![]() |
ديوان الشاعر / صالح أحمد
على بركة الله أبدأ بتدوين قصائد الشاعر صالح أحمد |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
شُفيتُ منَ التّعلّلِ بالأماني
مُدانٌ إن شُغِفتُ بحبِّ ذاتي = مدانٌ إن رَكَنتُ إلى الطُّغاةِ مُدانٌ إن صَبَوتُ وهِمتُ جَهلا = مُدانٌ إن عَكَفتُ على صَلاتي مُدانٌ لو رَضيتُ العيشَ صَمتًا = مدانٌ لو بَكيتُ على رُفاتي سأخرجُ يا زمانًا لا يَراني = سوى وعدٍ على شَفةِ الوَفاةِ سأخرجُ من عُيونٍ طارَدَتني = بأسواطِ الظّنونِ السّاخِطاتِ سأخرُجُ يا نِظامًا بربريًا = ينالُ مِنَ الضّحيَّةِ لا الجُناةِ فلي أهلونَ في حُرِّ الفَيافي = ولي شَرَفُ التَّصَعلُكِ في الفَلاةِ ولي بيداءُ لم تجهَل رُسومي = تُجَمِّعُني إذا طَلبوا شَتاتي ولي في صَدرِها خَلَجاتُ صِدقٍ = تُهَدهِدُني وقد كَثُرَت غُزاتي ولستُ أرومُ ماضيها افتخارًا = ولكنّي سَئِمتُ تَناقُضاتي عزيزًا أبتغي ما لم يَكُنّي = وحيدًا أستعيدُ تأوّهاتي نُفيتُ؛ فكيفَ لا أنفي غِيابي؟ = رُميتُ؛ فكيفَ لا أرمي رُماتي؟ غُزيتُ، فقلتُ لا نامت عيوني = وقد أمسى غُزاتي هم قُضاتي غزيتُ، وكلُّ من حولي خَصيمٌ = تَحاماني، وكم يرجو مَماتي على خُبثٍ يُراوِغُني سلامًا = وخَلفَ الظَّهرِ يَنصُبُ راجِماتي عَنيدا سوفَ أخترِقُ المعاني = وأبرأُ من كثيرِ تَساؤُلاتي سأعصِرُ حِكمَةَ الأيامِ عَصرًا = بأهلِ العُهرِ لا تُجدي أناتي سأخرجُ من زمانٍ ليسَ مِنّي = يقاتِلُ بالحياةِ صدى الحياةِ سأملأ للحوادثِ كأسَ مرّي = بعصرِ الشّكِّ لا تُجدي عِظاتي نُعيتُ ولم يَزَل في الجَمرِ جَمري = فكيفَ ألامُ إذ أنعى نُعاتي؟ وقد عاشوا زمانًا لم يَروني = سوى شَبَحٍ تُناقِضُني صِفاتي بعيدًا عن تُرابي عن جُذوري = غَريبًا في ظُنونِ الكائِناتِ طَريدًا لا يَنالُ سوى لِهاثٍ = ولا يقفو سوى مجدِ الحُفاةِ سأخرُجُ يا زمانًا خانَ خَطوي = وأسلَمَني لقصفِ الطّائراتِ سأخرجُ طاهرًا مِنكم ومنّي = فليسَ يَليقُ بي زَمَنُ البُغاتِ شُفيتُ منَ التّعلُّلِ بالأماني = وعُذتُ بِصَحوَتي من ذِكرياتي وقد عفتُ المَسيرَ بظلِّ إرثٍ = تساقَطَ من ذُيولِ العائلاتِ سأخرجُ من رباطِ العُذرِ قسرًا = لَكُم أسماؤُكم.. لي خارِطاتي سيرسمُ دجلتي للنّيلِ أفقًا = ويصحو من صَدى نيلي فُراتي من الصّمتِ الذي لا صمتَ فيهِ = من التّاريخِ جبّارٌ وعاتي من "البلد الحرامِ" "الشّامِ" "صَنعا" = إلى "قُدسِ" اللّيالي الواعِداتِ سأقطِفُ غَضبتي من شَمسِ نَزفي = ومن دَمعِ الثّكالى أمّهاتي سأخرجُ من جُنونِ الموتِ صَمتًا = سأخرجُ من بَريقِ اللّافِتاتِ سأخرجُ من كلامٍ ما شَفاني = وأسلَمَ طِفلتي للقاصِفاتِ سأخرجُ من بيانٍ كم سَباني = وصبَّ رصاصَهُ يغزو جِهاتي سأحملُ فوقَ كفّي روحَ روحي = فلي حُرُّ الرّدى ماضٍ وآتِ هما خوفانِ قد ماتا بِصَحوي = وتوديعي عهودَ تهيُّؤاتي فما أخشى ومِسكُ الرّوحِ نَزفي؟ = وما أبغي بدُنيا الموبقاتِ؟ وما حُلُمي إذا ما سادَ بغيٌ = وصارَ الحُكمُ في كفِّ الحُواةِ؟ وما مَجدي إذا التّاريخُ أضحى = يُسَطّرُهُ عَشيقُ المومِساتِ؟ سأخرجُ من سُباتي من رُكوني = سأخرُجُ من هَباءِ الأمنِياتِ سأخرجُ مِن حِصارٍ كَم رَماني = بآلافِ الوعودِ الخادِعاتِ سأخرجُ من حُروفٍ لم تَقٌلني = وكَم قُلتُ الحُروفَ مُحنّطاتِ سأخرجُ مِن نِداءٍ ما اعتَراني = ساخرجُ من غُبارِ تَداعِياتي بكَت "بغدادُ" فاستدعَيتُ دمعي = ليخذُلَني، ويسكنَني مَواتي وقامَ "الشّامُ" يستَسقي غليلا = فعزَّ لديَّ نَزفُ الصّافِناتِ وجفَّت في "الحِجازِ" مُعلَّقاتٌ = فما يُغني غَريبُ التّرجَماتِ؟ وناحَ "المغربُ العربيُّ" ظُلمًا = وكنتُ أسيرَ ظِلِّ موشّحاتي تئنّ "القدسُ" ملءَ الكونِ نزفًا = لها أعدَدتُ صَبرَ مخَيّماتي سأخرجُ شاهرًا إنسانَ نَفسي = وإيمانَ القلوبِ الصّادِقاتِ سأخسَرُ إن خَسِرتُ ظِلالَ عَيشٍ = وأغنمْ إن غَنِمتُ خُلودَ ذاتي |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
معنى التحام الكلّ في وجعِ الأنا
في القلب ما في القلب؛ غادِرني، ستَسكُنُ في رُؤاي وجعُ الرّبيعِ قصيدَتي، وعيونُ زَنبقَةِ الرّجوعِ نَدى غِناي وقفَ الصّباحُ على جَبيني، يستظِلُّ بهَجعَتي، ليفيقَ من شَفَقي صَداي وجعي ارتجال الآه في حَلقِ المدى، عُذرا؛ لِيَنساني سُداي لا تبكني يا وَعدُ! لا.. لا تنَسَني ... إني انتظارُ الفجرِ للفجرِ الذي احتَضَنَ اصطِباري، واستًقى عَهدا رَجاي... هي يقظة الأشواق تسبقني إلى عُمرٍ تضمَّخَ من عناقيدي... وما اقترفت غيومٌ تستفيقُ على نِداي في القلب ما في القلب، عاقِرني! ساسقيك ارتعاشاتي؛ ليُنكرَني هَواي... راحت إلى الأفق البعيدِ ملامحي، فسكنتَها؛ لتظَلَّ تذكُرُني يَداي! يا شوقُ علّمني جنونَ الرّيح كي أنسى بأنّ اللّيل يسرِقُ من غدي ويصيرُني الأفقُ البَعيدُ يَمامَةً هدَلَت لِيَبدَأ مَولِدي... في شارِعٍ لا يستقيمُ ليستقي خطوي، ولا يشتاقُ كي أسقيهِ نَبضي روحي فدا قلبٍ تغرّبَ كي يعيد بناء أمنيتي، وجسرٍ من هُداي في القلب ما في القلب خالِلني؛ لتحملَني اندفاعاتُ الحياة إلى سَناي روحي وروحُك في المدى أفقٌ معالمُهُ انصهاري فيكَ لونًا من جَناي وهنا خلعتُ ملامحي كي أعتريكَ قصيدةً سكنت شَظايا الموجِ، واحترَقَت بِها وغدت ظلالي بسمةً غرّبتها زمنًا عن الأوهام، عن مرمى اكتئابي فتصعّدي يا لهفتي كي نلمِسَ الجرحَ الذي يَجتاحُنا لنَعودَ في وجعِ التّرابِ منذُ اختِمارِ الوَقتِ في الجَسَدِ الذي ما عاشَهُ؛ اشتَبَهَ الزّمانُ على المَكانِ.. أوَت ملامِحُنا إلى فصلِ الإيابِ في لُجّةٍ صرنا، وتُسلِمُنا مَخاوِفُنا إلى سَبَقِ التّداعي؛ نركَبُ الأمواجَ، نلهَثُ خلفَ ما يبدو، وما يُلقى، وما حَبَكَ المُرابي... في شارِعِ الأحلامِ تُسلِمُنا مواجعُنا إلى عَبَقِ السّرابِ ماذا يقولُ صَدايَ للآتي على شرفِ الغيابِ؟ يا أيُّها الكَفُّ المُنادي كلّ من عَبَروا هنا: هذا الغبارُ غُبارُهم؛ يُلغيكَ إن أودَعتهُ الوَجَعَ الأخيرَ، ترَكتَهُ يُغريك! هذا البريقُ بريقُهم؛ يُشقيكَ أن أتبعتَهُ القَبَسَ الأخيرَ مفازَةً لصعودِهِ... وصُعودُهم يُرديك! في شارِعِ الأشواقِ لستَ مُغرّبًا... في شارِعِ الأشواقِ منكَ إليكَ ما يَهديك! في القلبِ ما في القلبِ؛ سابقني إليكْ... أحياكَ؛ كي أحييك! كن ما تكونْ.. في شارع الأشواقِ متّسعٌ لعشاقِ التّرابِ في شارِعِ الأشواق يرتعشُ اغترابُكَ لاقترابي في شارِعِ الأشواق تختلفُ الرّؤى حتما، وتختلِفُ المواسِمُ، والمراسِمُ، والعوالِم.. في شارع الأشواق تتحدُّ الأماني، والمعاني، والمقاصدُ، والقواسمُ، والمواني... في شارِعِ الأشواقِ معنى أن أراكَ لكي تراني... في القلبِ ما في القلبِ؛ كُنّي... نهضَةً تلغي غيابَكَ مثلما تُلغي غيابي لا شيءَ يعتَنِقُ الضّبابَ سوى الذي قسرًا تغرّبَ عن حدودِ الذّاكرة... لي خُطوتي في حضرةِ الإشراقِ تحفَظُني مَعالِمُها كَيانًا للزّمان لي خطوتي في حضرة الإشراقِ؛ كيفَ أموتُ في لغةِ الغريب؟! في القلبِ ما في القلبِ؛ كنّي؛ كي أكونك... واحذر صعودَكَ في مكانٍ ليسَ منكْ! إنّ التّغرّبَ يا أخي يُلغي زَمانَك! في القلبِ ما في القلبِ؛ صوّرني كما يحتاجُ أفقُكَ كي نَؤوبَ إلى النّهارْ كلُّ المعالِمِ يا أخي إن لم تَكُن نبضي ونَبضَكَ محضُ رعشاتِ انبِهارْ في القلبِ ما في القلبِ؛ قل لي: كيفَ يُمتَحَنُ السّلامُ بلا سَلام؟! في القلبِ متّسَعٌ لألوان الرّجوعِ إلى مواسِمَ لا تغرُّبُ ظاهِري عن باطِني فلتحرقيني الآنَ عشقًا يا معالِمَ خطوتي... نحو المدى الموسومِ في لُغتي التي عانقت فيها كل من عشقوا التحامَ الكلّ في وجع الأنا.. في القلبِ ما في القلبِ؛ قُل لي: كيفَ تُمتَحَنُ المُنى؟! أو كيفَ يُمتَحَنُ الطّريقُ أمامَنا ووَراءَنا؟! أو كيفَ تُمتَحَنُ البدايَةُ، والحكايَةُ، والوصايَةُ، والشّكايَة...؟ في القلبِ ما في القلبِ؛ كُنْ بي رعشة المشتاق يبحَثُ عن معانينا بنا... وتعالَ نعتَنِقِ اللّغة... |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
