صوامِعُ الأسرار
الحُبُّ صوتٌ في جَوانِحِنا سكَنْ
ما أصغَرَ الأحلامَ... مَسرَحَها الشَّجَن
قامَت تُهَدهِدُ من نشيج الرّوحِ... فارَقَها الجَسَد!
يا أيُّها الدّفقُ الذي ما مَلَّ شِرياني اتّقِد
وامنَح رواء الشّوقِ وجدانًا تَغَشّاهُ السّكون...
غيمٌ ينوءُ، وموجَةٌ حنَّت إلى أعماقِها
وجراءَةُ الآتي تهزّ عروقَنا...
وعدًا توزِّعُ فيأها... مطرًا على أفقٍ أكيد.
تمشي على أهداب أمنيةٍ تُحاذِرُ خدشَ سرٍّ ...
عاشَنا فَزَعًا... وعشناهُ احتقانا..
نَخطو... ورعشةُ خطوِنا من برزَخِ الذّكرى تُحيلُ نِداءَنا...
شَغَفًا يُحاوِرُ بالحنينِ نُهى الحَنين
والصّوتُ يَحمِلُني إلى وطَنٍ يُعيدُ صِياغَةَ الأشياء من عمري... ليَسكُنني
وطَنٌ هنالِكَ يشتَهي شَفقي ، ويجبِلُ من ملامِحنا تضاريس السّكينة
***
يا حُرقَةَ الأشواقِ مَن رَسَمَ الحدود
ليصوغَ لونَ السّرِّ بالصَّمتِ المُباحْ
ذا الفجرُ لَملَمَ لونَهُ من عُمقِنا
حُبًا... ليَسكُبَنا على شَفَةِ الصَّباح
سكَنَت إلى شطِّ العتابِ جراحُنا
ومَضَت.. تُردِّدُ نَشوَةً سُوَرَ الكِفاح
فتَوَضَّئي يا شَمسُ من لَهَفاتِنا
وَدَعي الصِّياحَ يُفِقْ على وَجَعِ الصّياح
***
ها يا جُنوني عادَ سِرّي يَكتَوي من جمر سِرّي
نَحيا.. نَسيرُ... وثُمَّ يأتي مَن يُبَدِّلُ بَوحَ ألوانِ الحكايَة
وإذا استَباحَ الرّيحُ صَدرَ غُيومِنا...
عُدنا إلى لَونِ الضَّنى...
لنَصوغَ من وَجَعِ المَلامِحِ مِلحَنا
ونَشُدَّ من عُنُقِ الرّياحِ لنا جَناح.
***
أيُّ الطّقوسِ يكونُني لو عِشتُ أُذعِنُ للرّحيلْ
سرّي جُنونُ مَواجِعي... والرّوحُ تروي بالعليلِ صدى العليلْ...
وأنامِلُ الوِجدانِ تَرسُمُ رحلَةَ الأيامِ تُسقى مِن شَرايين الرِّياح
والجُرحُ فاضَ على ضِفافٍ تشتَهي
غَضَبَ الكَيانِ لكي يَعودَ بلا فَلَك
وصَوامِعُ الأسرارِ تَفتَحُ صَدرَها
لُذْ يا جُنوني من جُنونٍ أثقَلَك
***
وجَعُ الحُروفِ للَهفَتي...
وجُنونُها للأمنِيات...
الحرفُ يَختَصِرُ التّضاريسَ التي حَمَلَت شَظايانا إلى حِضنِ الجِهات
لا صمتَ في الحرف الذي احتَضَنَ المواجِعَ، واكتسى شَرَفَ السّكينة
الحرفُ يَعتَنِقُ الجِهات!
وهناكَ؛ في شفَةِ الزَّمانِ؛ يَصُبُّنا...
أنشودَةً ثَكلى، وغيمًا يشتَهي أفقا يصيرُ لهُ إذا انتَصَبَ السَّراب
ليَقومَ عصفورُ الحكايَةِ هاتِفًا:
أنَّ الرّياحَ تَشُدُّ من عَزمِ الرِّياح
وبراءَةُ الآثارِ لا تخشى المغيب
وجَراءَةُ الأيامِ تَسكُنُ حُلمَنا
وجعًا تُثيرُ بهِ اللّهيبَ على اللّهيب
فَمواسِمُ الشّوقِ التي تَجتاحُنا
عاشت تفِرُّ من الوجيبِ إلى الوَجيب
وغَدًا سنَخرُجُ مِن ملامِحِ أمسِنا
حَرفًا يحاذِرُ بالغريب رؤى الغريب
***
هل تَكبُرُ الأحلامُ فينا ؟
هل تصيرُ غَدًا مطَر؟
ومواطِنُ الأشواقِ تسكُنُها سَحابَة...
وحروفُ أغنيَتي التي صارَت إليّ...
هل سوفَ تغدو ومضَةَ الفجرِ المُباح؟