإياكم والغلو في الدين" على كراهة الرمي بالجمار الكبار، وأن ذلك من الغلو، والله أعلم. الخامسة عشر - ومن بقي في يده حصاة لا يدري من أي الجمار هي جعلها من الأولى، ورمى بعدها الوسطى والآخرة، فإن طال استأنف جميعا. السادسة عشر - قال مالك والشافعي وعبدالملك وأبو ثور وأصحاب الرأي فيمن قدم جمرة على جمرة: لا يجزئه إلا أن يرمي على الولاء. وقال الحسن، وعطاء وبعض الناس: يجزئه. واحتج بعض الناس بقول النبي https://upload.wikimedia.org/wikiped...on_him.svg.png: "من قدم نسكا بين يدي نسك فلا حرج وقال: - لا يكون هذا بأكثر من رجل اجتمعت عليه صلوات أو صيام فقضى بعضا قبل بعض". والأول أحوط، والله أعلم. السابعة عشر - واختلفوا في رمي المريض والرمي عنه، فقال مالك: يرمى عن المريض والصبي اللذين لا يطيقان الرمي، ويتحرى المريض حين رميهم فيكبر سبع تكبيرات لكل جمرة وعليه الهدي، وإذا صح المريض في أيام الرمي رمى عن نفسه، وعليه مع ذلك دم عند مالك. وقال الحسن والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي: يرمى عن المريض، ولم يذكروا هديا. ولا خلاف في الصبي الذي لا يقدر على الرمي أنه يرمى عنه، وكان ابن عمر يفعل ذلك. الثامنة عشر - روى الدارقطني عن أبي سعيد الخدري قال قلنا: يا رسول الله، هذه الجمار التي يرمى بها كل عام فنحسب أنها تنقص، فقال: "إنه ما تقبل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال". التاسعة عشر - قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم على أن لمن أراد الخروج من الحاج من منى شاخصا إلى بلده خارجا عن الحرم غير مقيم بمكة في النفر الأول أن ينفر بعد زوال الشمس إذا رمى في اليوم الذي يلي يوم النحر قبل أن يمسي، لأن الله جل ذكره قال: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ }، فلينفر من أراد النفر ما دام في شيء من النهار. وقد روينا عن النخعي والحسن أنهما قالا: من أدركه العصر وهو بمنى من اليوم الثاني من أيام التشريق لم ينفر حتى الغد. قال ابن المنذر: وقد يحتمل أن يكونا قالا ذلك استحبابا، والقول الأول به نقول، لظاهر الكتاب والسنة. الموفية عشرين - واختلفوا في أهل مكة هل ينفرون النفر الأول، فروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من شاء من الناس كلهم أن ينفروا في النفر الأول، إلا آل خزيمة فلا ينفرون إلا في النفر الآخر. وكان أحمد بن حنبل يقول: لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة، وقال: أهل مكة أخف، وجعل أحمد وإسحاق معنى قول عمر بن الخطاب: "إلا آل خزيمة" أي أنهم أهل حرم. وكان مالك يقول في أهل مكة: من كان له عذر فله أن يتعجل في يومين، فإن أراد التخفيف عن نفسه مما هو فيه من أمر الحج فلا، فرأى التعجيل لمن بعد قطره. وقالت طائفة: الآية على العموم، والرخصة لجميع الناس، أهل مكة وغيرهم، أراد الخارج عن منى المقام بمكة أو الشخوص إلى بلده. وقال عطاء: هي للناس عامة. قال ابن المنذر: وهو يشبه مذهب، الشافعي، وبه نقول. وقال ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة والنخعي: "من نفر في اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرج، ومن تأخر إلى الثالث فلا حرج"، فمعنى الآية كل ذلك مباح، وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماما وتأكيدا، إذ كان من العرب من يذم المتعجل وبالعكس، فنزلت الآية رافعة للجناح في كل ذلك. وقال علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود وإبراهيم النخعي أيضا: "معنى من تعجل فقد غفر له، ومن تأخر فقد غفر له"، واحتجوا بقوله عليه السلام: "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من خطاياه كيوم ولدته أمه". فقوله: "فلا إثم عليه" نفي عام وتبرئة مطلقة. وقال مجاهد أيضا: معنى الآية، من تعجل أو تأخر فلا إثم عليه إلى العام المقبل. وأسند في هذا القول أثر. وقال أبو العالية في الآية: لا إثم عليه لمن اتقى بقية عمره، والحاج مغفور له البتة، أي ذهب إثمه كله إن اتقى الله فيما بقي من عمره. وقال أبو صالح وغيره: معنى الآية لا إثم عليه لمن اتقى قتل الصيد، وما يجب عليه تجنبه في الحج. وقال أيضا: لمن اتقى في حجه فأتى به تاما حتى كان مبرورا. الحادية والعشرون - "من" في قوله: { فَمَنْ تَعَجَّلَ } رفع بالابتداء، والخبر { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } ويجوز في غير القرآن فلا إثم عليهم، لأن معنى "من" جماعة، كما قال جل وعز: { مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } [4] وكذا { وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْه }. واللام من قوله: { لِمَنِ اتَّقَى } متعلقة بالغفران، التقدير المغفرة لمن اتقى، وهذا على تفسير ابن مسعود وعلي. قال قتادة: ذكر لنا أن ابن مسعود قال: إنما جعلت المغفرة لمن اتقى بعد انصرافه من الحج عن جميع المعاصي. وقال الأخفش: التقدير ذلك لمن اتقى. وقال بعضهم: لمن اتقى يعني قتل الصيد في الإحرام وفي الحرم. وقيل التقدير الإباحة لمن اتقى، روي هذا عن ابن عمر. وقيل: السلامة لمن اتقى. وقيل: هي متعلقة بالذكر الذي في قوله تعالى: { وَاذْكُرُوا } أي الذكر لمن اتقى. وقرأ سالم بن عبدالله { فَلا إِثْمَ عَلَيْه } بوصل الألف تخفيفا، والعرب قد تستعمله. قال الشاعر: إن لم أقاتل فالبسوني برقعا ثم أمر الله تعالى بالتقوى وذكر بالحشر والوقوف. ــــــــــ الجامع لأحكام القرآن |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
القول في قوله تعالى :
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ( 35 ) الأحزاب يقول - تعالى ذكره - : إن المتذللين لله بالطاعة والمتذللات ، والمصدقين والمصدقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أتاهم به من عند الله ، والقانتين والقانتات لله ، والمطيعين لله والمطيعات له فيما أمرهم ونهاهم ، والصادقين لله فيما عاهدوه عليه والصادقات فيه ، والصابرين لله في البأساء والضراء على الثبات على دينه وحين البأس والصابرات ، والخاشعة قلوبهم لله وجلا منه ومن عقابه [ ص: 269 ] والخاشعات ، والمتصدقين والمتصدقات وهم المؤدون حقوق الله من أموالهم والمؤديات ، والصائمين شهر رمضان الذي فرض الله صومه عليهم والصائمات ذلك ، والحافظين فروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم والحافظات ذلك إلا على أزواجهن إن كن حرائر أو من ملكهن إن كن إماء ، والذاكرين الله بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم والذاكرات ، كذلك أعد الله لهم مغفرة لذنوبهم ، وأجرا عظيما : يعني ثوابا في الآخرة على ذلك من أعمالهم عظيما ، وذلك الجنة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : دخل نساء على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلن : قد ذكركن الله في القرآن ، ولم نذكر بشيء ، أما فينا ما يذكر ؟ فأنزل الله تبارك وتعالى ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات ) : أي : المطيعين والمطيعات ، ( والخاشعين والخاشعات ) أي : الخائفين والخائفات ( أعد الله لهم مغفرة ) لذنوبهم ( وأجرا عظيما ) في الجنة . حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وأجرا عظيما ) قال : الجنة ، وفي قوله ( والقانتين والقانتات ) قال : المطيعين والمطيعات . حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن عامر قال : القانتات : المطيعات . حدثنا ابن حميد قال : ثنا مؤمل قال : سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : قالت أم سلمة : يا رسول الله يذكر الرجال ولا نذكر ؛ فنزلت ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ) . حدثنا أبو كريب قال : ثنا أبو معاوية ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب حدثه أن أم سلمة قالت : قلت : [ص: 270 ] يا رسول الله أيذكر الرجال في كل شيء ولا نذكر ؟ فأنزل الله ( إن المسلمين والمسلمات ) الآية . حدثنا أبو كريب قال : ثنا سيار بن مظاهر العنزي قال : ثنا أبو كدينة يحيى بن مهلب ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - : ماله يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات ؟ فأنزل الله ( إن المسلمين والمسلمات ) الآية . حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهدقوله ( إن المسلمين والمسلمات ) قال : قالت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما للنساء لا يذكرن مع الرجال في الصلاح ؟ فأنزل الله هذه الآية . حدثني محمد بن المعمر قال : ثنا أبو هشام قال : ثنا عبد الواحد قال : ثنا عثمان بن حكيم قال : ثنا عبد الرحمن بن شيبة قال : سمعت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال ؟ قالت : فلم يرعني ذات يوم ظهرا إلا نداؤه على المنبر وأنا أسرح رأسي ، فلففت شعري ثم خرجت إلى حجرة من حجرهن ، فجعلت سمعي عند الجريد ، فإذا هو يقول على المنبر : يا أيها الناس إن الله يقول في كتابه : ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ) إلى قوله ( أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ) . رأيي أنا العبد لله : تأخير الذاكرين والذكرات لآخر الآية يشير إلى آخر الزمان ؛ حيث يندر ذكر الله في الأرض إلا من هذه الثلة القلية ، وعلى أياديهم يكتب الله فرج الأمة...والحديث يطول...والله تعالى أعلم ... نسأل الله أن نكون منهم ... اللهم آمين |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
{ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } الكهف 43 } قوله تعالى { هنالك الولاية لله الحق} اختلف في العامل في قوله { هنالك} وهو ظرف؛ فقيل : العامل فيه { ولم تكن له فئة} ولا كان هنالك؛ أي ما نصر ولا انتصر هنالك، أي لما أصابه من العذاب. وقيل : تم الكلام عند قوله { منتصرا} . والعامل في قوله { هنالك} { الولاية} . وتقديره على التقديم والتأخير : الولاية لله الحق هنالك، أي في القيامة. وقرأ أبو عمرو والكسائي { الحق} بالرفع نعتا للولاية. وقرأ أهل المدينة وحمزة { الحق} بالخفض نعتا لله عز وجل، والتقدير : لله ذي الحق. قال الزجاج : ويجوز { الحق} بالنصب على المصدر والتوكيد؛ كما تقول : هذا لك حقا. وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي { الولاية} بكسر الواو، الباقون بفتحها، وهما بمعنى واحد كالرضاعة والرضاعة. وقيل : الولاية بالفتح من الموالاة؛ كقوله { الله ولي الذين آمنوا} [البقرة : 257]. { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا} [محمد : 11]. وبالكسر يعني السلطان والقدرة والإمارة؛ كقوله { والأمر يومئذ لله} [الانفطار : 19] أي له الملك والحكم يومئذ، أي لا يرد أمره إلى أحد؛ والملك في كل وقت لله ولكن تزول الدعاوي والتوهمات يوم القيامة. وقال أبو عبيد : إنها بفتح الواو للخالق، وبكسرها للمخلوق. { هو خير ثوابا} أي الله خير ثوابا في الدنيا والآخرة لمن آمن به، وليس ثم غير يرجى منه، ولكنه أراد في ظن الجهال؛ أي هو خير من يرجى. { وخير عقبا} قرأ عاصم والأعمش وحمزة ويحيى { عقبا} ساكنة القاف، الباقون بضمها، وهما بمعنى واحد؛ أي هو خير عافية لمن رجاه وآمن به. يقال : هذا عاقبة أمر فلان وعقباه وعقبه، أي آخر. https://www.youtube.com/watch?v=e3PupPDmVsw&feature=youtu.be ________________________ المصدر : https://www.alro7.net/ayaq.php?langg=arabic&aya=44&sourid=18 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
جزاكم الله خير جزاء سنكون هنا باستمرار |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
{ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) } يسن وقوله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) اختلف أهل التأويل في معنى الشغل الذي وصف الله جلّ ثناؤه أصحاب الجنة أنهم فيه يوم القيامة، فقال بعضهم: ذلك افتضاض العذارَى. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن حفص بن حميد، عن شَمِر بن عطية، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود، في قوله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) قال: شغلهم افتضاض العذارى . حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) قال: افتضاض الأبكار . حدثني عبيد بن أسباط بن محمد، قال: ثنا أبي، عن أبيه، &; 20-535 &; عن عكرمة، عن ابن عباس ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) قال: افتضاض الأبكار . حدثني الحسن بن زُرَيْق الطُّهَوِي، قال: ثنا أسباط بن محمد، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله. حدثني الحسين بن علي الصُّدائي، قال: ثنا أبو النضر، عن الأشجعي، عن وائل بن داود، عن سعيد بن المسيب، في قوله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) قال: في افتضاض العذارى وقال آخرون: بل عُنِي بذلك: أنهم في نعمة . * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ ) قال: في نعمة . حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا مروان، عن جويبر، عن أبي سهل، عن الحسن، في قول الله ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) .. الآية، قال: شغلهم النعيم عما فيه أهل النار من العذاب . وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم في شغل عما فيه أهل النار. * ذكر من قال ذلك: حدثنا نصر بن عليّ الجَهْضَمِيّ، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن أبان بن تغلب، عن إسماعيل بن أبي خالد ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) ... الآية، قال: في شغل عما يلقى أهلُ النار . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال الله جلّ ثناؤه ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) وهم أهلها( فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) بنعم تأتيهم في شغل، وذلك الشغل الذي هم فيه نعمة، وافتضاض أبكار، ولهو ولذة، وشغل عما يلقى أهل النار. وقد اختلفت القراء في قراءة قوله ( فِي شُغُلٍ ) فقرأت ذلك عامة قراء المدينة وبعض البصريين على اختلاف عنه: (فِي شُغْلٍ) بضم الشين وتسكين &; 20-536 &; الغين. وقد رُوي عن أبي عمرو الضم في الشين والتسكين في الغين، والفتح في الشين والغين جميعًا في شغل.وقرأ ذلك بعض أهل المدينة والبصرة وعامة قراء أهل الكوفة ( فِي شُغُلٍ ) بضم الشين والغين. والصواب في ذلك عندي قراءته بضم الشين والغين، أو بضم الشين وسكون الغين، بأي ذلك قرأه القارئ فهو مصيب، لأن ذلك هو القراءة المعروفة في قراء الأمصار مع تقارب معنييهما. وأما قراءته بفتع الشين والغين، فغير جائزة عندي، لإجماع الحجة من القراء على خلافها. واختلفوا أيضًا في قراءة قوله ( فَاكِهُونَ ) فقرأت ذلك عامة قراء الأمصار ( فَاكِهُونَ ) بالألف. وذُكر عن أبي جعفر القارئ أنه كان يقرؤه: (فَكِهُونَ) بغير ألف. والصواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأه بالألف، لأن ذلك هو القراءة المعروفة. واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: فَرِحون. * ذكر من قال ذلك: حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) يقول: فرحون . وقال آخرون: معناه: عجبون. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( فَاكِهُونَ ) قال: عجبون . حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فَكِهُونَ) قال: عَجِبون . واختلف أهل العلم بكلام العرب في ذلك، فقال بعض البصريين: منهم الفكه الذي يتفكَّه. وقال: تقول العرب للرجل الذي يتفكَّه بالطعام أو بالفاكهة، أو بأعراض الناس: إن فلانا لفكِه بأعراض الناس، قال: ومن قرأها( فَاكِهُونَ ) جعله كثير الفواكه صاحب فاكهة، واستشهد لقوله ذلك ببيت الحُطَيئة: وَدَعَـــوْتَنِي وَزَعَمْـــتَ أنَّــكَ لابــــنٌ بـــالصَّيْفِ تـــامِرْ (1) أي عنده لبن كثير، وتمر كثير، وكذلك عاسل، ولاحم، وشاحم. وقال بعض الكوفيين: ذلك بمنـزلة حاذرون وحذرون، وهذا القول الثاني أشبه بالكلمة. ------------------------ الهوامش: (1) البيت للحطيئة، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (مصورة الجامعة ص 207 - 1) قال في تفسير قوله تعالى: (في شغل فاكهون): الفكه الذي يتفكه، تقول العرب للرجل إذا كان يتفكه بالطعام أو الفاكهة أو بأعراض الناس: إن فلانا لفكه بأعراض الناس. ومن قرأها "فاكهون": جعلها كثير الفواكه ، صاحب فاكهة؛ قال الحطيئة: "ودعوتني ..." البيت، أي عنده لبن كثير، وتمر كثير. فكذلك عاسل، ولاحم، وشاحم. ا . هـ. وفي (اللسان: فكه): رجل فكه: يأكل الفاكهة، وفاكه: عنده فاكهة. وكلاهما على النسب. أبو معاذ النحوي: الفاكه: الذي كثرت فاكهته. والفكه: الذي ينال من أعراض الناس. اهـ. وفي معاني القرآن للفراء (مصورة الجامعة ص 270): وقوله "فاكهون" بالألف، وتقرأ "فكهون" . وهي بمنزلة "حذرون" "وحاذرون". وهي في قراءة عبد الله: "فاكهين" بالألف. وقد نقله عنه المؤلف، ورجحه. _______ المصدر : https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a36-aya55.html |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ{31يوسف صدق الله العظيم أحسنت دكتورنا العزيز وجزاك الله خيرًا وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك تقديري وأزكى تحياتي |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
( ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) (49)الدخان ثم يقال له : ( ذق ) هذا العذاب ( إنك ) قرأ الكسائي " أنك " بفتح الألف ، أي لأنك كنت تقول : أنا العزيز ، وقرأ الآخرون بكسرها على الابتداء ( إنك أنت العزيز الكريم ) عند قومك بزعمك ، وذلك أن أبا جهل كان يقول : أنا أعز أهل الوادي وأكرمهم ، فيقول له هذا خزنة النار ، على طريق الاستحقار والتوبيخ . ــــــــــــــــــــــــــــــــ تفسير البغوي |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
۞ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ۞(64) غافر يقول - تعالى ذكره - : ( الله ) الذي له الألوهة خالصة أيها الناس ( الذي [ ص: 410 ] جعل لكم الأرض ) التي أنتم على ظهرها سكان ( قرارا ) تستقرون عليها ، وتسكنون فوقها ، ( والسماء بناء ) : بناها فرفعها فوقكم بغير عمد ترونها لمصالحكم ، وقوام دنياكم إلى بلوغ آجالكم ( وصوركم فأحسن صوركم ) يقول : وخلقكم فأحسن خلقكم ( ورزقكم من الطيبات ) يقول : ورزقكم من حلال الرزق ، ولذيذات المطاعم والمشارب . وقوله : ( ذلكم الله ربكم ) يقول - تعالى ذكره - : فالذي فعل هذه الأفعال ، وأنعم عليكم أيها الناس هذه النعم ، هو الله الذي لا تنبغي الألوهة إلا له ، وربكم الذي لا تصلح الربوبية لغيره ، لا الذي لا ينفع ولا يضر ، ولا يخلق ولا يرزق ( فتبارك الله رب العالمين ) يقول : فتبارك الله مالك جميع الخلق جنهم وإنسهم ، وسائر أجناس الخلق غيرهم ( هو الحي ) يقول : هو الحي الذي لا يموت ، الدائم الحياة ، وكل شيء سواه فمنقطع الحياة غير دائمها ( لا إله إلا هو ) يقول : لا معبود بحق تجوز عبادته ، وتصلح الألوهة له إلا الله الذي هذه الصفات صفاته ، فادعوه أيها الناس مخلصين له الدين ، مخلصين له الطاعة ، مفردين له الألوهة ، لا تشركوا في عبادته شيئا سواه ، من وثن وصنم ، ولا تجعلوا له ندا ولا عدلا ( الحمد لله رب العالمين ) يقول : الشكر لله الذي هو مالك جميع أجناس الخلق ، من ملك وجن وإنس وغيرهم ، لا للآلهة والأوثان التي لا تملك شيئا ، ولا تقدر على ضر ولا نفع ، بل هو مملوك ، إن ناله نائل بسوء لم يقدر له عن نفسه دفعا . وكان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال : لا إله إلا الله ، أن يتبع ذلك : ( الحمد لله رب العالمين ) تأولا منهم هذه الآية ، بأنها أمر من الله بقيل ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت أبي ، قال : أخبرنا الحسين بن واقد قال : ثنا الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : من قال لا إله إلا الله ، فليقل على إثرها : الحمد لله رب العالمين ، فذلك قوله : ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) . [ ص: 411 ] حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، عن سعيد بن جبير قال : " إذا قال أحدكم : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فليقل : الحمد لله رب العالمين ، ثم قال : ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) . حدثني محمد بن عبد الرحمن قال : ثنا محمد بن بشر قال : ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن جبير أنه كان يستحب إذا قال : لا إله إلا الله ، يتبعها الحمد لله ، ثم قرأ هذه الآية : ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) . حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، عن سعيد بن جبير قال : إذا قال أحدكم لا إله إلا الله وحده ، فليقل بأثرها : الحمد لله رب العالمين ، ثم قرأ ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) . ــــــــــــــــــــــــــــــ * المصدر : https://library.islamweb.net/newlibra..._no=50&ID=4357 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
عبارة في القرآن تحتاج منا لتركيز وانتباه :
