من الشعراء الذين اشتهروا بالفكاهة والطرائف الشاعر " أبو دلامة " الذي يروي عنه انه دخل علي المهدي في مجلسه وعنده إسماعيل بن محمد وعيسي بن موسي والعباس بن محمد فقال له المهدي أنا أعطيت الله عهداً لئن لم تهج واحداً ممن في البيت لأقطعن لسانك . فنظر إليه الحاضرون وكلما نظر إلي واحد منهم غمزه بان عليه رضاه فقال أبو دلامة " فعلمت أني قد وقعت ولم أر أحدا أحق بالهجاء مني فقلت :
ألا أبلغ لديك أبا دلامة
فليس من الكرام ولا كرامة
إذا لبس العمامة صار قرداً
وخنزيراً إذا نزع العمامة
جمعت دمامة وجمعت لؤماً
كذاك اللؤم يتبعه الدمامة
فان تك قد أصبت نعيم دنيا
فلا تفرح فقد دنت القيامة
فضحك الجميع وخرج " ابو دلامة " من ذلك الموقف بذكائه وفطنته وأمر له المهدي بجائزة
ويروي أن أبا دلامة سكر ذات ليلة فأتي به إلي المهدي فأمر بان يحبس في بيت الدجاج فلما مضي جزء من الليل صحا أبو دلامة من سكره ورأي نفسه بين الدجاج فصاح يا صاحب البيت فأجابه السجان قائلا : ما لك يا عدو الله ؟ قال له : ويلك ، من أدخلني مع الدجاج ؟ قال : أعمالك الخبيثة أتي بك إلي أمير المؤمنين وأنت سكران . فأمر بتمزيق طيلسانك الذي كان قد أهداه إليك وبحبسك مع الدجاج . قال أبو دلامة : ويلك أو تقدر علي أن توقد سراجاً وتجيئني بدواة وورق ؟ فأتاه بدواة وورق . فكتب إلي المهدي أبياتا يقول فيها :
أمير المؤمنين فدتك نفسي
علام حبستني وخرقت ساجي
أقاد إلي السجون بغير ذنب
كأني بعض عمال الخراج
ولو معهم حبست لهان وجدي
ولكني حبست مع الدجاج
ثم قال أوصلها إلي أمير المؤمنين فأوصلها إليه السجان . فلما قرأها المهدي أمر بإطلاقه وإحضاره وقال له : اين بت الليلة يا ابا دلامة ؟ قال : مع الدجاج يا امير المؤمنين . قال فما كنت تصنع ؟ قال : كنت اقاقي معهن حتي أصبحت . فضحك المهدي وامر له بصلة جزيلة وخلع عليه كسوة شريفة .