عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-2014, 10:55 PM   رقم المشاركة : 8
أديب
 
الصورة الرمزية حسن العلي






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسن العلي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: ما هي القصيدة الومضة ؟..المحتوى والشكل ..دراسات شاملة ومصادر عديدة


ب:المؤثرات الأجنبية
استطاع الأدب العربي أن يتواصل مع الآداب الغربية والشرقية علي مرّ العصور مؤثراً أحيانا و متأثراً غالباً رغم اختلاف المرجعيات الفکرية و الاجتماعية و السياسية لکلا الأدبين.
تأثر شعراء الومضة الشعرية بمؤثرات في الأدب الأوروبي شعره و نثره، ففي شعره تأثروا بالمقطعات الشعرية الانکليزية القصيرة جداً خاصة باستخدامات إليوت الشعرية و في نثره تأثروا بـ« حرکة الأدني «Minmalism» التي برزت في الولايات المتحدة، و نادت «بکتابة مختصرة لحياة مختصرة» و رأت أن القصة القصيرة أو الأقصوصة هي خير تطبيق لهذا المبدأ و هي الأکثر ملاءمة لروح هذا العصر الذي يوصف بعصر السرعة، فإن الومضة الشعريّة بالمقابل هي وليدة هذا العصر، و إنّ ما يقال عن القصة القصيرة يقال عن الومضة تقريباً، وکأنّها توأمان تخلّقتا في رحم واحد ولدتا في وقت متقارب، و تجمعهما خصائص مشترکة و ملامح متقاربة و ... و کثيراً ما تقراً نصاً و تقول عنه قصة قصيرة جداً، و في الوقت نفسه بإمکانک أن تقول عنه إنه ومضة شعرية.» (حجو، 2002)
يري بعض الباحثين أن قصيدة الومضة متأثرة بنمط من الشعر الياباني المعروف بـ«الهايکو» الذي يقوم علي الترکيز و التکثيف و الاقتصاد اللغوي. «تمثل قصيدة الهايکو بضربٍ من الشعر المقتضب الدقيق الذي ينظمه الشعراء اليابانيون منذ القديم، و تتألف قصيدة الهايکو من سبع قطع موزعة (5-7-5) تنطوي علي فصل من فصول السنة لتستحضر الطقس و النبات و الطيور و الحشرات» (هيوي، 1984/ 12).
فقصيدة «الهايكو» عبارة عن مقطعة شعرية قصيرة، تتكون من ثلاث أبيات، أولها و آخرها من خمسة مقاطع، و وسطها من سبعة، إن هذا لايعني التزام مقلدي هذه الكتابة عندنا حرفياً بهده الشروط، ولكنهم ربما اهتموا بغنائية الموضوع، أكثر من احتفالهم بمعيارية الشكل، بسبب أن إيقاعية شعرنا ذاتية، لا إنشادية، قائمة علي المقطعية(المناصرة،2002/289)
يعمل الشاعر عزّالدين المناصرة في فتوحاته علي مشابهة بعضِ الأنماط الشعريّة في الحِداثة الغربية، و إعادة تمثّلها عربياً و مِن ثمَّ إعادة انتاجها شعراً، کما هو الحال في قصيدة «هايکو» المأخوذة أو المبنية علي نظام قصيدة «هايکو» اليابانية التي تعتمدُ علي الأبيات الثلاثة و کذلک قصيدة «تانکا» المبنية علي نظام قصيدة «تانکا» اليابانية و التي تعتمدُ علي نظام الأبيات الخمسة. و تقدّم نموذجاً لتوظيف ثقافات الشعوب الأخري و تقاليدها في کتابة القصيدة:
أ: هايکو:
بابُ ديرنا السميک
الهاربونَ خلفَ صخرک السّميک
افتح لنا ناقدةً في الروح

