![]() |
اللصُّ الظّريف
اللصُّ الظريف :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ما لي لا أرى زائرة الليل ؟ . أم كانت من النائمات ؟ أعْلفَ لها الكَرَى ، فَكَالَ لها من شهوتهِ ما يضمنُ مَيْلها إليه كيلاً مُجزياً ! . فتورّكتِ الدّمِثَ الوثير ،،، فاستحسنها فزادتهُ حسناً ، واسْتدْفئها فجادتْ عليه . ثم نادى الجفنَ حتى كلَّ ،،، وسَحَرَهُ حتى فَتَرَ ،،، وتلا عليهِ رُقية العشقِ حتى كادَ أن يُطْبق . وثُمّ ،،، أسلَمَتْهُ نفسَها كما اعتادتْ واعتادَ ، وكما كان عرضاً كان قُبولا ،،، فَنَعِمَ بها قبل أن تنعمَ به . فاستَلقتْ حتى راحَتْ في غَوْرٍ بعيد ،،، حيث لُجّة الكَرَى ، وسكْرة الهَجَع . فصارتْ تتقلّبُ ذات اليمينِ لينْسدِلَ على خدّها بعض ظلامٍ من شعرها ،،، وذات اليسار لِيُجيز الخدَّ الآخر خُصلةً كليلٍ بلا أقمار . والنَّحْرُ ما بين ذلك يتحدَّى حتى كسب الرهان ، فما زال به يَسْتَمِيلهُ حتى تَسَجَّت خُصلةٌ كأفعى سوداء على ثوب أبيض . ثم ذهبتْ تُداعبُ أحلاماً ، وتُداعِبُها أحلامُ . فجاء اللصُّ الظريفُ يُرهِفُ أذنهُ ليسمع نَغَمَ الشفاه ،،، وهي تُتَمْتِمُ تارة عنعنة ، وتارة لا يدري ما هو ! ، غير أنه هذيان ، هذيان سَكْرى عاقرتْ النومَ كأنه الخندريس حتى ثَمِلَتْ ، ولا حدّ يقام عليها !!! . وراح يجوبُ الدار ، علّه يسرقُ ما تيسَّرتْ سرقتهُ ، وخفّ حملهُ . فاعترضَهُ السِّحْرُ ، وحال دون إتمام ما يُوجب قطع اليدِ ،،، فجعلَ يخفف الجَرِيْرةَ حتى نفَدتْ كلَّ موجباتِ الحدود ،،، إلا من نظرة يختلِسُها وهي تتقلبُ وتتمتم كأنها تحكي الخِشفَ في تصويرهِ الأمنَ والأمان قرب أمهِ ،،، وكأنها الطفلُ الرضيعُ يحكي دُنياه بتشبُّثهِ بصدرِ أمهِ . فصار يهجسُ فيما بينه وبين نفسه ! . فمن هاجسٍ يقول : يا بُنيّ ،،، لا تُصعّر وجهك للمالِ !!! دُونَكَه فخذهُ . ومن آخر يقول : أنا ناصحٌ لك ،،، ما لك وللنظراتِ التي لا تُغني ولا تُسمنُ من جوع ؟ وبينا هو في ذلك ، إذ انقلبتْ ، فراعَهُ وسْواسُ الذهبِ بمعصمِها ، والذي ما وُضِعَ إلا ليضيع بريقهُ ! حيث أثبتَ بريقُها أنه البريقُ ، وأثبت جمالُها أنه الجمالُ . فأدركَ أنها أثمنُ من الذهبِ والجوهر ،،، فخافَ وهي في ذِمَّةِ النوم وستر الظلام أن ينالَها نائل . فآلى أن يُجَنّدَ نفسَهُ ليحرُسَها ، ثم عسْكرَ على مقربةٍ منها يرمُقَها ،،، وهو يوحي إليها : نام الورى ،،، فنامي . إن حامَ حولكِ أذى تلقّفْتُهُ . وإن همّ شرٌّ دحرتُه . أنا الفداءُ أنا الفداء . ولا أبالي . ــــــــــــــــــــ انتهى ــــــــــــــــــــــــــــــــــ حسين الطلاع : الدمث هو الناعم السهل المريح . : كلّ أي تعب . : الغور هو المخفض البعيد والمقصود هنا في جوف النوم . : العنعنة