عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2012, 08:50 PM   رقم المشاركة : 2
نبعي
 
الصورة الرمزية فريد البيدق





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :فريد البيدق غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: تحقير النصوص الشرعية بالاستشهاد بها تأصيلا لأمور تافهة غير شرعية

وهاكم مثالا آخر
(أما قولكم): وإذا كان في الحلقة أزيد عن مقدم، وطلب كل منهما البداءة- فهل يقدم الأعلم أو الأورع؟ أو يقرع بينهما؟ أو يتناوبان البداية؟
(فجوابه) أن المأمور به يقدم السابق، ويكون في تبعيته الأحق. وفي الحديث "سبقك بها عكاشة" رواه الشيخان، وقال السمهودي في جواهر العقدين: روي "أن أنصاريا جاء إلى رسول الله يسأله، وجاء رجل من ثقيف فقال النبي : يا أخا ثقيف، إن الأنصاري قد سبقك بالمسألة، فاجلس حتى نبدأ بحاجة الأنصاري قبل حاجتك".
وقال الشيخ محمد علاء الدين الحنفي: فائدة: لا يقدم أحد في التزاحم إلا بمرجح، ومنه السبق إلى الدرس والإفتاء والدعوى. وفي مختصر الشيخ خليل وتحفة الحكام: تقديم السابق. وروى الإمام مالك رحمه الله تعالى في موطأه وابن ماجه وابن سعيد عن عروة وأنس وعائشة وابن عباس "أنه كان بالمدينة رجلان: أحدهما يلحد، والآخر لا يلحد. فقال الصحابة رضي الله عنهم حين اختلفوا في جعل اللحد أو الشق لقبره : أيهما جاء أولا أعمل عمله. فجاء الذي يلحد فلحد له ".
فإن جاء المقدمان سواء فالأحسن أن يبدأ الأتقن للعمل والأرفع همة منهما كما هو مذكور في كتاب السبيل الواضح وغيره. ويقدم الأعلم على الأصلح الأورع وإن تساويا في ذلك وفي بقية الصفات وتشاحنا في البداءة فالحكم قياسا على الإمامة في الصلاة؛ لقول مشايخنا ‏التيجانيين: الورد كالصلاة- أن ينظر في حالهما؛ فإن كان غرضهما دنيويا سقطا، واختار الجماعة. أو أخرويا أقرع بينهما عند تساويهما على المشهور عند الجمهور. وقيل: الخيار إلى القوم؛ فإن اختلفوا اعتبر أكثرهم. وقيل: كلا، يقتدى بما يختاره، لكن بحيث لا تشوش جماعة على أخرى.
وإن تناوبا فيبتدي هذا في وقت وهذا في وقت فحسن، أما القول بسقوطهما إن ظهر أن غرضهما دنيوي فلأن أبا موسى رضي الله عنه قال: "دخلت على النبي أنا ورجلان من قومي، فقال أحد الرجلين: أمرنا يا رسول الله ! وقال الآخر مثله. فقال: إنا لا نولي هذا -أي الأمر- من سأله، ولا من حرص عليه". رواه الشيخان وغيرهما. وفي رواية لمسلم "فقال: لن أو لا نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس. فبعثه على اليمن".
أما قول الجمهور بالقرعة عند تساويهما ‏وتشاحنهما لغرض أخروي فلأن زكريا عليه السلام كفل مريم بنت عمران بقرعة ثبوت قلمه في نهر الأردن، وفي ذلك قال الله تعالى لنبينا : "وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ"، وقرره شرعنا بحديث "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" رواه الإمام مالك وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه وحديث "كان رسول الله إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها في شرح النووي على صحيح مسلم "لو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة" نحو ما سبق، وجاءوا دفعة واحدة وضاق بهم ثم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه إليه. وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها. وفي الحديث "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها" الحديث رواه البخاري والترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
