منتديات نبع العواطف الأدبية

منتديات نبع العواطف الأدبية (https://www.nabee-awatf.com/vb/index.php)
-   القرآن الكريم والسنة النبوية, لا تكن إلا في الجنة،عن الساعة (https://www.nabee-awatf.com/vb/forumdisplay.php?f=175)
-   -   الآية السادسة في القرءان عن النفس (https://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=17453)

شاكر السلمان 09-29-2013 09:05 AM

الآية السادسة في القرءان عن النفس
 
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ البقرة 72



هذا هو أول القصة المحتوية على المخالفة على ما أشرنا إليه وهي القتل ، ثم التنازع في القاتل ثم تشريع الحكم لكشف الحقيقة بذبح البقرة وما كان من إلحاحهم في السؤال على ما سبق .


فقوله - تعالى - : ( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا) أسند فيه القتل إلى الأمة ، وإن كان القاتل واحدا باعتبار ما تقدم من كونها في مجموعها وتكافلها كالشخص الواحد .

والتدارؤ : تفاعل من الدرء وهو الدفع ، فمعناه : التدافع ، وهو يدل على أنه كان خصام واتهام ، وكان كل يدرأ عن نفسه ويدعي البراءة ويتهم غيره، وكان للقاتلين والعارفين بهم حظوظ وأهواء كتموا فيها الحقيقة ، ولذلك قال - تعالى - بعد التذكير بالجريمة : (وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) من الإيقاع بقوم برآء تتهمونهم بالقتل لإخفاء القاتل ؛ لأنه لا يخفى عليه مكركم .

قال البخاري " فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا " اختلفتم وهكذا قال مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال في قوله تعالى " وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا " اختلفتم وقال عطاء الخراساني والضحاك اختصمتم فيها وقال ابن جريج " وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا" قال : قال بعضهم أنتم قتلتموه وقال آخرون بل أنتم قتلتموه وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم " وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ " قال مجاهد ما تغيبون وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرة بن أسلم البصري حدثنا محمد بن الطفيل العبدي حدثنا صدقة بن رستم سمعت المسيب بن رافع يقول ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وتصديق ذلك في كلام الله " وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ".

وأما قوله : (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) فهو بيان لإخراج ما يكتمون .

ويروون في هذا الضرب روايات كثيرة .
قيل : إن المراد اضربوا المقتول بلسانها ،
وقيل : بفخذها
وقيل: بذنبها .
وقالوا : إنهم ضربوه فعادت إليه الحياة وقال : قتلني أخي أو ابن أخي فلان إلى آخر ما قالوه ، والآية ليست نصا في مجمله فكيف بتفصيله ؟
والظاهر مما قدمنا أن ذلك العمل كان وسيلة عندهم للفصل في الدماء عند التنازع في القاتل إذا وجد القتيل قرب بلد ولم يعرف قاتله ؛ ليعرف الجاني من غيره ، فمن غسل يده وفعل ما رسم لذلك في الشريعة بريء من الدم ، ومن لم يفعل ثبتت عليه الجناية .

ومعنى إحياء الموتى - على هذا - حفظ الدماء التي كانت عرضة لأن تسفك ، بسبب الخلاف في قتل تلك النفس ، أي يحييها بمثل هذه الأحكام ، وهذا الإحياء على حد قوله - تعالى - : (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...... المائدة
وقوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
فالإحياء هنا معناه الاستبقاء كما هو المعنى في الآيتين .

ثم قال : ( وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ) بما يفصل في الخصومات ، ويزيل من أسباب الفتن والعداوات ، فهو كقوله - تعالى - : ( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ...... النساء 105، وأكثر ما يستعمل مثل هذا التعبير في آيات الله في خلقه الدالة على صدق رسله ، وليس عندي شيء عن شيخنا في تفسير هذه الجملة ، ولكنه قال في تعليلها ما يرجح القول الأول وهو ( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي تفقهون أسرار الأحكام ، وفائدة الخضوع للشريعة ، فلا تتوهمون أن ما وقع مختص بهذه الواقعة في هذا الوقت ، بل يجب أن تتلقوا أمر الله في كل وقت بالقبول من غير تعنت .


الساعة الآن 06:23 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.