منتديات نبع العواطف الأدبية

منتديات نبع العواطف الأدبية (https://www.nabee-awatf.com/vb/index.php)
-   الشعر العمودي (https://www.nabee-awatf.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   توأم الحرمين (https://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=28102)

طاهر عبد المجيد 05-29-2018 08:18 PM

توأم الحرمين
 
توأم الحرمين
د. طاهر عبد المجيد


منذُ التقيتكِ صورةً بخيالي
وفرحتِ بي وسأَلتِ عن أحوالي

ما عُدتُ أعرفُ كيف أمسك أدمعي
وأرتبُ الكلمات في أقوالي

ما عُدتُ أعرفُ ما أُريدُ وما الذي
لا أستطيع وما عليَّ ومَالي

وشعرتُ أنِّي لم أعدْ من يومها
وحدي أنا المسؤولُ عن أفعالي

وكأنَّني قلمٌ تُحركهُ يدٌ
مغلولةٌ بتذَّكرِ الأغلالِ

أَتُرى الزمان أعادني لطفولةٍ
ما عشتُها من قبل كالأطفالِ؟

أم أنَّ طيفَ الحبِّ أشعلَ ثورة
في داخلي كي ينجز استقلالي؟

منذُ التقيتكِ لم تغادرْ مُقلتي
قسماتُ وجهِ الشمسِ في الآصالِ

إنِّي أراها نمتُ أم أنا لمْ أنمْ
وخطرتِ أمْ لمْ تخطري في بالي

وكأنَّما نُقِشَتْ لوجهكِ صورةٌ
في مُقْلَتِي كالنَّقشِ في الصلصالِ

يا توأمَ الحَرَمينِ كيف سنلتقي
والموتُ ينصبُ خيمةً بِحِيَالي

كم من طريقٍ عنكِ حين سألتهُ
لمْ يكترثْ وأجابني بسؤالِ

وأبى الزمانُ بأن يجيب مبرراً
عدم الجواب بكثرة الأشغالِ

من يومها وأنا أُفكر ما الذي
في وسعهمْ أن يفعلوا أمثالي

فَلْتَعذريني لو أخذتُ لمرةٍ
بنصيحةِ الشهداءِ والأبطالِ

لمْ تترك الأيام لي من فرصةٍ
إلا ركوب الموت والأهوالِ

هي طلقة ٌفي القلب تفصلُ بيننا
وستنتهي آمالنا بوصالِ

أنا ملءُ قلبي يا بلادي عاشقٌ
والعشقُ حتى الموت بعض خصالي

فتزيَّني بالياسمين وبالندى
وتهيئي يا قدسُ لاستقبالي

هذي نجوم الليل تطرحُ نفسها
في راحتيك جواهراً ولآلي

والشَّمس ترمُقها بمقلةِ حاسدٍ
وتقول: آهٍ لو تقولُ تعالي

لا تظلميها إن أشرتِ لها ولمْ
تُسرعْ إليكِ مُجيبةً في الحالِ

هي هكذا الأنثى تُغلِّفُ حبَّها
ومُرادها بتمنُّعٍ ودلالِ

ولْتَزرعيها وردةً محظوظةً
في شَعْركِ المنسابِ كالشَّلالِ

أو فامنحيها نظرةً تسعى بها
بين الشُّموس بعزةٍ وجَلالِ

أنتِ الجمالُ جميعه فتبرَّعي
بالنِّصف للحُسَّادِ والعُذَّالِ

ولْتَجعليه على الجمال ضريبةً
سنويةً كضريبة الأموالِ

ما ضِيْمَ يوسف في غياهبِ سجنهِ
لو لمْ يكنْ ذا عِفِّةٍ وجمالِ
***
لكِ يا شغافَ الروح أن تتخيَّلي
كمْ بيننا من أبحرٍ وجبالِ