ب: تانکا
أجابَ شيخٌ يحملُ الفانوسَ في يديه
يوزّعُ الشمعات
علي أطراف روحنا البوار
وحينَ سلّمنا عليه
بکي ... و اصفرّ لونُه ... و ماتَ
(المناصرة، (لا.ت)، ص 104)
حاول بعض الشعراء محاکاة «الهايکو» الياباني، و لکن هناک معوقات حالت دون نجاحهم في محاکاتهم هذا النمط من الأدب العالمي:
1- إن المترجمين العرب الذين نقلوا بعض نماذج الهايکو إلي اللغة العربية لم يدرکوا شروط الهايکو في لغتها، مثل رفضها الاستعارة و التشبيه و تحريها الموضوعية و بعدها عن تصوير المشاعر الذاتية.
2- إن المترجمين العرب نقلوا النصوص المتعلقة بالهايکو، و حتي ما يتصل بالدراسات النقدية، عن اللغات الأخري، و خصوصاً الانجليزية، ثم إن معظم المترجمين کانوا باحثين و ليسوا شعراء، هولاء أهملوا الترکيب الايقاعي في ترجماتهم، اضافة إلي ذلک أدخلوا تفسيرات غريبة علي ما نقلوه من نماذج الهايکو.
3- نقل المترجمون الهايکو إلي اللغة العربية دون معرفة بسياق هذا الفن الثقافي و الفکري، برويته الجمالية فلسفته القائمة علي وحدة الکون. (علي محمد، 2001)
إنّ الومضة الشعرية و إن تأثرت بمؤثرات في الأدب الأجنبية ولکن ليست نسخة من الشعر الياباني أو الإنجليزي بل هي إحياء أو إعادة صياغة لما نعرفه في الشعر العربي القديم من المقطعات و امتزجت فيها الخصائص التراثية و العالمية.

روّادها
ظهرت حرکة «الشعر المنثور» علي يد أمين الريحاني، سنة 1910(م) و «النثر الشعري» علي يد جبران خليل جبران ابتداءً من کتابه «دمعة و ابتسامة» سنة 1914 و استمرت في کتابات آخرين من امثال مصطفي صادق الرافعي، أورخان ميسر، حسين مردان، و غيرهم. حتي ظهرت قصيدة النثر عام 1954، متأثرة بالآداب الأجنبية و الموروث الشعري.
شهدت قصيدة النثر تحولات فنية و فکرية، تتوافق و التحول الفکري و الحضاري للعالم المعاصر، حيث مال کتاب قصيدة النثر إلي اللجوء إلي التوقيعات و الومضات الشعريّة الخاطفة التي کانت نصاً مکثفاً يميل إلي الإدهاش و المفارقة.
«کان للمناصرة، قصب السبق في التأسيس لهذا النمط من القصيدة «المفرقعة»، «القنبلة الموقوتة» کما أثّر بوقائعه الغريبة و توقيعاته في جيل کامل من الشعراء مشرقاً مغرباً: أحمد مطر و مظفر النواب من العراق، سيف الرحبي من عُمّان و نادر هدي (نادر القواسمة) من الأردن، و زياد العناني من الأردن، و روز شوملي و محمد لافي من فلسطين و عبدالله راجع و محمد بن طلحة و حسن نجمي و محمد بوجبيري و جلال الحکماوي من الغرب مثلما سبق له، أن أثّر في قصيدته الطويلة (مذکرات البحرالميت 1969) في (قصيدة صور) لعباس بيضون عام 1974. و منذ أوائل الثمانيات استطاع المناصرة أن يحذب زميله محمود درويش إلي حلقة الکنعاني الخاصّ، فقد انتقل إليه درويش في التسعينات.» (بعلي، 2005/15)
بدأ عزالدين المناصرة في منتصف الستينات 1964، کتابة هذا النوع الجديد من القصيدة القصيرة، مستفيداً من نمط الشعر الياباني «الهايکو» و مزج بين بناء الموروث (التوقيعات النثرية العباسية) و لغة الحياة اليومية الهامشية و شعرية التفاصيل.
«يشکّل عزالدين المناصرة إلي جانب نزار قباني، مظفر النّواب، أمل دنقل و أدونيس، شعراء الرفض الوجودي، بعد هزيمة 1967 و الهزائم التي توالت علي العرب، و أغلبهم يملکون تجربة عميقة و تمرساً و فهماً للحداثة؛ سواءً في التشکيل الموسيقي أو التصوير کما استطاعوا في محاولتهم التوفيق في إيجاد معادل موضوعي شعري عبر عنصر المفارقة و السخرية الحادة» (کمال الدين، 1964 / 184)
ملخص القول إن المناصرة هو أول من استخدم مصطلح التوقيعة (1964 م) منذ النصف الثاني من الستينات ، و نجد نزار قباني يستخدم عام 1967 أي منذ قصيدته «هوامش علي دفتر النکسة» مصطلح (البرقية- التلکس) و هو مفهوم قريب من مصطلح المناصرة.
الشعراء الذين اهتموا بالومضمة الشعرية في دواوينهم زادوا في التسعينات و ما بعدها و من أشهرهم، سامي مهدي، يوسف الصائغ، ابراهيم نصرالله، شوقي بغدادي و غيرهم من الشعراء.







  رد مع اقتباس