__________________________________________________ ____________ https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif { وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }(94) النحل { عبارة في القرآن تحتاج منا لتركيز وانتباه (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا) لم يقل بعد تذبذبها ؛ بل بعد ثبوتها.. الحياة فِتن .. والثبات صعب !! ( الثبات ) لا يكون بكثرة الاستماع للمواعظ إنما يكون ( بفعل ) هذه المواعظ.. (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) اللهم يا مُقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على طاعتك } اللهم آمين |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
{ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) } الأحزاب القول في تأويل قوله تعالى : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا (23) يقول تعالى ذكره (مِنَ المُؤْمِنِينَ) بالله ورسوله ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) يقول: أوفوا بما عاهدوه عليه من الصبر على البأساء والضرّاء، وحين البأس (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) يقول: فمنهم من فرغ من العمل الذي كان نذره الله وأوجبه له على نفسه، فاستشهد بعض يوم بدر، وبعض يوم أُحد، وبعض في غير ذلك من المواطن (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) قضاءه والفراغ منه، كما قضى من مضى منهم على الوفاء لله بعهده، والنصر من الله، والظفر على عدوّه. والنحب: النذر في كلام العرب. وللنحب أيضا في كلامهم وجوه غير ذلك، منها الموت، كما قال الشاعر: قَضَى نَحْبَهُ فِي مُلْتَقَى القَوْمِ هَوْبَرُ (1) يعني: منيته ونفسه؛ ومنها الخطر العظيم، كما قال جرير: بِطَخْفَــةَ جالَدْنــا المُلُـوكَ وَخَيْلُنَـا عَشِـيَّةَ بِسْـطامٍ جَـرَيْنَ عَـلى نَحْـبِ (2) أي على خطر عظيم؛ ومنها النحيب، يقال: نحب في سيره يومه أجمع: إذا مدّ فلم ينـزل يومه وليلته؛ ومنها التنحيب، وهو الخطار، كما قال الشاعر: وإذْ نَحَّـبَتْ كَـلْبٌ عـلى النَّـاس أيُّهُمْ أحَــقُّ بِتــاجِ المَــاجِدِ المُتَكَـوِّم? (3) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) : أي: وفوا الله بما عاهدوه عليه (فمنهم من قَضَى نَحْبَهُ) أي فرغ من عمله، ورجع إلى ربه، كمن استشهد يوم بدر ويوم أُحد (ومنهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) ما وعد الله من نصره والشهادة على ما مضى عليه أصحابه. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: عهده فقتل أو عاش (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) يوما فيه جهاد، فيقضي (نحبه) عهده، فيقتل أو يصدق في لقائه. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: عهده (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) قال: يوما فيه قتال، فيصدق في اللقاء. قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن مجاهد (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: مات على العهد. قال: ثنا أبو أُسامة، عن عبد الله بن فلان -قد سماه، ذهب عني اسمه- عن أبيه (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: نذره. حدثنا ابن إدريس، عن طلحة بن يحيى، عن عمه عيسى بن طلحة: أن أعرابيا أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فسأله: من الذين قضوا نحبهم؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ودخل طلحة من باب المسجد وعليه ثوبان أخضران، فقال: " هَذَا مِنَ الَّذِينَ قَضَوْا نَحْبَهُمْ". حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: موته على الصدق والوفاء.(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) الموت على مثل ذلك، ومنهم من بدّل تبديلا (4) . حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن مجاهد ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) قال: النحب: العهد. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ) على الصدق والوفاء (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) من نفسه الصدق والوفاء. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: مات على ما هو عليه من التصديق والإيمان (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) ذلك. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي بكير، قال شريك بن عبد الله، أخبرناه عن سالم، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) قال: الموت على ما عاهد الله عليه (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) الموت على ما عاهد الله عليه. وقيل: إن هذه الآية نـزلت في قوم لم يشهدوا بدرا، فعاهدوا الله أن يفوا قتالا للمشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم من أوفى فقضى نحبه، ومنهم من بدّل، ومنهم من أوفى ولم يقض نحبه، وكان منتظرا، على ما وصفهم الله به من صفاتهم في هذه الآية. * ذكر من قال ذلك: حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن أنس بن النضر تغيب عن قتال بدر، فقال: تغيبت عن أوّل مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لئن رأيت قتالا ليرين الله ما أصنع؛ فلما كان يوم أُحُد، وهُزم الناس، لقي سعد بن معاذ فقال: والله إني لأجدُ ريح الجنة، فتقدم فقاتل حتى قُتل، فنـزلت فيه هذه الآية: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ). حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الله بن بكير، قال: ثنا حميد، قال: زعم أنس بن مالك قال: غاب أنس بن النضر، عن قتال يوم بدر، فقال: غبت عن قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين، لئن أشهدني الله قتالا ليرينّ الله ما أصنع؛ فلما كان يوم أُحُد، انكشف المسلمون، فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء المشركون، وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني المسلمين، فمشى بسيفه، فلقيه سعد بن معاذ، فقال: أي سعد، إني لأجد ريح الجنة دون أحد، فقال سعد: يا رسول الله، فما استطعت أن أصنع ما صنع، قال أنس بن مالك: فوجدناه بين القتلى، به بضع وثمانون جراحة، بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، فما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه، قال أنس: فكنا نتحدّث أن هذه الآية ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ) نـزلت فيه، وفي أصحابه. حدثنا سوار بن عبد الله، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت حميدا يحدّث، عن أنس بن مالك، أن أنس بن النضر: غاب عن قتال بدر، ثم ذكر نحوه. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا طلحة بن يحيى، عن موسى وعيسى بن طلحة عن طلحة أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكانوا لا يجرءون على مسألته، فقالوا للأعرابي: سله (مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) من هو؟ فسأله، فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم دخلت من باب المسجد وعليّ ثياب خُضر؛ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أيْنَ السَّائِل عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ؟" قال الأعرابيّ: أنا يا رسول الله قال: " هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ". حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الحميد الحِمَّاني، عن إسحاق بن يحيى الطَّلْحِي، عن موسى بن طلحة، قال: قام معاوية بن أبي سفيان، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ". حدثني محمد بن عمرو بن تمام الكلبي، قال: ثنا سليمان بن أيوب، قال: ثني أبي، عن إسحاق، عن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة قال: لما قدمنا من أُحُد وصرنا بالمدينة، صعد النبيّ صلى الله عليه وسلم المنبر، فخطب الناس &; 20-241 &; وعزّاهم، وأخبرهم بما لهم فيه من الأجر، ثم قرأ: (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ...) الآية، قال: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ فالتفت وعليّ ثوبان أخضران، فقال: " أيُّها السَّائِلُ هَذَا مِنْهُمْ". وقوله: (وَما بَدَّلًوا تَبْديلا) : وما غيروا العهد الذي عاقدوا ربهم تغييرا، كما غيره المعوّقون القائلون لإخوانهم: هلمّ إلينا، والقائلون: إن بيوتنا عورة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَما بَدَّلُوا تَبْديلا) يقول: ما شكُّوا وما تردّدوا في دينهم، ولا استبدلوا به غيره. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَما بَدَّلُوا تَبْديلا) : لم يغيروا دينهم كما غير المنافقون. ------------------------ الهوامش: (1) هذا عجز بيت لذي الرمة وصدره * عيشـة فـر الحـارثيون بعدمـا * وهوبر: اسم رجل، أراد ابن هوبر (اللسان: هبر). وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن، عند قوله تعالى: (فمنهم من قضى نحبه): أي نذره الذي كان. والنحب أيضًا النفس: أي الموت. قال ذو الرمة: "قضى نحبه ..." أي نفسه، وإنما هو أيضًا يزيد بن هوبر، ا هـ . وفي الديوان (طبعة كمبردج سنة 1919 ص 235) أراد يزيد بن هوبر، وهو رجل من بني الحارث بن كعب. (2) البيت لجرير بن عطية بن الخطفي (أبو عبيدة، مجاز القرآن، الورقة 174 - ب) و (اللسان: نحب) قال: وجعله جرير بن الخطفي: الخطر العظيم، قال "بطخفة ..." البيت، أي خطر عظيم. وطخفة، بفتح الطاء، وكسرها: جبل أحمر طويل في ديار بني تميم. كانت به وقعة بين بني يربوع، وقابوس بن النعمان، وكان النعمان قد بعث إليهم جيشًا، وأمر عليه ابنه قابوس وأخاه حسان، فهزمتهم بنو يربوع بطخفة، وأسروهما حتى منوا عليهما، فذلك الذي أراد جرير (انظر معجم ما ستعجم للبكري طخفة). (3) البيت للفرزدق (ديوانه طبعة الصاوي بالقاهرة ص 759) والتنحيب هنا مصدر نحب، بشد الحاء أي صاح أو نادى بشدة. وأصل التنحيب: الدأب على الشيء، والإكباب عليه لا يفارقه (اللسان: نحب). وجعله المؤلف بمعنى الخطار، ولعله يريد المخاطرة بالنفس. (4) الذي في الدر المنثور بدله: وآخرون ما بدلوا تبديلا. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * المصدر : تفسير الطبري : https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura33-aya23.html |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : {طَه} .
__________________________________________________ ____________ https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif { {طَه} } { الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : {طَه} . قَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرير: اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في تَأْويل قَوْله: {طَه} فَقَالَ بَعْضهمْ: مَعْنَاهُ يَا رَجُل. ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ: - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد، قَالَ: ثنا أَبُو تُمَيْلَة، عَنْ الْحَسَن بْن وَاقد، عَنْ يَزيد النَّحْويّ، عَنْ عكْرمَة، عَنْ ابْن عَبَّاس: طَه: بالنَّبَطيَّة: يَا رَجُل. - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد، قَالَ: ثني أَبي، قَالَ: ثني عَمّي، قَالَ: حدثني أَبي، عَنْ أَبيه، عَنْ ابْن عَبَّاس، قَوْله: {طَه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى} فَإنَّ قَوْمه قَالُوا: لَقَدْ شَقيَ هَذَا الرَّجُل برَبّه، فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذكْره {طَه} يَعْني: يَا رَجُل {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى}. - حَدَّثَنَا الْقَاسم، قَالَ: ثنا الْحُسَيْن، قَالَ: ثني حَجَّاج، عَنْ ابْن جُرَيْج، قَالَ: أَخْبَرَني عَبْد اللَّه بْن مُسْلم، أَوْ يَعْلَى بْن مُسْلم، عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ: طَه: يَا رَجُل بالسُّرْيَانيَّة. - قَالَ ابْن جُرَيْج: وَأَخْبَرَني زَمْعَة بْن صَالح، عَنْ سَلَمَة بْن وَهْرَام، عَنْ عكْرمَة، عَنْ ابْن عَبَّاس، بذَلكَ أَيْضًا. قَالَ ابْن جُرَيْج، وَقَالَ مُجَاهد، ذَلكَ أَيْضًا. - حَدَّثَنَا عمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز، قَالَ: ثنا عَبْد الْوَارث بْن سَعيد، قَالَ: ثنا عُمَارَة عَنْ عكْرمَة، في قَوْله: {طَه} قَالَ: يَا رَجُل، كَلَّمَهُ بالنَّبَطيَّة. - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْن وَاضح، قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه، عَنْ عكْرمَة، في قَوْله {طَه} قَالَ: بالنَّبَطيَّة: يَا إنْسَان. - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصم، عَنْ قُرَّة بْن خَالد، عَنْ الضَّحَّاك، في قَوْله {طَه} قَالَ: يَا رَجُل بالنَّبَطيَّة. - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار، قَالَ: ثنا عَبْد الرَّحْمَن، قَالَ : ثنا سُفْيَان، عَنْ حُصَيْن، عَنْ عكْرمَة في قَوْله {طَه} قَالَ: يَا رَجُل. - حَدَّثَنَا بشْر، قَالَ: ثنا يَزيد، قَالَ: ثنا سَعيد، عَنْ قَتَادَة، قَوْله {طَه} قَالَ: يَا رَجُل، وَهيَ بالسُّرْيَانيَّة. - حَدَّثَنَا الْحَسَن، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن في قَوْله: {طَه} قَالَا: يَا رَجُل. - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن، قَالَ: سَمعْت أَبَا مُعَاذ، يَقُول: أَخْبَرَنَا عُبَيْد، يَعْني ابْن سُلَيْمَان، قَالَ: سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله {طَه} قَالَ: يَا رَجُل، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ اسْم منْ أَسْمَاء اللَّه، وَقَسَم أَقْسَمَ اللَّه به. ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ: - حَدَّثَنَا عَليّ، قَالَ: ثنا عَبْد اللَّه، قَالَ: ثَنَى مُعَاويَة، عَنْ عَليّ، عَنْ ابْن عَبَّاس، في قَوْله: {طَه} قَالَ : فَإنَّهُ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه به، وَهُوَ اسْم منْ أَسْمَاء اللَّه، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ حُرُوف هجَاء، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ حُرُوف مُقَطَّعَة يَدُلّ كُلّ حَرْف منْهَا عَلَى مَعْنَى، وَاخْتَلَفُوا في ذَلكَ اخْتلَافهمْ في الم، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلكَ في مَوَاضعه، وَبَيَّنَّا ذَلكَ بشَوَاهده، وَاَلَّذي هُوَ أَوْلَى بالصَّوَاب عنْدي منْ الْأَقْوَال فيه : قَوْل مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: يَا رَجُل، لأَنَّهَا كَلمَة مَعْرُوفَة في عَكّ فيمَا بَلَغَني، وَأَنَّ مَعْنَاهَا فيهمْ: يَا رَجُل، أَنْشَدْت لمُتَمّم بْن نُوَيْرَة: هَتَفْت بطَهَ في الْقتَال فَلَمْ يُجبْ // فَخفْت عَلَيْه أَنْ يَكُون مُوَائلَا وَقَالَ آخَر: إنَّ السَّفَاهَة طَه منْ خَلَائقكُمْ // لَا بَارَكَ اللَّه في الْقَوْم الْمَلَاعين فَإذَا كَانَ ذَلكَ مَعْرُوفًا فيهمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فَالْوَاجب أَنْ يُوَجَّه تَأْويله إلَى الْمَعْرُوف فيهمْ منْ مَعْنَاهُ، وَلَا سيَّمَا إذَا وَافَقَ ذَلكَ تَأْويل أَهْل الْعلْم منْ الصَّحَابَة وَالتَّابعينَ، فَتَأْويل الْكَلَام إذَنْ: يَا رَجُل مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى، مَا أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْك فَنُكَلّفك مَا لَا طَاقَة لَك به منْ الْعَمَل، وَذُكرَ أَنَّهُ قيلَ لَهُ ذَلكَ بسَبَب مَا كَانَ يَلْقَى منْ النَّصَب وَالْعَنَاء وَالسَّهَر في قيَام اللَّيْل. ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ: - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصم، قَالَ: ثنا عيسَى، وَحَدَّثَني الْحَارث، قَالَ: ثنا الْحَسَن، قَالَ: ثنا وَرْقَاء، جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح، عَنْ مُجَاهد {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى} قَالَ: هيَ مثْل قَوْله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ منْهُ} فَكَانُوا يُعَلّقُونَ الْحبَال في صُدُورهمْ في الصَّلَاة. - حَدَّثَنَا الْقَاسم، قَالَ: ثنا الْحُسَيْن، قَالَ : ثني حَجَّاج، عَنْ ابْن جُرَيْج، عَنْ مُجَاهد {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى} قَالَ: في الصَّلَاة كَقَوْله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ منْهُ}، فَكَانُوا يُعَلّقُونَ الْحبَال بصُدُورهمْ في الصَّلَاة . - حَدَّثَنَا بشْر، قَالَ: ثنا يَزيد، قَالَ: ثنا سَعيد، عَنْ قَتَادَة {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى} لَا وَاَللَّه مَا جَعَلَهُ اللَّه شَقيًّا، وَلَكنْ جَعَلَهُ رَحْمَة وَنُورًا، وَدَليلًا إلَى الْجَنَّة. # المجتهد العبدلله : أرى أنها ولفظ يسن من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم ------------------------ المصدر الأساسي أبو جرير الطبري : https://www.merbad.net/vb/showthread....-(%D8%B7%D9%87) |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { معنى قوله تعالى وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعا }
__________________________________________________ ____________ https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif { { وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعا } يقول السائل مامعنى قوله تعالى (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) وهل إذا تسبب شخص بموت شخص آخر ثم تسبب بإحياء شخص آخر كانت مثل هذه الكفارة لتلك؟ فأجاب رحمه الله تعالى: معنى قوله تعالى (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) أي من كان سببا في رفع قتل الظلم عن شخص مظلوم كان كمن أحيا الناس جميعا ومن قتلها بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا هذا ما كتبه الله على بني إسرائيل كما قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ومن قتل نفسا بغير حق ثم أحيا نفسا أخرى غير مستحقة للقتل فإن الثانية لا تكون كفارة للأولى من حيث ما يجب في كفارة القتل أما من جهة الثواب فأمره إلى الله عز وجل. والله تعالى أعلم ــــــــــــــــــــــــــــ ملخص مجموعة من التفاسير... |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
{ القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالا وَوَلَدًا (39) }الكهف
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif { 1 - 11 } { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) } ثم قال : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا ) هذا تحضيض وحث على ذلك ، أي : هلا إذا أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت الله على ما أنعم به عليك ، وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك ، وقلت : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) ؛ ولهذا قال بعض السلف : من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده أو ماله ، فليقل : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة . وقد روي فيه حديث مرفوع أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا جراح بن مخلد ، حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عيسى بن عون ، حدثنا عبد الملك بن زرارة ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد ، فيقول : ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) فيرى فيه آفة دون الموت " . وكان يتأول هذه الآية : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) . قال الحافظ أبو الفتح الأزدي : عيسى بن عون ، عن عبد الملك بن زرارة ، عن أنس : لا يصح حديثه . وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة وحجاج ، حدثني شعبة ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبيد مولى أبي رهم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا قوة إلا بالله " . تفرد به أحمد وقد ثبت في الصحيح عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله " وقال الإمام أحمد : حدثنا بكر بن عيسى ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون قال : قال أبو هريرة : قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة ، أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش ؟ " . قال : قلت : نعم ، فداك أبي وأمي . قال : " أن تقول : لا قوة إلا بالله " قال أبو بلج : وأحسب أنه قال : " فإن الله يقول : أسلم عبدي واستسلم " . قال : فقلت لعمرو - قال أبو بلج : قال عمرو : قلت لأبي هريرة : لا حول ولا قوة إلا بالله ؟ فقال : لا إنها في سورة الكهف : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) * .................................................. ..................... فائدة في قول المرء (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) ** الإجابة: قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فٍان العين حق "[صححه الألباني في " الكلم الطيب " ( 243 )] بعض الناس إذا أعجبه شيء قال " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " ! ويستدلون لذلك بالآية من سورة الكهف وبحديث. أما الآية وهي قوله تعالى {ولولا إذ دخلتَ جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} : فلا تصلح للاستدلال؛ إذ لا علاقة للحسد بالموضوع، وإنما أهلك الله جنتيه بسبب كفره وطغيانه. وأما الحديث: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله : لم تصبه العين". والحديث ضعيف جدًّا! قال الهيثمي: رواه البزار من رواية أبي بكر الهذلي، وهو ضعيف جدًا. "مجمع الزوائد " ( 5 / 21 ) . والله أعلم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * تفسير ابن كثير ** من موقع طريق الإسلام نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
عن أبي العباس سهل بن سعدالساعدي رضي الله عنه قال :
جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسولَ الله دُلَّني على عمل إذا عملته أحبني الله ، وأحبني الناس ، فقال : ازهدْ في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني فعلى العبد أن يكون إذا أصيب بمصيبة في دنياه أرغب في ثواب ذلك مما ذهب منه في الدنيا أن يبقى له وأن يحقر من شأن الدنيا والتحذير منها وأن تنال محبة الله له في الزهد في الدنيا إلا ما فرض عليه فيها من طاعة وإيمان وعمارة وسعي حلال وعليه أن يعلم أن محبة الناس بالقلوب المتآلفة على ذلك تأتي بالزهد له بالزهد فيما في أيديهم منها وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
(( ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ )) الأنبياء (87)... ﴿سُبْحَانَكَ﴾: أصله من التسبيح: وهو تنزيه اللَّه تعالى، أي إبعاد اللَّه تعالى عن كل سوء ونقص، المتضمِّن لكل كمال. ((الظلم: وضع الشيء في غير موضعه المختصّ به، إمّا بنقصان، أو بزيادة، وإمّا بعدول في وقته أو مكانه، وهو ثلاثة أنواع: الأول: ظلم بين الإنسان وبين اللَّه تعالى، وأعظمه: الكفر، والشرك، والنفاق. والثاني: ظلم بينه وبين الناس. والثالث: ظلم بينه وبين نفسه)). هذه الدعوة من الدعوات العظيمة المباركة في كتاب ربنا جل شأنه دعاء يونس عليه السلام الذي بعثه جلَّ في عُلاه إلى أهل (نينوى) من أرض موصل في العراق، وقد قصّ لنا كتاب اللَّه تعالى في عدّة مواضع عنهم كما في هذه السورة، وفي سورة (الصّافّات)، وفي سورة (ن) دلالة على أهميتها لما فيها من الحكم، والفوائد الجليلة في مصالح الدين والدنيا والآخرة، وقد ذكرت لنا التفاسير: أن اللَّه تبارك وتعالى أرسله إلى قومه، فدعاهم إلى اللَّه تعالى بالإيمان به، فأبوا عليه، ولم يؤمنوا، وتمادوا في كفرهم فوعدهم بالعذاب بعد ثلاث، ثم خرج من بين أظهرهم مغاضباً لهم قبل أن يأمره اللَّه تعالى، فظنّ أن اللَّه تعالى لن يقضي عليه عقوبة ولا بلاء، فلمّا تحقّقوا من ذلك، وعلموا أنّ النبيَّ لا يكذب خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم... ثمّ تضرّعوا إلى اللَّه تعالى وجأروا إليه... فرفع اللَّه عنهم العذاب، قال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾. وأما يونس عليه السلام فإنه ذهب فركب مع القوم في السفينة، فلججت بهم، وخافوا أن يغرقوا، فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم...فوقعت القرعة على يونس، فأبوا أن يُلقوه، ثم أعادوها ثلاث مرات فوقعت عليه، قال تعالى: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾، فألقى بنفسه في البحر، فأرسل اللَّه تعالى من البحر حوتاً عظيماً، فالتقم يونس، وأوحى اللَّه جلَّ شأنه ألاَّ يأكله، بل يبتلعه ليكون بطنه له سجناً. فلما صار عليه السلام في بطن الحوت ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ﴾: ((قال ابن مسعود رضى الله عنه : ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل))‘ فاستغاث بربه السميع العليم الذي لا تخفى عليه خافية في السماء والأرض، مهما دقّت وخفت، فأنجاه اللَّه تعالى كما هي سنته مع الموحدين المخلصين الداعين . ففي القصة من الحِكَمِ والمنافع التي تستدعي ذكرها أن قوله: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾: تضمن هذا الدعاء من كمال التوحيد والعبودية في ثلاثة مطالب عظيمة : 1 – إثبات كمال الألوهية واختصاصها باللَّه عز وجل ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ﴾ . 2 – إثبات كمال التنزيه للَّه تعالى عن كل نقصٍ، وعيبٍ ، وسوء المتضمن لكماله تعالى من كل الوجوه: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ . 3 – الاعتراف بالذنب والخطأ المتضمن لطلب المغفرة، المستلزم لكمال العبادة من الخضوع، والذل للَّه تعالى: ﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ . فتضمّن هذا الدعاء المبارك أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الألوهية المتضمِّن لتوحيد الربوبية في قوله تعالى: ( لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ). - وتوحيد الأسماء والصفات في قوله: ((سُبْحَانَكَ)) فهذه أنواع التوحيد التي عليها الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة. وكذلك تضمّن هذا الدعاء الجليل صدق العبودية للَّه تعالى ربّ العالمين من كل الوجوه؛ ((فإن التوحيد والتنزيه يتضمّنان إثبات كل كمال للَّه تعالى ربّ العالمين، وسلب كلّ نقصٍ، وعيبٍ، وتمثيلٍ عنه، والاعتراف بالظلم يتضمّن إيمان العبد بالشرع، والثواب، والعقاب، ويوجب انكساره، ورجوعه إلى اللَّه تعالى، واستقالته عثرته، والاعتراف بعبوديته، وافتقاره إلى ربّه عز وجل فها هنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها: التوحيد, والتنزيه، والعبودية، والاعتراف. وكأنّ لسان حاله يقول: أي يا ربّ أنت الواحد المنفرد بالألوهية، المنزّه عن كل نقصٍ وعيبٍ، ومن ذلك أن ما وقع لي ليس بظلم منك، فأنت الكامل في أسمائك، وصفاتك، المنزّه عن كل سوء، فإني ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي بتعريضي للهلاك، فتضمّن هذا الإقرار: طلب الغفران منه جلّ وعلا، والتجاوز عنه، وإنقاذه ممّا هو فيه من الكرب، والشدة، بألطف الكلمات، وفي هذا الدعاء من دقائق الأدب، وحسن الطلب، ما يوجب استجابته منها: ذكر ظلمه لنفسه، وسلك نفسه مسلك الظالمين لأنفسهم، ولم يطلب من اللَّه بصيغة الطلب الصريح أن يغفر له ذنبه؛ لاستشعاره أنه مسيء ظالم، وهو الذي أدخل الضر على نفسه، وأنه تعالى لم يظلمه، فتضمّن الطلب على ألطف وجه. فكأنه يقول: إن تعذبني فبعدلك، و إن تغفر لي فبرحمتك ـــــــــــــــــــــــــــــ المصدر : https://kalemtayeb.com/safahat/item/3065 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) ( 13٤﴾آل عمران .. ثم ذكر تعالى صفة أهل الجنة ، فقال : ( الذين ينفقون في السراء والضراء ) أي : في الشدة والرخاء ، والمنشط والمكره ، والصحة والمرض ، وفي جميع الأحوال ، كما قال : ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا *وعلانية ) [ البقرة : 274 ] . والمعنى : أنهم لا يشغلهم أمر عن طاعة الله تعالى والإنفاق في مراضيه ، والإحسان إلى خلقه من قراباتهم وغيرهم بأنواع البر . وقوله : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) أي : إذا ثار بهم الغيظ كظموه ، بمعنى : كتموه فلم يعملوه ، وعفوا مع ذلك عمن أساء إليهم وقد ورد في بعض الآثار : " يقول الله تعالى : ابن آدم ، اذكرني إذا غضبت ، أذكرك إذا غضبت ، فلا أهلكك فيمن أهلك " رواه ابن أبي حاتم . وقد قال أبو يعلى في مسنده : حدثنا أبو موسى الزمن ، حدثنا عيسى بن شعيب الضرير أبو الفضل ، حدثنا الربيع بن سليمان النميري عن أبي عمرو بن أنس بن مالك ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كف غضبه كف الله عنه عذابه ، ومن خزن لسانه ستر الله عورته ، ومن اعتذر إلى الله قبل عذره " [ و ] هذا حديث غريب ، وفي إسناده نظر . وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا مالك ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " . وقد رواه الشيخان من حديث مالك . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، عن عبد الله ، هو ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ " قال : قالوا : يا رسول الله ، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه . قال : " اعلموا أنه ليس منكم أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله ، ما لك من مالك إلا ما قدمت ، ومال وارثك ما أخرت " . قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تعدون فيكم الصرعة ؟ " قلنا : الذي لا تصرعه الرجال ، قال : قال " لا ، ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب " . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تعدون فيكم الرقوب ؟ " قال : قلنا : الذي لا ولد له . قال : " لا ، ولكن الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا " . [ ص: 120 ] أخرج البخاري الفصل الأول منه وأخرج مسلم أصل هذا الحديث من رواية الأعمش ، به . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت عروة بن عبد الله الجعفي يحدث عن أبي حصبة ، أو ابن حصبة ، عن رجل شهد النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال : " تدرون ما الرقوب ؟ " قالوا الذي لا ولد له . قال : " الرقوب كل الرقوب الذي له ولد فمات ، ولم يقدم منهم شيئا " . قال : " تدرون ما الصعلوك ؟ " قالوا : الذي ليس له مال . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الصعلوك كل الصعلوك الذي له مال ، فمات ولم يقدم منه شيئا " . قال : ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما الصرعة ؟ " قالوا : الصريع . قال : فقال صلى الله عليه وسلم الصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضبه ، ويحمر وجهه ، ويقشعر شعره ، فيصرع غضبه " . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير ، حدثنا هشام - هو ابن عروة - عن أبيه ، عن الأحنف بن قيس ، عن عم له يقال له : جارية بن قدامة السعدي ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، قل لي قولا ينفعني وأقلل علي ، لعلي أعيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تغضب " . فأعاد عليه حتى أعاد عليه مرارا ، كل ذلك يقول : " لا تغضب " . وكذا رواه عن أبي معاوية ، عن هشام ، به . ورواه [ أيضا ] عن يحيى بن سعيد القطان ، عن هشام ، به ، أن رجلا قال : يا رسول الله ، قل لي قولا وأقلل علي لعلي أعقله . قال : " لا تغضب " . الحديث انفرد به أحمد . حديث آخر : قال أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رجل : يا رسول الله ، أوصني . قال : " لا تغضب " . قال الرجل : ففكرت حين قال صلى الله عليه وسلم ما قال ، فإذا الغضب يجمع الشر كله . انفرد به أحمد . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا داود بن أبي هند عن ابن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبي الأسود ، عن أبي ذر قال : كان يسقي على حوض له ، فجاء قوم قالوا أيكم يورد على أبي ذر ويحتسب شعرات من رأسه فقال رجل : أنا . فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقه ، وكان أبو ذر قائما فجلس ، ثم اضطجع ، فقيل له : يا أبا ذر ، لم جلست ثم اضطجعت ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : " إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " . ورواه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل بإسناده ، إلا أنه وقع في روايته : عن أبي حرب ، عن أبي [ ص: 121 ] ذر ، والصحيح : ابن أبي حرب ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، كما رواه عبد الله بن أحمد ، عن أبيه . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن خالد : حدثنا أبو وائل الصنعاني قال : كنا جلوسا عند عروة بن محمد إذ دخل عليه رجل ، فكلمه بكلام أغضبه ، فلما أن غضب قام ، ثم عاد إلينا وقد توضأ فقال : حدثني أبي ، عن جدي عطية - هو ابن سعد السعدي ، وقد كانت له صحبة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا أغضب أحدكم فليتوضأ " . وهكذا رواه أبو داود من حديث إبراهيم بن خالد الصنعاني ، عن أبي وائل القاص المرادي الصنعاني : قال أبو داود : أراه عبد الله بن بحير . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد ، حدثنا نوح بن جعونة السلمي ، عن مقاتل بن حيان ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنظر معسرا أو وضع له وقاه الله من فيح جهنم ، ألا إن عمل الجنة حزن بربوة - ثلاثا - ألا إن عمل النار سهل بسهوة . والسعيد من وقي الفتن ، وما من جرعة أحب إلى الله [ عز وجل ] من جرعة غيظ يكظمها عبد ، ما كظمها عبد لله إلا ملأ جوفه إيمانا " . انفرد به أحمد ، إسناده حسن ليس فيه مجروح ، ومتنه حسن . حديث آخر في معناه : قال أبو داود : حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - عن بشر - يعني ابن منصور - عن محمد بن عجلان ، عن سويد بن وهب ، عن رجل من أبناء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ملأه الله أمنا وإيمانا ، ومن ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه - قال بشر : أحسبه قال : " تواضعا " - كساه الله حلة الكرامة ، ومن زوج لله كساه الله تاج الملك " . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد ، حدثنا سعيد ، حدثني أبو مرحوم ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله على رءوس الخلائق ، حتى يخيره من أي الحور شاء " . ورواه أبو داود والترمذي ، وابن ماجه ، من حديث سعيد بن أبي أيوب ، به . وقال الترمذي : حسن غريب . [ ص: 122 ] حديث آخر : قال : عبد الرزاق : أخبرنا داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن رجل من أهل الشام - يقال له : عبد الجليل - عن عم له ، عن أبي هريرة في قوله تعالى : ( والكاظمين الغيظ ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كظم غيظا ، وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمنا وإيمانا " . رواه ابن جرير . حديث آخر : قال ابن مردويه : حدثنا أحمد بن محمد بن زياد ، أخبرنا يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا علي بن عاصم ، أخبرني يونس بن عبيد عن الحسن ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تجرع عبد من جرعة أفضل أجرا من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله " . وكذا رواه ابن ماجه عن بشر بن عمر ، عن حماد بن سلمة ، عن يونس بن عبيد ، به . فقوله : ( والكاظمين الغيظ ) أي : لا يعملون غضبهم في الناس ، بل يكفون عنهم شرهم ، ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل . ثم قال [ تعالى ] ( والعافين عن الناس ) أي : مع كف الشر يعفون عمن ظلمهم في أنفسهم ، فلا يبقى في أنفسهم موجدة على أحد ، وهذا أكمل الأحوال ، ولهذا قال : ( والله يحب المحسنين ) فهذا من مقامات الإحسان . وفي الحديث : " ثلاث أقسم عليهن : ما نقص مال من صدقة ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، ومن تواضع لله رفعه الله " . وروى الحاكم في مستدركه من حديث موسى بن عقبة ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة القرشي ، عن عبادة بن الصامت ، عن أبي بن كعب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من سره أن يشرف له البنيان ، وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه ، ويعط من حرمه ، ويصل من قطعه " . ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه وقد أورده ابن مردويه من حديث علي ، وكعب بن عجرة ، وأبي هريرة ، وأم سلمة ، بنحو ذلك . وروي عن طريق الضحاك ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة نادى مناد يقول : أين العافون عن الناس ؟ هلموا إلى ربكم ، وخذوا أجوركم ، وحق على كل امرئ مسلم إذا عفا أن يدخل الجنة " . ـــــــــــــــــــــــــــــ * المصدر :تفسير القرآن تفسير ابن كثير إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي دار طيبة سنة النشر: 1422هـ / 2002م رقم الطبعة: --- عدد الأجزاء: ثمانية أجزاء |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www7.0zz0.com/2018/01/21/00/607475566.gif
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ ، ثنا سُلَيْمَانُ الرَّمْلِيُّ ، ثنا عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا الْعَبْدُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُهَا عَلَيْهِمْ " . صلاة الليل سنة مؤكدة لقول الله سبحانه في صفة عباد الرحمن : (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ) وفي سورة الذاريات في صفة المتقين : ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) رواه مسلم - و صلاة الليل لها شأن عظيم والمشروع فيها أن تكون مثنى مثنى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى )متفق عليه - وأفضلها في آخر الليل إلا من خاف ألا يقوم في آخره فالأفضل له أن يصليها في أول الليل قبل أن ينام لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم في آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل ) رواه مسلم في صحيحه - وأقل صلاة الليل ركعة واحدة التي هي الوتر .. فإن أوتر بثلاث ركعات فالأفضل أن يسلم من اثنتين ويوتر بواحدة ، وهكذا إذا صلى خمسا يسلم من كل اثنتين ثم يوتر بواحدة وإن سرد الثلاث أو الخمس بسلام واحد ولم يجلس إلا في آخرها فلا حرج ، بل ذلك نوع من السنة لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في بعض تهجده كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سرد سبعا ولم يجلس إلا في آخرها وثبت عنه أنه في بعض الأحيان جلس بعد السادسة وأتم التشهد الأول ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة . وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه سرد تسعا وجلس في الثامنة وأتى بالتشهد الأول ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالتاسعة . ولكن الأفضل وهو الأكثر من عمله صلى الله عليه وسلم أن يسلم من كل اثنتين ثم يوتر بواحدة والأغلب من فعله صلى الله عليه وسلم أنه يوتر بإحدى عشرة ركعة ويسلم من كل ثنتين وربما أوتر بثلاث عشرة كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها وثبت أيضا أنه أوتر بثلاث عشرة من غير حديث عائشة يسلم من كل ثنتين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم . ومن صلى أكثر من ذلك فلا حرج . - وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه كان إذا شغله نوم أو مرض عن صلاة الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة . أخرجه مسلم في صحيحه . وعلى هذا فمن كانت عادته في الليل ثلاثا ونام عنها أو شغله عنها مرض صلى من النهار أربعا بتسليمتين ، وهكذا من كانت عادته أكثر يصلي من النهار مثل ذلك لكن يزيدها حتى يسلم من كل ثنتين تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكرته عنه عائشة رضي الله عنها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www12.0zz0.com/2018/01/19/15/566396793.jpg
من العجيب أن ترى التحية والسلام بين الناس في زماننا هذا أصبح بالإشارة السريعة أو الرد بكلمة ( أهلا ) أو صباح الخير أو مساء الخير وكانوا في الجاهلية يقولون عمتَ صباحا وعمتَ مساء ، وقد أبدلنا الإسلام بخير منهما ( السلام عليكم ورححمة الله وبركاته ) قال تعالى : ( وإذا حُييتم بتحيةٍ فردوا بأحسن منها أو ردوها ...) https://www12.0zz0.com/2018/01/19/15/266362190.jpg |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) )) (27 )لقمان .. قال المفسرون : نزلت بمكة ، قوله سبحانه وتعالى : " ويسئلونك عن الروح " ، إلى قوله : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ( الإسراء - 85 ) ، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا : يا محمد ، بلغنا عنك أنك تقول : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " أفعنيتنا أم قومك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : كلا قد عنيت ، قالوا : ألست تتلوا فيما جاءك أنا أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم " ، قالوا : يا محمد كيف تزعم هذا وأنت تقول : " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " ( البقرة - 269 ) ، فكيف يجتمع هذا علم قليل وخير كثير ؟ فأنزل الله هذه الآية . قال قتادة : إن المشركين قالوا : إن القرآن وما يأتي به محمد يوشك أن ينفد فينقطع ، فنزلت : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام ) ، أي : بريت أقلاما ( والبحر يمده ) قرأ أبو عمرو ويعقوب : " والبحر " بالنصب عطفا على " ما " ، والباقون بالرفع على الاستئناف ) ( يمده ) أي : يزيده ، وينصب فيه ) ( من بعده ) خلفه ( سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) وفي الآية اختصار تقديره : ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر يكتب بها كلام الله ما نفدت كلمات الله . ( إن الله عزيز حكيم ) وهذه الآية على قول عطاء بن يسار مدنية ، وعلى قول غيره مكية ، وقالوا : إنما أمر اليهود وفد قريش أن يسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقولوا له ذلك وهو بعد بمكة ، والله أعلم . ـــــــــــــــــــــــــــــ * المصدر : تفسير البغوي : https://library.islamweb.net/newlibra...om=1427&idto=1 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
(وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الزمر: 7] أما بعد: فالمسطور يبدئ ويعيد، في ثوب جديد، ويسفر بادي الحُسن وحروفه زكية، وسيماه: (قواعد قرآنية)، نقف فيه مع قاعدة من القواعد القرآنية العظيمة، التي تؤسس مبدأً شريف القدر، سامي الذرى، إنه مبدأ العدل، وهذه قاعدة طالما استشهد بها العلماء والحكماء والأدباء؛ لعظيم أثرها في باب العدل والإنصاف، تلكم هي ما دل عليها قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر: 7](1). والمعنى: أن المكلفين إنما يجازون بأعمالهم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وأنه لا يحمل أحدٌ خطيئةَ أحد ولا جريرتَه، ما لم يكن له يدٌ فيها، وهذا من كمال عدل الله تبارك وتعالى وحكمته. ولعل الحكمة من التعبير عن الإثم بالوزر؛ لأن الوزر هو الحمل ـ وهو ما يحمله المرء على ظهره ـ فعبر عن الإثم بالوزر لأنه يُتَخّيَلُ ثقيلاً على نفس المؤمن(2). وهذه القاعدة القرآنية تكرر تقريرها في كتاب الله تعالى خمس مرات، وهذا ـ بلا شك ـ له دلالته ومغزاه. وإن هذا المعنى الذي دلت عليه القاعدة ليس من خصائص هذه الأمة المحمدية، بل هو عام في جميع الشرائع، تأمل قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (*) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (*) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (*) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (*) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (*) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (*) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (*) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (*) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم: 33 - 41]. وهذا المعنى الذي قررته القاعدة لا يعارض ما دلّ عليه قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13]، وقولُه: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25]؛لأن هذه النصوص تدل على أن الإنسان يتحمل إثم ما ارتكب من ذنوب، وإثم الذين أضلهم بقوله وفعله، كما أن الدعاة إلى الهدى يثيبهم الله على عملهم وعمل من اهتدى بهديهم، واستفاد من علمهم. ولهذا لما اجتهد جماعة من صناديد الكفر في إبقاء بعض الناس على ما هم عليه من الكفر، أو حث من كان مؤمناً لينتقل من الإيمان إلى الكفر، أغروهم بخلاف هذه القاعدة تماماً، فقالوا ـ كما حكى الله عنهم ـ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [العنكبوت: 12، 13]. وإنك أخي المتوسم إذا تأملت في كلام العلماء في كتب التفسير والحديث والعقائد، والفقه، وغيرها رأيت عجباً من كثرة الاستدلال بهذه القاعدة في مواطن كثيرة: فكم من رأي نقضه فقيه بهذه الآية، بل كم مسألة عقدية صار الصواب فيها مع المستدل بهذه الآية، والمقام ليس مقام عرض لهذه المسائل، بل المقصود التنبيه على عظيم موقعها. وإذا أردنا أن نبحث عن أمثلة تطبيقية لهذه القاعدة في كتاب الله، فإن من أشهر الأمثلة وأظهرها تطبيق نبي الله يوسف صلى الله عليه وسلم لها، وذلك أنه حينما احتال على أخذ أخيه بنيامين، بوضع السقاية في رحل أخيه ـ في القصة المعروفة ـ جاء إخوته يقولون: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 78]} فأجابهم يوسف قائلاً: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ[يوسف: 79]}. قارن هذا ـ بارك الله فيك ـ بقول فرعون حينما قال له كَهَنته: إنه سيولد من بني إسرائيل غلامٌ ستكون نهاية ملكك على يده! لقد أصدر مرسومه الظالم الآثم بقتل جميع من يولد من بني إسرائيل ـ وهم آلاف وربما أضعاف ذلك بعشرات ـ من أجل طفلٍ واحد فقط!! ولكن الذي كان يقول للناس: أنا ربكم الأعلى لا يستغرب منه هذا الأمر الخُسْر! وفي الواقع ثمة أناس ساروا على هدي يوسف؛،فتراهم لا يؤاخذون إلا من أخطأ أو تسبب في الخطأ، ولا يوسعون دائرة اللوم على من ليس له صلة بالخطأ، بحجة القرابة أو الصداقة أو الزمالة ما لم يتبين خلاف ذلك! وفي المقابل فمن الناس من يأخذ المحسنين أو البرءاء بذنب المسيئين.. وإليك هذه الصورة التي قد تكرر كثيراً في واقع بيوتنا: يعود الرجل من عمله متعباً، فيدخل البيت فيجد ما لا يعجبه من بعض أطفاله: إما من إتلاف تحفة، أو تحطيم زجاجة، أو يرى ما لا يعجبه من قِبَلِ زوجته: كتأخرها في إعداد الطعام، أو زيادة ملوحة أو نقصها، أو غير ذلك من الأمور التي قد تستثير بعض الناس، فإذا افترضنا أن هذه المواقف مما تستثير الغضب، أو أن هناك خطأً يستحق التنبيه، أو التوبيخ، فما ذنب بقية الأولاد الذين لم يشاركوا في كسر تلك التحفة ـ مثلاً ـ؟! وما ذنب الأولاد أن يَصُبَّ عليهم جام غضبه إذا قصرت الزوجة في شيء من أمر الطعام؟! وما ذنب الزوجة ـ مثلاً ـ حينما يكون المخطئ هم الأولاد؟! ومثله يقال في علاقة المعلم والمعلمة مع طلابهم، أو المسؤول في عمله، بحيث لا ينقلوا مشاكلهم إلى أماكن عملهم، فيكون من تحت أيديهم من الطلاب والطالبات أو الموظفين ضحية لمشاكل ليس لهم فيها ناقة ولا جمل!! هنا يستحضر المؤمن أموراً، من أهمها: أن يتذكر هذه القاعدة القرآنية العظيمة: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} فإن هذا خيرٌ مآلاً وأحسن تأويلاً، وأقرب إلى العدل والقسط الذي قامت عليه السماوات والأرض. وثمة فهمٌ خاطئ لهذه القاعدة القرآنية، وهو أن بعضا الناس يظن أن هذه القاعدة مخالفة لما يراه من العقوبات الإلهية التي تعم مجتمعاً من المجتمعات، أو بلداً من البلاد، حينما تفشو المنكرات والفواحش والمعاصي، وسَبَبُ خطأ هذا الفهم، أن المنكر إذا استعلن به الناس، ولم يوجد من ينكره، فإن هذا ذنب عظيمٌ اشترك فيه كلُّ من كان قادراً على الإنكار ولم ينكر، سواءٌ كان الإنكار باليد أو باللسان أو بالقلب وذلك أضعف الإيمان، ولا عذر لأحد بترك إنكار القلب، فإذا خلا المجتمع من هذه الأصناف الثلاثة ـ عياذاً بالله ـ مع قدرة أهلها عليها استحقوا العقوبة، وإن وجد فيهم بعض الصالحين. تأمل معي قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25]! يقول العلامة السعدي(3): في تفسير هذه الآية: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} بل تصيب فاعل الظلم وغيره،وذلك إذا ظهر الظلم فلم يغير، فإن عقوبته تعم الفاعل وغيره،وتقوى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر، وقمع أهل الشر والفساد، وأن لا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما أمكن. ويوضح معنى هذه الآية الكريمة ما رواه الإمام أحمد: بسند حسن ـ كما يقول الحافظ ابن حجر(4) ـ من حديث عدي بن عميرة ا سمعت رسول الله ج يقول: "إن الله عز وجل لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم ـ وهم قادرون على أن ينكروه ـ فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة"(5). وروى الإمام أحمد: في مسنده (6) بسند جيد عن أبي بكر الصديق ا أنه خطب فقال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير ما وضعها الله {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} سمعت رسول الله ج يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر بينهم فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه". وفي صحيح مسلم عن زينب بنت جحش ل أنها سألت رسول الله ج فقالت له: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث". والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وفيرة، يضيق المقام بذكرها وعرضها، والمقصود إزالة هذا الإشكال الذي قد يعرض لبعض القارئين في فهم هذه القاعدة القرآنية، والله سبحانه وتعالى أعلم. و قبيل أن أضع شباة القلم، أجره إلى قول المؤمل المحاربي: قَد بَيَّنَ الله في الكتاب *** فلا وازِرَةٌ غَيرَ وِزرِها تزرُ ______________ (1) وقد نص على كونها قاعدة الإمام المجدد في تفسيره: (57). (2) ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور 5/293. (3) تفسير السعدي (318). (4) فتح الباري لابن حجر (13/4). (5) المسند 29/258 رقم (17720). (6) المسند 1/178. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ المصدر الرقمي : https://almoslim.net/node/113138 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) الشورى (28) قوله عز وجل : ( وهو الذي ينزل الغيث ) المطر ، ( من بعد ما قنطوا ) يعني : من بعد ما يئس الناس منه ، وذلك أدعى لهم إلى الشكر . قال مقاتل : حبس الله المطر عن أهل مكة سبع سنين حتى قنطوا ، ثم أنزل الله المطر فذكرهم الله نعمته . ( وينشر رحمته ) يبسط مطره كما قال : " وهو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته " . ( الأعراف - 75 ( وهو الولي ) لأهل طاعته ، ( الحميد ) عند خلقه .( * ) ...مما يؤمن به المجتهد العبد لله : أن في هذه الأية سر الإغاثة بدعاء ؛ يا الله يا ولي ياحميد اسقنا الغيث و لا تجعلنا من القانطين ...اللهم آمين ..بعد قراءة الآية بعدد على المدد ( **) ــــــــــ * تفسير البغوي / الرابط الرقمي : https://library.islamweb.net/newlibra...1&ID=1679#docu ** سماعا عن الشيخ الإمام يونس بن محمد حفظه الله ورعاه... |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www3.0zz0.com/2018/01/27/04/144926091.gif [ إصلاح ذات البين](*) لا ريب أن الشقاق والخلاف من أخطر أسلحة الشيطان الفتاكة الَّتي يوغر بها صدور الخلق ، لينفصلوا بعد اتحاد ، ويتنافروا بعد اتفاق ، ويتعادوا بعد أُخوَّة ، وقد اهتمَّ الإسلام بمسألة احتمال وقوع الخلاف بين المؤمنين وأخذها بعين الاعتبار ؛ وذلك لأن المؤمنين بَشَر يخطئون ويصيبون ، ويعسر أن تتَّفق آراؤهم أو تتوحَّد اتجاهاتهم دائماً ، ولهذا عالج الإسلام مسألة الخلاف على اختلاف مستوياتها بدءاً من مرحلة المشاحنة والمجادلة ، ومروراً بالهجر والتباعد ، وانتهاءً بمرحلة الاعتداء والقتال ، والإسلام دين يتشوّف إلى الصلح ويسعى له وينادي إليه ، وليس ثمة خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة يصلح فيها العبد بين اثنين ويقرب فيها بين قلبين ، فبالإصلاح تكون الطمأنينة والهدوء والاستقرار والأمن وتتفجر ينابيع الألفة والمحبة . أهمية الإصلاح . 1. الإصلاح عبادة جليلة وخلق جميل يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو خير كله " والصلح خير " [ النساء : 128 ] 2. بالإصلاح تكون الأمة وحدة متماسكة ، يعز فيها الضعف ويندر فيها الخلل ويقوى رباطها ويسعى بعضها في إصلاح بعض . 3. بالإصلاح يصلح المجتمع وتأتلف القلوب وتجتمع الكلمة وينبذ الخلاف وتزرع المحبة والمودة . 4. الإصلاح عنوان الإيمان في الإخوان " إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ " [ الحجرات : 10 ] 5. إذا فقد الإصلاح هلكت الشعوب والأمم وفسدت البيوت والأسر وتبددت الثروات وانتهكت الحرمات وعم الشر القريب والبعيد . 6. الذي لا يقبل الصلح ولا يسعى فيه رجل قاسي القلب قد فسد باطنه وخبثت نيته وساء خلقه وغلظت كبده فهو إلى الشر أقرب وعن الخير أبعد . 7. المصلح قلبه من أحسن القلوب وأطهرها ، نفسه تواقة للخير مشتاقة ، يبذل جهده ووقته وماله من أجل الإصلاح . الله يصلح بين المؤمنين . ومن عظيم بركة الرب وعفوه ورحمته أنه يصلح بين المؤمنين يوم القيامة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي ؟ فقال : رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة ، فقال أحدهما : يا رب خذ لي مظلمتي من أخي ، فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ للطالب : فكيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء ؟ قال : يا رب فليحمل من أوزاري ، قال : وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال : إن ذاك اليوم يحتاج الناس إلى من يُحمل عنهم من أوزارهم ، فقال الله تعالى للطالب : ارفع بصرك فانظر في الجنان ، فرفع رأسه فقال : يا رب أرى مدائن من ذهب وقصور من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا ؟ أو لأي صديق هذا ؟ أو لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن ، قال : يا رب ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه ، قال : بماذا ؟ قال : بعفوك عن أخيك ، قال : يا رب فإنى قد عفوت عنه ، قال الله عز وجل : فخذ بيد أخيك فأدخله الجنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك " اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله يصلح بين المؤمنين " [ رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ] ميادين الإصلاح . 1. في الأفراد والجماعات ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ " [ رواه البخاري ] 2. في الأزواج والزوجات ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ : أَيْنَ ابْنُ عَمِّك ؟ِ قَالَت:ْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي ، فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِنْسَان:ٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ فَجَاءَ فَقَال:َ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: قُمْ أَبَا تُرَابٍ ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ " [ رواه البخاري ] 3. بين المتداينين ، عن كَعْبٍ بن مالك أَنَّه تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتٍه فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ : يَا كَعْبُ فَقَالَ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه، ِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ فَقَالَ كَعْب:ٌ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُمْ فَاقْضِه " [ رواه البخاري ] . 4. في الأقارب والأرحام ، حُدِّثَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ : وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لأحْجُرَنَّ عَلَيْهَا فَقَالَتْ أَهُوَ قَالَ هَذَا ؟ قَالُوا : نَعَم.ْ قَالَتْ : هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا ، فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا حِينَ طَالَتْ الْهِجْرَةُ فَقَالَتْ : لا وَاللَّهِ لا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا وَلا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَقَالَ لَهُمَا أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ فَإِنَّهَا لا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي ، فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَال: السَّلامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَنَدْخُل ؟ُ قَالَتْ عَائِشَة:ُ ادْخُلُوا ، قَالُوا كُلُّنَا . قَالَت:ْ نَعَم ادْخُلُوا كُلُّكُمْ . وَلا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي وَطَفِقَ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إلاَّ مَا كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ وَيَقُولانِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنْ الْهِجْرَةِ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِنْ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا نَذْرَهَا وَتَبْكِي وَتَقُول:ُ إِنِّي نَذَرْتُ وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ فَلَمْ يَزَالا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتْ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا " [ رواه البخاري ] 5. في القبائل والطوائف ، عن أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ حِمَارًا فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ َقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِك.َ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأنْصَارِ مِنْهُم:ْ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْك.َ فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَه ،ُ فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأيْدِي وَالنِّعَالِ فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ " وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا " [ رواه البخاري ] 6. في الأموال والدماء ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ ، فَقَالَ الَّذِي شرى الأرْضُ : إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا ، قال : فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ : أَلَكُمَا وَلَدٌ ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا لِي غُلامٌ وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ قَالَ أَنْكِحُوا الْغُلامَ الْجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِكمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا " [ رواه مسلم ] 7. في النزاع والخصومات ، عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : سَمِع رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَ ، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ يَقُول:ُ وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقَالَ أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ ؟ فَقَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ " [ رواه البخاري ] فقه الإصلاح . الإصلاح عزيمة راشدة ونية خيرة وإرادة مصلحة ، والأمة تحتاج إلى إصلاح يدخل الرضا على المتخاصمين ، ويعيد الوئام إلى المتنازعين ، إصلاح تسكن به النفوس وتأتلف به القلوب ، ولا يقوم به إلا عصبة خيرة من خلق الله ، شرفت أقدارهم ، وكرمت أخلاقهم ، وطابت منابتهم ، وللإصلاح فقه ومسالك دلت عليها نصوص الشرع وسار عليها المصلحون المخلصون ، ومنها : 1. استحضار النية الصالحة وابتغاء مرضاة الرب جل وعلا " ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله نؤتيه أجرا عظيما " [ النساء : 114 ] 2. تجنب الأهواء الشخصية والمنافع الدنيوية فهي مما يعيق التوفيق في تحقيق الهدف المنشود . 3. لزوم العدل والتقوى في الصلح ، لأن الصلح إذا صدر عن هيئة اجتماعية معروفة بالعدالة والتَّقوى وجب على الجميع الالتزام به والتقيُّد بأحكامه إذعاناً للحقِّ وإرضاءً للضمائر الحيَّة " فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا " [ الحجرات : 9 ] 4. أن يكون المصلح عاقلا حكيما منصفاً في إيصال كلِّ ذي حقٍّ إلى حقِّه مدركا للأمور متمتعا بسعة الصدر وبُعد النظر مضيقا شقَّة الخلاف والعداوة ، محلا المحبَّة والسلام . 5. سلوك مسلك السر والنجوى ، ولئن كان كثير من النجوى مذموماً إلا أنه في هذا الموطن محمود " لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ " [ النساء :114] . 6. الحذر من فشو الأحاديث وتسرب الأخبار والتشويش على الفهوم مما يفسد الأمور المبرمة والاتفاقيات الخيرة ، لأن من الناس من يتأذى من نشر مشاكله أمام الناس ، وكلما ضاق نطاق الخلاف كان من السهل القضاء عليه. 7. اختيار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين حتى يؤتي الصلح ثماره ويكون أوقع في النفوس . 8. أن يكون الصلح مبنيا على علم شرعي يخرج المتخاصمين من الشقاق إلى الألفة ومن البغضاء إلى المحبة . 9. التلطف في العبارة واختيار أحسن الكلم في الصلح ولما جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّك ؟ وفيه دليل على الاستعطاف بذكر القرابة . 10. استحباب الرفق في الصلح وترك المعاتبة إبقاء للمودة ، لأن العتاب ي*** الحقد ويوغر الصدور ، وقد كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري : رد الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن " 11. ابدأ بالجلسات الفردية بين المتخاصمين لتليين قلبيهما إلى قبول الصلح مع الثناء على لسان أحدهما للآخر . 12. وأخيرا .. الدعاء الدعاء بأن يجعل الله التوفيق حليفك وأن يسهل لك ما أقدمت عليه مع البراءة إليه سبحانه من قوتك وقدرتك وذكائك وإظهار العجز والشدة والحاجة إليه للتأييد والتوفيق . الأمر بإصلاح ذات البين في القرآن الكريم . * قال تعالى " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم " [ البقرة : 182 ] * قال تعالى " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم " [ البقة : 224 ] * قال تعالى " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما " [ النساء : 114 ] * قال تعالى " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير " [ النساء : 128 ] * قال تعالى " ... فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما " [ النساء : 129 ] * قال تعالى" إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون " [ الحجرات : 10 ] * " وأًصلحوا ذات بينكم ". ومعنى ذات البين : صاحبة البين ، والبين في كلام العرب يأتي على وجهين متضادين : 1. الفراق والفرقة ومعناه : إصلاح صاحبة الفرقة بين المسلمين بإزالة أسباب الخصام والتسامح والعفو ، وبهذا الإصلاح يذهب البين وتنحل عقدة الفرقة . 2. الوصل ومعناه : ومعناه : إصلاح صاحبة الوصل والتحابب والتآلف بين المسلمين ، وإصلاحها يكون برأب ما تصدع منها وإزالة الفساد الذي دبّ إليها بسبب الخصام والتنازع على أمر من أمور الدنيا " [ الأخلاق الإسلامية للميداني 2/230 ] فضل الإصلاح والمصلح . * قال تعالى " والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين " [ الأعراف : 170 ] * قال تعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين " * " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا : بلى ، قال : صلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة " [ رواه أبو داود ] * " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار على أن يعقلوا معاقلهم ، وأن يفدوا عانيهم بالمعروف [ العاني الأسير ] والإصلاح بين المسلمين " [ رواه أحمد ] * " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا شريك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا " [ رواه مسلم ] * " ما عمل ابن آدم شيئاً أفضل من الصلاة , وصلاح ذات البين , وخلقِ حسن " [ الصحيحة : 1448 ] * " كل سلامي من الناس عليه صدقة ، كل يوم يعدل بين الناس صدقة " [ رواه البخاري ] * قال أنس رضي الله عنه " من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة " الكذب في الإصلاح . 1. عن أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بن أبي معيط وكانت من المهاجرات الأول التي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول " لَيْسَ الْكَذابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي [ بدون تشديد بمعنى نقل ما فيه خير وصلاح وبالتشديد الإفساد ] خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا " [ رواه البخاري ] 2. قال بن شهاب : ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها " [ رواه البخاري ] أعدل الصلح . قال بن القيم رحمه الله " فالصلح الجائز بين المسلمين هو يعتمد فيه رضي الله سبحانه ورضي الخصمين ، فهذا أعدل الصلح وأحقه ، وهو يعتمد العلم والعدل ، فيكون المصلح عالما بالوقائع ، عارفا بالواجب ، قاصدا العدل ، فدرجة هذا أفضل من درجة الصائم القائم " [ أعلام الموقعين 1 / 109 ـ 110 ] وأخيرا .. إن المكـارم كلها لو حصلت ...... رجـعت جمـلتها إلى شـيئين تعظيم أمر الله جـل جـلاله ...... والسعي في إصلاح ذات البيـن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * سلمان بن يحي المالكي : بتصرف ، الرابط الرقمي : https://saaid.net/Doat/slman/147.htm |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } [البقرة (156) ] " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " ..... ليست مجرد تعزية ما أروعها من جمة ، وما أطيبها من كلمة ، جامعة مانعة ، تجمع بين السهولة والقوة ؛ سهولة اللفظ وقوة المعنى ، وبين العبودية والعزة ، عبودية المخلوق للخالق ؛ وعزة المخلوق بخالقه . جرت العادة أن هذه الكلمة إذا سُمعت فإنها تُوحي بمصيبة وهذا ما جاءت في القرآن لأجله؛قال الله سبحانه وتعالى : {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }البقرة156 ولذلك ينطقها اللسان بنبرات حزينة وربما برأس مخفوض ووجه عبوس وقلب مكلوم. نعم هي ترافق المصيبة وتأتي معها ؛ لكن لا لتزيدها أو تعمّق جراحها بل لتخففها وتقوي الصبر عليها ؛ وهل التعزية إلا التقوية !!؟ يقولها أهل المصائب مؤمنون بها مستسلمون لحكمها {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }آل عمران174 إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ تدعو إلى التفاؤل وتعني التسلية عن المصاب وتهدف إلى رفع الروح المعنوية واستقرار الحالة النفسية وهي حصن للمسلم من الوقوع في عدم الرضا بالقضاء ومنجاة له من الاعتراض على القدر . إنها تخاطب المصاب ألا تحزن فأنت ملكٌ لله سبحانه ، وألا تتشاءم فأنت قادمٌ على الله سبحان وتعالى ومن فقدت فهو ملك لله وقادم إليه وألا تيأس وألا تستلم وألا تقعد عن العمل . " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " إنها اعتراف وإقرار من المصاب بأنّه وما أُصيب فيه وما فقده من مال أو أهل أو نحوه وكل شيء حوله كل ذلك لله سبحانه وتعالى . وما دام الأمر كذلك وما دام أننا وما نملك وما نحب وما نجمع : ملك لله ، فليفعل الله بنا ما يشاء وليأخذ منا ما يشاء ، ولترضى النفس ولتطمئن الروح " فإنّا إليه راجعون " . إذن : نحن ملكٌ لله وراجعون إليه فلماذا تقتلنا الأحزان وتهلكنا !؟ لماذا يقتلنا الحزن على حبيب سبقنا إلى الله ؟!! ولماذا يفتك بنا الحزن ونحن وما نملك : ملكٌ الله ؟!! إذا تيقّنا أنّ من فقدناه منّا فقد سبقنا إلى الله ، وأننا وإن تأخرنا سنلحق به : فلنسعد ولنستعد. " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " فهو كما قال إبراهيم عليه السلام : {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ{78} وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ{79} وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ{80} وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ{81} الشعراء " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " ما أعظمها من تعزية ، ولأنّ التعزية تعني التقوية ، فكانت هذه الجملة العظيمة تقوية للمصاب لا تضاهيها أي تقوية إذا كانت عقيدة وبيقين وتسليم ومن قلب سليم تقوّى بها السحرة الذين آمنوا برب موسى وهارون على فرعون لمّا هددهم بتقطيع أيديهم وأرجلهم وصلبهم تعزوا:{قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ }الأعراف125و{قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ }الشعراء50 أي : لا ضرر علينا فيما يلحقنا من عقاب الدنيا, إنا راجعون إلى ربنا فيعطينا النعيم المقيم ( التفسير الميسر ) ولا نختلف أن الحزن أمر طبيعي وفطري في البشر وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن[1] على مفقود لكن لا بد للمصاب من تسلية وتقوية فكانت هذه الهبة الربانية " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً }النساء87. " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " { لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ }آل عمران153 لذلك كانت جائزة أهلها المؤمنون بها الذين امتثلوا القول بها لمّا أصابتهم المصيبة : {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }البقرة157 " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " منهج تربوي رباني في التعامل مع المصائب والموقف منها يحمينا بإذن الله من شر الأمراض النفسية والحالات العصبية الناتجة عن التأثر بالمصائب ويجعل بيننا وبينها ما بين المشرق والمغرب ويكفينا عناء البحث عن الأدوية والعقاقير المهدِّأة والتنقل بين العيادات للبحث عن علاجات . " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " علاج وجائزة . " ليست مجرد تعزية " وصلى الله على محمد وآله وصحبه والحمد لله رب العالمين ---------------------- [1] ) انظر حديث رقم : 2931 في صحيح الجامع . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ المصدر الرقمي : بتصرف عن : https://saaid.net/Doat/nashmi/29.htm |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73))[الحج:73 ] أعقبت تضاعيف الحجج والمواعظ والإنذارات التي اشتملت عليها السورة مما فيه مقنع للعلم بأن إله الناس واحد وأن ما يُعبد من دونه باطل ، أعقبت تلك كلها بمثَل جامع لوصف حال تلك المعبودات وعابديها . والخطاب ب { يا أيها الناس } للمشركين لأنهم المقصود بالردّ والزجر وبقرينة قوله : { إن الذين تدعون } على قراءة الجمهور { تدعون } بتاء الخطاب . فالمراد ب { الناس } هنا المشركون على ما هو المصطلح الغالب في القرآن . ويجوز أن يكون المراد ب { الناس } جميعَ الناس من مسلمين ومشركين . وفي افتتاح السورة ب { يا أيها الناس } وتنهيتها بمثل ذلك شبه بردّ العجز على الصدر . ومما يزيده حسناً أن يكون العجز جامعاً لما في الصدر وما بَعده ، حتى يكون كالنتيجة للاستدلال والخلاصةِ للخطبة والحَوصلة للدرس . وضرب المثل : ذِكرهُ وبيانُه؛ استعير الضرب للقول والذكر تشبيهاً بوضع الشيء بشدّة ، أي ألقي إليكم مثَل . وتقدم بيانه عند قوله تعالى : { أن يضرب مثلاً ما } في [ سورة البقرة : 26 ]. وبني فعل { ضُرب } بصيغة النائب فلم يذكر له فاعل بعكس ما في المواضع الأخرى التي صُرّح فيها بفاعل ضَرْب المثل نحو قوله تعالى : { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } في [ سورة البقرة : 26 ] و { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً } في [ سورة النحل : 75 ] و { ضرب الله مثلاً رجلاً } في [ سورة الزمر : 29 ] و { ضرب الله مثلاً رجلين } في [ سورة النحل : 76 ]. إذ أسند في تلك المواضع وغيرها ضَرب المثل إلى الله ، ونحو قوله : { فلا تضربوا لله الأمثال } في [ سورة النحل : 74 ]. و { ضرب لنا مثلاً ونسي خلقه } في [ سورة يس : 78 ] ، إذ أسند الضرب إلى المشركين ، لأنّ المقصود هنا نسج التركيب على إيجاز صالح لإفادة احتمالين : أحدهما : أن يقدّر الفاعل الله تعالى وأن يكون المثَل تشبيهاً تمثيلياً ، أي أوضح الله تمثيلاً يوضح حال الأصنام في فرط العجز عن إيجاد أضعف المخلوقات كما هو مشاهد لكلّ أحد . والثاني : أن يقدّر الفاعل المشركين ويكون المثَل بمعنى المُماثل ، أي جعلوا أصنامهم مُماثلة لله تعالى في الإلهية . وصيغة الماضي في قوله { ضُرب } مستعملة في تقريب زَمن الماضي من الحال على الاحتمال الأول ، نحو قوله تعالى : { لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً } [ النساء : 9 ] ، أي لو شارفوا أن يَتركوا ، أي بعد الموت . وجملة { إن الذين تدعون من دون الله } إلى آخرها يجوز أن تكون بياناً لفعل { ضُرب } على الاحتمال الأول في التقدير ، أي بين تمثيل عجيب . ويجوز أن تكون بياناً للفظ { مثَل } لما فيها من قوله : { تدعون من دون الله } على الاحتمال الثاني . وفرع على ذلك المعنى من الإيجاز قوله : { فاستمعوا له } لاسترعاء الأسماع إلى مُفاد هذا المثَل مما يبطل دعوى الشركة لله في الإلهية ، أي استمعوا استماع تَدبّر . فصيغة الأمر في { استمعوا له } مستعملة في التحريض على الاحتمال الأول ، وفي التعجيب على الاحتمال الثاني . وضمير { له } عائد على المثَل على الاحتمال الأول لأنّ المثل على ذلك الوجه من قبيل الألفاظ المسموعة ، وعائدٌ على الضّرب المأخوذ من فعل { ضُرب } على الاحتمال الثاني على طريقة { اعدلوا هو أقرب للتقوى } [ المائدة : 8 ] ، أي استمعوا للضرب ، أي لما يدلّ على الضرب من الألفاظ ، فيقدر مُضاف بقرينة { استمعوا } لأن المسموع لا يكون إلاّ ألفاظاً ، أي استمعوا لما يدلّ على ضرب المثل المتعجّب منه في حماقة ضاربيه . واستعملت صيغة الماضي في { ضُرب } مع أنه لمَّا يُقَلْ لتقريب زمن الماضي من الحال كقوله : { لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً } [ النساء : 9 ] ، أي لو قاربوا أن يتركوا ، وذلك تنبيه للسامعين بأن يتهيأوا لتلقي هذا المثل ، لما هو معروف لدى البلغاء من استشرافهم للأمثال ومواقعها . والمَثل : شاع في تشبيه حالة بحالة ، كما تقدّم في قوله { مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً } في [ سورة البقرة : 17 ] ، فالتشبيه في هذه الآية ضمني خفيّ ينبىء عنه قوله : { ولو اجتمعوا له } وقوله { لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب }. فشُبهت الأصنام المتعددة المتفرقة في قبائل العرب وفي مكّة بالخصوص بعظماء ، أي عند عابديها . وشبهت هيئتها في العجز بهيئة ناس تعذّر عليهم خلق أضعف المخلوقات ، وهو الذباب ، بلْهَ المخلوقات العظيمة كالسماوات والأرض . وقد دلّ إسناد نفي الخلق إليهم على تشبيههم بذوي الإرادة لأنّ نفي الخلق يقتضي محاولة إيجاده ، وذلك كقوله تعالى : { أموات غير أحياء } كما تقدم في [ سورة النحل : 21 ]. ولو فرض أن الذباب سلبهم شيئاً لم يستطيعوا أخذه منه ، ودليل ذلك مشاهدة عدم تحركهم ، فكما عجزت عن إيجاد أضعف الخلق وعن دفع أضعف المخلوقات عنها فكيف تُوسم بالإلهية ، ورمز إلى الهيئة المشبه بها بذكر لوازم أركان التشبيه من قوله { لن يخلقوا } وقوله { وإن يسلبهم الذباب شيئاً } إلى آخره ، لا جرم حصل تشبيه هيئة الأصنام في عجزها بما دون هيئة أضعف المخلوقات فكانت تمثيلية مكنية . وفسر صاحب «الكشاف» المثل هنا بالصفة الغريبة تشبيهاً لما ببعض الأمثال السائرة . وهو تفسير بما لا نظير له ولا استعمال يعضده اقتصاداً منه في الغوص عن المعنى لا ضُعفاً عن استخراج حقيقة المثل فيها وهو جُذَيعُها المحكّك وعُذيقها المرجب ولكن أحسبه صادف منه وقت سرعة في التفسير أو شغلاً بأمر خطير ، وكم ترك الأول للأخير . وفرع على التهيئة لتلقي هذا المثل الأمر بالاستماع له وإلقاء الشراشر لوعيه وترقب بيان إجماله توخيّاً للتفطّن لما يتلى بعد . وجملة { إن الذين تدعون } الخ بيان ل { مثل } على كلا الاحتمالين السابقين في معنى { ضرِب مَثل } ، فإن المثَل في معنى القول فصحّ بيانه بهذا الكلام . وأكد إثبات الخبر بحرف توكيد الإثبات وهو ( إن ) ، وأكد ما فيه من النفي بحرف توكيد النفي ( لَن ) لتنزيل المخاطبين منزلة المنكرين لمضمون الخبر ، لأنّ جعلهم الأصنام آلهة يقتضي إثباتهم الخلق إليها وقد نفي عنها الخلق في المستقبل لأنه أظهر في إقحام الذين ادعوا لها الإلهية لأنّ نفي أن تخلق في المستقبل يقتضي نفي ذلك في الماضي بالأحرى لأن الذي يفعل شيئاً يكون فعله من بعد أيسر عليه . وقرأ الجمهور { تَدْعُون } بتاء الخطاب على أن المراد بالنّاس في قوله : { يا أيها الناس } خصوصَ المشركين . وقرأه يعقوب بياء الغيبة على أن يقصد ب { يا أيها الناس } جميع الناس وأنّهم عُلِموا بحال فريق منهم وهم أهل الشرك . والتقدير : إن الذين يدعون هم فريق منكم . والذّباب : اسم جمععِ ذبابة ، وهي حشرة طائرة معروفة ، وتجمع على ذِبّان بكسر الذال وتشديد النون ولا يُقال في العربية للواحدة ذِبّانة . وذكر الذّباب لأنه من أحقر المخلوقات التي فيها الحياة المشاهدة . وأما ما في الحديث في المصورين قال الله تعالى : «فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة» فهو في سياق التعجيز لأنّ الحبّة لا حياة فيها والذرة فيها حياة ضعيفة . وموقع { لو اجتمعوا له } موقع الحال ، والواو واو الحال ، و ( لو ) فيه وصلية . وقد تقدّم بيان حقيقتها عند قوله : { فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به } في [ سورة آل عمران : 91 ]. أي لن يستطيعوا ذلك الخلق وهم مفترقون ، بل ولو اجتمعوا من مفترق القبائل وتعاونوا على خلق الذباب لن يخلقوه . والاستنقاذ : مبالغة في الإنقاذ مثل الاستحياء والاستجابة . وجملة { ضعف الطالب والمطلوب } تذييل وفذلكة للغرض من التمثيل ، أي ضعف الداعي والمدعو ، إشارة إلى قوله : { إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً } الخ ، أي ضعفتم أنتم في دعوتهم آلهة وضعفت الأصنام عن صفات الإله . وهذه الجملة كلام أرسل مثلاً ، وذلك من بلاغة الكلام . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ تفسير ابن عاشور المصدر الرقمي : https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tanweer/sura22-aya73.html |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
(مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )[الحج:74] قال الحسن والفراء : أي ما عظموه سبحانه حق تعظيمه فإن تعظيمه تعالى حق تعظيمه أن يوصف بما وصف به نفسه ويعبد كما أمر أن يعبد وهؤلاء لم يفعلوا ذلك فإنهم عبدوا من دونه من لا يصلح للعبادة أصلا وفي ذلك وصفه سبحانه بما نزه عنه سبحانه من ثبوت شريك له عز وجل . وقال الأخفش : أي ما عرفوه حق معرفته فإن معرفته تعالى حق معرفته التصديق به سبحانه موصوفا بما وصف به نفسه وهؤلاء لم يصدقوا به كذلك لشركهم به وعبادتهم من دونه من سمعت حاله ، وقيل : حق المعرفة أن يعرف سبحانه بكنهه وهذا هو المراد في قوله عليه الصلاة والسلام «سبحانك ما عرفناك حق معرفتك » . وأنت تعلم أن الظاهر أن قوله تعالى : ما قدروا إلخ إخبار عن المشركين وذم لهم ومتى كان المراد منه نفي المعرفة بالكنه كان الأمر مشتركا بينهم وبين الموحدين فإن المعرفة بالكنه لم تقع لأحد من الموحدين أيضا عند المحققين ويشير إلى ذلك الخبر المذكور لدلالته على عدم حصولها لأكمل الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام وإذا لم تحصل له صلى الله عليه وسلم فعدم حصولها لغيره بالطريق الأولى ، واحتمال حمل المعرفة المنفية فيه على اكتناه الصفات لا يخفى حاله ، وكذا احتمال حصول المعرفة بالكنه له عليه الصلاة والسلام بعد الإخبار المذكور ، وقوله صلى الله عليه وسلم : «تفكروا في آلاء الله تعالى ولا تفكروا في ذاته فإنكم لن تقدروا قدره » . والظاهر عموم الحكم دون اختصاصه بالمخاطبين إذ ذاك ، وقول الصديق الأكبر رضي الله تعالى عنه : العجز عن درك الإدراك إدراك ، وقول علي كرم الله تعالى وجهه متما له بيتا : والبحث عن سر ذات الله إشراك . بل قال حجة الإسلام الغزالي وشيخه إمام الحرمين والصوفية والفلاسفة بامتناع معرفته سبحانه بالكنه ، ونقل عن أرسطو أنه قال في ذلك : كما تعتري العين عند التحديق في جرم الشمس ظلمة وكدورة تمنعها عن تمام الإبصار كذلك تعتري العقل عند إرادة اكتناه ذاته تعالى حيرة ودهشة تمنعه عن اكتناهه سبحانه . [ ص: 203 ] ولا يخفى أنه لا يصلح برهانا للامتناع وغاية ما يقال : إنه خطابي لا يحصل به إلا الظن الغير الكافي في مثل هذا المطلب ، ومثله الاستدلال بأن جميع النفوس المجردة البشرية وغيرها مهذبة كانت أو لا أنقص تجردا تنزها من الواجب تعالى والأنقص يمتنع له اكتناه من هو أشد تجردا وتنزها منه كامتناع اكتناه الماديات للمجردات ، وكذا الاستدلال بكونه تعالى أقرب إلينا من حبل الوريد فيمتنع إدراكه كما يمتنع إدراك البصر ما اتصل به ، وأحسن من ذلك كله ما قيل : إن معرفة كنهه ليست بديهية بالضرورة بالنسبة إلى شخص وإلى وقت فلا تحصل لأحد في وقت بالضرورة فتكون كسبية والكسب إما بحد تام أو ناقص وهو محال مستلزم لتركب الواجب لوجوب تركب الحد من الجنس القريب أو البعيد ومن الفصل مع أن الحد الناقص لا يفيد الكنه ، وأما الحد البسيط بمفرد فمحال بداهة فإن ذلك المفرد إن كان عين ذاته يلزم توقف معرفة الشيء على معرفة نفسه من غير مغايرة بينهما ولو بالإجمال والتفصيل كما في الحد المركب مع حده التام ، وإن كان غيره فلا يكون حدا بل هو رسم أو مفهوم آخر غير محمول عليه وإما برسم تام أو ناقص ولا شيء منهما مما يفيد الكنه بالضرورة . واعترض بأن عدم إمكان البداهة بالنسبة إلى جميع الأشخاص وإلى جميع الأوقات يحتاج إلى دليل فربما تحصل بعد تهذيب النفس بالشرائع الحقة وتجريدها عن الكدورات البشرية والعوائق الجسمانية ، ولو سلمنا عدم إمكان البداهة كذلك فلنا أن نختار كون المعرفة مما تكتسب بالحد التام المركب من الجنس والفصل وغاية ما يلزم منه التركيب العقلي وليس بمحال إلا إن قلنا بأنه يستلزم التركيب الخارجي المستلزم للاحتياج إلى الأجزاء المنافي لوجوب الوجود ، ونحن لا نقول بذلك لأن المختار عند جمع أن أجزاء الماهية مأخوذة من أمر واحد بسيط وهي متحدة ماهية ووجودا فتكون أمورا انتزاعية لا حقيقته فلا استلزام ، نعم يكون ذلك إن قلنا : إن الأجزاء مأخوذة من أمور متغايرة بحسب الخارج لكن لا نقول به لأنه إن قيل حينئذ بتغاير الأجزاء أنفسها ماهية ووجودا كما ذهب إليه طائفة يرد لزوم عدم صحة الحمل بينها ضرورة أن الموجودين بوجودين متغايرين لا يحمل أحدهما على الآخر كزيد وعمر و ، وإن قيل بتغايرها ماهية لا وجودا ليصح الحمل كما ذهب إليه طائفة أخرى يرد لزوم قيام الوجود الواحد بالشخص بموجودات متعددة متغايرة بالماهية ، ولو سلمنا الاستلزام بين التركيب العقلي والتركب الخارجي فلنا أن نقول : لا نسلم أنه لا شيء من الرسم مما يفيد الكنه بالضرورة كيف وهو مفيد فيما إذ كان الكنه لازما للرسم لزوما بينا بالمعنى الأخص بل يمكن إفادة كل رسم إياه على قاعدة الأشعري من استناد جميع الممكنات إليه تعالى بلا شرط وإن لم تقع تلك الإفادة أصلا إذ الكلام في امتناع حصول الكنه بالكسب كذا قالوا ( : واستدل الملا صدرا على نفي الأجزاء العقلية له تعالى بأن حقيقته سبحانه آنية محضة ووجود بحت فلو كان له عز وجل جنس وفصل لكان جنسه مفتقرا إلى الفصل لا في مفهومه ومعناه بل في أن يوجد ويحصل بالفعل فحينئذ يقال : ذلك الجنس لا يخلو إما أن يكون وجودا محضا أو ماهية غير الوجود ، فعلى الأول يلزم أن يكون ما فرضنا فصلا ليس بفصل إذ الفصل ما به يوجد الجنس وهذا إنما يتصور إذا لم يكن حقيقة الجنس حقيقة الوجود ، وعلى الثاني يلزم أن يكون الواجب تعالى ذا ماهية وقد حقق أن نفس الوجود حقيقته بلا شمول ، وأيضا لو كان له تعالى جنس لكان مندرجا تحت مقولة الجوهر وكان أحد الأنواع الجوهرية [ ص:204 ] فيكون مشاركا لسائرها في الجنس وقد برهن على إمكانها وحقق أن إمكان النوع يستلزم إمكان الجنس المستلزم لإمكان كل واحد من أفراد ذلك الجنس من حيث كونه مصداقا له إذ لو امتنع الوجود على الجنس من حيث هو جنس أي مطلقا لكان ممتنعا على كل فرد فإذا يلزم من ذلك إمكان الواجب تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، ومبنى هذا أن حقيقة الواجب تعالى هو الوجود البحت وهو مما ذهب الحكماء وأجلة من المحققين ، وليس المراد من هذا الوجود المعنى المصدري الذي لا يجهله أحد فإنه مما لا شك في استحالة كونه حقيقة الواجب سبحانه بل هو بمعنى مبدأ الآثار على ما حققه الجلال الدواني وأطال الكلام فيه في حواشيه على شرح التجريد وفي شرحه للهياكل النورية وفي غيرهما من رسائله ، وللملا صدرا في هذا المقام والبحث في كلام الجلال كلام طويل عريض وقد حقق الكلام بطرز آخر يطلب من كتابه الأسفار بيد أنا نذكر هنا من كلامه سؤالا وجوابا يتعلقان فيما نحن فيه فنقول : قال فإن قلت : كيف يكون ذات الباري سبحانه عين حقيقة الوجود والوجود بديهي التصور وذات الباري مجهول الكنه؟ قلت : قد مر أن شدة الظهور وتأكد الوجود هناك مع ضعف قوة الإدراك وضعف الوجود ها هنا صار منشأين لاحتجابه تعالى عنا وإلا فذاته تعالى في غاية الإشراق والإنارة ، فإن رجعت وقلت : إن كان ذات الباري نفس الوجود فلا يخلو إما أن يكون الوجود حقيقة الذات كما هو المتبادر أو يكون صادقا عليها صدقا عرضيا كما يصدق عليه تعالى مفهوم الشيء ، وعلى الأول إما أن يكون المراد به هذا المعنى العام البديهي التصور المنتزع من الموجودات أو معنى آخر والأول ظاهر الفساد والثاني يقتضي أن يكون حقيقته تعالى غير ما يفهم من لفظ الوجود كسائر الماهيات غير أنك سميت تلك الحقيقة بالوجود كما إذا سمي إنسان بالوجود ومن البين أنه لا أثر لهذه التسمية في الأحكام وأن هذا القسم راجع إلى الواجب ليس الوجود الذي الكلام فيه ويلزم أن يكون الواجب تعالى ذا ماهية وقد برهن أن كل ذي ماهية معلول ، وعن الثاني وهو أن يصدق عليه تعالى صدقا عرضيا فلا يخفى أن ذلك لا يغنيه عن السبب بل يستدعي أن يكون موجودا ولذلك ذهب جمهور المتأخرين من الحكماء إلى أن الوجود معدوم فأقول : منشأ هذا الإشكال حسبان أن معنى كون هذا العام المشترك عرضيا أن للمعروض موجودية وللعارض موجودية أخرى كالماشي بالنسبة إلى الحيوان والضاحك بالقياس إلى الإنسان وليس كذلك بل هذا المفهوم عنوان وحكاية للوجودات العينية ونسبته إليها نسبة الإنسانية إلى الإنسان والحيوانية إلى الحيوان فكما أن مفهوم الإنسانية صح أن يقال : إنها عين الإنسان لأنها مرآة لملاحظته وحكاية عن جهته صح أن يقال : إنها غيره لأنها أمر نسبي والإنسان ماهية جوهرية ، وبالجملة الوجود ليس كالإمكان حتى لا يكون بإزائه شيء يكون المعنى المصدري حكاية عنه بل كالسواد الذي قد يراد به نفس المعنى النسبي أعني الأسودية وقد يراد به ما يكون الشيء أسود أعني الكيفية المخصوصة فكما أن السواد إذا فرض قيامه بذاته صح أن يقال ذاته عين الأسودية وإذا فرض جسم متصف به لم يجز أن يقال إن ذاته عين الأسودية مع أن هذا الأمر لكونه اعتبارا ذهنيا زائدا على الجميع ، إذا تقرر هذا قلنا في الجواب في الترديد الأول : نختار الشق الأول وهو أن الوجود حقيقة الذات قولك في الترديد الثاني إما أن يكون ذلك الوجود ما يفهم من لفظ الوجود إلخ نختار [ ص: 205 ] منه ما بإزاء ما يفهم من هذا اللفظ أعني حقيقة الوجود الخارجي الذي هذا المفهوم حكاية عنه فإن للوجود عندنا حقيقة في كل موجود كما أن للسواد حقيقة في كل أسود لكن في بعض الموجودات مخلوط بالنقائص والإعدام وفي بعضها ليس كذلك وكما أن السوادات متفاوتة في السوادية بعضها أقوى وأشد وبعضها أضعف وأنقص كذلك الموجودات بل الموجودات متفاوتة في الموجودية كمالا ونقصانا ، ولنا أيضا أن نختار الشق الثاني من شقي الترديد الأول إلا أن هذا المفهوم الكلي وإن كان عرضيا بمعنى أنه ليس له بحسب كونه مفهوما عنوانيا وجود في الخارج حتى يكون عينا لشيء لكنه حكاية عن نفس حقيقة الوجود القائم بذاته وصادق عليه بحيث يكون منشأ صدقه ومصداق حمله عليها نفس تلك الحقيقة لا شيئا آخر يقوم به كسائر العرضيات في صدقها على الأشياء فصدق هذا المفهوم على الوجود الخاص يشبه صدق الذاتيات من هذه الجهة ، فعلى هذا لا يرد علينا قولك : صدق الوجود عليه لا يغنيه عن السبب لأنه لم يكن يغنيه عن السبب لو كان موجوديته بسبب عروض هذا المعنى أو قيام حصة من الوجود وليس كذلك بل ذلك الوجود الخاص