![]() |
مرايا الغياب
مرايا الغياب
منذ فترة وأنا أعجز عن التقدم خطوة واحدة إلى الأمام ، بينما أتحرك إلى الخلف بخفة ورشاقة . كل شيء حولي أضحى في تراجع ، جدول الأعمال .. رصيد المال .. قائمة الأصدقاء ، والعلاقة بيني وبين الأبناء أصابها الفتور، لأني أصررت على السير في الاتجاه المضاد . أفكاري المشعثة نسيج عنكبوتي واهن اعتمر قبعة اليأس وتهادى في ملكوت عتمة تسربت إلى نفسي لحظة أظلمت السماء . الشوق .. الحرمان ، وطيفه الرابض في الأحلام ، عناقيد وجع تجثم بكل ثقلها فوق صدري المسكون بلوعة الفقد ومرارة الحياة . الوحدة مرآة تعكس رغبتي في ممارسة الغياب ،العزلة جدران تحجب وجه الحياة الكئيب ، لاشيء سوى تداعيات الفجيعة والذكريات تضاعف المأساة ، أرنو إلى الواقع بعينين متحجرتين ، لا الحاضر يمنحني السكينة ولا المستقبل يعدني بالأمان. ما زلت أبكي عمره المسكوب على اسفنجة الحياة التي ابتلعت سنواته وذرته محض ذكرى في الأذهان ،وما بين أنين وعويل أجتر ذكريات من استنشقت أنفاسه وغفوت على إيقاع نبضه أعواما تلو أعوام . على باب حجرتي تقرع أجراس الخطر محذرة إياي من مغبة المكوث طويلا تحت غيمة الحزن ، لكني كما الهارب من وعيه ، أمارس الفرار من القادم المجهول . المصير المحتوم ، عاصفة هوجاء تقتلع بذور الثقة في جدوى الكفاح الممض من أجل حصاد ستذروه الرياح حتما ذات يوم ، دروب الحياة الوعرة ، ما هي إلا طرق ممهدة تفضي إلى نهاية المطاف سواء توقفنا أو واصلنا المسير ، فما الجدوى من التحذير إذن ! إذا ما أطبق المصير على صدر الأحلام المعجونة بالأمنيات . على شفير الهاوية أقف .. أرنو إلى الحاضر بإشفاق ، الخوف يتعقبني، ينشب أظافره في جسد سكينة غادرتني،لا مجد لأيامي الواجفة ، المترنحة بين ذهاب وإياب . هناك .. على الجانب الآخر من الوعي أغص بأحلام اشتريتها بحفنة أرق أدمى مقلتي ، ثمة من يقرع بلا هوادة أبواب متاهتي، يدعوني إلى الخروج من المرايا لاستنشاق الحياة ، أنصاع للأمر وأتقدم كالحمقى لأسبق ظلي ... وكما الحالم بمتعة تفقده الصواب أجلس خلف مقود ما لأهب نفسي للريح .. للمغيب .. يتوارى الأفق فجأة.. العربة ترتد بسرعة جنونية إلى الوراء ، مثيرة الفزع في نفوس الخلق ..أدوس على الكابح بتوسل، لا يعمل !! يعانق لهاثي لهاث العابرين والأبواق الهادرة كسياط تجلدني ، أعبر فوق المجزرة التي خلفتها حماقتي ،إنهم أطفال بعمر الزهور.. يا إلهي .. إنهم أبنائي... آه لو تعيرني الحكمة بعض أسرارها لما تركت نفسي تغرق في العدم ، رغم أني ما زلت على قيد الحياة ..آه لو تمنحني الأسرار حكمتها ، لما تواريت خلف أسوار الصمت أعانق ما فات وأتنصل من واقع يحمل بعض دمي ،بل كل دمي ، إنهم يقفون بمحاذاة الريح التي تحاول أن تقتلعني ، يلوحون بأيديهم الصغيرة يدعونني للخروج من المرايا والعودة إلى حياة أسكرتني بمر الفجيعة وتركتني لرياح اليأس تعصف بي كما تشاء . وحيث لا حكمة ولا أمل في غد مشنوق ،هذه أنا الآن، أضيق بما تبقى لدي من وعي ، أنثر الصور على الجدران مرتلة ترانيم الأحزان، يصفعني الألم كلما دعتني الحياة ، فأعدو وأعدو خلف الهذيان، منتشية بممارسة الغياب . |
