هو العراقمنذ آلاف السنين قالوا أن من يحكم العراق يحكم العالم فمَلِكَه مَلِك الجهات الأربع |
تخضَّبَ خلْدٌ مستثارٌ وسؤددُ = فأشرقَ موتٌ سرمديٌّ معسجدُ
وكان صهيلُ البيدِ كونا من المَدى = تُحيطُهُ أجرامٌ وشمسٌ ومَرقدُ
يُحاقُ بطغيانٍ كئيبٍ وقسوةٍ = بمحرابه دسّوا فصلّى المهنّدُ
وعانقَ قبل البَدءِ أصلابَ أمّةٍ = منَ الصُحُفِ الحمراءِ للعشقِ تَنشُدُ
إذا وَثَبَتْ ألقى الحسينٌ نحورَهُ = وللمدنِ الثكلى سيسري محمّدُ
وإنَّ حروفَ الدَهْرِ أمّيةُ الهوى = ولولا نُبوءاتٌ لَما أزهرَ الغَدُ
على صخرةِ القربانِ سالتْ دِماؤهُ = وما سالَ رَمْلٌ في قفارٍ تُعَرْبِدُ
وقد شادَ ضِلعا فيه زَقّورة الهوى = تَراقَصَ فيها الحُسْنُ أنثى تُوَحِّدُ
تقلّبتِ الدُنيا بكَفّيهِ وانقضتْ = فيبعَثُها طورا وإن شاءَ يلحِدُ
وثمّةُ بينَ النارِ والأرضِ موعدٌ = وكان نشورا في رجالٍ تُضَهَّدُ
ملاحِمُهُ روضُ انتصارٍ مُبَرعمٍ = وعُودُ مسلّاتِ ابتسامٍ يورِّدُ
وكان رفيقُ النهرِ نهرا معاقرا = يُعتّقُ عُرْجونا بشعرٍ يُخَرّدُ
ويملأ كأسَ الليلِ من رائقِ الردى= ليبرأَ ما يأبى صباحٌ فيَخمدُ
حكاياتُ عيدٍ كان في عالم السُدى = يُلَمْلِمُ ثوبا عاريا حين قدّدوا
وتلك الدواهي كلّما جاءَ ثائرٌ = أفَقْنَ نزيفا ثُمَّ في موتِهِ غَدوا
وأبقى حياةٍ كان موتٌ مُحَرِّرٌ = يعيشُ بلا عمرٍ وذِكْرٍ يُبَدّدُ
وتكمُنُ فيهِ روحُ جَمْرٍ أليفةٍ = فلو يعصفوهُ قامت النارُ ترْعِدُ
وتسرحُ أحلامُ العذارى بليلهِ = تمشّطُ أسرارا ودفءً يُسَهّدُ
وجاءوا بفرسانٍ حديدٍ غطاؤهم = وما همْ سوى قمْلٍ ضريرٍ يُهَدّدُ
ففيهِ امتدادٌ لا تدانيهِ غايةٌ = فليس يبالي آفةً حينَ تُفسِدُ
ويبقى عميقا في حُبَيباتِ رملهِ = فإن أغضبوهُ عجَّ قفرا يُزَنّدُ
وهورُهُ طفلٌ كان يلهو بمائه = ويبني بيوتا من شجونٍ تهدْهِدُ
ويعطشُ في طفّ ويرمونَ نحرَهُ = ويرفَعُهُ نهرٌ نبيٌّ فيصعدُ
مواويلهُ السمراءُ هبّتْ رقيقةً = نسائمَ عشقٍ كالصبايا تُبَغْدِدُ
لكلِّ أساميكمْ هنا كان مولدٌ = وتلك وجوهُ القومِ من طينها ندوا
سأُعلمكم تأويلَ ما تحلُموا هنا = وكيفَ سُدى فرعونِ للآنَ يُعْبَدُ ؟
وانَّ طوى سَبْعٍ قبيلٌ لأوّلٍ = وانَّ زئيرَ الأرضِ ليثٌ مقيّدُ
ولا تَدهشوا إن ماتَ شعبٌ جَهالةً = وفيهِ شفاهٌ للحقيقةِ تُجْلَدُ
وحينَ متاهاتُ الأماكنِ دولةٌ = تدرّ نهودَ الجوعِ بَيْنا وتُحْمَدُ
ويحضننا أمٌّ تُوَدِّعُ طفلَها = بكلِّ فصولِ العُمرِ غَدرا سيوأدُ
وفي عالمِ النسيانِ تُشْعِلُ شَمْعةً = لعلَّ رياحَ الحزنِ للصبرِ ترشُدُ
ويرحَلُ ليلٌ بعْدَ ليلٍ بلا غَدٍ = فتُتْرَكُ أحلامُ الأيامى تؤبّدُ
ويلبسُ ثوبَ الطفِّ في ألفِ ليلةٍ = وليلتِهِ الأخرى لعاشورِ يَقعُدُ
إليكَ يَحُثُّونَ السرايا لموعِدٍ = فيُقْطَعُ دربُ الفجْرِ كيلا يُعَبَّدُ
ويحمل ماني والسبايا من القرى = دموعا وفرسانا وسيفا يعمَّدُ
وتجتمعُ الآفاقُ فيهم لمشرِقٍ = تلوذُ البرايا خلفَ نورٍ يُوَحِّدُ
فقلبُهُ أبوابٌ لدنيا نقيّةٍ = فلا يوم أضغاثٍ وعجزٍ يُردّدُ
ويمضي لقاحُ الثأرِ حتى نعيمِهِ = فتهجَعُ لوعاتٌ ونارٌ ستبرَدُ
فكلُّ نهاياتِ السماواتِ ها هنا = وكلُّ بداياتِ الخلائِقِ تشْهَدُ
هو البَدْءُ لمّا قال إيّاهُ فاهبطوا = وبيتُ سوى عبدٍ له قال أسجدوا