وفي قوانين الأحكام لابن جزي المالكي في الترجيح بين الأئمة: يقدم من له مزية بعد الشروط الواجبة. قالوا لي: وصاحب المنزل حق من غيرهما، والفقيه أولى منه القارئ خلافا لأبي حنيفة، والأعلم أولى من الأصلح؛ فإن تساووا من كل وجه وتشاحنوا لغير كبر أقرع بينهم. وفي مختصر الشيخ خليل المالكي وشرحه الدرديري: وإن تشاحنا أي تنازعا في طلب التقديم جماعة متساوون في المرتبة لا لكبر بسكون الباء بل لطلب الثواب اقترعوا، وأما لو تشاجروا لكبر سقط حقهم؛ لأنهم حينئذ فسا‏ق لا حق لهم فيها بل تبطل به صلاتهم. وفي شرح ابن حجر على منهاج النووي الشافعي: والأصح أن الأفقه أولى من الأورع. ثم قال: فإن استويا ‏وتشاحنا أقرع بينهما. وفي شرح منتهى الإرادات للشيخ منصور الحنبلي: يقرع إن تساووا في كل ما تقدم وتشاحنا، فمن قرع صاحبه فهو أحق قياسا على الأذان. وفي شرح مقنع عبد الله بن قدامة الحنبلي؛ لأن سعد بن أبى وقاص أقرع بين الناس في الأذان يوم القادسية؛ فالإمامة أولى منه. ولأنهم تساووا في الاستحقاق، وتعذر الجمع- فأقرع بينهم كساير الحقوق. وهذا كله على سبيل الاستحباب بلا خلاف أعلمه‏.
وفي الفوائد الاسمية للشيخ محمد الكواكبي الحنفي نظما:
وفي الإمامة الأحق الأعلم*بسنة المختار ذا القدم
وبعد، الأقرأ ثم الأورع. وقال في الدر المختار للشيخ ‏محمد علاء الحنفي: (فائدة): لا يقدم أحد في التزاحم إلا بمرجح، ومنه السبق إلى الدرس والإفتاء والدعوى؛ فإن استووا في المجيء أقرع بينهم. ثم قال: يقرع بين المتساويين أو الخيار إلى القوم، فإذا اختلفوا اعتبر أكثرهم لا يظهر هذا إلا في النصب وإلا فكل يصلي خلف من يختار الجيران المصلون أو كان أعمر للمسجد. هذه طريقة لبعض ا‏لأصحاب منهم صاحب الفصول والشارع، والمذهب كما في المقنع والمنتهى وغيرهما: يقرع. وأما المناوبة فإن عمر أمر أبي بن كعب وتميما الداري أن يقيما للناس بالسواء رواه مالك والبيهقي، وفي رواية له سليمان بن أبي حثمة بدل تميم. قال ابن حجر: لعل ذلك كان في وقتين. وفي شرح علي القاري على المشكاة أن قوله أن يقوما للناس- أن يكون هذا إماما تارة والآخر أخرى، ويحتمل المناوبة في الركعات أو الليالي، والنساء على سليمان. وخاصم رجل الزبير في سقاية النخل، فقال رسول الله : "اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك" رواه الشيخان والترمذي. وقال عمر رضي الله عنه: "كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية ابن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله ؛ ينزل يوما، وأنزل يوما. فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعلى مثل ذلك" رواه البخاري في باب التناوب في العلم. وفي شرحه للقسطلاني أي بأن يأخذ هذا مرة ويذكره لهذا والآخر مرة ويذكره له. رواه مسلم والترمذي والنسائي. وفي شرحه للعيني: إن الباعث على التناوب شدة الحرص، وإن في هذا الخبر جواز التناوب في العلم والاشتغال به. وقال النبي في طعام: "بسم الله، اللهم اعقل فيه البركة. ثم قال لأبي طلحة: ايذن لعشرة. فأذن لهم فأكلوا ‏حتى شبعوا ثم خرجوا، وهكذا إلى أن كمل ثمانون رجلا" كما رواه مالك رحمه الله تعالى وأحمد والبخاري ومسلم عن أنس. وفي رواية قال: "أدخل علي عشرة. فدخلوا فأكلوا حتى شبعوا، ثم قال: أدخل علي عشرة. فدخلوا فأكلوا حتى شبعوا. حتى عد أربعين". وفي شرحه للقسطلاني: كانت قصعة واحدة. ولا يمكن للجميع الكثير التناول منها مع قلة الطعام، فجعلهم عشرة عشرة ليتمكنوا من الأكل ولا يزدحموا. انتهى.













التوقيع

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اللَّهُمَّ، إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ!" [صحيح مسلم]

  رد مع اقتباس