بعد ان ازعجناكم بعدة مواضيع مؤلمة تجلب الشجو ، ارتايت ان اقدم لكم موضوعا فيه نوع من الخفة ، بحيث لا يكون ثقيلا ويجلب الملل هههههههههههههههه
..........................
(( تناولت االغداء مع ملك وخرجت جوعانا ))
كنت بل ولازلت امتاز بنشاطي على مختلف الاصعدة ، وهذه حقيقة لا مبالغة فيها ، ويشهد لها كل اصدقائي ، ومعارفي ، عدى صديقين احدهما اتهمني ، بالتقاعس والاخر اتهمني بالاهمال ، الله يكون في عونهما ، وقد اعطيت الحق لكل منهما هههههههههههههههه
استلمت يوما دعوة لحضور حفل استقبال الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود ، رحمة الله عليه. لبيت الدعوة مع اني لست من هواة مقابلة الملوك والامراء ، ورؤساء الدول.
توجهت كغيري من المدعوين لقصر احد قياصرة المانيا ، (قصر شارلوتنبرك) . فوجدت الطرق مغلقة للسيارات ، ولا يسمح لاحد ان يصل الى باب القصر بسيارته ، الا من كان سيدا لغيره ، وامثال هؤلاء يعدون بالاصابع من رجال الحكم . اما امثال صلاح الدين سلطان ، فعليهم ان يقطعوا مسافة لاباس بها مشيا على الاقدام هههههههه
كانت الناس مصطفة على جانبي الطريق ، من باب القصر الخارجي ، ولحد الشارع العام ، وعدد كبير من رجال الشرطة ورجال الامن . نعم وجدت الناس مصطفين على جانبي الطريق ، فيهم بدافع الحب ، وفيهم بدافع الفضول ، وفيهم بدافع الواجب ، وفيهم من جراء الملل من روتين الحياة والصدف رمتهم هناك ، وفيهم كذلك من يجد الاندماج بالاخرين تسلية حلوة يملأ فيها فراغه الممقوت .
اما نحن ، علينا ان نقطع مسافة قد تزيد او تقل عن 100 م مشيا على الاقدام ، وسط الجماهير المصطفة على جانبي الشارع ، الخالي الا من امثالنا من المدعويين ، لذا من الطبيعي تتوجه انظار المتفرجين ، علينا بدافع حب الاستطلاع .
وعند مروري كنت اسمع من جانبي الطريق اصوات من اصدقاء ومعارف من الجالية العربية ، وبعض المعارف من الالمان تناديني باسمي وتحييني ، مما جلب انتباه المتفرجين من الالمان والشرطة ورجال الامن .
في هذه الحالة نسيت الملك والمراسيم ، وكنت اتوجه لكل منهم وأحييه ، وأسال عن صحته ، وهذا طبعي ولا اريد تغييره ، لذا استغرقت وقتا طويلا في قطع المسافة المذكورة . ولكن من مضحكات الزمن ، ان الذي لا يعرفني ، كان يظن اني ابن رئيس من الرؤساء ، لصغر عمري ، وليتهم كانوا يعرفوا كم كنت الاقي من مصاعب انذاك في تجديد جواز سفري قبل أن يسحبوه مني .
وصلت القصر بعد المسيرة الشاقة والمضحكة ، ودخلته ، وفي احدى قاعاته الجميلة وجدت عددا من اعيان البلد ورجال الاعلام ، بألبستهم الغامقة ، واقفين ينتظرون قدوم الملك . صافحت من اعرفه ووقفت معهم .
وبعد وقت قصير ، وصل الملك والوفد المرافق له ، و اسرع عمدة برلين مع عدد قليل من المسؤولين لمكان السيارة ، عند مدخل القصر الداخلي لاستقباله ، اما انا فحرت في امري ، وبقيت واقفا في مكاني كسارية العلم ، لارى ما سيحدث بعد ذلك .
وقف الحاضرون وعددهم لم يكن كبيرا على شكل صف ، الواحد بجانب الاخر ، وانا معهم ، فدخل الملك خالد ، رحمة الله عليه ، والوفد المرافق له ، من الوزراء ، والمستشارين ، ويرافقهم الاعلام طبعا.وصار يصافح واحدا ، واحدا من الحاضرين بدون توقف ، كما هي العادة في كل المقابلات الرسمية ، وكامرة التلفزيون كانت تتابعه الى ان وصل لعندي ، وكنت اقف تقريبا في الوسط ، كما كنت اصغر الحاضرين سنا . صافحني ووقف دون الباقين يسال عن احوالي قائلا ، بكل تواضع : ابني كيف حالكم ، مرتاحون ، هل عندكم مشاكل ، اجبته شاكرا: الحمد لله وضعنا طبيعي . كان يكلمني كما يكلم الاب ابنه ، ببساطة ودون تكلف ، وكامرة التلفزيون مسلطة علينا. وبعد ان انتهى من مصافحة الجميع ، جلس على كرسي قديم ، كان يجلس عليه القيصر ، في قصره الذي نحن فيه. واما الجميع فكانوا وقوفا.
القى عمدة برلين السيد شتوبة كلمة ، رحب فيها بصاحب الجلالة ، والوفد المرافق له ، وحال انتهائه ، طلب الملك من احدهم ان يقرأ كلمته المترجمة الى اللغة الالمانية وهذا ما حدث .
سبق وان قابلت شخصيات سياسية ، وثقافية ، وعلمية لها وزنها على الصعيد العربي والعالمي ، الا اني اقولها لله ولخدمة الحقيقة ، من الشخصيات السياسية التي التقيت بها وتركت عندي انطباعا حسنا هي : رئيس وزراء الاردن سابقا ، سليمان النابلسي ، رحمة الله عليه. التقيت به عند رجوعه من مهمة قام بها الى الصين ، والاتحاد السوفيتي سابقا . وعرفني به صديقي واخي الوزير السابق في عهد الوحدة احمد ابو صالح . جلست معه ما يقارب الساعة ، وكان صريحا معي ، ووفاء لجلسة سوف اكتب الحديث الذي دار بيننا ، بعون الله في وقت اخر لاهميته.
والشخصية الثانية هي : الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله . كنت ألاحظ كل حركاته ، لانه كان على بعد مترين مني ، وكنت منتبها لكل كلمة نطق بها. انه رجل ، يتحلى بشخصية قوية ، تجمع بين اللين والشدة ، رزن ، لم تبهره معالم الغرب ، قوي الثقة بنفسه ، متواضع بحدود ، يتحلى بصفات مسؤول تليق بمكانته ، وصفات بدوي محتفظ باصالته . متطلع بعمق على واقع السياسة العالمية ، خلاصة القول انه شخصية لم اجد مثيلا لها في غيره ممن قابلتهم في زياراتهم الرسمية ( وثقوا لو رحمه الله كان حيا لما كتبت عنه شيئا والله شاهد على ما اقول )
كان في رفقة الملك ، عدد من الوزراء ، والمستشارين ، ورجال الاعلام ، فتعرفوا علي ، وكانوا لطيفين معي جدا ، واعطوني عناوينهم ، الا اني نسيت الكثير منهم ، ولم يبق في ذاكرتي ، الا سكرتير تحرير جريدة الندوة ، الاخ رفقي الطيب ، والذي رجاني ان اكتب له ، باي موضوع اريد ، واعطاني رقم هاتف بيته والمكتب ، وكذلك تلفون البيت والمكتب الخاص لرئيس تحرير جريدة الندوة السيد حامد مطاوع.
في الحقيقة ما اتصلت به ، وما كتبت لجريدته ، بل ولا اعرف ما حل به . كم يسرني ان يبلغه سلامي الحار ، من له معرفة ولو سطحية به من القراء ، وفاء لذلك اللقاء الاخوي البريء من كل مصلحة .
بعدها انصرف الحاضرون ، وهممت ان انصرف معهم ، واذا بمسؤول البروتوكول ، يناديني قائلا : سيد صلاح ، انك مدعو لتناول الغذاء مع الملك ، والوفد المرافق له ، هنا في القصر ، فاعتذرت له بحجة ، الا ان اعضاء الوفد رفضوا حجتي ، وأصروا ان اتناول الغداء معهم. وبعد الحاح ، اضطريت ان ارضخ للأمر الواقع.
من مضحكات الحياة ، ان الحاضرين من رجال الحكم الالمان ، ظنوا ان الملك يعرفني سابقا ، والا لما وقف يحدثني لفترة طويلة ، ويسال عن احوالي دون الحاضرين ، وكل اعتقادي ، لولاها لما دعيت من قبل مسؤول البروتوكول لتناول الغداء معهم ، ولكن شر البلية ما يضحك. هههههههههههههههههههه
دخلت مع اعضاء الوفد الجناح اليميني من القصر ، وعلى مائدة مستطيلة ، وطويلة ، جلسنا في صفين متقابلين ، وكان بجانبي على جهة اليمين وزير نسيت اسمه ، وعلى يساري الاخ رفقي الطيب ، سكرتير تحرير جريدة الندوة.
المشكلة انا معقد جدا جدا بالطعام من صغري ، فوجدت ما موجود من خيرة الطعام ، لا يتفق وشهيتي مع جودته ، فأصبحت امام امر واقع ، ووضعت قليلا من الطعام في صحني ، واخذت قطعة من الخبز المشهي بيدي ، وصرت اتلهى بالخبزة ، لأريهم اني اشاركهم الغداء ، وأتحدث مع الاخوة الجالسين بجانبي. وكم كنت اتمنى ان يجري الوقت مسرعا ، لكي لا انحرج بتناول الطعام امامهم. نعم كنت اريد الوقت يمر مسرعا ، مع طيبهم ولطفهم معي.
بعد الانتهاء من الطعام ، لاموني لكوني ما اكلت الا الخبز ، الا اني اعتذرت بحجة كنت شبعانا. حجة واهية ، ولكني لا املك غيرها هههههههه ودعتهم ، ممتطيا حصان جوعي.مهرولا الى مطبخي المتواضع لاكل شوربة عدس ههههههههههههههههههه.
اخوكم ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان