![]() |
مكابدة.!
أجلد نفسي و أحاول أن أُخرج الآخرين من جو التعاسة و الكآبة , لأجدني غارقة فيها وحدي, أبحث عن قصة حب أبدية , عن قصيدة ,عن أغنية لا املُّ سماعها تغنيني , تغني لي لرفيقي , قال لي أحد الرفاق : أكتبي اكتبي عن عجوز مثلي يبحث عن واحدة قريبته بحيفا ظل يحبها وتحبه من رسائل تهرب عبر الحدود .. اكتبي عن شباب يفقدون الاتصال بحبيبة ليكتشف أنها متزوجة .. عن العجز الجنسي عن الخيانة الزوجية عن الشبق بتاعي ..هناك حب لأننا معقدين... سأكتب عن حلم يلازمني ليل نهار, أستيقظ على صوت بكائه الذي لا ينقطع, رغم ذلك لم يجد للشكوى مدخلا , و ظل يبكي, فتتُ الحكايات إلى تفاصيل دقيقة , و انتقل من حكايا الأطفال إلى أخرى تفتتح قصص الليالي الطويلة, لا يدركها الصباح و لا أكف عن الحديث عنها , ليس هناك حلم قبيح في الكون لكنه مثيرٌ للرفض فالتجاعيد فوق جبهته تُحدّثُ عن استحالة الوصول اليه,غارق بين سراديب الخوف يكابد ويعاند ليخرج من الضباب , ليتحول الرفض بعد ذلك إلى شفقة .. تعب يلامس شغاف القلب و يستقر هناك في الأعماق , ينام ...يستيقظ...يتقلص وجه بطنه في حركاتٍ عصبية تستفز استقرار الروح ... تُمانع ..يُصر..يدور بها في فضاء الأمس ..هدها السهر و القلق المزمن غطى وجهها بالأسى , يهمس بكلمات تستقر في قلبها الضعيف ..و يقف بينهما صمتٌ ثقيل .. طويل .. كان يسمع في الليالي بكاءها الصامت ...تسرب من عينيه بكاء ...فزع ..خوف..خاف عليها منه .. من أزقة البلد. تبحث عنه ضائعة ..ولا تصدق أنها ميتة ..تنتظر تشييعها إلى مثواها الأخير في أحشاء قلبه الصخري طال وقوفهما على حافة المشاعر و أوغلَ أبعد منها بشبر ...الآن يحس بالندم و الألم معاً.. تعجب..تعجبت ...كومة من الأوراق و الذكريات ..قرءاها معاً ..و أنكسرا معاً..فنال الظهر قصم العمر.. قالت لنفسها : لا وقت للحزن أو الإنحناء ...و الحرب تطرق أبواب الخيال ,’ يهرب الأمل منا إلى أطراف الحقول و يتسلق الهضاب ..و ماذا سيحدث في أيام الشتاء..و الطقس بارد و طقوس العشق تزيده برودة . يا شوقي و جنوني .. يا سجادة زهرٍ تطير من زهرِ إلى زهر.. يا تعبي يا وجعي ..يا حلمي و كل أملي .. تأملت عمري الزاحف نحوك مثل زحف المخلوقات الصغيرة على الأرض نحو المجهول ,كلما رفعتُ رأسي رأيتُ في البعيد ركاماً من الغيوم الرمادية .. و الشمس تختلس النظر من وراء الغيم ........ و أتذكر... حين أمسكت بيدي لأول مرة و خرجت بي إلى الشوارع مندفعاً امام القبيلة ..قدتني إلى موتٍ معلن ... اليوم نكأتَ الجرح ..أدميتني في موطني ..موطن الألم .....يعصفُ بي الحنين لعطرك لساعة الصفر قبل اللقاء... راهنت عليك كما يراهن الأغبياء على الحصان الخاسر من اجل الترفيه .. و أتذكر.. أني فقدتُ القدرة على النطق و انسحبت إلى عالمي الخاص...و واظبتُ على زيارة المقابر ..كنتُ أجلس عند القبر ساعات طويلة .. لا أدرك الوقت ..و الظلام دوماً كان يدركني... كان لابد من ايجاد طريقة تجعل الحياة بها محتملة ..فالحزن مثل الخبز و التابوت أمر طبيعي جدا...