عرض مشاركة واحدة
قديم 09-15-2013, 01:20 PM   رقم المشاركة : 2
أديب





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبدالله علي باسودان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: قراءة في رواية إنه البحر

تابع – 2 -

ما قاله التجلوب

عند قراءتنا لهذا الفصل من الرواية نرى أنفسنا أننا أمام عالم سحري غريب بعيد عن واقعنا المعيش ، " عالم الما ورا " كما يصفه المؤلف. عالم " السعد " بنت من بنات الأنس وعالم " شيرون " جني من قبائل الجن الذي تملكه " السعد " كما يبدو لنا. بدأت "السعد" في الشرح – أي نوع من رقص الزار على ما نعتقد، بعد أن تلبّسها "شيرون" وأخذت تردد أمام النساء:
شرح ..... شرح ..... شرح
وأخذت تنادي عليه : شيرون شيرون …. حتى انشق سقف المنزل وانتشرت في المكان رائحة شمت فيها عبق أزمنة وأمكنة موغلة، فتعملق أمامها شيرون. حدقت فيه فأنكرته.
أأنت ….. ؟
سألها شيرون
أي مهمة ستكلفينني بها ؟
- الليلة آخر ليالي التجلوب وكما عهدتني أرغب بموافاتي بأنباء سفن البلدة المبحرة.
- سأشق البحر وآتيك بالنباء اليقين.
- في أي صورة ستظهر عليّ ؟
- في صورة رجل أفريقي يجمع بين أشكال والوان كل الأعراق.

إلا أن مملوكها الجني شيرون لم يستطع أن يلبي طلبها في الحال، بل طار بها من جبال إلى جبال ومن سهول ووديان وحدائق غناء، ووديان وصحارى قاحلة ومن ملك جان إلى ملك جان آخر وبعد عناء طويل أنشق البحرفتعملق شيرون وبعث للسعد إيماءات وإشارات متتالية ترجمتها السعد كلاماً. (سفن تقترب من جزيرة " لامو" سفن راسية عند جزيرة عبد الكوري، سفن تبخر باتجاه " شيلة" وأخرى تجاوزت "المستهل" دخلنا جزيرة قلنسيا " سبار" الجزوة بخير" والجزوة هي طاقم السفينة."

توظيف الرمز والخرافة في رواية " إنه البحر"

نرى المؤلف وظـّف الرمز والخرافة في بعض فصول الرواية ، حيث نرى أن توظيف الرمز والخرافة في الرواية كما هو الحال في الشعر الحديث يحتاج إلى رؤية فنية عميقة كما نراها عند كبار الشعراء الرمزيين، وذلك يحتاج إلى كثير من الجهد والحنكة الفنية، وهي كما يراها بعض النقاد من أساسيات الوصول إلى الجودة و الإبداع، و الموهبة الفنية الحقيقية التي تؤكد على استنفارالحس الإنساني الكامن في أعماق النفس البشرية، كما نراها عند توفيق الحكيم في روايته يا طالع الشجرة. وقد لامس الكاتب شيئاً من هذا الإبداع.

لكن نرى أن توظيف الرمز و الخرافة أوالأسطورة عند بعض الروائيين والشعراء اصبحت ظاهرة جديدة في الأدب العالمي الحديث بمختلف فنونه شعراً كان أم نثراً لتصبح هي المسار السائد للنصوص الأدبية، حيث يطرح ذلك الاتجاه العديد من العلامات المتعلقة بالعملية الإبداعية نفسها وأهمها مدى صحة أن يكون ذلك نوعا ً من الهروب من الواقع أو عدم القدرة على تناوله، بالاضافة الى مدى إمكانية توظيف تلك الخرافات أوالأساطير في العمل الأدبي بحيث تثريه وتزيد من زخمه ولا تجعله مجرد تسلية وترفيه، يهرب بها الكاتب من واقعه ويجرمعه القارئ الى إنفصاله عن مجتمعه إلى عالم مجهول لامعقول. فهل هذا هوما يراه مؤلف هذه الرواية، أم أن له رأياً آخر يختلف عن هذه الآراء. إلا أننا نرى أن هذا التوظيف أعطى الرواية زخماً وبعداً عالمياً كما نرى في "مسرحية الكراسي" للكاتب المسرحي الفرنسي أوجين يونسكو، ومسرحية "بانتظار جودو" للكاتب الإيرلندي صموئل بيكت.

رواية "إنه البحر" تمتلك إيقاعات رائعة متسارعة تجعل القارئ يتابعها، وأبعاداً فنية أتقنها المؤلف في وصف البحر والصيادين وحبكه روائية أبدع فيها مؤلف الرواية وشخصيات تضج بالحركة، ولغة سهلة قريبة الى الأسلوب الصحفي. إلا أن تلك ليست هي المميزات الوحيدة للرواية، فأنك عندما تغورمن خلال النص والحوار في اعماق شخصياتها الذين يمثلون الواقع دون رتوش أو تكلف في الأسلوب تشعر وكأنهم عينات حقيقية تعكس بأمانة وبصدق ما يعتمل في صدورأبطالها. أما هيكلها فهو قريب من شكل الإخراج السينمائي، فالأحداث في الرواية تتوالى بسرعة وبإيقاع قوي. كما أنها اعتمدت على تصويرالأحداث كما هي في الواقع كما نراه من خلال الكلمات والوصف، مما يجعل القارئ يتخيل ويجسد الشخصيات في مخيلته، والأماكن وكأنها شريط متحرك أمامه، لتصبح مطالعتها ممتعة وشيقة. ومن جهة أخري نرى الرواية تمارس نقدا واعيا وإيجابيا لذلك المجتمع البدائي البسيط ، كل ذلك من خلال تصوير الواقع كما هو.

لقد أبدع المؤلف في هذه الرواية إبداعا يشكر عليه ، ومنتظرين منه اتحافنا بإبداعات أخرى على مستوى الروايات العالمية كما في.رواية إنه البحر.






  رد مع اقتباس