بذاته موجود كما أنه بذاته وجود سواء حمل عليه مفهوم الوجود أو لم يحمل ، والذي ذهب الحكماء إلى أنه معدوم ليس هو الوجودات الخاصة بل هذا الأمر العام الذهني الذي يصدق على الأينات والخصوصيات الوجودية انتهى ، وما أشار إليه من تعدد الوجودات قال به المشاءون وهي عند الأكثرين حقائق متخالفة متكثرة بأنفسها لا بمجرد عارض الإضافة إلى الماهيات لتكون متماثلة الحقيقة ولا بالفصول ليكون الوجود المطلق جنسا لها ، وقال بعضهم بالاختلاف بالحقيقة حيث يكون بينها من الاختلاف ما بالتشكيك كوجود الواجب ووجود الممكن وكذا وجود المجردات ووجود الأجسام وقالت طائفة من الحكماء المتأهلين إنه ليس في الخارج إلا وجود واحد شخصي مجهول الكنه وهو ذات الواجب تعالى شأنه وأما الممكنات المشاهدة فليس لها وجود بل ارتباط بالوجود الحقيقي الذي هو الواجب بالذات ونسبة إليه ، نعم يطلق عليها إنها موجودة بمعنى أن لها نسبة إلى الواجب تعالى فمفهوم الموجود أعم من الموجود القائم بذاته ومن الأمور المنتسبة إليه نحوا من الانتساب وصدق المشتق لا ينافي قيام مبدأ الاشتقاق بذاته الذي مرجعه إلى عدم قيامه بالغير ولا كون ما صدق عليه أمرا منتسبا إلى المبدأ لا معروضا له بوجه من الوجوه كما في الحداد والمشمس على أن أمر إطلاق أهل اللغة وأرباب اللسان لا عبرة به في تصحيح الحقائق ، وقالوا : كون المشتق من المعقولات الثانية والبديهيات الأولية لا يصادم كون المبدأ حقيقة متأصلة متشخصة مجهولة الكنه وثانوية المعقول وتأصله قد يختلف بالقياس إلى الأمور ولا يخفى ما فيه من الأنظار ، ومثله ما دار على ألسنة طائفة من المتصوفة من أن حقيقة الواجب هو الوجود المطلق تمسكا بأنه لا يجوز أن يكون عدما أو معدوما وهو ظاهر ولا ماهية موجودة بالوجود أو مع الوجود تعليلا أو تقييدا لما في ذلك من الاحتياج والتركيب فتعين أن يكون وجودا وليس هو الوجود الخاص لأنه إن أخذ مع المطلق فمركب أو مجرد المعروض فمحتاج ضرورة احتياج المقيد إلى المطلق ، ومتمسكهم هذا أوهن من بيت العنكبوت ، والذي حققته من كتب الشيخ الأكبر قدس سره وكتب أصحابه أن الله سبحانه ليس عبارة عن الوجود المطلق بمعنى الكلي الطبيعي الموجود في الخارج في ضمن أفراده ولا بمعنى أنه معقول في النفس مطابق لكل واحد من جزئياته في الخارج على معنى أن ما في النفس لوجود في أي شخص من الأشخاص الخارجية لكان ذلك الشخص بعينه من غير تفاوت أصلا [ ص: 206 ] بل بمعنى عدم التقيد بغيره مع كونه موجودا بذاته ، ففي الباب الثاني من الفتوحات أن الحق تعالى موجود بذاته لذاته مطلق الوجود غير مقيد بغيره ولا معلول من شيء ولا علة لشيء بل هو خالق المعلولات والعلل ، والملك القدوس الذي لم يزل ، وفي النصوص للصدر القونوي تصور إطلاق الحق يشترط فيه أن يتعقل بمعنى أنه وصف سلبي لا بمعنى أنه إطلاق ضده القيد بل هو إطلاق عن الوحدة والكثرة المعلومتين وعن الحصر أيضا في الإطلاق والتقييد وفي الجمع بين كل ذلك والتنزيه عنه فيصح في حقه كل ذلك حال تنزهه عن الجميع . وذكر بعض الأجلة أن الله تعالى عند السادة الصوفية هو الوجود الخاص الواجب الوجود لذاته القائم بذاته المتعين بذاته الجامع لكل كمال المنزه عن كل نقص المتجلي فيما يشاء من المظاهر مع بقاء التنزيه ثم قال : وهذا ما يقتضيه أيضا قول الأشعري بأن الوجود عين الذات مع قوله الأخير في كتابه الإبانة بإجراء المتشابهات على ظواهرها مع التنزيه بليس كمثله شيء . وتحقيق ذلك أنه قد ثبت بالبرهان أن الواجب الوجود لذاته موجود فهو إما الوجود المجرد عن الماهية المتعين بذاته أو الوجود المقترن بالماهية المتعين بحسبها أو الماهية المعروضة للوجود المتعين بحسبها أو المجموع المركب من الماهية والوجود المتعين بحسبها لا سبيل إلى الرابع لأن التركيب من لوازمه الاحتياج ولا إلى الثالث لاحتياج الماهية في تحققها الخارجي إلى الوجود ولا إلى الثاني لاحتياج الوجود إلى الماهية في تشخصه بحسبها والاحتياج في الجميع ينافي الوجوب الذاتي فتعين الأول فالواجب سبحانه الموجود لذاته هو الوجود المجرد عن الماهية المتعين بذاته ، ثم هو إما أن يكون مطلقا بالإطلاق الحقيقي وهو الذي لا يقابله تقييد القابل لكل إطلاق وتقييد وإما أن يكون مقيدا بقيد مخصوص لا سبيل إلى الثاني لأن المركب من القيد ومعروضه من لوازمه لاحتياج المنافي للوجوب الذاتي فتعين الأول فواجب الوجود لذاته هو الوجود المجرد عن الماهية القائم بذاته المتعين بذاته المطلق بالإطلاق الحقيقي ، وأهل هذا القول ذهبوا إلى أنه ليس في الخارج إلا وجود واحد وهو الوجود الحقيقي وأنه لا موجود سواه وماهيات الممكنات أمور معدومة متميزة في أنفسها تميزا ذاتيا وهي ثابتة في العلم لم تشم رائحة الوجود ولا تشمه أبدا لكن تظهر أحكامها في الوجود المفروض وهو النور المضاف ويسمى العماء والحق المخلوق به وهؤلاء هم المشهورون بأهل الوحدة ، ولعل القول الذي نقلناه عن بعض الحكماء المتأهلين يرجع إلى قولهم هو طور ما وراء طور العقل وقد ضل بسببه أقوام وخرجوا من ربقة الإسلام ، وبالجملة إن القول بأن حقيقة الواجب تعالى غير معلومة لأحد علما اكتناهيا إحاطيا عقليا أو حسيا مما لا شبهة عندي في صحته وإليه ذهب المحققون حتى أهل الوحدة ، والقول بخلاف ذلك المحكي عن بعض المتكلمين لا ينبغي أن يلتفت إليه أصلا ، ولا أدري هل تمكن معرفة الحقيقة أو لا تمكن ولعل القول بعدم إمكانها أوفق بعظمته تعالى شأنه وجل عن إحاطة العقول سلطانه ، وأما شهود الواجب بالبصر ففي وقوعه في هذه النشأة خلاف بين أهل السنة وأما في النشأة الآخرة فلا خلاف فيه سوى أن بعض الصوفية قالوا : إنه لا يقع إلا باعتبار مظهر ما وأما باعتبار الإطلاق الحقيقي فلا ، وأما شهوده سبحانه بالقلب فقد قيل بوقوعه في هذه النشأة لكن على معنى شهود نوره القدسي ويختلف ذلك باختلاف الاستعداد لا على معنى شهود نفس الذات والحقيقة ومن ادعى ذلك فقد اشتبه عليه الأمر فادعى ما ادعى . [ ص: 207 ] هذا ومن الناس من قال : لا مانع من أن يراد من حق قدره حق معرفته ويراد من حق معرفته المعرفة بالكنه وكونها غير حاصلة لأحد مؤمنا كان أو غيره لا يضر فيما نحن فيه لأن المراد إثبات عظمته تعالى المنافية لما عليه المشركون وكون سبحانه لا يعرف أحد كنه حقيقته يستدعي العظمة على أتم وجه فتأمل جميع ذلك والله تعالى الموفق للصواب . إن الله لقوي على جميع الممكنات عزيز غالب على جميع الأشياء وقد علمت حال آلهتهم المقهورة لأذل العجزة ، والجملة في موضع التعليل لما قبلها... ______________ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ المصدر : تفسير الألوسي :شهاب الدين السيد محمود الألوسي : دار إحياء التراث العربي عدد الأجزاء: ثلاثون جزءا المصدر الرقمي : https://almoslim.net/node/113138 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[الأنبياء: 107] قال ابن جرير رحمه الله : " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أرسلناك يا محمد إلى خلقنا إلا رحمة لمن أرسلناك إليه من خلقي . ثم اختلف أهل التأويل في معنى هذه الآية ، أجميع العالم الذي أرسل إليهم محمد أريد بها مؤمنهم وكافرهم ؟ أم أريد بها أهل الإيمان خاصة دون أهل الكفر ؟ فقال بعضهم : عني بها جميع العالم المؤمن والكافر . فعن ابن عباس قال : من آمن بالله واليوم الآخر كُتب له الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف . وقال آخرون : بل أريد بها أهل الإيمان دون أهل الكفر . وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي رُوي عن ابن عباس ، وهو أن الله أرسل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع العالم ، مؤمنهم وكافرهم . فأما مؤمنهم فإن الله هداه به ، وأدخله بالإيمان به ، وبالعمل بما جاء من عند الله الجنة . وأما كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بالأمم المكذّبة رسلها من قبله ".انتهى باختصارمن "تفسير الطبري" (18 / 551-552) ، وينظر : "تفسير ابن كثير" (5 / 385) ، "تفسير السعدي" (ص 532) . وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله : " ففي إرساله صلى الله عليه وسلم رحمة حتى على أعدائه من حيث عدم معاجلتهم بالعقوبة ". انتهى من "فتاوى الحديثية" (ص 34) . ومما يبين هذه الرحمة العامة بإرسال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، قول الله تعالى : ( وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) الأنفال/32-33 . قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله : " وَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّتِهِ ، وَلَا مِنْ مُقْتَضَى رَحْمَتِهِ وَلَا حِكْمَتِهِ ، أَنْ يُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّسُولُ فِيهِمْ ، وَهُوَ إِنَّمَا أَرْسَلَكَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، وَنِعْمَةً لَا عَذَابًا وَنِقْمَةً ، بَلْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ أَيْضًا أَنْ يُعَذِّبَ أَمْثَالَهُمْ مِنْ مُكَذِّبِي الرُّسُلِ وَهُمْ فِيهِمْ ، بَلْ كَانَ يُخْرِجُهُمْ مِنْهُمْ أَوَّلًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " انتهى من "تفسير المنار" (9/545) . وتأمل ذلك الموقف البديع ، لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ، وقد كذبه أهل الطائف ، وآذوه أذى بالغا ، وهو إنما كان يدعوهم إلى أن يوحدوا الله ، ولا يريد منهم شيئا سواه : روى البخاري (3231) ومسلم (1795) أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ ؟ قَالَ : ( لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ !! وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ ؛ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي ، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ ، فَنَادَانِي فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ !! فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ ؛ فَمَا شِئْتَ ؛ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ !! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ) . ثانياً : ذكر غير واحد من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل بيده إلا أبي بن خلف ، قتله يوم أحد . قال شيخ الإسلام رحمه الله : " والنبي صلى الله عليه وسلم كان أكمل الناس في هذه الشجاعة التي هي المقصودة في أئمة الحرب ، ولم يقتل بيده إلا أبي بن خلف ، قتله يوم أحد ، ولم يقتل بيده أحدا لا قبلها ولا بعدها".انتهى من "منهاج السنة النبوية" (8 / 57) . ولعل الله تعالى أراد لهذا الشقي أشد العذاب ، فقدّر عليه أن يُقتل بيد النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان من أشد الناس عداوة له ولدينه ؛ فقد روى البخاري (4076) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : ( اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . وروى أحمد (3858) عن ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا وَإِمَامُ ضَلَالَةٍ وَمُمَثِّلٌ مِنْ الْمُمَثِّلِينَ ) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (281) ثالثا : لا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – وإن لم يقتل بيده الشريفة إلا هذا الشقي - هو الذي شرع الجهاد وأمر به وحرض المؤمنين عليه ، ولا منافاة بين أن يشرع الجهاد ويأمر به ، ويقتل هذا الشقي أو غيره ، لا منافاة بين ذلك كله ، وبين قوله تعلى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ؛ فإن الله تعالى إنما أرسله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ويهديهم إلى صراطه المستقيم ، وشرع له الجهاد في سبيله وقتال أعدائه الذين يريدون إطفاء نور الله ويسعون في الأرض فساداً ويبغونها عوجاً . قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) التوبة / 73 . وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ) الأنفال/ 65 . فكان الجهاد في سبيل الله وقتال أعداء الله من أعظم أسباب نشر الدين وإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، وهذه أعظم رحمة نالت العباد : أن ينجيهم الله من الكفر إلى الإيمان ، ومن الظلمات إلى النور . ولأجل عظم قدر هذه الرحمة ، من حيث لا يشعر العباد ولا يظنون ، فقد عجب منها رب العالمين : عن أبي هُرَيْرَةَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ ) . رواه البخاري (3010) . وفي تفسير قول الله تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) ، قَالَ أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ ؛ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ ) . رواه البخاري (4557) . وتأمل ذلك برحمة أرحم الراحمين ، الذي لا يبلغ الواصفون وصف رحمته ، ولا يبلغ العالمون كنهها ومداها ، سبحانه ، لا يحيط به العباد علماً ؛ أرحم بعباده من الوالدة بولدها ، كما أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك : يبتليهم بالمصائب والمحن ، لحكمة بالغة ، ويعذب أعداءه بالنكال والهوان في الدنيا ، والخلود في جهنم يوم القيامة ، ولا ينافي ذلك كله كمال رحمته بعباده ، سبحانه . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ المصدر الرقمي : https://islamqa.info/ar/151412 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ؛ وذكر منهم :( رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) الحديث رواه البخاري ومسلم وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( عينان لاتمسهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله .) وسنده صحيح تعليق : ما رأيكم أيهما أفضل ؟: ( الخوف والخشية أم الرجاء والأمل في رحمة الله ؟) أرى والله أعلم وأظن أن رؤيتي قد توافق قبولا وقد تلاقي معارضا ورأيا آخر مختلفا مفيدا فقد أكون على خطأ وغيري على صواب فأرجع إلى الصواب من وجهة نظري : أن الخوف والخشية والرجاء والطمع في رحمة الله وجهان لعملة واحدة ، هي الإيمان الصادق بالخالق جلَّ وعلا وهما قد يشبهان الخبز والماء لصاحبهما فالخبز للجائع والماء للعطشان فكلاهما أفضل فإن اجتمعا نظر إلى الأغلب فهما متسايان غالبا فبهما تداوى القلوب لنيل رضا الله ومحبته فإن كان الغالب على القلب الأمن من مكر الله فالخوف أفضل وإن كان الغالب على العبد المعصية واليأس فالرجاء أفضل والله بعد ذلك هو الأعلى والأعلم ================ المصدر للحديث : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
(أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )[ 78:الإسراء ] يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمرا له بإقامة الصلوات المكتوبات في أوقاتها : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) قيل لغروبها . قاله ابن مسعود ، ومجاهد ، وابن زيد . وقال هشيم ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن ابن عباس : " دلوكها " : زوالها . ورواه نافع ، عن ابن عمر . ورواه مالك في تفسيره ، عن الزهري ، عن ابن عمر . وقاله أبو برزة الأسلمي وهو رواية أيضا عن ابن مسعود . ومجاهد . وبه قال الحسن ، والضحاك ، وأبو جعفر الباقر ، وقتادة . واختاره ابن جرير ، ومما استشهد عليه ما رواه عن ابن حميد ، عن الحكم بن بشير ، حدثنا عمرو بن قيس ، عن ابن أبي ليلى ، [ عن رجل ] ، عن جابر بن عبد الله قال : دعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شاء من أصحابه فطعموا عندي ، ثم خرجوا حين زالت الشمس ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اخرج يا أبا بكر ، فهذا حين دلكت الشمس " . ثم رواه عن سهل بن بكار ، عن أبي عوانة ، عن الأسود بن قيس ، عن نبيح العنزي ، عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه . فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيها أوقات الصلاة الخمسة فمن قوله : ( لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) وهو : ظلامه ، وقيل : غروب الشمس ، أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وقوله [ تعالى ] : ( وقرآن الفجر ) يعني صلاة الفجر . وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترا من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات ، على ما عليه عمل أهل الإسلام اليوم ، مما تلقوه خلفا عن سلف ، وقرنا بعد قرن ، كما هو مقرر في مواضعه ، ولله الحمد . ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال الأعمش ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود - وعن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية : ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال : " تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار " . وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة - وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة ، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر " . ويقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) . وقال الإمام أحمد : حدثنا أسباط ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وحدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال : " تشهده ملائكة الليل ، وملائكة النهار " . ورواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، ثلاثتهم عن عبيد بن أسباط بن محمد ، عن أبيه ، به وقال الترمذي : حسن صحيح . وفي لفظ في الصحيحين ، من طريق مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة الليل وملائكة النهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر ، فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم - وهو أعلم بكم - كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون " وقال عبد الله بن مسعود : يجتمع الحرسان في صلاة الفجر ، فيصعد هؤلاء ويقيم هؤلاء . وكذا قال إبراهيم النخعي ، ومجاهد ، وقتادة ، وغير واحد في تفسير هذه الآية . وأما الحديث الذي رواه ابن جرير هاهنا - من حديث الليث بن سعد ، عن زيادة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن فضالة بن عبيد ، عن أبي الدرداء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديث النزول وأنه تعالى يقول : " من يستغفرني أغفر له ، من يسألني أعطه ، من يدعني فأستجيب له حتى يطلع الفجر " . فلذلك يقول : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) فيشهده الله ، وملائكة الليل ، وملائكة النهار - فإنه تفرد به زيادة ، وله بهذا حديث في سنن أبي داود . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ تفسير ابن كثير المصدر الرقمي : https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura17-aya78.html |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