رد: مرايا الغياب
أشرقت الشمس وأطل البدر على هذا الركن بعد غياب طويل وانتظار مرير أضاءت حروفك الزوايا المظلمة أقرؤها والصمت يطوقني فأنا أمام نسيج متقن من اللغة وبناء محكم وما تخلفه في النفس يحتاج إلى قراءة أكثر نفاذا وما علي الآن إلا أن أشكرك لأني استطعت أن تزرعي الفرحة في نفسي وسأحضن هذه العروس لتنام على صفحات أدخرها لساعات أخلو بها مع نفسي أترك هذا المحراب آملا أن أعود إليه لأرتل فيه ما يعتريني بوح ولذا سيسكت أبو عدنان عن الكلام المباح لأن هناك من ينتظره في الصباح |
رد: مرايا الغياب
أخذتني هذه الرائعة من روائعك سيدتي الى ماوراء الغياب
......نعم يقتلنا الغياب فلا نثق بغدنا و لن ننسى ماضينا تراك أحسنت نسج الخلية فخيوطها رقيقة برقة الاحساس و معناها ثاقب لا رجوع فيه ألف تحية لك تستحقين اللقاء بعد الجفاء مودتي و تقديري لكن من تعمد الغياب أهجريه و من أرغمته الأيام سامحيه |
رد: مرايا الغياب
الأخت سولاف
نسجت وحبكت ورصفت الحروف بيد مبدعة كان السرد الجميل يأخذني من نفسي فأنسى النظرة النقدية الواعية التعابير اتخذت علائقها بشكل جديد أضفى عليها جمالا والله لو ركزت عليها قليلا لكان قصيدة نثر جيدة ولذلك أتساءل : لماذا خلت من أي حوار ؟ حتى المونولوج ؟ تحيتي لك رمزت |
رد: مرايا الغياب
الاخت سولاف هلال :
النص الحقيقي والمفعم بالصور الجمالية .. لايحتاج الى تعليق . شكرا على الابداع |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
أشرقت شمسك بعد غياب طويل وأضاءت كل الأركان إذا كنت قد نجحت في إسعادك فهذا فخر لي وإذا نال هذا النص استحسانك فهنيئا لي شكرا لتفاعلك ودعمك أستاذي دمت في رعاية الله |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
الأخت خديجة مولياط أسعد الله أيامك وجزيل الشكر لمرورك العذب دمت بخير |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
الأستاذ رمزت طاب مساؤك سررت بمرورك وقراءتك وتساؤلك تحياتي وتقديري |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
وهل هناك أجمل من هذا التعليق الأستاذ صباح نيسان كلماتك الموجزة تعني لي الكثير دمت بخير تحياتي |
رد: مرايا الغياب
جميل و قاس في نفس الآن و نحن نبحث عن النحن فينا و من خلال الآخر كتربة بدون سقيا إذا كان الانتظار ضرب من خيال يرنو إلى أفق ضبابي المنحى و تضاريس المحطة الأخيرة ،، الأديبة و القاصة الفاضلة سولاف هلال ،،، كنتُ هنا في جدال مع الذات و كنتِ حاضرة بكل تماثلاتك الشيقة و المحببة للذائقة قراءة و فهما و تركيبا ،، لك محبتي و تقديري ،، الحمصــــــــي |
رد: مرايا الغياب
القديرة سلاف ..
