الجماعية في الأداء
بقلم:محمد جبريل
...................
الجماعية فى الأداء شرط مهم لتحقيق النجاح في أي عمل ينسب إلى الجماعة . بديهية يتناساها البعض لمجرد أن يكون هو وحده فى الصورة ، لمجرد أن يصبح نجماً ، يتحول زملاؤه من حوله إلى كومبارس أو ظلال.
يتسلم لاعب الهجوم فى فريق كرة القدم كرته من لاعب خط الظهر ، أو من لاعب خط الوسط . هو ـ كما ترى ـ لم يلتقطها من السماء ، أو أنه وجدها ملقاة فى جانب الملعب .
يتقدم اللاعب بالكرة فى اتجاه المرمى ، يلاحقه من فريقه لاعبان أو ثلاثة .
حسب قواعد لعبة البلياردو، فإن على اللاعب أن يمرر الكرة من موضعه فى الجانب إلى زميل يواجه المرمى الذي قد يكون خالياً، لكنه يفضل ـ فى أنانية عقيمة ـ أن يشوط الكرة فى الدفاع المتكتل ناحيته، أو فى حارس المرمى، أو يشوطها خارج الملعب. ويواجه اللاعب نظرات زملائه المؤنبة باعتذار لا معنى له، فقد ضيع على فريقه هدفاً، ربما كفل له الفوز!
فى اجتماعات هيئة ثقافية مسئولة، طرح زميل اقتراحاً، وافق عليه الأعضاء، وقرروا تبنيه. لكن الزميل ما لبث أن سحب اقتراحه.
سألته بيني وبينه: لماذا ؟.
قال فى بساطة مذهلة : أخشى ألا ينسب الاقتراح لي!
ظل الاقتراح مشروعاً مؤجلاً، مع أنه ـ فيما أذكر ـ كان يمثل إضافة إلى حياتنا الثقافية ، لا لسبب إلا لأن مقدم الاقتراح رفض الجماعية، وخشي أن يدخل معه فى الخط آخرون يشاركونه النجومية !. وللأسف فقد نسى الأعضاء اقتراح الزميل ـ أو تناسوه ـ فلم ير النور!
العمل الجماعي يعنى أنه من صنع الجماعة، هي التي تدرس وتخطط وتنفذ وتجنى الثمار ، أو تهب الثمار للمجتمع كله. إذا تصرف كل فرد فى حدود إحساسه بالفردية، فإنه يمتنع عن وضع طوبة فى البناء الذى يسكنه الجميع، أو يصنع ثقباً فى السفينة التي تقل الجميع!
عشنا أمثلة رائعة ونبيلة فى المعنى الذي يضحى ليس بالفردية فحسب، وإنما بالحياة من أجل أن تنتصر الجماعة؛ أن ينتصر الوطن: الجندي الذي وضع جسده على الأسلاك الشائكة، ليعبر زملاؤه من فوق جسده إلى معسكر العدو. لم يتوقع إشادة من أي نوع، ولا على أي مستوى. كل ما شغله أن يجعل من جسده معبراً لزملائه نحو النصر.
إذا تدخلت الفردية فى العمل الجماعى ، فإنها تسيء إلى الفرد ، وإلى الجماعة فى الوقت نفسه .
وحتى أكون محدداً ، فإن الظاهرة السلبية موجودة فى معظم ـ إن لم يكن كل ـ هيئاتنا الثقافية ، سواء كانت أهلية النشاط ، أم تابعة للدولة . واٍسألوا لجان المجلس الأعلى للثقافة وأقسام الجامعات واتحاد الكتاب ونادى القصة ورابطة الأدب الحديث التى يذكرنى سكرتيرها العام صديقنا الشاعر محمد على عبد العال بإمام اليمن الأسبق عندما كان يحتفظ بمفاتيح مؤسسات اليمن السعيد فى جيبه ، والقائمة طويلة !