عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2010, 01:38 AM   رقم المشاركة : 1
يرحمه الله برحمته الواسعة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عامر رمزي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي إلى حبيبتي المهاجرة صوب عدمي

إلى حبيبتي المهاجرة صوب عدمي

سأحرص دون إضاعة السطور على الديباجة إذ لم يتبق للجمال مساحة بعد أن ساقتكِ رياح الهجرة المنبعثة من فصول الكراهية المتعاقبة إلى مصير الغربة، وأنا هنا أحترق وأتحول إلى رماد في كل سطر أخطـّه عن إضاءات شوقي للقائنا المكتوب في سفرينا منذ الأزل رغم أنهم منعوا عنا فرصة التهيؤ لهذا اللقاء..

حبيبتي ... أيتها الحبيبة السريّة - وقد خبأت هويتك تحت قميصي في مكان مقدس لا يجوز خرق حرمته- هل سأنال فرصة الثأر لحظي؟ ينتحب قلبي إذا جن الليل فأغرق في تأملاتي، أدور باحثاً عنكِ بين النـُصب الباقية لرموز بلادي، أشعر بجثمان جسدي قد سيق بمراسيم جنائزية بعد أن عارض بصرامة مغادرة البلاد، يأبى أن يتلقى التعازي رافضاً توشيحه بالأكاليل، تتقدم بي خطى الأعوام متخلفاً عن عصري، لكنني ما زلت حياً، أو هكذا يبدو لي وأنا شاهد على تنفيذ ما تقرفه روحي ويشعرني بالغثيان من تطبيق للعدالة لغايات ذات نوايا مبيتة غير عادلة.

أقف أمام نصب الحرية وأحسبه شرفة الحبيبة، أعزف كماني المنفرد هناك وموسيقاه هي الصديق الخفي الذي يؤنس وحدتي.

تمتم بمرارة نحّات الجدارية الحالم: قد أبدلوا هيئتي من نصب مهيب إلى ورق مقوى تقطعه المطاوي العمياء.

ثم راح يوبخني بنبرة حديدية قائلاً: اصمد معي، شاركني غريزة البقاء ... لا تتسربل بالوقت الميت.

أصابتني ذرقة أسقطها على رأسي عصفور أفزعه قِطُّ أزبال أرعن ! ثم شجعني على المثابرة أبو نواس إذ قال لي : لا تتأفف ... إنه فألٌ طيب !

ثم أردف بصوت أجش : ها أنا أرتبط مع الأسى بعقد طويل الأمد، ومنذ أن سرقوا كأسي البرونزي الثمين لم يقف أمامي غير أولئك اللواتي يبعن الهوى! يدركني الصباح وأنا لم أزل أسكن فراغ الليل أحلم بأسرار الفردوس ولم تجدِ نفعاً كؤوسٌ أقرّت بخوائها من سحر الثمالة حين فقدت الندماء!.

كهرمانة ... وقفتُ أمامها ألوِّح بقبضتي، وراح لساني يشرق بالسباب قاذفاً إياها بسيل من الشتائم: حقاً أن للغواني حظوظهن المميزة! ها هم قد وضعوا لكِ تمثالاً دون العراقيات لتنالي شرف الوجود الأبدي في قلب بغداد حتى تناسل رجالكِ الأربعون إلى آلاف وأربعين!

السّياب يقف كعادته ساهماً مشيراً للمجهول. سألته هل تذكرني ؟

قال : كنتم تمرون بي كل يوم ترتدون ثياباً بيض ورمادية حتى فارقتم (التنومه) بعد أن استوطنها الدرك ... ثم أردف قائلاً : أنا مثلك أشعر بجسدي تملأه ثقوب الرصاص رغم أنني لم أصب بعيار ناري واحد.

أولستُ القائل مُعارِضاً علي بن الجهم:

عيون المها بين الرصافة والجسرِ

ثقوبُ رصاصٍ رقَّشتْ صفحة البدرِ !!؟

أرجوك قل لهم أن يعيدوا لي ثيابي. أشعر أنني عريان!

وقفتُ أمام عباس بن فرناس أتأمل جناحيه، قال: لا تحلم ولا تغامر، لن تطير إلى السماء إلا إذا تحررتْ روحك كما تحررتُ مما واجهني من خوف قبل هذا.

قلت له : فكيف لي أن يهدهد خيالي الطيران وأنا عاجز تماماً عن السَيْر مع عادة الخوف وسلطته التي تستبيح روحي؟ قدماي تجرّان أصفاداً تثنيني عن عزمي وتتحين الفرصة للإنقضاض على ما تبقى من حريتي!.

سألتُ عبد المحسن السعدون: هل تعرّفت على خاطفيك يا سيدي؟ قال لا أدري! سلكت خيار الإنتحار بعد أن صرت لا أجرؤ على حماية تاريخي أن يوصم بسوء من شطط قد يجرح شأني. ورغم ذلك لم تسلم معالمي من الأذى!

أما شهرزاد بعد أن بتروا ذراعها وسرقوه فقد توقفت عن الرقص أمام شهريار الذي أشاح بوجهه عنها بعد أن شدّ انتباهه راقصون جدد أغلقوا معهد( الباليه ) وافتتح ( بعضهم ) معاهد للرقص على الحبال!

سألت عبد المحسن الكاظمي عن مصير عصاه المسروقة.

قال : لا تهتم يا ولدي هي ليست حقيقية فهي من البرونز وعصاي من خشب الشجر! ثم نصحني :

إجتهدْ لتمنع حدوث المفاجآت فسعيك نحو أداء الواجب هو الطقس الإلهي المناسب.

حبيبتي:






  رد مع اقتباس