كنت ترى أن من أراد أن يحصر الشعر في تعريف محدود فهو كمن يولد أن يحصر الحياة في تعريف محدود، فالشاعر لا ينبغي أن يتقيد إلا بمطلب واحد يطوي فيه جميع المطالب وهو "التعبير الجميل عن الشعور الصادق"، وكل ما دخل في هذا الباب - باب التعبير الجميل عن الشعور الصادق - فهو شعر وإن كان مديحا أو هجاء أو وصفا للإبل والأطفال، وكل ما خرج عن هذا الباب فليس بشعر وإن كان قصة أو وصف طبيعة أو مخترعا حديثا
وأن إحساس الشاعر بشيء من الأشياء هو الذي يخلق فيه اللذة ويبث فيه الروح ويجعله معنى شعريا تهتز له النفس أو معنى زريا تصرف عنه الأنظار وتعرض عنه الأسماع، وكل شيء فيه شعر إذا كانت فينا حياة أو كان فينا نحوه شعور. وكذلك بأن كل ما نخلع عليه عن إحساسنا ونفيض عليه من خيالنا ونتخلله بوعينا ونبث فيه من هواجسنا وأحلامنا ومخاوفنا هو شعر وموضوع للشعر، لأنه حياة وموضوع للحياة.