دخل السيد عثمان غرفة الانتظار و لم يستطع الجلوس على كرسي. كان متوترا للغاية. فزوجته حليمة دخلت لتضع مولودها.
رفع كفيه إلى السماء و بدأ يدعو بصوت خافت أن يرزق بولد.
فبعد أربعة عشرة سنة من الزواج ، لم تنجب له زوجته سوى البنات ( ثلاثة بالضبط ). وكانت أمنيته دائما أن يرزق بولد يحمل اسمه من بعده.
لم يكن يشعر بالوقت يمر و لا بعائلته الموجودة بجواره في غرفة الانتظار.
بعد مدة ، فتح باب غرفة العمليات و ظهر الطبيب و ابتسامة على شفتيه. تقدم نحو السيد عثمان و هو يقول : ً مبروك يا سيدي. وضعت زوجتك فتاة جميلة جدا و هما الاثنتين بصحة جيدة. ألف مبروك. ً
و غادر الطبيب غرفة الانتظار.
رفع السيد عثمان بصره إلى السقف و هو يردد : ً الحمد لله على كل ما وهبني إياه. الحمد لله. ً
كنت برفقة زوجتي أسماء نتناول العشاء في أحد المطاعم حين دخلت كنزة المطعم و هي ممسكة بيد طفل لم يتجاوز السابعة من العمر. جلسا في طاولة على يميننا.
حدقت فيها لثوان غير مصدق ما أرى. و لكن، وخوفا من إثارة انتباه زوجتي أسماء، حولت نظري إلى الطعام.
كانت كنزة حب حياتي. تعرفنا على مقاعد الجامعة و عزف قلبينا لحن الحب. بعد الجامعة ، تقدمت إلى والدها راغبا في الزواج . و لكنه رفضني لفقري و زوّجها من ابن خالتها القاطن في اسبانيا.
دخلت معهد التمثيل و بدأ نجمي يسطع في سماء عالم الفن و قد أصبحت في فترة وجيزة ( و الحمد لله ) من الوجوه الشابة المعروفة في عالم السينما بعد تمثيلي في فيلمين لقيا نجاحا جماهيريا و نقديا.
لم انتبه إلا و كنزة تقف بجواري.
ابتسمت لي و قالت : ً أعتذر يا سيد توفيق ، و لكن ابني الصغير تعرّف عليك و أحبّك في فيلمك الأخير و يريد أن توقع له أوتوغرافا في دفتره. ممكن؟ ً
ابتسمت لها و أومأت أن لا مانع لدي. اقترب مني الطفل الصغير و قدّم لي دفتره. أخرجت قلمي من الجيب الداخلي لبذلتي. التفتت إلى الطفل و سألته : ً ما اسمك يا صغيري ؟ ً
ابتسم لي و أجاب : ً اسمي توفيق العلا لي يا سيد توفيق. مصادفة رائعة أن يكون اسمي مثل اسمك، أليس كذلك؟ ً