قال تعالى : " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)سورة العلق.
القراءة هي طريق العلم ومفتاح السعادة في الدنيا والآخرة فهي تفيد الإنسان فـي حياته و توسع دائرة خبراته، وتفتح أمامه أبواب الثقافة، وتحقق التسلية والمتعة وتنقلنا من عالم ضيق محدود الأفق إلى عالم آخر أوسع أفقًا وأبعد غاية والقدرة على القراءة نعمة من أهم نعم الله علينا
قال الجاحظ : الكتاب نعم الأنيس في ساعة الوحدة ونعم القرين ببلاد الغربة، وهو وعاء مليء علمًا وليس هناك قرين أحسن من الكتاب، ولا شجرة أطول عمرًا ولا أطيب ثمرة ولا أقرب مجتنى من كتاب مفيد، والكتاب هو الجليس الذي لا يمدحك والصديق الذي لا يذمك والرفيق الذي لا يملك ولا يخدعك إذا نظرت فيه أمتعك وشحذ ذهنك وبسط لسانك وجود بيانك وغذى روحك ونمى معلوماتك، وهو المعلم الذي إن افتقرت إليه لم يحقرك وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة.
قال شوقي:
أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا *** لَم أَجِد لي وافِيًا إِلا الكِتابا
صاحِبٌ إِنْ عِبتَهُ أَو لَم تَعِبْ *** لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا
كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَني *** وَكَساني مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا
صُحبَةٌ لَم أَشكُ مِنها ريبَةً *** وَوِدادٌ لَم يُكَلِّفني عِتابا
رُبَّ لَيلٍ لَم نُقَصِّر فيهِ عَن *** سَمَرٍ طالَ عَلى الصَمتِ وَطابا
كانَ مِن هَمِّ نَهاري راحَتي *** وَنَدامايَ وَنَقلِيَ وَالشَرابا
إِن يَجِدني يَتَحَدَّث أَو يَجِد *** مَلَلاً يَطوي الأَحاديثَ اقتِضابا
تَجِدُ الكُتبَ عَلى النَقدِ كَما *** تَجِدُ الإِخوانَ صِدقًا وَكِذابا
فَتَخَيَّرها كَما تَختارُهُ *** وَادَّخِر في الصَحبِ وَالكُتبِ اللُبابا
صالِحُ الإِخوانِ يَبغيكَ التُقى *** وَرَشيدُ الكُتبِ يَبغيكَ الصَوابا
وفي الإحصاء ورد إنَّ متوسط اقتناء كلِّ ألف نسمة في العالم العربي لا يتجاوز عشرين كتابًا، ويقل ذلك كثيرًا عن نظيره في العالم؛ حيث متوسط الاقتناء العالمي يزيد عن أربعين كتابًا، وفي بعض الدول يصل هذا المتوسط إلى 600 كتاب لكل ألف نسَمة
أمة لا تقرأ ولا تأخذ عبرة من ماضيها , ولا تمتد جذورها إلى أصولها إمة تلغي كل شيء جميل وهي تسير
فالفجوة المعرفية العربية متعددة وعميقة، واستمرار الفقر والتهميش الاجتماعي سبب كبير لذلك فإن الأمية عند الكبار والصغار تشكل تحدياً يواجه أنظمة التعليم في كثير من البلدان العربية، وللحكومات دور كبير في تحقير القراءة والثقافة حتى يسهل السيطرة على النفوس فارتفاع مستوى الأمِّيَّة في عالَمنا العربي، والتي لا تزال أعلى من المتوسِّط الدولي، وحتى أعلى من متوسِّطها في البلدان النامية يقف حجَرَ عثْرة نحو التحول إلى عالَم القراءة الرَّحْب، وانتشار الأمِّية الثقافية بين المتعلمين و اكتفاء شبابِنا بما ناله من التعليم وعزوفهم عن القراءة أدى إلى هجرة المكتبات وإخفاق المناهج الدِّراسية في تشجيع النشْءِ على القراءة والاطِّلاع وتقديمها للطلاب بصورة عصرية، تتَّسم بجاذبيَّة العرْضِ وتنشيط القدرات وتحفيز الملكات الإبداعية وسوء البرمجة لتحقيق ذلك وغياب ثقافة الكتاب عن الكثير من البيوتات وفقدان التوجيه الصحيح و الجهل والغرور والنظرة القاصرة للنفس وتغير الذائقة إضافة إلى انتشار وسائل الإعلام التي استهلكت حيِّزًا كبيرًا من وقت الناس، وأسهمت بشكل كبير في إقصاء الكتاب في عالَمنا العربي من مكانِه، واكتفاءُ أغلب الناس بالثقافة المرئيَّة والفضائيات لما فيها من أمور تغري النفوس وتبعدهم عن كل ما هو مفيد بكل يسر.
اللهم اجعلنا ممن يقرأون فيفهمون .
الغالية سلوى
شكراً لهذا الطرح
تحياتي وتقديري