ارفَعي الآنَ فوقَ رأسي عصاكِ=مَنْ سِواهُ تَغتالُهُ عَيناكِ؟
واشتُميني بِصمتِكِ المُستبدِّ=دونَ حرفٍ تقولُهُ شَفَتاكِ
واستَمِرِّي بطَعنِ نَفسي لِنَفسي=واصرَعيني مِن دونِ أيِّ اشتباكِ
واشعُري أو لا تَشعُري بأَنيني=هَل يُفيدُ الأنينُ بَعدَ الهَلاكِ؟
أَستَحِقُّ الذي جَرى لي فَقَلبي=رُبَّما يَنساني ولا يَنساكِ
وحُروفي وَهْمٌ إذا لَم تَرَيها=وعُيوني عَمياءُ حَتَّى تَراكِ
دَمَّرَتْنِي عَواطِفي ..دمَّرَتني=نَظَراتي إِلى انسيابِ خُطاكِ
أَوقَعَتْنِي شِبَاكٌ عَينَيكِ أنتِ=بِغَرامي؟ أَم أوقَعَتنِي شِباكِي؟
أَناْ أَعطانِي خالِقي أَلفَ قَلبٍ=مِن حَنينٍ فَلَيتَهُ أَعطاكِ
حَيَّدتْني كَآبتي وهُمومي=عَن طَريقِي وأَنتِ ماذا دَهاكِ؟
ما كَفاكِ اعتِلالُ عَقلي وقَلبي=مَنْ تُرى غَيرَ اللهِ يُرضي هَواكِ؟

فراس عضيبات
7/11/1997

صوتُكِ الذائبُ في الأَسلاكِ قَد جاءَ شَهِيّا=
جاءَ منقوشاً على الآهاتِ مُحتاراً إليّا=
نَفَخَ الريحَ على جَمرَةِ شَوقي وتَفَيّا=
وبَدَتْ مِنهُ مَواعيدُ الهوى في ناظِرَيّا=
إذْ أتَتْ مِن شَفَتَيكِ.. وفَشَتْ في أُذُنَيّا=
صوتُكِ الساحِرُ أشقانِي ومَا كُنتُ شَقِيّا=
لَعِبَتْ أَنغامُهُ في عَطَشِ القَلب لَدَيّا=
نَزَعَتْ مِنِّي فَتيلَ الحبِّ إِذْ كان عَصِيّا=
أَغلِقِي سَمّاعَةَ الهاتِفِ إن شئتِ عَلَيّا=
إنَّني ما زِلتُ في الحُبِّ غُلاماً بَدَوِيّا=
ولَقدْ أَعطَيتِني مِن صَوتِكِ الشيءَ الخَفِيّا=
وتَرَكتِ الشوقَ في قَلبي لَهيباً أَبَدِيّا=
فَاحذَري أَن تَحسَبي هذا اتِّصالاً هاتِفِيّا=

جميلٌ عليك الثوبُ يا مَيُّ إنَّني=سَبَتني ثنايا الثوبِ والقدُّ مائِلُ
جميلٌ عليكِ الثوبُ لمَّا لَبِستِهِ=كَزَهرٍ إذا ما مسَّهُ القَطرُ يذبُلُ
جميلٌ عليكِ الثوبُ والفكرُ شارِدٌ=كأَنِّي بِعِطرِ الثوبِ يا ميُّ أثمَلُ
جميلٌ عليكِ الثوبُ إنَّ خُيوطَهُ=مِنَ الرِّقَّةِ الأَصفى بِخَدَّيكِ تُغزَلُ
جميلٌ عليكِ الثوبُ غَطَّى مَحاسِناً=أحارُ بِها إِنِّي منَ الوَصفِ أخْجَلُ
جميلٌ عليكِ الثوبُ عِندَ احتفالِهِ =بِحُسنِكِ حِيناً إِنما أَنتِ أَجمَلُ