و الصرخات تعشعش في الخلايا .. كنتُ متأكدة من أنه سينهار يوماً , و يفقد الرغبة في الحياة ..لكن ليس بهذه السرعة .. حلم يشبه الجلد المترامي فوق العظام كالملابس الفضفاضة ...تحتاج لمدة طويلة للتعود على منظر بؤسه الشديد.. صب الهمسات المثيرة في آذان مرهفة شديدة اللهفة ..بها شوق يعصف لرؤيته و الساعات و الدقائق حبلى بالحنين اليه..و اللحظة تشكل فاصلاً ما بين الحقيقة و الحلم ... و قد تفقد عمرك كله إن لم تعش تلك اللحظة .. أي مصير كان ينتظرني لو كان واحد غيره ..؟ مازالت تعبق روحي رائحة القهوة الطازجة القادمة من الشارع المقابل .. و من أين يأتي صوته لا أدري ..صوته الخافت الضعيف الذي يخترق أذني حتى النخاع ... يستخرج الحنان من الصخر الصلد المتراكم على صدري ...يحاول نفض الضباب المتجمد على قلبي ..و بأصابعه السحرية يمسح البرد عن وجهي ... يا تفاصيل الحنين هدني الشوق اليه ..من حلمي المحكوم عليه بالانتظار , من الوعي ..وراء الوعي..يا رعب الساعة , لا املك قوة أوقف الوقت ..و العمر يقف ذاهلاً يصغي لحشرجة صوتي مبتسما ابتسامة ساخرة .. في الليالي الطويلة يعلو الدخان إلى الأقبية المعتمة ..على أضواء النجوم أشيع آخر الآمال و أطفئ أخر مشاعل الشموع التي أهداني .. أغرقني في متاهات الذكرى و هدر كرامة الغابات ...تنفست البخور بين الأرواح الخبيثة الحائمة فوق رأسي تدقهُ دق المطرقة على الحديد ... أسعفني ., . أنقذني من عالم الغيب ..و لا تردد تلك الجمل المتشابهة الحروف ..رتب لي الحقيقة بيديك ..أخرجني من عالم الدخان و الحرائق , فما عدت أطيق وتيرة الدوامة , و أنا على وشك السقوط... و أتذكر ... \ الذي عرفته بالأمس ..و رائحة السجائر المنبعثة من جسده….و أشياؤه العابثة بأوردتي تمزق ابتساماتي ..تحاصر خاصرتي ..وروحي تهرع نحوه تلبي نداءه …و حبه ينمو و يكبر ..منذ أوكله القدر مهمة قتلي… كان ذلك قبل أعوام طويلة , و … \ أتذكر … \ رجل يشبه السنديان ناصبا لا تهزه العواصف ..كان يستطيع النفاذ من أضيق الأماكن, إلى قلبي , حملت به و بأحلامي منذ أنجبتني تلك المرأة التعسة ,\ حملتُ فأس الصبر و أمضيت العمر أكسر الصخر على بابه, و شمس الأمل تطل من خلف الستار ..\ تهبُ ريح البعيد تلفح اللحظة توقظها من غفوتها وراحة تسترقها من غفوة الألم في عُشر اللحظة . .! تضعها بين يديه , يهدهدها , \ ينظر اليها بأسى \.. يطمئن إلى صدرها .. يغفو ..تغمض عينيها … تنام ..\.. يستيقظ…تستيقظ… .من جديد…. و أتذكر… رحل و أغلق الباب خلفه مودعا بابتسامة مطمئنة …!! |
رد: مكابدة.!
الكاتبة المبدعة مرمر القاسم
محبتي نص رائع متقن اقترب كثيرا من القصة التي اعتقد انك تمتلكين مقومات كتابة القصة القصيرة الناجحة وقد تناولت موضوعا رائعا بلغة عذبة رغم طابع الحزن لكن هذا هو الواقع تسلمين |
رد: مكابدة.!
سأكتب عن أيام تهرول
وعمر يجري بوح فيه الكثير مبارك الأشراف شكراً لكِ |
رد: مكابدة.!
الأديبة المحترمة مرمر القاسم
مكابدة : نص ينضح بالجمال وطريقة رائعة في السرد بلغة آسرة وسبك رصين تقبلي تحياتي ودمت في رعاية الله وحفظه |
رد: مكابدة.!
