![]() |
(*) سنونو
تركتْ حقائبها على ضفافِ المغيبِ وهرولتْ نحو انحسارِ الغسقِ في عيني، قبالة دلهمٍ دجيٍّ أزف حِينهُ ولمَّا ينجلي بُهمُهُ الحالكُ دهرا!! لعلَّّها حسِبتْ أحواليَ المرهقةَ دُنياهمُ الفارغةَ، يأساً أو عزوفاً عن الأملْ ..ربما! أو لعلَّها ظنَّتنِي - ممهوراً بانطوائيتي - أختزلُ بيارقَ النورِ في رؤايَ، وأغبِنُ المُنى حقَّها..حتى لكأنَّها لم تكن... ** تماهت لينوارُ في لغتي حداً ظنَّ عبرهُ القارئون لكنتي مثلَّثةَ المعاني و... سداسيَّةَ المضامين!! فتاهوا.. كما تُهتُ أنــا في أغوارِ نفسي. أسبِرُها تارةً بيراعيَ الأرعنِ باحِثاً عني.. وتارةً أخرى؛ تسبرُني هيَ بمفرداتِها المُكنَّاةِ بلهجةِ الوجدانِ ..أو كما يقولون. ** عندما أتغيَّبُ عن الظلالِ فترةً، متعمِّداً أحجيةَ الغيابِ، أركُنُ للتفكُّرِ مليَّا، باحثاً عنِّي في سراديبِ أعماقِ ذاتي.. أراجِعُ طرائقَ تعابيري ومكوِّناتِ أسلوبي.. إذ لطالما حسبتُهُ تغطرسَ أفكاري وشتَّ عابِثاً بكلِّ توجهاتي - إبانَ جلستُ أحترفُ ذرف الحرفِ، كما ظننتُ أنني أريدهُ أن يندلق على أوراقيَ البيضاءَِ صراحةً وتعبيرا - نحو هذيانٍ خرجَ عن إرادتي..فباتَ ممسوساً بحلمٍ ضبابيٍّ مَهولَ المضمونِ مأفونَ التصاوير...! ** كيف ستجديني الآن في غمرِ هذا الإعصارِ؟! أم كيف تلمحُني عيناكِ الحائرة فيَّ أمداً من زهورٍ حان وقتُ عبيرِها.. ولكنَّها هيهاتَ هيهاتَ يؤتيكِ العبيرَ كأسُها.. إلا بمعجزةٍ من خريف..! ** لستُ أخطُّ الألغازَ كيلا أُفهمَ، ولستُ أتخطَّى حدودَ التراكيبِ حتَّى تضِلَّ ذائقتُكِ في مراسي مرافئ معانيَّ وجُملي.. إنَّما أطرحُني أمامكِ ..وكما أنا.. لم أختزلْ هنبسةً تُضيءُ عتمَ المعاني إلا وأوقدتُها.. آمِلاً أن تستنيرَ ملكَةُ استقرائكِ مخبوءَ روحي..كيما في سمائكِ كالسُّنونو علَّني.. وأخيراً أطير.... |
(*) ميرنامار
فارهةٌ في صمتِها... بديعةٌ في سكونِها... وآمرةٌ هنبساتِ الإيحاءِ بلزومِ الهدوءِ حزماً برزانةٍ متناهيةِ الوقار! يزلزلُ قوامُها الممشوقُ ذرَّاتِ المدى، لكأنَّها تمتطيهِ عنفواناً بالغَ التَّأثير صلابةً واتِّزانا! سيماها في عينيها الواسعتين، ونظراتِها الثَّابتةِ النَّافذةِ البصيرةِ في ملامحِ من تَرى... تدكُّها بسهامها الفتَّاكةِ ذاتَ مقتلٍ فادحِ الهلاك... ** لهدوئها ألفُ باعٍ من خُيلاء! تومي لعوالِمها القصيَّةِ المضامينِ بتوخي حذرِ البوحِ، ألا تنشغلَ أحوالُها بغوغائيَّةِ الكلام! تهمسُ للغموضِ أحاجيها رافلةً بأعاجيبِ الأحاسيس... إنَّها الضَّبابُ العاجُّ بدجيِّ ليلٍ أفعوانيِّ المساربِ والدَّهاليز! يحارُ في قراءتِها لبُّ العارفِ الخبيرِ، ذاتَ تأمُّلٍ متصدِّعِ الأركانِ، على أرضِها وعِرةِ التَّضاريس... ** جديرةٌ بتلقُّفِ الإيحاءاتِ، ولو غلَّفت بالضُّمورِ ملامِحَ التَّعابير! عجيبةٌ حينَ وقفةٍ مع ما فرَّ منها من كلماتٍ تشي بشخصيَّةٍ لافتةٍ للأفكار... على إيقاعاتِ خلجاتِ أعماقِها، تترنَّمُ مقاصِدُ الفضول! لغزٌ جميلٌ في لا قابليَّتهِ لتقبُّلِ الحلول... متمكِّنٌ من ملَكاتِ الرُّؤى، فلا ومًى يؤتي طرفُها المغناجُ الحادُّ اللِّحاظ! ** على جبينِها تسربل الضَّوءُ بمعانٍ جِسام! نورانيَّةُ الملامحِ، على عكس تيهِ كنهها، المدلهمِّ الإحداثيَّاتِ لسالكٍ أتقنَ معرفةَ الضَّياع! وعلى مقربةٍ من جمالِها الباهرِ الفرعونيِّ الملكوت؛ تتبعثرُ سُبلُ الإرادةِ على مذابحِ الانهزام... تُفقدُ العزائمُ، وتتلاشى مُقاربَاتُ الهممِ وغاياتُ الضَّمير! لتبقى في الوجدانِ، أيقونةَ أساطيرٍ مرمَّزةٍ، استعصت على الفكِّ برغمِ جمِّ المحاولات... راسخةً في تصوُّراتِ لامِحِها، مؤثِّرةً في أعماقهِ كإعصارٍ هتكَ معالمَ هدوئهِ بجسارةٍ جديرةٍ بالتَّنويه! في مفارقةٍ مدوِّيةِ التناقض، تُدرَّسُ معالِمها النَّفسيَّةُ للباحثينَ عن ماهيَّةِ قدرةِ التَّأثير! كيف تُنتهكُ حرمةُ الهدوءِ، بسطوةِ هدوءٍ، عن غير سبقِ إصرارٍ وتفعيل!؟ |
(*) إملاءات
أغلقَ دفاترهُ المتعبَةَ أحوالَ التَّوقِ والحنين وختم على فاهِ اليراعِ، بعطر الياسمين الجريحِ بَوناً من ألم! أدارَ مخيِّلتهُ نحو فضاءٍ اكفهرَّت سماءاتُهُ ضباباً وباعاً من رحيلٍ... ثمَّ.. طارَ في تلك السماواتِ، بجُنيحِ أنٍّ وهنٍّ جاهَدَ خفقَ الرِّيحِ حتى علا في مدلهمَّاتِ الذكريات.... ** "عندما أذكر رفيقةَ الرِّيحِ بيني وبيني، أتنهَّدُ بعمقٍ تشتعل عبرهُ مكامنُ روحي حياةً وأملا! أحسَبُني.. فتحتُ أرشيفَ مُنًى ساورَ تطلُّعاتي أبداً، في وصالِ أحوالها، خلفَ حدودِ الآدميينَ فالحمقى... كنتُ كذلكَ أمداً من فصولٍ، مرَّت من عمرِ الزَّيزفونِ والغاردينيا في بيتنا القديم. أتلقَّفُ من إيماءاتِها النرجسيَّةِ، أسبابَ رومنسيَّةٍ تغذَّتها ذاتي، حدَّ إشباعِ المكامنِ والإرهاصاتِ عالمَ الإنس ذا! أمضي على تحسُّراتِ خيباتِ الواقِعِ، مستبشراً بمكوثِها قبالةَ مرايايَ، تصقلُها بوحيِها الدافئِ، عنوةً عن قرِّ الشِّتاءاتِ الطَّويلة الطَّويلة... ** الآنَ.. وقد ابتلعَ الفضاءُ ساحاتِ الرُّؤى امتدادَ إملاءاتِ الأملِ، وغبنَتِ الأرضُ دوائرَ الريحِ، فحوَّلتها إلى عقيمٍ تفتِكُ المُنى، وتأسِرُ جوانِح الخيالِ وهمهماتِ لمحاتِ التفاؤلِ والفرحِ؛ أراني احترفتُ توسيدَ العوسجِ الحزينِ، هياكِلَ وأشباحَ ملهمي لغةِ اليراعِ، في محاريب الكتابةِ! أغلقُ باب أوقيانوس عزلتيَ العتيقِ، على هنبساتِ ظنوني... وتصاويرِ أعماقيَ المهترئةَ من واقعيَ اللئيمِ! وفي خضمِّ تلاشي طيفِ رفيقةِ الريحِ! واستحالةِ انبعاثِ أصدائها في عالمي برهةً من أمانٍ؛ أحزمُ حقائبَ نفسي... وألملم في مدايَ الضَّيِّقِ، حاجياتِ روحيَ المبعثرة...! لأترقَّبَ وميض النجومِ العابرةِ... يحملني معه في رحلة اللاعودة الأبديَّة، نحو ثقبٍ أسودَ تخشاهُ النجومُ! حيثُ يندثر الومضُ... وتتآكلُ الذِّكرياتُ... وتضمحلُّ الرُّؤى في مقالب الصَّمتِ والسَّكينةِ والسُّكون......" |
(*) رحيل...