قلمي اليومَ شدني للقوافي=إنني اليومَ لا أُحِبُّ المُزاحا
قُلتُ أنَّى لِمِثْلِنا يَتَنادى=لِهُمومٍ ثَقيلةٍ لَنْ تُزاحا
فَزماني الذي تَهادى لِعِشقي=أَخَذَ الصَفْوَ مِن دمي واستباحا
لَيتَهُ إِذْ سرى بِلَيلَةِ حُبّي=أَخذَ الأَمسَ ليلَتي والصّباحا
ذِكرياتي.. مَاذا بِها ذِكرياتي؟=هِي وَهْمٌ أشقى دَمي واستَراحا
كَيفَ أَحببتُ؟ كيفَ غَنَّتْ سَمائي؟=كَيفَ قلبي بِسِرِّهِ الحُلوِ بَاحا؟
كُنتُ أَلقى حَبيبَتي كُلَّ يَومٍ=حَولَ جِيد الزَّمانِ لَمَّا أراحا
كَوِشاحٍ خُيوطُهُ مِن عُروقي=أينَ ألقى حَبيبتي والوِشاحا؟
هِيَ وجهٌ جَمالُه كان مِنِّي=وتَلَفَّتُّ نَحوَهُ فَأَشاحا
هِيَ طَيرٌ وَجَدتُّهُ في سَمائي=ساكِناً فاستَحَلَّ رُوحي وراحا
لاحَ حُبي بِحُلْكَتي لِثَوانٍ=أينَ وَجهي مِنَ الذي كانَ لاحا؟
أيَّ حُبٍّ هذا الذي كُنتُ أرجو؟=أيُّ حَربٍ ومَا مَلَكْتُ السلاحا؟
أَأَمانٍ؟؟ وهَلْ أَرَدتُّ الأماني؟=أَم جهادٌ ومَا رأيتُ النجاحا
أم ذُنوبٌ حَمَّلتُها وَرَقاتي=في اللّيالِي فأَنجَبتْها سِفاحا
مالَنا كُلَّما عَشِقنا وَجدنا=في الهَوى إِمّا لُعبَةً أو كِفاحا؟
كلُّ حَرفٍ أَودَعْتُهُ مُقلَتَيها=صارَ دَمعاً بِمُقلَتي وجِراحا
كلُّ حرفٍ أسكنتُهُ شَفَتَيها=صار نَاراً أَكُولَةً ورِياحا
إِنْ تَكُنْ أَغلَقَتْ بِوَجْهِيَ باباً=قَد طواها ولَمْ تَفُكَّ السراحا
فَلَدى الحُبِّ فِي جِنانِ حَياتي=أَلفُ بابٍ تُريدُ مِنِّي افتِتاحا

تبكي وتبكي غيومُ الليلِ والسهَرِ=فَيَمرَحُ الحزنُ بَينَ الدَّمعِ والمطرِ
لَرُبَّما ثارَ بي شوقٌ إلى وَطَني=وَرُبَّما ثارَ بي شوقٌ إلى السَّفَر
لَرُبَّما ثارَ زِلزالٌ بِقافِيَتي=ورُبَّما نامَ بُركانٌ عَلى وَتَري
تَبكِي فَتَغرقُ آهاتٌ بِمُقلَتِها=حَتّى تَفيضَ على خدَّينِ كالسَّحَرِ
صوتُ الشِّتاءِ دُفوفٌ تَشتَكي أَلماً=وصَوتُها أَنَّةُ النَّاياتِ في ضَجَرِ
كُفِّي دُموعَ الجوى يا خَيرَ باكِيَةٍ=لا تَبْحَثي فيَّ عَن شَوكٍ ولا زَهَرِ
قَلبي أَنا مِثلُ صيَّادٍ بِلا شَبَكٍ=أَلقَى بِأَحلامِهِ يَوماً إلى النَّهَرِ
عادَتْ إِليهِ خيوطُ الحُلْمِ فارِغَةً=تَشكُو إِليهِ لظَاها وَهوَ في سَقَرِ

أَمِنْ رَوعَةِ الأَشواقِ أَم لَوعَةِ الوَجْدِ=سَرَتْ هذهِ الأَنسامُ لِلشَّامِ مِن نَجْدِ
رَأَتكِ عُيونِي مِثلَما قَد وَعَدتِّنِي=وكانَ الوفا بالوَعدِ أَحلى مِنَ الوعدِ
طَرِبتُ وأَشجاني وغَرَّد في دَمي=حَديثُ التَّناجِي بَينَ كَفِّكِ والخدِّ
رأَيتُ بِعَينَيكِ اللياليْ تَطاوَلَتْ=لأَشْهَد فِيها لُعبَةَ النَّومِ والسُّهْدِ
تُطِلانِ مِن فَوقِ الخُدودِ بِرِقَّةٍ=عَلى الشَّفَتَينِ الرَّبْوَتَينِ مِن الشَّهدِ
فَعَلْتِ بِقَلبي فِعلَةَ السُّهدِ بالكَرى=فَرِفقاً بِهِ مِن هذهِ الفِعلَةِ العَمْدِ
كَأَنَّكِ سَيفُ الحُسنِ يَلمَعُ حَدُّهُ=وَقَد مَلَّ هذا السَّيفُ مِن ظُلْمَةِ الغِمْدِ
وصَارَت قوافِي الشِّعرِ تَأتِي لِنَظرَتي=وتَأْخُذُني أَخذاً عَزيزاً بِلا رَدِّ
وأَصبَحَ بَعدَ البَرقِ يَشتاقُ مَسمَعي=لأَنْ تَشرَبَ الآذانُ مِن صَرخَةِ الرَّعدِ
إِلى أَن سَمِعتُ اليومَ صَوتَكِ هادِئاً=بِقَصدٍ يُمَنِّي صَبْوَتي وبِلا قَصدِ
وأَصبَحتُ لا أَدري عَن القَلبِ مَا بِهِ=تُرى رَوعَةُ الأَشواقِ أَم لَوعَةُ الوَجدِ