طعنات الرّمح الوثني
عجلات الأيام دوائر أيامي تستعمِرُ نبضي والفجر بعيدٌ عن بابي يسقطُ في زحمة أسئلتي وجعُ الأحلام يعاوِدُني أترنّح عند مدائنِ غيم يعصف بي وجعُ الزّيتون كلماتي تسقطُ فوق جبيني أسأل عصفورين اتّحَدا ... رغمَ جنونِ الطقسِ عناقا! عن سرّ الغزوِ الزّبدي أغمضُ عن وجع الأفكارِ عُيوني أذوي في كَهفٍ يسكنُني ويدايَ تخربشُ سرَّ الرّعد *** عجلاتُ الأيّامِ حكاية القدسُ تحاور جرح الحِسّ الغفلة رمحٌ وثَنِيٌّ نامت عن لعنتِهِ الصّحراء هولاكو في أعقابِ هرقل يسطونَ على المدنِ الكَسلى تتعمّد في رملٍ لغتي البحرُ تَصلّب فيه الموج البحرُ اعتنَقَ صليبَ الموت البحرُ انتحلَ أغاني الجثثِ المنفيّة يعشقُني البحر فأنا أغنيةُ الكلماتِ المطعونةِ بصليبِ الرّعشة والرّعشةُ شريانٌ أسود نيرونُ، هولاكو، إسكندر، كسرى، قيصر... الأفق صليبٌ يتكسّر ديجورٌ يسكنُهُ رمحٌ وثنيّ معقودٌ فوق صليبٍ لفظَتْهُ الموجاتُ الغَضبى ويراوغُها الحبرُ الأسود وانا يخنقُني نسياني وبقايا أسئلتي المصلوبةِ في الرّأسِ المقموع والبابُ الموصَدُ والجثثُ المنفيَّةُ خلفَ القهر *** عجلاتُ الأيامِ غِواية صحرائي أنثى والزّحفُ يراودُ سكرتَها عن لحظةِ سَيل جنيٌّ يمسكُ معصمَها داحسُ تبلعُها الغبراء يصحو الليلُ ليشربَ نخبَ الزّمن السّاكنِ قلبَ الرَّمل للأعمى أكشفُ خاصرتي وشوشَني صِلٌّ يتلوّى ميئوسَ الوصل في القاع كُليبٌ يَستَمرِئُ نزفَتَهُ الوَحل أهوائي قافلةٌ توغلُ لحدودِ الظّلِّ المُستلقي ملءَ عُيوني الزّمنُ سرابٌ يجذبُني لعيونِ خريفِ مُغتربٍ وأنا أحدوهُ إلى ظَمَئي بسكونٍ أكبرَ من وزني في كهفِ الليل أفتح نافذتي وكُليبٌ يستلقي فيها لا أجهل ألوانَ العذر! الأعمى يدركُ لونَ العَبَثِ الزّاحفِ خلفَ حدودِ الموت! في الأفْقِ سحاباتٌ تغرُبْ تحتدُّ سمائي صافيَةً وجروحي عطشى للكلمات *** عجلاتُ الأيّام مرايا حبلُ غسيلٍ يغوي قمرا في ليلٍ مطعون يزأرُ أسدُ البيدِ العاشِق: فيحاءُ عيونُك تدعوني لوليمةِ حُب ليلٌ، شَبَقٌ، زبَدٌ، رعد... في الأفْقِ صهيلٌ يتعثّر وسرابٌ خلف غبارِ الوعد وبلادُ الزّيتِ الأسودِ توقِدُ شَمعتَها بِعيونِ الموتى من ثقبِ الغيمات يتراءى مُهرٌ عربيّ يصهلُ للموت *** عجلاتُ الأيام سبايا الرّمل عيونٌ موغلَةٌ بحروقِ الوَجد ليلٌ يتصابى فوق ضبابِ خليجٍ تسبيهِ الموجات في الليل تدورُ حكاياتٌ الحكمةُ نخلٌ يحضنُه شفقٌ يتزيّى بجديلة الغيمة لهفةُ عذراءٍ، ترتقب البدرَ، تبادلُه سرّ الدّمعات الصّمتُ صلاة لا قلبَ هنا يسكنُه الحزنُ الغاربُ عن معناه تَلتَبِسُ الشمسُ على مدنٍ يسكنُها الخوف تغزوها زوبعةٌ صفراء قلبُ الليل؛ يستجدي غابر أندلسٍ لحدود الوصل.. تنبت في كفي داليةٌ يغويها الصمتُ المتعرّي تمتدُّ... إلى السّلك الشّائك في بيسان يوقِفُها راعي البقر هناك يرتعش الصّمتُ عناقيدا يتلوى وجعا قصبُ النّهر يغتال الأمريكي هناك تعانُقَنا يتوسّلُ عودٌ خطّ الضفّة: ضميني... ينتصب الليل! *** عجلات الأيامِ خبايا طيّارات الغزو تحوّم طفلي يتربّص بفَراشة تتوقّع أن يصعَدَ فجرٌ من كرمِ اللوزِ صبايانا من قلبِ الفرحةِ تقفزُ أطيارُ الحبّْ يرجعنَ شموسًا مطفأة بثيابٍ بيض أغصانُ الزّيتونِ الجَذلى تغرقُ بالدَّمعْ يرتعشُ الموت على بابي الفجر الزّاحفُ... نافذتي تتحدّاها: أمريكا، والسّلك الشّائك.. رمحٌ وثنيٌّ وصليبٌ ينغَرِزُ بخاصرةِ المشرِق... يورثُها الحزنْ... *** عجلاتُ الأيام مَزايا ألوانٌ يسكُنها الليلُ ريشاتٌ بعثرها القصفُ المجنونُ لأجنحةِ الحلمِ المستَسلِمِ للرّيح ضُمّيني: قال الشّفقُ المتسرّبُ من جرحٍ أرعنَ للأرض ضُمّيني: قالَ لها ... وانهَمَرَ الحلمُ من الخيمة... والليلُ طَوتهُ عباءَتُها فتسلّل طفلٌ من شرفَةِ قلبٍ مفتوح يستفهِمُ عمّا تفعلُه الدّبابةُ في حضنِ الصّحراء الليلُ جراءٌ تَتَنابَح العتمةُ رمحٌ وثنيٌّ منصوبٌ فوق قرونِ الثّورِ الخائرِ في وجعِ الصّحراء والنّقبُ الصاعدُ أغنِيَةٌ تعزفُها الأوتارُ العذراء يرنو للشّمس ويموتُ الحِس تكويهِ النّار نارٌ صهيو أمريكية تغتالُ عيونَ الحرّيَّة تغتالُ براءاتِ الصِّبيَة كتُبُ الأطفالِ... مقالمُهم... أرغفةُ الخُبز تتبعثَر بعثرَها جنديٌ أزعرُ منفوخُ الصّدر يتسلَّحُ بالفيتو الآثم الخيمةُ تهوي تحتَ النّار باسمِ الحرّيّةِ تهوي الخيمَة والطفلَةُ تلحقُ نَعجَتها خلفَ الكُثبان تتأمَّلُ وجهَ حبيبَتِها.. خَيمَتِها تتساءَلُ عمّا يفعلُهُ الصاروخُ الأمريكي الأرعنُ في قَلبِ الصّحراء تحتضنُ الطفلةُ نعجَتَها ويطولُ نداء الرّملُ الدّافئُ خَيمَتُها والشّمسُ رِداء والنّقب بأوتارٍ عذراء في ليلٍ هدّ سكينتَه طمعُ الأشباح يعزِفُ في قلبِ مواجِعِهِ أحزانَ القدس |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
خوفًا يصيرُ الوقتُ إنسانَ المدى
ليلٌ وأغنيةٌ صداها في ضلوعي =والآهُ تَنهَلُ من سُكوني، من خُشوعي والذّكرَياتُ مَضَت تُسافِرُ في دَمي =هي رِحلَتي، ولها نصيبٌ من دُموعي صمتي نشيدُ الوَقتِ أغنِيَةُ المدى =بي يَستَريحُ، لدَيهِ ينساني رَبيعي يَغتالُني لَيلي وأسكُنُ لونَهُ =فَيَصيرُني... وأبيتُ تنزِفُني شُموعي واهًا لقلبي كم كَتَمتُ نشيجَهُ=ومَضَيتُ يُنسيني الشَّقا شوقًا رُجوعي والدّربُ يأخُذُني لأنفاسِ المَدى=لأصافحَ الدّنيا وأمنَحَها وُلوعي عمري الضِّياءُ ونَهضَتي أيقونَني =والفَجرُ مشكاةُ الرّؤى مَرقى سُطوعي في كلِّ سُنبُلَةٍ زَرَعتُ نَضارَتي =سهمًا رمَيتُ بعَهدِهِ خوفي وجوعي الصمتُ يطلُبُني عيونًا مَلَّها =ليلٌ تشَرَّبَني لينهَضَ بي صَقيعي فمضيتُ أقتاتُ الرّجا لعناصِري =لتصيرَني، ويصيرَ إنساني شفيعي والآهُ ترحَلُ يَعتَريني رَجفُها =فأفرُّ من وَجَعٍ تمرَّدَ في صُدوعي ويخافُني صوتي كأنّي كُنهُهُ =خوفي صدى زَمَنٍ يُقزِّمُهُ خُضوعي يا غربة الأشواق في لون النّوى =إذ يرتجيني الصبرُ؛ ينساني ذيوعي الموتُ قهرًا والتّمزُّقُ غربةً =عمري، ولونُ الأفقِ؛ لا هانَت جُموعي الدّهرُ يمضي والليالي حِصنُنا =والحلمُ تربتُنا، فأين تُرى زُروعي؟ |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
صوامِعُ الأسرار