هي بالأصل لغة في إحدى قبائل العرب ،،، وهي أيضا في الرواية عنعنة كقولنا عن فلان وعن أبيه وعنه أنه قال وهكذا ،،، والمقصود هنا أنها كلام النائم كأنه يعنعن بكلام غير مفهوم . : الخندريس من أسماء الخمر . : الجريرة كناية عن الجريمة وهي الجناية التي يجرها الفاعل إلى نفسه وذويه وعشيرته . : الخِشف هو ولد الظبية الصغير . : التصعير هو الصد عن ، أو عدم الإلتفات إلى ، أو كقولنا أشاح بوجهه عن كذا ،،، والمقصود هنا لا تشح بوجهك عن المال بل خذه . : الوسواس ،،، هو بالأصل صوت تضارب الحلي والذهب ببعضه البعض فيصدر صوتا مغريا لأن الذهب مغري ،،، ومنه اشتقت وسوسة إبليس لأنه يغري كالذهب لتزينه المنكرات . |
رد: اللصُّ الظّريف
هي تنتمي الى القصّ القصير توفرفيها السّرديّة وبعض المقاطع الحوارية ...
بها تواتر متنام للأحداث أو ماقد يحدث لبطلها من أذى يمكنه تجاوزه ومغالبة نفسه عليه ... كما أنّ عنصر التّشويق ظلّ مثيرا لرغبة القارئ في متابعة الحكاية وما آلت إليه.. ويبقى باب التّأويل مفتوحا على شتّى الإحتمالات خاصّة فيما يتعلّق باللّص الظّريف ...الغموض فيها دافع لإعادة التّمعّن في أجزائها وتجاويفها وما حملت مرحبا بقلمك بيننا أخي حسن معدي الطلاع |
رد: اللصُّ الظّريف
قصة عكست الصراع بين قوى الخير والشر داخل الإنسان
أهلاً بك من جديد على ضفاف النبع بعد طول غياب دمت بخير تحياتي |
رد: اللصُّ الظّريف
اقتباس:
قراءة منكِ متفحصة وثاقية . سرني جدا إعجابك بها ،،، وما ظننت من لدنّي أنها قصة رغم ورود الحوار والسرد ، وذلك أن للقصة مقومات أخرى من وجهة نظري . غير أنكِ أدرى وأعلم فسرّني اهتمامكِ وإيجاد المكان المناسب لها . دمتِ بخير أيتها الأديبة الكريمة حسين الطلاع |
رد: اللصُّ الظّريف
اقتباس:
أشكر لكِ حسن قراءتكِ وحكيم رأيكِ . ولعل من أهداف النقد الأدبي إظهار صور ومعاني في المثور والمنظوم لم تكُ جلية حال كتابتها ،،، وذلك حسب علمي . وقد قمتِ سيدتي بذلك فلكِ جزيل الشكر دمتِ بخير وعافية حسين الطلاع |
رد: اللصُّ الظّريف
سردية محكمة تامة البناء تطرّق الأدب لمثله.. لكنّك تميزت وأبدعت أهلاً بك من جديد أخي الكريم لا تبتعد تحياتي والياسمين |
رد: اللصُّ الظّريف
اقتباس:
وأشكر إعجابك بها مع شكري وتقديري لشخصك الكريم حسين الطلاع |
رد: اللصُّ الظّريف
لغة سردية قوية متينة؛ ولكنها تنساب في ذهن القارئ بسهولة.. و وصف جريء متماسك يشد المتلقي بالإبهار حتى الخاتمة. هذه قراءة أوليه وربما لي عودة للغوص في أعماق النص. تسلم أستاذ حسين. وكل عام وأنتم بخير
|
رد: اللصُّ الظّريف
اقتباس:
شرفني مرورك كثيرا دمت بكل الخير حسين الطلاع |
الساعة الآن 05:11 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.