وكم انتظرتُ على رؤوسِ أصابعي
كمُعَلَّقٍ من رأسه بحبالِ

حيناً أقولُ لعلَّ قصةَ حبِّنا
كُتبتْ لشمسٍ في السَّما وهلالِ

وأقولُ حيناً: لا سيضحك حظُّنا
يوماً لنا أو في الصباح التالي

وأرى الزَّمان وقد أتى بجنودهِ
ليذوِّبَ الأبعاد تحت نِعالي

حتى سئمتُ الانتظار وعاد لي
أملي الوحيد ممزق الأسَمَالِ

وبدأتُ أبحثُ عن خيارٍ آخرٍ
فوجدتهُ يشكو من الإهمالِ

فَلْتَمنحيني الآن آخرَ فرصةٍ
لأراجع التاريخ بِضْعَ ليالِ

ولأجعلنَّ اليأسَ ييأسُ قَبْلَنا
ويموتُ منتحراً بغير قتالِ

ولأجعلنَّ الخوف يخشى ظلَّهُ
ويذوقُ طعم الخوف والإذلالِ

ولأجعلنَّ الصبرَ يفقدُ صبرهُ
فينا ولا يدعو إلى استمهالي

مهما تمادى المستحيلُ سنلتقي
في هذه الدنيا ولو كظلالِ

إنْ شاءَ لي هدم الجبال هدمتُها
ونقلتُ ماء البحر بالغربالِ

أو شاءَ لي جمع النجوم جمعتُها
متسلقاً ظلاً لحبلٍ بالِ

أنا لا أريدُ سوى اللقاء وبعدهُ
فليأخذوا عمري فلستُ أُبالي

وستعرفُ الأيامُ بعد لقائنا
أنِّي بهذا القول لستُ أُغالي

أنا لستُ ممن يخذلون وعودهم
ويُمرِّغونَ القول في الأوحالِ

في موكب الشهداء جئتكِ راكباً
شوق المحبِّ إلى الحبيب الغالي

فإذا وصلتُ فعانقيني ساعةً
حتى تدبَّ الروحُ في أوصالي

ويكون في وسعي الوصولُ بقبلةٍ
ليديكِ يا ذاتَ الجَبينِ العالي

آتٍ إليكِ على أكفِّ أَحبَّتي
كسحابةٍ تعبتْ من التِّرحالِ

آتٍ بقلبٍ ما ذُكرتِ أمامهُ
إلا انتشى واهتزَّ كالزِّلزالِ

يا قدسُ يا وجع القلوبِ ونبضِها
يا مُلتقى الأرواح والآمالِ

سيلومكِ الشهداء إنْ لم تنسجي
من هذه الأرواح أجمل شالِ

لكِ أنتِ أن تتخيري بإشارةٍ
مَنْ شئتِ مِنَّا قبل كلِّ نزالِ

ولكِ القلوبُ قلائداً وأساوراً
ولكِ العيونُ تَصِلُّ في خلخالِ

هيا البَسِيها كي تُضيفَ لحُسنها
حُسناً وتُصْبِحَ مَضْرِبَ الأمثالِ

ما السِّرُ فيكِ وفي هواكِ فكلُّ من
يهواكِ يغشى الموت باستبسالِ

وأراه يُنهي في هواكِ حياته
بيديهِ قبل نهاية الآجالِ

وكأنَّ هذا الموتَ فيكِ وسيلةٌ
كي تلتقي الأجيالُ بالأجيالِ

هذا زمانُ المعجزاتِ فحاولي
أن تُنجزي ما شئتِ من أعمالِ

زمنٌ بوسعكِ أن تنالي قلبهُ
بالعزمِ أو بالعلمِ أو بالمالِ

فتخيَّري ما شئتِ من أدواتهِ
ثُمَّ ابحثي عن ساحةٍ لنضالِ

«فإذا هي اجتمعتْ لنفسٍ حرةٍ»
لمْ يبق شيء يُشتهى بِمُحالِ

الوليد دويكات 05-29-2018 08:41 PM

رد: توأم الحرمين
 
لله درّك من شاعر شاعر ...
ما هذه الباذخة يا رائع !!
قصيدة مليئة بالصور البيانية الجميلة
ومليئة بفنون البلاغة والأدب ...
نسيج جميل حد الدهشة ...
هنا في هذه القصيدة مفاصل كثيرة تدعونا للتوقف والتأمل والتدبر ...
ومن هذه المفاصل ربما يشدنا كثيرا صدق العاطفة والحس النقي الرائع ...
انسابت المشاعر برقة وعذوبة ، قرأت القصيدة بيتا بيتا ، كنت أبحث ( معذرة ) عن سقطات / هفوات ...
كنت أقول : ما هذا السرد المحكم في قصيدة طويلة مترابطة ، لم أبحث عن السقطات أو الهفوات من قبيل التقليل من القيمة العالية الفنية والموضوعية للقصيدة ...
لكن هذا الشلال المنهمر كان يدفعني للخوف من السقوط في زلّة ، فإذا بها قصيدة كلما أوغلت فيه وأبحرت زادتك شعورا بقيمة هكذا شعر ...
ما هذا يا طاهر ... !!
نعم لم أقل / أستاذ ، مبدع ، شاعر ، أديب ، أريب ...
فليكتب من يشاء بعدي ما يليق باسمك من ألقاب ...أما أنا فأرى اسمك لقبا لكل جميل ورائع ...
العاطفة كما أسلفت صادقة نقية جاء فيها المزيج بين الشوق والقلق والتوتر والحيرة والتساؤلات والأمنيات والوجع والعزة ...
مشاعر كثيرة حملتها هذه القصيدة الماتعة ...
لن أطيل ...فأنا أكتب تعليقا انطباعيا جاء ارتدادا من جمال وروعة ما قرأت ، أما القراءة التي تليق فتحتاج لمزيد من التوقف والوقوف في محراب هذه الباسقة ...
انحناءة وباقات ود وورد

الوليد

الأرض المحتلة

الوليد دويكات 05-29-2018 08:43 PM

رد: توأم الحرمين
 
توصية للمشرفين فضلا ولا أمرا بتعليق هذه الباذخة في صدر الدار للقيم المتعددة لها

ليلى أمين 05-30-2018 06:04 AM

رد: توأم الحرمين
 
قصيدة أكثر من رائعة شكلا ومضمونا
كل كلمة وكل عبارة تنقلنا الى نفس المكان فنعيش معك نفس الاحساس بالحب والشوق والتقديس
وكيف لا وهي توأم الحرمين!!!!!!!!!!!!!!
قصيدة غنية بالصور الموحية ،الموغلة في أعماق الجمال لاقل مدرسة يستقي منها الدارسون وهي نموذج حي لاسمى المعاني
صور مدروسة بدقة حتى أنّك رسمت الخيال حقيقة وخاصة أن المكان يستحق
وما زاد القصيدة شموخا وأصالة مشاعرك الصادقة والتي ترواحت بين الحب والشوق والتضحية
إنّها قدسنا الحبيبة رعاها الله وكسر دابر الاعداء
بورك فيك من شاعر عرف كيف يترجم مشاعره
صدقت أخي الوليد قصيدة تعلق بين السماك
كل التقدير

ألبير ذبيان 05-30-2018 11:11 AM

رد: توأم الحرمين
 
الله
ما أجملها من معلقة مشيدة بحق الوطن الغالي
شعت عشقا وتفانيا وإخلاصا ووطنية ضاربة في جذور الأرض
امتلأت بالصور الشعرية المعنوية المعبرة والمشغولة بذوق وإتقان
ما أرقاه من بوح وأوحاها من لغة سامقة
سلمت أناملكم والحواس أيها القدير
محبتي والاحترام



تثبت

هديل الدليمي 05-30-2018 12:27 PM

رد: توأم الحرمين
 
الله الله الله
هكذا يكون الشعر أو لا يكون
لن أقول سوى أنك قرّة عين الشعر أيها القدير
لأنّك تمتلك لغة لا يمتلكها إلا صفوة من المبدعين.. ولأن توأم الحرمين أوحت لك بهذه الخريدة الفاخرة
لا بد لي من أن أنحني هنا فخرا وشرفا وإجلالا
حمى الله قدسنا من كيد الظالمين وحقد الحاقدين
دمت مشعل شعر راق
أخي المتألق طاهر عبد المجيد
مودّة بيضاء

ناظم الصرخي 06-01-2018 02:26 AM

رد: توأم الحرمين
 
أبدعت شعرًا ومشاعرًا أخي الفاضل
بوركت الحروف الناطقة بالنقاء المعبرة عن أسمى آيات الوفاء لفلسطين وقدسها الشريف المقاومة لمخططات الصهاينة الأنجاس وأذنابهم وعبيد الكرسي والعملاء والمتسلطين على رقاب الشعوب
ستبوء مخططاتهم بالفشل بعون الله وسواعد الأحرار
وتبقى القدس عاصمة فلسطين الأبدية
تقديري وأعطر تحياتي

عواطف عبداللطيف 06-03-2018 02:38 AM

رد: توأم الحرمين
 
فعلاً تستحق التعليق

ما أجمل الحرف عندما يغرد بحب ووفاء ونقاء للقدس

جمى الله القدس
وحماك ووفقك

دمت بألق
تحياتي

طاهر عبد المجيد 06-04-2018 10:11 PM

رد: توأم الحرمين
 
أخي الشاعر الوليد دويكات المحترم:

ماذا سأكتب رداً على هذا الكلام الجميل الذي لم أسمع مثله من قبل وماذا سأصف هذه القراءة الموغلة في تفاصيل قصيدتي هذه التي حظيت بقراءة شعرية مميزة من شاعر لابد أن يكون مبدعاً كي يتذوق هذا الجمال الفني ولسوء حظي لم أطلع على شعرك بعد. لقد لمست شدة إعجابك وتأثرك بقصيدتي حينما أخطأت باسمي وسميتني طارق بدلاً من طاهر وهو طبعاً خطأ مطبعي وإن ترجمتك لهذا الإعجاب بهذا الكلام الشاعري الرائع جعلني عاجزاً عن الرد ولم يبق لي من شيء إلا كلمات الشكر الجزيل المعطر بالامتنان على اقتراحك بتثبيت القصيدة.

مع خالص تحياتي.

طاهر عبد المجيد 06-04-2018 10:13 PM

رد: توأم الحرمين
 
الأخت الأديبة ليلى أمين:
أشكرك جزيل الشكر على هذا التعليق الجميل والمعبر عن قراءتك المتأنية للقصيدة كناقدة محترفة وهذا أمر أعتز به ويشرفني. أرجو أن أكون دائماً عند حسن ظن المشرفين على هذا الموقع الأدبي الرائع وأقدم ما يليق.
مع خالص تحياتي.


الساعة الآن 08:53 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.