عندما مات الشاعر بين يديه
شعر : اسماعيل حقي
تَلَفَّتُّ لمّا لمْ أجِدْني بمقعدي =ووجهي بلا وجهي وقلبي على يدي
وفتَّشتُ عن ظلـّي كأنّي رأيتهُ= تشَظى بجلدي بين بعثي ومولدي
تحسّستُ جسمي بين جسمي فلمْ أجِد=سوى بعضيَ الظمآن في جوفِ موقدي
وفتَّشتُ أحلامي وعن ظلِّ نخلةٍ = تفـيّـأتـُها يوماً وعن ظلِّ موعدِ
مسافةُ موتي نحو موتي أعُدُّها= بما كنتُ أشكو من تباريح ِ مجهدِ
أقَلـِّبُ لي كفَّاً على كفِّ ظاهر ٍ= لباطن ِ مايعنيه ِ منّي توحُّدي
تقصّيتُ أستجدي طويلاً بهمّتي = وقد غاصَ بي مُهري وزاغَ مهنّدي
تخالفتُ ضدّي كنتُ وحدي مُحَكِّمي = ولاخصمَ لي غيري ، فَمَنْ بي سأفتدي
كأعمى أضاعتـْهُ عصاهُ ويرتجي =عصا غيرهِ أعمى يمرُّ فيهتدي
بليل ٍ وليدِ السّهدِ جفّتْ عيونُهُ = أسَهِّدُ لي بدراً على عينِ أرمد ِ
وقفتُ على بعضي ، وبعضي يحارُ بي= كأنّي بهِ جلدي وعظمي وذي يدي
وحولي عراةٌ يُشبِهُ الموتُ جلدَهم =يباكونَ من أمسي رحيلاً سيبتدي
يُمّنَّونَ بي عزما ً وعزمي مقطّعٌ = ويرجونَ لو.. هيهاتَ بعثي وموعدي
وأسرفتُ لكنّي على بعد ناظري=توسّدتُ حوضَ الماءِ عندَ تشهّدي
ولاشيءَ أهلي علَّقوني سحابة ً = بـــدربِ أمــان ٍ بالمنايا مُـــعَبــــّدِ
تمنيتُ لو عمري على دربِ نجمةٍ = فأوصلُ من أمسي بيومي.. إلى غدي
وعادوا جميعا ً حينَ عادتْ مخاوفي =ووحشةُ ضيقِ القبرِ في كلِّ مقصدِ
منازلُهُم تزهو ، ووحدي منزلي = بلا منزل ٍ ، أصبو إليهِ وأغتدي
وكوّرتُ جسمي في مدار ٍ مُضَيّقٍ = ورأسي بحِجْري في بياضِ ممددِ
وجاءتْ فتاةٌ يسحَلُ الظلُّ خَطوَها = تحُثُّ نجومَ الليل ِ نحو تمرُّدي
تصيحُ استفقْ .. ليلي طويل ٌ بوحشتي = ومَنْ لي على صبري وطولِ تنهُّدي ؟
سوى أنَّ للنَّاعي عيوناً وأين لي = عيوني وقد ضيّعتُها ..يالحُسَّدي
أفِقْ أيُّها الغافي على بابِ صمتهِ = لقدْ جفَّ عودي ، وارتوى الذّلُ موردي
أفِقْ كلُّ ليل ٍ أطفأ اليومَ نجمَهُ = وضلـَّلتْ الأعرابُ ماكنتَ تهتدي
وحوّمَ صمتٌ ثمَّ أحسستُ غفلةً = يداً من خلال ِ الموتِ قد أمسكتْ يدي
وأمسكتُ .. لم أمسِكْ ولكنْ لمستُها = كأنّي انتهى عمري بما كنتُ أبتدي
ونامت على حِجْري ونمتُ بحِجْرِها = وغنَّيتُها موتي وغنَّتْ لمولدي
القصيدة على الرابط :
https://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=13372