عرض مشاركة واحدة
قديم 08-24-2011, 11:50 AM   رقم المشاركة : 42
شاعر
 
الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :محمد ذيب سليمان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: قصة وقصيدة \مع الشاعر الراقي محمد ذيب سليمان

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سمير نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  
يا أنتِ



نبدأ من العنوان(يا أنتِ) ،وهي بداية مستفزة .كأني أسمع الشاعر محمد ذيب سليمان يقول لها بطريقة العاشق المجروح :
أيتها المرأة المتعالية ! وما أنتِ كذلك .وبلغتنا العامية المحكية ( يا اللي شايفة حالك علينا ) .
كان الشاعر موفقاً في اختيار عنوان القصيدة ،وكان موفقاً أيضاً في الدخول إليها .لنستمع :
بِيـديْكِ قـد سُــفكتْ على مَهَـلٍ دِمايـــــا
وتـرنَّحـت سُــفُني على كَذبِ الطّوايـــا
فـــي ثـــوْرَةِ الأمـــواجِ ألقتْنــي عــلى
لــوحِ تَحطـَّـمَ جـِـذعُهُ وطفَـَـتْ رُؤايــــا
ترنــــو إليـــكِ ومِـلءُ دمعيَ لـوعـــــة ٌ
هذي بحاركِ قــد غَرسْتِ بهـا المَنايـــا
وقَـَــذَفتِهـــا نَحــــوي شـِــــباكاً , إنَّنـي
ما زلتُ أغـرقُ , واليقينُ من الضَّحايـا


بداية دموية صاخبة تصور ما حدث بشكل مأساوي ...سفك دماء ،تحطم سفن ،أمواج عاتية ،والنتيجة أنه أصبح يتشبث بلوح لا يسمن ولا يغني من جوع ، إنها النهاية ،يا للهول!
ومع كل ما حدث لا تزال عيونه الباكية تتطلع إليها بلوعة وحسرة وبحارها مزروعة بالموت المؤلم .مع أنها هي من أوقعته في شباكها وهو على يقين أنه كان ضحية من ضحاياها الكثيرة .
وفـُــؤاديَ المكلـــومُ يَجلـــدُه المَــــدى
وعُيونيَ الخَـرقـاء تَبحثُ عن سـِوايــا

وَوقفْــتِ فــوقَ الحُلـــمِ تَبتســمينَ من
قَلَقي ومن وَجَعي ومن مِزَق المَرايــا

أسْـــقَيتِني عَــذبَ الغَمــــام مُوشــَّـــحاً
وجعلتِ طلَّ الفجـر ِيـرقص في الزوايــا

وقَطعْــتِ حبــل الوَصل في ألـقِ اللِّقـــا
فانهـــارَ ســـدٌّ كنتُ أحْســــبُه حِمايـــا

ليلـي تــَـــطاوَل والنُّجـــــومُ تُحيطنـــي
تـَـدنـو إلــيَّ ومن هَواجِســـها دَوايــــا

صورة شديدة القتامة ،تزينها كنايات جميلة التركيب ، فالمدى يجلد فؤاده المكلوم وعيونه خرقاء لا تعرف الطريق الصحيح ، وامرأة قاسية واقفة تبتسم بطريقة سادية شامتة بأحلامه المحطمة ووجعه ومراياه المهشمة.
فجأة ينتقل إلى تصوير صورة مغايرة تماماً ، وكان لها لزومها ،صورة جميلة ركبها بعذب الغمام وندى الفجر الذي يرقص في الزوايا من شدة السعادة ،وذلك في الأيام الخوالي الجميلة .
ثم يعود إلى الصورة القاتمة ،قطع حبل الوصل وانهيار سد منيع كان يحتمي به ،إنه حبها له . يا للخسارة ! ضاع كل شيء في لحظة .
وتستمر قتامة الصورة ويبدأ بالعذاب في ليل العاشقين وما أدراك ما ليل العاشقين؟!
ليل تطاول ..الله الله ...تصوير بديع ،ليل عنيد لا يريد أن ينتهي .صورة قاتمة ،وما دواء العاشق سوى هواجس النجوم ؟! صورة إبداعية حقاً.