الحُبُّ صوتٌ في جَوانِحِنا سكَنْ ما أصغَرَ الأحلامَ... مَسرَحَها الشَّجَن قامَت تُهَدهِدُ من نشيج الرّوحِ... فارَقَها الجَسَد! يا أيُّها الدّفقُ الذي ما مَلَّ شِرياني اتّقِد وامنَح رواء الشّوقِ وجدانًا تَغَشّاهُ السّكون... غيمٌ ينوءُ، وموجَةٌ حنَّت إلى أعماقِها وجراءَةُ الآتي تهزّ عروقَنا... وعدًا توزِّعُ فيأها... مطرًا على أفقٍ أكيد. تمشي على أهداب أمنيةٍ تُحاذِرُ خدشَ سرٍّ ... عاشَنا فَزَعًا... وعشناهُ احتقانا.. نَخطو... ورعشةُ خطوِنا من برزَخِ الذّكرى تُحيلُ نِداءَنا... شَغَفًا يُحاوِرُ بالحنينِ نُهى الحَنين والصّوتُ يَحمِلُني إلى وطَنٍ يُعيدُ صِياغَةَ الأشياء من عمري... ليَسكُنني وطَنٌ هنالِكَ يشتَهي شَفقي ، ويجبِلُ من ملامِحنا تضاريس السّكينة *** يا حُرقَةَ الأشواقِ مَن رَسَمَ الحدود ليصوغَ لونَ السّرِّ بالصَّمتِ المُباحْ ذا الفجرُ لَملَمَ لونَهُ من عُمقِنا حُبًا... ليَسكُبَنا على شَفَةِ الصَّباح سكَنَت إلى شطِّ العتابِ جراحُنا ومَضَت.. تُردِّدُ نَشوَةً سُوَرَ الكِفاح فتَوَضَّئي يا شَمسُ من لَهَفاتِنا وَدَعي الصِّياحَ يُفِقْ على وَجَعِ الصّياح *** ها يا جُنوني عادَ سِرّي يَكتَوي من جمر سِرّي نَحيا.. نَسيرُ... وثُمَّ يأتي مَن يُبَدِّلُ بَوحَ ألوانِ الحكايَة وإذا استَباحَ الرّيحُ صَدرَ غُيومِنا... عُدنا إلى لَونِ الضَّنى... لنَصوغَ من وَجَعِ المَلامِحِ مِلحَنا ونَشُدَّ من عُنُقِ الرّياحِ لنا جَناح. *** أيُّ الطّقوسِ يكونُني لو عِشتُ أُذعِنُ للرّحيلْ سرّي جُنونُ مَواجِعي... والرّوحُ تروي بالعليلِ صدى العليلْ... وأنامِلُ الوِجدانِ تَرسُمُ رحلَةَ الأيامِ تُسقى مِن شَرايين الرِّياح والجُرحُ فاضَ على ضِفافٍ تشتَهي غَضَبَ الكَيانِ لكي يَعودَ بلا فَلَك وصَوامِعُ الأسرارِ تَفتَحُ صَدرَها لُذْ يا جُنوني من جُنونٍ أثقَلَك *** وجَعُ الحُروفِ للَهفَتي... وجُنونُها للأمنِيات... الحرفُ يَختَصِرُ التّضاريسَ التي حَمَلَت شَظايانا إلى حِضنِ الجِهات لا صمتَ في الحرف الذي احتَضَنَ المواجِعَ، واكتسى شَرَفَ السّكينة الحرفُ يَعتَنِقُ الجِهات! وهناكَ؛ في شفَةِ الزَّمانِ؛ يَصُبُّنا... أنشودَةً ثَكلى، وغيمًا يشتَهي أفقا يصيرُ لهُ إذا انتَصَبَ السَّراب ليَقومَ عصفورُ الحكايَةِ هاتِفًا: أنَّ الرّياحَ تَشُدُّ من عَزمِ الرِّياح وبراءَةُ الآثارِ لا تخشى المغيب وجَراءَةُ الأيامِ تَسكُنُ حُلمَنا وجعًا تُثيرُ بهِ اللّهيبَ على اللّهيب فَمواسِمُ الشّوقِ التي تَجتاحُنا عاشت تفِرُّ من الوجيبِ إلى الوَجيب وغَدًا سنَخرُجُ مِن ملامِحِ أمسِنا حَرفًا يحاذِرُ بالغريب رؤى الغريب *** هل تَكبُرُ الأحلامُ فينا ؟ هل تصيرُ غَدًا مطَر؟ ومواطِنُ الأشواقِ تسكُنُها سَحابَة... وحروفُ أغنيَتي التي صارَت إليّ... هل سوفَ تغدو ومضَةَ الفجرِ المُباح؟ |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
رمضان أهلا ...
أمّتي نامت .. وتصحو أنت من وسط اللهيب رمضان أهلا... ما شكا جرحي... ولكني أغار على النحيب من النحيب رمضان أهلا ... ما غفا جفني... ولكني رأيت الليل أطول من صمود الرمش في وسط اللهيب رمضان أهلا.. طفلتي اعتصمت بصدري... واتكا طفلي على قلبي... وجافاني الوجيب... وصحوتَ أنت... وعشت فيَّ ... ولن تغيب رمضان أهلا أمتي نامي... فما نامت حجارة قدسنا.. تستصرخ الدهر الأصمَّ... ولا مجيب! نامت شآمي... واستكانت مصر... فانتصب اللئام. هاج الخِضَمُّ على الخِضَمِّ اليومَ يُختبَرُ العظام هاج الزحام على النِّيام وأنا ركبت الموجَ للموت الزُّؤام الليل والبيداء ما عادت لتعرفني وأنكرني الصُّحاةُ مع النيام رمضان أهلا... أمتي لاذت بكهف ظنونها!! وكأنما ضربت على آذانها.. فلا صراخ القدس هزَّ شعورها ! ولا دما بيروت هزَّت وجدها .. ولا نيوب الصرب هزّت جلدها ولا شرور الغرب قّضَّت نومها ..!! رمضان أهلا... أمتي قد أسلمت لليل كل شؤونها فغدا ظلام الليل ستر قلوبها... وعدا ستار الليل سرج خيولها.. وغدا سواد الليل نور عيونها وغدا سكون الليل عصف شجونها وغدت رياح الليل عزف لحونها ومن الدُّجى قبسوا سواد ظنونهم نسجوا عباءة مجدهم غطّوا بها شمس الضحى وقد استحبوا وارفات ظلالها لن يسألوا بغداد عن أحزانها لن يسألوا عن جرحها ... عن دمعها.. لن يأبهوا إن جرِّدت من طهرها... من مجدها... لن يسألوا من جاء يكشف سترها ... من جاء يغصبها عروس المجد راية مجدها ...!! رمضان أهلا ... لا تناديهم .. فهم لن يخرجوا في الشمس... تحرقهم طهارة نورها... لا تدعهم رمضان... بغداد لا تخفي حقيقة أمرها... قاموا يقيسون المسافة بين ما تبدي .. وما هم يكتمون ويجسدون على جلود طفولة هجعت ... عظيم الفرق بين براءة الفجر؛ وليل الظالمين قاموا يقيسون المسافة بين من وقفوا بنور الشمس لا يلوون عن طلب الحقيقة .. وارتشاف ندى البطولة رغم ما في الكون من قفر... ومن عجف السنين وبين من لاذوا بظل عباءة ... لا تستر العيب ... ولا تخفي الظنون ! رمضان دعهم ... يطلبون المجد أمنية... وأغنية!! وليلا كم تمنوا أن يطول فيسلمون .. رمضان دعهم لم تخف بغداد يوما من مهاجمها ... ولا هانت عزائمها .. ولا دانت لظالمها بعزم رجالها صانت مواقفها بحد سيوفها صانت معالمها ... فأضحت شوكة في حلق حاسدها .. رمضان دعهم ... وسل تاريخها عنها ... فلا التتار ... ولا الصلبان ... نالوا من مكانتها رمضان دعهم ... حجار القدس لن تنسى صلاح الدين ولا بيسان قد تنسى صدى حطين .. ولا شامي سيبقى العهر يحكمها ولا مصري سيبقى الذل يلجمها .. ولا قومي سيبقون بغفلتهم ... رمضان صبرا دع الدنيا تعلمهم... بأنا لا نزال بها دعاة الخير والتقوى رمضان صبرا ... أنا لا أطحن الأحزان .. أنا لا أزرع الشكوى أنا لا أنكر الواقع أنا لا أنفخ النيران رمضان صبرا ... تطلع الشمس غدا وسيبصر العالم جرحي ويشهد العالم حقي .. رمضان صبرا ... زُلزلت أرض المُساوم.. وانزوى ليل المقامر .. وارتوت أرض المجامر أدمعي ... فتقدموا يا إخوتي فوق اللهيب وصفقوا للنائمين هنا يصير المشرق المطفيّ أغنية يرددها الزمان ... رمضان صبرا... أشرقت شمس ولكن من بعيد من مغرب قد أشرقت ... طَهَّرت نزف الأشاوس في محاريب الصمود... فشع طهر الأقحوان .... رمضان مهلا ... لم تسافر أمتي خلف الأبابيل .... ونامت حط طير الطهر في فوق ذرى "الشيشان".. في غزتي يشدو وفي بغداننا وفي أفغان... رمضان مهلا ... ضمَّني نسمة عطشى لصوم ... لا يدانيه سوى شرف الرجولة ... وذُرَّني عبقا بميلاد الأصالة ... شُدّني نحو التحام الصدق في دفق الصّمود... رمضان ما صمنا !! ولكنّا تعلمنا نشيد الصائمين .. على ذرى الإيمان في وجداننا ... نزفا ... وعيد... رمضان مهلا ... قل لهم ... إخواننا ... بصمودكم ... عدنا وعاد المجد يرسم خطونا ... بذلا... وعيد... |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
نداء الحق
