عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2010, 09:31 AM   رقم المشاركة : 5
شاعرة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :وطن النمراوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: قصائد شهيد الغربة / الدكتور علاء المعاضيدي

يا ليلَ بيجان ...
د. علاء المعاضيدي

يا ليلَ بيجان ، مُذْ أهديتَ لي قمرا
ومُذْ زرعتَ الأماني في دمي صورا
ومذ مشينا معاً والحبُّ ثالثنا
نغازلُ الأخضرين الماءَ والشجرا
مُذْ علَّمتني الصحارى كيف أقرأها
وكيف أَنبُتُ في جمر الغَضا مطرا
لم أتَّخذْ غيرَ خيطِ الرَّمل من وترٍ
ولم أقفْ خارجَ الموّال مُنتظرا
ولم أبعْ إرثَ أجدادي ، ولا أثراً
أغفى الزمانُ على أطلاله وجرى
ما زالَ ذاك الفتى المصنوع من ورقٍ
ومن زجاجٍ ، يُخيفُ النار والحجرا
وكلّما أحرقوه أبصروا فَرَحاً
ينمو على الجمر عُشباً أخضراً نَضِرا
ما زالَ رغم احتراق الورد في يده
يندى بخوراً على عشّاقه عَطِرا
ما زالَ دَمعةَ شَهْدٍ كلّما انسكبت
تلقَّفَتْها أكفُّ الجوعِ والفُقَرا
ما زالَ صحوُ القوافي في أنامله
يُثير حلمَ الصبايا كلّما سَكِرا
ما زالَ يُلقي على أكتافه وطناً
يهتزُّ عرشُ الليالي كلما عثرا
يا ليل بيجان ، لا توقظْ عرائسنا
دعهنَّ ، حتّى نواري شيبنا سَحَرا
حتى يعودَ صبانا من ملاعبه
حتّى نحسَّ بأنّا لم نزلْ بشرا
وأنَّ ما تدّعيه الريح محض سُدىً
وأنَّ ماءَ النوايا لم يَعُدْ كَدَرا
وأنَّ رملَ الصحارى رَحْمُ مؤمنةٍ
إنْ حاصرتْها الدنايا أَنجبتْ عُمَرا
وأنَّ غيمَ الذين استضعفوا لججٌ
تكفي لتجتثَّ رومَ الأرض والتترا
وأنَّ سهمَ كُليبٍ لم يعد سبباً
يكفي ليقتلَ سهمُ الثأر مَنْ ثأرا
يا ليلَ بيجان قد سالتْ أصابعنا
فرطَ الدعاء ، وما من ناصرٍ نَصَرا
وكلّما ضيَّعتْ شبراً خرائطنا
قلنا قضاءً مضى هذا ، وذا قَدَرا
يا ويلنا كم كفرنا نعمةً ويداً
وكم لثمنا غباءً كفَّ مَنْ كفَرا
وكم زهونا بمن لو أدركوا دَمنا
لصيَّرونا لمن لم يولدوا عِبَرا
يا ليلَ بيجان ، مَنْ نرثي ؟! مصارعُنا
شتّى ، وما يعترينا يفلقُ الحجرا
لم يبقَ في الأرض من قبرٍ نلوذ به
حتى حفرنا على أكتافنا حُفَرا
غداً سنحملُ موتانا ويحملنا الـ
موتى ، فمن سوف يرثي الشعر والشُّعرا
حتَّامَ نزرعُ في أحداقِ أُمَّتنا
شوكاً ونزرعُ في أحشائها غَجَرا
وتُستباحُ العذارى تحت أعيننا
فلا نرى غير أيّوب الذي صَبَرا
يـــا صـــبرَ أيـّـوب , كـم مـن دمعـــةٍ ســـقطتْ
ونحــــنُ أجبــــنُ مـــن أَنْ نلعـــقَ الصَّبُــرا
يا صبرَ أيّوب كم من دمعةٍ سقطتْ
وكم سقطنا ، وليلُ الخوف ما عَبَرا
نخافُ من ظلّنا ، من قَيد وحشتنا
من كلِّ وَهْمٍ على أعصابنا كبرا
يا ليل بيجان لا توقظ عرائسنا
حتى نصير رجالاً نملأُ البَصَرا
حتى نداوي جروحاً بعثرتْ دمنا
وأورثتنا نزيفاً يبعثُ الضجرا
حتى يرى الغرقَدُ المزروعُ في دمنا
أنّا نخبّئُ في أحشائنا حجرا
وأنَّ سيفاً يراهُ اليوم منكسراً
غداً سيجتثُّ مَنْ شاؤوه منكسرا
يا ليل بيجان ما زالَ الفتى فَرَحاً
ينمو على الجمر ، عشباً يشبه الشجرا
عشباً تذوبُ الأغاني في نضارته
حُبّاً ، وتصحو على أحلامه قمرا
وكلّمـــا هاجمتــه الريح شدّ على
جذر الهوى فيه , لا أقوى ولا انكـــــــــــسرا
ما زال يحلم والصحراء في دمه
بالغيم , يجري علـــــــى رمل الظمــــــــا نهرا

اليمن ـ الحديدة مارس 2006م






  رد مع اقتباس