يــا أنـتِ , قــاتِلَتي , مِــدادكِ بلسَـــمي
ضُمّي لصَــدِركِ ضائِعــا فَقـَـدَ البقايــــا

فـي حلْبــةِ العُشـّـــاقِ أدمنـْـتُ اللِّقــــــا
وجعلتُــه كأســــاً تعــــــانقـــه يدايــــــا

لكـن بُعــــدَك قـَـــدْ أطـــــاح َ بِدَنـِّــــــهِ
ونَسخْتِ حُبّـاً كان يوغِلُ في السَّـجايــا

هــلا ّجعلـتِ البحــــرَ يُرسِـــلُ مَوْجـَــهُ
للمقعـَــدِ المَنْـسِيِّ يُخبـــرُه ُأســايـــا ؟

هَـــلاّ اقتَحمـتِ نوافـــذي وطُلـولهــــــا
وكَتبتِ من دَمِهـــاعلى مِـزَق الحَنايــــا

قلــبٌ تفــــــرَّد بــالنَّقـــــاء تُـذيبـــــــه
شـــفتايَ والهجــرِ المعتّقِ والرَّزايــــا
يــا أنتِ . تُوصيـــك الضلوعُ , لهيبُهــا
كتَبَ البــِـدايَة في دمي عِشْـــقاً ونايـــا

هــا أنـتِ صِنــو الليــلِ بينَ جَـــوانحي
أهفــو اليـــكِ , ومن موائـِــدهِ بُكايــــا

وتبدأ مرحلة من العتاب الطويل المضني ،والإستجداء الذي يلازم العشاق دائماً ،وصدق من قال (يضرَبْ الحب شو بيذل ! ) لعله لبناني .وتبلغ الدفقات الشعورية أعلى مدى لها حين يطلب منها أن تجعل البحر يرسل موجه على المقعد الذي كانا يجلسان عليه ويتسامران أمام البحر .



لا تَتــرُكي ثـَـوبَ النَّســـــيم مُهلهَـــــلاً
وغـلالـةَ الفَجــر ِالضَّحـوك معَ الدَّنايــا

لا تَجعَلــي خَفْــقَ الضُّلــوع مَعــــــاوِلاَ
ونهــاية الآمــال تضحك من خُطايـــــا

لا تَعبثــي يـــــا أنـتِ بــي فَنِهـــــايَتي
تــدنو إذا جُعــلَ الفـــؤادُ من المَطايــــا

لا تَخــذِليني رُبّمـــا سـَـقطت نجــــو ..

مُكِ في الحصار وليس يُنقِذُها سـِوايــا

وينهي شاعرنا قصيدته بمجموعة من الوصايا للحبيبة الغادرة ،لكن النهاية لم تكن قوية بما فيه الكفاية لأنه من غير المقنع أن يستطيع إنسان محطم كسيح القلب يستجدي حبيبته أن ترجع إليه ،أن ينقذ نجومها الساقطة .

ما لفت انتباهي أثناء تنقلي بين أفياء هذه القصيدة الجميلة هو تلك الكنايات والصور الإبداعية التي إن دلت على شيء فإنما تدل على أن شاعرنا عاش تلك اللحظات بصدق وصورها بصدق.


الأخ والصديق الراقي


محمد سمير نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


اخي الكريم اريد ان انوه انني لم اترك التعليق على مداخلتك الا لتكون مع الأخوة أعضاء اللجنة مسك الختام ... فعذرا


كل الشكر على مداخلتك وتحليلك الذي كان لهما

الأثر الجميل على نفسي .. انحناءة وتقدير


حيث انك قد دخلت عمق النص وناقشت الأبيات كمجوعات


متواصله مع اختلاف توجهها وكنت متابعا جيدا واسعدني ذلك


ولكن ملاحظتك الأخيرة بان النهاية لم تكن قوية او مقنعة ربما تكون كذلك


مع انني رأيتها تناسب الحدث وتعكس قوة وتهديدا

فمصيرها مرتبط به وأنها لا بد عائدة اليه



اخيرا اقدم شكري وامتناني لك ايها الكبير


ودمت مبدعا






آخر تعديل محمد ذيب سليمان يوم 08-24-2011 في 12:07 PM.