سعيًا إلى فَجرِ الحَياةِ نَبيلا *** واسـتلهِموا صَفوَ النُّفوسِ سَبيلا لا فـجـرَ إلا بـانتصارِ محبّةٍ *** رانَـت على شَرَفِ الحياةِ قُبولا وسـدادِ رأي واجتماعِ مَبادِئٍ *** ورشـادِ فـكـرٍ يَستثيرُ عُقولا وإبـاءِ نـفـسٍ، وادِّخارِ عزيمةٍ *** تـأبـى إذا مـالَ الزّمانُ خُمولا هيّا فـما الأحلامُ تَنفَعُنا ولا *** عَـونُ الـغريبِ يُنيلنا المَأمولا مـا بـالـعـويلِ نعيدُ فينا عِزَّة *** سُـلـبـت فصرنا خائِفًا وكسولا قـومـوا كـأني بالزّمان يهزُّنا *** وبـكـلِّ سـانِـحَةٍ يدقُّ طُبولا مـا بـالُكم رانَ السّكونُ بأرضِكُم *** جَـرَّ الـهوانُ على الرّبوعِ ذيولا وغَـدا الـسّـفيهُ بأمرِكم مُتَحَكِّما *** وقـد اسـتباحَ الحقَّ والمعقولا صـوتُ الغِوايَةِ قد تجرّأ وانتَشى *** والـقـلـبُ أمسى مُغْلَفًا مقفولا والـبـيتُ أضحى للفراقِ مَباءَةً*** مـا عـاد يـجمعُ صاحِبًا وخليلا وكـأنـّني ما عدتُ أبصرُ عَيشَنا *** إلا مَـخاضًا في الرَّدى ونُزولا يـا أيـُّهـا الإخـوانُ قد عمَّ البَلا *** وغَـدا الـمُصابُ مُثَبِّطًا ووَبيلا فـي كـُلِّ رُكـنٍ قد ألمَّت فِتنَةٌ *** أرخـَت على سَعيِ الكِرامِ سُدولا وأتـَت عـلى نهجِ المحبَّةِ والصّفا *** وقـد اسـتباحَت حُرمَةً وأصولا هُـنّـا وفرَّقَنا الزّمانُ فلا نُرى *** إلا شَـريـدًا في الورى وقَتيلا أو قُـل شَراذِمَ في الشَّتاتِ فلا نُرى *** إلا نُـقـاسـي غُـربَةً ورَحيلا مـا بـيـن خَصمٍ يَستبيحُ دِيارَنا *** وقـد اسـتـَحَلَّ دماءَنا وحُقولا وأخٍ ضَعـيفٍ يَستهينُ بأمرِنا *** لا سَـلَّ سَـيـفًا أو أعَدَّ خُيولا وإذا بـأمَّـتـِنـا تعيشُ تَمَزُّقًا *** نِـتَـفـا يلوذُ بها الزّعيمُ ذَليلا سَـوطًا على ظَهرِ العَشيرَةِ موجِعًا *** ولَـدى الوَلائِجِ خانِعًا وعَميلا مـن دارَ فـي فَلَكِ الزَّعيمِ أثابَهُ *** عـِزًا وجـاهًا والمُخالِفُ غيلا! قـومـوا إلامَ يَظَلُّ يَحكُمُنا الرَّدى *** فـي كُـلِّ ساحٍ راعِشًا وجَفولا ثوروا فَهلْ مَلَكَ الطُّغاةُ حُتوفَنا *** وهـلِ الطُّغاةُ تَناوَبوا عِزريلا؟ مـا هُـم ثِقوا إلا روابضَةً أجا *** دوا فـي مَـجالِ الفِتنَةِ التَّدجيلا فـقِـفـوا بـِوجهِ الظُّلمِ سَدّا مانِعًا *** صَـفًّـا تَـأَبّى صامِدًا وثَقيلا فـي مَوقِفٍ لا يَعتَريهِ تَراجُعٌ *** نَـأبـى بِـهِ التَّأويلَ والتَّعديلا لَـغـوٌ إذا كـنّـا نُريدُ كَرامَةً *** مـا لَـم نُحارِب جاهِلًا وضَليلا سـنُـعـدُّ لـلـجُلّى يَقينًا راسِخا *** نـورًا نَراهُ لأمـرِنـا إكليلا لا مـا عَـدِمـنا خبرةً ودرايَة *** لا مـا عَـدِمـنا حكمةً وعُقولا لـكـنَّ ما نحتاجُ صدقَ توكُّلٍ *** لـلـحَـقِّ يـسمو غايَةً وشُمولا وصـفـاءَ نـفسٍ واكتمالَ عقيدةٍ *** بـالـخـيرِ زادَ نُفوسَنا تَأصيلا هُبّوا استعيدوا مجدَنا فَلَطالَما *** تُـقْـنـاهُ مَجدًا في الزَّمانِ أثيلا مـجـدًا بَـنـاهُ السّابقونَ بعِزَّةٍ *** كـانـوا بِـحَـقٍ أوفِياءَ عُدولا والـيـومَ يـأتيني الزّمانُ بِريحِهِم *** وأنـا أُعـانـي مُبعَدًا مَذلولا وتـَهـزُّنـي الذِّكرى لأبدأَ رِحلَتي *** لـلـنّـورِ يَبقى زاخِرًا مَوصولا مـن يـومِ نودِيَ في رَبيعٍ باسِمٍ *** وُلِـدَ الـحـبـيبُ مُؤمَّلا مأمولا واهـتـزَّتِ الـبَطحا لِمولِدِ أحمدٍ *** لـلـمَـجـدِ كانَ مُشَرَّفًا وسَليلا وازدانَت الـدُّنـيا لِمولِد نورِها *** لـكـأنَّـما أضحَت به قِنديلا وتـعـلَّـقـت كلُّ القلوبِ بنورِها *** فـرَحًا وقد رأتِ الظّلامَ اغتيلا وغَـدا بـمـِحرابِ البَراءَةِ مِشعَلًا *** بـالـنّـورِ يَـسعى هادِيًا ودَليلا يـا سـيـّدي وملَكتَ كُلَّ عَظيمَةٍ *** خَـلـقًـا وخُـلقًا سامِيًا وجَليلا فـي الـخُـلقِ قلبًا حانيًا مُتَسامِحًا *** وبِـكُـلِّ سـاحٍ ساعِدا مفتولا يـا سـيّدي أدعوكَ من قلبٍ صَفا *** والـجَـفـنُ يسهَدُ بالدّموعِ بَليلا يـا مَـن خَلا بِجوارِ ربٍ عالمٍ *** لـلـذِّكرِ مُعتَزلًا... ولا مَعزولا وحَـظـيتَ بالنّورِ المُنَزَّلِ شِرعَةً *** وجُـعِـلتَ بالنّورِ العظيمِ رَسولا فـالـكـلُّ يقبِسُ من سَناكَ مَحَبّةً *** نورًا... ويَبغي بالحبيبِ وُصولا يـا سـيّدي وتَركتَ فينا مَنهَجًا *** جـيـلًا تَـوارَثَـهُ التُّقاةُ فَجيلا مـن سُنَّةٍ ما كُنتَ تَنطِقُ عن هَوى *** آيـاتِ ذكـرٍ نُزِّلَت تَنزيلا وَقَـرَت بـذي القلبِ المُهيَّأ حِكمَةً *** فَـصَـفـا كَيانُكَ واشرأَبَّ جَليلا يـا أيُّها القاعُ الذي اضطربت به *** كـلُّ الـحَـقائِقِ جُملةً تفصيلا عودوا إلى الدّينِ القَويمِ ووحِّدوا *** وذروا صـراعًـا فُرقَةً وغَلولا يـا سـيِّدي والصّوت لم يفتأ بنا *** حـيًـا يـنادي صافِيًا وأصيلا نـورًا يَـظَـلُّ لكُلِّ قَلبٍ مُؤمِنٍ *** بـالـحُـبِّ يَسعى بالأمانِ كَفيلا حَـربًـا على الطُّغيانِ لا مُتهاوِنًا *** بـالـحَـقِّ سَيفًا قاطِعًا مَسلولا لا يَـرتضي التَّفريطَ في أركانِهِ *** لا يـَرتَـضي التّحريفَ والتَّبديلا يـا سـيِّـدي وقد ارتضَيتُكَ قُدوَةً *** تَهدي النُّفوسَ وتَكشِفُ المَجهولا يـَأبـى لِواؤُكَ في الزَّمانِ تثاقُلًا *** أبـدًا تَشـامَخَ لا يُطيقُ أفولا وحَـشَـدتَ في الدُّنيا نُفوسًا آمنَت *** قـامـوا رَعـيلًا يستحِثُّ رَعيلا هَـيهاتِ يَرجِعُ ما مَضى إن لم نَعُد*** نَـبني ونَصنَعُ في الحَياةِ جَميلا |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
سهمُ المدى
عجِبتُ، ما عَجَبي = من خائِنٍ وغَبي! الكلُّ يَطلُبُني = ما السّرُّ في طَلَبي؟ أنا الذي حالي = في شَرِّ مُنقَلَبِ الرّيحُ تَحكُمُني = شَرِّق أو اغتَرِبِ والطّقسُ يَرسمُني = كالظِّلِّ للسُّحُبِ لا حَيَّ يَرجوني = غيثًا لمُنتَكَبِ الكلُّ يُبصِرُ بي = وَجهًا لمُكتَئِبِ ما دُمتُ من عُذرٍ = آوي إلى سَبَبِ عمري صَدى خَطَرٍ = يقتاتُهُ هَرَبي يا ليلُ يا وَطَنًا = يحلو لِمُرتَعِبِ يا قلبَ مُرتَعِشٍ = بالهمِّ مُرتَقِبِ يا سارِقًا حُلُمي = وأنتَ لَم تَهَبِ هل زَفرَتي إلا = إيقادَةُ التّعَبِ أعوذُ من قَزَمٍ = أُرصَدُ مِن ذَنَبِ مدينَتي وَجَعي = أسرارُها حُجُبي الهمُّ أغنِيَتي = قيثارَتي عَصَبي مُعَذِّبي صَمتي = وَمُلهِمي غَضَبي وأظَلُّ من قَلَقي = آوي إلى رِيَبي هَوايَ أمنِيَةٌ = صِدقي بها كَذِبي والدّارُ في مَنأى = عَنّي وعَن أَرَبي ناجَيتُها زَمَنًا = أغضَت وَلَم تُجِبِ مِن رُبعِها الخالي = لِكُلِّها الخَرِبِ كأنّ مَن فيها = قُدّوا مِنَ الخَشَبِ طابَ المَنامُ لَهُم = الصّحوُ لم يَطِبِ وكأنّهُم لُغَةٌ = زالَت مِنَ الكُتُبِ رَسمًا هُناكَ بَقوا = في صَفحَةِ النّسَبِ أنا أويتُ إلى = عُمرٍ منَ اللّهَبِ فيهِ التَقَيتُ دَمي = مَحَضتُهُ صَخَبي مِنهُ النّجومُ هَوَت = مَنَحتُهُ شُهُبي جرحي الوَضيءُ غدا = أفقًا لمُغتَرِبِ دونَ الخطوبِ هنا = يا حقُّ فانتَصِبِ أشعِل فَتيلَ الفِدا = للحرِّ يَجتَذِبِ واصرُخ عيونُ الرّدى = طابَت هَيا عَرَبي فامسِكْ بِحَبلِ الوفا = ذا مسلَكُ النُّجُبِ وامنح كريم الثّرى = حُرَّ الدّما الصّبِبِ الشّهم سهمُ المدى = لا مَن يَصيحُ أبي |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
مَن أطلَقَ الصوتَ الذي لا صوتَ له؟