اختلفت القراء في قراءة قوله ( ربما ) فقرأت ذلك عامة قراء أهل المدينة وبعض الكوفيين ( ربما ) بتخفيف الباء ، وقرأته عامة قراء الكوفة والبصرةبتشديدها . والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان ، ولغتان معروفتان بمعنى واحد ، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القراء ، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب . [ ص: 60 ] واختلف أهل العربية في معنى "ما" التي مع "رب" ، فقال بعض نحويي البصرة : أدخل مع رب "ما" ليتكلم بالفعل بعدها ، وإن شئت جعلت "ما" بمنزلة شيء ، فكأنك قلت : رب شيء ، يود : أي رب ود يوده الذين كفروا . وقد أنكر ذلك من قوله بعض نحويي الكوفة ، وقال : المصدر لا يحتاج إلى عائد ، والود قد وقع على "لو" ، ربما يودون لو كانوا : أن يكونوا ، قال : وإذا أضمر الهاء في "لو" فليس بمفعول ، وهو موضع المفعول ، ولا ينبغي أن يترجم المصدر بشيء ، وقد ترجمه بشيء ، ثم جعله ودا ، ثم أعاد عليه عائدا . فكان الكسائي والفراء يقولان : لا تكاد العرب توقع "رب" على مستقبل ، وإنما يوقعونها على الماضي من الفعل كقولهم : ربما فعلت كذا ، وربما جاءني أخوك ، قالا وجاء في القرآن مع المستقبل : ربما يود ، وإنما جاز ذلك لأن ما كان في القرآن من وعد ووعيد وما فيه ، فهو حق كأنه عيان ، فجرى الكلام فيما لم يكن بعد مجراه فيما كان ، كما قيل ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ) وقوله ( ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت ) كأنه ماض وهو منتظر لصدقه في المعنى ، وأنه لا مكذب له ، وأن القائل لا يقول إذا نهى أو أمر فعصاه المأمور يقول : أما والله لرب ندامة لك تذكر قولي فيها لعلمه بأنه سيندم ، والله ووعده أصدق من قول المخلوقين . وقد يجوز أن يصحب بما الدائم وإن كان في لفظ يفعل ، يقال : ربما يموت الرجل فلا يوجد له كفن ، وإن أوليت الأسماء كان معها ضمير كان ، كما قال أبو داود : ربما الجامل المؤبل فيهم وعناجيج بينهن المهار [ ص: 61 ] فتأويل الكلام : ربما يود الذين كفروا بالله فجحدوا وحدانيته لو كانوا في دار الدنيا مسلمين . كما حدثنا علي بن سعيد بن مسروق الكندي ، قال : ثنا خالد بن نافع الأشعري ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : بلغنا أنه إذا كان يوم القيامة ، واجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة ، قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة : ألستم مسلمين؟ قالوا : بلى ، قالوا : فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها ، فسمع الله ما قالوا ، فأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار فأخرجوا ، فقال من في النار من الكفار : يا ليتنا كنا مسلمين ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن القطعي ، وروح القيسي ، وعفان بن مسلم واللفظ لأبي قطن قالوا : ثنا القاسم بن الفضل بن عبد الله بن أبي جروة ، قال : كان ابن عباس وأنس بن مالك يتأولان هذه الآية ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قالا ذلك يوم يجمع الله أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار . وقال عفان : حين يحبس أهل الخطايا من المسلمين والمشركين ، فيقول المشركون : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، زاد أبو قطن : قد جمعنا وإياكم ، وقال أبو قطن وعفان : فيغضب الله لهم بفضل رحمته ، ولم يقله روح بن عبادة ، وقالوا جميعا : فيخرجهم الله ، وذلك حين يقول الله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثنا الحسن ، قال : ثنا عفان ، قال : ثنا أبو عوانة ، قال : ثنا عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : يدخل الجنة ويرحم حتى يقول في آخر ذلك : من كان [ ص: 62 ] مسلما فليدخل الجنة ، قال : فذلك قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) ذلك يوم القيامة يتمنى الذين كفروا لو كانوا موحدين . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله ، في قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : هذا في الجهنميين إذا رأوهم يخرجون من النار . حدثني المثنى ، قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا ابن أبي فروة العبدي أن ابن عباس وأنس بن مالك كانا يتأولان هذه الآية (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) يتأولانها يوم يحبس الله أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين في النار ، قال : فيقول لهم المشركون : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون في الدنيا ، قال : فيغضب الله لهم بفضل رحمته ، فيخرجهم ، فذلك حين يقول ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : ما يزال الله يدخل الجنة ، ويرحم ويشفع حتى يقول : من كان من المسلمين فليدخل الجنة ، فذلك قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن هشام الدستوائي ، قال : ثنا حماد ، قال : سألت إبراهيم عن هذه الآية ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : حدثت أن المشركين قالوا لمن دخل النار من المسلمين : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، قال : فيغضب الله لهم ، فيقول للملائكة والنبيين : اشفعوا ، فيشفعون ، فيخرجون من النار ، حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج معهم ، قال : فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين . حدثني المثنى ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، عن إبراهيم ، أنه قال في قول الله عز وجل : ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : يقول [ص: 63 ] من في النار من المشركين للمسلمين : ما أغنت عنكم "لا إله إلا الله" قال : فيغضب الله لهم ، فيقول : من كان مسلما فليخرج من النار ، قال : فعند ذلك ( يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن حماد ، عن إبراهيم في قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : إن أهل النار يقولون : كنا أهل شرك وكفر ، فما شأن هؤلاء الموحدين ما أغنى عنهم عبادتهم إياه ، قال : فيخرج من النار من كان فيها من المسلمين . قال : فعند ذلك ( يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثنا الحسن بن يحيى ، أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن خصيف ، عن مجاهد ، قال : يقول أهل النار للموحدين : ما أغنى عنكم إيمانكم؟ قال : فإذا قالوا ذلك ، قال : أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة ، فعند ذلك ( يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثني المثنى ، قال : ثنا مسلم ، قال : ثنا هشام ، عن حماد ، قال : سألت إبراهيم عن قول الله عز وجل ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : الكفار يعيرون أهل التوحيد : ما أغنى عنكم لا إله إلا الله ، فيغضب الله لهم ، فيأمر النبيين والملائكة فيشفعون ، فيخرج أهل التوحيد ، حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج ، فذلك قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثنا أحمد ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا عبد السلام ، عن خصيف ، عن مجاهد ، قال : هذا في الجهنميين ، إذا رأوهم يخرجون من النار ( يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثني المثنى ، قال : ثنا الحجاج بن المنهال ، قال : ثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، قال : إذا فرغ الله من القضاء بين خلقه ، قال : من كان مسلما فليدخل الجنة ، فعند ذلك ( يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، وحدثني الحسن ، قال : ثناشبابة ، [ ص: 64 ] قال : ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : يوم القيامة . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : فيها وجهان اثنان ، يقولون : إذا حضر الكافر الموت ود لو كان مسلما . ويقول آخرون : بل يعذب الله ناسا من أهل التوحيد في النار بذنوبهم ، فيعرفهم المشركون فيقولون : ما أغنت عنكم عبادة ربكم ، وقد ألقاكم في النار ، فيغضب لهم فيخرجهم ، فيقول ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) قال : نزلت في الذين يخرجون من النار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) وذلك والله يوم القيامة ، ودوا لو كانوا في الدنيا مسلمين . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : ما يزال الله يدخل الجنة ويشفع حتى يقول : من كان من المسلمين فليدخل الجنة ، فذلك حين يقول ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . ــــــــــــــــــــــــ تفسير الطبري / المصدر الرقمي : المصدر الرقمي : https://library.islamweb.net/newlibra..._no=50&ID=2833 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) (7)آل عمران خبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب ، أي : بينات واضحات الدلالة ، لا التباس فيها على أحد من الناس ، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم ، فمن رد ما اشتبه عليه إلى الواضح منه ، وحكم محكمه على متشابهه عنده ، فقد اهتدى . ومن عكس انعكس ، ولهذا قال تعالى : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ) أي : أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه ( وأخر متشابهات ) أي : تحتمل دلالتها موافقة المحكم ، وقد تحتمل شيئا آخر من حيث اللفظ والتركيب ، لا من حيث المراد . وقد اختلفوا في المحكم والمتشابه ، فروي عن السلف عبارات كثيرة ، فقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس [ أنه قال ] المحكمات ناسخه ، وحلاله وحرامه ، وحدوده وفرائضه ، وما يؤمر به ويعمل به . وكذا روي عن عكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، والربيع بن أنس ، والسدي أنهم قالوا : المحكم الذي يعمل به . وعن ابن عباس أيضا أنه قال : المحكمات [ في ] قوله تعالى : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا ) [ الأنعام : 151 ] والآيتان بعدها ، وقوله تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) [ الإسراء : 23 ] إلى ثلاث آيات بعدها . رواه ابن أبي حاتم ، وحكاه عن سعيد بن جبير [ ثم ] قال : حدثنا أبي ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن إسحاق بن سويد أن يحيى بن يعمر وأبا فاختة تراجعا في هذه الآية : ( هن أم الكتاب ) فقال أبو فاختة : فواتح السور . وقال يحيى بن يعمر : الفرائض ، والأمر والنهي ، والحلال والحرام . وقال ابن لهيعة ، عن عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير : ( هن أم الكتاب ) يقول : أصل الكتاب ، وإنما سماهن أم الكتاب ، لأنهن مكتوبات في جميع الكتب . وقال مقاتل بن حيان : لأنه ليس من أهل دين إلا يرضى بهن . وقيل في المتشابهات : إنهن المنسوخة ، والمقدم منه والمؤخر ، والأمثال فيه والأقسام ، وما يؤمن به ولا يعمل به . رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس . وقيل : هي الحروف المقطعة في أوائل السور ، قاله مقاتل بن حيان . وعن مجاهد : المتشابهات يصدق بعضهن بعضا . وهذا إنما هو في تفسير قوله : ( كتابا متشابها مثاني ) [ الزمر : 23 ] هناك ذكروا : أن المتشابه هو الكلام الذي يكون في سياق واحد ، والمثاني هو الكلام في شيئين متقابلين كصفة الجنة وصفة النار ، وذكر حال الأبرار ثم حال الفجار ، ونحو ذلك ، فأما هاهنا فالمتشابه هو الذي يقابل المحكم . وأحسن ما قيل فيه الذي قدمناه ، وهو الذي نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار ، رحمه الله ، حيث قال : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب )فيهن حجة الرب ، وعصمة العباد ، ودفع الخصوم والباطل ، ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه . قال : والمتشابهات في الصدق ، لهن تصريف وتحريف وتأويل ، ابتلى الله فيهن العباد ، كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يصرفن إلى الباطل ، ولا يحرفن عن الحق . ولهذا قال تعالى : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ ) أي : ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل ( فيتبعون ما تشابه منه ) أي : إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة ، وينزلوه عليها ، لاحتمال لفظه لما يصرفونه ، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه ، لأنه دامغ لهم وحجة عليهم ، ولهذا قال : ( ابتغاء الفتنة ) أي : الإضلال لأتباعهم ، إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن ، وهذا حجة عليهم لا لهم ، كما لو احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى هو روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم ، وتركوا الاحتجاج بقوله [ تعالى ] ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ) [ الزخرف : 59 ] وبقوله : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) [ آل عمران : 59 ] وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله ، وعبد ورسول من رسل الله . وقوله : ( وابتغاء تأويله ) أي : تحريفه على ما يريدون ، وقال مقاتل والسدي : يبتغون أن يعلموا ما يكون وما عواقب الأشياء من القرآن . وقد قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات [ فأما الذين في قلوبهم زيغ ] ) إلى قوله : ( أولو الألباب ) فقال : " فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم . هكذا وقع هذا الحديث في مسند الإمام أحمد ، رحمه الله ، من رواية ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، ليس بينهما أحد . وهكذا رواه ابن ماجه من طريق إسماعيل ابن علية وعبد الوهاب الثقفي ، كلاهما عن أيوب ، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، عنها . ورواه محمد بن يحيى العبدي في مسنده عن عبد الوهاب الثقفي ، عن أيوب ، به . وكذا رواه عبد الرزاق ، عن معمر عن أيوب . وكذا رواه غير واحد عن أيوب . وقد رواه ابن حبان في صحيحه ، من حديث أيوب ، به . وتابع أيوب أبو عامر الخزاز وغيره عن ابن أبي مليكة ، فرواه الترمذي عن بندار ، عن أبي داود الطيالسي ، عن أبي عامر الخزاز ، فذكره . وهكذا رواه سعيد بن منصور في سننه ، عن حماد بن يحيى الأبح ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة . ورواه ابن جرير ، من حديث روح بن القاسم ونافع بن عمر الجمحي ، كلاهما عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، به . وقال نافع في روايته عن ابن أبي مليكة : حدثتني عائشة ، فذكره . وقد روى هذا الحديث البخاري ، رحمه الله ، عند تفسير هذه الآية ، ومسلم في كتاب القدر من صحيحه ، وأبو داود في السنة من سننه ، ثلاثتهم ، عن القعنبي ، عن يزيد بن إبراهيم التستري ، عن ابن أبي مليكة ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات [ هن أم الكتاب وأخر متشابهات ] ) إلى قوله : ( وما يذكر إلا أولو الألباب ) قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " لفظ البخاري . وكذا رواه الترمذي أيضا ، عن بندار ، عن أبي داود الطيالسي ، عن يزيد بن إبراهيم التستري ، به . وقال : حسن صحيح . وذكر أن يزيد بن إبراهيم التستري تفرد بذكر القاسم في هذا الإسناد ، وقد رواه غير واحد عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، ولم يذكروا القاسم . كذا قال . ورواه ابن المنذر في تفسيره من طريقين عن النعمان بن محمد بن الفضل السدوسي - ولقبه عارم - حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، به . وقد رواه ابن أبي حاتم فقال : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري وحماد بن سلمة ، عن ابن أبي مليكة ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه )فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله ، فاحذروهم " . وقال ابن جرير : حدثنا علي بن سهل حدثنا الوليد بن مسلم ، عن حماد بن سلمة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : نزع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية : ( فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد حذركم الله ، فإذا رأيتموهم فاعرفوهم " . ورواه ابن مردويه من طريق أخرى ، عن القاسم ، عن عائشة به . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا حماد ، عن أبي غالب قال : سمعت أبا أمامة يحدث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ) قال : " هم الخوارج " ، وفي قوله : ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) . [ آل عمران : 106 ] قال : " هم الخوارج " . وقد رواه ابن مردويه من غير وجه ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة مرفوعا ، فذكره . وهذا الحديث أقل أقسامه أن يكون موقوفا من كلام الصحابي ، ومعناه صحيح ، فإن أول بدعة وقعت في الإسلام فتنة الخوارج ، وكان مبدؤهم بسبب الدنيا حين قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين ، فكأنهم رأوا في عقولهم الفاسدة أنه لم يعدل في القسمة ، ففاجئوه بهذه المقالة ، فقال قائلهم - وهو ذو الخويصرة - بقر الله خاصرته - اعدل فإنك لم تعدل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل ، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني " . فلما قفا الرجل استأذن عمر بن الخطاب - وفي رواية : خالد بن الوليد - [ ولا بعد في الجمع ] - رسول الله في قتله ، فقال : " دعه فإنه يخرج من ضئضئ هذا - أي : من جنسه - قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، وقراءته مع قراءتهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم . ثم كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب ، وقتلهم بالنهروان ، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة ، ثم نبعت القدرية ، ثم المعتزلة ، ثم الجهمية ، وغير ذلك من البدع التي أخبر عنها الصادق المصدوق في قوله : " وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة " قالوا : [ من ] هم يا رسول الله ؟ قال : " من كان على ما أنا عليه وأصحابي " أخرجه الحاكم في مستدركه بهذه الزيادة وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو موسى ، حدثنا عمرو بن عاصم ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن الحسن عن جندب بن عبد الله أنه بلغه ، عن حذيفة - أو سمعه منه - يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر : " إن في أمتي قوما يقرءون القرآن ينثرونه نثر الدقل ، يتأولونه على غير تأويله " . [ لم ] يخرجوه . [ وقوله ] ( وما يعلم تأويله إلا الله ) اختلف القراء في الوقف هاهنا ، فقيل : على الجلالة ، كما تقدم عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أنحاء : فتفسير لا يعذر أحد في فهمه ، وتفسير تعرفه العرب من لغاتها ، وتفسير يعلمه الراسخون في العلم ، وتفسير لا يعلمه إلا الله عز وجل . ويروى هذا القول عن عائشة ، وعروة ، وأبي الشعثاء ، وأبي نهيك ، وغيرهم . وقد قال الحافظ أبو القاسم في المعجم الكبير : حدثنا هاشم بن مرثد حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال : أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا ، وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله ، ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به [ كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ] ) الآية ، وأن يزداد علمهم فيضيعوه ولا يبالون عليه " غريب جدا . وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، أخبرنا أحمد بن عمرو ، أخبرنا هشام بن عمار ، أخبرنا ابن أبي حاتم عن أبيه ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن ابن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا ، فما عرفتم منه فاعملوا به ، وما تشابه منه فآمنوا به " . وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : كان ابن عباس يقرأ : " وما يعلم تأويله إلا الله ، ويقول الراسخون : آمنا به " وكذا رواه ابن جرير ، عن عمر بن عبد العزيز ، ومالك بن أنس : أنهم يؤمنون به ولا يعلمون تأويله . وحكى ابن جرير أن في قراءة عبد الله بن مسعود : " إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به " . وكذا عن أبي بن كعب . واختار ابن جرير هذا القول . ومنهم من يقف على قوله : ( والراسخون في العلم ) وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول ، وقالوا : الخطاب بما لا يفهم بعيد . وقد روى ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أنه قال : أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به . وكذا قال الربيع بن أنس . وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : ( وما يعلم تأويله ) الذي أراد ما أراد ( إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به ) ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد ، فاتسق بقولهم الكتاب ، وصدق بعضه بعضا ، فنفذت الحجة ، وظهر به العذر ، وزاح به الباطل ، ودفع به الكفر . وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس فقال : " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " . ومن العلماء من فصل في هذا المقام ، فقال : التأويل يطلق ويراد به في القرآن معنيان ، أحدهما : التأويل بمعنى حقيقة الشيء ، وما يئول أمره إليه ، ومنه قوله تعالى : ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) [ يوسف : 100 ] وقوله ( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله ) [ الأعراف : 53 ] أي : حقيقة ما أخبروا به من أمر المعاد ، فإن أريد بالتأويل هذا ، فالوقف على الجلالة ، لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجلية إلا الله عز وجل ، ويكون قوله : ( والراسخون في العلم ) مبتدأ و ( يقولون آمنا به ) خبره . وأما إن أريد بالتأويل المعنى الآخر وهو التفسير والتعبير والبيان عن الشيء كقوله تعالى : ( نبئنا بتأويله ) [ يوسف : 36 ] أي : بتفسيره ، فإن أريد به هذا المعنى ، فالوقف على : ( والراسخون في العلم ) لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار ، وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه ، وعلى هذا فيكون قوله : ( يقولون آمنا به ) حالا منهم ، وساغ هذا ، وهو أن يكون من المعطوف دون المعطوف عليه ، كقوله : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ) إلى قوله : ( [ والذين جاءوا من بعدهم ] يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا [ الذين سبقونا بالإيمان ] ) الآية [ الحشر : 8 - 10 ] ، وكقوله تعالى : ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) [ الفجر : 22 ] أي : وجاءت الملائكة صفوفا صفوفا . وقوله إخبارا عنهم أنهم ( يقولون آمنا به ) أي : بالمتشابه ( كل من عند ربنا ) أي : الجميع من المحكم والمتشابه حق وصدق ، وكل واحد منهما يصدق الآخر ويشهد له ، لأن الجميع من عند الله وليس شيء من عند الله بمختلف ولا متضاد لقوله : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) [ النساء : 82 ] ولهذا قال تعالى : ( وما يذكر إلا أولو الألباب ) أي : إنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها أولو العقول السليمة والفهوم المستقيمة . وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا فياض الرقي ، حدثنا عبد الله بن يزيد - وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أنسا ، وأبا أمامة ، وأبا الدرداء ، رضي الله عنهم ، قال : حدثنا أبو الدرداء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم ، فقال : " من برت يمينه ، وصدق لسانه ، واستقام قلبه ، ومن أعف بطنه وفرجه ، فذلك من الراسخين في العلم " . وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما يتدارءون فقال : " إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، وإنما أنزل كتاب الله ليصدق بعضه بعضا ، فلا تكذبوا بعضه ببعض ، فما علمتم منه فقولوا ، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه " . و [ قد ] تقدم رواية ابن مردويه لهذا الحديث ، من طريق هشام بن عمار ، عن ابن أبي حازم عن أبيه ، عن عمرو بن شعيب ، به . وقد قال الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي في مسنده ، حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا أنس بن عياض ، عن أبي حازم ، عن أبي سلمة قال : لا أعلمه إلا عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نزل القرآن على سبعة أحرف ، والمراء في القرآن كفر - ثلاثا - ما عرفتم منه فاعملوا به ، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه " . وهذا إسناد صحيح ، ولكن فيه علة بسبب قول الراوي : " لا أعلمه إلا عن أبي هريرة " . وقال ابن المنذر في تفسيره : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني نافع بن يزيد قال : يقال : الراسخون في العلم المتواضعون لله ، المتذللون لله في مرضاته ، لا يتعاطون من فوقهم ، ولا يحقرون من دونهم . [ ولهذا قال تعالى : ( وما يذكر إلا أولو الألباب ) أي : إنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها أولو العقول السليمة أو الفهوم المستقيمة ] . )[ 78:الإسراء ] يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمرا له بإقامة الصلوات المكتوبات في أوقاتها : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) قيل لغروبها . قاله ابن مسعود ، ومجاهد ، وابن زيد . وقال هشيم ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن ابن عباس : " دلوكها " : زوالها . ورواه نافع ، عن ابن عمر . ورواه مالك في تفسيره ، عن الزهري ، عن ابن عمر . وقاله أبو برزة الأسلمي وهو رواية أيضا عن ابن مسعود . ومجاهد . وبه قال الحسن ، والضحاك ، وأبو جعفر الباقر ، وقتادة . واختاره ابن جرير ، ومما استشهد عليه ما رواه عن ابن حميد ، عن الحكم بن بشير ، حدثنا عمرو بن قيس ، عن ابن أبي ليلى ، [ عن رجل ] ، عن جابر بن عبد الله قال : دعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شاء من أصحابه فطعموا عندي ، ثم خرجوا حين زالت الشمس ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اخرج يا أبا بكر ، فهذا حين دلكت الشمس " . ثم رواه عن سهل بن بكار ، عن أبي عوانة ، عن الأسود بن قيس ، عن نبيح العنزي ، عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه . فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيها أوقات الصلاة الخمسة فمن قوله : ( لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) وهو : ظلامه ، وقيل : غروب الشمس ، أخذ منه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وقوله [ تعالى ] : ( وقرآن الفجر ) يعني صلاة الفجر . وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترا من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات ، على ما عليه عمل أهل الإسلام اليوم ، مما تلقوه خلفا عن سلف ، وقرنا بعد قرن ، كما هو مقرر في مواضعه ، ولله الحمد . ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال الأعمش ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود - وعن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية : ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال : " تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار " . وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة - وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة ، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر " . ويقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) . وقال الإمام أحمد : حدثنا أسباط ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وحدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال : " تشهده ملائكة الليل ، وملائكة النهار " . ورواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، ثلاثتهم عن عبيد بن أسباط بن محمد ، عن أبيه ، به وقال الترمذي : حسن صحيح . وفي لفظ في الصحيحين ، من طريق مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة الليل وملائكة النهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر ، فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم - وهو أعلم بكم - كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون " وقال عبد الله بن مسعود : يجتمع الحرسان في صلاة الفجر ، فيصعد هؤلاء ويقيم هؤلاء . وكذا قال إبراهيم النخعي ، ومجاهد ، وقتادة ، وغير واحد في تفسير هذه الآية . وأما الحديث الذي رواه ابن جرير هاهنا - من حديث الليث بن سعد ، عن زيادة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن فضالة بن عبيد ، عن أبي الدرداء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديث النزول وأنه تعالى يقول : " من يستغفرني أغفر له ، من يسألني أعطه ، من يدعني فأستجيب له حتى يطلع الفجر " . فلذلك يقول : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) فيشهده الله ، وملائكة الليل ، وملائكة النهار - فإنه تفرد به زيادة ، وله بهذا حديث في سنن أبي داود . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ تفسير ابن كثير المصدر الرقمي : [url]https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura3-aya7.html[/url] |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيِّعوها ، وحَدَّ حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكتَ عن أشياء رحمة بكم فلا تبحثوا عنها .............) الفرض : لايضيع بالترك أو التهاون والإهمال حتى يخرج وقتها بل بالقيام بما فرض الله وفعله والمعاقبة على تركه والحدود : حواجز مشروعة تزجر عن معاصٍ ممنوعة تزجركم عما نهى الله تعالى بما لايرضاه منها كالمحرمات فلا تعتدوها : يعني لا تزيدوا عليها عما أمر به الشرع الحنيف ، إلا لداعٍ ضروري مستجد كما فعل عمر بن الخطاب في جلد شارب الخمر ثمانين جلدة بينما جلده رسول الله وأبو بكر الصديق أربعين لأن الناس لما أكثروا من الشرب في زمن عمر الفاروق ولم يكثروه قبله استحقوا الزيادة في الجلد لردعهم ومن يأتي بعدهم ، ولا يعارض الحديث لذلك حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي )وهي عصر الاجتهاد وتحريم الأشياء : هو النواهي عن فعلها ومنع من قربها كشهادة الزور مثلا وأكل مال اليتيم والربا فلا يجب ارتكابها وأما سكت عن أشياء : فالسكوت غير النسيان لأحكامها ؛ (لايضل ربي ولا ينسى ) فالبحث عن المسكوت عنه غير مطلوب لصالح الإنسان لخبر : ( إن أعظم المسلمين جرما مَنْ سألَ عن شيءٍ لم يُحَرَّم فَحُرِّم لأجل مسألته ، ودلَّ ذلك على أن ثَمَّ أشياء الأصل فيها الإباحة وقد يعرض لها تحريم بوسائطَ وهي لا أحكام لها ) ، وفيه نظر . والله أعلم |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
قَالَ عليه الصلاة والسلام لِخَدِيجَة زوجته بعد أن نزل عليه الوحي لأول مرة في غار ثور الذي كان يتعبد فيه ورجع إلى بيته : ( أَيْ خَدِيجَةُ مَا لِي لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي )، فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ قَالَتْ خَدِيجَةُ: (كَلا أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.) فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ فقال وَرَقَةُ: (هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى!!) وبهذه الطريقة استدلت خديجة رضي الله عنها. أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛إنما خاف في أول الأمر أن يكون قد عرض له عارض سوء، فذكرت خديجة ما ينفي هذا، وهو ما كان مجبولاً عليه من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم والأعمال، وهو الصدق المستلزم للعدل، والإحسان إلى الخلق، ومن جمع فيه الصدق والعدل والإحسان لم يكن ممن يخزيه الله، وصلة الرحم وقري الضيف وحمل الكل وإعطاء المعدوم، والإعانة على نوائب الحق هي من أعظم أنواع البر والإحسان، وقد علم من سنة الله أن من جبله الله على الأخلاق المحمودة ونزهه عن الأخلاق المذمومة فإنه لا يخزيه. واستدل هرقل ملك الروم على ذلك من رسالة محمد إليه يدعوه للإسلام ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما كتب إليه كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام، وكان أبو سفيان قد قدم في طائفة من قريش في تجارة إلى غزة، فطلبهم وسألهم عن أحوال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطلب هرقل أبا سفيان، فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ.. ثم سأله: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ فقال: قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، إلى آخر الأسئلة التي سأل أبا سفيان عنها. ثم قال هرقل لترجمانه، بعد انتهاء ما عنده من الأسئلة، وسماع جواب أبي سفيان عنها: قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لا، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أَنْ لا، قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ، فَذَكَرْتَ أَنْ لا ؛ فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ. وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لا، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لا ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ. وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّاً فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ!! و الاستدلال بالنظر في رسالته وما جاء به ، ومقارنتها بما جاء به الرسل من قبله: وبهذا استدل ورقة بن نوفل على صحة نبوّته لما سمع ما جاء به؛ فالنبوة في الآدميين هي من عهد آدم عليه السلام. وبهذه الطريقة أيضاً استدلّ النجاشي على صحة نبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآمن به بعد ذلك، فإنه لما سألهم عما يخبر به، واستقرأهم القرآن فقرؤوه عليه ، قال: (إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة). انظر: شرح العقيدة الأصفهانية، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. (ولهذا قال الله تعالى: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } البقرة:146-147. |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www8.0zz0.com/2017/02/16/22/460593563.gif ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ البقرة " 144 هَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً فِي التِّلَاوَةِ فَهِيَ مُتَقَدِّمَةٌ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّهَا رَأْسُ الْقِصَّةِ، وَأَمْرُ الْقِبْلَةِ أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنْ أُمُورِ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ بِمَكَّةَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المدينة أمره أَنْ يُصَلِّيَ نَحْوَ صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى تَصْدِيقِ الْيَهُودِ إِيَّاهُ إِذَا صَلَّى إِلَى قِبْلَتِهِمْ مَعَ مَا يَجِدُونَ مِنْ نَعْتِهِ فِي التَّوْرَاةِ، فَصَلَّى بَعْدَ الْهِجْرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وكان يجب أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ قِبْلَةَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلام، ع «96» وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ يُحِبُّ ذَلِكَ من أجل الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: يُخَالِفُنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِينِنَا وَيَتَّبِعُ قِبْلَتَنَا، فَقَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَدِدْتُ لَوْ حَوَّلَنِي اللَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَإِنَّهَا قِبْلَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ»، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِثْلُكَ وَأَنْتَ كَرِيمٌ عَلَى رَبِّكَ فَسَلْ أَنْتَ رَبَّكَ فَإِنَّكَ عِنْدَ الله عزّ وجلّ بمكان، فعرج جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى السَّمَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَنْزِلَ جِبْرِيلُ بِمَا يُحِبُّ مِنْ أَمْرِ الْقِبْلَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ، ﴿ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً ﴾، فَلْنُحَوِّلُنَّكَ إِلَى قِبْلَةٍ ﴿ تَرْضاها ﴾، أَيْ: تُحِبُّهَا وَتَهْوَاهَا، ﴿ فَوَلِّ ﴾، أَيْ: حَوِّلْ ﴿ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ﴾، أَيْ: نَحْوَهُ، وَأَرَادَ بِهِ الْكَعْبَةَ، وَالْحَرَامُ: الْمُحَرَّمُ، ﴿ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ ﴾، مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ شَرْقٍ أَوْ غَرْبٍ: ﴿ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾، عند الصلاة ... وَقِيلَ: كَانَ التَّحْوِيلُ خَارِجَ الصَّلَاةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَأَهْلُ قُبَاءٍ وَصَلَ إِلَيْهِمُ الْخَبَرُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ السَّامِرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ بقباء في صلاة الصبح إذا جَاءَهُمْ آتٍ وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا تَحَوَّلَتِ الْقِبْلَةُ قَالَتِ الْيَهُودُ: يَا مُحَمَّدُ مَا هُوَ إِلَّا شَيْءٌ تَبْتَدِعُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ فَتَارَةً تُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَتَارَةً إِلَى الْكَعْبَةِ، وَلَوْ ثَبَتَّ عَلَى قِبْلَتِنَا لَكُنَّا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَنَا الَّذِي نَنْتَظِرُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ﴾، يَعْنِي: أَمْرَ الْكَعْبَةِ، ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾، ثُمَّ هَدَّدَهُمْ فَقَالَ: ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّاءِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ أَنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ تَطْلُبُونَ مَرْضَاتِي وَمَا أَنَا بِغَافِلٍ عَنْ ثَوَابِكُمْ وَجَزَائِكُمْ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ، يَعْنِي: مَا أَنَا بِغَافِلٍ عَمَّا يَفْعَلُ الْيَهُودُ فَأُجَازِيهِمْ في الدنيا وفي الآخرة. ـــــــــــــــــــــــــــــ * ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل" / بتصرف بسيط... |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
تأمل أخلاق المصطفى الطاهر مولانا محمد ، يا رعاك الله :
نماذج من عزم النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة :...لقي النبي صلى الله عليه وسلم في سبيل تبليغه للرسالة أشد الأذى والمحن، فصبر، مع عزم لا يلين، ممتثلًا لأمر الله عز وجل له: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35] وقد تجلت عزيمة النبي صلى الله عليه وسلم في مثابرته وجهاده ودعوته إلى الله عز وجل. قال ابن جرير الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مثبته على المضي لما قلده من عبء الرسالة، وثقل أحمال النبوة صلى الله عليه وسلم، وآمره بالائتساء في العزم على النفوذ لذلك بأولي العزم من قبله من رسله الذين صبروا على عظيم ما لقوا فيه من قومهم من المكاره، ونالهم فيه منهم من الأذى والشدائد) (1) . وقال ابن عجيبة: (فإنك من جملتهم، بل من أكملهم وأفضلهم) (2) . والنماذج في تحمل النبي صلى الله عليه وسلم مشاق الدعوة وقوة عزيمته كثيرة، ومن ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ((يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال: فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال، فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله تعالى وحده لا يشرك به شيئًا)) أو في أخلاقه شك...؟! حاشا لله ...!! |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
عن كلمة ( الحُبُك ) في قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) الآية 7 من سورة الذاريات
واكتشافات العلماء التي تثبت بها صدق كتاب الله تبارك وتعالى والتي أكدت نظريات في علم الفلك سوف يتم اكتشافها بعد أكثر من 1400 سنة!!! وقد حدث في القرن ال 21 ذلك : وهي تدل على ثلاثة معانٍ رئيسية كما يلي : 1- الحبك هي الطرق قد تبين للعلماء أن الكون عبارة عن مجموعة من المجرات والنجوم والدخان والثقوب السوداء والنجوم الطارقة والنجوم اللامعة ومكونات أخرى... وجميع هذه المخلوقات تسير وتتحرك وتجري على مسارات محددة تشبه الطرق السريعة highways وكل الأجرام الكونية تتحرك حركة دقيقة جداً عبر هذه الطرق..إذاً الحقيقة العلمية تؤكد أن السماء ذات طرق! وهذا ما أنبأ عنه القرآن.. وهذا هو القرطبي والطبري وابن كثير وغيرهم من المفسرين قالوا:هي الطرائق وهي جمع لكلمة حبيكة. وبالفعل نحن نرى اليوم هذه الطرق التي لم يرونها من قبل، ولكنهم آمنوا بها لأن القرآن أنبأهم عنها.. فسبحان الله! وفي هذه الصورة تظهر المجرات وهي تتدفق عبر مليارات السنين على ما يشبه الطرق السريعة، هذه المجرات تتدفق بسرعة هائلة وتتجمع فيما يشبه العقد، ثم تنطلق منها طرق أخرى .. وهكذا.. 2- الحبك تعني النسيج المحكم فسر العلماء هذه الكلمة أيضاً على أنها تدل على النسيج القوي والمحكم، فهذا هو القرطبي يقول في تفسيره: قال ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع: ذات الخلق الحسن المستوي. وقاله عكرمة; قال: ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه; يقال منه حبك الثوب يحبكه بالكسر حبكا أي أجاد نسجه وقد أظهرت أحدث الدراسات الكونية أن المادة المظلمة في الكون وهي تشكل نسبة عالية منه مع الطاقة المظلمة، وهي التي تتحكم بمصير المجرات، وتجبرها على التحرك باتجاهات محددة لتشكل نسيجاً كونياً رائعاً، لم يتم الكشف عنه إلا في القرن 21 ولكن القرآن كشفه لنا بكلمة واحدة هي (الحبك) فسبحان الله! 3- أمواج من الحبك في عام 2014 تبين للعلماء أن الكون جاء نتيجة تضخم كبير أو توسع مفاجئ حدث قبل 13.7 مليار عام تقريباً، وبسببه نشأت النجوم والمجرات... والشيء الغريب أن هذا التوسع المفاجئ أطلق موجات تشبه تلك الخطوط التي ترسمها أمواج البحر على الشاطئ الرملي! هذه الأمواج تميز السماء وتعتبر صفة مميزة لها اليوم، ونستطيع رؤيتها والتقاطها وتسجيلها من خلال مراصد فلكية متطورة، وتبين أن الأمواج التي أطلقها الكون في بداية تشكله ترسم خطوطاً ثلاثية الأبعاد ولكن أقرب شيء لها إذا أردنا أن نتخيل، هو الكثبان الرملية التي تضربها الرياح أو ما تتركه أمواج البحر على الشاطئ من أثر يشبه أنصاف الدوائر عندما يضرب ماء البحر هذه الرمال فإنه يرسم خطوطاً متجعدة تدعى باللغة الإنكليزية ripples هذه الخطوط المجعدة تشبه إلى حد بعيد الأمواج التي أطلقها الكون في بداية تشكله. ======= اقتباس بتصرف من : موسوعة الكحيل للإعجاز العلمي في القرآن والمشاركة بالأصل لـ : أ . محمد فهمي يوسف |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
https://www9.0zz0.com/2017/02/20/20/916109992.gif
{وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}النساء٣٤. تفسير عجيب لمعنى: "واضربوهن"* لا يمكن أن يُتصوَّر أن يأمر الله بالضرب لشريكة الحياة بمعنى: الجلد.. وهذا المفسِّر يتعقب كلمة (ضرب) في القرآن ليأتي بمعنى جديد فيقول: كنتُ على يقين أن ضرب النساء المذكور في القرآن لا يمكن أن يعني ضرب بالمعنى والمفهوم العامّي ، لأنّ ديناً بهذه الرِّفعة والرُّقي والعظمة (الدين الإسلامي) والذي لا يسمح بإيذاء قطة، لا يمكن أن يسمح بضرب وإيذاء وإهانة الأم والأخت والزوجة والإبنة. المعنى الرائع لكلمة (فاضربوهن) في القرآن ويفسّرها ولكن ليس كما يفسرها الآخرون .... "من خلال المعرفة البسيطة في اللغة العربية وتطوّرها وتفسيرها فإن العقوبة للمرأة الناشز أي المخالفة نراه في هذه الآية عقوبة تواترية تصاعدية: بالبداية تكون بالوعظ والكلام الحسن والنصح والإرشاد". فإن لم يستجبن: فيكون الهجر في المضاجع أي في أسرّة النوم وهي طريقة العلاج الثانية ولها دلالتها النفسية والتربوية على المرأة والهجر هنا في داخل الغرفة. أما (واضربوهن) فهي ليست بالمدلول الفعلي للضرب باليد أو العصا لأن الضرب هنا هو المباعدة أو الإبتعاد خارج بيت الزوجية. ولما كانت معاني ألفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه ، فقد تتبعنا معاني كلمة (ضرب) في المصحف وفي صحيح لغة العرب ، نجد أنها تعني في غالبها المفارقة والمباعدة والإنفصال والتجاهل ، خلافاً للمعنى المتداول الآن لكلمة (ضرب). فمثلا الضرب بإستعمال عصا يستخدم له لفظ (جلد) ، والضرب على الوجه يستخدم له لفظ (لطم) ، والضرب على القفا (صفع) والضرب بقبضة اليد (وكز) ، والضرب بالقدم (ركل). وفي المعاجم وكتب اللغة والنحو لو تابعنا كلمة ضرب لنرى مثلاً في قول: (ضرب الدهر بين القوم) أي فرّق وباعد بينهم. و(ضرب عليه الحصار) أي عزله عن محيطه. و(ضرب عنقه) أي فصلها عن جسده. فالضرب إذن يفيد المباعدة والإنفصال والتجاهل. وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى} طه ٧٧ أي أفرق لهم بين الماء طريقاً. {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} الشعراء ٦٣ أي باعد بين جانبي الماء. {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ} البقرة٢٧٣ أي مباعدة وسفر وهجرة إلى أرض الله الواسعة. {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ}المزمل٢٠ أي يسافرون ويبتعدون عن ديارهم طلباً للرزق. {فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ} الحديد ١٣ أي فصل بينهم بسور. ويُقال في الأمثال (ضرب به عُرض الحائط) أي أهمله وأعرض عنه. وذلك المعنى الأخير هو المقصود في الآية… أما الآية التي تحض على ضرب الزوجة {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}: فالآية تحض على الوعظ ثم الهجر في المضجع والإعتزال في الفراش ، أي لا يجمع بين الزوجين فراش واحد ، وإن لم يُجْدِ ذلك ولم ينفع ، فهنا (الضرب) بمعنى المباعدة والهجران والتجاهل ، وهو أمر يأخذ به العقلاء من المسلمين ، وأعتقد أنه سلاح للزوج والزوجة معاً في تقويم النفس والأسرة والتخلص من بعض العادات الضارة التي تهدد كيان الأسرة التي هي الأساس المتين لبناء المجتمع الإسلامي والإنساني .................................................. ... ولدينا كلمات نمارسها ايضا كأضرب عن الطعام اى امتنع عنه وتركه والاضرابات فى الجامعات او المعامل مثلا فكل معناها هى ترك العمل او الدراسة او اهمالهما والله أعلم .. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ * منقول بتصرف بسيـيط عن صفحة أخيتي الأديبة أ. رشـا فاروق ورابط الموضوع : https://web.facebook.com/permalink.php?story_fbid=2133398590207353&id=10000 6116986281 |
رد: { نبدأ صباحنا أو مساءَنا بآية كريمة أو حديث مع ضوء وتفسير}
|
الساعة الآن 08:51 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.