كَعصفورةٍ في كَفِّ طِفْلٍ
مجنون ليلى
متى يشتفي مِنكِ الفؤادُ الْمُعَذَّبُ = وسَهْمُ المنايا من وصالِك أقرَبُ
فَبُعْدٌ ووَجْدٌ واشتياقٌ ورَجْفَةٌ = فلا أنتِ تُدنيني ولا أنَا أهْرَبُ
كَعصفورةٍ في كَفِّ طِفْلٍ يَزُمُّهَا =تذوقُ حياضَ الموتِ والطفلُ يلْعبُ
فلا الطفلُ ذو عقْل يَرِقُّ لما بها = ولا الطيرُ ذو ريشٍ يطير فيذهبُ
ولي ألْفُ وجْهٍ قد عرفتُ طريقه = ولَكنْ بلا قلب إلى أين أذهبُ
فَلَوْ كان لي قلبانِ عشْتُ بِواحدٍ = وأَفْرَدْتُ قلباً في هواكِ يُعذّبُ
فواللّهِ ثمَّ اللّهِ إنِّي لَدَائِبٌ = أُفَكِّرُ ما ذَنْبِي إليكِ فَأعْجَبُ
وواللَّهِ ما أدْري عَلاَمَ هَجْرتِنِي = وَأيَّ أُمُورِي فِيكِ يا لَيْلَ أركْبُ
أأقُطَعُ حَبْلَ الْوَصْل، فالموْتُ دُونَه = أمْ اْشرَبُ كأْساً مِنْكُمُ ليس يُشْرَبُ
أمَ اْهرُبُ حتَّى لا أرَى لي مُجَاوِراً = أمَ اْفعَلُ ماذا أمْ أبُوحُ فَأُغْلَبُ
فَأيُّهُمَا يَا لَيْلَ مَا تَفْعَلِينَهُ = فَأوَّلُ مَهْجورٌ، وآخَرُ مُعْتَبُ
فلوْ تلْتقِي أرْوَاحُنَا بَعْد مَوْتِنا = ومِنْ دُونِ رَمْسَينا منَ الأْرضِ مَنْكِبُ
لظلَّ صدَى رَمْسِي وإنْ كُنْتُ رِمَّةً = لصَوْتِ صَدَى لَيْلَى يَهَشُّ وَيَطربُ
ولو أنَّ عيناً طاوعتِنيَ لم تزلْ = تَرَقْرَق دَمْعاً أو دماً حين تَسْكُبُ
أما والذي أرْسَى ثَبِيراً مكانه = عليه سَحابٌ فوقه يتنصَّبُ
لقد عِشْتُ من ليلى زماناً أُحِبُّها = أخا الموت إذ بعضُ المحبِّين يَكذبُ
أَحِنُّ إلى لَيْلَى وإنْ شَطَّتِ النَّوَى = بلَيْلَى كما حَنَّ الْيَرَاعُ الْمُثَقَّبُ
يقولون لَيْلَى عَذَّبَتْكَ بِحُبِّهَا = ألاَ حَبَّذَا ذاك الحبيبُ الْمُعَذِّبُ
أبَتْ ليلةٌ بالغَيْل يا أُمَّ مالِكٍ = لكمْ غيرَ حُبٍّ صادِقٍ ليس يكْذَبُ