عينٌ على الأقصى، وأخرى في مَعاد هل غادر الشّعراءُ، أم باتَت لصخرةِ مَقدسي ترنو القصيدة؟ أم عادت الأعرابُ يُغريها التّشَعُّب؟ ضَع فوقَ كَفّي راحَتَيكَ أخي... إذا التأمَ الضّواري والعَوادي وإذا تنكّرت البوادي للبوادي... وإذا تقاسَمَني الطّريقُ إلى القصيدة... لتعودَ أخلاقُ القبيلة تَنتَشي في رِحلتي نحو التِقاطي وُجهَتي.. لمَواجِعٍ لم تستَقيني حينَ واجَهَني دَمي! وهربتُ من عَدَمي إلى عَدَمي الكلُّ يَسكُنُني على نَدَمي يا رايَةً ما عِشتُها زَمَنًا كفّي على وَجَعي، ولي حِمَمي ها كلّ ما ألقاهُ يُقلِقُني وبكلِّ أفقٍ مصرَعي ودَمي ساروا وسِرتُ؛ أضاعَني هَدَفي قالوا وقُلتُ... فأينَ مُعتَصَمي؟ اليَعرُبِيُّ أنا ولي صِلَةٌ بالعارِبينَ، وشاهِدي خِيَمي *** دَمعي على الأقصى؛ وَدَمعي مَغرَمي كل الحَوادِثِ تستَريحُ لَدى دَمي الأرضُ أصغَرُ من ضَياعِ ملامِحي فيها.. وتشرَبُ من نَزيفي! كيفَ استَقى وَهمٌ بقايانا وأسلَمَنا... لتُنكِرَنا الجهاتُ، وأبجديّاتُ المكوثِ على خَطَر؟ خَطرٌ خَطَر.. عينٌ على الأقصى وأخرى للخَبَر كل الحوادِثِ تبتغي قومي سبايا... للسّبايا لا أثر. للقدسِ أغنيتي، وأغنِيَتي بلا قلبٍ، بلا وزنٍ... ويخنِقُني الوَتَر. لا شيءَ يَفقدُني... فقَدتُ ملامِحي. وسكَنتُ مرآةً كسَرتُ جُنونَها ليَضِجَ إنساني، وإنساني غَدي. وأفِرُّ من قَدَري إلى قَدَري.. الكلُّ يُشبِهُني سوى أثري وأطيرُ من ليلٍ يُحاصِرُني... لأعيشَ في كونٍ منَ الصّوَرِ وأنا القَتيلُ قَبَستُ من وَجَعي وجَعًا، وليتَ النّارَ من شَرَري لو أستطيعُ غَدَوتُ أمنِيَةً لكنّني جُرِّدتُ من مَطَري! *** عينٌ على الأقصى، ونافذةٌ تُطِلُّ على الشّآم صُوَرٌ... ويذبَحُنا على شرَفِ الزّحامِ صَدى الزِّحام صُوَرٌ... تعريّنا بألفِ حكايَةٍ .. لنَصيرَ من وَجَعِ الكلامِ صدى الكَلام. صُوَرٌ... تُجَلّينا نهاياتٍ لليلِ شهرَياريٍّ... أيحتاجُ الظّلامُ إلى ظَلام؟! صُوَرٌ... تراوِدُنا عن الأسماءِ في حالِ المقامِ... ولا مَقام. قتلى... ويبلَعُنا الزّحام.. موتى... ويُغرينا الصّدام.. غرقى؛ ويَملكُ عمرَنا الغَرَقُ صرعى.. حدودُ جِراحِنا أفُقُ للّيلِ عِشنا والظّلامُ بنا يسعى إلينا... فجرُنا شَفَقُ دمُنا مَساحاتٌ تلوذُ بنا أثَرًا.. وعمرُ نَزيفِنا طُرُقُ صُدَفٌ تقودُ شِراعَنا أبَدًا للعذرِ نأوي... نومُنا أرَقُ نمضي، ويرفُضُنا الطّريقُ خطًى تاهَت... فهذا يومُنا غَسَقُ *** قلبٌ على الأقصى؛ وقلبٌ للعَجَب.. نامَت نواطيرُ العرَب. الشّامُ يحكُمها الغَضَب. الثّوبُ كِسرى... والضّميرُ "أبو لهب"! والجرحُ إنسانٌ يريدُ من الحياةِ وسادَةً وحَطَب.. الجرحُ صوتٌ؛ لا يَخافُ على الحَنينِ من التّعَب. الجرحُ حَرفٌ فرَّ من لغَةِ الصّخَب. يا بائِعَ الأحلامِ! يا صَنّاجَةَ العَرَبِ! نامَت نواطيرٌ، وقامَت أغنِيات! شهبَندَرُ التّجارِ في سوقِ الكلامِ على غِوايَتِهِ غُلِب.. يا بائِعَ الأزلامِ! يا نَخّاسّةَ العرَبِ! وجعي على وَجَعي انقَلَب ليَقولَ لونُ الأرضِ والأيامُ لي: هذا المصيرُ بما سيأتي أو يكونُ... أراهُ بي. يا صحوَةَ الانسانِ فانقَلِبي غَيثًا كما السُّحُبِ، أو انسَحِبي أفقًا منَ الشُّهُبِ؛ أو التَهِبي.. عُمرًا منَ الغَضَبِ. *** قلبٌ على الأقصى وقلبٌ لغَدي ويَدٌ تَشُدُّ تَشُدُّ... تجمَعُني حكايَةَ مولِدِ. شَفَةٌ تَضِجُّ تَضِجُّ... تغرِسُ بي شموخَ الصّرخَةِ الأولى... أصيلَ المشهَدِ. لغَةٌ تثورُ تثورُ... تغرِسُني على شَفَةِ المصيرِ.. أنا مصيري موعِدي. *** عينٌ على الأقصى، وعينٌ للسّراب. وَطَنٌ... ولا لُغَةُ.. لغَةٌ... ولا وَطَنُ... بحرٌ... ولا سُفنُ... لا موجَ يغريني لأركَبَهُ! كل الموانِئِ مَلجَأي مُذْ صارَني التَّرحال... *** قلبٌ على الأقصى، وقلبٌ للسُّؤال. هل ملّتِ الأمواجُ من عَبَثِ الرِّياح؟ هل غابَت الأقمارُ عن أفُقي ليبقى يُستَباح؟ هل تَصغُرُ الأحلامُ إن صارَت جِراح؟ *** للقدسِ أغنِيَتي وأغنِيَتي هَوايْ القدسُ تَحضِنُني، فينساني سُدايْ الأمنِياتُ تصيرُ من وَجَعي يَدًا وتعودُ بي لَغَةً، ليسكُنَني صَدايْ وصَدايَ إنسانُ المواجِعِ يَستَفيــقُ على غَدي، وغَدي تُطاوِلُهُ يَدايْ يا صرخَةَ الوجدانِ فانتَفضي يَدًا تُدني الشُّروقَ، هل الشّروقُ سوى جَنايْ؟ يا قُدسُ يا عمرَ الشّموخِ على جَبيــنِ الكونِ، يا دَفقَ الحَيا يُحيي رَجايْ يا قُدسُ يا صوتَ الضّميرِ الحُرِّ في زَمَنٍ تَحاماني، ويَستَجدي عَطايْ يا قُدسُ لا؛ ما كُنتِ بي؛ جرحًا يفيــضُ ليَنتَشي من كَهفِ أحلامي هُدايْ يا قُدسُ يا جُرحي، ويا فَرَحي، ويا قَهري، ويا صَبري، ويا معنى رُؤايْ قومي اجمَعيني صَرخَةً محمومَةً في صَدرِ إنساني، وكوني بي نُهايْ *** قلبٌ على الأقصى، وقلبٌ للظّنون. زمَنٌ يُفيقُ من الجُنونِ على جُنون! والصَّمتُ يغدو عندها وطَنًا لمن دُنياهُ يَحكُمُها الأرَق. تمضي السنونُ بلا عَبَق. بحثًا عن الأسطورَةِ الأخرى يظَلُّ خيالُنا يَمضي بنا.. ونظَلُّ نلهَثُ خلفَ أحلامٍ تُخبِّئُ موتَنا.. العمرُ رحلَةُ تائِهٍ... الحلمُ فيهِ جُنونُنا. يا قُدسَنا... يا صوتَنا الباقي على شَرَفِ الحَياءْ. يا حَرفَنا المَنفِيَّ من لُغَةِ الخُواء. يا لونَنا المَحكِيَّ في شَغَفِ الصّفاءِ... طريقَنا لرِضا السّماءْ. يا قدسُ يا عمرَ الضَّياءْ! قلبي على الأقصى وروحي في شقاء.. |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
سَلطَنَةٌ على وَتَرِ الجِراحِ
يــا شِـعـرُ صَــدِّق قَتـيـلَ الـشَّــوقِ مـــا كَـتَـبـا = تَــنــعـــى الـــحــــروفُ بــريــقًـــا خــــانَــــهُ وخَــــبــــا صَــــمـــــتًـــــا يُــــــــــــــراوِدُ غَـــــــصّـــــــاتٍ تُـــــمَـــــزِّقُـــــهُ = عَـــن جُـــرحِ ذاتٍ غَــــدَت أسـفـارُهــا نَـصَـبــا مــــا أصــعَـــبَ الــجُـــرحَ إن أخــطـــا مَـقـاتِـلَـنـا = لا يَرحَمُ الجرحُ شَهمًا في المَخـاضِ كَبـا يــا شِـعـرُ رَدِّد صـــدى أنّـــاتِ مَـــن سَـكَـنـوا = لــــيـــــلا تَــسَــربَــلَــهُــم لا يَـــحـــضُــــنُ الــشُّــهُـــبـــا ضــــاقَــــت مَــذاهِــبُــهُــم والــــدَّهــــرُ ذو عِــــلَـــــلٍ = والـوَهــمُ يَـخـطِـفُ مَـــن عَــــن ذاتِــــهِ اغـتَـرَبــا مـــا أهـــوَنَ الــمَــرءَ إن صــــارَ الــفُــؤادُ هَــــوا = هــــل يَــرحَــمُ الــدَّهــرُ مَــــن وِجــدانُــهُ ذَهَــبـــا؟ لا تَـبـكِـنـي يــــا شِــعــرُ حَــرفًــا لا يُـعـاقِـرُنــي = مـعــنًــى ولا نَــغَـــمٌ فـــــي الــوَجـــدِ مــــــا سُــكِــبــا يـــــــا شِـــعــــرُ تـكـتُـبُــنــي الآهـــــــاتُ مُــرتَــحِـــلا = الــقــلـــبُ مَـركَــبَــتــي والــبَــحـــرُ قَـــــــد صَــخَـــبـــا الـــشَّـــوقُ يَـقـرِضُــنــي ذاتَ الـيَــمــيــنِ هَـــــــوًى = والــصَّــبـــرُ يَـحـسَـبُــنــي مـــــــن آيِــــــــهِ عَــجَـــبـــا والـحـادِثـاتُ مَــضَــت تَـقـتــاتُ مِــــن جَــلَــدي = هَـــــل كُــنـــتُ مِـشـعَـلَـهــا أو كُـنـتُــهــا نَــسَــبــا؟ يــــــا حُـــرقَـــةَ الـــوَجـــدِ فــــــي حــــــالٍ يُــوَزِّعُــنــي = نــــارًا عــلــى الـضّـيــمِ أو تُــرمـــى بـــــهِ رَهَــبـــا لا لـــــــونَ لــلــفَـــزَعِ الــمــنــثــورِ فــــــــي شَــفَـــقـــي = والـــدّهـــرُ يَـعـجُـمُـنــي سَــهــمًــا وحَــــــدَّ ضُـــبــــا لا صِــــــــدقَ إلا الّــــــــذي تــحـــيـــاهُ أورِدَتــــــــي = وكُــــــــــــلُّ مــــــــــــا خَــــــبِــــــرَتْ مُــــــــــــرًا ومُــلــتَــهِـــبـــا الـــــجــــــرحُ كـــــــــــانَ لــــــنـــــا وعــــــــــــدًا نُـــعـــانِـــقُـــهُ = مــــا عــــاشَ مَــــن كــــانَ مِــــن أقــــدارهِ هَــرَبـــا يا شِعرُ لوِّن عَجيبَ الصّمتِ مِن ظُلَلي = وانـثُـر بَقـايـايَ فــي الأوطــانِ ريـــحَ صَـبــا واذكُــــــــر نِــــــــداءاتِ مَــــــــن فــيـــهِـــم مَــرابِــعُــنــا = عــاشَـــت شُـمــوخًــا كِــفــاحًــا نَــهــضَــةً وإبــــــا حُــلــمًـــا ومــــــــا قــــــــامَ لــــلأحــــلامِ مُــنــتَــصِــبٌ = جـــلْـــدٌ وعــــــاشَ مـــــــدى الأزمـــــــانِ مُـغــتَــرِبــا نَـــكْـــبـــاتُـــنـــا لـــــــــــــــم تَــــــــكُــــــــن إلا مَــــفــــازِعُــــنــــا = لا يُكـمِـلُ الـــدَّربَ مَـــن يَمـشـيـهِ مُضـطَـرِبـا يــــا شِــعــرُ بَــلِّــغ كــلامــي لِــلأُلـــى نَـكَــصــوا = مَن مِن حِياضِ الرَّدى يا قَومُ ما شَرِبا؟ فاخلِصْ فُـؤادَكَ لـي واعـزِفْ علـى وَتَـري = وَلْـــنَـــدفِـــنِ الـــــخـــــوفَ والأوهــــــــــامَ والــتَّــعَـــبـــا |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
