القصة رقم (3)
مناقصة
لم يكن لها اي ذنب في التعرف عليه , لم تبحث عنه في الشوارع وعبر الطرقات , لم تلتق به في حفلة أو نادي , لقد كان صديقا للعائلة , يتردد عليها بإستمرار ومع كل يوم كان ينمو في قلب الحبيبين شعور من الود المتبادل وتعمق أكثر فأكثر مع تكرار زيارته لعائلتها , فملك كل حواسها , وأشعل في فؤاديهما نارا لا تخمد , نارا من الحب الصادق الهادف إلى بناء اسرة تجمعهما وجاء يوم فتح كل منهما قلبه للآخر وعاشا ساعات لا تنسى من الحب الجارف , وكان طبيعيا وهو صديقا للعائلة أن يتقدم بطلب يدها , فهو موظف براتب يمكنه من تأسيس بيت جديد يمنحه بفتاة أحلامه وهي أيضا واعية وموظفة , لقد غزا الحب فؤاديهما عميقا لا أثر فيه لنزوات الشباب أو الطيش العابر , ولكن والدتها رفضته بإصرار , لقد كانت ترحب به صديقا للعائلة ولكنها لا تقبل به نسيبا لها فهو ليس غنيا , وهي تحلم بأن تزوج إبنتها من ثري لا يكاد يعرف قيمة أمواله الحقيقية , وفي أعماقها كانت الوالدة تحتفظ بهذا الرجل .
وناضلت ( سهيلة ) بكل قواها , تحاول أن تقنع والدتها بصواب رأيها , وأنها لا يمكن أن تقبل بغير فتاها شريكا لحياتها , وأنها ترفض ذلك الثري , لأنها لا تحبه ولأنها تفهم الزواج على أنه عاطفة متبادلة وتفاهم في الرأي والأطباع , وليس مناقصة تجارية لتسلم فيها الفتاة لمن يدفع أكثر.
وفشلت كل جهودها وأصرت الوالدة على الرفض ومضت سنة , وسنتان , وثلاثة والوضع على حاله ( سهيلة ) تعيش في أعماق فتاها , وفتاها يعيش في أعماقها , يختلسان بضع دقائق كل يوم للقاء خاطف بعيدا عن الأنظار.
ولم يستطع الزمن أن يقضي على ما في فؤاديهما , وأن يطفىء من شعلته اللاهبة , بل زاد الشوق حبهما وقودا وتعاهدا أن لا فراق إلا فراق الموت , ولكن النتيجة هل يظلان هكذا ..؟؟؟..
يعيشان على الأوهام , يحترقان شوقا , دون ان يستطيعان تكوين العش السعيد الذي يحلمان به وفكرا في خطوة جريئة , في تحدي رأي الوالدة , ولكن عقبة كبرى صدمتهما ,أن الوالدة مريضة في قلبها , وأن أية صدمة ستودي بحياتها , فهل تضحي ( سهيلة ) بوالدتها من أجل حبها , أم تضحي بحبها من أجل والدتها ..؟؟ وبين النارين تعيش ( سهيلة ) وكل جارحة فيها تقول أنها لفتاها , ولو إضطرت أن تنتظر عشرات السنين .