القصيدة الفائزة بالمركز الثاني
القصيدة رقم (2)
حدائق النور!!
الشاعر جبر البعداني

منْ روضةِ البوحِ مسَّ الرّوحَ إيحاءُ=فاخْضوضرَ القلبُ حتّى أزْهر الماءُ !
فاسْتبْشرتْ بهطولِ الغيتِ من لغتي=(عشتارُ) واحْتفلتْ بالخصْبِ ( حوّاءُ)!
فجئتُ محراب ( أفْروديتَ) متّشحاً=شالاً(لهيرا) وكفُّ الوصلِ خضراءُ
رتّلتُ ( فينوسَ) سِفْر الحُسنِ قافيةً=كي تغمرَ الكونَ يا (فيبوسُ) أضواءُ
فلا ترى الْعينُ إلّا الأرضَ باسطةً=حدائق النّورِ ترحيباً بمن جاءوا
من عالمِ الغيبِ باسْمِ اللهِ تدفعهم=نحو الوصولِ لذات الحبِّ أهواءُ
من فُسْحةِ القدرِ المجهولِ قد دخلوا=بحثاً عن الذّاتِ هل عادوا بما شاءوا؟!
وظلّ ذاكَ السّؤال اللغز يمنحهم=وعدَ الوصولِ ولونُ الوعد إغراءُ !
وجئتُ من آخر الأحزانِ مشتعلاً=قنديلَ بشرٍ فيا بُشراكِ عصماءُ
أجرُّ من شعرِها الأيّامَ أسلبُها=ما خبّأتهُ يدُ الأتي وأستاءُ !
لو عاندتني وهل تقوى وملءُ يدي=من كلِّ شيءٍ بلونِ العزمِ أشْياءُ !
فما تخطُّ يدُ الضّرّاءِ خاتمتي=إلّا لتكتُبَني في البدءِ سرّاءُ !
ما كنتُ إلّا وكان الضّد فانْتصرت=روحي فشجّعني للبذلِ إعطاءُ !
فلستُ إلّا اختلافاً مذ عرفتُ دمي=ضدّانُ فاجْتمعا قتلٌ وإحياءُ !
فتّشتُ في اليأسِ من ذاتي على أملٍ=خلّقتهُ بيدي والكلُّ أعداءُ
لو شوّهوا صفحةَ الأحلامِ في لغتي=فصفحةُ الحلمِ في عينيكِ بيضاءُ
وذاكَ يكفي لكي تبقى معلّقةً=بالحلمِ روحي وما لي عنهُ إسلاءُ !
عُلّمتُ بالشّعرِ شدو الطيرِ فاكْتشفت=عنّي الْقصيدةُ إنّ العزفَ إلقاءُ
وما التّعابيرُ إلّا لحنُ أغنيةٍ=ينتابُها لأنينِ النّاي إصغاءُ
ما بين سحبةِ قوسٍ وارتدادتهِ=يقتادني لضلالِ البوحِ إسراءُ
فيعرجُ اللحنُ في روحي وينثرني=عطراً فتغرقُ بالوجدانِ أعضاءُ !
يضيقُ صدري إذا طارت مسافرةً=روحٌ تحنُّ إلى الأوطان حرّاءُ !
روحٌ كروحِ أبي تمام مثقلةٌ=بالجرحِ يقوى على تعذيبها الداءُ
تئنّ في القدس من ضيمٍ فيسمعها=بليل بغداد مجروحٌ ومستاءُ
فإذ حديثي بكاءٌ والدموعُ دمٌ=وأضلعي من لهيب الجرحِ أشلاءُ
حالي كحالِ قصيدٍ ليس يكتبهُ=عبر امتدادِ عصور الجرحِ أنشاءُ
لكنّهُ الحبُّ سرّ العيشِ فاعترفي=إنّ الحياةَ بغيرِ الحبِّ جرداءُ !
أنّي وتزهرُ في الوجدانِ قافيةٌ=حسناءُ ما لُمستْ من قبلِ عذراءُ
تردُّ لو قيل من أهوى مجاوبةً=والفاتناتُ على الإبوابِ : صنعاءُ
حبيبةٌ من عيونِ الغيم منزلةٌ=يمامةٌ من طيورِ الخُلدِ ورقاءُ
صغيرةٌ غير إنّ الدّهر أتْعبها=مليحةُ الخدِ والعينينِ حوراءُ!
فلتقتلوا الحبَّ فينا إهدروا دمَهُ=لن يُقتلَ الحاءُ حتّى يُقتلَ الباءُ !