صوامِعُ الأسرار
الحُبُّ صوتٌ في جَوانِحِنا سِكَنْ ما أصغَرَ الأحلامَ... مَسرَحَها الشَّجَن قامَت تُهَدهِدُ من نشيج الرّوحِ... فارَقَها الجَسَد! يا أيُّها الدّفقُ الذي ما مَلَّ شِرياني اتّقِد وامنَح رواء الشّوقِ وجدانًا تَغَشّاهُ السّكون... غيمٌ ينوءُ، وموجَةٌ حنَّت إلى أعماقِها وجراءَةُ الآتي تهزّ عروقَنا... وعدًا توزِّعُ فيأها... مطرًا على أفقٍ أكيد. تمشي على أهداب أمنيةٍ تُحاذِرُ خدشَ سرٍّ ... عاشَنا فَزَعًا... وعشناهُ احتقانا.. نَخطو... ورعشةُ خطوِنا من برزَخِ الذّكرى تُحيلُ نِداءَنا... شَغَفًا يُحاوِرُ بالحنينِ نُهى الحَنين والصّوتُ يَحمِلُني إلى وطَنٍ يُعيدُ صِياغَةَ الأشياء من عمري... ليَسكُنني وطَنٌ هنالِكَ يشتَهي شَفقي ، ويجبِلُ من ملامِحنا تضاريس السّكينة *** يا حُرقَةَ الأشواقِ مَن رَسَمَ الحدود ليصوغَ لونَ السّرِّ بالصَّمتِ المُباحْ ذا الفجرُ لَملَمَ لونَهُ من عُمقِنا حُبًا... ليَسكُبَنا على شَفَةِ الصَّباح سكَنَت إلى شطِّ العتابِ جراحُنا ومَضَت.. تُردِّدُ نَشوَةً سُوَرَ الكِفاح فتَوَضَّئي يا شَمسُ من لَهَفاتِنا وَدَعي الصِّياحَ يُفيقُ مِن وَجَعِ الصّياح *** ها يا جُنوني عادَ سِرّي يَكتَوي من بَعضِ سِرّي نَحيا.. نَسيرُ... وثُمَّ يأتي مَن يُبَدِّلُ كلَّ ألوانِ الحكايَة وإذا استَباحَ الرّيحُ صَدرَ غُيومِنا... عُدنا إلى لَونِ الضَّنى... لنَصوغَ من وَجَعِ المَلامِحِ مِلحَنا ونَشُدَّ من عُنُقِ الرّياحِ لنا جَناح. *** أيُّ الطّقوسِ يكونُني لو عِشتُ أُذعِنُ للرّحيلْ سرّي جُنونُ مَواجِعي... والرّوحُ تروي بالعليلِ صدى العليلْ... وأنامِلُ الوِجدانِ تَرسُمُ رحلَةَ الأيامِ تُسقى مِن شَرايين الرِّياح والجُرحُ فاضَ على ضِفافٍ تشتَهي غَضَبَ الكَيانِ لكي يَعودَ بلا فَلَك وصَوامِعُ الأسرارِ تَفتَحُ صَدرَها لُذْ يا جُنوني من جُنونٍ أثقَلَك *** وجَعُ الحُروفِ للَهفَتي... وجُنونُها للأمنِيات... الحرفُ يَختَصِرُ التّضاريسَ التي حَمَلَت شَظايانا إلى حِضنِ الجِهات لا صمتَ في الحرف الذي احتَضَنَ المواجِعَ، واكتسى شَرَفَ السّكينة الحرفُ يَعتَنِقُ الجِهات! وهناكَ؛ في شفَةِ الزَّمانِ؛ يَصُبُّنا... أنشودَةً ثَكلى، وغيمًا يشتَهي أفقا يصيرُ لهُ إذا انتَصَبَ السَّراب ليَقومَ عصفورُ الحكايَةِ هاتِفًا: أنَّ الرّياحَ تَشُدُّ من عَزمِ الرِّياح وبراءَةُ الآثارِ لا تخشى النّضوب وجَراءَةُ الأيامِ تَسكُنُ حُلمَنا وجعًا تُثيرُ بهِ اللّهيبَ على اللّهيب فَمواسِمُ الشّوقِ التي تَجتاحُنا عاشت تفِرُّ من الوجيبِ إلى الوَجيب وغَدًا سنَخرُجُ مِن ملامِحِ أمسِنا حَرفًا يحاذِرُ بالمَغيبِ من المَغيب *** هل تَكبُرُ الأحلامُ فينا ؟ هل تصيرُ غَدًا مطَر؟ ومواطِنُ الأشواقِ تسكُنُها سَحابَة... وحروفُ أغنيَتي التي صارَت إليّ... هل سوفَ تغدو ومضَةَ الفجرِ المُباح؟ |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
مضى زَمَنُ الأماني
للَيلٍ يستَفيقُ على شُجوني = وعُمرٍ يستَظِلُّ بأمنِياتي وصبرٍ لا يُطيقُ الصّبرَ مِثلي = وعُذرٍ يَكتَسي ألوانَ ذاتي أبُثُّ مَرارَتي والبَثُّ داءٌ = بِعُمرِ مَواجِعي يَرمي صِفاتي ويُبقيني إلى تَشتاتِ عُمري = وهامِشِ عالَمي يحلو التِفاتي فلا صَوتي تَفَتَّقَ عن يَقينٍ = ولا خَطوي تَوَلَّدَ عَن ثَباتِ ولا جُرحي سقاني بَردَ عُذري = ولا دَمعي شَفيعي في لِداتي ولا صَمتي كَساني غيرَ ذُلٍ = دُخانَ اليأسِ صِرتُ لدى الحُواةِ على نَحري وَقَفتُ شِفارَ سَيفي = فأنكَرَني القَتيلُ مَعَ الجُناةِ على أفقي نَثَرتُ رمادَ عُمري = نُبِذتُ مِنَ التُّقاةِ، منَ العُصاةِ قَرَعتُ البابَ، بابَ العَطفِ عُذرًا = طُرِدتُ منَ الرُّؤى ماضٍ وآتِ دخلتُ ممالِكَ الأهواءِ غَرًّا = أُطيعُ على الغِوى قَسرًا غُواتي أنا الأندى هُناكَ بطونَ راحٍ = ولكني شَقيتُ بأُعطِياتي هنالِكَ أنكَرَ الغاوونَ كَفّي = ولم تَقبَل ظِلالي ذِكرَياتي بعيدًا عن دموعي عن جِراحي = بعيدًا عن جُذوري عن رُفاتي هَوَت بَغدادُ فاستّدعيتُ نَبضي = فخالَفَني، ولم تَفزَع قَناتي ورُحتُ أُسائلُ الأحلامَ عُذرًا = وأنبِشُ مَجدَ حطينَ الفَواتِ وسافَرَ مَدمَعي ليَرومَ صوتًا = بأندَلُسِ الملامَةِ والعِظاتِ هوى صوتي على أطلالِ مَجدي = وصارَ المَوتُ صوتَ مُوَشَّحاتي ألا يا ليلُ مَن سَيَصونُ كَرمي = وقَد عَطَّلتُ زَحفَ الصّافِناتِ وعُدتُ أسائِلُ الكُثبانَ عَونًا = على شوقي، فأشواقي عِداتي فعزَّ بها على المَطرودِ حِضنًا = مضى زَمَنُ الحِمى، فَخرُ الحُماةِ بعيدًا عن أصولي صرتُ صوتًا = تَعرّى في مَطاراتِ الشَّتاتِ ألاحِقُ من حَنين الروحِ لونًا = تَناهى مِن أنينِ الأمّهاتِ فَتَنسَلِخَ الأماني عن صَداها = وتنفَصِمَ النَواةُ عنِ النَواةُ وتُطفِئَ دَمعَتي أشواقَ روحي = فما شوقي بليلِ الظّاعِناتِ؟ وما صبري وخطوي صارَ خَصمي = رَماني في سَرابِ البارِقاتِ؟ وما أبقى لقلبي من دليلٍ = سوى ولَعي بخارِطَةِ انفِلاتي فأنزِفُ في بلاطِ الرومِ روحي = ويسكَرُ يزدَجِردٌ من أهاتي فلا لوني يُشابهُني، وصوتي = نعاني في الرّعيَةِ والرُّعاةِ غريبٌ خانَني وعدي لِذاتي = وأسقاني جُنونَ تَناقُضاتي ضَلَلتُ، أهيمُ عِشقَا في ضَلالي = مُجيري مَن شُكاتي، مِن قُضاتي وغبتُ، أرومُ حظًّا في غيابي = فأغرقني بِسحر تَداعياتي نما بي سرُّ إنساني لأبقى = أعيرُ دمي حروفي الخالداتِ فمن يا ليلُ خانَ سكونَ حرفي = ومن عرّى أنينَ الأغنياتِ؟ ومن أشقى الكلامَ بلونِ شَكّي = ومن أهدى المعاجِمَ سَفسَطاتي؟ ومن سَلَّ المَعاني مِن لِساني = لترتَكِبَ الزُّحوفَ تَخيُّلاتي؟ ومَن بالشِّعرِ أغراها نُجومي = ليَستَعصي السُّباتُ على سُباتي؟ أنا يا ليلُ بتُّ أخافُ مِني = ومِن خُطَبي، ونجوى وَشوَشاتي من الجَفنِ الذي يشتاقُ صَحوي = من الصّحوِ الذي يشكو مَواتي من الصّمتِ الذي يقتاتُ صَمتي = ويكتبُني بسفرِ المُعجِزاتِ من الحَرفِ الذي قَد فَرَّ مِنّي = لِيَنذُرَني ذَبيحَ التّرجماتِ من الموتِ الذي قد صارَ لوني = ومُتَّهِمي بِسَعيي للنّجاةِ أنا يا ليلُ مَن فارَقتُ ظِلّي = لأسكُنَ في سَرابِ الغابِراتِ هَوتْ قُدسي وكنتُ أرومُ عُذرًا = على عُذرِ السّيوفِ المُغمَداتِ بكت شامي فَرُحتُ أريدُ سَترًا = لشكواها بأوكارِ الزّناةِ ذُبِحتُ وما أخذتُ بإرثِ ماضٍ = ولكنّي جُلِدتُ بفيهَقاتي أنا المَصلوبُ كلٌّ جَزَّ رأسي = وموتي سِرُّ طوفانِ الطُّغاةِ ألا يا غَضبَةَ الشّريانِ كوني = نَدى الثُّوّارِ صبرَ الثّائِراتِ وكوني يا جروحي للثَّكالى = إذا نادوكِ ثالِثَةَ الرّئاتِ أمِدّي بالنَّشيجِ المُرِّ حُرًّا = تجَرَّدَ للكِفاحِ دِما الثّباتِ فقد يحيا ضميرٌ في قلوبٍ = عَماها الكِبرُ باتَت مُظلماتِ وعاثوا في مَواطِننا فَسادًا = وتاهوا في جُنونِ القاصِفاتِ أبادوا كل رائعةِ المَعاني = تمادوا في عَذابِ الكائِناتِ ونَمّي بي غمارَ الرّوحِ كوني = مدادَ الصّبرِ مِسكَ التَّضحِياتِ فقد ولّى زمانُ من استبَدّوا = بأقدارِ الشُّعوبِ من البُغاةِ وكلُّ رصيدِهم في الكونِ حَرفٌ = تجرّدَ من معاني المَكرُماتِ لأبقى فوقَ أوطاني شَريدًا = على ظَمَأٍ ويَبكيني فُراتي ونيلي في انشغالٍ عن هُمومي = يغارُ على البُكاةِ منَ البُكاةِ وصَحرائي تَئِنُّ بلا جراحٍ = وقد ناءَت بإرثِ العائلاتِ أنا يا ليلُ من فارَقتُ عُذري = لأخرج من أباطيل الرّواةِ من الصّوت الذي لا صوتَ فيهِ = من اللّونِ المُمَهِّدِ للوَفاةِ من الصّمت الذي يقتاتُ عمري = من الوعدِ المُخَدِّرِ، من لُهاتي لأرفعَ رايتي عُنوانَ مَجدي = أطاعِنُ كلَّ جَبارٍ وعاتِ فلي شَرَفُ الفدا لتُرابِ قُدسٍ = تُحاضِنُهُ دموعُ الفاضلاتِ سأفدي بالدّما إنسانَ أرضي = ليولَدَ بي هَديرُ السّاقياتِ |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
ذاكرة تحترف الدّهشة
من عذابات روح في أخاديد الصمت يتفلّتُ منّا... بل فينا.. عبث المشوار ونسير نُؤمّلُ فَيءَ غروب ريحٌ تستبقي خطوَتنا تهتزُّ جذوعٌ طافحَةٌ عبثًا وضياعا لا ينبُتُ للغربَةِ ظلٌّ والنّحلُ يروحُ ولا يَغدو.. مُذْ أعلنت العقمَ الملكات.. كل الطّرقات ستحملنا حتمًا لبعيد وال –لكن- صمتًا تتناسخ.. للتائهِ أفقٌ يتجَعَّد وعيونٌ تسمَعُ بوحَ الدّرب أتركُ ظلّي يرحَلُ دوني يغطُسُ في نيلٍ يَسكُنُني لا يتبلّلُ كَعبُ الخيمَة تتعَلَّقُني في شارعِ عُقمي كلُّ طحالِبِهِ العصريّة أخلعُ عني أردِيَة من نسج الغربَة أغطس في نهرٍ من شفقٍ يدهَمُني غضَبي.. أدهَمُهُ... لا أتذّكّر! أخبار الشّارعِ عاجِلَةٌ والفكرة ينقُصُها لونٌ شيءٌ من ذاكرة القهوة يحرسُها مفتاحٌ في العُبّ صرخَةُ بحّارٍ لم يسمَعها زَبَدُ الموج كانت في سكرتها غرناطة تحلم بمواسمَ من عسجَد بمروج من مسك الأعذار كالقصب على شَطأي بَرَدى قصّتنا تبدو عارِيَةً ترتَجِفُ ولم تمسسها ريح المفتاحُ؟ هنا في العُب.. والبابُ ظلالٌ تتغَشّى أطرافَ ثِياب نشَرَتها الرّيحُ على فَرَقي والآهُ شراع.. كَذِبٌ! لم يألف مَهجَرَهُ أبدًا طيرُ الوروار والريحُ تَرُشُّ جوانِحَهُ ذاكِرَةً تحتَرِفُ الدّهشة.. ليسَ لي إلّاي صاحت خطوة.. عادت توًّا من منفاها والعالم يسكُبُ في فمها مُرَّ صَداها من صلصال الصمت الكالح ثُر بي.. صاحت! واغسل سيف الوقت بنزفي صاحت: تتناسل أشباح الغفلة في سر نوافذّ مسبيّة.. تتنازع صرختها ريح.. والصبحُ ذبيح لا قلب لأمنية عاشت تقتاتُ سراب القلبُ رغيفٌ يولدُ من رعشات السّيف.. القلبُ جواب.. يتأرجحُ في عنقي شفقٌ والزّحفُ يطول الرَّعشةُ لوحٌ وخطوطٌ تتمَلمل.. واللّونُ خطاب.. يا سرّي المذبوحَ بذاتي .. كيف تصير الدَّمعةُ نيزك؟ كيف يصير الجرحُ النازف فينا حشدًا.. مهرا للحرِّيَّةِ بَيرَق... صاحت: والدَّمعةُ في مَجراها تَغرق.. كل معابر شوقي تُغلَق.. أسرج يا دمعي أوردتي أسطولا من نَزفٍ يُشرِق لتصير جدائلَ موؤودة من آثار القصف الهمجي لخيول الفجر مقاوِدُها ترجُمُ بشظايا نَهضَتها كلَّ خديعة |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
قلبي لها..
رشّي النّعاسَ على السّرايا زفرةَ النّهرينِ؛ فالموتَ الزّؤام. رشّي الصّدى من غيمةٍ عبَرَت ولم ترشِفْ نَداها البيدُ... لم تسهدْ لها الكُثبانُ... لم توقِد لليلِ الموتِ فيها شُعلتين... رشّي المواجِعَ دجلةَ الخيراتِ، لن تَبقَي وحيدَةْ.. واللّيلُ يستلقي على بوابةِ الخِذلانِ... والشّفقِ المُعَتَّقْ. والرّملُ يحبَلُ باستِعارِ الأمنياتِ... عسى تصيرُ لنا حِكايَة.. ونَرى الزّمانَ على مفارِقِ صمتِنا إغفاءَتين فنهبُّ للحرّيةِ العجفاءِ بالخبزِ المهمّشِ في موائِدِ من يعاني تُخمَتين ونصُدُّ من يغدو ليرسمَ قلبَهُ فجرًا.. ونَرجُمُ حُلمَهُ: ماذا؟ وكيف؟ ونُعِدُّ بالأوهامِ أقبيةً تغصّ بكلّ أمنيةٍ وقلب. رشّي الموانِئَ دجلةَ الخيراتِ بالوعدِ المُغَرَّبِ سَكرَتين لستِ الوحيدة.. كلّ الموانِئِ باكياتٌ... حينَ يغدو الموتُ أمنيةَ المُهَجّرِ... والحكايَةُ رَعشَتينْ. هذا الخيالُ العبقريُّ يزجُّ كلَّ المُبعَدينَ بغربَتينْ رشّي المواجِعَ دجلَةَ الميعادِ... لم تبدأ حكايتُنا معا... فتأجّجَت في النّفسِ عاصفةٌ... وأعلَنَ حبّيَ العِصيانُ .. والتَحَقت بجرحي غيمتان. يا دجلةَ الخيراتِ... ما لونُ الزّمان؟ صمتٌ! وفي بيروتَ ينتحِرُ الصّدى... صمتٌ! وفي صنعاءَ ينتحِبُ المدى... صمتٌ! وفي قِرطاجَ تاريخٌ يُحاسِبُ نفسَهُ... ويَضِجُّ في بردى رحيقُ الكبرياءْ... وعلى شطوطِ النّيلِ تكتَحلُ الظّباء. يا دجلةَ الخيراتِ... ما شكلُ الرّجاء؟ أعدو؛ يحاصرُني الرّصيفُ على مجامِرِ الاشتِهاء! والنّارُ تلهَثُ في دَمي، ودمي تطارِدُهُ الجِهاتْ. النّزفُ حينَ يُفارِقُ الشّريانَ لا لغةً يرَوّعها صَداهُ، ولا جهةْ. جُبِلَ الرّصيفُ بصوتِنا؛ فتباعَدَت عنّا أساطينُ الوعودْ. صُبّي على وجعي –دمشقُ- حريرَك المشتاقَ لي قلبًا وعينْ كنّا عرايا؛ كانَ مَنفذُنا الوحيدُ ظلالَنا؛ الخوفُ يَسكُننا، وتحرُسُنا المرايا! أعمارُنا كم صادَفَتنا حينَ كنّا نمنحُ المرآةَ رعشَتَنا ومعنى الالتجاء. والقلبُ يسرِقُ من عيونِ اللّيلِ لونًا للرّحيلِ، وللغِناء. مثلي وجدتُكِ يا دمشقُ... ترينَ في ليلِ المَرايا خيمَةَ تؤويكِ إن عطِشَ السّحاب! ملأوا عيونَ اللّيلِ بالأستارِ؛ فارتَسمَت قَبيلة. آخَوا جُنونَ الرّيحِ، وامتَشقوا سهامَ اللّذةِ السّوداءِ، شقّوا خَيمَةَ الأركانِ، دَسّوا زئبَقَ التّرحالِ في ليلِ المدينة... سكَنَ الحنينُ –دمشقُ- طُهرَ مساجِدي؛ فتسابَقي عَبَقَ البراعِمِ من جُذورٍ مُترَعاتٍ بالنّماءْ. سَكَنَ الحنينُ خُطاكِ فالتحفيهِ جسرًا للنّهار سكَنَ الحنينُ- دمشقُ- جُرحَكِ، فامنحي بَرَدى براءاتٍ ليَحضِنَ لهفَتي، ويُذيبَ ألوانَ الرّحيل.. عطِشَ الفُراتُ لنَزفِ شِرياني دِمشقُ، فهيّئي وطَنًا يَصُدُّ مواجِعَ الإبعادِ، والسّفُنَ الغَريبةْ. سكنَ الحنينُ –دمشقُ- عُذرَكِ، لن تظَلَّ هويّتي رقمَ الحقيبَة، أو ملامِحَ سُطّرَت فوقَ الجَبين! هذا الخيالُ العبقريّ مهيّأٌ ليزجَّ خَطوَ الخائفينَ بغربّةٍ قسريّةٍ حدّ البكاءْ. سُفُنُ الرّحيلِ أعَدَّها، وكذا المَواني القاتِمة. فتيمّمي يا دجلةَ الخيراتِ طُهرًا من رمالِكِ كي أؤمَّكِ ساجدا ما زالَ في صدرِ المكانِ بقيّةٌ من رعشَةٍ؛ واللهفَةُ العذراءُ تنحَبُ في دمي: يا نيلُ خانتكَ القلوبُ المُفرَغَةْ! فاصعَد على وجعي بعيدًا عن مرايا اللّيلِ؛ عن فخِّ القضايا العابِرَةْ. واصعَد إلى نبضي لنطرُدَ عن مَواجِعِنا المَنافي، والرّكونَ إلى مساحات البُكاءْ. عادَ المناخُ الشاعِريْ... يمتَدُّ من وجَعِ الحدود. والشّعرُ بادِيَةٌ تمَطّت في عُرِيِّ كِيانِنا.. الشّعرُ بادِيَةٌ تُؤَرّقُها الخُطى.. قلبي لها.. ما زالَ في صدرِ الزّمانِ بقيّةٌ من دَفقِ نورٍ قد تفجَّرَ فوقَها.. أصلُ المودّةِ آيَةٌ قدسيَّةٌ؛ عَبَقت لينتَصِرَ اليقينُ على اللّغة. أصلُ الموَدَّةِ من جنينِ رِسالَةٍ؛ شَمَخَت لينتَصِرَ البَيانُ على القبيلة. صحراءُ فالتَحفي دَمي! ولتَزرَعيني في شِعابِكِ صرخَةً: قلبي لها.. يا دجلة الخيراتِ! يا نيلَ المَحَبَّةِ! يا فُراتْ! قلبي لها.. عطِشَ الزّمانُ لطُهرِها؛ انكسَرَت مرايا الوهمِ؛ ثَمَّ تبَعثَرَت أحلامُ قافلةٍ مَضَت... والظّهرُ يُخفي طَعنَتين! قلبي لها.. أتُرى شَبِعنا يا رمالُ تَغرّبا؟ فتريّثي.. إني رأيتُ بما يَرى الصّاحي بأرضِكِ زَحفتينْ: نورًا ، وشمسًا تَستظلُّ بغيثِكِ القُدسِيْ. ربيعًا زاحِفًا... خيرًا يعمُّ القِبلَتين |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