مكابدة
________________________________________ أجلد نفسي و أحاول أن أُخرج الآخرين من جو التعاسة و الكآبة , لأجدني غارقة فيها وحدي, أبحث عن قصة حب أبدية , عن قصيدة ,عن أغنية لا املُّ سماعها تغنيني , تغني لي لرفيقي , قال لي أحد الرفاق : أكتبي اكتبي عن عجوز مثلي يبحث عن واحدة قريبته بحيفا ظل يحبها وتحبه من رسائل تهرب عبر الحدود .. اكتبي عن شباب يفقدون الاتصال بحبيبة ليكتشف أنها متزوجة .. عن العجز الجنسي عن الخيانة الزوجية عن الشبق بتاعي ..هناك حب لأننا معقدين... سأكتب عن حلم يلازمني ليل نهار, أستيقظ على صوت بكائه الذي لا ينقطع, رغم ذلك لم يجد للشكوى مدخلا , و ظل يبكي, فتتُ الحكايات إلى تفاصيل دقيقة , و انتقل من حكايا الأطفال إلى أخرى تفتتح قصص الليالي الطويلة, لا يدركها الصباح و لا أكف عن الحديث عنها , ليس هناك حلم قبيح في الكون لكنه مثيرٌ للرفض فالتجاعيد فوق جبهته تُحدّثُ عن استحالة الوصول اليه,غارق بين سراديب الخوف يكابد ويعاند ليخرج من الضباب , ليتحول الرفض بعد ذلك إلى شفقة .. تعب يلامس شغاف القلب و يستقر هناك في الأعماق , ينام ...يستيقظ...يتقلص وجه بطنه في حركاتٍ عصبية تستفز استقرار الروح ... تُمانع ..يُصر..يدور بها في فضاء الأمس ..هدها السهر و القلق المزمن غطى وجهها بالأسى , يهمس بكلمات تستقر في قلبها الضعيف ..و يقف بينهما صمتٌ ثقيل .. طويل .. كان يسمع في الليالي بكاءها الصامت ...تسرب من عينيه بكاء ...فزع ..خوف..خاف عليها منه .. من أزقة البلد. تبحث عنه ضائعة ..ولا تصدق أنها ميتة ..تنتظر تشييعها إلى مثواها الأخير في أحشاء قلبه الصخري طال وقوفهما على حافة المشاعر و أوغلَ أبعد منها بشبر ...الآن يحس بالندم و الألم معاً.. تعجب..تعجبت ...كومة من الأوراق و الذكريات ..قرءاها معاً ..و أنكسرا معاً..فنال الظهر قصم العمر.. قالت لنفسها : لا وقت للحزن أو الإنحناء ...و الحرب تطرق أبواب الخيال ,’ يهرب الأمل منا إلى أطراف الحقول و يتسلق الهضاب ..و ماذا سيحدث في أيام الشتاء..و الطقس بارد و طقوس العشق تزيده برودة . يا شوقي و جنوني .. يا سجادة زهرٍ تطير من زهرِ إلى زهر.. يا تعبي يا وجعي ..يا حلمي و كل أملي .. تأملت عمري الزاحف نحوك مثل زحف المخلوقات الصغيرة على الأرض نحو المجهول ,كلما رفعتُ رأسي رأيتُ في البعيد ركاماً من الغيوم الرمادية .. و الشمس تختلس النظر من وراء الغيم ........ و أتذكر... حين أمسكت بيدي لأول مرة و خرجت بي إلى الشوارع مندفعاً امام القبيلة ..قدتني إلى موتٍ معلن ... اليوم نكأتَ الجرح ..أدميتني في موطني ..موطن الألم .....يعصفُ بي الحنين لعطرك لساعة الصفر قبل اللقاء... راهنت عليك كما يراهن الأغبياء على الحصان الخاسر من اجل الترفيه .. و أتذكر.. أني فقدتُ القدرة على النطق و انسحبت إلى عالمي الخاص...و واظبتُ على زيارة المقابر ..كنتُ أجلس عند القبر ساعات طويلة .. لا أدرك الوقت ..و الظلام دوماً كان يدركني... كان لابد من ايجاد طريقة تجعل الحياة بها محتملة ..فالحزن مثل الخبز و التابوت أمر طبيعي جدا...و الصرخات تعشعش في الخلايا .. كنتُ متأكدة من أنه سينهار يوماً , و يفقد الرغبة في الحياة ..لكن ليس بهذه السرعة .. حلم يشبه الجلد المترامي فوق العظام كالملابس الفضفاضة ...تحتاج لمدة طويلة للتعود على منظر بؤسه الشديد.. صب الهمسات المثيرة في آذان مرهفة شديدة اللهفة ..بها شوق يعصف لرؤيته و الساعات و الدقائق حبلى بالحنين اليه..و اللحظة تشكل فاصلاً ما بين الحقيقة و الحلم ... و قد تفقد عمرك كله إن لم تعش تلك اللحظة .. أي مصير كان ينتظرني لو كان واحد غيره ..؟ مازالت تعبق روحي رائحة القهوة الطازجة القادمة من الشارع المقابل .. و من أين يأتي صوته لا أدري ..صوته الخافت الضعيف الذي يخترق أذني حتى النخاع ... يستخرج الحنان من الصخر الصلد المتراكم على صدري ...يحاول نفض الضباب المتجمد على قلبي ..و بأصابعه السحرية يمسح البرد عن وجهي ... يا تفاصيل الحنين هدني الشوق اليه ..من حلمي المحكوم عليه بالانتظار , من الوعي ..وراء الوعي..يا رعب الساعة , لا املك قوة أوقف الوقت ..و العمر يقف ذاهلاً يصغي لحشرجة صوتي مبتسما ابتسامة ساخرة .. في الليالي الطويلة يعلو الدخان إلى الأقبية المعتمة ..على أضواء النجوم أشيع آخر الآمال و أطفئ أخر مشاعل الشموع التي أهداني .. أغرقني في متاهات الذكرى و هدر كرامة الغابات ...تنفست البخور بين الأرواح الخبيثة الحائمة فوق رأسي تدقهُ دق المطرقة على الحديد ... أسعفني ., . أنقذني من عالم الغيب ..و لا تردد تلك الجمل المتشابهة الحروف ..رتب لي الحقيقة بيديك ..أخرجني من عالم الدخان و الحرائق , فما عدت أطيق وتيرة الدوامة , و أنا على وشك السقوط... و أتذكر ... \ الذي عرفته بالأمس ..و رائحة السجائر المنبعثة من جسده….و أشياؤه العابثة بأوردتي تمزق ابتساماتي ..تحاصر خاصرتي ..وروحي تهرع نحوه تلبي نداءه …و حبه ينمو و يكبر ..منذ أوكله القدر مهمة قتلي… كان ذلك قبل أعوام طويلة , و … \ أتذكر … \ رجل يشبه السنديان ناصبا لا تهزه العواصف ..كان يستطيع النفاذ من أضيق الأماكن, إلى قلبي , حملت به و بأحلامي منذ أنجبتني تلك المرأة التعسة ,\ حملتُ فأس الصبر و أمضيت العمر أكسر الصخر على بابه, و شمس الأمل تطل من خلف الستار ..\ تهبُ ريح البعيد تلفح اللحظة توقظها من غفوتها وراحة تسترقها من غفوة الألم في عُشر اللحظة . .! تضعها بين يديه , يهدهدها , \ ينظر اليها بأسى \.. يطمئن إلى صدرها .. يغفو ..تغمض عينيها … تنام ..\.. يستيقظ…تستيقظ… .من جديد…. و أتذكر… رحل و أغلق الباب خلفه مودعا بابتسامة مطمئنة …!! أقف مبهورا في معبد بوحك وأنت تعزفين على أوتار القلب الجريح نص أخذ بمجامع إعجابي واندهاشي لصوره المذهلة وحروفه النابضة قرأتك وأنا منتش لعذوبة الحرف المضمخ بالحزن وآهات العذاب تملكين القدرة على إدارة الحرف ليكون طيعا بين أناملك هذا هو رأي متلق والنص بحاجة إلى ناقد محترف ليخرج اللآلئ من أعماقه ويشير إلى لوحات الجمال المرسومة فيه شكرا لهذا الهطول الذي أسعد روحي وأفرح قلبي ورواني نميرا عذبا تحياتي ومودتي وإعجابي |
رد: مكابدة.!
الأديبة المبدعة / مرمر القاسم ، هنا أستاذتي لا يسعني أن أعلق على هذا النص
لأمرين الأول :أن هذا النص العبقري يحتاج منّا المكوث مطولا ً في غياهب أوراقه الأمر الثاني : أنا لست محترفا ً أو ناقدا ً حتى أحاول الوصول إلى روح هذا النص المخملي الذي أورثني بعضا ً من صور ٍ حائطية قديمة ، أدبتنا المبدعة .. حري ٌ بهذا النص أن يعلق بين النجوم ... فلله درك ... ما أرقى هذا الأدب .. كنت أبحث دائما ً عن الأدب الرفيع و اليوم رأيته هنا ... حماك ربي . |
رد: مكابدة.!
أعلقه
وأعود أليه من جديد محبتي |
رد: مكابدة.!
الاديبه الراقيه
مرمر القاسم لله درك سيدتي والله انك ومع هكذا قلم متمكن فادر على فرز الهموم والالم وتجسيد الروعة في الق الفرح والسعادة لن تكابدي ما يرهق نفسك وما يضيق بالانفاس في صدرك غاليتي أطلقي العنان لقلمك أكثر وأكثر حماك الرب وبارك قلمك محبتي واحترامي |
رد: مكابدة.!
اقتباس:
https://nabee-awatf.com/vb/showthread...2788#post52788 |
رد: مكابدة.!
اقتباس:
الف الف شكرا تحية من روحي اليك |
الساعة الآن 01:38 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.