جرَّدْتُ سيفي وامتطيتُ جواديا=وحملتُ فوق العاديات ِ مُراديا
وجدلتُ مِنْ شوك ِ الصعاب ِ عَمامتي=ونسجْتُ من وجع ِ الجراح ِ رِدائيا
وسلكْتُ أرضا ً لا تلينُ لسالك ٍ=وركبتُ من موج ِ البحار ِ العاتيا
حتى وصلتُ لطفلة ٍ مطعونة ٍ=كانت توَدُّ من الحياة ِ عِناقيا
عانقتُها وبكيتُ فوق ذراعها= وزرعتُ فوق جبينها أهدابيا
-الغولُ والعنقاءُ قالا إنني= خِلٌّ وفيٌّ لا يخيبُ وفائيا
فبنيتُ من صخر ِ الإباء ِ كرامتي= وجعلتُ مِن فوق النجوم ِ بنائيا
سَعَّرْتُ في كلِّ الدروب ِ أوارَها=وهززتُ في وجه ِ المُحال ِ حُساميا
عُليا يدي فوق الأيادي كلِّها=وأجَلُّ من بعض ِ الرجال ِ حذائيا
بعضُ القلوب ِ كما الورود ِ نديَّةٌ= فيها وجدتُ دوائيا وشفائيا
والبعضُ كالصخر ِ الأصَمِّ قساوة ً=تحنو فترجعُ بالندامة ِ داميا
والناسُ أجناسٌ فمنها شائكٌ=تَسْقيه وُدّاً ثم يبقى قاسيا
والمرْءُ في بعض الأمور ِ مُخيّرٌ= فاخترْنقياً للمحبة َ ساعيا
ولقد عركتُ الناسَ ثم وجدتهم= زبدا ً على نهر ِ الرغائب ِرابيا
والبعضُ منهم كالزلال ِ نميرُهُ=يسري إلى جنبيك شهدا صافيا
لمّا رأيتُ الناسَ ضاعَ وفاؤهم=قدَّمْتُ للخلِّ الوفيِّ عزائيا
وكتبتُ فوق ضريحه-مات الوفا=ليعيشَ مَنْ خان الأمانة َ هانيا-
لا أشتهي طعمَ الحنان ِ وإنما= لغةُ الحنان ِتُلينُ قلباً قاسيا
يَمّمْتُ صوبَ الشمس ِ أخطبُ ودّها=وتركتُ كلَّ النابحين ورائيا
أنا في زمانِ الصمت ِ أنعي أمّة ً=تنفي الشريفَ وتستضيفُ الزانيا
نسيَ الزمانُ بأنّ قلبي قلعة ٌ=فيها يُجَنْدَلُ مَنْ أتاها غازيا
خدِّرْ ضميرَكَ كيْ تعيش مُنعّما ُ=واقصص لسانكَ كيْ تكونَ مُواليا
أنا لن أبيعَ لكم ضميراً صُنْتُهُ=حتى وإنْ قصَّ الطغاةُ لسانيا
كم مِنْ بَهِيِّ الوجه ِعال ٍ شأنُهُ=تلقاهُ معْ نهر ِ القذارة ِ جاريا
أنا إنْ بصقتُ على جبينه ِ مرة=فلأن كلبَهُ حام حولَ خِبائيا
والمرءُ في هذي الحيا ة ِ سحابةٌ=تأتي وتجري في الحقول ِ سواقيا
وصبرتُ حتى أنَّ صبري ملّني=وبقيتُ في بحر العواصف ِ راسيا
نيلٌ أنا إنْ جاءَ بابي ظامىءٌ=ويدا ً تفيضُ لمن أتاني طاويا
قدَرٌ أنا يمشي على أقدامه=حتى يحين لما أحِنُّ قضائيا