الحبُّ أصلُ الرّؤى بأمّ وعيي رأيتُ الحلمَ مُنتَحِرًا والآه تُفــرَغُ حتى من مَـعــــانيــها والصّمتُ يجزَعُ من صمتي ويترُكُني لا الرّوح روحي ولا طُهري يُدانيها بي رغــبــةلاتَـشــي إلا بِمُـعـضِلَــتي فالخَلطُ يسكُنُ أفكاري ويُرديها اللّــــــونُ يحكُمُ آمالي يُشــــــتِّـــتُــهـا ينأى الجُمــــودُ بهــا عنّي ويُنئيها راوَدتُ نفسي كثيرًا كي أساكِنَها وهمُ الكمالِ بها يَشـقى فَــيُشـقيها الحبُّ أصلُ الرّؤى إنسانُ مَرحَمَتي لوحدَةِ الكونِ إحســاسـًا يُجَــلّـيـها للّـيـــــلِ تســـكُنُ آلامي وتَـتــرُكُني أحـتـاجُ أمنيتي... شــوقا أعانيـها فالليلُ مُنعَطَفُ الآلامِ يحضِنُها ويدفعُ الروحَ للأشــواقِ تكويـها فجري يُغَرِّبُني عن هَجعَتي لأرى إنسـانَ شَـوقي ذَوى هل كانَني فيها؟ معاذَ صوتِ النّهى أن يَستَقيهِ غَدي مادامَ صــوتي صدى روحٍ أعـاديـهـا والنّفسُ تعشَقُ دنياها، وما وهِمَت من حُســـنِــها فـتنةٌ قد خابَ بـاغيها والرّوحُ ما أنكرت في الأرضِ غُربَتَها يَـتيـمـةً قــد غَـــدَت تَـحــيـا تَـــدَنّيـــــها معــــــراجُها رَغِــبَـــت ألا يُــفــارِقَـــهــا لكنّ ليــلَ الهــوى أغــرى سَــواقيـها هامَت فهانَت وما تدري لِشِقوَتِها أنّ الهُــيـامَ ثيـابَ الـرّزءِ كاســيـها تّرومُ مُؤتَلَقَ الأحلامِ عاشِـــــــقَـةً والعشـقُ يُشـقي النُّهى يُلغي مَراقيها في مسرَحِ الحُلمِ في دُنيا تَصارُعِنا تَشــقى القلـوبُ وتهـوي عَن مَعاليها لا يَمنَحُ الفَجرُ فيها مِن مَلامِحِهِ إلا نُـفوسـًا تَسـامَت في مَـرامـيـها لا تعشَــقُ الرّيحُ فيها مَن يَلينُ لها بل قَـد تُــواتي جُــنــونًا مَن يُـجافـيــها يا سائلي عن غَدي هل كُنتُ بالِغَهُ؟ فَـلـتَـسـعَ إنّ الـدّنى دانت لِــراعـيـها |
رد: ديوان الشاعر / صالح أحمد
أنا الطريق
قال انتظرني عند مُفتَرَق الطّريق إليكَ منكَ... وكان بي... وعدا يؤرجِحُني على شَرَفِ الطّريق ... فكيف يهجُرُني الطّريق؟؟ وأنا اصطباري أبجديةُ موسمٍ لا يستريحُ كما الفصولِ، ولا يُفيق.. ؛؛؛ يا... يا زمانَ الوَصلِ، يا شَرفَ الغَريق . كنْ ما تكونُ.. فلن أكونَ سوى لُحَيظاتِ انتظاراتي طريقا لا يغيبُ ولا يَضيق.. ولا تغيّرُه ازدحاماتُ المواسمِ والمَزاعمِ والصّور... كن ما تكون فلن أكونَ سوى اختصاراتِ المسافةِ بين تكرار الكلام؛ وما استطاعت رحلتي أن تَعبُرَه ... من غائرات جذورنا؛ حتى انتصارات اللّغة. كن ما تكون... فلن أكون سوى الصّحاري الزّاحفاتِ على افتراءاتِ الصّوَر ؛؛؛ قال انتظرني عند مفترقِ الطّريقِ، وكنتُ لا أحتاجُ إلا أبجدياتِ الرّجوعِ لقلبِ صحرائي ... وصحرائي طَريدَة !! فسكنتُهُ لغةً تماهت بي لتُبلِغَني زمانَ الوصل؛ والغيثُ بعيد.. هل من جديدٍ يا نَدى الأعذارِ، قُلْ هل من جَديد؟! ؛؛؛ قال انتَظرني عند مُفتَرَقِ الطّريقِ إليك منك ... فقلت: ما عيناكَ إلا أبجديّاتِ الولادةِ كلّ حينٍ من جديد. قد أشتهيكَ لأشتهي ذاتي لَديكَ وليدةً أو أشتهيكَ بَقاءَ أمنيتي لديكَ غِوايَةً ... أو أشتهيكَ حروفَ أغنيَةٍ بِعشقِ زمانِها أبقى غريبا !! ؛؛؛ يا... يا زمانَ الوَصلِ، هل أولَيتَني صَبرًا أُعاقرُهُ ليبلُغَني زَماني ؟! أنا لم أعُد أحصي انتصاراتي على ذاتي لأعلِنَها سكينة .. طولي قليلا رَعشَتي ... طولي ليسكُنَ خاطِري طولي، امنَحيني يَقظَتي لأُعيدَ صَوْغَ مَشاعِري قد عشتُ عُمري أشتهي ما أشتهيهِ لأنّني أَمَّلتُهُ لونًا لذاتي.. طولي قليلا رعشتي ... طولي قليلا قد تستريحُ فراشَةُ الحُلُمِ التي تاقَت لِمَولِدها الجديدِ بأُمنِياتي. طولي، اشتهيتُكِ أن تَطولي، كي أُعيدَ صِياغَةَ اللّغةِ التي ستعيدُ تعريفي بذاتي. طولي قليلا ريثما أُحصي لُحَيظاتِ اشتِهائي أن تكونيني وقد طالَ الطّريق . ستّونَ عاما لم أجدْ آثارَ يومي في تَعاريجِ الزّمَن... ستّونَ عاما لم أكن إلا اشتهاءَ نهايةٍ لا تنتهي ... ستّونَ عاما لم أعش لوني ... وكان الموتُ يصنعُ كلَّ ألوانِ الطّريق .. ستّونَ عاما واحتقاناتُ المَغاني كل ما يَحكيه ذَيّاكَ الأفق.. ؛؛؛ طولي قليلا يقظَتي... لأعيدَ صَوغَ حكايَتي في أبجديّات اشتهائِك.. هات، امنحيني لمحَةً، لأعيدَ رسمَ مَلامِحي ... كوني هُبوبي... أستَعيدُ سَكينَتي.. وأُعيدُ رسمَ مخاطري... ؛؛؛ ستّونَ عامًا كنتُ لونَ مُشَرِّدي ستّونَ عاما كُنتُ أضلُعَ هيكَلٍ يحتَلُّني ستّونَ عاما كنتُ ظلاً للسُّدى .. وغُبارُ أمنيَتي يُسابقني ليُحصي كلَّ ألواني التي كانت... وأحلُمُ أن تكون ... ستّونَ عاما لا أفيقُ من الظُّنونِ سوى على صوتِ الظُّنون.. ستّونَ عاما لا أرى نومي سوى حُلُمٍ ولا... حُلُمي سوى نومٍ.. يكونُ؛ ولا يكون!! ستّونَ عاما كلُّ ما يجتاحُني ما كُنتُهُ ... ما عادَ لي... ستّونَ عاما كلُّ ما فوقي نجومٌ لا تُغطّيني، ولا تحتاجُ ناري.. ستّونَ عاما حَوَّلت لُغَتي حِواراتٍ لذاتٍ لم تَعُد ذاتي... ولا ترتاحُ بي!! ستّونَ عاما والبدايةُ والنّهايَةُ بعضُ أسرارِ الحكاية.. ؛؛؛ يا... يا زمان الوصل؛ هل أبكيكَ؟ أم أبكي عليّ ؟! أنا لم أعد اُحصي انتِصاراتي على ذاتي ... تمرّدَ صوتُ إحساسي عليّ!! أنا لم أعد مَلِكًا لأمنيتي؛ فساعدني... سأحصي ما لدَيّ: شَفَقٌ، وأغنيةٌ، ولونٌ مُضمَحِلٌ لانسِكاباتِ العواطِفِ، وافتِراءاتِ المَواقِفِ، والوقوفُ المُرُّ في ظلِّ الشِّراعات الحزينَةِ، وارتعاشُ البحرِ منبوذًا على شرفِ الموانِعِ، والرّمالُ المستبيحةُ للرُّؤى خلفَ انقِباضاتِ الخيالاتِ الكسيحةِ، والمروءاتِ الذّبيحة، واستِباحاتُ المَواجِعِ، وانحناءاتُ الضّلوعِ على حنينٍ لم يَثُر إلا علَيّ... ؛؛؛ يا... يا زمان الوصلِ، ثُرْ منّي وبي... لأعيدَ من روحي بناءَ مراكبي ... سَعيًا إليّ . ؛؛؛ ستّون يا وجعي احتواني كلُّ ما لم يُرضِني بالأمسِ، أو يَرضى عَلَيّ ستونَ عاما تستعيرُ مَرارَتي من رَقدَةِ الصّحراءِ صَرخَتَها، لتَجعَلَها لأحلامي هويّة!! ستونَ عاما قد فَتَحتُ نَوافَذي للرّيحِ ؛ لم تَجلِب سوى... رمل الصّحاري يستعيدُ شعابَ زَحفتِهِ لدَيّ . ستونَ عاما والمدى لم يعطِني إلا ظِلالَ أصابِعي ... وحروفَ أغنيةٍ تصوغُ مَواجعي ... حَجَرًا سيُعلِنُ جرحَ إنساني قَضيّة! ستونَ عامًا كلّ شيءٍ كانَ ينتظِرُ انكِساري... والصّدى... قال انتظِرني عند مُفتَرَقِ الطّريق إليكَ منكَ... وكانَ بي... صمتا يُترجِمُني انتفاضاتِ الطّريقِ... فكيفَ لا أغدو الطريق؟!! |
الساعة الآن 09:50 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.