لقلبك الفرح أستاذتنا الرائعة .. حرف أخّاذ ويتطلب الذهن كاملا للمتابعة وحتى آخر حرف فيه .. ومابعد الحرف يستدعي المخيلة لتسرح تارة وتحلق أخرى .. الشعور بالإحباط واللأ أمل .. يكون أحيانا محفّزا إيجابيا .. إذا تمكنّا من تحويله لطاقات إيجابية .. لك الشكر على اللغة الرائعة والتراكيب المذهلة .. والمودة وعبق الخزامى كـــريم |
رد: مرايا الغياب
أستاذة سولاف من يكتب بهذه الرقة بهذه الروعة بهذا الصدق بهذا النبل بتلك الطريقة الساحرة بتلك السليقة الناضجة من يكتب بهذا الفكر بهذا الشجن لا يمكن إلا أن نقف أمامه طويلاً لنعتبر ونتأمل ونتفكر ثم لا يكون لنا سوى التصفيق بحرارة كلمة شكراً واحدة لا تكفي |
رد: مرايا الغياب
لغة شعرية راقية ونص جميل جدا سلمت يداك سيدتي |
رد: مرايا الغياب
ما أجمل حضورك أستاذ عبد الرحيم
شرفتني وأسعدتني أيها القدير تحياتي وتقديري |
رد: مرايا الغياب
الغالية العزيزة سولاف
لا أخفي عليك دخلت هنا اكثر من مرة وتوقفت لأنني لا استطيع الرد فكأن الحروف تنبع من أعماقي فالفقد والمعاناة واحدة بقسوتها ومرارها المعذرة لفقر حروفي محبتي |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
ولقلبك الفرح أستاذ عبد الكريم نعم ..جميل أن نتمكن من تحويل المأساة إلى طاقة إبداعية وجميل أيضا أن تطرز حروفنا بحروفك أسعدني وشرفني حضورك أيها الكريم دمت بخير وألق |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
مبدعنا ياسر ميمو فعلا كلمة شكرا واحدة لا تكفي لأعبر بها عن شكري وامتناني لك ألف شكر لكل كلمة ولكل حرف تركته هنا شكرا لحضورك الذي كان له وقع داخل النفس محبب وجميل تحياتي وتقديري |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
أسعدني مرورك ألقاك بخير دائما تحياتي وتقديري |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
المعاناة تتجدد من خلال هذا النص أشعر بك تماما غاليتي رعاك الله وحفظك من كل سوء قبلة على جبينك الغالي رمضان كريم |
رد: مرايا الغياب
الاستاذه سلافة .. تعجبني قصصك سواء كانت من نسج الخيال او من واقع الحياة .. أحيانا أقرأ القصة اكثر من مرة .. لأغوص في معاني كل حرف فيها .. اختصر المسافة لأقول .. البُعد والفراق قد يؤلمنا وأكثر .. لكن من أصر على اتخاذ هذا القرار .. فالعودة الى الوراء هي العلاج الناجع .. ربما نكون أخطأنا التقدير .. فالنسامح انفسنا اذا اتخذنا خطوة غير صحيحة في مسار الحياة .. اكسري تلك المرايا .. واخرجي للحياة .. تحياتي |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
قد نضعف أحيانا ونسير في الاتجاه المعاكس كنوع من التمرد على قوانين الحياة وربما نصيب بعض لذة تغري بالاستسلام لسحر الغياب لكن الحضور له سحر أيضا عندما يدرك المرء أن الرسالة لم تنتهي بعد د. اسماعيل طابت أوقاتك يبهجني حضورك والكلمات التي تزين بها جبين النص كل التقدير والمحبة وأرق التحيات |
رد: مرايا الغياب
الاستاذة الفاضلة سولاف
كلما اعيد قراءتها..يأخذني السهوا في ممارسة الغياب ليبقيني في دهاليز الغياب ترجمة صادقة..لغيابنا ..مضطهدين من حضورنا.. في الغياب احيانا ..يكون حضور ارواحنا لانها تهوى الغياب في حاضر غيب ارواحنا... جدلية فلسفية...في الغياب والحضور..فسرتيها بسردية لغوية وبصبغة ادبية..اعجز..ان اترجمها..سوى انها مرت..في باحة غيابي تحية اليك ولقلمك الرائع..ودمت |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
شكرا لمداخلتك الرائعة هذه هي الحياة تجبرنا أحيانا على الانسحاب عندما نفقد القدرة على التوازن لنسجل حالة انهزام حضورك أسعدني شكرا لك تقديري الكبير وودي |
رد: مرايا الغياب
أي روعة هذه!! إبداع قل أن قرأت مثله أستاذتنا القديرة تعمق في خوالج النفس لم يضيع الحكائية ومباغتة صفعت القارئ دمتم بكل الرقي |
رد: مرايا الغياب
المبدعة الأستاذة / سولاف
قرأت هذا النص غير مرة ووجدتني أمام نص مليء بالصور البديعة والتعبيرات الجميلة والإستعارات التي جاءت تشكل رافعة جميلة في بناء النص . هنا ألمح جدلية ذاتية غاية في الجمال تتبعنا ما يجيش في نفسك .. وتمنينا لو استمر حرفك كالشهد منسكبا بعيدا عن المضمون وما حمله من حزن وأسى لا يخفى على العابر أجواء هذا العمل الأدبي إلا أننا نقف أمام لوحة جميلة ، تمكنت ِ فيها من جذب المتلقي بطريقة ماتعة ... دمت مبدعة رائعة |
رد: مرايا الغياب
اقتباس:
الأستاذ القدير عبدالله وحشتنا والله هذه شهادة أعتز بها من كاتب كبير دمت لنا تحياتي وتقديري |
الساعة الآن 09:24 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.