شارفت على ظلالِ الحلمِ بارقةَ أملٍ... ثَمَّ! غابت في مهول الواقع، وصُعارةِ الأيَّامِ، أضغاث رؤًى، وملمَّاتِ أحوالٍ مجحفة! ** هناكَ.. في عتمات المصيرِ، دهاليزٌ من شتاتٍ جلَّلَ أمنياتِ الرُّوح.. أربكَ خوالجَ الأعماقِ، فانكفأت على لأوائها، متيقِّنةً باستحالةِ الذكرى أقباءَ ضياعٍ مرير.. ** الآفاقُ تحملُ عطرها النرجسيَّ انتشاءَ همومٍ، تنفَّست صُعداءَ المُنى تارةً من تفاؤلٍ حميم... أركستْ ملاماتِ الأناسيِّ قعرَ مداركِها المجنونةِ، وصعَّدت وتيرةَ سعيها نحو فرحٍ ما! لعلها عاينتهُ برهةً من حنين! ** تعلمُ أن حوارها ليلكيَّ اللهجةِ، ورديَّ السِّماتِ، محفوفٌ بأشواكِ الفتكِ الآنيَّةِ التأثيرِ... السَّرمديَّةِ الأثر عبر الحياة! فامتهنت أحجية الصَّمتِ، مرمِّزةً أحوالها للغروبِ الهاجعِ في مقلتيها... لوميضِ النُّجومِ، إبانَ ملكوتِ ليلها السَّاجي أروقةَ الزَّمكانِ تمرُّساً وتغطرسا! لأثيرِ الخريفِ المرتقبِ حينهُ، يتلقَّفُ خصائلَ شعرها بحنوٍّ واطمئنان... ** أومأت للحرفِ العابرِ المسافاتِ، فتواكبت إملاءاتهُ وجه الصَّفحاتِ نزيفا... ذرفت حروفُها مشاعرَ الكائناتِ كأنَّها؟! أو لعلَّ ذائقةَ قارئها المتمرِّسِ، أوحت للضميرِ ألهيَّةَ الانسكابِ! بينما..كانت تهمي لحبيبها، خفقاتِ قلبها المغمومِ منذ آلافِ السنين.. ** القمرُ حبيبُها..الليلُ سفيرُها..النجومُ دليلُها واغترابُ الأفقِ حالَ غروب شمسها الحانيةِ حالُها أبد الآبدين..! هي هناكَ إذن، تكتحلُ بمرودِ الغرابةِ عالمَ الآدميينَ غيرَ آبهةٍ بنهاياتٍ طارئةٍ تكتسحُ دنياهمُ الفانية.. إذ أنَّها عرفت منذ البداية، موئلها وملاذها الأخير في قلبٍ ما، سيبقى ضميرها المستترَ عنهم.. راحةً واطمئنانا... وسِفارةً من وفاءٍ تقبع أبعد المجرَّاتِ حيثُ تصبحُ اللانهاياتُ مسكناً للغابرين...... ***************************** *************************** ************************ ********************* ****************** ************ ******* **** ** * *نهاية سلسلة (في ظلال الياسمين) |
الساعة الآن 05:45 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.