![]() |
القارب الورقي / إهداء إلى الجميلة عواطف عبد اللطيف .
هناك في غربة الجسد و الوطن ...تستيقظ أميرتنا على أصوات زقزقة الطيور ، تتأمل شمس الصباح
لتشاهد بتلات خصلاتها تداعب جفونها الناعسة .. تتململ قليلا ً على فراشها ، ثم تحاول النهوض ، تسير إلى شرفتها الوحيدة تجلس على كرسيها الهزاز ، و تعلن للصباح إشراق وجهها الجميل .. تحضر فنجان قهوتها الصباحية ، ترتشفه بهدوء و هي تحدق في السماء ، و في عينيها العسليتين شيءٌ من الألم المدفون ..و سرعان ما يتبادر إلى ذهنها ذكريات ٌ و صور ٌ من ماض ٍ جميل ... تذهب مسرعة ً إلى صندوقها الخشبي .. هذا الصندوق الذي يشاطرها جرحها الوثني ..تفتحه تُخرِج منه بعض صور الطفولة .. تلك الصور التي يتعانق بتفاصيلها روح الوطن المنفي ... هكذا أصبح الوطن مستعمرا ً بالبعد ،ها هي تمسح شظايا الدموع التي إنهمرت من مقلتيها ... تُعيد ُ الصور إلى صندوقها الخشبي ، و تنهض إلى يوم ٍ آخر من الغياب الإجباري عن ربوع بغداد الحبيبة ... حلمها أن تشاهد بغداد في حلتها الخضراء وقد إستعادت رونقها و بهاءها ، أعلم جيدا ً يا أميرتي أن نهر دجلة عازم ٌ على الرحيل إليك ..فهو مشتاق ٌ لتلك الطفلة التي طالما داعبت شطآنه .. أتذكرين يا أميرتي ذلك القارب الورقي الذي صنعه والدك.. لكي تلعبي به على ضفاف دجلة ؟؟ يومها قال لك ِ :هذا القارب الورقي سيصنع فجرا ً آخر . نعم ما زال قاربك الورقي موجوداً داخل صندوقك هذا .. فلقد أعتنيت به طويلا ً لعله يأخذك إلى نهر دجلة مرة ً أخرى ... صحيح ٌ أنك اليوم أيتها الأميرة تسكنين في مدن البرد و العواصف التي لا تعرف معنى الحنين .. .. لكن روحك و عقلك مع العراق ..ذلك البلد الذي عاهد السماء يوما ً أن يبقى المنارة الأولى .. لكل مغترب ٍ حزين ، .. أميرتي أيتها الناطقة بالحب ، فلتحزمِي أمتعة السفر ولتتركي طيور الغرب البارد لأصحابها .. و لتعتمري ذلك الشال المزركش بالنخيل ... و لتقرأي الأسماء .. فها هي بغداد حبك الأول والأخير تبادلك الوفاء ، فلتركبي قاربك الورقي فهو يعلم جيدا ً أن الطريق سيزهر حلما ً ، أتركيه يمضي و لا تسأليه الطريق ..فهو يعلم جيدا ً أن نهر دجلة مؤمنٌ بقدومه ... |
الساعة الآن 05:37 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.